Skip to main content
تبرعوا الآن

إسرائيل ـ وفيات بالرصاص في أعقاب مظاهرة في الضفة الغربية

الأدلة تشير إلى أعمال قتل غير مشروع بأيدي قوات إسرائيلية

(القدس) ـ جنوداً إسرائيليين قتلوا دون وجه حق رجلين شاركا في مظاهرة بالضفة الغربية في 25 يوليو/تموز 2014 احتجاجاً على عملية إسرائيل العسكرية في قطاع غزة، وفقاً لكافة الأدلة المتاحة. وقد أشارت التقارير الطبية الرسمية ومصادر طبية إلى وفاة الرجلين جراء جروح ناجمة عن طلقات نارية بالذخيرة الحية.

ويبدو أيضاً أن رجلاً ثالثاً في المظاهرة نفسها قتل دون وجه حق. ورغم أن شهوداً قالوا إنه كان يلقي بالحجارة، إلا أنه كان على بعد 35 متراً عند إصابته بالرصاص وما كان له أن يشكل خطراً مميتاً محدقاً بالقوات الإسرائيلية. قامت القوات الإسرائيلية بقتل 13 فلسطينياً في الضفة الغربية، ومعظمهم أثناء مظاهرات، منذ بدء الهجمة الإسرائيلية على غزة في 7 يوليو/تموز، بحسب تقارير لمنظمات حقوقية.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يتحمل الجيش الإسرائيلي المسؤولية لا عن وقائع القتل العمدي المستهتر غير المشروع في غزة وحسب، بل أيضاً عن قتل المتظاهرين الفلسطينيين في الضفة الغربية دون وجه حق. وبسبب التاريخ الطويل للجيش الإسرائيلي من التحرك في إفلات شبه تام من العقاب فإن المزيد من وقائع القتل غير المشروع هو أمر متوقع ما لم يمارس حلفاء إسرئيل الضغط الجدي عليها".

وقد تخضع بعض جرائم القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، كجزء من الاحتلال، للملاحقة كجرائم حرب.

في أوائل فترة ما بعد الظهر يوم 25 يوليو/تموز، سار مئات من سكان بلدة بيت أمّر نحو برج مراقبة عسكري إسرائيلي عند مدخل البلدة، في مسيرة احتجاج على الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة. وقال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات الإسرائيلية الراجلة والتي تستقل عربات عسكرية قرب برج المراقبة أطلقت الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية على المتظاهرين الذين ألقوا بالحجارة. ثم قامت القوات الراجلة بدفع المتظاهرين عدة مئات من الأمتار إلى الوراء بطول الشارع الرئيسي داخل القرية.

قال أ. الذي يبلغ من العمر 18 عاماً: "تركوا [العربات العسكرية] وكان هناك جنود كثيرون يجرون بطول الشارع في أزياء عسكرية خضراء. قبل هذا كان هناك نحو 200 شخص [يتظاهرون] في الشارع، لكنهم تفرقوا حينئذ ودخل بعض الشباب إلى الحارات لإلقاء الحجارة".

أطلقت القوات الإسرائيلية النار على هاشم أبو ماريا، الذي كان يشارك في المظاهرة سلمياً قبل تفريقها، في نحو الساعة 2 عصراً، فيما كان يقف قرب شارع جانبي على بعد عدة مئات من الأمتار داخل المنطقة المبنية من القرية بعيداً عن برج المراقبة، وهذا بحسب شهود. كان أبو ماريا متزوجاً ولديه 3 أطفال، وكان يعمل مع الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين، وهي منظمة معنية بحقوق الأطفال. لم يلق أبو ماريا بالحجارة في أية لحظة من لحظات المظاهرة، كما قال الشهود، وكان يبعد 5 أمتار على الأقل عن أي شخص آخر في توقيت إطلاق النار عليه.

قال أ. إنه كان يراقب المظاهرات من نافذة بالطابق الثاني من منزل عمه، المطل على الشارع الرئيسي، وشاهد أبو ماريا على بعد نحو 10 أمتار من موقع أ.، حين أطلقت القوات الإسرائيلية النار عليه. وقال أ. إن أبو ماريا كان يقف بجوار جدار أحد المباني بالشارع الرئيسي قرب مدخل الشارع الجانبي. قال م. الذي يبلغ من العمر 17 سنة والذي أجريت معه مقابلة على حدة إنه كان في الشارع الجانبي خلف أبو ماريا، الذي كان فيما يبدو ينتظر فرصة لعبور الشارع الرئيسي حين أصيب بالنيران.

قال شهود إنهم يعتقدون أن أحد الجنود المتمركزين فوق سطح مبنى على بعد 100 متر أطلق النار على أبو ماريا. وقد عثرت هيومن رايتس ووتش على فوارغ لأسلحة السيطرة على الحشود فوق سطح ذلك المبنى، الذي يتمتع بخط رؤية مباشرة صوب موقع مقتل أبو ماريا، لكنها لم تستطيع التيقن من موقع القناص بالتحديد.

وقد ورد في تقرير طبي أن أبو ماريا وصل في حالة من فقدان الوعي واتساع الحدقتين وثباتهما إلى المستشفى الأهلي بالخليل الساعة 3 عصراً، ورغم جهود إنعاشه إلا أنه توفي جراء جرح ناجم عن طلق ناري دخل من صدره وخرج من ظهره.

قالت سارة ليا ويتسن: "إن إطلاق النار على مناصر لحقوق الأطفال، توحي الأدلة بأنه لم يكن يفعل شيئاً سوى محاولة عبور الشارع، هو أمر صادم للضمائر. لكن إذا كانت للماضي أية دلالة فسوف يتذرع الجيش الإسرائيلي بأعذار واهية لقتله دون أي تحقيق ذي مصداقية".

وقال الشهود إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على الرجلين الآخرين، سلطان الزعاقيق وعبد الحميد بريغيث، بعد 20 دقيقة تقريباً. كان الرجلان ضمن مجموعة من 30-40 صبياً ورجلاً تجمعت خلف منزل بشارع جانبي، على بعد نحو 40 متراً من موضع قتل أبو ماريا. وكانت القوات الإسرائيلية، التي سارت بطول شارع جانبي مواز لمسافة 50 متراً في اتجاه الجنوب، تتقدم نحو المجموعة عبر سلسلة من الآكام الصغيرة فيما بين المنازل، بينما كان بعض أعضاء المجموعة يرشقونهم بالحجارة، بحسب الشهود.

وفي نحو الساعة 2:20 عصراً قام جندي إسرائيلي متمركز على سطح بناية تبعد نحو 60 متراُ بإطلاق النار على الزعاقيق، وهو والد لطفلين، في الثلاثين من عمره، في الصدر بحسب الشهود. قال صبيان عمرهما 15 و13 عاماً إنهما كانا في منزل قريب وشاهدا الزعاقيق يلقي بالحجارة على الجنود الإسرائيليين. وقال أحد الصبيين: "كان يلقيها بيده وليس باستخدام مقلاع".

وأشار شاهد آخر، وهو م. ي. الذي يبلغ من العمر 16 سنة والذي أجريت معه مقابلة على حدة، إلى المكان الذي وصل إليه أقرب الجنود في توقيت إطلاق النار على الزعاقيق، وقد بدا أنه على بعد 35 متراً، في أكمة صغيرة. في تلك الظروف يبدو من المستبعد تماماً أن يمثل الزعاقيق أي خطر مميت محدق بالقوات الإسرائيلية. قال م. ي.: "كان ابنه ذو السبعة أعوام هنا [ضمن المجموعة التي خلف المنزل] وكان يحاول إيقاظه بعد إصابته بالرصاص".

بعد إصابة الزعاقيق مباشرة، هرع لمساعدته عبد الحميد بريغيث، 36 سنة، الذي كان على مقربة، فأطلقت عليه القوات الإسرائيلية النار في الساق والبطن، بحسب م. وم. ي. وقد قالا مع شهود آخرين إن بريغيث لم يلق بالحجارة.

أكدت مصادر طبية بالمستشفى الأهلى وفاة الرجلين جراء جروح ناجمة عن طلقات نارية.

قام محمد عوض، وهو مصور متطوع يعمل مع المنظمة الحقوقية الإسرائيلية "بتسيلم"، بتصوير جزء من المظاهرة يوم 25 يوليو/تموز. وقال عوض: "كان من غير المعتاد أن يستخدموا الذخيرة الحية ويطلقوا النار على صدور الناس. لقد وقعت اشتباكات من قبل لكنها كانت دائماً تقتصر على الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية، والذخيرة الحية على السيقان في مرات قليلة، ولكن ليس على أعلى الجسم".

قالت هيومن رايتس ووتش إن القوات الإسرائيلية قامت في مناسبات عديدة باستخدام الذخيرة الحية ضد فلسطينيين لم يكونوا يشكلون أي تهديد داهم أثناء مظاهرت في الضفة الغربية، كما يتمتع الجيش الإسرائيلي بسجل بالغ الرداءة فيما يتعلق بتقديم جنوده للعدالة على تلك الأفعال.

وقد وثقت منظمة "بتسيلم" ما لا يقل عن 46 حالة منذ 2005 إلى أوائل 2013 قامت فيها قوات إسرائيلية بقتل فلسطينيين في الضفة الغربية "بإطلاق الذخيرة الحية على قاذفي الحجارة". ومنذ سبتمبر/أيلول 2000، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد على 3000 فلسطيني لم يشاركوا في أعمال عدائية في الضفة الغربية وغزة، بحسب بيانات "بتسيلم". لكن نظام العدالة العسكري لم يُدن أكثر من 6 جنود إسرائيليين في وقائع القتل غير المشروع لفلسطينيين، وكانت أطول عقوبة بالحبس تبلغ سبعة أشهر ونصف، بحسب "يش دين"، وهي منظمة حقوقية أخرى.

في 25 يوليو/تموز قام وزير العدل والمحامي العام الفلسطيني برفع طلب إلى مكتب الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في الجرائم الخطيرة المزعوم ارتكابها في فلسطين منذ 2002، لكنه فعل هذا على إساس "إعلان" يعترف باختصاص المحكمة منذ 2009، وهو الإعلان الذي اعتبرته مدعية المحكمة باطلاً قانوناً. لم تنضم فلسطين حتى الآن إلى المعاهدة المنشئة للمحكمة ولا أودعت إعلاناً رسمياً جديداً ـ وهما المساران المتاحان لفلسطين لالتماس اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

قالت سارة ليا ويتسن: "على مدار نصف ساعة في بيت أمّر، تركت القوات الإسرائيلية 3 عائلات دون أب. وبينما تتراكم الأدلة على ارتكاب جرائم حرب في فلسطين، ما زال القادة الفلسطينيون يتلكأون بدلاً من المسارعة إلى التماس اختصاص المحكمة الجنائية الدولية".

 

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة