مُلخص
يواجه الأطفال السوريون اللاجئون حاليا في الأردن واقعا تعليميا بائسا، ومستقبلا غير مؤكد. نحو واحد من كل 3 سوريين مسجلين لدى "مفوضية الأمم المتحدة لشؤون لاجئين" في الأردن – 226000 من 660000 – هم أطفالٌ في سن المدرسة، بين 5 و17 عاما. أكثر من ثلثهم تقريبا (أكثر من 80 ألف) لم يحصلوا على تعليم رسمي العام المنقضي.
هناك نحو 1.3 مليون سوري يقيمون في الأردن حاليا، وهو بلد يبلغ تعداد سكانه 6.6 مليون نسمة. أدى وصولهم، لا سيما الأطفال السوريين، منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، إلى اتخاذ وزارة التربية والتعليم الأردنية عدة خطوات لاستيعاب احتياجاتهم التعليمية. من هذه الخطوات توظيف معلمين جُدد، والسماح بالتحاق الأطفال السوريين بالمدارس الحكومية المجانية، وفتح فترات مسائية في نحو 100 مدرسة ابتدائية، لتهيئة المزيد من الفصول. في خريف 2016، خططت الوزارة لتهيئة 50 ألف مكان جديد في المدارس العامة لصالح الأطفال السوريين، مع استهداف 25 ألف طفل خارج المدرسة بـ "دروس تعويضية".
رغم قصور مساعدات المانحين عن المقدار الذي طلبه الأردن لاستضافة اللاجئين، فقد لعبت هذه المساعدات دورا مهما في توفير الفرص التعليمية، ومن المقدر أن تزيد: في فبراير/شباط 2016 تعهد المانحون بتقديم 700 مليون دولار سنويا للأردن على مدار السنوات الثلاث القادمة (رغم أن حسابات البنك الدولي تقدر تكلفة استضافة اللاجئين السوريين في الأردن بـ 2.5 مليار دولار سنويا)، مع تعهد كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة والنرويج بـ 81.5 مليون دولار في مايو/أيار، تُقدم خصيصاً لدعم إتاحة التعليم وتوفيره.
كان لهذه المبادرات وما شابهها الأثر الإيجابي؛ ففي الفترة بين 2012 و2016 زادت نسبة الأطفال السوريين اللاجئين الملتحقين بالتعليم الرسمي من 12 إلى 64 بالمائة. كما أن الخطة المدعومة من المانحين المُعلن عنها في فبراير/شباط من شأنها أن تحسّن كثيرا من إتاحة التعليم وتوفيره للأطفال السوريين اللاجئين، دون الإخلال بجودة التعليم المقدم للأطفال الأردنيين؛ الأمر الذي يعد من بواعث القلق الشائعة.
لكن ما زال عشرات الآلاف من الأطفال السوريين خارج قاعات الدرس، وهي المشكلة التي تزداد حدّة مع تقدمهم في العُمر، والانخفاض الكبير في معدلات الالتحاق بالمدارس.
يتناول هذا التقرير بعض الأسباب الرئيسية لعدم تمكن الأردن – رغم زيادة الجهود – من إلحاق المزيد من الأطفال السوريين بالمدارس والاحتفاظ بهم داخل النظام التعليمي. كما يسلط الضوء على قضايا يجب معالجتها إذا كان المنشود كفالة الحقوق الأساسية للأطفال السوريين في التعليم، مع وضع الأساس لتمكينهم من الإسهام بشكل حقيقي في إعادة إعمار سوريا في المستقبل.
***
جزء من المشكلة اقتصادي. ينفق الأردن أكثر من 12 بالمائة من إجمالي الناتج القومي على التعليم، أي أكثر من ضعف النسبة التي تنفقها دول مثل الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة. لكن نظام التعليم الحكومي، المُثقل بالأعباء حتى من قبل بدء النزاع السوري، يحتاج إلى المزيد من الدعم المالي.
كما يجب إلغاء السياسات القائمة التي تمنع التحاق الصبية والفتيات السوريين والسوريات بالمدارس. على سبيل المثال، فإن سياسات تسجيل اللاجئين التي تطالب الأطفال في سن المدارس باستصدار أوراق هوية أو "وثائق خدمة" من أجل الالتحاق بمدارس حكومية، ربما أعاقت الآلاف من الالتحاق بالتعليم. من الصعب جدا تحصيل هذه الوثائق بالنسبة لعشرات الآلاف من السوريين الذين خرجوا من مخيمات اللاجئين دون أن "يكفلهم" كفيل أولا، والكفيل قد يكون مواطن أردني أو قريب من الدرجة الأولى، وأكبر من 35 عاما، بعد يوليو/تموز 2014، وقت تطبيق سياسة جديدة تخص اللاجئين. كما أنه ومنذ فبراير/شباط أصبح الأردن يطالب جميع السوريين باستصدار وثائق خدمة جديدة، رغم أن المدارس سمحت للأطفال بالالتحاق بالوثائق القديمة. حتى أبريل/نيسان 2016 كان نحو 200 ألف سوري خارج مخيمات اللاجئين ما زالوا لم يستصدروا الوثائق الجديدة، وتقدر المنظمات الإنسانية أن عشرات الآلاف منهم ربما يكونوا غير مستحقين للتقديم على هذه الوثائق.
تهيئ عملية إصدار الشهادات ومتطلبات تسجيل الهوية لمعوقات تحول دون التحاق الأطفال الأكبر سنا بالمدارس. من المستحيل على العديد من العائلات التي فرت من القتال في سوريا دون جلب أصول أوراقها أن تستوفي طلبات فرضها بعض مدراء المدارس، بأن يجلب الأطفال شهادات المدارس السورية الرسمية التي تثبت إتمامهم للفصل الدراسي السابق. حوالي 40 بالمائة من الأطفال السوريين اللاجئين في الأردن يفتقرون لشهادات الميلاد، وهي مطلوبة لاستصدار وثائق الخدمة. عدم توفر شهادات الميلاد يفرض عائقا يمنع التحاق عدد متزايد من الأطفال الذين بلغوا سن المدرسة.
أنظمة وزارة التربية والتعليم التي تمنع التحاق جميع الأطفال بالمدارس، أردنيون وسوريون، ممن تزيد أعمارهم بثلاث سنوات عن متوسط أعمار أقرانهم في الفصل الدراسي تفرض عائقا إضافيا على الأطفال السوريين. بحسب تقديرات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين لسنة 2014 فإن "قاعدة الثلاث سنوات" منعت نحو 77 ألف طفل سوري من التعليم الرسمي. من شأن خطة اتفق عليها بين وزارة التربية والتعليم والمانحين الأجانب واليونيسف – وتبدأ في السنة الدراسية 2016-2017 – أن تساعد في زيادة معدل التحاق الأطفال المتسربين من التعليم بالمدارس، إذ ستسمح لما يبلغ 25 ألف طفل بالالتحاق ببرنامج "التعويض"، الذي يقدم منهجين دراسيين في عام واحد، وبعده يصبحون مستحقين للعودة إلى التعليم الرسمي. لكن لن يُفتح هذا البرنامج إلا للأطفال بين 8 و12 عاما. كما صدقت وزارة التربية على تقديم منظمة غير حكومية لبرنامج مماثل للأطفال الأردنيين والسوريين الأكبر سنا، والبرنامج جاري التوسع فيه بدعم من المانحين. لكن لم يصل البرنامج إلا لبضعة آلاف من الأطفال، ليخلّف العديد من الأطفال الأكبر سنا دون مسار يعيدهم إلى المدرسة. إضافة إلى توسيع مجال هذه البرامج، يمكن للأردن أن يساعد الأطفال الأكبر من 12 عاما المتسربين من التعليم على العودة للتعليم بالتنازل عن "قاعدة الثلاث سنوات" وتنظيم اختبارات لدخول المدرسة واختبارات لاختيار الفصل الدراسي، وهي الاختبارات التي تُقدم حاليا مرة في السنة.
الفقر والقيود على العمل يقيدان أكثر من إتاحة التعليم. في حين جعل الأردن المدارس العامة مجانية للسوريين، فإن الكثير من الأهالي السوريين لا يمكنهم تحمل التكاليف المرتبطة بالتعليم، مثل تكاليف المواصلات (لا توجد حافلات للمدارس العامة في الأردن). توصل تقييم للأمم المتحدة في عام 2015 إلى أن 97 بالمائة من الأطفال السوريين في سن المدارس معرضون لخطر عدم ارتياد المدارس بسبب المصاعب المالية التي يعاني منها الأهل. نحو 90 بالمائة من اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر الأردني، بواقع 95 دولارا للشخص في الشهر. لم تكن أي من العائلات التي قابلتها هيومن رايتس ووتش تجني مثل هذا المبلغ.[1] أغلب السوريين يعانون من الاستدانة لأصحاب البيوت التي يقيمون فيها، وقد زادت الإيجارات 3 أضعاف أو أكثر في بعض المناطق، بحسب تقديرات منظمات غير حكومية. كما تضرر الأردنيون وأخلى بعضهم مساكن بعد أن طلبوا إيجارات أعلى.
تعاون مساعدات المانحين في مواجهة هذه الضغوط، لكنها غير كافية وغير مضمونة. نفدت تمويلات "برنامج الأغذية العالمي" الكافية لمواكبة الأزمة في أغسطس/آب 2015، وقطع البرنامج دعمه عن 229 ألفا من اللاجئين في المناطق المضيفة للاجئين (وخفض المساعدات للنصف، إلى 14 دولارا في الشهر لمن تبقى من تعداد اللاجئين خارج المخيمات). في الشهر التالي زادت "العودة الطوعية" للاجئين إلى سوريا إلى ما يناهز 340 شخصا في اليوم.
زاد أثر الفقر على الالتحاق بالمدارس وارتيادها، جراء السياسات الأردنية التي تمنع الكثير من اللاجئين السوريين على إعالة أنفسهم من خلال العمل. قلة من السوريين تمكنوا من استيفاء متطلبات تصاريح العمل القانونية، التي تشمل دفع رسوم بقيمة مئات الدولارات سنويا، والعثور على صاحب عمل يكفلهم. السوريون الذين يعملون دون تصريح يمكن أن يتعرضوا للتوقيف والإعادة إلى مخيمات اللاجئين. أوقفت السلطات الأردنية أكثر من 16 ألف سوري وأعادتهم إلى مخيم الأزرق بسبب عدم حيازة أوراق الإقامة وتصاريح العمل.
مع تزايد وطأة الديون، والافتقار للمساعدات الإنسانية الكافية، والتعرض لخطر التوقيف جراء العمل، فإن نحو 60 بالمائة من العائلات السورية في المناطق المضيفة للاجئين يعتمدون على النقود التي يكسبها أطفالهم، الذين يتسربون من التعليم للالتحاق بالعمل. القليل فقط من هؤلاء عادوا للتعليم. قالت عدة عائلات قابلناها أثناء إعداد هذا التقرير إن الدخل الذي يربحه الأطفال يُنفق على مواصلات المدارس الخاصة بإخوتهم وأخواتهم، أو على علاج الأقارب المرضى.
السياسات التي تحد من الحصول على تصاريح عمل قانونية تزيد أيضا من احتمال الاستغلال وتدني الأجور والعمل بوظائف خطرة، بما أن العامل السوري عرضة لخطر أكبر – إذا اشتكى – من صاحب العمل. وصف جميع الأطفال الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش العمل بصفته ينتهك قوانين العمل الدولية والأردنية، التي تحظر العمل لساعات طويلة، وفي ظروف خطرة، وللأطفال تحت سن 16 عاما.
كان حظر الأردن الفعلي لعمل اللاجئين السوريين بشكل قانوني ذا أثر سلبي على الأطفال السوريين فيما يخص إتمام تعليمهم الثانوي. قلة من السوريين يمكنهم تحمل كلفة معاهد التدريب المهني، في حين يفتقر آخرون للوثائق اللازمة للالتحاق بها، وقالت بعض منظمات المجتمع المدني إن السلطات الأردنية لم توافق على مشروعات تقدمت بها تخص التدريب المهني، ربما بسبب الخوف من تنافس السوريين على الوظائف مع الأردنيين. عرض المانحون تمويل برامج تعليم فني ومهني أكثر للسوريين، ويمولون بعض المنح الجامعية للطلاب السوريين، الذين يدفعون رسوما أكثر من الطلاب الأردنيين بصفتهم أجانب.
في أبريل/نيسان 2016 أوقف الأردن مؤقتا إنفاذ العقوبات على اللاجئين السوريين الذين يعملون دون تصاريح، وتنازلت الحكومة عن الرسوم اللازمة لاستصدار التصاريح خلال مهلة مدتها 3 شهور، قامت بعد ذلك بتمديدها. صدر نحو 20 ألف تصريح عمل حتى أغسطس/آب. لكن كان العديد من 100 ألف عامل سوري، بحسب التقديرات، غير مستحقين للتصاريح، إذ لم تكن لديهم وثائق خدمة، ولم يكفلهم صاحب عمل أردني.
في فبراير/شباط 2016 تعهد الأردن بإصدار ما يصل إلى 50 ألف تصريح عمل للسوريين في قطاعات لا تنافس فيها مع الأردنيين، وقالت الحكومة إنها ستفتح – بحسب دعم المانحين في المستقبل – "مناطق تنمية خاصة" يمكن لما يصل إلى 150 ألف سوري أن يُستخدموا فيها لتصنيع منتجات مخصصة للتصدير، بالأساس للأسواق الأوروبية. قررت المفوضية الأوروبية في يوليو/تموز إلغاء الجمارك على هذه المنتجات. سبق أن تفاوضت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على 4000 تصريح عمل لسوريين للعمل بإنتاج المنسوجات.
أدت متطلبات التسجيل والسياسات الأردنية التي تقيد من القدرة على العمل وتلقي الرعاية الصحية والتعليم إلى الضغط على اللاجئين السوريين ليمكثوا في مخيمات اللاجئين حيث الحياة قاسية – رغم مساعدات المانحين – وعلى من هم خارجها للعودة إليها من المناطق المضيفة للاجئين.
في 2015 التحقت نسبة أقل من الأطفال السوريين بالمدارس في هذه المخيمات، مقارنة بالمناطق المضيفة للاجئين. توصلت استطلاعات وبحوث هيئات الأمم المتحدة إلى أن معوقات التعليم تشمل المسافات الطويلة التي تفصل الأطفال عن المدارس في المخيمات الكبرى، وإحساس بعض الأطفال "بلا جدوى التعليم إذ أن أملهم في فرص المستقبل جد محدود"[2] تم فتح مدارس أكثر في مخيم الزعتري، وهو أكبر المخيمات، في عام 2015، وكانت به 9 مدارس رسمية، لكن وقت زيارة هيومن رايتس ووتش في أكتوبر/تشرين الأول، كانت بعض المدارس تفتقر للكهرباء والماء والنوافذ.
كما أن إتاحة الأردن بسخاء للمدارس العامة مجانا للأطفال السوريين قد زاد من الأعباء على المدارس الابتدائية في المناطق التي يتركز بها لاجئون. هذا بدوره يفرض تحديات على ضمان جودة التعليم، وقد كرس لتوترات بين السكان في بعض البلدات التي يتصور سكانها الأردنيون أن اللاجئين السوريين يزيدون من عدد الطلاب في الفصل، ويضغطون على موارد المدارس. بعض الأردنيين الذين ألحقوا أطفالهم بمدارس خاصة ولم يتمكنوا من الاستمرار في تحمل كلفة مصاريفها، وجدوا المدارس القريبة من بيوتهم – بحسب تقارير – ممتلئة ولا مكان للأطفال فيها بسبب زيادة التحاق السوريين بها. حتى قبل النزاع السوري كانت موارد المدارس الأردنية ترزح تحت ضغوط، ما دفع عشرات المدارس لتقديم فصول في الصباح وأخرى في "فترة" مسائية، لزيادة الاستيعاب وإتاحة أماكن أكثر. وصول أعداد كبيرة من الأطفال السوريين اللاجئين أجبر وزارة التربية الأردنية على افتتاح فترات مسائية للطلاب السوريين في 98 مدرسة ابتدائية. تخطط الوزارة، لإلحاق مزيد من الأطفال السوريين في العام الدراسي 2016 – 2017، لافتتاح فترات ثانية في 102 مدرسة إضافية.
تلقى الطلاب الأردنيون والسوريون في المدارس التي تدير فترتين ساعات تعليم أقل من الأطفال في المدارس التي تعمل لفترة واحدة فقط. تم إغلاق مرافق بالمدارس مثل المكتبات أثناء فترات المساء، وهي الفترات التي لا يرتادها إلا الطلاب السوريون. كما يحصل التلاميذ في مدارس مخيمات اللاجئين على ساعات تعليم أقل من أقرانهم في المدارس التي بها فترة واحدة. في مدرسة كبيرة في الزعتري، تبلغ مدة الحصة الواحدة 35 دقيقة، دون راحة بين الحصص، ودون فسحة أو وقت لتناول الطعام، مع عدم توفير قاعات حاسوب. قال بعض المعلمين في مدارس بمخيمات اللاجئين إنهم لم يحصلوا على أي تدريب على التدريس، ولم يكن عليهم إلا إثبات تخرجهم في الجامعة. بشكل عام، يتلقى معلمو المدارس العامة تدريبا على التدريس، لكن لم يثبت تدريب الكثيرين على نحو ملائم.
قال معلمون في مناطق مضيفة للاجئين وفي مخيمات للاجئين إنهم وجدوا صعوبة في تدريس بعض الأطفال السوريين الذين ظهرت عليهم أمارات الإصابة بالصدمة. هناك عدد متزايد من الأطفال السوريين يحصلون على دعم نفسي، لكن هناك آخرين يحتاجون للمساعدة ويتسربون من التعليم. قالت أم صبي إن شخصيته تغيرت أثناء النزاع بعد مقتل ابن عم له في هجوم، وقد عاد ابنها برأسه، وأنه لم يعد يرغب في ارتياد المدرسة في الأردن. اشتكت عائلات لاجئة ومعلمون أردنيون من افتقار المعلمين للحماس وازدحام الفصول بما يصل إلى 50 طفلا، لا سيما في مخيم الزعتري.
هذه الظروف الصعبة أسهمت على ما يبدو في مفاقمة مشكلة العقاب البدني الموجودة أساسا – وهي محظورة رسميا – وفي العنف بالمدارس الأردنية. وصف أطفال سوريون كيف يضربهم المعلمون بالعصي والكتب والخراطيم المطاطية. وفي حالات أخرى، واجه الأطفال مضايقات مؤلمة من أطفال أردنيين بالمدرسة أو أثناء السير من البيت للمدرسة. أفادت اليونيسف أن 1600 طالب سوري تسربوا من التعليم في عام 2016 بسبب تعنيف الأقران. هناك صبي هُدد بالطعن إذا لم يتخلى عن النقود التي في جيبه، وقد تعرض آخرون للضرب بأسلاك كهربائية. قام أب وأم فتاة لديها مشاكل في الدورة الدموية بسحبها من المدرسة بسبب تعرضها للضرب من أطفال آخرين.
***
يعتبر المعلمون السوريون الذين فروا إلى الأردن موردا لم يستخدم إلى الآن. يمكنهم أن يخفضوا نسبة الطالب إلى المعلم وأن يساعدوا الطلاب السوريين على التكيف مع التجربة الصادمة المشتركة بينهم. سمح الأردن لنحو 200 لاجئ سوري بالعمل كـ "مساعد" في الفصول المزدحمة بالمدارس في مخيمات اللاجئين، لكن ليس في المناطق المضيفة للاجئين. ممنوع على غير المواطنين التدريس في المدارس العامة، أو التسجيل في نقابة المعلمين. تركيا على النقيض تسمح لآلاف المعلمين السوريين بالعمل في مراكز تعليمية معتمدة بالكامل، وهي تدرس نسخة معدلة من المقرر المدرسي السوري، إضافة إلى السماح للأطفال السوريين بالانتظام في مدارس تركية عامة نظامية.
بدعم من المانحين، تعهد الأردن بفتح 102 مدرسة إضافية بفترات تدريس مزدوجة لاستضافة 50 ألف طالب سوري إضافي في العام المدرسي 2016 – 2017. كما تعهد بفتح جميع منشآت ومرافق المدارس، مثل المكتبات، لطلاب الفترة المسائية، وبتحسين تدريب المعلمين، وبالسماح لما يصل إلى 1000 سوري – بتمويل من المانحين – بشغل مناصب مساعدين في المدارس بالمناطق المضيفة للاجئين. سوف يسمح دعم المانحين الإضافي للأردن بأن يزيد كثيرا من الوقت المخصص للأطفال في الفترة الصباحية، إلى 30 ساعة أسبوعيا، لكن سيبقى وقت الأطفال الأسبوعي في فترة المساء بمعدله الحالي، حوالي 20 ساعة أسبوعيا.
وعد المانحون – ومنهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا والمملكة المتحدة وكندا – بزيادة كبيرة في دعم الأردن فيما يخص بناء مدارس حكومية جديدة، وتوسعة وتحسين المدارس القائمة، بما يشمل جعلها مُتاحة للأطفال المصابين بإعاقات، والمساعدة في دعم تكاليف مواصلات المدارس. يجب على المانحين على الفور وبشكل شفاف تنفيذ هذه التعهدات التي يُفترض أن تُنفذ على مدار سنوات، مع العمل أيضا على ضمان حصول الأطفال السوريين في الفترات المسائية على ساعات تدريس تساوي ما يحصل عليه الأطفال الآخرون في المدارس العامة. يجب على الأردن السماح برصد منتظم ومستقل لجودة التعليم في الفصول، والسماح للمعلمين السوريين اللاجئين المؤهلين بلعب دور أكبر في تعليم الأطفال السوريين. وبالاستعانة بالدعم الدولي، يجب مراجعة السياسات التي تهدد وتقوض هذه الخطوات المهمة والإيجابية، عن طريق ضمان عدم منع الأطفال السوريين من ارتياد المدارس بسبب مصاعب في التسجيل لدى وزارة الداخلية.
يعد التدريب الأفضل للمعلمين وإخضاعهم للمحاسبة مسألة لا غنى عنها لإنفاذ الحظر على العقاب البدني وللتعامل مع مضايقات الأقران. على المانحين المعنيين بحقوق اللاجئين في التعليم والعمل ومنع عمل الأطفال تشجيع ودعم مشروعات التنمية التي تدعم قدرة السوريين على إعالة أنفسهم. على الأردن أيضا النظر في أمر مراجعة أنظمة تصريح العمل بحيث يتم تقليص الاعتماد على الكفيل، وأن يصبح التنازل عن رسوم تصريح العمل، الذي يُسمح به أثناء المهلة، تنازلا دائما.
***
كان معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية في سوريا – قبل النزاع – 93 بالمائة.[3] قدرت اليونيسف أن نحو 3 ملايين طفل سوري داخل سوريا وخارجها أصبحوا خارج التعليم، ما يعني تقويض إنجاز سوريا بتوفير التعليم للجميع تقريبا قبل الحرب.[4]
قدرت اليونيسف "الخسارة الاقتصادية الإجمالية" من إجمالي الأجور الأدنى مدى الحياة، بالنسبة إلى 1.9 مليون طفل سوري داخل سوريا، الذين تسربوا من التعليم الابتدائي والثانوي في 2011 بسبب النزاع، بـ 10.7 مليار دولار.[5] لا تشمل هذه الإحصاءات كلفة التعليم المفقود بالنسبة للأطفال اللاجئين. سواء عادوا إلى سوريا أو استقر بهم المقام في مكان آخر لفترة طويلة، فإن أجور الأطفال الأدنى يمكن أن تكون ذات أثر معطّل على اقتصاد الدول المضيفة، في حين ستزيد أيضا من تكلفة المساعدات من المانحين والمساعدات الحكومية.[6]
سوف يقلص توفير التعليم من مخاطر الزواج المبكر والتجنيد العسكري للأطفال، وسوف يدفع باتجاه استقرار المستقبل الاقتصادي إذ يزيد من إمكانات واحتمالات تحقيق الكسب المالي، مع ضمان تجهيز أطفال سوريا اليوم بشكل أفضل لمواجهة مستقبلهم غير الواضح.[7]
منهجية التقرير
يستند هذا التقرير بالأساس إلى بحوث أجريت في أكتوبر/تشرين الأول 2015 بمناطق مضيفة للاجئين في عمان والبقعة والزرقاء والمفرق والسلط وإربد وقرى قريبة، وفي مخيمي الزعتري والأزرق، والمخيم "الإماراتي الأردني" في الأردن. إجمالا، أجرى باحثو هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 105 لاجئين وطالبي لجوء من سوريا، بينهم سكان فلسطينيين سابقين في سوريا، من 82 عائلة. تم تحديد العائلات التي أجريت معها مقابلات بمساعدة منظمات غير حكومية محلية ودولية ومعارف داخل تجمعات اللاجئين السوريين في كل مدينة من المدن.
لم يكن جميع أفراد الأسر حاضرين في كل مقابلة من المقابلات. حصلت هيومن رايتس ووتش على معلومات عن ظروف 423 فردا من عائلات سورية – بينهم أفراد الأسر غير الحاضرين في المقابلات – بالإضافة إلى 16 فردا من أسر أجريت معهم مقابلات قالوا إنه سبق لهم مغادرة الأردن في محاولة لبلوغ أوروبا. من بين إجمالي عدد أفراد العائلات، جمعنا معلومات عن الوضع التعليمي لـ 286 طفلا تحت 18 عاما، بينهم 213 طفلا في سن المدارس (6 إلى 17 عاما). من بين هؤلاء الأطفال السوريين في سن التعليم، لم يكن 75 طفلا في مدرسة في الأردن، ومنهم 18 طفلا التحقوا بمدارس لكن تسربوا منها، و25 طفلا كانوا يعملون، و13 طفلا مصابين بإعاقات، بحسب أقوالهم وأقوال الآباء.
أجريت أغلب المقابلات مع اللاجئين وطالبي اللجوء باللغة العربية بمساعدة مترجم فوري. قُدم لجميع من أجريت معهم مقابلات توضيحا بطبيعة البحث ونوايانا فيما يخص المعلومات الجاري جمعها، وحصلنا على موافقات شفهية من كل منهم. قيل لهم جميعا إن بإمكانهم رفض الإجابة على أية أسئلة أو إنهاء المقابلة في أي وقت. لم يحصل المشاركون على أي تعويض مادي. حجبت هيومن رايتس ووتش هوية أفراد ومؤسسات طلبوا عدم كشف أسمائهم. كما استخدمنا أسماء مستعارة كلما طلب منا ذلك، وذكرنا هذه الحالات في الحواشي. الأسماء المستعارة المستخدمة لا تعكس ديانات وطوائف من قابلناهم.
أجريت المقابلات في المناطق المضيفة للاجئين في بيوت لعائلات سورية، وفي أغلب الحالات تحدثنا إلى الأب والأم بالإضافة إلى الأطفال. كانت هيومن رايتس ووتش حريصة على إجراء جميع المقابلات في أماكن آمنة وخاصة. أثناء المقابلات بمخيمي الأزرق والزعتري، وهما يتطلبان موافقة مسبقة من السلطات الأردنية، رافق باحث هيومن رايتس ووتش رجل شرطة (في الزعتري) ومسؤولي أمن أردنيين (في الأزرق). في المخيم "الإماراتي الأردني"، رافق الباحث عناصر من الهلال الأحمر الإماراتي، وهي الجمعية التي تدير المخيم. بسبب بواعث قلق تخص الظروف القائمة، اقتصرت أسئلة الباحث للاجئين في هذه المخيمات على المعلومات الأساسية الخاصة بأعمار أطفالهم وتعليمهم المدرسي.
لم نُجر مسحا شاملا أو دراسة إحصائية، إنما تستند نتائجنا إلى المقابلات الموسعة التي يكملها تحليلنا لطيف واسع من المواد المنشورة. كما طلبت هيومن رايتس ووتش معلومات من وزارة التربية والتعليم الأردنية وسعت للاطلاع على آراء الوزارة في جملة أمور. إضافة إلى هذا، قابلنا ممثلين عن اليونيسف ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين، ومنظمات غير حكومية دولية ومحلية، وسفارات دول مانحة وهيئات مساعدات إنسانية، و9 مدراء ومعلمين بمدارس أردنية عامة وخاصة، وأشخاص يوفرون الخدمات التعليمية بصفة غير رسمية. كما استشرنا خبراء في التعليم في أوقات الطوارئ وفي سياسة التعليم الأردنية.
ملحوظة عن تحويل العملة: سعر صرف الدينار الأردني مقابل الدولار الأمريكي مقدر هنا بـ 1.4 دولارا لكل دينار.
I.الخلفية
النزوح السوري إلى الأردن
هناك ما يُقدر بـ 657 ألف سوري في الأردن، سجلوا كطالبي لجوء لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. توصل تعداد للسكان في الأردن أُجري في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2015 إلى أن بالأردن ما يبلغ مجموعه 9.5 مليون نسمة، بينهم 6.6 مليون مواطن أردني و1.265 مليون سوري.[8]
وضع الإقامة الخاص بـ 608 ألف سوري المشمولين بالإحصاء لكن غير المسجلين كطالبي لجوء غير واضح. قال عاملون بمنظمة غير حكومية دولية تقدم مساعدات إنسانية إنهم يقدرون أن هناك زهاء مائة ألف سوري كانوا يعيشون ويعملون في الأردن قبل النزاع، لكن أغلب السوريين في الأردن وصلوا بعد نشوب القتال في 2011، وأشاروا إلى أن التعداد السكاني اعتبر أي شخص لديه جواز سفر سوري سوريا، بما في ذلك السوريين والسوريات المتزوجين إلى مواطنين ومواطنات من الأردن.[9] أكثر من نصف طالبي اللجوء السوريين المسجلين في الأردن من الأطفال، ونحو 35 بالمائة من إجمالي السوريين هناك في سن المدارس، أو بين 5 و17 عاما، بحسب تقديرات مفوضية اللاجئين.
حتى يوليو/تموز 2016 كان نحو 141 ألف طالب لجوء سوري مسجل يعيشون في 3 مخيمات رئيسية للاجئين. أغلب الـ 516 ألف لاجئ خارج المخيمات يعيشون في محافظات عمان والمفرق وإربد، في مناطق فقيرة تعاني المدارس العامة فيها من ضغوط شديدة.[10]
في البداية تسارعت وتيرة توافد السوريين المسجلين كطالبي لجوء لدى مفوضية اللاجئين في الأردن، من أقل من 3000 لاجئ في 2011 إلى أكثر من 400 ألف سُجلوا في عام 2013 وحده.[11] تباطأ معدل توافد اللاجئين بعد أن بدأ الأردن في تضييق الدخول من المعابر الحدودية مع سوريا أو إغلاقها، في 2013.[12] زاد إجمالي عدد اللاجئين السوريين المسجلين من 623 ألفا بنهاية 2014 إلى 657 ألفا في أواسط يوليو/تموز 2016، وهي زيادة بواقع 34 ألف شخص فقط خلال أكثر من 18 شهرا.[13] لكن بحلول يوليو/تموز أصبح ما يناهز 100 ألف سوري غير مسجلين لدى مفوضية اللاجئين عالقين في منطقة صحراوية معزولة في الشمال الشرقي.[14]
متطلبات التسجيل
لم يوقع الأردن "اتفاقية اللاجئين" لعام 1951 أو بروتوكولها لعام 1967، ولا يعترف القانون الأردني باللاجئين السوريين بصفتهم لاجئين. يسمح الأردن لمفوضية اللاجئين بتسجيل اللاجئين وتوفير مساعدات إنسانية لهم بمقتضى مذكرة تفاهم تعود إلى عام 1988. تم تعديل المذكرة في 2014 لزيادة فترة سريان وضع الحماية المؤقت من 6 أشهر، وهي فترة الحماية التي يمنحها الأردن للسوريين، إلى فترة عام قابلة للتجديد لأجل غير مسمى.[15]
حتى 2015 كانت السلطات الأردنية تُرسل من يفدون من سوريا إلى "مراكز استقبال" أولا للتسجيل المبدئي، وحتى ديسمبر/كانون الأول 2013 كانت السلطات تصادر بعض أوراق اللاجئين الثبوتية السورية وتحتفظ بها. ثم كانت الحكومة ترسل اللاجئين إلى المخيمات، ومنها الزعتري الذي افتتح في يوليو/تموز 2012، والأزرق الذي افتتح في أبريل/نيسان 2014، وهما أكبر مخيمين للاجئين.[16]
يمكن للاجئين في المخيمات الذين يرغبون في الانتقال إلى مناطق مضيفة للاجئين بالأردن أن يفعلوا هذا بشكل قانوني، عن طريق عملية تُدعى نظام "الكفالة"، التي تقتضي قيام "الكفيل"، مواطن أردني بمثابة أب/أم أو شقيق/شقيقة أو ابن/ابنة فوق 35 عاما بضمان اللاجئين المنتقلين من المخيمات. في البداية سمح الأردن للاجئين بمغادرة المخيمات، إذا دفع الكفيل الأردني رسوم 15 دينار (21 دولارا) عن كل شخص.[17]
لعدة سنوات، لم يطبق الأردن بصرامة نظام الكفالة. هناك سوريون كثيرون غادروا المخيمات دون أن يكفلهم أحد وظلوا قادرين على التسجيل لدى المفوضية في المناطق المضيفة للاجئين وحصلوا على "شهادات طالب لجوء" من المفوضية، وهي تعرف حاملها بصفته "شخص موضع اهتمام".[18] السوريون حملة هذه الشهادات مستحقون لتلقي المساعدات الإنسانية، مثل المساعدات النقدية والغذاء، التي تقدمها هيئات الأمم المتحدة في المناطق المضيفة للاجئين. السوريون الذين غادروا المخيمات دون كفالة تمكنوا بدورهم من الحصول على أوراق هوية من وزارة الداخلية عن طريق التسجيل في مركز الشرطة المحلي، كما يتطلب القانون الأردني.[19]
يصدر للسوريين المسجلين في وزارة الداخلية "وثيقة خدمة" وهي مطلوبة للحصول على الرعاية الطبية المدعومة في المستشفيات العامة ولإلحاق الأطفال بالمدارس العامة.[20] تسري وثيقة الخدمة في واحدة من مناطق الأردن الـ 52، المسجل بها اللاجئ. اللاجئ الذي ينتقل إلى منطقة أخرى عليه العودة للتسجيل من جديد لدى الشرطة، من موقعه الجديد.
بدأ الأردن في تطبيق نظام الكفالة بصرامة في يوليو/تموز 2014 عندما وجّه المفوضية السامية لعدم تسجيل السوريين في المناطق المضيفة للاجئين ممن لم يخرجوا بكفالة. كما رفضت وزارة الداخلية إصدار "وثائق خدمة" لهم. نتيجة لهذا، لم يعد بإمكان السوريين الذين غادروا المخيمات بشكل غير رسمي بعد هذا التاريخ الحصول على الوثائق المطلوبة للتسجيل للحصول على مساعدات إنسانية أو رعاية صحية مدعومة أو إلحاق أطفالهم بالمدارس العامة. هناك ما يُقدر بـ 120 ألف لاجئ من سوريا يعيشون خارج المخيمات ولا يمكنهم استيفاء متطلبات نظام الكفالة.[21]
منذ يوليو/تموز 2014 أوقفت قوات الأمن الأردنية ونقلت قسرا لمخيمات اللاجئين، لاجئين ليست لديهم شهادات طالب لجوء صادرة عن مفوضية اللاجئين، أو وثائق خدمة صادرة عن وزارة الداخلية. طبقا للإحصاءات المتوفرة، ففي الفترة من أبريل/نيسان 2014 إلى سبتمبر/أيلول 2015 نقلت الشرطة قسرا أكثر من 11 ألف لاجئ إلى الزعتري والأزرق، بينهم عشرات الأطفال غير المصحوبين بآبائهم، وجزء كبير من السبب يعود لأنهم غادروا المخيمات دون كفالة، أو لأنهم قُبض عليهم وهم يعملون دون تصريح عمل.[22]
وصف تقرير مشترك صادر عن مجموعة من المنظمات الإنسانية الدولية – نُشر في سبتمبر/أيلول 2015 – حالة قامت فيها السلطات الأردنية بترحيل صبي أوقف في عمان إلى سوريا، لأنه لم يتمكن من تقديم الوثائق المطلوبة. وصف عاملون في منظمة غير حكومية حالة توقيف وترحيل مشابهة لصبي آخر في منتصف 2015.[23] في حالات أخرى أوقفت السلطات الأردنية ورحلت رجالا سوريين لم تكن معهم وثائق الخدمة، على حد قول أقاربهم. هناك رجل سوري كان يعيش قرب إربد، قال إن في صيف 2015 أوقفت الشرطة الأردنية شقيقه البالغ من العمر 45 عاما من محل العمل، ورأت أن أوراق هويته مزورة، ثم "أعطوه فرصة الذهاب إلى [مخيم] الأزرق أو إلى سوريا".[24] عرفت زوجته بمكانه بعد توقيفه بثلاثة أيام، عندما اتصل بها ليقول إنه في سوريا وأن عليها العودة إليه برفقة الأطفال، وهو ما فعلته.[25]
في يونيو/حزيران 2014 هجرت قوات الأمن الأردنية قسرا أيضا مئات اللاجئين السوريين الذين كانوا يعيشون في 5 تجمعات غير رسمية من الخيام جنوبيّ محافظة عمان.[26] في إحدى الحالات تم نقل سوريين كانوا يعيشون في مخيم غير رسمي قرب سحاب إلى مخيم الأزرق ومعهم ما أمكنهم حمله من أمتعة، بعد أن هدمت الجرافات خيامهم، وبينها خيمتين كانتا تستخدمان كمدرسة تدعمها منظمة غير حكومية تقدم لها إمدادات التدريس وأجور للمعلمين.[27]
الفقر
أغلب اللاجئين السوريين يعانون من الفقر، ما يحدّ من قدرتهم على تحصيل التعليم. ذكر تقرير لليونيسف أن عائلات نحو 15400 طفل سوري لم تتمكن من تحمل كلفة إرسال الأطفال للمدرسة، في فبراير/شباط 2016، وأن هناك نحو 10 آلاف طفل آخرين تسربوا من التعليم أو أصبحوا يرتادون المدارس بشكل غير منتظم بسبب المصاعب المالية.[28] تبينت اليونيسف أن أغلب العائلات السورية تحاول التكيف مع الفقر، وفي الوقت نفسه تحاول منح الأولوية للتعليم: قال 93 بالمائة إنهم يتكيفون مع المصاعب المالية عن طريق تقليل المبالغ المنفقة على الطعام أو تقليل كميات الطعام، لكن 8 بالمائة فقط من الأطفال تسربوا من التعليم، رغم المصروفات المرتبطة بالتعليم، وتبلغ 20 إلى 30 دينار أردني (28 إلى 42 دولارا) في الشهر لكل طفل.
تعاون الأردن مع منظمات إنسانية دولية من أجل تخفيف فقر السوريين، بما يشمل برنامج لليونيسف يصل إلى 55 ألف طفل، ويمد كل منهم بـ 20 دينار أردني (28 دولارا) لتخفيف الضغوط الخاصة بعمل الأطفال والتسرب من التعليم، وهناك برنامج لمفوضية اللاجئين يصل إلى 30 ألف فرد وأسرة. ويدفع برنامج الأغذية العالمي شهريا 20 دينارا للاجئين السوريين المسجلين، في المناطق المضيفة للاجئين.[29] لكن هذه البرامج تقوض منها السياسات الأردنية التي تحد من قدرة السوريين على العمل، حتى ولو بشكل غير رسمي، وتسهم في زيادة عمل الأطفال وتسربهم من التعليم.
- نحو 86 بالمائة من اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر الأردني (68 دينارا أردنيا أو 96 دولارا أمريكيا للشخص شهريا).
- واحد من كل 6 لاجئين سوريين يعيشون على أقل من 1.3 دولارا في اليوم (أو نحو 40 دولارا شهريا)، وتقيّم مفوضية اللاجئين هذا المعدل بصفته خط الفقر المطلق.[30]
- يدفع اللاجئون السوريون في شمال الأردن، حيث يعيش أغلبهم، نحو 211 دولارا في الشهر إيجارا للسكن، وهو ما يستهلك 55 بالمائة من دخلهم.[31]
تشير الإحصاءات الحكومية الأردنية إلى أن الإيجار زاد بواقع 14 بالمائة في شتى أنحاء الأردن، منذ عام 2013 إلى 2015.[32] وفي بعض المناطق زاد الإيجار بواقع 600 بالمائة بعد 2011.[33]
كذلك تواجه العائلات الأردنية محدودة الدخل مشكلة الإيجارات العالية، وعدم القدرة على السداد، ما يعني إخلاء بعض أصحاب المساكن للشقق التي يستأجرونها، ما غذى من المشاعر المعادية للسوريين في بعض المناطق المضيفة للاجئين.[34] كما واجه اللاجئون السوريون ارتفاع نفقات الرعاية الصحية، وكان السوريون الحاملون لوثائق الخدمة من قبل وزارة الداخلية يحصلون على رعاية صحية مجانية حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2014، لكن الآن يدفعون رسوما مخفضة.[35]
إضافة إلى هذا، ففي أغسطس/آب 2015 كان نحو 229 ألفا من السوريين "المعرضين للخطر" في الأردن، تحت خط الفقر الأردني، يعانون من انقطاع المساعدات الغذائية الإنسانية، مع تقليص المساعدات إلى النصف بالنسبة لـ "المعرضين للخطر للغاية" بسبب نقص التمويل. تمكن برنامج الأغذية العالمي من استئناف المساعدات بمعدلات أقل في نوفمبر/تشرين الثاني.[36] بالمثل، كفت الأونروا عن تقديم المساعدات السكنية للاجئين الفلسطينيين من سوريا في الأردن، وهذا في يوليو/تموز 2015، بسبب انحسار التمويل.[37] يعاني أكثر من 60 بالمائة من اللاجئين السوريين المقيمين في مناطق مضيفة للاجئين من الاستدانة الشديدة، حتى في ظل المساعدات الإنسانية، كما تبين تقييم أجرته مفوضية اللاجئين في مايو/أيار 2015.[38] توصلت دراسة في عام 2014 إلى أن ثلث اللاجئين في الأردن مدينون لأصحاب المساكن التي يقيمون بها.[39]
أدت السياسات التقييدية بشكل متزايد التي فرضها الأردن بعد يوليو/تموز 2014، مقترنة بالانقطاع والانحسار غير المتوقع في المساعدات الإنسانية، إلى الإسهام في عودة آلاف السوريين من الأردن إلى سوريا عامي 2014 و2015 بموجب عملية "طوعية" رسمية، مع زيادة التدفق كثيرا إلى بضعة مئات يوميا في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2015، إثر إخبار السوريين في المناطق المضيفة للاجئين أن المساعدات الغذائية المقدمة لهم ستنقطع أو تتقلص.[40] في أغسطس/آب 2015 قدرت المنظمة الدولية للهجرة عدد العائدين بـ 50 ألفا ذلك العام.[41]
هناك رجل قرر البقاء في الأردن بعد انقطاع المساعدات لأن بيته في سوريا قد دُمر، قال: "لم يبق لنا شيء في حماة".[42] أغلب العائدين ذهبوا إلى درعا، وهي منطقة متاخمة للأردن، وتنحدر منها أكبر نسبة من السوريين المقيمين في الأردن، رغم النزاع المشتعل هناك.[43]
أشار برنامج الأغذية العالمي إلى أن العودة انحسرت في أوساط السوريين في مخيمات اللاجئين، حيث لم تنحسر المساعدات، لكن زادت بواقع 17 بالمائة في أوساط اللاجئين المقيمين بمناطق مضيفة للاجئين.[44] في بعض الحالات اختار اللاجئون مغادرة الأردن في محاولة لبلوغ أوروبا بعد توقيف أقارب لهم كانوا يعملون دون تصاريح.[45]
التعليم في الأردن
في بداية العام الدراسي 2015، التحق 1.9 مليون طالب بمدارس عامة وخاصة وعسكرية ومدارس الأونروا في الأردن، من مستوى ما قبل الابتدائي إلى الثانوي.[46]
ينفق الأردن نصيبا كبيرا من إجمالي ناتجه القومي على التعليم: 12.2 بالمائة من إجمالي الناتج القومي في 2011 (أخر عام تتوفر فيه إحصاءات)، مقارنة بـ 5.1 في المائة في سوريا (2009)، و1.6 في لبنان (2011) و2.9 في تركيا (2006).[47] أنفقت الولايات المتحدة 5.2 بالمائة وأنفقت المملكة المتحدة 5.8 بالمائة من إجمالي الناتج القومي في 2011.[48]
تنقسم الدراسة إلى سنتين قبل المرحلة الابتدائية، وتعليم ابتدائي لعشر سنوات، وتعليم ثانوي لسنتين.[49] في عام 2014 جعل الأردن السنة الثانية من التعليم ما قبل الابتدائي إلزامية، لكن بسبب الضغط على المدارس في شتى أنحاء الأردن، فإن الأولياء الراغبين في إرسال أطفالهم للتعليم ما قبل الابتدائي عليهم عادة دفع رسوم المدارس الخاصة.[50]
المدارس الابتدائية في الأردن مجانية وإلزامية.[51] الطلاب الذين يجتازون اختبار الصف العاشر يستحقون ارتياد المدرسة الثانوية لمدة عامين إضافيين، ويمكن توجيه هذه المرحلة للتجهيز للدراسة الجامعية إما في مجال العلوم أو الإنسانيات، أو باتجاه التدريب المهني أو التقني.
بعد هذين العامين، يمكن للطلاب اجتياز اختبار التخرج الموحد، التوجيهي. مع اجتياز الاختبار يحصلون على شهادة التعليم الثانوي العام ويستحقون ارتياد الكليات والجامعات العامة والخاصة، والمعاهد المهنية. يوضع الطلاب الجامعيون في برامج أكاديمية بحسب درجات التوجيهي الخاصة بكل منهم.[52]
أفادت وزارة التربية بأن صافي معدلات الالتحاق هي 38.26 بالمائة في المدرسة ما قبل الابتدائية، و98.02 بالمائة في المدرسة الابتدائية، و72.56 بالمائة في المدرسة الثانوية، خلال العام الدراسي 2014 – 2015.[53] صافي معدل الالتحاق الأردني بالمدارس الابتدائية من قبل بداية الأزمة السورية وخلالها، ظل على مستوى 97 بالمائة، بحسب البنك الدولي.[54]
لكن حتى قبل الأزمة السورية، كان التعليم الأردني يواجه تحديات.
أدى الفقر – بما يشمل عدم القدرة على سداد نفقات المواصلات – إلى تقويض قدرة العديد من الأطفال الأردنيين على ارتياد المدارس. في 2011 أفادت اليونسكو بأن نحو 119 ألف طفل أردني ليسوا في المدارس.[55] في 2014 أفاد اليونيسف بأن نحو 77 ألف طفل أردني بين 5 و15 عاما ليسوا في المدارس.[56]
كما أن المدارس العامة تعاني من الاكتظاظ منذ فترة طويلة: 36 بالمائة من المدارس العامة كانت مكتظة في 2011، بحسب وزارة التعليم، لا سيما في المناطق التي توافد عليها عدد كبير من الأطفال السوريين فيما بعد. الاكتظاظ يصل الآن إلى نحو 47 بالمائة.[57] لتوفير فصول أكثر، بدأت بعض المدارس الأردنية في إدارة فترتين أو استأجرت بنايات إضافية، حتى من قبل عام 2011. قلل هذا من النفقات المخصصة لكل طالب، ومن جودة التعليم أيضا. التزم الأردن بنقل نظام كافة المدارس إلى نظام فترة واحدة على مدار اليوم في عام 2010.
رسب أكثر من نصف طلاب الثانوية بالأردن ممن دخلوا اختبار التوجيهي في العامين 2014 و2015.[58] في العامين المذكورين، كانت هناك أكثر من 325 مدرسة لم ينجح منها أي طالب خضع للاختبار.[59]
نحو 25 بالمائة من الطلاب في الأردن ملتحقون بمدارس خاصة، وتتراوح رسومها بين 1400 وأكثر من 10000 دولار سنويا.[60] في 2014 كان نحو 8000 من 130 ألف طالب سوري (6 بالمائة) من الملتحقين بالتعليم الرسمي، في مدارس خاصة.[61]
تفقدت هيومن رايتس ووتش مدرسة ابتدائية مسيحية في شرق عمان وفرت منح دراسية لعشرات الطلاب السوريين، بدعم مالي خاص. وصف المعلمون والمدراء البرامج الأكاديمية وبرامج الدعم النفسي الخاصة بالطلاب السوريين، والتدابير المتخذة لمنع التمييز ضد الطلاب السوريين من الطلاب الآخرين.[62]
II.السياسة التعليمية الأردنية الخاصة باللاجئين السوريين
كان أكثر من ثلث الأطفال السوريين اللاجئين (أو 36 بالمائة) في سن المدارس في يناير/كانون الثاني 2016، طبقا لتقديرات وزارة التربية.[63]
منذ بداية النزاع السوري، منح الأردن اللاجئين الذين معهم الأوراق المطلوبة حق ارتياد المدارس العامة مجانا في المناطق المضيفة للاجئين.[64] كما فتح مدارس عامة معتمدة للاجئين في مخيمات اللاجئين افتتحت في 2012 (الزعتري) و2014 (الأزرق).
يمكن للأطفال اللاجئين في المناطق المضيفة للاجئين ومعهم الأوراق المطلوبة – هي بالأساس شهادات طالبي لجوء صادرة عن مفوضية اللاجئين ووثائق خدمة صادرة عن وزارة الداخلية – الالتحاق مجانا بالمدارس الابتدائية العامة، بدءا من الصف الأول المتاح للأطفال في سن 6 سنوات.[65] يمكن للأطفال السوريين في سن 4 و5 سنوات الالتحاق ببرنامج المدرسة ما قبل الابتدائية لمدة عامين في الأردن، وإن كانت أغلب رياض الأطفال هذه خاصة وتفرض رسوما. على الأطفال السوريين استيفاء متطلبات أخرى للالتحاق بالمدارس الثانوية الأردنية (انظر أدناه).
بسبب الخطوات التي اتخذها الأردن لاستضافة الأطفال السوريين اللاجئين في مدارسه، تُظهر إحصاءات الأمم المتحدة أن نسبة السوريين من 5 إلى 17 عاما الملتحقين بالمدارس قد زادت بشكل مطرد، مع تزايد أعداد الأطفال اللاجئين.[66] حتى أبريل/نيسان 2016 كان نحو 145 ألف طفل سوري ملتحقين بالمدارس الرسمية، ما يعني أن حوالي 80 ألف طفل سوري في سن المدارس غير ملتحقين بها.[67] حتى أبريل/نيسان 2015 كان 35 ألف طفل سوري في قوائم انتظار المدارس العامة، بحسب وزارة الربية.[68] من بين من ليسوا في التعليم الرسمي، تلقى 15 ألفا تعليما بمدارس غير معتمدة وغير رسمية، من منظمات غير حكومية. ولم ينل 32 ألفا أي تعليم بالمرة.[69]
المصدر: بيانات اللاجئين واليونيسف.[70]
هذه الأعداد الإجمالية ربما لا تعكس الحقيقة لأنها تستند إلى تقدير الالتحاق بالمدارس في أوساط السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين فحسب، ولا يضم هذا أعداد السوريين الذين كانوا في سن المدرسة عند وصولهم للأردن ولم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس ولم يدخلوها وأصبحوا الآن في سن 18 عاما أو أكثر. لا توجد فرص تعليم رسمية لهؤلاء الشبان السوريين البالغين. ما لم تتوفر برامج تعليم معتمدة غير رسمية على نطاق أوسع، فلن يُتاح للكثير من السوريين في هذه المجموعة العمرية فرصة للحصول على تعليم ثانوي أو حتى ابتدائي.
يتناقض الوضع الحالي للاجئين السوريين كثيرا مع ارتفاع معدلات التعليم والالتحاق بالمدارس قبل النزاع في 2010، عندما كان صافي الالتحاق بالمدارس الابتدائية والثانوية 93 و67 بالمائة على التوالي.[71]
مدارس الدوام المزدوج
سعت وزارة التربية في عام 2013 إلى استيعاب أعداد الطلاب السوريين المتزايدة في المناطق المضيفة للاجئين، عن طريق تقسيم اليوم في بعض المدارس إلى فترتين، طول كل منهما نصف يوم. بحلول أبريل/نيسان 2014 كانت هناك 98 مدرسة بفترتين في المناطق المضيفة للاجئين.[72] أصبحت مدارس الفترتين "الأداة الرئيسية لتوفير التعليم" للأطفال السوريين.[73]
يتم تقصير كل حصة دراسية ويحضر الطلاب السوريون في الصباح أو في المساء.[74] يرتاد الأطفال الأردنيون الفترة الصباحية فحسب. في مخيمات الزعتري والأزرق والمخيم الإماراتي الأردني، تدير وزارة التربية مدارس ممولة من اليونيسف للأطفال السوريين، وهي تعمل لفترتين؛ الفتيات في الصباح والصبية في المساء.
- حتى أبريل/نيسان 2016 كان هناك 9 مدارس رسمية في الزعتري غيها حوالي 20771 طفلا مسجلا، بحسب مفوضية اللاجئين.[75] تتوفر في هذه المدارس أماكن لـ 25 ألف طفل في سن المدارس.[76] لكن اليونسكو ذكرت أنه حتى يونيو/حزيران زاد العدد إلى 30 ألف طفل في سن المدارس، وكان نصفهم خارج المدارس.[77]
- حتى مايو/أيار 2016 كانت قدرة استيعاب المدارس الابتدائية والثانوية في الأزرق هي 5000 طالب، 3000 منهم مسجلون، و400 في رياض الأطفال، من عدد اجمالي قدره 15336 طفلا بين 5 و17 عاما.[78] ارتفع عدد الأطفال المسجلين مقارنة بديسمبر/كانون الأول 2015، لما كان يوجد 2600 طفل مسجلين، ولكن 1700 منهم فقط يرتادون المدرسة.[79]
- حتى أكتوبر/تشرين الأول 2015 كان المخيم الإماراتي الأردني (المدعوم من الإمارات العربية المتحدة) به 2000 طفل من بين ما يُقدر بـ 2300 طفل في سن المدرسة، ملتحقين بالمدارس الرسمية التي تديرها وزارة التربية، بينهم 297 صبيا في الصفوف من السابع وحتى التوجيهي.[80]
إجمالا، حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2015 كان 63088 طالبا سوريا بالمدارس الابتدائية (الصفوف 1 إلى 10) ملتحقين بالمقرر التعليمي النظامي في المناطق المضيفة للاجئين. وكان 49064 طالبا ملتحقين بالفترات المسائية في المناطق المضيفة للاجئين، و25736 في مدارس مخيمات اللاجئين، بحسب تقديرات وزارة التربية.[81] تراجعت معدلات الالتحاق بالمدارس أكثر بالنسبة للطلاب السوريين في المدارس الثانوية. كان هناك 3318 طالبا في مدارس نظامية و1589 طالبا في الفترة المسائية، و464 فقط في مدارس مخيمات اللاجئين.
جميع المعلمين بالمدارس العامة، سواء في المناطق المضيفة للاجئين أو في المخيمات، يجب أن يكونوا مواطنين أردنيين ويحصلون على رواتبهم من وزارة التربية.[82] المعلمون في مدارس مخيمات اللاجئين وفي المناطق المضيفة للاجئين الذين يدرسون في فترات المساء (أي معلمي الأطفال السوريين) يُستخدمون بعقود ولا يحصلون على إجازات مدفوعة الأجر أو تأمين صحي أو امتيازات أخرى يحصل عليها المعلمون بدوام كامل. لا يحصل معلمو الفترة المسائية على نفس مستوى التدريب الذي يحصل عليه المعلمون بدوام كامل.[83] سمح الأردن لنحو 200 لاجئ بالتدريس بصفة "معاونين" للمساعدة في إدارة الفصول المزدحمة بأكثر من 45 طالب في مدارس عامة بمخيمات اللاجئين.[84]
التعليم غير النظامي والتعليم غير الرسمي
تتوفر بعض فرص التعليم للأطفال غير الملتحقين بالمدارس، بمن فيهم غير المستحقين للالتحاق بالمدارس لعدم حيازتهم الأوراق المطلوبة. أكبر هذه البرامج هو "مكاني" الممول من اليونيسف. حتى ديسمبر/كانون الأول 2015 كان 38400 طفل من الأطفال السوريين والأردنيين الأكثر عرضة للخطر يحصلون على دعم نفسي، مع حصول 47 ألفا آخرين على التدريب على المهارات الحياتية.[85]
هناك عدد من المنظمات المجتمعية والدينية الخيرية في المناطق المضيفة للاجئين تقدم جملة من البرامج غير الرسمية. على سبيل المثال، هناك مدرسة تديرها منظمة أنشأها إمام مسجد بمدينة المفرق، تقدم 3 فصول أسبوعيا للطلاب غير القادرين على الالتحاق بالمدارس العامة، وتدرس المقرر المدرسي الأردني.[86] قال آباء سوريون في مناطق أخرى إن الأطفال يستفيدون من برامج غير رسمية لتحفيظ القرآن ودروس في اللغة العربية.[87] بشكل عام قليل هو المعروف عن جودة أو مجال التعليم بالبرامج غير الرسمية وغير النظامية.
لا تقدم أغلب البرامج غير النظامية شهادات معتمدة من وزارة التربية، والأطفال الذين ينتهون من هذه البرامج لا يستحقون الالتحاق بالمدارس الرسمية العامة. في مخيمات اللاجئين، تدير منظمة "الإغاثة الدولية" برامج تعليمية تعويضية للأطفال الملتحقين بالمدارس العامة.[88]
يقدم المجلس النرويجي للاجئين برنامج تعليم مكثف في مخيمات اللاجئين للأطفال خارج المدارس في أعمار 8 إلى 12 عاما، ويحصلون على مقررات مدرسية مكثفة تغطي عامين في 8 "مستويات" من 8 شهور، من الصف الأول للسادس.[89] حتى أغسطس/آب 2015 كان 1550 طفلا فحسب هم من أتموا هذه البرامج والتحقوا بمدارس عامة.[90] لا تتوفر خارج المخيمات برامج تعليم غير رسمي تمكّن الأطفال من العودة للمدارس العامة، إلا للأطفال في سن 13 عاما فأكثر.[91]
مدارس الأونروا
يستضيف الأردن نحو مليوني لاجئ فلسطيني مسجلين لدى "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" في الشرق الأدنى (الأونروا). بينهم 17 ألف فلسطيني فروا إلى الأردن من سوريا من بعد 2011.[92]
عدد اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى الأردن القليل نسبيا يعكس القيود القاسية: منذ يناير/كانون الثاني 2013 منع الأردن بشكل منتظم توافد الفلسطينيين من سوريا على المملكة ورحل المئات منهم إلى سوريا.[93]
تقدم الأونروا المساعدات والخدمات للأطفال الفلسطينيين اللاجئين في الأردن وكذا للفلسطينيين الوافدين من سوريا، بما يشمل التعليم الأساسي من الفصل الأول إلى العاشر. فضلا عن الأطفال الفلسطينيين من سوريا، فإن هناك نحو 1700 طفل سوري انتقلت أسرهم إلى مخيمات لاجئين فلسطينية في الأردن التحقوا بدورهم بمدارس الأونروا.[94]
تعمل بعض مدارس الأونروا بنظام الفترتين بسبب الازدحام ولنقص الميزانية. نحو ثلث الأطفال الفلسطينيين اللاجئين يرتادون مدارس عامة أردنية، لا سيما من يعيشون بعيدا عن مدارس الأونروا.[95] هناك لاجئين آخرين مسجلين في المفوضية، بينهم 50 ألف عراقي ونحو 5000 صومالي وسوداني، ويعتمدون إلى حد بعيد على المدارس العامة الأردنية.[96]
دعم المانحين وخطط الأردن لتحسين إتاحة التعليم
يعتمد توفر التعليم للاجئين السوريين في الأردن على البرامج المعتمدة التي تديرها الحكومة، والممولة بشكل كبير من الدعم الإنساني الدولي. إضافة إلى التعليم الابتدائي والثانوي المجاني، فإن الأردن يوفر رعاية صحية مدعمة للاجئين السوريين ويدعم عددا من السلع الأساسية المتوفرة لجميع الناس في الأردن، وبينهم اللاجئين، مثل الخبز والوقود والمياه والكهرباء.[97] كما تعاني الخدمات البلدية من الضغوط جراء تزايد السكان.[98] في مايو/أيار 2014 أخبر الأردن الأمم المتحدة أنه سدد نحو 80 إلى 85 بالمائة من مبلغ الـ 4 مليار دولار المطلوب سنويا لخدمات اللاجئين السوريين.[99]
بحسب تقدير البنك الدولي عام 2016 فإن استضافة اللاجئين كلفت الأردن أكثر من 2.5 مليار دولار سنويا، ما يعادل 6 بالمائة من إجمالي الناتج القومي و25 بالمائة من العوائد الحكومية السنوية.[100] في 2015 قال مدير عام بوزارة التعاون الدولي إن تعليم اللاجئين السوريين في المدارس العامة يكلف 193 مليون دولار سنويا.[101] في 2014 أخذ الأردن قرضا بمبلغ 150 مليون دولار لتغطية نفقات تعليم اللاجئين ورعايتهم الصحية.[102] لعب المانحون دورا مهما في دعم التعامل مع أزمة اللاجئين.[103] يوفر الاتحاد الأوروبي نحو 25 مليون يورو (28 مليون دولار) سنويا دعما مباشرا لميزانية وزارة التربية، لصالح الطلاب السوريين والأردنيين.[104]
يوجد مانحون آخرون ساعدوا في تحسين البنية التحتية للمدارس العامة. ذكرت "وكالة المعونة الأمريكية" أنها مولت توسعة 20 مدرسة أردنية وافتتحت مدرسة جديدة في عام 2015، وأنه من 2016 إلى 2020 سوف تستثمر "230 مليون دولار في بناء 25 مدرسة جديدة و300 فصل رياض أطفال، مع توسعة 120 مدرسة قائمة وتجديد 146 مدرسة".[105] تعهدت كندا بـ 20 مليون دولار لتحسين تدريب المعلمين. وسع بعض المانحين كثيرا من البرامج التي كانت قائمة منذ قبل النزاع السوري، مثل برنامج "التعليم من أجل اقتصاد المعرفة" الإصلاحي على عدة سنوات، والذي منحه البنك الدولي من قبل 407.6 مليون دولار.[106]
لكن حتى الآن تعد المنح الأجنبية أقل من الاحتياجات.[107] في 2015 استوفى المانحون 62 بالمائة فحسب من مبلغ الاستجابة الإنسانية المطلوب في 2015 لصالح اللاجئين السوريين في الأردن، ما خلف فجوة بواقع نحو 453 مليون دولار.[108]
إجمالا، حصل الأردن على 180،974،150 دولارا في صيغة هبات بموجب خطط الاستجابة السورية بتنسيق الأمم المتحدة، لصالح قطاع التعليم في عام 2015، بما يشمل برامج موجهة نحو تعليم اللاجئين وكذلك مشروعات "القدرة على التأقلم" المقصود بها استفادة المناطق الأردنية التي تستضيف لاجئين.[109] رغم أن قطاع التعليم حصل على 85 بالمائة من التمويل المطلوب في عام 2015 للوفاء باحتياجات تعليم الأطفال السوريين اللاجئين، فإن الكثير من التمويل لم يصل في الربعين الثالث والرابع، ما يعني التأخر في التخطيط المناسب لاستخدام المدارس في العام الدراسي 2015 – 2016.[110]
يشكل تمويل التعليم 7.7 بالمائة من إجمالي المبالغ المطلوبة للدعم الإنساني في خطط الاستجابة الإقليمية بتنسيق الأمم المتحدة لصالح النزاع السوري، في كل من سوريا والأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر. 37 بالمائة فحسب من طلبات التمويل للتعليم في هذه الدول استوفيت في 2014، وكانت النسبة 20 بالمائة في 2015، ما يعني وجود فجوة بمبلغ 178 مليون دولار.[111]
في فبراير/شباط 2016 تعهد المانحون بـ 700 مليون دولار سنويا في شكل هبات وتمويل تنموي بشروط ميسرة للفترة 2016 إلى 2018 لدعم جهود الأردن الخاصة باستضافة اللاجئين، بما يشمل تمويل البنية التحتية التي تستخدمها المجتمعات الأردنية وبينها تلك التي تستضيف سوريين، مثل التعليم.[112]
III.معوقات التعليم
يفتقر الأردن إلى الموارد الكافية اللازمة لفتح وتشغيل ما يكفي من الفصول للأطفال السوريين، ولتوظيف وتدريب ما يكفي من المعلمين لتقديم تعليم عالي الجودة، أو تذليل المعوقات المالية المتصلة بالمدارس التي تحول دون التحاق الأطفال بها، مثل نفقات المواصلات.
في مايو/أيار 2016 أعلن المانحون واليونيسف عن اتفاق مع الأردن لتمويل 50 ألف مكان جديد في الفصول، جزئيا عن طريق 102 مدرسة جديدة بنظام الفترتين، وأيضا عن طريق تحسين تدريب المعلمين. كذلك اتفق الأردن مع المانحين على التوسع بدرجة كبيرة في برنامج للوصول للأطفال خارج المدارس في أعمار 8 إلى 12 عاما، وتمكينهم من العودة للمدارس العامة.
يمكن لهذه الخطوات أن تعالج العديد من معوقات التعليم التي يسلط التقرير الضوء عليها. لكن وكما نصف أدناه، فإن بعض السياسات الأردنية تمثل معوقات مستمرة تعترض حق الأطفال السوريين في التعليم بالمناطق المضيفة للاجئين.
سياسات التسجيل
بحسب السياسة الرسمية، وفي الأعوام من بعد افتتاح الأردن لمخيمات اللاجئين (بدءا من 2012) وحتى إغلاق الحدود في 2015، فإن اللاجئين السوريين الذين دخلوا الأردن أُرسلوا إلى مخيمات اللاجئين، ومنها يمكنهم التقديم على "الكفالة" بالاستعانة بقريب أردني يبلغ من العمر 35 عاما أو أكثر. من حيث الممارسة وقبل يوليو/تموز 2014 كان الأردن يسمح للاجئين الذين يغادرون المخيمات دون عملية الكفالة بالحصول على وثائق خدمة وزارة الداخلية المطلوبة للحصول على الخدمات الحكومية.[113]
لكن في يوليو/تموز، بدأت السلطات الأردنية في إنفاذ متطلبات عملية الكفالة بشكل أكثر حزما، وانتهت عملية الكفالة برمتها في 2015. غادر ما يُقدر بـ 45 بالمائة من السوريين مخيمات اللاجئين دون المرور بعملية الكفالة. لم يُسمح لهؤلاء اللاجئين بالتسجيل لدى مفوضية اللاجئين (ومن ثم الحصول على شهادات طلب اللجوء) أو الحصول على وثائق الخدمة،[114] ما يجعلهم غير مستحقين للحصول على المساعدات الإنسانية أو إلحاق الأطفال بالمدارس الحكومية.[115]
هناك عائلتان فحسب من 6 عائلات سورية انتقلت من مخيمات لاجئين إلى مناطق مضيفة للاجئين، ممن تمت مقابلتهم، في يوليو/تموز 2014 أو بعده، تمكنتا من إلحاق الأطفال بمدارس عامة. لكن فعلت كل من العائلتين هذا في ظروف استثنائية.
في الحالة الأولى، تمكنت عبير (30 عاما) التي خرجت أسرتها من مخيم الأزرق في أكتوبر/تشرين الأول 2014 دون المرور بعملية الكفالة، من إلحاق أطفالها الأصغر – توأم في سن التاسعة – بالمدارس؛ لأن المدير سمح بـ "استثناء خاص" إذ قبل وثائق الخدمة القديمة التي حصلت عليها الأسرة في 2013 عندما انتقلت للأردن من حمص، وكانت لمدة 5 شهور.[116] في الحالة الثانية، فإن غادة (30 عاما) قالت إنها لم تتمكن من تسجيل أطفالها الثلاثة في المدرسة الابتدائية بعد مغادرتهم الزعتري في أكتوبر/تشرين الأول 2014 دون الكفالة، إلا لأن مسؤول بوزارة الداخلية تربطه بها صلات ساعدها "لأنه رق لحال الأطفال".[117]
في الحالات الأربع الأخرى، قال الآباء إنهم لم يتمكنوا من إلحاق أطفالهم بالمدارس نظرا لافتقارهم للأوراق المطلوبة. في إحدى الحالات، غادرت رشا (التي تنحدر من الغوطة) سوريا في يونيو/حزيران 2014 وأرسلت إلى مخيم الأزرق. قالت إن أسرتها غادرت الأزرق في أغسطس/آب ذلك العام بعد إصابة ابنتها خديجة بحالة ربو صعبة.[118] لم يكن للأسرة أقارب أردنيين لكفالتهم، ولم يتمكنوا من تحمل كلفة الدفع لأردنيين آخرين لكفالتهم.[119] بما أن الأسرة غادرت المخيم بعد يوليو/تموز 2014 فهي ليست لديها شهادات طلب لجوء أو وثائق خدمة. انتقلت الأسرة إلى البقعة، وهو مخيم لاجئين فلسطيني على مشارف عمان، ولم يتمكنوا من إلحاق أطفالهم الثلاثة بالمدرسة. قالت خديجة:
حاولت تسجيل الأطفال في 3 أو 4 مدارس مختلفة لكنهم رفضوا جميعا. قالوا إن ليست لديهم أماكن شاغرة، أو أنهم بحاجة لأوراق الهوية [وثائق الخدمة]. عدم وجود بطاقات كانت مشكلة. لا يمكن للأطفال ارتياد المدرسة مثل الأطفال الآخرين. إذا لم تتوفر البطاقات فلا يوجد أي مكان متاح.[120]
قالت فرح (30 عاما) إن أطفالها الثلاثة التحقوا بالصفوف الأول والرابع والثامن بمخيم الزعتري، الذي أُرسلوا إليه بعد وصولهم إلى الأردن في أبريل/نيسان 2014، لكن لأنهم غادروا المخيم دون الكفالة في أغسطس/آب 2015 فهي لم تحاول إلحاقهم بمدرسة أخرى بالمدينة التي انتقلوا إليها نظرا لعدم حيازة الأوراق المطلوبة.[121] قالت فرح: "لم نحاول تسجيلهم في المدرسة لأن المدرسة ستطلب اظهار شهادات مفوضية اللاجئين الخاصة بهم".[122]
طبقا لعاملين بمنظمة إنسانية دولية، فمنذ أغسطس/آب 2014 وحتى أغسطس/آب 2015، غادر نحو 11 ألف شخص مخيم الأزرق دون كفالة، وثلثهم على الأقل أطفال في سن المدارس. بحسب السياسات الأردنية، فلا يمكن لأي من هؤلاء الأشخاص الحصول على مساعدات إنسانية أو الالتحاق بالمدارس.[123] في يناير/كانون الثاني 2015 جمد الأردن نظام الكفالة تماما، ما خلف اللاجئين في المخيمات دون سبيل قانونية للخروج إلى المناطق المضيفة للاجئين أو لإلحاق الأطفال بالمدارس.
في حالة أخرى، وصف رجل وفد إلى الأردن قبل يوليو/تموز 2014 ولم يسجل لدى مفوضية اللاجئين، صعوبة إلحاق أطفاله بالمدرسة. ناصر (53 عاما) جاء إلى الأردن في 2012 من دير الزور دون تسجيل لدى المفوضية أو الحكومة، و"لم يحصل على شهادات طالب لجوء مطلقا...".[124] لم يلتحق اثنان من أطفال ناصر في سن المدرسة بأية مدرسة في الأردن على الإطلاق، وتسرب اثنان آخران من المدرسة بعد انتهاء فترة عامين لم يتمكنا خلالها من المواظبة على الحضور نظرا لعدم توفر الأوراق المطلوبة. يخشى ألا يتمكن طفله الوحيد الباقي بالمدرسة من الالتحاق في العام المقبل. قال: "نخاف على مستقبلهم".[125]
"نظام التحقق المدني" ومتطلبات إصدار الوثائق الثبوتية
في مطلع 2015 بدأت الحكومة الأردنية في مطالبة جميع السوريين المقيمين خارج المخيمات بمعاودة التسجيل لدى وزارة الداخلية، ضمن مشروع يُدعى "نظام التحقق المدني".[126] يتطلب هذا من اللاجئين السوريين وغير اللاجئين الذهاب إلى مراكز الشرطة المحلية وتقديم وثائق ثبوتية، والحصول على وثائق خدمة جديدة من بينها بيانات بيومترية. هذه الوثائق مطلوبة للحصول على الرعاية الصحية المدعومة ولدخول المدارس العامة.[127]
من شأن نظام التحقق أن يسمح للاجئين الذين معهم شهادات طالب لجوء بتنظيم أوضاعهم والحصول على وثائق خدمة جديدة، حتى إذا كانوا قد غادروا المخيمات دون نظام الكفالة. لكن من غادروا المخيمات بعد يوليو/تموز 2014 دون كفالة غير مستحقين لهذا البرنامج.
هناك لاجئون آخرون غادروا المخيمات بعد يوليو/تموز 2014 قالوا إنهم تفادوا عملية التحقق لأنهم لم يتمكنوا من سداد الرسوم المطلوبة. في البداية ألزمت عملية إعادة التسجيل السوريين بدفع رسوم شهادات صحية من وزارة الصحة، وتوفر عقود الإيجار مختومة من البلدية ونسخة من بطاقة هوية صاحب العقار.[128] كان من المستحيل عملا على العديد من السوريين تحقيق هذه المتطلبات. تكلف شهادات الصحة 30 دينارا أردنيا (42 دولارا) لكل فرد في الأسرة أكبر من 12 عاما، وأغلب اتفاقات الإيجار شفهية وليست عقودا مكتوبة، وأصحاب العقارات الذين تخلفوا في سداد ضرائبهم يحجمون عن عرض أوراقهم الثبوتية في مراكز الشرطة.[129] فيما بعد خفض الأردن رسوم الشهادات الصحية على السوريين إلى 5 دنانير (7 دولارات) للشخص، وسمح للسوريين بعرض رسالة مفوضية اللاجئين التي تؤكد عنوانهم بدلا من اتفاق الإيجار أو أوراق هوية صاحب العقار.[130]
كما يتطلب نظام التحقق من اللاجئين السوريين عرض أوراقهم الثبوتية السورية من أجل معاودة التسجيل. لم يجلب بعض اللاجئين معهم أية أوراق.
كما أنه في الفترة من 2012 إلى 2014 سحبت السلطات الأردنية نحو 219 ألفا من هذه الوثائق من لاجئين سوريين في "مراكز الاستقبال" التي وفدوا عليها من سوريا، وخزنتها هناك.[131] في البداية صادرت سلطات الحدود جوازات السفر وأوراق الهوية، لكن احتفظت أيضا بشهادات الزواج و"دفاتر الأسرة" التي تصدرها السلطات السورية للمتزوجين وتذكر فيها أسماء الأطفال.[132] يمكن للسوريين الذين خرجوا بكفالة من مخيمات اللاجئين أو من يسعون للتسجيل مرة أخرى بموجب نظام التحقق، أن يطلبوا مساعدة المفوضية في الحصول على أوراقهم السورية من السلطات الأردنية. إجمالا، أعادت المفوضية والسلطات الأردنية 81 ألفا من هذه الوثائق لعائلات تقيم في المخيمات بنهاية عام 2014.[133]
أثناء عملية "إعادة التحقق" للاجئين في مخيم الزعتري في 2014، توصلت الهيئات المنفذة إلى أن "نحو 35 بالمائة من وثائق اللاجئين قد ضيعتها السلطات [الأردنية]".[134] يبدو أن بعض الوثائق قد استعيدت فيما بعد، بحسب عاملين بمنظمة إنسانية دولية، وفي أبريل/نيسان 2016 كانت نحو 930 وثيقة سورية فحسب هي التي تعد مفقودة.[135]
أدى التأخير في إعادة الوثائق للاجئين إلى عدم قدرة بعض العائلات على إلحاق الأطفال بالمدارس العامة. حسن (34 عاما) غادر وحدة بالجيش السوري قبل 3 شهور من بدء الانتفاضة في 2011، وقد فر إلى الأردن في 2013. حاول إلحاق ابنته البالغة من العمر 6 أعوام بالصف الأول في مدرسة عامة في عمان. قالت المدرسة الوحيدة في منطقته السكنية أن عليه تقديم أوراقها الثبوتية السورية لكي يقبلوها. قال: "لكن كنا قد تركنا الأوراق في مخيم الزعتري، ثم أرسلوها إلى [مركز استقبال] رباع السرحان".[136]
قال حسن إن الشرطة لم تسجل كفالته للخروج من المخيم، ما اقتضى عودته إلى المخيم، ثم إلى عمان لاستعادة أوراق الأسرة من مركزي شرطة مختلفين. قال حسن: "المشكلة أننا الآن متأخرين شهرا عن إلحاقها بالتعليم والمدرسة تقول إنه لم تعد هناك أماكن شاغرة".[137]
حتى 31 مارس/آذار 2016 كانت وزارة الداخلية قد أصدرت نحو 319647 وثيقة خدمة بيومترية جديدة لطالبي اللجوء السوريين المسجلين في المناطق المضيفة للاجئين، بالإضافة إلى 22623 وثيقة صدرت لسوريين غير لاجئين، نتيجة لنظام التحقق المدني.[138] لكن نحو 520 ألف طالب لجوء سوري مسجل يعيشون في مناطق مضيفة للاجئين، بحسب بيانات مفوضية اللاجئين، ما يعني أن أكثر من 40 بالمائة من اللاجئين ليس لديهم بعد وثائق خدمة جديدة وهذا بعد أكثر من 13 شهرا على إعلان السياسة التي تطالبهم باستصدار هذه الوثائق، منذ 15 فبراير/شباط 2015.[139]
تقتضي السياسة الأردنية الحالية استصدار السوريين لبطاقات خدمة جديدة من أجل تحصيل الخدمات الحكومية، ومنها التعليم والرعاية الصحية.[140] لم ينفذ الأردن هذه السياسة حتى الآن، وطبقا لعاملين بمنظمات إنسانية ومنظمات غير حكومية، فإن وزارة التربية قد تعهدت بعدم إنفاذ هذه السياسة في العام الدراسي 2016 – 2017.[141]
متطلبات العنوان
واجه بعض اللاجئين تأخيرات في إلحاق أطفالهم بالمدارس لأنهم انتقلوا إلى مساكن جديدة بعد الحصول على وثائق الخدمة، ولم يتمكنوا من تحديث بيانات تسجيلهم أو الحصول على وثائق جديدة، أو لم يكونوا على علم بكيفية القيام بذلك، ما أطال أمد فترة البقاء خارج المدرسة.
حليمة (50 عاما) فرت من الغوطة الشرقية في سوريا إلى الأردن عام 2013. كان أطفالها قد فاتتهم سنة مدرسية في سوريا بسبب النزاع.[142] حصلت الأسرة على بطاقات طالبي اللجوء الصادرة عن المفوضية السامية، لكنهم انتقلوا إلى سكن جديد ولم يتمكنوا من الحصول على شهادات أو وثائق خدمة جديدة وسارية في منطقة السكنى الجديدة، من وزارة الداخلية. نتيجة لهذا فإن الابن الأكبر فقط، حسن، هو الذي تمكن من الالتحاق بالمدرسة في خريف 2015، بعد للمجيء إلى الأردن بعامين. قالت حليمة: "زرت مدارس عديدة لكن لم يقبلوا تسجيله. يقولون: إذا كنت سورية لا يمكننا إدخال ابنك دون بطاقة هوية [أي وثيقة خدمة]". قالت إن مدرستين بالمنطقة التي انتقلوا إليها رفضتا إلحاق الأطفال لأن لم تكن معهم وثائق خدمة. مع عدم القدرة على ارتياد المدرسة في الأردن، راح أطفالها الثلاثة الأكبر يعملون بالبناء وطلاء المنازل.[143]
قالت نورا (25 عاما) إن أسرتها جاءت من الغوطة الشرقية في 2013 إلى مخيم الزعتري للاجئين، لكن غادرت بعد 10 أيام دون المرور بعملية الكفالة. عندما حاولت إلحاق ابنتها آية البالغة من العمر 7 أعوام بالصف الأول في مدرسة للأونروا في البقعة، وهو مخيم لاجئين فلسطينيين على مشارف عمان، طلبت المدرسة شهادة طلب اللجوء الصادرة عن مفوضية اللاجئين، وسِجل التطعيمات ووثيقة خدمة من وزارة الداخلية. "لكن الشيء الوحيد الذي يهمهم حقا هو المنطقة. المشكلة أنها [وثيقة الخدمة] مدون فيها عمان وليس البقعة".[144] بمساعدة سكان المخيم الذين "لهم صلات" على حد قول نورا، تمكنت أخيرا من إلحاق آية بالمدرسة، لكن كانت تخشى ألا تتمكن آية من الدخول في العام المقبل لأن مسؤولي المدرسة قالوا إنهم ينتظرون منها تغيير عنوانها في الأوراق الرسمية. لم تكن تعرف بالخطوات المطلوبة لتغيير العنوان.[145]
"قاعدة الثلاث سنوات" وصعوبة الحصول على تعليم غير رسمي
هناك نظام بوزارة التربية الأردنية – يُعرف بمسمى "قاعدة الثلاث سنوات" – يمنع أي طفل أردني أو سوري يتجاوز عمر أقرانه في الصف الدراسي المنشود بثلاث سنوات، من الالتحاق بالمدارس الرسمية.[146] تتباين كثيرا تقديرات أعداد الأطفال السوريين في سن المدارس غير المستحقين للالتحاق بمدارس عامة جراء هذا السبب، من 60 ألفا في ديسمبر/كانون الأول 2013 إلى 77 ألف طفل في يونيو/حزيران 2014.[147]
تقول السلطات الأردنية إن قاعدة الثلاث سنوات ضرورية للحفاظ على جودة التعليم. لكن استبعد هذا التنظيم العديد من الأطفال السوريين الذين كانوا خارج المدرسة في سوريا بسبب إغلاق مدارسهم أو تدميرها، أو لتعرض أهلهم للنزوح الداخلي في سوريا بسبب النزاع، أو للبحث عن عمل أو للانتقال من أجل تخفيف العبء عن أقارب يستضيفونهم.[148]
عدد الأطفال السوريين اللاجئين في الأردن الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس بسبب النزاع غير معروف، لكن تقدر هيئات الأمم المتحدة أن رُبع المدارس في سوريا، 6000 مدرسة، قد دُمرت أو لحقت بها أضرار جسيمة. والنزاع – الذي تسبب في مقتل 10 آلاف طفل من 2011 إلى 2013، وهو أخر تاريخ تتوفر فيه إحصاءات مُحققة – خلّف مليوني طفل في سوريا غير قادرين على ارتياد المدارس.[149] قالت أسرة لاجئة إن بعد خسارة أطفالهم لسنة مدرسية في سوريا، ونظرا لعدم توفر أماكن في مدارس الأردن، فقد مُنعوا من الالتحاق بمدارس لمدة عامين، ما يثير القلق إزاء "قاعدة الثلاث سنوات" التي قد تمنعهم من العودة للمدارس.[150]
اعتمدت الحكومة الأردنية مشروعا لمنظمة دولية غير حكومية هي "كويست-سكوب" بتدريس فصول مكثفة للأطفال في المناطق المضيفة للاجئين. لكن دون دعم كبير من المانحين للبرامج المكثفة لصالح الأطفال خارج المدارس، تبقى البرامج غير ممتدة إلى الآن سوى لبضع آلاف من الأطفال، بينهم أطفال أردنيين وسوريين.[151] قالت هيئة المعونة الأمريكية في فبراير/شباط 2016 إنها دخلت في شراكة مع "كويست-سكوب" لتوسيع نطاق التعليم غير النظامي إلى 28 مركزا جديدا ولإلحاق 1680 طفلا إضافيا خارج المدارس، ولتدريب معلمين (يُسمون "مساعدين") ولتعزيز البرامج في 115 مركزا كحد أقصى.[152] لم تتوفر البرامج لصالح الأطفال تحت 12 عاما وفوق 15 عاما، أو لأي أطفال مُنعوا من العودة للالتحاق بالمدارس بسبب قاعدة الثلاث سنوات. بعض الأطفال الذين حصلوا على تعليم غير رسمي مكافئ للصف العاشر في المدرسة العامة يستحقون الاستمرار في المدارس الثانوية، لكن من البيت بنظام التعليم عن بُعد.[153]
قالت 3 عائلات لاجئة على الأقل قابلتها هيومن رايتس ووتش إن الأطفال منعوا من الالتحاق بالمدرسة بسبب "قاعدة الثلاث سنوات". ربما كان العدد الإجمالي أكبر من ذلك، لكن لم تكن أي من العائلات تعرف بتفاصيل هذه القاعدة. إضافة إلى ذلك، لم يتمكن أحد منهم من الوصول لبرامج التعليم غير الرسمية اللازمة للعودة إلى التعليم الرسمي.
شمسة، من قرية قرب حلب، قالت إنها حاولت تسجيل ابنتها دعاء (12 عاما) وابنها أسد (11 عاما) في صفوف دراسية أدنى من مستواهما بعد فرارهم إلى الأردن في 2014 بحيث يتمكن الأطفال من "اللحاق". لم تكن دعاء قد أتمت سوى الصف الأول في سوريا، ولم يتم أسد أي صف دراسي. قال مسؤولون بالمدارس للأم إن الطفلين "كبيرين للغاية" على الالتحاق بالمدرسة.[154] قالت الأم عن أسد:
في قريتنا... كان أسد مصابا ببعض أنواع الحساسية وبالربو ففاته الكثير من التعليم. عندما جاء إلى الأردن لم يتم صفا دراسيا. هنا طلبت منهم وضعه في الصف الثاني، لكن قالوا إنه كبير على هذا المستوى. بكي لأنه كان يريد الذهاب للمدرسة.[155]
أحلام (31 عاما) قالت إن ابنتها الكبرى لمى (15 عاما) ظلت خارج المدارس 4 سنوات. عندما حاولت الأسرة إلحاقها بالمدرسة في الأردن لم تكن لمى "قد التحقت سوى بشهرين من الصف السابع في سوريا، لكن كان عليها أن تلتحق بالصف التاسع حسب عمرها".[156] قال مديرو المدارس في البداية إن لمى لا يمكنها الالتحاق بالمدرسة لأن لا مكان لمزيد من الطلاب، وفي العام التالي ظلت خارج المدرسة لفترة طويلة على الالتحاق. قالت أمها: "هي مخطوبة لرجل في عين الباشا وسوف تتزوج في 2016. لطالما أرادت الانتهاء من المدرسة أولا لكن منذ جئنا إلى هنا تغير كل شيء".[157]
نعيمة (14 عاما) من عائلة أخرى، أتمت الصف السادس في سوريا لكن لم تدخل أية مدرسة في الأردن، وكفت الأسرة عن محاولة إلحاقها بالمدرسة بعد أن قال المسؤولون بالتعليم إنها "كبيرة للغاية" على الالتحاق بالمدرسة.[158]
متطلبات عدم الالتزام والتوثيق المحلية
من أجل الالتحاق بمدارس عامة، يطالب الأردن اللاجئين السوريين بتقديم شهادات طالبي اللجوء الخاصة بهم ووثائق خدمة صادرة عن وزارة الداخلية. إضافة إلى ذلك، مطلوب منهم إثبات أن أطفالهم كانوا ملتحقين بالمدارس خلال السنوات الثلاث الماضية، وعلى الطلاب الساعين للالتحاق بالمدرسة الثانوية إظهار أنهم خضعوا لاختبار الصف العاشر في الأردن أو أن يثبتوا تلقي تعليم معادل لهذا في سوريا.[159]
لكن بعض مدراء المدارس رفضوا السماح لأسر سورية بإلحاق أطفالها بناء على معايير أخرى غير رسمية. سوزان (33 عاما) قالت إنها عندما حاولت إلحاق أطفالها الثلاثة في 2014 – 2015 بالمدارس في النعيمة، وهي بلدة قريبة من إربد، قال لها مدير المدرسة "هناك قرار حكومي بألا يتعلم الأردنيون مع السوريين".[160] حاولت مجددا في يناير/كانون الثاني أو فبراير/شباط 2015، على حد قولها: "لكن قال المدير إن وزارة التعليم رفضت طلبي".[161]
ليلى (33 عاما) من الغوطة الشرقية، تمكنت من عرض أوراقها الثبوتية السورية وشهادة طالب اللجوء الصادرة عن المفوضية لمسؤولي المدرسة عندما حاولت إلحاق ابنتها بيسان (13 عاما) في خريف 2013، لكن لم تكن معها شهادات ابنتها الرسمية التي تُظهر التحاقها بالصف الخامس في سوريا.[162] قالت إنه على هذا الأساس رفضت إدارة المدرسة في البداية التحاقها، ثم وفي اجتماع لاحق، عرضت عليها الإدارة إلحاق ابنتها بالصف الرابع. قالت: "رفض المدير نفسه أطفال شقيقتي خديجة دون إبداء أسباب". في النهاية ألحقوا الأطفال بمدرسة أخرى.[163]
في حالة أخرى، رفض المسؤولون في مدرسة بالمفرق إدخال هالة (7 أعوام) في خريف 2015 لأنهم قالوا إنه "لا يوجد مكان"، لكن بعد أن حاولت أمها مجددا "قالت المدرسة إن شهادة المفوضية الخاصة بها تذكر بالخطأ أنها ولدت في 2009" بدلا من 2008، وهو تاريخ ولادتها الصحيح.[164] قالت لنا المدرسة إن من الممكن تسجيلها إذا كان هناك إثبات على أنها كبيرة بالقدر الكافي، لكن علينا تصحيح مسألة خطأ البطاقة مع المفوضية أولا". إضافة إلى الأخطاء فإن وثيقة الخدمة الصادرة عن وزارة الداخلية الخاصة بها تذكر أنها وُلدت عام 2005. لكن حتى رغم أنها تبلغ من العمر 6 سنوات، وليس 7، فمن الواجب أن تكون الفتاة مستحقة للالتحاق بالمدرسة.[165]
عدم توفر شهادات الميلاد
يمكن أيضا أن يواجه طالبو اللجوء السوريون صعوبات في استصدار شهادات الميلاد الخاصة بأطفالهم، والتي من دونها لا يمكنهم الحصول على وثائق خدمة من وزارة الداخلية المطلوبة للحصول على الرعاية الصحية المدعومة، والمطلوبة أيضا لإلحاق الأطفال بالمدارس العامة لدى بلوغهم سن المدارس.[166] للحصول على شهادات الميلاد، على الآباء السوريين التقدم بطلب إلى دائرة الأحوال المدنية الأردنية، التي عادة ما تطلب منهم اظهار وثيقة خدمة سارية من وزارة الداخلية وكذلك إثبات أن الأبوين متزوجين. بعض الآباء يفتقرون لوثائق الخدمة للأسباب المذكورة أعلاه، في حين لا يمكن للبعض الآخر تقديم وثيقة تثبت الزواج.[167]
بعض الأزواج والزوجات الذين تزوجوا في سوريا فروا دون جلب شهادات الزواج معهم أو "دفاتر الأسرة" التي تصدرها الحكومة السورية للمتزوجين. في حالات أخرى صادرت السلطات الأردنية هذه الوثائق لدى دخول اللاجئين. هناك أزواج وزوجات آخرين تزوجوا في الأردن لكن لم يتمكنوا من تسجيل زواجهم لأنهم غادروا مخيمات اللاجئين دون الكفالة ومن ثم يفتقرون لأوراق الهوية السارية.[168] ولا يمكن للآباء الذين رزقوا بأطفال في سوريا وفروا قبل استصدار شهادات الميلاد السورية استخراج شهادات ميلاد أردنية. والآباء الذين لم يسجلوا ميلاد أطفالهم في ظرف عام عليهم رفع دعوى بالمحكمة للحصول على هذه الشهادات، وهي الدعوى التي ربما تكون باهظة الكلفة وتستهلك وقتا طويلا وتتطلب بعض الأوراق الثبوتية.
تقدر مفوضية اللاجئين أن في عام 2014 كان ما يناهز الـ 30 بالمائة من الأطفال السوريين اللاجئين في الأردن – وفي مارس/آذار 2016 كان أكثر من 108 آلاف من الأطفال السوريين قد ولدوا منذ 2011 – لم تكن معهم شهادات ميلاد.[169] يمكن أن يؤدي عدم حيازة شهادات الميلاد إلى منع عشرات الآلاف من الأطفال من الالتحاق بالمدارس في السنوات القادمة.[170]
طبقا لعاملين بمنظمة إنسانية دولية، فإن اللجان الخاصة المكونة من ممثلين عن وزارات الداخلية والتربية والعدل، ومسؤولين أمنيين، تجتمع أسبوعيا في مختلف مدن الأردن لتسوية حالات لسوريين دخلوا الأردن دون أوراق ثبوتية، وللنظر في حالات التسجيل الخاطئ للزيجات والأطفال.[171] في 96 بالمائة من الحالات سوت اللجان الخاصة المشكلة التي تنظرها، على حد قول العاملين بالمنظمة الإنسانية، لكن إجمالا، فإن بإمكان اللجان تسوية 35 حالة فقط في الأسبوع.[172]
الصدمة وعدم توفر موارد الصحة النفسية الكافية
توصل استطلاع كمي بتنسيق من الأمم المتحدة عام 2015 تناول الاحتياجات التعليمية للأطفال السوريين اللاجئين من ذوي الاحتياجات الخاصة في الأردن إلى أن عدم توفر المرافق اللازمة والرعاية التعليمية المتخصصة والآثار النفسية للنزاع السوري على الأطفال، كانت معوقات أساسية في التعليم. ذكر معلمون أردنيون أن التدريب على دعم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أمر ضروري.[173]
قال العديد من الآباء والأمهات السوريين إن أطفالهم شهدوا على ما يبدو أحداثا صادمة في سوريا، قبل الفرار إلى الأردن، بما في ذلك التعرض للاحتجاز.[174] في بعض الحالات أدت بهم هذه التجارب لعدم الالتحاق بمدارس في الأردن.
أحمد (15 عاما) تسرب بالفعل من المدرسة في سوريا وعمره 9 أعوام ليرعى متجر والده الصغير بعد احتجاز الأب، لكنه أراد العودة للمدرسة، حتى أدت تجارب النزاع "إلى تغيير شخصيته"، على حد قول والدته:
كان يحمل المقاتلين المصابين والجثث، وذات مرة حمل رأس ابن عمه. تم القبض على أبيه في 2011 واحتجز لعام ونصف. حاولت تسجيله في المدرسة [في الأردن] لكنه لم يرغب في الذهاب. لا يريد حتى الخروج من البيت.[175]
مايا (12 عاما) تشعر بضيق بالغ ودائم من ندبة جراء إصابة بشظية من معصمها حتى إصبعها، وتبلل فراشها ليلا، وليست ملتحقة بمدرسة، ولا تريد ارتياد مدارس، على حد قول أمها.[176] في حالة أخرى، وصف أب سوري كان يعيش قرب قاعدة جوية أردنية كيف أن التمارين العسكرية الأردنية "ترعب" أطفاله السبعة الذين رفضوا الخروج من البيت للمدرسة لعدة أيام.[177]
قدمت منظمات إنسانية منها "فيلق الرحمة" (Mercy Corps) ومراكز مكاني للأطفال والشباب المدعومة من اليونيسف، لعشرات الآلاف من اللاجئين في الأردن، خدمات الدعم النفسي في المناطق المضيفة للاجئين وفي مخيمات اللاجئين، ما يعتبر تحسنا كبيرا مقارنة بالتعامل الدولي مع أزمة تدفق اللاجئين العراقيين على الأردن في 2003.[178]
أعدت اليونيسف في 2015 تقييما لبرامج الدعم النفسي الخاصة بها في الأردن، وتوصلت الدراسة إلى استخدام المعايير الدنيا للصحة النفسية والدعم النفسي في الأزمات على النحو المناسب، كنقطة بداية وأداة تقييم، لكن توصلت الدراسة أيضا إلى أن مراكز الدعم مزدحمة ويجب أن تفتح أبوابها لفترات أطول، وإلى افتقار العاملين للتدريب الكافي للتعامل مع أمور من قبيل الولادة والزواج المبكر، وبالنتيجة فإن "كل العاملين تقريبا يبدو أنهم يواجهون صعوبات في تحقيق دورهم المطلوب، بالتعرف على والتصدي للاحتياجات الخاصة بالرعاية النفسية ورعاية الصحة العقلية". أحس بعض العاملين بأن الحالات الأكثر جدية التي تحتاج للإحالة لم يتم التعرف عليها في بعض الأحيان.[179]
في حين توجد حاجة إلى إتاحة الدعم النفسي المتصل لعدد أكبر من الأطفال السوريين، فإن هذا الدعم قد لا يكون كافيا لمعالجة الشعور بالاكتفاء الذاتي والإحساس بالأمل، جراء القيود على تصاريح العمل.[180]
بعض الأولياء الذين كان أطفالهم ملحقين بمدارس في الأردن قالوا إن الصدمة التي تعرضوا لها في سوريا أثرت كثيرا على قدرة الأطفال على الدراسة والتعامل مع المجتمع. كنوز (34 عاما، من حمص) قالت إن ابنها محمود الطالب بالصف الثالث في مدرسة عامة وعمره 9 أعوام: "حفظ الحروف [العربية] في سوريا، وأنه كان طالبا مجتهدا هناك، لكن الآن لا يمكنه التعلم" بعد أن احترق أطفال الجيران أثناء هجوم على قريتهم الصغيرة.[181] أضافت: "لا يريد ارتياد المدرسة. إذا أخذ واجبا ولا يتمكن من عمله يخشى أن يقع في مشكلة". والد محمود مفقود منذ 3 سنوات ويُفترض أنه قد توفي. حصل الصبي على دعم نفسي من "تير دي زوم" وهي منظمة غير حكومية، لكن قال لباحث هيومن رايتس ووتش: "كنت أحب مدرستي في سوريا".[182]
لا يتوفر دعم نفسي لأطفال هناء الثلاثة، الذين يعانون من مصاعب في التعلم بمدرسة حكومية في الأردن بعد أن رأوا منزل الجيران في سوريا ينفجر، ومن بعدها راحوا يتنقلون من بلدة إلى بلدة:
سقطت على بيتنا. كان خروجنا من هناك معجزة. فقد الصبية جميعا الوعي. لم نتمكن من النوم طوال الليل، ونحن نهرب من القصف.[183]
قال معلم في مدرسة ابتدائية بمخيم الزعتري إنه لم يحصل على تدريب للتعامل مع الأطفال المصابين – وبينهم طفل في مقعد متحرك وآخر فقد الرؤية بعد جراحة في العين – وأن من الصعب عليه التعامل مع "الأطفال المصدومين، الذين يتكلمون عن مشاعرهم بصوت مرتفع وفي أوقات لا يمكن التنبؤ بها، أو يلتزمون الصمت في الفصل". هناك صبي، على حد قوله: "وكأنه غير موجود. تكلمه ولا يزيد رده عن النظر بعيدا، دائما".[184]
تحديات تواجه التعليم الجيّد
يعد عدد الطلاب السوريين الكبير جزءا من تحدي ضمان جودة التعليم. حال الطلاب السوريين أسوأ بكثير في المدارس، عن حال الطلاب الأردنيين.
توصلت دراسة مشتركة صدرت عام 2015 عن الأطفال بين 9 و17 عاما، أعدتها منظمة العمل الدولية ومنظمة "فافو"، وهي مؤسسة بحث نرويجية، إلى أن:
- نحو 54 بالمائة من الأطفال السوريين ملتحقين بالمدارس الرسمية في مقابل 94 بالمائة من الأطفال الأردنيين في نفس الفئة العمرية.[185]
- لدى الطلاب السوريين تجربة تعليمية أقل من تجربة أقرانهم الأردنيين.
توصلت دراسة من عام 2014 إلى أن نحو 60 بالمائة من اللاجئين السوريين لم يستكملوا تعليمهم الابتدائي، مقارنة بـ 25 بالمائة من الأردنيين، في حين أن 42 بالمائة من الأردنيين أتموا التعليم الثانوي، في مقابل 16 بالمائة فقط من اللاجئين السوريين.[186] احتمالات استمرار الأردنيين في التعليم ما بعد الثانوي تبلغ 4 أمثال احتمالات تحصيل اللاجئين السوريين لنفس التعليم.[187]
يتباين مستوى البنية التحتية للمدارس كثيرا لكنه في أغلب الحالات متواضع سواء في المناطق المضيفة للاجئين أو في مخيمات اللاجئين. أنشأت وزارة التربية في مخيمات اللاجئين الأردنية واعتمدت مدارس رسمية تقدم منهجا معدلا من المنهج الأردني. تتباين جودة البنية التحتية للمدارس كثيرا داخل المخيمات. تفقدت هيومن رايتس ووتش مدرسة في المخيم الإماراتي الأردني كان في فصوله كهرباء ونوافذ، ثم تفقدت مدرستين في الزعتري والأزرق دون كهرباء أو إضاءة أو تدفئة أو تبريد. في كل من المخيمات، كانت البنايات نفسها تستخدم للفتيات في الصباح وللصبية في المساء.
بسام الذي يدرّس عدة مواد دراسية لما مجموعه 120 طالبا في مخيم الزعتري، قال: "لا توجد مياه شرب في المدرسة، ولا طعام أو كهرباء"، ما يعني أن تبقى الفصول عرضة لحرارة الصحراء في أواخر الربيع ومطلع الخريف، وللطقس شديد البرودة في الشتاء".[188]
تعاني بعض المدارس في مخيمات اللاجئين وفي المناطق المضيفة للاجئين من الازدحام. مروان (طالب عمره 12 عاما بالصف الرابع في المفرق) ملتحق بالفترة المسائية بمدرسة حكومية، حيث يتواجد في العادة 30 طفلا في الفصل، لكن "أحيانا ما يجمع المعلمون بين حصص اللغة العربية والعلوم، لنأخذ الحصة معا".
عند دمج الحصص... فإن الأطفال الآخرين الذين يحضرون إلى الفصل يجلسون على الأرض، وأحيانا يضطرون للوقوف. لا يحدث هذا طوال الوقت، لكن ربما في 3 أيام كل أسبوع.[189]
قالت الأم إنه لا يتعلم كثيرا هو أو شقيقه: "وكأنهما لا يذهبان للمدرسة".[190] وصف معلمون في مدارس بمخيمات اللاجئين الازدحام، حيث يتواجد في الفصل الواحد ما يصل إلى 50 طالبا، مع تواجد طلاب من أعمار متفاوتة في الصف الواحد، ما يجعل من المستحيل عليهم الوصول لكل طفل من الأطفال بمستوى التعليم المنشود.[191]
يحصل الأطفال في المدارس ذات الفترتين على ساعات تعليم أقل من الأطفال في المدارس الحكومية الأخرى ذات الفترة الواحدة. تقدم مدارس الفترة المسائية في المناطق المضيفة للاجئين وجميع الفصول في مخيمات اللاجئين – والتي يحضرها الأطفال السوريون اللاجئون فحسب – موادا دراسية أقل من المتوفرة في الفترات الصباحية ومدارس الفترة الواحدة، التي يحضرها أطفال أردنيون وسوريون. وقت الدراسة المكثف كان ضروريا إبقاء الحصص قصيرة بما يكفي لتشغيل فترتين، لكن أدى هذا إلى نظام تعليمي مزدوج، يقدم تعليما بجودة أقل للطلاب السوريين والأردنيين في مدارس الفترتين، وللطلاب السوريين في فترات المساء تحديدا. يدرس بسام للصف السابع في مدرسة حكومية معتمدة في مخيم الزعتري. وصف الاختلافات في البرامج المدرسية:
ندرس الإنغليزية والعربية والدين والتاريخ والرياضيات والفيزياء والعلوم لكن لا ندرس الكيمياء أو الرياضة البدنية كما نفعل في المدارس العادية. في المدرسة العادية، تكون مدة كل حصة 45 دقيقة، لكن هنا هي 30 دقيقة. عادة ما تكون هناك مدة 5 دقائق راحة بين الحصة والأخرى، حتى يتم تغيير المدرس، بالإضافة إلى فسحة للغداء مدتها 30 دقيقة. هنا لا توجد أوقات راحة أو فسحة. يأكل الطلاب في الفصل. وتبلغ مدة كل حصة 25 دقيقة فقط.[192]
قال بسام ومسؤول إداري في مدرسته إنهما لا يعرفان بأية زيارات من جهات رصد أو مراقبة خارجية ترصد مستوى الجودة.[193] قال بسام إنه لم يحصل على "أي نوع من التدريب" قبل أن يبدأ التدريس:
نشرت وزارة التربية إعلانا تقول فيه إنها تحتاج لمعلمين في المخيمات. عندما تقدمت للوظيفة طلبوا الاطلاع على أوراقي الثبوتية [وثيقة الخدمة] وشهادتي الجامعية فحسب. ثم فجأة اتصلوا بي وقالوا: "ستذهب إلى المخيم الآن". أحسست بالصدمة. لم يكن هناك أي وقت لتحضير خطة تدريس أو حتى تحضير كتبي. لم أكن أعرف أين تقع المدرسة.[194]
المعلمون الأردنيون في المدارس العامة موظفون حكوميون يجب أن يحصلوا على تدريب المعلمين، وينقسم إلى تدريب في الفصل وتدريب أثناء العمل، ولقد دعم المانحون مشروعات لزيادة عدد المعلمين المدربين في أكاديمية الملكة رانيا للمعلمين.[195] من حيث الممارسة ما زال لم يحصل الكثير من معلمي المدارس العامة على التدريب الكافي.[196] يتم استخدام معلمي "الفترة المسائية" في المدارس الحكومية بالمناطق المضيفة للاجئين وفي مخيمات اللاجئين بعقود مؤقتة، ويجب أن يحصلوا على 10 أيام تدريب، لكن من حيث الممارسة يحصلون على تدريب أقل، أو حتى وكما في حالة بسام، لا يحصلون على أي تدريب بالمرة.[197]
لا ينال المعلمون في الفترات المسائية أي تأمين صحي أو إجازات مدفوعة الأجر أثناء الشتاء أو عطلة الصيف المدرسية. قال بسام: "يأتي ويرحل هنا الكثير من المعلمين. من يبقون هم المعلمون المتقاعدون الذين يعيشون على معاش التقاعد في الأغلب. لكن الأصغر سنا لا يبقون طويلا إذا وجدوا فرص عمل أفضل. غادر عدة معلمين هذا العام بالفعل". قال هذا في أكتوبر/تشرين الأول 2015 بعد نحو شهر من بداية السنة الدراسية.[198]
للمعلمين الأردنيين الذين علموا أطفالا سوريين في مناطق مضيفة للاجئين خبرات متباينة، لكن بعض من قاموا بالتدريس في مناطق فقيرة نسبيا وحضرية وصفوا فصولا أقل ازدحاما ومرافق أفضل في مخيمات اللاجئين.[199] قال آباء كان أطفالهم ملتحقون بمدرسة في الزعتري قبل مغادرة المخيم إن المناطق المضيفة للاجئين توفر فرص تعليم أعلى جودة، بما يشمل فترات التدريس المسائية.[200]
في أبريل/نيسان 2016 اتفق عاملون بمنظمات إنسانية دولية وهيئات مساعدات أجنبية وفي وزارة التربية مبدئيا على ضمان حصول جميع المعلمين بالفترات المسائية في المناطق المضيفة للاجئين ومخيمات اللاجئين على ما لا يقل عن 10 أيام تدريب.[201] حتى يوليو/تموز كانت وزارة التربية قد اتفقت على زيادة مدة الحصص للأطفال في الفترات الصباحية إلى 30 ساعة أسبوعيا.[202] لكن القيام بذلك يعني تقليص ساعات التدريب الأسبوعية للأطفال في الفترات المسائية، مع تعويض الوقت المفقود بـ 6 ساعات تدريس أيام السبت، ما يعني حصول الطلاب في الفترة المسائية على 21 ساعة تعليم أسبوعيا، وهو نفس الوقت المتاح لهم سابقا.
