Skip to main content

إسرائيل/فلسطين: عائلة رجل فلسطيني تواجه الجيش الإسرائيلي حول مقتله

قتل الجنود والد مشتبه به أثناء محاولة اعتقاله

(رام الله) ـ إن أفراد عائلة رجل فلسطيني يبلغ من العمر 53 سنة، قُتل في 23 يوليو/تموز 2015، شكّكوا في رواية قدّمها الجيش الإسرائيلي حول مقتله.  

قال 3 أفراد من العائلة إنهم شهدوا إطلاق النار بشكل قاتل من قبل جنود إسرائيليين على صدر فلاح أبو ماريا، بعد أن أطلقوا النار على ابنه وأصابوه بجروح. قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن الجنود أطلقوا النار على الرجلين دون أن يكونوا في مواجهة خطر حقيقي. تتعارض هذه الرواية مع رواية الجيش يوم الحادثة، ومفادها أن الجنود أطلقوا النار على الابن لأنه هاجم أحدهم، وإن القوات الإسرائيلية كانت تتصرّف دفاعا عن النفس عندما قتلت الأب.


قال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "مرة أخرى، يبرّر الجيش الإسرائيلي إطلاق النار على فلسطينيين قبل أن يفتح تحقيقا. التحقيق الجدّي يجب أن يقيّم الأدلة الجنائية ويتضمن الاستماع إلى جميع الشهود، بمن فيهم أفراد العائلة، قبل التوصل إلى استنتاجات".

يتفق أفراد العائلة مع الرواية الإسرائيلية الرسمية في أن إطلاق النار حصل بعد أن توجّه جنود إسرائيليون إلى منزل عائلة أبو ماريا في الضفة الغربية المحتلة، الساعة 3 فجرا تقريبا من يوم 23 يوليو/تموز. يتواجد المنزل، الذي يعيش فيه 11 فردا من عائلة أبو ماريا، في قرية بيت أمر قرب الخليل.

بحسب محمد أبو ماريا، طرق الجنود الباب الأمامي، فذهب فلاح أبو ماريا معه ومع ابنه الآخر نبيل لفتحه. وقال أحمد أبو ماريا، وهو أيضا ابن فلاح ويعيش مع زوجته في شقة منفصلة في الطابق الأرضي، إنه فتح باب شقته المحاذي لباب والده في الوقت نفسه، فرأى حوالي 10 جنود بالزي العسكري يقتحمون المنزل، وحوالي 30 أو 40 آخرين منتشرين أمامه.

مشيعون يحملون جثمان الفلسطيني فلاح أبو ماريا، 53 عاما، أثناء تشييع جنازته في قرية بيت أمر، قرب مدينة الخليل، بالضفة الغربية، في 23 يوليو/تموز 2015. © 2015 رويترز

قال محمد أبو ماريا إن الجنود طلبوا منه بطاقة هويته بعد أن دخلوا المنزل، فطلب منهم عدم الدخول حتى تتغطى النسوة وينقلن الأطفال إلى غرفة أخرى. كما قال لـ هيومن رايتس ووتش، وهو في سريره في المستشفى الأهلي في الخليل في 25 يوليو/تموز، إنه كان متجها إلى الطابق العلوي ليحضر بطاقة هويته، فأطلق جندي عليه النار في فخذه وبين فخذيه.

أضاف محمد: "لم يكن يوجد أي داع لإطلاق النار. لم أكن مسلحا، وكنت شبه نائم. كل ما طلبته منهم هو إمهالنا بعض الوقت حتى نتمكن من إحضار بطاقات الهوية، وتتمكن النسوة من ارتداء ملابسهن".

نقلت كل من صحيفتيّ تايمز أوف إسرائيل وديلي تلغراف البريطانية عن متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي قولها إن جنودا كانوا يداهمون منزلا لاعتقال محمد أبو ماريا "فهاجم رجل جنديا، وردّ الأخير بإطلاق النار عليه في أحد أطرافه السفلى". منذ ذلك الوقت، لم يعتقل الجيش الإسرائيلي محمد.

قال أحمد أبو ماريا، شقيق محمد، إنه سأل الجنود عمّن يريدون اعتقاله، ولكنهم رفضوا الإجابة. أضاف: "بعدها، ضربني جندي ببندقيته وكسر أنفي، فاحتجت إلى 10 غُرز داخلية". كانت الغُرز ظاهرة عندما قابلت هيومن رايتس ووتش أحمد في بيت أمر في 25 يوليو/تموز.

قال أحمد ومحمد إن الجنود، في عمليات اعتقال سابقة، كانوا يذكرون اسم الشخص الذي يبحثون عنه، ويدَعون أفراد العائلة يحضرون بطاقات هويتهم. وقالت فايقة زعكيك، والدة محمد، إن ابنها سُجن سابقا بسبب إلقاء الحجارة.

يقع جزء من بيت أمر في المنطقة (ب) وجزء آخر في المنطقة (ج) حسب تقسيم اتفاقات أوسلو. يحتفظ الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على المنطقتين رغم أن قوات الأمن الفلسطينية تتقاسمه الدور نفسه في المنطقة (ب).

بحسب أفراد عائلة أبو ماريا الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش، وما نقلته صحيفتا تايمز أوف إسرائيل وديلي تلغراف عن المتحدثة العسكرية الإسرائيلية، غادر الجنود المنزل بعد أن أطلقوا النار على محمد أبو ماريا، دون أن يعتقلوا أي شخص. وقالت الديلي التلغراف إن المتحدثة باسم الجيش لم تشرح لماذا لم يُعتقل أحد.

قال أحمد أبو ماريا وزوجته سارة إن بعد دقائق من إطلاق النار على محمد ومغادرة القوات المنزل، أطلق جندي النار بشكل قاتل على صدر فلاح أبو ماريا بينما كان واقفا في الشرفة على الطابق الأول. كان فلاح أبو ماريا، الذي يعمل نجارا، قد أسرع نحو الشرفة ليطلب من جيرانه استدعاء سيارة إسعاف لنقل ابنه محمد. قال الزوجان إن أحمد كان خارج المنزل حينها بينما كانت سارة وابنتها الصغرى بجانب فلاح.

قالت متحدثة عسكرية في وقت لاحق من اليوم نفسه لـ نيويورك تايمز إن جنودا أطلقوا النار على "المحرّض الرئيسي" بينما كان "حشد من الناس يلقون الحجارة والطوب صوبهم". ونقلت صحيفة ديلي تلغراف عن متحدثة عسكرية قولها إنها "تعتقد أن إلقاء الحجارة استمر لمدة 10 أو 20 دقيقة". ونقلت صحيفة هآرتز عن مصادر عسكرية لم تحددها أن فلاح أبو ماريا "شارك في إلقاء الحجارة والطوب على الجنود وهم يغادرون القرية".

شكّك أحمد وسارة أبو ماريا في هذه الرواية، وقالا إن فلاح ألقى سطلا بلاستيكيا من حافة الشرفة نحو جنود واقفين خارج المنزل، ولكنه سقط بعيدا عنهم. بعد ذلك، قالوا إنهم شاهدوا جنديا يطلق عليه النار دون تحذير.

قال أحمد أبو ماريا: "شاهدت نقطة ضوء الليزر الصادرة عن البندقية على جسد والدي، وبعدها أطلق (الجندي) النار وهرب". باستثناء الدلو البلاستيكي الذي ألقاه والده في اتجاه الجنود، قال أحمد إنه لم يشاهد أي شخص يلقي الحجارة أو أي شيء من شأنه تهديد الجنود عندما أطلق أحدهم النار. كما قال إنه لم يكن يوجد في المكان أي أحد باستثناء أفراد العائلة، وكان هؤلاء منشغلين بإسعاف محمد. قالت سارة إن العائلة كانت بمفردها أثناء الحادثة، وإن "الوقت كان في ساعة متأخرة من الليل بينما الجميع نائمين. حتى الجيران لم يأتوا لمساعدتنا إلا بعد أن غادرت سيارة الإسعاف".

قالت سارة أبو ماريا إن 3 رصاصة أصابت والد زوجها في الجزء العلوي من جسمه بينما كان واقفا بجانبها في الشرفة. وأضافت: "استدار نحوي وسقط على الأرض، وقال " قتلوني"، ثم قرأ آية من القرآن".

لاحظت هيومن رايتس ووتش آثار رصاصة على الجدار الخارجي للشرفة، بقرب المكان حيث قُتل فلاح أبو ماريا.

قالت صحيفتا نيويورك تايمز وديلي تلغراف، نقلا عن المتحدثة العسكرية التي قابلتاها، إن الجيش سيفتح تحقيقا في الحادثة. ولكن نبيل أبو ماريا قال لـ هيومن رايتس ووتش، في 28 يوليو/تموز، إن قسم التحقيقات الجنائية في الشرطة العسكرية، الذي يعمل تحت إشراف المحامي العام العسكري، لم يتصل بعد بأي فرد من عائلة أبو ماريا.


تنص المعايير الدولية المتعلقة باستخدام القوة من قبل عناصر الأمن أثناء العمليات الأمنية على أنه "لا يجوز استخدام الأسلحة النارية القاتلة عن قصد إلا عندما يتعذر تماما تجنبها من أجل حماية الأرواح". تسمح أوامر إطلاق النار في الجيش الإسرائيلي للجنود باستخدام القوة المميتة، فقط عندما تكون آخر وسيلة وفي ظروف محددة، على أن يكون إطلاق النار على سيقان المشتبه بهم الفارين الذين يرفضون الامتثال للأوامر.

بحسب الأمم المتحدة، قتل الجنود الإسرائيليون 17 فلسطينيا وأصابوا حوالي 1000 آخرين بجروح منذ بداية 2015. وفي وقت سابق من هذا الشهر، دعت هيومن رايتس ووتش إلى فتح تحقيق جدّي بشأن إطلاق عقيد في الجيش الإسرائيلي النار بشكل قاتل على طفل فلسطيني. لم تعلن القوات الإسرائيلية حتى الآن عن نتائج تحقيقها في الحادثة.

وثّقت منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية السجلّ السيئ لإسرائيل في التحقيق جديا في استخدام الجنود القوة ضدّ الفلسطينيين. عدّدت المنظمة 304
حالات جنود قتلوا فلسطينيين بين 2000 و2011، ولكن الجيش لم يحقق إلا في 73 حالة فقط، وخلصت 9 حالات منها إلى توجيه اتهامات. في 2011، غيّر الجيش الإجراء المُتّبع، ليُفتح تحقيق تلقائي في جميع الحالات التي يُقتل فيها أشخاص غير مشاركين في أعمال عدائية.

قال إريك غولدستين: "مرة أخرى نجد أنفسنا أمام روايتين متضاربتين حول مقتل شخص فلسطيني على يد قوات الدفاع الإسرائيلية. إذا كانت قوات الدفاع الإسرائيلية لا تستطيع أو لا ترغب في تفحص جميع الأدلة للوصول إلى الحقيقة، فعليها التنحي جانبا وتكليف هيئة مستقلة بذلك".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة