رسالة إلى المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية حول المعاينة التمهيدية في فلسطين

المدعية العامة فاتو بنسودا

المحكمة الجنائية الدولية                                                          

هولندا

4 نوفمبر/تشرين الثاني 2015

السيدة المدعية العامة،

نبعث إلى سيادتكم بهذه الرسالة حول المعاينة التمهيدية التي أجريتموها للوضع في فلسطين، ولنُطلعكم على معطيات نعتقد أنها قد تكون ذات صلة بالتحليل الذي أنتم بصدد انجازه، وحتى يتسنى لكم اتخاذ قرار بفتح تحقيق رسمي من عدمه.

وثقت هيومن رايتس ووتش، منذ عام 1990، ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وكذلك للقانون الإنساني الدولي في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وفقا لتقديراتنا، غابت نظم العدالة الإسرائيلية والفلسطينية بشكل شبه كامل عن محاسبة من قام بهذه الانتهاكات التي ترقى إلى مستوى الجرائم الجنائية. وبالنظر إلى العلاقة الوثيقة التي تحكم ظاهرة الإفلات من العقاب مع احتمال تكرار حدوث انتهاكات في المستقبل، تعلق هيومن رايتس ووتش أهمية قصوى على التقدّم الذي أحرزه مكتبكم في تحليل الوضع هناك.

أشار مكتبكم إلى أن الخطوة التالية، بعد إجراء دراسة أولية، تتضمن اتخاذ قرار بشأن وجود أي أساس معقول للاعتقاد في حصول جرائم تقع تحت اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ندرك أن من العوامل الإضافية التي سينظر مكتبكم فيها هي خطورة الجرائم التي ارتكبت علاوة على وجود إجراءات وطنية تجاهها، وهو ما من شأنه أن يحول دون تدخل المحكمة الجنائية الدولية. ومع قيام مكتبكم بتحديد ما إذا كان هناك ما يبر فتح تحقيق رسمي، نتوقع أن يجري التدقيق في جرائم مزعومة بحيادية بغض النظر عن المسؤول عنها، حيث أدرجنا المعلومات ذات الصلة وفقا لذلك. نعتقد أن هناك مجالان على الأقل، في سياق انتهاك القانون الدولي، يستحقان اهتماما خاصا فيما يتعلق بمعاينة الوضع في فلسطين.

أولا، نعتقد أن على مكتبكم القيام بفحص دقيق للانتهاكات المرتبطة بسياسات الاستيطان الإسرائيلي. قامت الحكومة الإسرائيلية، على مدار 50 عاما تقريبا، بنقل مواطنيها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتشريد الفلسطينيين بالقوة من منازلهم، وفرض نظام تمييزي ضدهم. تواصلت هذه السياسات منذ 13 يونيو/حزيران 2014، تاريخ إعلان فلسطين القبول بالولاية القضائية للمحكمة، بما في ذلك النقل غير القانوني لآلاف المواطنين الإسرائيليين إلى الأراضي المحتلة، وفقا للتقارير الواردة عن المكتب المركزي للإحصاء في إسرائيل.

ثانيا، نحن ندعوكم لتقييم الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب على غزة في 2014. يبين تحليلنا أن القوات الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة ارتكبتا انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب أثناء القتال الذي حصل في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2014. تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، بما في ذلك الهجمات التي انتهكت قوانين الحرب، في سقوط غالبية عظمى من الضحايا المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية، في حين شنت جماعات فلسطينية مسلحة هجمات صاروخية وقذائف هاون غير قانونية على تجمعات سكانية إسرائيلية.

لمساعدتكم أكثر في سياق معاينتكم، تجدون طيّ الرسالة ملحقا لمنشورات هيومن رايتس ووتش المتعلقة بهذه القضايا. بالرغم من أن إعلان فلسطين يمنح المحكمة الجنائية الدولية ولاية قضائية اعتبارا من تاريخ 13 يونيو/حزيران 2014 فحسب، إلا أننا نعتقد أن تاريخ انتهاكات القانون الدولي والإفلات من العقاب يمتد على عدة عقود، ويستحق اهتمام مكتبكم، ومن ذلك استخدامه كمؤشر على وجود إجراءات محلية حقيقية.

في النهاية، وأنتم بدون شك على علم بذلك، هناك توقعات كبيرة تجاه ما يقوم به مكتبكم فيما يتعلق بفلسطين. في العديد من الأماكن في جميع أنحاء العالم، يعتبر الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة، المرتكبة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على مدى سنوات عديدة، دليلا دامغا على أن هناك معايير مزدوجة في العمل المتعلق بالعدالة الدولية. وذلك مثال على أن مسؤولي الحكومات القوية، أو المدعومين من قبل حكومات قوية، هم أقل عرضة لمواجهة المساءلة عن الجرائم الخطيرة أمام القانون الدولي.

في هذا السياق، على مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية العمل على التواصل بأكبر قدر ممكن من الشفافية في موضوع المعاينة، كما دأب على ذلك في السنوات الأخيرة في حالات أخرى. سنستمر خلال الفترة المقبلة بالتواصل مع مكتبكم بخصوص عمليات التوثيق التي نجريها للانتهاكات، فضلا عن وضع الإجراءات الجنائية المحلية، والتي قد تكون متصلة بالمعاينة التي تقومون بها.

مع الاحترام والتقدير،

ريتشارد ديكر                                                   سارة ليا ويتسن

مدير برنامج العدالة الدولية                                    المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

مرفق – بحوث هيومن رايتس ووتش – عربي