وصفت هيئة مانحة أجنبية أيضا مشروعا جاريا لتقييم الجودة بالمدارس الأردنية، الذي وحتى أبريل/نيسان 2016 كان قد تم الانتهاء من مرحلته المبدئية ومن عمل الاستبيانات الكمية للمتابعة بناء على استمارات استطلاع رأي، ومناقشات جماعية، وزيارات للمدارس، وهو يشكل الأساس الذي استندت إليه إجراءات تحسين جودة التعليم.[203]
إقصاء المعلمين السوريين
يعد المعلمون السوريون المؤهلون الذين فروا إلى الأردن موردا لم يستخدم، يمكن أن يساعد في الوفاء باحتياجات المزيد من المعلمين. كما تشير البحوث إلى أن إشراك المعلمين من تجمعات اللاجئين في التعليم يمكنه تحسين أداء الطلاب الذين خبروا نفس ما خبره المعلمون، مع تقديم دعم أكبر لإشراك المجتمع المحلي والأولياء في التعليم.[204]
توصل تقرير صادر عن "معهد السلام الدولي"، في مايو/أيار 2015، إلى أن الافتقار للتمويل اللازم لاستخدام معلمين أردنيين مؤهلين لصالح الأطفال السوريين "يطيل بقاء الأطفال والشبان اللاجئين خارج التعليم الرسمي [و] يؤدي إلى خطر تسرب النشء السوري من التعليم الرسمي".[205]
بموجب القوانين الأردنية، فإن المواطنين الأردنيين فحسب – الملتحقين بنقابة المعلمين – هم الذين يمكنهم العمل بالمدارس. سمح الأردن لعدد من اللاجئين السوريين بتولي وظيفة "مُساعد" للمساعدة في إدارة فصول مدارس مخيمات اللاجئين المزدحمة بأكثر من 45 طالبا، لكن بخلاف هذا فهو يمنع اللاجئين المؤهلين كمعلمين من سوريا من التدريس. في عام 2015 كان هناك نحو 200 مُساعد ومساعدة سوريين في مدارس مخيمات اللاجئين.[206]
في حين أن عدد المعلمين السوريين المؤهلين في الأردن غير معروف، فإنه وبشكل مجمل، فقدت المدارس السورية أكثر من 52 ألف معلم و500 مستشار مدرسي بسبب النزاع و"بسبب نقص فرص التطور المهني مع استخدام معلمين غير مؤهلين بعقود مؤقتة، وهو ما يضر كثيرا بتوفير التعليم عالي الجودة في الدول المضيفة للاجئين".[207]
في يوليو/تموز 2016 اتفقت وزارة التعليم الأردنية مبدئيا على السماح لما يصل إلى 1000 "مُساعد" سوري بالعمل بأجور يقدمها المانحون، في دعم الفصول في مدارس الفترة المسائية المزدحمة بالمناطق المضيفة للاجئين، خارج المخيمات. لكن الوزارة أشارت لأنها لن تسمح للمعلمين السوريين بالتدريس، بدعوى وجود قوانين لا تسمح بالتدريس سوى للأردنيين.[208]
العنف
تحرّش الأقران والمضايقات
المضايقات والعنف من قبل الأطفال الآخرين في الطريق إلى المدرسة وخارج أسوارها أدى ببعض الأطفال السوريين اللاجئين إلى التسرب من التعليم، واستغراق وقت أطول واتخاذ طرق بديلة للمدرسة، وإلى تبديل تصوراتهم عن المدرسة وتغيير آراء عائلاتهم في المناطق الأردنية السكنية المضيفة للاجئين. أفادت اليونيسف أن نحو 1600 طفل سوري قد تسربوا من المدارس في العام الدراسي 2015 – 2016 بسبب مضايقات من أقرانهم.[209] في المناطق المضيفة الأفقر، أحيانا ما يتصور السكان أن السوريين يضيقون على الموارد البلدية والتعليمية المحدودة بالفعل.[210]
فاطمة (12 عاما) هي الوحيدة من بين 3 أطفال في سن المدارس في أسرتها التي التحقت بمدرسة في الأردن، لكن سحبها أبواها من المدرسة.[211] تعاني فاطمة من مرض "ثلاسمية"، ويخشى أبواها أن يؤدي اعتداء عليها من أطفال آخرين – الذين يتعرضون لها بالمضايقات وهي في طريق عودتها من المدرسة إلى مخيم اللاجئين الفلسطينيين في البقعة شمال شرقي عمان – إلى الإضرار بها. قالت والدتها حنان:
أرسلنا فاطمة إلى مدرسة المضمار [في خريف 2014] وذهبت 20 يوما، لكن الأولاد ضربوها وقد خشينا أن تمرض. ضربوها وأخذوا منها كتبها وسحبوها من شعرها. قالت إنهم صاحوا فيها: "يا سورية، لماذا أنت هنا؟" لم نرسلها للمدرسة هذا العام. ذهبت مرتين لأتكلم مع المديرة، وقد وضعت حدا لمشكلة المضايقات داخل المدرسة، لكن الأولاد ينتظرون فاطمة خارج المدرسة.[212]
عبد العزيز (14 عاما) خرج من المدرسة في المفرق بعد فصل دراسي واحد لأن "الأولاد الأردنيين كانوا يضربونه" على حد قول والده.[213] جهاد شقيقه (16 عاما) قال إنه التحق بالصفين السابع والثامن في الأردن لكن خرج من المدرسة قبل خريف 2014 للسبب نفسه.
كان المعلمون في الأغلب يهددون بضربي فقط. كان الأولاد يضربونني. ضربوني خارج المدرسة، انتظروني خارجها. إذا رأى الأولاد "الأردنيون" سورياً، يقولون: "هات نقودك وإلا نضربك". كرهت التعرض لهذا. ذهبت إلى المعلم فقال: "ما يحدث خارج المدرسة ليس مشكلتي".[214]
ناصر (53 عاما) والد الصبي، جلب اسرته إلى الأردن من دير الزور في 2012. بحسب ناصر لم يتابع أي مسؤول بالمدرسة مع الأسرة بعد خروج جهاد وعبد العزيز منها.[215]
هناك عائلة سورية أخرى في المفرق وصفت كيف أن طفلا أردنيا كان "ينتظر [أطفالنا] على الطريق إلى المدرسة ويقول: "ليست للسوريين". حدث عدة مرات أن "جلب 10 أطفال أسلاك كهربائية وضربوا الأطفال السوريين" وبينهم الشقيقان فايز (13 عاما) ومروان (10 أعوام). ترى أم الطفلين إن نظام الفترتين في المدرسة جزء من المشكلة.
هذا لا يحدث لكل العائلات في الأردن، في المدارس التي يرتادها أطفال [سوريون وأردنيون] معا. نظام الفترتين هنا هو المشكلة، فالأطفال يشعرون باختلاف بعضهم عن بعض. كل طفل سوري في المفرق يتعرض للضرب طوال الوقت.[216]
قال بعض الأطفال إنهم اضطروا للذهاب للمدرسة من طرق طويلة بديلة لتفادي التعرض لضرب الأطفال الآخرين أو حتى منع البالغين لهم. محمد (9 سنوات) ملتحق بالصف الثالث بمدرسة في السلط، وهي مدرسة لا تعمل بنظام الفترتين، والأطفال فيها أردنيون وسوريون. قالت سلسبيل شقيقته (11 عاما) التي تسير إلى المدرسة معه: "أحيانا ينتظره الأولاد الآخرون لدى بوابة المدرسة لضربه".[217]
يوجد دائما شجار، وأحيانا يضربونه ضربا مبرحا. وهناك امرأة تخرج مع أولادها لقطع الطريق الذي يستخدمونه للذهاب إلى المدرسة. تخرج إلى الطريق بنفسها وتقول: "هذا الطريق ليس للسوريين". وأحيانا تصيح: "ابقوا في بيوتكم يا سوريون".
يمر الأخ وأخته عبر طريق طويل إلى المدرسة حاليا "لتفادي التعرض للضرب" على حد قول محمد. تقول هناء، أمهما، إن سلوكهما قد تغير. "أصبح محمد وسلسبيل عدوانيين للغاية ومزاجهما متعكر دائما بعد المدرسة. أصبحا يسبان كثيرا، ويضربان بعضهما، وهو ما لم يكن يفعلانه من قبل بالمرة".[218]
استمر أطفال آخرون في ارتياد المدارس، رغم العنف الذي يترصدهم على الطريق. عبد الرحمن (12 عاما ومصاب بإعاقات بدنية وذهنية) ما زال يذهب للمدرسة حتى بعد أن رماه الأطفال بحجر خارج مدرسته في الزرقاء، لأن شقيقه الأكبر طلال كان يسير معه ليوفر له بعض الحماية.[219]
قال أخصائيون تربويون بأن مدارس الفترتين كانت ضرورية لإلحاق طلاب سوريين أكثر على المدى القصير، لكن اختلاط الأطفال الأردنيين بالسوريين في الفصول نفسها من شأنه تقليل معدلات التوتر بين هذه الفئة وتلك، بما يشمل تقليل معدلات تحرش الأقران والمضايقات.[220] قال عاملون بمنظمات إنسانية وهيئات مساعدات أجنبية تابعة لدول إنهم يدعمون خطة مقترحة من وزارة التربية للانتقال من نظام الفترتين إلى المدارس المدمجة في عام 2019.[221]
العقاب البدني
كان العقاب البدني موجودا في المدارس الأردنية من قبل الأزمة السورية. خلصت دراسة بتكليف من اليونيسف تمت عام 2007 إلى أن 57 بالمائة من أطفال المدارس تعرضوا لإساءات بدنية من قبل مسؤولين بالمدارس، بمتوسط 10 مرات شهريا.[222] بدعم من وزارة التربية الأردنية والملكة رانيا، دشنت اليونيسف حملة على مدار 3 أعوام ضد العنف في المدارس، بدءا من 2009، وتهدف إلى تقليل معدلات العنف بالمدارس بحلول عام 2012.[223]
لأن الفصول كثيرا ما تكون مزدحمة بالطلاب، فإن الطلاب في الفصل نفسه لديهم مستويات متفاوتة من التعليم، وربما كان بعضهم قد قضى فترات طويلة خارج المدرسة أو تعرض للصدمة. كما أن المعلمين في هذه الحالة أقل خبرة نسبيا وأقل تدريبا، مع زيادة العقاب البدني في الفترات المسائية، بحسب أخصائي حماية أطفال في منظمة غير حكومية تدير برنامجا تعليميا في الأردن.[224] لاحظت وزارة التربية في يناير/كانون الثاني 2016 أن: "عنف المدارس مشكلة عامة [...] لا سيما في مدارس الأولاد"، وطلبت المزيد من دعم المانحين لتقليص "العنف المتزايد" عن طريق تدريب المعلمين.[225] أفادت اليونيسف في مايو/أيار 2016 بأن 78 في المائة من الآباء السوريين الذين معهم أطفال في المدارس العامة يشتكون من استخدام المعلمين للعنف البدني.[226]
يحظر الأردن العقاب البدني في المدارس. المعلمون الذين يخالفون هذه القاعدة يمكن فسخ عقودهم.[227] لكن "لا يوجد إنفاذ لهذه القاعدة ضد المعلمين في المدارس الأردنية" على حد قول أحد العاملين بمنظمة غير حكومية، وقد أضاف أن الإنفاذ في مدارس الأطفال الفلسطينيين التابعة للأونروا "أفضل بكثير"، وهي مدارس يرتادها أطفال سوريون وفلسطينيون من سوريا، وتوفر اليونيسف تدريبا على التأديب الإيجابي للمعلمين بها، لإدارة الفصول دون الحاجة للعنف الشفهي أو البدني. بشكل عام فإن العاملين بالمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية الذين يعملون مع عائلات سورية قالوا إنهم تلقوا شكاوى أقل بشأن العقاب البدني من مدارس الأونروا، عن الشكاوى التي تصل من المدارس الأردنية الحكومية.[228]
قال معلم للصف السابع بمدرسة في مخيم الزعتري إن المعلمين هناك يستخدمون العقاب البدني بشكل مستمر، بسبب نقص التدريب على إدارة الفصول والإحساس بالإحباط من أجواء العمل بالفصول. قال: "بعض المعلمين يحترمون الصبية الذين بدأت شواربهم في النمو. لكن البعض الآخر يضربون الأطفال على أيديهم بالعصي والخراطيم المطاطية".[229] قال المعلم إنه وزملاؤه لم يحصلوا على أي تدريب يخص تعليم الأطفال السوريين اللاجئين، وأن بعض المعلمين لم يحصلوا على أي تدريب بالمرة.[230]
رقية (33 عاما) من قرية حولة القريبة من حمص، قالت إن المعلمين في مدرسة أردنية ابتدائية حكومية ضربوا واحدة من بناتها (سوسن، 9 أعوام) عندما نست أن تحضر كتابا، وأن ابنتها الأخرى (روعة، 11 عاما) أحست بالتمييز ضدها في المدرسة التي ترتادها مع بنات سوريات وأردنيات لأنها تُعاقب بشكل مجحف وبغلظة.[231]
إبراهيم طالب في الصف الثاني بمدرسة حكومية في المفرق، قال إن المعلمين في مدرسته "يضربون الصبية المزعجين، ويستخدمون عصى" طولها قدمين ونصف تقريبا.[232] أحمد صبي عمره 12 عاما في الصف الرابع بمدرسة أخرى في المفرق، قال إن المعلمين يضربون الطلاب "كل يوم تقريبا" باستخدام أيديهم.[233] مروان (12 عاما) قال إن معلم الصف الرابع في مدرسته بالمفرق كان يضربه على رأسه "بماسورة حديدية، لكن فقط عندما أخطئ".[234] عبد الرحمن (12 عاما) وشقيقه طلال (11 عاما) قالا إن المعلمين في الزرقاء يضربوهما. قال طلال: "المعلمون ليسوا طيبين، فهم يضربونني بخرطوم. أكره حصة الرياضيات لأن المعلم يضربني كثيرا".[235]
معوقات اقتصادية
قيود على العمل
تؤدي عوامل من قبيل عدم قدرة اللاجئين السوريين على استصدار تصاريح للعمل بشكل قانوني، والأجور المتدنية الاستغلالية، وعدم تحصيل الأجور بالنسبة للكثيرين ممن يعملون بصفة غير رسمية، إلى زيادة اعتماد العائلات على الأطفال في كسب الدخل، وهو ما يؤثر بدوره على تعليمهم، إما بمنعهم من الالتحاق بالمدارس أو اضطرارهم للتسرب من التعليم.
يمنع الأردن السوريين الذين يدخلون المملكة بشكل غير نظامي أو من يعيشون في مخيمات اللاجئين من التقديم على طلبات تصاريح العمل. كما أن الأنظمة الأردنية المنطبقة على العمال الوافدين تعني أن على السوريين إظهار أن لديهم مهارات متخصصة وألا يتنافسوا على الوظائف مع الأردنيين المستحقين لتصاريح العمل، وهو أمر مستحيل في العديد من الوظائف قليلة المهارات.[236] كما أن بعض المهن والوظائف مغلقة لغير الأردنيين، وفي جميع القطاعات توجد نسب مخصصة للموظفين الأجانب لا يجب تعديها.[237] كما أن الكثير من السوريين يعتبرون تصاريح العمل باهظة الكلفة للغاية، فلابد من تجديد التصريح سنويا بتكلفة تتراوح بين 170 و370 دينارا أردنيا (240 إلى 522 دولارا) وبحد أقصى 700 دينار (986 دولارا) بحسب القطاع ونوع العمل.[238]
يطالب القانون الأردني أصحاب العمل بسداد رسوم تصاريح العمل، إلا أن العاملين يضطرون للسداد، ولا يمكن لأغلب اللاجئين السوريين تحمل هذه الكلفة.[239] الحد الأدنى للراتب الشهري في الأردن هو 190 دينارا (265 دولارا) للمواطنين و150 دينارا (210 دولارا) للعمال الوافدين.[240] بعض اللاجئين السوريين من ذوي المهارة والخبرة قالوا إن بسبب عدم قدرتهم على استصدار التصاريح اللازمة لممارسة مهنهم فقد لجأوا إلى العمل الزراعي الموسمي الذي لا يتطلب مهارات خاصة في الأردن. قال كهربائي سابق إن الحاجة للتنقل وراء موسم الحصاد اقتضت منه الانتقال سبع مرات في ظرف عامين، مع عدم قدرته على إلحاق أطفاله الثلاثة في سن المدارس بالمدرسة.[241]
على اللاجئين السوريين مثل العمال الأجانب الآخرين أن يكفلهم أيضا صاحب عمل أردني، وأن تكون معهم جوازات سفر سورية، وأن يستوفوا المتطلبات الإدارية ومنها عمل كشف أمني عليهم وهي عملية استغرقت 6 أشهر في حالة وثقتها منظمة العمل الدولية.[242] يمكن أن يواجه السوريون الاستغلال من قبل أصحاب العمل والتوقيف من قبل الشرطة إذا تم اكتشاف عملهم دون التصاريح التي يطالب بها الأردن لكافة الوافدين، وبينهم اللاجئين.[243] الأردن الذي منع دخول الفلسطينيين من سوريا وحدد إقامة نحو 200 شخص في مخيم "سايبر سيتي" للاجئين، يمنع أيضا أغلبهم من الحصول على تصاريح عمل.[244]
بعض السوريين الذين يعملون بالأردن والمقدر عددهم بـ 120 ألفا إلى 200 ألف، دخلوا البلاد قبل النزاع، بموجب اتفاق تعاون قوة العمل الموقع بين البلدين في 2001، لكن أغلبهم يُفترض أنهم لاجئين دون تصاريح عمل.[245] تقدم عدد قليل من السوريين بطلب تصاريح بسبب كلفة التصاريح الكبيرة وصعوبة الطلبات المتصلة بها.[246] عدد السوريين الذين لديهم تصاريح عمل بالنسبة للعائلات المقيمة خارج مخيمات اللاجئين يبلغ أقل من 1 بالمائة، بحسب تقديرات مفوضية اللاجئين في عام 2014.[247]
ذكرت وزارة العمل الأردنية أنه في بداية النزاع منحت اللاجئين السوريين الأولوية على الرعايا الأجانب الآخرين في التقدم لإصدار تصاريح العمل، لكن أغلبهم لم يكونوا من العمال المهرة أو المؤهلين وغير مستحقين للتصاريح للتنافس على الوظائف قليلة المهارات مع العمال الأردنيين. بنهاية عام 2013 كان 2600 سوري فقط هم من حصلوا على تصاريح عمل أردنية.[248] أصدرت الوزارة 5700 تصريح عمل لسوريين في 2014 لكن لم تمنح تصاريح عمل للسوريين الذين دخلوا بصفة لاجئين.[249]
قال مسؤولون أردنيون إن السماح للسوريين بالعمل سوف يؤدي إلى انخفاض أجور الأردنيين وإلى فقدان الوظائف الأردنية.[250] تبدو الأدلة على هذه الحجة غير قوية، من واقع تقديرات معدلات البطالة الأردنية من قبل وبعد بدء النزاع السوري.[251]
رغم أن السوريين تسببوا في اخراج بعض العمال الأردنيين من العمل بمجال الإنشاءات، فقد توصلت منظمة العمل الدولية ومؤسسة فافو إلى أن التنافس على الوظائف يحد منه أن السوريين على استعداد لقبول الوظائف والأجور وظروف العمل التي يرفضها الأردنيون.[252] كانت معدلات البطالة في أوساط السوريين في المناطق المضيفة للاجئين تبلغ نحو 57 بالمائة في 2015، بحسب دراسة.[253]
توقف الشرطة الأردنية السوريين جراء العمل بصفة غير قانونية في المناطق المضيفة للاجئين، وقامت في بعض الحالات بنقلهم قسرا إلى مخيمات للاجئين وبينهم أطفال. أكثر من ثلث 15900 "عامل وافد غير قانوني" أوقفوا في الأردن من يناير/كانون الثاني إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2013 كانوا سوريين، كما ورد في بيان صحفي للحكومة.[254] ورد في بيان صحفي لاحق للحكومة إن السلطات "جمعت" 23 ألف عامل وافد بسبب العمل دون تصاريح في 2013، لكن لم تحدد كم بينهم من السوريين.[255] أغلب الموقوفين من الرجال، ويعمل ويبحث عن عمل رجال سوريون أكثر من النساء السوريات.[256] كذلك أوقفت الشرطة الأردنية أطفالا سوريين لاجئين. في عام 2015 قال عامل بمنظمة غير حكومية إن مركزا للأطفال غير المصحوبين ببالغين في مخيم للاجئين كان فيه 130 طفلا نقلوا إليه دون عائلاتهم بسبب العمل دون تصاريح.[257]
وصف عدة لاجئين إجبارهم على توقيع تعهدات بعدم العمل بعد توقيفهم على يد الشرطة الأردنية، وإلا سيتم إرسالهم إلى المخيمات.[258] هناك رجل سوري أمي أوقف بسبب عمله، قال إن الشرطة أخبرته بأن عليه توقيع تعهد بعدم العمل – رغم أنه لا يمكنه القراءة – وأنه إذا تم توقيفه ثانية، فسوف يضطر لسداد 500 دينار (700 دولار) وقضاء 12 يوما في الحبس، وإنه إذا لم يتمكن من السداد فسوف يُرحل إلى سوريا.[259]
رغم خطر التوقيف، فقد قال العديد من السوريين في المناطق المضيفة للاجئين إن لا بديل أمامهم سوى العمل غير القانوني. هناك دراسة كمية لمنظمة العمل الدولية صدرت عام 2015 توصلت لأن نحو 60 بالمائة من العائلات السورية اللاجئة في المناطق المضيفة للاجئين ذكرت أنها تجمع بعض الدخل من العمل غير الرسمي، لكن بالنسبة لثلثي العائلات كان دخل الأسرة الشهري المبلغ به يقع في فئة من 1 إلى 199 دينارا (1.440 إلى 280 دولارا)، وأن هذه النقود تنفق على إعالة أسرة متوسط عدد أفرادها 10 أفراد.[260] على النقيض، في 2012، كان 12.4 بالمائة من العمال الأردنيين يربحون أقل من 200 دينار (280 دولارا) في الشهر، و1.4 بالمائة يربحون أقل من 100 دينار (140 دولارا).[261] أغلب السوريين الذين تمت مقابلتهم أثناء إعداد هذا التقرير، ممن ذكروا أنهم يعملون في الأردن، قالوا إنهم لا يجنون ما يكفي من نقود لتغطية المصروفات الأساسية كالإيجار والطعام.[262]
قال آخرون إنه رغم احتياجهم الملح للدخل الإضافي فلا يبحثون عن عمل خشية إعادتهم لمخيمات اللاجئين بسبب العمل دون تصاريح.[263] يوجد اقتصاد غير رسمي في مخيم الزعتري (نحو 80 ألف نسمة) ويبدو أن بعض سكان المخيم قادرين على العمل بمناطق قريبة.[264] كما أنه من الأسهل الحصول على المساعدات الإنسانية الدولية في مخيمات اللاجئين، وليس في المناطق المضيفة للاجئين.
لكن أغلب اللاجئين الذين تمت مقابلتهم قالوا إنهم يفضلون البقاء في المناطق المضيفة للاجئين. قالت امرأة: "أخاطر بأي شيء كي لا أعود" إلى الزعتري لأن "عندما يهبط الثلج تنهار الخيام".[265] وصف لاجئون ظروف أشد قسوة في مخيم الأزرق، وقالوا إنه نظرا لعزلته وصعوبة مغادرته بصفة غير رسمية، فمن الصعب للغاية العثور على أي عمل غير رسمي بقرب المخيم. قالت امرأة: "الحياة في الزعتري صعبة، والزعتري وكأنه باريس مقارنة بالأزرق. على الأقل به أسواق".[266]
وصف لاجئون سوريون وعاملون بمنظمات غير حكومية عدة حالات لترحيل الأردن، حسب الادعاءات، لرجال أوقفوا بسبب العمل دون تصاريح. في هذه الحالات كانت العائلات تتبعهم بعد ترحيلهم في بعض الأحيان. هناك متطوع أجنبي يعمل مع منظمة غير حكومية قال إن بعد ترحيل الأردن لسوري عمره 20 عاما أوقفته الشرطة بسبب العمل في أكتوبر/تشرين الأول 2014: "لم يعد أمام زوجته وأطفاله سبيل لكسب العيش، فغادروا بدورهم إلى سوريا".[267]
السوريون المعادون قسرا يعاني أطفالهم أيضا من خطر العودة للعنف في سوريا، وقد وصفته مفوضية اللاجئين أواخر عام 2015 بصفته منتشرا "في كافة أنحاء البلاد" وأنه من المرجح أن تؤدي العودة لانقطاع الأطفال عن التعليم، بما أن ربع المدارس في سوريا تقريبا قد دُمرت أو لحقت بها أضرار شديدة في الهجمات، مع استخدام بعضها كملاجئ أو لأغراض عسكرية.[268]
قال عدة آباء وأمهات إنهم أخرجوا أطفالهم من المدرسة قبل الفرار من سوريا بسبب خطر الهجمات أو بسبب إغلاق المدارس أو تدميرها في هجمات.[269] ينفي الأردن ترحيله لسوريين يعملون بدون تصاريح، ويقر بأنه إذا فعل هذا فسوف يخالف حظر الإعادة القسرية.[270]
حذرت منظمة العمل الدولية من أن الوضع الحالي – مع عمل أغلب اللاجئين السوريين خارج أي إطار قانوني – سوف يؤدي إلى "إضفاء طابع عشوائي" سلبي على سوق العمل الأردنية وسوف يؤدي لضغوط سلبية على الأجور في بعض القطاعات.[271] توصلت دراسة صدرت عام 2015 عن "تشاسام هاوس" إلى أن سياسة منع اللاجئين السوريين من العمل وإعالة أنفسهم، وإجبارهم على الاعتماد على المساعدات الدولية، هي سياسة تهدد "بتآكل الإمكانات الاقتصادية الأردنية والاستقرار الاجتماعي".[272] يعني السماح لمزيد من السوريين بإعالة أنفسهم زيادة الإسهام الاقتصادي للسوريين في الأردن، وزيادة قدرتهم على إدخال أطفالهم المدارس.[273]
في مؤتمر للمانحين في 4 فبراير/شباط 2016 ذكرت الحكومة الأردنية أنها ستتخذ خطوات يمكن – بحسب دعم المانحين – "أن توفر نحو مائتي ألف فرصة عمل للاجئين السوريين [...] دون التنافس على الوظائف مع الأردنيين".[274]
تعهد الأردن بأنه بحلول صيف 2016 سيسمح للاجئين السوريين "بإضفاء الطابع الرسمي على أعمالهم القائمة وبإنشاء أعمال تجارية جديدة تولد الضرائب" و"كفالة نسبة معينة لإشراك السوريين" في المشروعات البلدية الممولة من مانحين، مع رفع "القيود التي تحول دون عمل الأنشطة الاقتصادية الصغيرة في المخيمات المضيفة للاجئين سوريين، وبالتجارة مع الناس خارج المخيمات".
يتنبأ البيان الأردني بأنه "ستتوفر نحو 50 ألف وظيفة في قطاعات مثل الإنشاءات والزراعة والنظافة" في مناطق "توجد فيها مشاركة أردنية منخفضة ونسبة عالية من العمال الوافدين". إضافة إلى هذا تعهد الأردن "بعمل التغييرات الإدارية اللازمة للسماح للاجئين السوريين بالتقدم للحصول على تصاريح العمل" القابلة للتجديد كل عام، للعمل في هذه المناطق وأيضا في مشروع "تجريبي" جديد من شأنه "تخصيص 5 مناطق تنموية" يعمل فيها السوريون والأردنيون معا.[275] لتهيئة السوق للسلع المنتجة بموجب الخطط الجديدة، وافق مجلس الاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز على تخفيف "قواعد المنشأ التفضيلية" لفترة 10 سنوات من أجل زيادة الواردات القادمة من المناطق التنموية المخطط لها.[276] بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين سبق أن أتاح الأردن ما يصل إلى 4000 تصريح عمل للسوريين بصناعة المنسوجات.
في مارس/آذار 2016 أصدر البنك الدولي قرضا بمبلغ 100 مليون دولار بفائدة متدنية لصالح الأردن، لتحفيز الإنفاق على تهيئة الوظائف لصالح السوريين والأردنيين.[277]
يبدو أن الإعلان الأردني الإيجابي في فبراير/شباط كانت له آثار غير مقصودة، لأن مفتشي وزارة العمل زادوا كثيرا من التوقيفات بعده، بسبب الفهم الخاطئ بأن العديد من التصاريح الجديدة للعمل قد صدرت بالفعل.[278] ردا على هذا أعلن الأردن فترة عفو 3 شهور بدءا من أبريل/نيسان، يمكن خلالها للسوريين التماس الحصول على تصاريح عمل مع عدم دفع الرسوم المطلوبة في العادة.[279]
أصدر الأردن 13 ألف تصريح عمل لسوريين قبل انتهاء المهلة في يوليو/تموز. توصلت منظمة العمل الدولية إلى أن عدد المتقدمين بطلبات التصاريح كان محدودا بسبب الحاجة لسداد رسوم التأمين وتوفر أصحاب عمل أردنيين بصفة الكفيل.[280] لم يكن لدى السوريين المستخدمين في العمل الزراعي أو العمل بالإنشاءات لفترات قصيرة عقودا مع أصحاب العمل، واستدان الكثيرون منهم لوسطاء ساعدوهم في استيفاء أوراق الكفيل، وهو الوضع الذي هيأ للاستغلال. وبدعم من منظمة العمل الدولية، تمكن نحو 2300 سوري من الحصول على تصاريح عن طريق التعاونيات الزراعية، وليس عن طريق أصحاب العمل.[281]
عمل الأطفال
تضر عدم قدرة اللاجئين السوريين على الالتحاق بعمل قانوني بقدرة أطفالهم على ارتياد المدارس. ناصر سائق شاحنة سابق عمره 53 عاما جاء إلى الأردن في 2012 من دير الزور، وهو عاطل عن العمل ولم تعد معه أية مدخرات.[282] قال ناصر إنه لم يتمكن من تحمل كلفة تصريح العمل الأردني كسائق، الذي يكلف مئات الدولارات سنويا. أطفال ناصر الأربعة – في سن المدرسة – لا يذهبون للمدرسة. قال ناصر إنه لم يود إلحاق أصغر أبنائه بلال بروضة أطفال، لكن لا يمكنه تحمل الرسوم. ابنه البالغ من العمر 17 عاما خرج من المدرسة في الصف الرابع في سوريا ولم يدخل مدارس في الأردن، ويساعد أسرته بعمله في محل لبيع السيارات. ابن ناصر البالغ من العمر 18 عاما لم يسبق له الالتحاق بمدارس في الأردن، وهو يبحث عن عمل.[283] أفاد مكتب اليونيسف في الأردن في عام 2016 بأن العمال الأطفال يُرجح تسربهم من التعليم بمقدار أربعة أمثال احتمالات خروج الأطفال الآخرين من المدارس.[284]
هناك نسبة كبيرة من الأطفال السوريين في الأردن يعملون أو يبحثون عن عمل، ورغم أن عمل الأطفال كان قائما في سوريا من قبل النزاع، فقد زادت معدلاته في أوساط الأطفال السوريين اللاجئين. توصلت الدراسات لأن معدلات عمل الأطفال في أوساط اللاجئين السوريين في الأردن تبلغ 4 أمثال المعدلات في سوريا ما قبل النزاع.[285] أكثر من ربع العائلات السورية تعتمد على الأطفال في كسب الدخل، ونحو النصف يعتمدون على عمل الأطفال في تحصيل بعض من دخل الأسرة، كما تبينت الدراسات.[286] أغلب الأطفال السوريين في المناطق المضيفة للاجئين يعملون 6 أو 7 أيام في الأسبوع، بحسب دراسة لمنظمة العمل الدولية، ويعمل ثلثهم أكثر من 8 ساعات يوميا، مقابل دخل يومي يبلغ 4 إلى 7 دولارات.[287]
نظرا لقلة عدد الأطفال الذين يمكثون بالمدارس أثناء عملهم، وبسبب ساعات العمل الطويلة، ولأن العديد منهم يعملون في أعمال خطرة، فقد توصلت منظمة العمل الدولية ومؤسسة فافو (Fafo) إلى أن "الأغلبية العظمى على الأرجح" من الأطفال السوريين العاملين يتعرضون لعمل الأطفال في خرق للمعايير الدولية.[288] في 2014 توصلت أعمال تفتيش وزارة العمل إلى تحديد 1060 طفلا عاملا، نصفهم لاجئون سوريون.[289] ورد في دراسة مشتركة لمنظمة العمل الدولية ومؤسسة فافو أن 37 بالمائة من الأطفال السوريين اللاجئين الذين يعملون في الأردن يعملون بمجال البناء و، وأن 48 بالمائة من الصبية بين 15 و17 عاما يعملون بمختلف الصناعات، في حين يوجد "احتمال كبير" بالخضوع لظروف عمل خطرة.[290] في مخيم الزعتري، فإن 75 بالمائة من الأطفال العاملين أفادوا بالتعرض لمضاعفات صحية ونحو 40 بالمائة أفادوا بالتعرض لإصابات أو أمراض أو اعتلال الصحة. في المفرق وفي غور الأردن، فإن 22 بالمائة من الأطفال العاملين تعرضوا لإصابات.[291] توصلت الدراسات في غور الأردن إلى أن 18 بالمائة من الأطفال السوريين العاملين بالزراعة تحت 12 عاما.[292] وفي الحضر فإن 34 بالمائة من الأطفال العاملين هم دون 15 عاما، بحسب دراسة.[293]
تعتمد العائلات السورية على الأطفال في كسب الدخل من أجل تغطية الضروريات مثل الإيجار.[294] قالت جميع العائلات التي قابلتها هيومن رايتس ووتش إنهم يفضلون إرسال أطفالهم لإتمام التعليم الابتدائي والثانوي بدلا من إرسالهم للعمل. لكن بالنسبة لـ 16 أسرة، كان عمل الأطفال هو مصدر الدخل المطلوب لسداد الضروريات.[295] كما أوضحت وزارة التعليم في يناير/كانون الثاني 2016:
تعتمد عائلات اللاجئين بشكل مطرد على عمل الأطفال في كسب الدخل، والنفقات الإضافية [المواصلات مثلا في حالة التعليم] تزيد من الأعباء المالية ومن معدلات التسرب من التعليم.[296]
كان عمل الأطفال في الأردن قائما من قبل النزاع السوري، فقد ورد في إحصاءات الأمم المتحدة لعام 2011 أن 0.8 بالمائة من الأطفال الأردنيين بين 5 و14 عاما كانوا يعملون. لكن توصلت الدراسات لأن معدلات عمل الأطفال السوريين تصل إلى 5 أضعاف عمل الأطفال الأردنيين.[297] جهات العمل في المدن الأردنية، المشمولة بالاستطلاع في عام 2014، زادت من تشغيل الأطفال بعد بدء النزاع: 84 بالمائة من أصحاب العمل قالوا إنهم يستخدمون أطفالا منذ عام أو عامين، مقارنة بـ 11 بالمائة فقط كانوا يوظفون أطفالا منذ 3 أو 4 سنوات.[298]
ينص القانون الأردني على 10 سنوات تعليم إلزامي، من سن السادسة إلى 15 سنة تقريبا. هناك نسبة أقل بكثير من الأطفال السوريين، مقارنة بالأطفال الأردنيين الذين يعملون أو يحاولون الحصول على عمل، ملتحقون بالمدارس.[299] قال لاجئون وعاملون بمنظمات غير حكومية إن الأطفال السوريين في المناطق الريفية في الأردن الذين يلتحقون بالمدرسة كثيرا ما لا يذهبون للمدرسة في الأسابيع أو الشهور الأولى من فصل الخريف الدراسي لأنهم يعملون بدوام كامل أثناء موسم الحصاد.[300]
ياسر (38 عاما) قال إن ابنه البالغ من العمر 12 عاما لا يرتاد المدرسة، إنما يعمل معه ومع زوجته في زراعة الطماطم.[301] قال: "أخبرني بالأمس أنه يريد العودة للمدرسة. تشاجرنا، قلت له: هذا مستحيل، عليك الذهاب للمزرعة، من الذي سيطعمنا؟" في ذروة موسم حصاد الطماطم، تأخذ زوجه ياسر أيضا أطفالها البالغين من العمر 7 و9 و10 سنوات للعمل بجني المحصول، "لكن أحيانا يطردهم المزارعون لأنهم صغار على العمل في الطماطم"، على حد قول ياسر. يعيشون مع 14 أسرة أخرى تقريبا من حماة في تجمع خيام خارج مدينة المفرق. لا تدفع العائلات إيجارا للأرض، وهو الإيجار الذين يقولون إنهم لا يمكنهم تحمله، لكن يدفعون للجيران الأردنيين رسوم الكهرباء والمياه التي تستهلكها الخيام. هذه العائلات مجتمعة مدينة بمبلغ 1200 دينار (1680 دولارا) ثمن كهرباء ومياه. قال ياسر: "لم يبقى لنا في حماة أي شيء. هذا بلدنا الآن".[302]
عندما يفتقر الزوج للدخل، يمكن ألا تتمكن النساء من تحمل كلفة رعاية الأطفال المطلوبة من أجل الخروج من البيت للعمل وسداد ما يصل إلى 350 دينارا (نحو 500 دولار) إيجار كل شهر في العائلات الكبيرة التي بها حتى 10 أطفال.[303] حليمة – التي يتواجد زوجها في سوريا مع زوجته الثانية – قالت إنها تعتمد على الدخل الذي يجنيه أبناؤها الأكبر، في سن 16 و17 عاما، الذين وجدوا أعمالا مؤقتة في بناء ودهان البيوت.[304] يعمل الشقيقان من 6 صباحا إلى 9 مساء، على حد قولهما، بعد خروجهما من المدارس للعمل، عندما كانا في سن 14 و15 عاما. سألت حليمة: "كيف سنعيش إذا ظلا في المدرسة؟"[305]
في عائلة أخرى، فإن محمد (14 عاما) لا يذهب إلى المدرسة، بل يبحث عن عمل. يمكنه العمل يوم أو يومين أسبوعيا في تحميل الخضراوات على متن الشاحنات من أجل "تحمل مسؤولية الأسرة"، على حد قول والدته، بعد أن أصيب والده بالعجز جراء إصابة في الرأس أثناء النزاع السوري. اثنان من أخوته ملتحقين بالمدرسة.[306] ليس للأسرة مصدر دخل آخر وسبق أن لجأت إلى بيع المساعدات الغذائية التي تصلها من أجل سداد الإيجار، قبل أن يقطع برنامج الأغذية العالمي مساعداته بسبب نقص الميزانية.[307]
لا يتسرب جميع الأطفال العاملين من التعليم، لكن ساعات العمل الطويلة تضر بنشاطهم المدرسي. أحمد البالغ من العمر 15 عاما يذهب إلى المدرسة من 7 صباحا إلى 1 ظهرا، ثم يعمل في تسليم زجاجات المياه من 3 عصرا إلى 10 ليلا، على مدار 6 أيام في الأسبوع، مقابل 3 دنانير (4.2 دولارا) في اليوم. قالت أمه: "أرى أنه متعب ومستاء من هذا التعب. لا يتحمل هذه المشقة إلا لأنه يعرف أهمية الدنانير الثلاثة لنا. ندفعه للتوقف عن العمل ليدرس لاختباراته، لكن أصحاب العمل لا يعجبهم هذا".[308]
تفوت الفتيات والصبية في أعمار تصل إلى السابعة المدرسة في يومين أو 3 أيام أسبوعيا كلما توفر لهم عمل، مثلا أثناء موسم جني الطماطم والزيتون، للعمل إلى جانب آبائهم في الحقول.[309] محمود (41 عاما) جاء إلى الأردن من حماة في مطلع 2013، يأخذه ابنتيه البالغتين من العمر 11 و10 أعوام، وهما في الصف الخامس بالمدرسة، للعمل معه بمزرعة على مدار يومين دراسيين كل أسبوع، في جني الطماطم. يقول: "يحصل كل منا على دينار واحد [1.4 دولارا] في الساعة ونتقاضى أجورنا كل 10 أيام. لكن الفتيات الصغيرات لا يمكنهن العمل أكثر من 4 أو 5 ساعات في المرة الواحدة".[310]
في حالات أخرى، يرتاد الأطفال التعليم غير الرسمي بدلا من المدارس العامة من أجل التمكن من العمل، أو لأن نفقات المواصلات للمدارس العامة كبيرة للغاية. عبير (30 عاما) قالت إن بناتها في سن 13 و10 أعوام لم تذهبا مطلقا إلى مدرسة عامة في الأردن، وأنهما كانتا في الصفين الثالث والثاني بالمدرسة في سوريا.[311] كانتا ترتادان مدرسة غير رسمية تقدم فصولا لمدة ساعتين يوميا، على مدار 3 أيام في الأسبوع، وهي مجانية وقريبة من البيت وتمكنهما من العمل:
إذا حاولنا إلحاقهما [البنتين الكبريين] بالمدرسة، فلن نتمكن من تحمل كلفة إرسالهما إليها. نجمع الخبز الجاف الذي يرميه الناس ونبيعه لرعاة الماشية والمزارعين. الفتيات [الأكبر] يخرجن لمساعدتنا في جمعه، ساعتين كل صباح، وساعتين في المساء. إذا لم يكن الطقس حارا للغاية نخرج ساعة العصر أيضا.
تربح الأسرة 10 فلسات (14 سنتا) على كل كيلوغرام من الخبز الجاف الذي تجمعه.
يبدو أن كل من الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش بشأن عمل الأطفال السوريين تنطوي على مخالفة لقانون العمل الأردني. على سبيل المثال، رغم أن القانون الأردني يحدد سن العمل الدنيا بـ 16 عاما (وهي 15 عاما في سوريا)، فقد قابلت هيومن رايتس ووتش 13 طفلا وطفلة أعمارهم 14 عاما وأصغر، يعملون بدوام كامل.[312] هناك صبي عمره 8 أعوام كان يبيع عبوات فول سوداني يحملها في صندوق من الورق المقوى، قال إنه يعمل – واقفا في الشارع – من الساعة 7 صباحا إلى 2 ظهرا كل يوم.[313]
يقيد القانون الأردني عمل الأطفال في سن 16 و17 عاما إذ يمنع العمل لأكثر من 6 ساعات يوميا أو 36 ساعة أسبوعيا، ويمنع عملهم بأعمال خطرة، ويطالب أصحاب العمل باستصدار موافقة كتابية من ولي أمر الطفل وشهادة صحية، ويحظر على الأطفال العمل في الإجازة الأسبوعية والعطلات الرسمية أو بعد 8 مساء.[314] لكن توصلت دراسة كمية إلى أن نصف الأطفال السوريين العاملين تقريبا بين 12 و17 عاما يعملون 60 ساعة أو أكثر أسبوعيا، مقارنة بأقل من 10 بالمائة من الأطفال الأردنيين العاملين.[315]
عمل الأطفال كحيلة لتقليص خطر التوقيف
توقيف الشرطة للعاملين بشكل غير قانوني دفع بعض السوريين إلى الاعتماد على أطفالهم في العمل، بعد القبض على رب الأسرة، أو للاعتقاد بأن الأطفال أقل عرضة للتوقيف. نجوى (28 عاما) فرت من حمص وتعيش مع أطفالها في عمان، تقول إن زوجها قد أوقف بتهمة العمل دون تصريح في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2015 وأحيل إلى مخيم الأزرق.[316]
عبد الوهاب أكبر أطفالها والبالغ من العمر 12 عاما، كان يعمل في دكان لحام لمساعدة الأسرة قبل توقيف الأب. قالت: "زاد صاحب عمله راتبه بعد توقيف أبيه". يعمل عبد الوهاب من الساعة 8 صباحا إلى 8 مساء، كل أيام الأسبوع عدا الجمعة، وفيه يعمل حتى الرابعة مساء. انتهى من دراسة الصف الأول في سوريا، ثم أتم عامين آخرين في الأردن قبل أن تضطر الأسرة إلى "إخراجه من المدرسة حتى يعمل. طلب مني إعادته إلى المدرسة لكنه فهم عندما شرحت له حاجتنا للنقود".[317]
قال آباء وأمهات سوريون في بعض الحالات إنهم يرسلون بناتهم للعمل لأنهم يعتقدون أن الشرطة يُرجح أن توقف الصبية أكثر من توقيفها للفتيات. شمسة (38 عاما) فرت إلى الأردن مع أطفالها الثمانية في فبراير/شباط 2014 من قريتهم قرب حلب. تعمل مع بناتها هدى (13 عاما) ودعاء (12) أثناء مواسم جني الزيتون والطماطم، من الساعة 4 صباحا إلى الساعة 7 أو 8 مساء. قالت: "ننتقل من مزرعة إلى مزرعة نحن الثلاثة. أحيانا نحصل على دينار [1.4 دولار] مقابل صندوق الزيتون، أو 6 دنانير [8.4 دولار] مقابل الطماطم".[318] جميع الأطفال الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش وكانوا يعملون في مناطق حضرية كانوا من الصبية، لكن في بعض المناطق الريفية تعمل الفتيات السوريات في جني الزيتون والطماطم، بحسب الموسم، جنبا إلى جنب مع آبائهم أو أقارب
آخرين.[319]
عمل الأطفال والنفقات الطبية المتصلة بالإقامة
اللاجئون الذين يعيشون في مناطق مضيفة للاجئين ولا يمكنهم استيفاء متطلبات التسجيل، لا يمكنهم الحصول على وثائق الخدمة الأردنية المطلوبة للحصول على الرعاية الطبية المدعومة، وقد أضيفت نفقات الرعاية الطبية لأقاربهم إلى الضغوط المالية التي تدفع العائلات إلى الاعتماد على عمل الأطفال.
عمر البالغ من العمر 14 عاما بدأ في العمل بدوام جزئي في السوق عندما كان عمره 13 عاما، وخرج من المدرسة للعمل في مخبز، يربح منه 5 دنانير (7 دولارات) يوميا. كل أسبوع، تتقاضى أسرته نحو 13 دينارا (18 دولارا) من راتب عمر لتسديد نفقات العقاقير الطبية والأشعة التي يتم عملها من الحين للآخر لشقيقه أحمد (عمره عام واحد) لعلاج مشكلة أصابته في الرئتين. يعاني والد عمر من ألم في الظهر ولا يمكنه أن يعمل، وليس متاحا للأسرة العلاج الطبي المدعوم لأنهم غير مسجلين في وزارة الداخلية بالمنطقة التي يقيمون بها. للتسجيل، تحتاج الأسرة إلى تقديم اختبارات دم لأفرادها السبعة، وكانت تكلف وقت إجراء المقابلة 30 دينارا لكل منهم (فيما بعد تراجع الثمن إلى 5 دنانير، أو 7 دولارات). قالت والدة عمر إن الأسرة تحاول الادخار من راتب عمر لسداد ثمن الاختبارات الطبية المطلوبة.[320]
هناك عائلة أخرى ليس متاحا لها الرعاية الطبية المدعومة، تستخدم راتب ابن عمره 17 عاما تسرب من الصف الحادي عشر لسداد 1700 دينار (2380 دولارا) رسوم المستشفى الخاصة بالأشعة المقطعية لأخته الأكبر. تتحفظ المستشفى على شهادتها الصادرة عن مفوضية اللاجئين ووثيقة الخدمة إلى أن تسدد الأسرة الرسوم، على حد قولهم، وهددتهم باللجوء إلى المحكمة إذا لم يسددوا في ظرف 3 شهور.[321]
والدا علي البالغ من العمر 15 عاما وشقيقته يعانون من مرض التلاسمية، ويحتاجون إلى علاج يكلف إجمالا 45 دينارا (63 دولارا) في الشهر، وقد كُتبت لهم أدوية لا يمكنهم تحمل ثمنها. علي، المعيل الوحيد للأسرة، سبق أن حاول بلا نجاح الالتحاق بالمدرسة، وهو الآن يعمل ببيع أغطية الرأس بالسوق في البقعة، من الساعة 6:30 أو 70 صباحا إلى 10 مساء، 6 أيام في الأسبوع، ويربح 30 إلى 35 دينارا (42 إلى 49 دولارا) في الأسبوع.[322]
وصلت الأسرة إلى مخيم الزعتري من الغوطة الشرقية في 2013 وانتقلت إلى عمان لكي تصبح أقرب إلى المستشفى، لكن لا يمكنهم تحمل الإيجارات. انتقلت الأسرة إلى البقعة، وهو مخيم للاجئين الفلسطينيين، حيث لا تسري وثائق الخدمة الخاصة بهم، التي تقدم العلاج الطبي المدعوم. للحصول على بطاقات جديدة تحتاج الأسرة، على حد قولها، إلى تقديم أوراق هوية سورية، لكن السلطات الأردنية صادرت الأوراق عندما دخلت الأسرة إلى الأردن. تقدمت الأسرة عن طريق مفوضية اللاجئين بطلب إعادة الأوراق في مارس/آذار 2015، لكن انتظرت أكثر من 8 شهور للحصول عليها.[323]
شكّل الأردن في عام 2011 إطارا وطنيا لمكافحة عمل الأطفال، ويشمل تشكيل لجنة وطنية. ذكرت وزارة العمل في 2013 أن تدفق السوريين قد قوض من جهود مكافحة عمل الأطفال في الأردن.[324] في حين يستخدم بعض أصحاب العمل الأردنيين أطفالا سوريين لمساعدة عائلاتهم في كسب الدخل، فإن الافتقار للمحاسبة في عمل الأطفال قد أسهم بدوره في ارتكاب أصحاب العمل لانتهاكات، ومنها انتهاكات جنسية.[325]
ذكر الأمين العام لوزارة العمل الأردنية أن اللجنة الوطنية بحاجة إلى تنسيق أفضل. أوصت "منظمة تمكين" للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان – وهي منظمة غير حكومية أردنية – بأن تزيد اللجنة من العقوبات على أصحاب العمل المخالفين لقوانين عمل الأطفال وأن تزيد من موارد وحدة التفتيش على عمل الأطفال بالوزارة.[326] توصلت منظمة العمل الدولية إلى أن اللجنة الوطنية لم تتواصل مع المنظمات المجتمعية "بنجاح في التعرف على حالات عمل الأطفال"، ومساعدتهم في العودة للمدارس أو إمدادهم بالتدريب المهني.[327] على الأردن إما أن ينشط الإطار الوطني لمكافحة عمل الأطفال أو أن يضع آلية جديدة أكثر فعالية، وأن يعمل على تنفيذ توصيات منظمة العمل الدولية.
أوصت منظمة العمل الدولية مرارا بزيادة المساعدات النقدية للاجئين من أجل التخفيف من الحاجة لعمل الأطفال، وأشارت أيضا إلى أن هذه المساعدات لن تكون كافية دون تحسين قدرة اللاجئين على ارتياد سوق العمل، وزيادة إتاحة التدريب المهني، والأنشطة المولدة للدخل.[328]
الزواج المبكر
قلة من الفتيات السوريات اللاجئات في الأردن ممن يتزوجن – وحتى بعض المخطوبات – ينتهين من تعليمهن، ويبدو أن الزواج المبكر شائع في أوساط السوريين بالأردن أكثر من انتشاره في سوريا عموما قبل النزاع.[329]
بحسب اليونيسف، فإن زواج الأطفال يمثل 13 بالمائة من الزيجات في سوريا، قبل النزاع، و12 بالمائة من الزيجات السورية المسجلة في الأردن في 2011، لكن زاد إلى 32 بالمائة من الزيجات السورية بالأردن في 2014.[330] أكثر من نصف النساء السوريات المتزوجات في الأردن تزوجن قبل سن 18 عاما، ونصف الفتيات المتزوجات في أعمار 15 إلى 17 بالمائة متزوجات إلى رجال أكبر منهن بعشر سنوات على الأقل.[331] يحدد القانون الأردني سن 18 عاما سنا دنيا للزواج، لكن يسمح لقضاة محاكم الشريعة بعمل استثناءات للأطفال حتى سن 15 عاما.[332] بسبب المصروفات الخاصة بالتسجيل، لم تسجل بعض العائلات السورية زيجاتها في محاكم الشريعة الأردنية.[333]
العديد من الآباء اللاجئين السوريين الذين تزوجت بناتهم صغارا يرون زواج الأطفال وسيلة للتكيف مع الفقر وانعدام الأمان، لكن في الوقت نفسه يزيد الزواج المبكر من مخاطر تعرض الفتيات للعنف الأسري والاستغلال.[334] أكثر من 16 بالمائة من الفتيات السوريات في الأردن اللائي تزوجن بين 15 و17 عاما تزوجن إلى رجال كانوا أكبر منهن بـ 15 عاما أو أكثر، مقارنة بـ 6 بالمائة من الفتيات الفلسطينيات المتزوجات في وضع مماثل، و7 بالمائة بالنسبة للفتيات الأردنيات.[335] ورد في دراسات كمية أن أمهات سوريات قلن إنهن لم يرغبن في زواج بناتهن في سن الطفولة، لكن الزواج يمكن أن يخفف من الفقر، ويوفر السترة للصغيرات، حفاظا على التقاليد، ومساعدة الفتيات على الخروج من أوضاع مسيئة في البيوت. الزواج المبكر في العادة "يحرض عليه أحد الأبوين، ويرجع القرار عادة إلى رب الأسرة الذكر"، حسبما تبينت اليونيسف.[336]
في إحدى الحالات، فاقمت السياسات الأردنية من الفقر الذي أدى بأسرة إلى تزويج بنتها. نورا البالغة من العمر 15 عاما تزوجت في الأردن في يوليو/تموز 2015 ولم تعاود الالتحاق بالمدرسة ذلك الخريف.[337] والدها غير قادر على العمل بسبب المرض، لكن عمر شقيقها (14 عاما) يعمل بدوام كامل في مخبز، وشقيقها الرضيع مصاب بمشاكل في الرئتين، وبسبب تسجيل أسرتها لعنوان مختلف عن مكان إقامتهم في منطقة مضيفة للاجئين، فهم بحاجة لنقود من راتب عمر لأجل سداد رسوم اختبارات الدم الإجبارية اللازمة للتسجيل الجديد بوزارة، الداخلية وللحصول على وثائق الخدمة. قال والد نورا إن أصهاره الجدد وضعهم المالي أفضل ويمكنهم دعمها.[338]
المواصلات
عدم توفر المواصلات العامة اللازمة لارتياد المدارس في الأردن هو من المعوقات التي تعترض تعليم الأطفال الأردنيين من قبل بدء النزاع السوري بكثير. وهو الآن عائق يعترض الأطفال السوريين بدورهم. أغلب العائلات السورية التي تمت مقابلتها قالت إنها تعاني من الذهاب إلى المدارس. المسافة بين المدرسة والبيت تعد كبيرة في المناطق المضيفة للاجئين، وفي الوقت نفسه فإن المسافة للمدرسة في بعض مناطق مخيم الزعتري للاجئين مترامي الأطراف، وحاجة الأطفال للعودة للبيت في الليل، في شوارع غير مضاءة في الشتاء، تمثل بدورها عائقا كبيرا يعترض التعليم بالمخيم، لا سيما بالنسبة للأطفال الأحدث سنا.[339]
جميع العائلات السورية التي تمت مقابلتها تقريبا في المناطق المضيفة للاجئين قالت إنها تجد صعوبة في سداد مصروفات المواصلات اللازمة لإرسال الأطفال للمدارس، وقال العديد من آباء لأطفال ليسوا في المدارس أو تسربوا من التعليم إن عدم قدرتهم على توفير مصروفات المواصلات كانت السبب الرئيسي للإحجام عن المدرسة. وفي حالات عديدة قالت العائلات إن سائقي الميكروباص (قطاع خاص) عادة ما يفرضون رسوما من 10 إلى 15 دينارا (14 إلى 21 دولارا) شهريا عن كل طفل، لكن أحيانا ما يطلبون مبالغ أكبر بكثير، بناء على الموقع والمسافة إلى المدرسة.
رسوم المواصلات هي أكبر مصروفات تتصل بالمدارس العامة بالنسبة للعائلات السورية في الأردن، حيث يكون معدل النفقات 26 دينارا (36 دولارا) في الشهر "لإرسال طفل إلى مدرسة حكومية"، بحسب عاملين بمنظمة إنسانية غير حكومية.[340] سوزان (33 عاما) تقول إنها حاولت بلا جدوى إلحاق أطفالها الثلاثة بمدارس قريبة في خريف 2014 وفي ربيع 2015، قبل إلحاقهم بمدرسة حكومية أخرى بعيدة عن بيتها، على مشارف إربد، لكن الأطفال كفوا عن الذهاب للمدرسة بعد شهر، لأن تكاليف المواصلات تصل إجمالا إلى 30 دينارا [43 دولار] في الشهر، ولم تتمكن من تحمل هذه الكلفة.[341]
عبد الحكيم (55 عاما) وزوجته صبا (30 عاما) قالا إنهما لم يتمكنا من إرسال أي من أطفالهما الستة إلى مدرسة في المفرق.[342] عبد الحكيم مصاب بمرض في القلب وفقد ساقا في حادث في سوريا، ولا يمكنه الاضطلاع بأي عمل بدني. قالت صبا: "لا يمكنني دفع الفواتير، ناهيك عن النقود المطلوبة لإرسالهم إلى المدرسة". يكلف الميكروباص 10 دنانير شهريا لكل طفل، على حد قولها.[343]
كثيرا ما تدفع العائلات في المناطق الريفية رسوما أكبر للمواصلات لإرسال الأطفال للمدارس. ياسر (38 عاما) الذي جاء من حماة إلى الأردن في مطلع 2013 قال إنه كان يدفع 100 دينار شهريا (140 دولارا) مصروفات مواصلات لإرسال 4 من أطفاله الستة إلى المدرسة من منطقة على مشارف المفرق، حيث يقيمون في خيمة.[344] اضطر لإخراج حسين (12 عاما) ابنه من المدرسة لأن "سائق الباص أراد ضعف الرسوم، لأنه في مدرسة مختلفة". رغم أن حسين كان يعمل عاملا زراعيا فإن أسرته مدينة بـ 2000 دينار (2800 دولار). رغبة ياسر في إبقاء أطفاله بالمدرسة كانت تعني حاجته للبقاء في المنطقة نفسها طوال العام رغم أنه "لا عمل هنا بعد نهاية موسم الطماطم". في الشتاء، على حد قول ياسر، تنتقل أغلب العائلات السورية بمنطقته إلى غور الأردن، حيث الطقس الدافئ يعني توفر العمل الزراعي. "إذا لم يكن عندي أطفال كنت سأنتقل، لكن إذا فعلت فلن أتمكن من إعادتهم إلى المدرسة".[345]
عدم توفر وسائل المواصلات معقولة الثمن للمدارس – التي لا يمكن بلوغها أحيانا إلا سيرا على الأقدام على الطرق الرئيسية – يعرض الأطفال لخطر حوادث الطرق ويمكن أن يؤدي لتسربهم من التعليم. أمل (8 أعوام) من حمص، خرجت من الصف الثاني في فبراير/شباط 2015 بعد أن رأت سيارة تصدم ابنة عم لها وهما تسيران من المدرسة معا إلى مدينة الزرقاء الأردنية.[346] أدى الحادث إلى كسر في الساق. هي وابنة العم وشقيقتها سوسن – وكانت حاضرة بدورها – لم يرتدن المدرسة لما تبقى من فصل الربيع. قالت رقية أمهما: "لا أحد في المدرسة تابع معنا، حتى نهاية العام المدرسي [مايو/أيار تقريبا] عندما اتصل الناظر يسأل لماذا لم تذهب الفتاتان للمدرسة وليعلمنا بأن هناك اختبار نهاية العام". لم تدخل الفتاتان الاختبار، لكن المدرسة سمحت لهما بالالتحاق بالفصل الدراسي في خريف 2015. حضرت أمل المدرسة لأسبوع في الخريف قبل خروجها منها مرة أخرى. قالت الأم: "هي ما زالت خائفة". إذا تمكنت أمل من الذهاب بالميكروباص إلى المدرسة، فسوف تعود للتعليم، لكن لا يمكن تحمل ثمنه، على حد قول الأم. "زوجي في سوريا وقد تمكن من بيع الأثاث وإرسال بعض النقود إلينا، لكن أنا متخلفة 3 شهور في سداد الإيجار".[347] |
يساعد أجر شقيقتين (10 و11 عاما) تتغيبان عن المدرسة يومين أسبوعيا للعمل مع الأب كعاملات زراعيات، في تسديد رسوم الميكروباص الذي يقلهما برفقة شقيقين أصغر منهما إلى المدرسة، ويكلف 10 دنانير للطفل في الشهر. قبل أسابيع، على حد قول الأب: "فاتتهم جميعا المدرسة ليومين لأننا لم نتمكن من سداد رسوم السائق".[348] قال إنه يأمل أن تتمكن الفتاتان من الاستمرار في التعليم، لكن لا يعرف إن كان هذا ممكنا. أضاف: "أتمنى هذا، لكن لا أعرف".[349]
قال عاملون بهيئات مانحة تابعة لدول أجنبية ومن هيئات مساعدات إنسانية في أبريل/نيسان إن المانحين وافقوا مبدئيا على تمويل وزارة التربية الأردنية كي توفر وسائل مواصلات للأطفال السوريين والأردنيين. اقترحت وزارة التعليم الأردنية في يناير/كانون الثاني برنامجا لتقديم المواصلات المدعومة للصبية والفتيات الأصغر سنا الملتحقين بفترات المساء، على أن تكون وسائل النقل هذه متاحة لعودتهم من المدارس للبيوت.
برنامج محدد الهدف كهذا من شأنه التصدي لبواعث قلق أمنية أساسية، على حد قول آباء سوريين لـ هيومن رايتس ووتش، وهو ما يتسق مع نتائج عدة استطلاعات للأمم المتحدة، أعربت فيها عن قلقها إزاء سلامة الأطفال أثناء عودتهم من المدارس في الظلام بعد نهاية الفترة المسائية، فضلا عن الخوف على الفتيات الصغيرات والمراهقات من التعرض للتحرش أو الإساءات الجنسية.
IV.معوقات تعترض جماعات بعينها
الأطفال الصغار
التعليم قبل المرحلة الابتدائية
يحضر نحو 31 بالمائة من الأطفال الأردنيين تعليم ما قبل المدرسة، وهو ليس مجانيا أو إلزاميا بموجب القانون الأردني.[350] بدأ الأردن في 2015 خطة لإلحاق 3750 طفلا أردنيا وسورياً بالمناطق المضيفة للاجئين مجانا برياض أطفال تعمل بنظام فترتين، بكلفة نحو 2.1 مليون دولار.[351] بالتعاون مع وزارة التربية الأردنية تعهد مانحون أجانب مبدئيا – في أبريل/نيسان 2016 – بتمويل خطة منقحة لفتح رياض أطفال أكثر لاستيعاب الأطفال الأردنيين والسوريين معا، بما يشمل افتتاح رياض أطفال بنظام "الفترة المسائية".[352]
على المانحين ووزارة التربية متابعة هذه الجهود. تشير بحوث التعليم ونمو المخ إلى أن التعليم في الطفولة المبكرة عامل مهم للغاية في نمو الأطفال، وأنه يمكن أن يلعب دورا في مساعدة الأطفال على التكيف مع الضغوط الشديدة للأزمات الإنسانية من قبيل النزوح القسري.[353]
هناك ولي أمر سوري واحد ممن تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش قال إن الأسرة تمكنت من تحمل كلفة إرسال الطفل إلى التعليم ما قبل المدرسي، بشكل مؤقت، لوجود صديق للأسرة يسدد النفقات، لكنه غادر الأردن. قالت 3 أسر أخرى إنهم حاولوا إدخال أطفالهم رياض الأطفال لكن لم يتمكنوا من تحمل التكلفة، وتشمل مبلغا يُدفع في البداية، 30 إلى 50 دينارا (42 إلى 70 دولارا)، بالإضافة إلى رسوم 15 إلى 20 دينارا في الشهر (21 إلى 28 دولارا).[354] تدير بعض المدارس العامة والمنظمات الإنسانية رياض أطفال مجانية، لكن قال بعض اللاجئين إنهم لا يمكنهم إلحاق أطفالهم بها لأنها ممتلئة بالفعل، أو بعيدة للغاية ولا يمكنهم تحمل كلفة المواصلات.[355]
الأطفال الأكبر سنا
عدم توفر التعليم الثانوي والاختبار التوجيهي
هناك عوامل عديدة قد تقنع الطلاب السوريين بالعدول عن محاولة إنهاء التعليم الثانوي في الأردن. في كل مستوى تعليمي، تتناقص فرص السوريين وتزيد التكاليف. في المناطق المضيفة للاجئين، فإن المدارس الابتدائية فحسب هي التي تعمل بنظام الفترتين للطلاب السوريين، ولا توجد مدارس ثانوية بنظام الفترتين.[356]
المدارس الثانوية أقرب إلى بيوت الأطفال في مخيمات اللاجئين عنها في العديد من المناطق المضيفة للاجئين. كما أن المساعدات الإنسانية بالمخيمات أكبر وأكثر تنظيما، وفرص العمل أقل، ما يخفف من الضغوط على عمل الأطفال. لكن توصل تقييم لليونيسف في مخيم الأزرق في يونيو/حزيران 2015 إلى أن 22 في المائة فقط من الفتيات و32 في المائة من الصبية في سن 16 و17 عاما يرتادون المدرسة.[357] أفادت وزارة التعليم بأن معدلات الالتحاق الصافية كانت 72.56 في المائة بالمدارس الثانوية في العام المدرسي 2014 – 2015.[358]
توصلت دراسة كمية للأمم المتحدة بمخيم الزعتري إلى أن الأطفال تسربوا من التعليم ولم يدخل بعضهم المدارس بسبب الحاجة للاضطلاع بأعمال منزلية أو لانشغالهم بعمل مقابل أجر، مع تصورات عن تدني جودة التعليم والإحساس بأنه بلا جدوى.[359]
في عام 2015 – 2016 كان هناك 464 طالبا سوريا فحسب ملتحقين بالتعليم الثانوي في مخيمات اللاجئين الثلاثة بالأردن، بحسب وزارة التربية، من بين 6440 طالبا في سن المدرسة الثانوية في تلك المخيمات.[360]
توجد مدارس ثانوية أقل خارج المخيمات، وعادة ما تكون أبعد وأعلى كلفة على العائلات. يؤثر عدم توفر المواصلات العامة للمدارس على قدرة كل من الأطفال السوريين والأردنيين على تحصيل التعليم.
قالت ف. (33 عاما) إنها تريد لابنتها بيسان أن تذهب للثانوية، لكن لا يمكنها إرسالها للمدرسة العام المقبل لأنه لا يمكن للأسرة تحمل كلفة الباص.[361] فرت الأسرة من الغوطة الشرقية إلى الأردن في 2013 وتمكنت من إدخال الأطفال الثلاثة إلى المدرسة وقتها نظرا لإمكانية السير بأمان إلى المدرسة في ذلك الحين. بيسان (13 عاما) ملتحقة بالصف الثامن في مدرسة توجد بها فصول حتى التاسع. قالت ف.: "لا نعرف ماذا سيحدث بعد الصف التاسع. هناك مدرسة ثانوية لكنها ليست قريبة. لا يمكننا إرسال الأطفال إلى مناطق غير آمنة لا نعرفها يسيرون عبرها للوصول للمدرسة". يجد زوجها عملا بشكل مؤقت من حين لآخر، ولم يكن بإمكانهم سداد الإيجار، خاصة بعد تخفيض برنامج الأغذية العالمي مساعداته الغذائية الشهرية إلى النصف بواقع 10 دنانير (14 دولارا) للشخص قبل شهور قليلة.[362]
قالت بعض الأسر إنها لا تستطيع إرسال الأطفال لمدارس ثانوية لأنها بحاجة إلى عمل هؤلاء الأطفال. عائشة (43 عاما) قالت إن ابنها زهير (18) "كان طالبا متفوقا في سوريا" لكن خرج من الصف التاسع لمساعدة الأسرة بعد مرض والده.[363] عند فرار الأسرة إلى الأردن في فبراير/شباط 2013 حاولت إلحاق زهير بالصف الحادي عشر "لكن قالوا له إن عليه دخول الصف العاشر ما لم تكن معه شهادة [تُظهر] أنه أتمها بالفعل"، على حد قول عائشة. هذه الأسرة المكونة من 7 أفراد تعتمد الآن على الدخل الذي يجنيه زهير من عمله بمطعم في عمان "لكنه قلق طوال الوقت من احتمال توقيفه" بسبب العمل دون تصريح. قالت إنه يخرج من البيت في 7 صباحا ويعود في 10 مساء ويربح 250 دينارا (352 دولارا) شهريا.[364]
بالنسبة للعديد من العائلات فإن تكاليف التعليم الثانوي لا تقابلها مزايا واضحة. أغلب العمالة السورية هي عمالة غير ماهرة وغير رسمية، بما أنه من غير القانوني العمل بدون تصاريح، التي لا يمكن إلا لقلة الحصول عليها. في سوق عمل كهذه، فإن معدلات التعليم الأعلى لا تبدو أنها تساعد الباحثين عن وظائف. توصل استطلاع مشترك لمنظمة العمل الدولية ومؤسسة فافو للأطفال اللاجئين السوريين غير المرتادين للمدارس إلى عدم وجود علاقة بين مستوى التعليم الذي أتمه الأطفال، واحتمالات عثورهم على عمل.[365]
هناء (32 عاما) فرت إلى الأردن في أبريل/نيسان 2013 وأدخلت أطفالها المدارس، وتريدهم أن ينتهوا من التعليم الثانوي، لكنها قلقة من انتهاء تعليمهم عند مستوى الثانوية. أطفالها الأكبر (توأم في سن 15 عاما) في الصف العاشر. سألت هناء: "صفاء الأولى على صفها، وكانت تحب المدرسة، لكن بعد التوجيهي، هل سينتهي تعليم أطفالي؟"[366]
في بعض الحالات فكر أولياء أمر سوريون في العودة إلى سوريا لإتمام التعليم الثانوي الخاص بأطفالهم وللالتحاق بالجامعة. في أكتوبر/تشرين الأول 2015 قال أب سوري يعيش في إربد إنه يعتزم العودة بابنته بآيات (19 عاما) إلى درعا حتى تنتهي من تعليمها الثانوية وتصبح مستحقة للالتحاق بالجامعة، في حين ظلت زوجته بالأردن مع الأطفال الآخرين.[367] المصروفات الشهرية للأسرة كانت نحو 847 دولارا، وقد نفدت مدخراتهم.[368]
غياب برامج التدريب المهني في المناطق المضيفة للاجئين
سمحت السلطات الأردنية للهيئات الإنسانية الدولية بإدارة برامج لمهارات العمل في المخيمات،[369] لكن برامج المنظمات غير الحكومية الخاصة بالتدريب المهني في المناطق المضيفة للاجئين محدودة للغاية بسبب "الحساسيات السياسية" الخاصة بدمج السوريين في سوق العمل، حيث يمكنهم التنافس مع الأردنيين.[370] قال عاملون في منظمة إنسانية دولية غير حكومية لـ هيومن رايتس ووتش في أكتوبر/تشرين الأول 2015 – بما يستقيم مع تقارير سابقة – إن السلطات الأردنية لم توافق على عدد من المشروعات التي تضم مكونات تدريب مهني لصالح اللاجئين السوريين.[371] قال عدد من العاملين بمنظمات غير حكومية إن الأردن وافق على تخفيف القيود على مشروعات التدريب المهني التي تديرها المنظمات في 2016، لكن ما زال عددها قليل.[372]
"برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" هو المنسق الرئيسي لبرامج التدريب المهني الخاصة بالشباب الأردني، كجزء من خطة الاستجابة الأردنية للنزاع السوري، لكن هذه البرامج المقصود منها تخفيف العبء على المناطق المضيفة للاجئين، وليس تدريب اللاجئين السوريين.[373]
للمدارس الثانوية الأردنية مسارين، أكاديمي ومهني، يمكن للطلاب السوريين الاختيار بينها. دعم المانحون 800 منحة دراسية في التدريب المهني لصالح طلاب سوريين في الكليات المجتمعية الأردنية،[374] ودون المنح كانت قلة قليلة من الطلاب هي من ستقدر على تحمل كلفتها.[375] استفاد بعض اللاجئين من هذه البرامج التدريبية الفنية الممولة من مانحين، لكن لم يتمكنوا من الحصول على تصاريح عمل.[376]
صعوبة الالتحاق بالجامعة
تراجع معدل الالتحاق بالتعليم العالي في أوساط اللاجئين السوريين عن معدلاته قبل 2011.[377] ليس الأردن ملزما بتوفير التعليم العالي للاجئين، لكنه تعاون مع المانحين لتقديم منح دراسية للطلاب السوريين في جامعات أردنية. قدم الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وألمانيا تبرعات لرعاية أكثر من 300 طالب سوري للالتحاق ببرامج جامعية في الأردن، و750 طالبا في برامج للتعليم عن بُعد وتعلم مقررات جامعية على الإنترنت في عام 2016.[378] يمكن لهذه التحسينات على مستوى السياسات أن تزيد من إتاحة الجامعة للاجئين السوريين، لتقدّم حافزا إضافيا للأطفال السوريين لأجل إتمام تعليمهم الابتدائي والثانوي.
لم يتمكن الطلاب في بعض الحالات من الاستمرار في تعليمهم الجامعي لعدم وجود إثبات عل التحاقهم بالجامعة في سوريا. آلاء ودعاء شقيقتان توأم من درعا، قالتا إن كل منهما أتمت سنة في جامعة دمشق بمجاليّ التعليم وتكنولوجيا المعلومات، قبل فرار الأسرة إلى الأردن في أغسطس/آب 2011. لم تكن معهما أية شهادات تدل على التعليم على مستوى الجامعة وليستا مستحقتين للتعليم الجامعي المدعوم. قالت دعاء: "منذ المجيئ للأردن مكثنا في البيت. لم تكن معنا أي نقود للذهاب لمدارس خاصة".[379] تلجأ الأسرة إلى تمويل تكاليف الجامعة الأقل الخاصة بشقيقهما البالغ من العمر 19 عاما، وهو في السنة الثانية بمجال الأدب العربي بجامعة الزرقاء. تمكن من الدراسة بنفقات دراسية أقل لأنه أتم التعليم الثانوي في الأردن وأحرز درجة عالية للغاية في التوجيهي.[380]
أمل (20 عاما) تنحدر من الناصرية وهي معلمة متطوعة تدرس للصف الثاني في مدرسة غير رسمية للأطفال السوريين قرب مخيم الأزرق، وهي تعاني من مشكلات مشابهة.[381] أتمت جميع اختبارات التوجيهي في سوريا "باستثناء الاختبار الأخير، ولم يدعوني أتمه هنا".
قالوا إنهم يريدون إثباتا على إتمامي الصف الحادي عشر، لكن لم يقبلوا استمارتي المرسلة إليهم بالفاكس، وقالوا لي إن عليّ إرسال الأصل أيضا. لكن الحدود مغلقة، ومن الخطر على كل حال أن أعود إلى سوريا.
أمل التي تأمل في دراسة علم النفس، تقول إن وزارة التربية رفضت عدة طلبات أرسلتها إليها لإتمام اختباراتها في الأردن.[382]
تطالب سلطات التعليم الأردنية بالاطلاع على أصول شهادات التوجيهي الخاصة بالسوريين من منطلق قلقها إزاء تقارير تزوير شهادات المدارس.[383]
الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة
عدم جاهزية المدارس العامة لاستقبالهم
توصلت البحوث التي أجرتها منظمات غير حكومية دولية في أواخر 2013 إلى أن 26 بالمائة من جميع اللاجئين السوريين في الأردن مصابين بإعاقات بدنية أو حسية أو ذهنية، وأن 1 من كل 15 شخصا قد لحقت به إصابات، بما يشمل إصابات وقعت أثناء النزاع، وأن نحو 5 بالمائة من جميع الأطفال السوريين اللاجئين في الدول المضيفة للاجئين يعانون من إعاقات ذهنية.[384] توصل البحث إلى أن المدارس كثيرا ما تفتقر إلى مرافق تستوعب الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل مراحيض ومدارج ومقابض وأبواب كبيرة بما يكفي للمقاعد المتحركة وكذا لأساليب التدريس المندمجة المناسبة للأطفال المصابين بإعاقات.[385]
السبب الأكثر شيوعا لعدم ارتياد الأطفال للمدرسة هو عدم جاهزية المدارس ماديا لاستقبالهم. 20 بالمائة من الأطفال المعرضين لإعاقات مصابين بإعاقات ذهنية أو عقلية.[386]
تصنف قاعدة بيانات ProGres وهي قاعدة بيانات مركزية للاجئين تتبع مفوضية اللاجئين، الإعاقات البدنية والعقلية، وكذلك الإعاقات في الحواس مثل الإبصار والسمع والإعاقات في الكلام والأمراض العقلية. من أجل التعرف على اللاجئين السوريين من المصابين بإعاقات، أعدت المفوضية "إطار عمل تقييم الهشاشة"، كما تدير "قوة عمل السن والإعاقة" في الأردن، وتضم منظمات شريكة وتجتمع بانتظام.[387]
كانت مسألة إتاحة التعليم للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تشغل الأردن من قبل الأزمة السورية. في 2007، كان هناك نحو 1450 طالبا مصابين بإعاقات عقلية في الأردن، و800 طالب أصم، ومدرسة واحدة ابتدائية وثانوية للطلاب الفاقدين للإبصار.[388] أوردت الإحصاءات الحكومية أن 16451 طفلا أردنيا كانوا مصابين بإعاقات في 2015.[389] توصل تعداد سكاني يعود لعام 2004 إلى أن المواطنين الأردنيين الأكثر معاناة من إعاقات في سن 15 عاما فأكبر يُعد أغلبهم أميين لا يمكنهم القراءة والكتابة.
في عام 1990 نص الميثاق الوطني الأردني على الحق في التعليم للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.[390] تشير الاستراتيجية التعليمية الوطنية إلى الحاجة لتوفير اختبارات تشخيصية وبرامج وموارد لدعم الأطفال المصابين بإعاقات.[391] صدق الأردن على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في 2008، وهي تسري على اللاجئين.[392] في الفترة من 2010 إلى 2015 ورد في الاستراتيجية الوطنية الخاصة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أن الأردن "أحرز تقدما في الدمج التعليمي للأشخاص ذوي الإعاقة" لكن ذكرت "ضعف الربط ببرامج الكشف والتدخل المبكر".[393]
قانون حقوق الأشخاص المعوقين يشدد على حق الأشخاص المعاقين في التعليم والتعليم العالي بما يتناسب مع قدراتهم. يسمح القانون بإعفاءات جمركية وضريبية على الواردات الخاصة بمواد التعليم والمنتجات المتصلة بالمدارس والأراضي التي تستخدمها المدارس لصالح الأشخاص المعاقين، مع النص على إنشاء المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين،[394] الذي يقود وينسق المشروعات من قبيل تدريب المعلمين على تحسين التعليم المندمج،[395] ويُلزم وزارة التربية بتدريس الرياضيات وعلوم الحاسوب للطلاب الفاقدين للإبصار. كما نص على ضرورة أن تُدرس البرامج للمعوقين وتفادي فصلهم عن الغير، باستثناء في حالات الإعاقة الشديدة التي يجب فيها على الحكومة توفير مؤسسات خاصة لإعادة التأهيل والتعليم. رغم هذه الأحكام، فلم يتم تدريس الرياضيات وعلوم الحاسوب إلا في المدارس الخاصة للمصابين بالعمى، ولم يكن قد تم إنشاء مركز تشخيص تعليمي حتى كتابة هذه السطور.
أقرت وزارة التربية بالتشاور مع المنظمات غير الحكومية، بالحاجة إلى التعليم المندمج والشامل للجميع. قبلت بعض المدارس الأردنية الأطفال السوريين المصابين بإعاقات. بحسب اليونيسيف، تم قبول 134 طفلا سوريا من ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس حكومية في مايو/أيار 2016.[396] لكن تفتقر المدارس الحكومية إلى المرافق اللازمة للأطفال المصابين بإعاقات حركية. في 4 من 5 حالات، قال آباء سوريون لديهم أطفال مصابين بإعاقات متعددة – عادة ذهنية وبدنية – لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لا يمكنهم إلحاق أطفالهم بالمدارس، أو لم يحاولوا لأنهم يفترضون أنه سيتم رفض الأطفال.
حنين وبيان شقيقتان في الصفين الرابع والأول بمدرسة حكومية أردنية في المفرق، تعانيان من صعوبات في المشي.[397] رغم اتخاذ المدرسة عدة خطوات لاستيعاب الشقيقتين – بما يشمل السماح للفتيات بعدم الوقوف في طابور الصباح والسماح لهما بالالتحاق رغم عدم توفر فترة مسائية – فلا يوجد في المدرسة مصاعد أو مدارج للمقاعد المتحركة، على حد قول الأم، التي أضافت أنها تخاف من اضطرار الفتاتين للخروج من المدرسة العام المقبل:
كانت حنين الثانية على فصلها وقالت لي الناظرة ألا أخرجها من المدرسة. لكن الوصول للمدرسة يستغرق 30 دقيقة، ويجب أن أكون معهما لأساعد في حملهما. وزنهما يزيد، وحقائبهما ثقيلة. يمكنني أن أدفع للسيارة 1 دينار [1.4 دولار]، لكن السائقين يطلبون 25 دينارا [35 دولارا] في الشهر. لا أريد أن تبقى الفتاتان بالبيت، وقد قالتا لي إنهما تريدان الدراسة حتى تتمكنان من القراءة، وأنا لا أقرأ. لكن بيان تذهب إلى فصل في طابق آخر مع طلاب الصف الأول، وهناك سلمتين كبيرتين للوصول إلى هذا المستوى... لا أعتقد أنهما ستتمكنان من البقاء هناك.[398]
هناك أطفال آخرون مصابون بإعاقات بدنية وذهنية لم يرتادوا المدرسة في الأردن مطلقا. أمل التي جاءت للأردن من حمص في 2013 قالت إنها حاولت إلحاق ابنها علي، وعمره 12 عاما ومصاب بإعاقات بدنية وذهنية، بمدرسة، لكن قيل لها: "لن تقبله مدرسة".[399]
في عام 2014 وفر نظام الرعاية الصحية الأردني لعلي علاجا طبيعيا، في مستشفى الأميرة بسمة بعمان، "لكن بعد شهر اتصلوا بنا وقالوا إن هذا كل ما أمكنهم فعله..." كذلك قالت أمل إن الأسرة تلقت مساعدة نقدية لمرة واحدة من "إنقاذ الطفولة" ومقعد متحرك وحفاظات من مؤسسة خيرية محلية، لكن على مدار 3 أسابيع لم تتمكن من شراء دواء علي، وهو عقار طبي يحفز الحركة والذاكرة يوصف أحيانا للأطفال المصابين بنقص في التركيز.[400]
قالت حمدة (42 عاما) إن ابنتها هبه (6 أعوام): "لا يمكنها السير أو الوقوف باتزان أو الدراسة بشكل جيد" وأنها لا تذهب للمدرسة.[401] لم تتمكن الأسرة من العثور على طبيب يشخص أو يعالج مرضها البدني أو الذهني، ولا تعتقد حمدة أن أية مدرسة ستقبل هبه.
أمضت 6 أشهر في العلاج الطبيعي في مؤسسة المعاقين [الدولية، وهي منظمة غير حكومية] لكن لم تتحسن وأغلقوا ملفها. سمعت عن منظمة أهلية أخرى لكنها تساعد الأطفال الصم والبكم فحسب. ذهبت إلى مؤسسة ثالثة للأطفال المعاقين لكن لم نجد مكانا. هناك عيادة خاصة تكلف 100 دينار (140 دولارا) في الجلسة، ولا أعرف عدد الجلسات التي تحتاجها.[402]
هند (50 عاما) تعيش مع أطفالها السبعة وبينهم 5 دون 18 عاما، في قرية صغيرة شمالي إربد.[403] ندى ابنة هند (12 عاما) مصابة بمتلازمة داون وكانت ملتحقة بـ "مدرسة خاصة للأطفال المصابين بداون، وهي مدرسة جيدة للغاية ومجانية تديرها مؤسسة خيرية" بعد وصول الأسرة للأردن في 2012. لكن هند أخرجتها من المدرسة في 2014 لأنها لم تتمكن من تحمل كلفة الباص الخاص بالمدرسة. كما تعطلت خطط إلحاقها بمدرسة عامة قريبة مع بعض أطفالها الآخرين عندما قال مدير المدرسة إن "لا مكان لها". قالت هند: "هي الآن تمكث في البيت طوال الوقت".[404]
قالت أحلام (31 عاما) إن ابنها محمد (10) أصيب بحرق في الرقبة وفقد الإبصار بإحدى عينيه في سوريا أثناء حادث وقع بمدرسة كان يحتمي بها 4000 شخص نازح في يوليو/تموز 2014. أجريت لمحمد جراحتين و"هو مصاب بصداع دائم" على حد قول الأم. تتابع معلمته مع الأسرة، لكن المساعدة الخاصة الوحيدة التي يتلقاها في المدرسة فيما يخص إصابته البصرية هي أن "المعلمة تدعه يجلس في الصف الأول".[405]
عبد الرحمن (12 عاما) مصاب بإعاقات ذهنية وصعوبة في المشي بسبب تشوه خلقي في الساقين، ويحصل على مساعدة في الذهاب للمدرسة سيرا على الأقدام من شقيقه طلال (11 عاما).[406] يعاني كلاهما من صعوبة في الرؤية في الفصل بسبب مشكلة في شبكية العين، وقد أجريت لهما جراحات لعلاجها في سوريا، لكن لا يمكن للأسرة تحمل الكلفة الطبية أو ثمن النظارات الطبية. قالت أمهما ر. إن المعلمين يسمحون لهما بالجلوس في الصف الأول في مدرسة الأونروا.[407]
V.المعايير القانونية
اللاجئون
لم يصدق الأردن على اتفاقية 1951 بشأن اللاجئين أو بروتوكولها لعام 1967 الذي وسّع من نطاقها الجغرافي والزمني بما يتجاوز أوروبا. لكن في عام 1998 وقع الأردن مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومن خلالها يعترف بولاية المفوضية فيما يخص تحديد وضع اللاجئ بالنسبة لطالبي اللجوء، ويتعهد بحماية قاعدة "عدم الإعادة القسرية" العرفية.[408] يمنح الاتفاق اللاجئين معاملة تساوي معاملة المواطنين فيما يخص التعليم الديني لأطفالهم، لكن لا يشير بخلاف هذا إلى الحق في التعليم.[409] راجع الأطراف مذكرة التفاهم في 2014، من أجل زيادة المهلة الزمنية المتاحة للمفوضية لمراجعة طلبات اللجوء، من 30 إلى 90 يوما، وزيادة سريان إقامة اللاجئين القابلة للتجديد من 6 أشهر إلى عام.[410]
أشارت ورقة بحثية صادرة عن منظمة العمل الدولية إلى أن "عملا، يتفادى الأردن الاعتراف الرسمي باللاجئين في قوانينه المحلية ويفضل الإشارة إلى اللاجئين السوريين بمسمى "الزوار" و"الضيوف غير الرسميين" و"الأشقاء العرب" أو ببساطة "الضيوف"، وليس لها تعريف قانوني في القوانين الأردنية المحلية".[411]
تحظر المادة 21 من الدستور الأردني تسليم اللاجئين السياسيين. يسمح "قانون الإقامة وشؤون الأجانب" لعام 1973 بإعفاءات من متطلبات تسجيل دخول وإقامة الأجانب " لاعتبارات خاصة بالمجاملات الدولية او الانسانية او حق اللجوء السياسي"، وينص على إصدار "تذاكر مرور" دولية للشخص عديم الجنسية و"اللاجئون الذين يعترف لهم بهذا الوصف".[412]
صدق الأردن على "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" في 1991، وهي تحظر الإعادة القسرية، في المادة 3(1).[413]
الحق في التعليم
للأطفال جميعا الحق في الحصول على التعليم دون تمييز. الأردن دولة طرف في عدد من المعاهدات الدولية المؤطرة لهذا الحق، ومنها "اتفاقية اليونسكو لمكافحة التمييز في مجال التعليم"،[414] والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،[415] واتفاقية حقوق الطفل،[416] والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،[417] و"اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة".[418] لم يتقدم الأردن بتحفظات تخص الحق في التعليم في أي من هذه المعاهدات.
تنص المعاهدات على أن التعليم الابتدائي يجب أن يكون "إلزاميا ومجانيا للجميع"[419] وأنه يجب "تعميم التعليم الثانوي [...] وجعله متاحا للجميع".[420] بالنسبة للأطفال الذين لم يحصلوا على تعليمهم الابتدائي كاملا يجب "تشجيع التربية الأساسية أو تكثيفها".[421] كما أن على الحكومات التزام بـ "اتخاذ تدابير لتشجيع الحضور المنتظم في المدارس والتقليل من معدلات ترك الدراسة".[422]
يحظر القانون الدولي التمييز على أسس من قبيل الدين أو العرق أو الأصل الاجتماعي أو أي وضع آخر.[423] يجب أن يرعى التعليم "تنمية احترام ذوى الطفل وهويته الثقافية ولغته وقيمة الخاصة".[424] طبقا للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي هيئة الخبراء الدولية المنوطة مسألة رصد إنفاذ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن الحظر على التمييز لا يخضع "لا لتنفيذ تدريجي ولا لتوافر الموارد، بل ينطبق كلية وفوراً على كل جوانب التعليم".[425]
بحسب اللجنة، فإن الحكومة التي يُحرم فيها أي عدد هام من الأفراد من "أشكال التعليم الأساسية، تُعتبر ولأول وهلة، متخلفة عن الوفاء بالتزاماتها" الخاصة بالحق في التعليم.[426]
تنص اتفاقية حقوق الطفل على أن تتخذ الدول الأطراف "التدابير الملائمة لتكفل للطفل الذي يسعى للحصول على مركز لاجئ، أو الذي يعتبر لاجئا وفقا للقوانين والإجراءات الدولية أو المحلية المعمول بها، سواء صحبه أو لم يصحبه والداه أو أي شخص آخر، تلقى الحماية والمساعدة الإنسانية المناسبتين في التمتع بالحقوق المنطبقة الموضحة في هذه الاتفاقية وفى غيرها من الصكوك الدولية الإنسانية أو المتعلقة بحقوق الإنسان التي تكون الدول المذكورة أطرافا فيها".[427]
ليس الأردن طرفا في اتفاقية 1951 بشأن اللاجئين التي تنص على ضرورة حصول اللاجئين على نفس معاملة المواطنين فيما يخص التعليم الابتدائي و"على ألا تكون في أي حال أقل رعاية من تلك الممنوحة للأجانب عامة في نفس الظروف" فيما يخص مستويات التعليم الأخرى.[428] بغض النظر عن المذكور، فإنه وبموجب مبادئ القانون الدولي المقننة في اتفاقيات حقوق الطفل والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقضاء على التمييز، فإن الأردن مُلزم بإمداد الأطفال السوريين اللاجئين بالتعليم الابتدائي المجاني وبإتاحة التعليم الثانوي دون تمييز.
عمل الأطفال
صدق الأردن على الاتفاقيات الدولية الأساسية الخاصة بعمل الأطفال، وهي اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن الحد الأدنى لسن الالتحاق بالعمل (اتفاقية منظمة العمل الدولية 138)[429] واتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال (اتفاقية منظمة العمل الدولية 182)،[430] وأيضا اتفاقية حقوق الطفل والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. هذه الاتفاقيات تقر بأن الطفل الذي يعمل تقل احتمالات حصوله على التعليم المناسب.[431] كما أنها تطالب الحكومات بحماية "للأطفال والمراهقين... من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي"[432] و"أي عمل يرجح أن يكون خطيرا أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل".[433] بموجب القانون الأردني فإن الحد الأدنى لسن العمل هو 16 عاما، والحد الأدنى لسن العمل بأعمال خطرة هو 18 عاما.[434]
يعرف قانون الطفل الأردني "المراهقين المحتاجين للحماية" تعريفا يشمل العمال الأطفال، مثل الباعة الجائلين وجامعي القمامة، وبموجب القانون فإن وزارة التنمية الاجتماعية مسؤولة عن وحدة عمل الأطفال، التي تتعاون مع وحدة عمل الأطفال بوزارة العمل. شكلت وزارات العمل والتربية والتنمية الاجتماعية نظاما لمراقبة عمل الأطفال لجمع البيانات وللتنسيق والإحالة.[435]
الحق في العمل
الأردن له الحق في تنظيم إتاحة الوظائف وفرص العمل من خلال قوانين وأنظمة العمل، لكن التزاماته الخاصة بحقوق الإنسان تعني أن على السلطات ألا تفرض استبعادا معمما على اللاجئين، من الحق في كسب الدخل. الوفاء بهذه الالتزامات لا يطالب الأردن بإتاحة سوق العمل كاملة بلا تدخل للاجئين، إنما أن يضمن فرصة حقيقية لحصولهم على وظائف توفر لهم دخولا في ظل شروط غير تمييزية، وبموجب القانون.
ليس الأردن طرفا في اتفاقية اللاجئين لسنة 1951 التي تمنح اللاجئين الذين "يقيمون بشكل قانوني" في إقليم الدولة الحق في الحصول على وظائف توفر الدخل.[436] إلا أن مذكرة تفاهم الأردن مع مفوضية اللاجئين تنص على: "ولكي ما يتمكن اللاجئ من توفير الحياة الكريمة لأسرته اتفق الطرفان على منح اللاجئ الموجود بصورة شرعية في المملكة الاردنية الهاشمية حق العمل لحسابه اذا كانت القوانين واللوائح المعمول بها تسمح بذلك".[437] ذكرت اللجنة التنفيذية لمفوضية اللاجئين أن "تحسين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية – وتشمل اكتساب العمل – ضرورية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمان الأسري للاجئين، وهي ضرورية لعملية إعادة إرساء الإحساس بالكرامة الإنسانية وكفالة حلول دائمة لمشكلات اللاجئين".[438]
الأردن دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وتنص المعاهدتان على التزامات باحترام الحق في العمل وتشجيع الدول على السماح لغير المواطنين – وبينهم طالبي اللجوء – بالتمتع بالحق في العمل.[439] تنص المادة 6 من العهد الدولي على أن الدول الأطراف تعترف "بالحق في العمل، الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق".[440]
تفرض الاتفاقية هذا الالتزام بصفته التزام بتحقيقه إيجابا وتسمح للدول بأن تحدد "إلى أي مدى ستضمن الحقوق الاقتصادية المعترف بها في هذا العهد لغير المواطنين".[441] لكن اللجنة التي تشرف على تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية شددت على أن الجنسية يجب ألا تحول دون التمتع بالحقوق المكفولة بالعهد وأن الحق في العمل ينطبق "على الجميع بمن فيهم غير المواطنين، كاللاجئين وطالبي اللجوء والأشخاص عديمي الجنسية والعمال المهاجرين وضحايا الاتِّجار الدولي، بغض النظر عن المركز القانوني والوثائق القانونية".[442]
تنص المادة 5 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على "ضمان حق كل إنسان، دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الاثني، في المساواة أمام القانون، لا سيما بصدد التمتع... [بـ]الحق في العمل، وفي حرية اختيار نوع العمل، وفي شروط عمل عادلة مرضية، وفي الحماية من البطالة، وفي تقاضي أجر متساو عن العمل المتساوي، وفي نيل مكافأة عادلة مرضية".[443]
في عام 2004 أقرت الهيئة المنشأة بموجب الاتفاقية بحق الدول في ترسيم اختلافات بين المواطنين وغير المواطنين، لكن قالت إن حقوق الإنسان – من حيث المبدأ – هي لجميع الأشخاص. طالبت الدول تحديدا بأن تذلل أي عقبات تعترض التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالنسبة لغير المواطنين في مجال العمل،[444] وباتخاذ تدابير للقضاء على التمييز ضد غير المواطنين فيما يخص ظروف العمل ومتطلباته.[445]
VI.التوصيات
إلى وزارة التربية والتعليم الأردنية
- يجب فرض نظم تسجيل وتوثيق متكاملة ومرنة تسمح للأطفال القادمين من سوريا بالالتحاق بالتعليم الرسمي وارتياد المدارس.
- وضع وتنفيذ أدلة توجيهية مرنة بحيث لا يُحرم الأطفال من القدرة على الالتحاق بالمدارس بسبب عدم حيازة شهادات الميلاد أو وثائق الخدمة، أو بسبب إصدار وثائق الخدمة الخاصة بهم من مناطق مختلفة عن التي تتواجد بها المدارس المطلوب الالتحاق بها.
- إعداد نظام تصديقات مرن يسمح للطلاب السوريين في المدارس الثانوية والتعليم العالي بعرض الوثائق الداعمة لطلباتهم إذا لم تتوفر الأصول، أو بأن يدخلوا اختبارات التوجيهي مرة أخرى بدلا من إعادة سنوات مدرسية كاملة.
- التنازل عن مبدأ الثلاث سنوات الذي يمنع الأطفال الأكبر بثلاث سنوات من أقرانهم بالالتحاق بالصف المدرسي الذي توقفت دراستهم عنده.
- تنفيذ خطط لإلحاق 25 ألف طالب ببرامج تعليم معتمدة ومكثفة تسمح لهم بالعودة إلى التعليم الرسمي لدى إتمام هذه البرامج.
- بدعم من المانحين، يجب توسيع مجال تنفيذ خطط توفير اختبارات أكثر لتحديد الصفوف المدرسية المناسبة للطلاب الراغبين بالالتحاق بالمدارس، وأن تتوفر برامج التعليم المعتمدة للأطفال التاركين للمدارس فوق سن 12 عاما، وتهيئة متطلبات أكثر مرونة عن مطلب أن يقدم الأطفال الشهادات التعليمية السورية أو الأردنية من أجل السماح لهم بالالتحاق بالمدارس الثانوية.
- على وزارة التعليم ونقابة المعلمين – بالتعاون مع المانحين – العمل على إلغاء القيود التنظيمية التي تحظر قيام المعلمين السوريين بالتعليم.
- تنفيذ خطط تدريب المعلمين والاستفادة من دروس الحملات السابقة ضد العقاب البدني بالمدارس، على مسار تنفيذ تدابير محاسبة حقيقية، وزيادة إشراك العائلات السورية والأردنية على السواء.
- التعاون مع المانحين في تحسين مرافق المدارس الخاصة بالأطفال في الفترة المسائية وفي مدارس مخيمات اللاجئين، والمرافق الخاصة بالفتيات والصبية المعاقين.
إلى وزارة الداخلية الأردنية
- ضمان قدرة اللاجئين السوريين على تسجيل تواجدهم في المناطق المضيفة للاجئين.
- ضمان قدرة الأطفال السوريين على استصدار شهادات ميلاد.
- الكف عن سياسة توقيف وإعادة الأفراد قسرا إلى مخيمات اللاجئين أو ترحيلهم إلى سوريا، فيما يخص السوريين غير القادرين على إثبات مغادرتهم المخيمات دون اتباع الإجراءات الرسمية، مثل عملية "الكفالة"، ومن تم توقيفهم بسبب العمل دون تصريح.
إلى وزارة العمل الأردنية
- بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية والمجتمع المدني، يجب مراجعة أنظمة العمل القانونية بما يتيح للاجئين السوريين فرصا حقيقية للحصول على تصاريح عمل معقولة المتطلبات.
- تحسين عملية إنفاذ تدابير حماية قانون العمل المخصصة لجميع الأطفال، وبينهم اللاجئين السوريين.
إلى الحكومة الأردنية
- التصديق على اتفاقية اللاجئين وبروتوكولها لعام 1967 دون تحفظات.
إلى المانحين الدوليين
- ضمان توزيع التمويل المناسب في الوقت المناسب للوفاء بالتعهدات بزيادة عدد الفصول المتوفرة للأطفال السوريين في مرحلة ما قبل المدرسة وفي المدارس الابتدائية، ولجعل مرافق التعليم التي تكفل المساواة متوفرة لجميع الأطفال السوريين، ولتوسيع وتجديد المدارس القائمة ولإنشاء مدارس جديدة، وللتوسع بدرجة كبيرة في برامج التعليم المعتمدة المكثفة التي تمكن الأطفال من العودة للالتحاق بالمدارس العامة.
- دعم وزارة التربية في زيادة عدد ساعات التعليم الخاصة بالأطفال في الفترات المسائية وضمان حصول جميع الطلاب في المدارس الحكومية على وقت دراسة موحد للجميع.
- الاستمرار في العمل مع السلطات الأردنية على توسيع البرامج المعتمدة المكثفة للأطفال أكبر من 12 عاما.
- تشجيع ودعم الأردن فيما يخص تحسين عملية متابعة ورصد نتاج التعليم، بالتركيز خصيصا على الأطفال في سن التعليم الثانوي.
- ضمان التمويل المستدام لتوفير الدعم بشكل متسق للاجئين ولتفادي التقلب في كفالة المساعدات، بما يشمل الدعم الإنساني للاجئين في المناطق المضيفة للاجئين ممن لم يتمكنوا من التسجيل.
- دعم وتوسيع مجال الفرص المولدة للدخل في الأردن للاجئين السوريين، واللازمة لتجاوز المشاق المالية التي قد تؤدي إلى ترك المدارس وعمل الأطفال والزواج المبكر والعودة إلى سوريا.
- دعم وتوسيع البرامج التي من شأنها مساعدة الأسر السورية – والأردنية أيضا – في تحييد الرسوم المتصلة بالمدارس التي من شأنها إن لم تتوفر لهم أن تعيق التعلم، بما يشمل تكاليف المواصلات.
شكر وتنويه
أجرى بحوث هذا التقرير وكتبه بيل فان إسفلد، باحث أول في قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش. أجرت أيضا بحوثا لصالح التقرير الباحثة في قسم حقوق الطفل إيلين مارتينيز.
حرر التقرير مايكل بوشنك، مستشار أول في حقوق الطفل. قدم المراجعة القانونية ومراجعة قسم البرامج كل من كلايف بالدوين ودانييل هاس. قدم مراجعة الخبراء كل من نديم حوري نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وستيفاني ك. دجي، الحاصلة على زمالة في قسم حقوق اللاجئين، وإيلين مارتينيز، وإيمينا سيريموفيتش، باحثة حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
قدمت هيلين غريفيث المنسقة بقسم حقوق الطفل مساعدة في إنتاج التقرير وتحريره. قدم كل من أوليفيا هنتر، المنسقة بقسم الصور والمطبوعات، وخوزيه مارتينيز، منسق أول، وفيتزروي هوبكنز، المدير الإداري، مساعدات في إنتاج التقرير.
تتقدم هيومن رايتس ووتش بالشكر للأطفال والأهالي الذين أطلعونا بكل كرم على تجاربهم. كما نعرب عن امتناننا للمعلمين والإداريين بالمدارس والعاملين بالمنظمات الوطنية والدولية غير الحكومية وهيئات الأمم المتحدة والسلطات الأردنية، الذين يسروا بحوثنا وأطلعونا على معلومات وخبرات لا غنى عنها لإعداد التقرير.