(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 عن رفع حالة الطوارئ أمر إيجابي، لكنه لا يكفي لإخماد أزمة حقوق الإنسان التي طال أمدها في البلاد.
على الحكومة إنهاء العديد من القيود الأخرى الشبيهة بقانون الطوارئ على المشاركة المدنية وحرية التعبير والتجمع السلمي. ينبغي للرئيس أيضا إطلاق سراح آلاف المسجونين بموجب تلك القوانين الجائرة.
قال عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "سنّت الحكومة منذ الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013 عشرات القوانين التي ينبغي تعديلها أو إلغاءها، وإلا لن يُحسّن رفع حالة الطوارئ أي شيء".
أعلن السيسي حالة الطوارئ في البلاد في أبريل/نيسان 2017 بعد هجوم إرهابي كبير تسبب في مقتل عشرات المسيحيين. وهو منذ ذلك الحين يجددها كل ثلاثة أشهر رغم المادة 154 من الدستور التي تحدد حالة الطوارئ بثلاثة أشهر قابلة للتجديد لمرة واحدة. كانت البرلمانات الحالية والسابقة، المؤيدة بأغلبية ساحقة للسيسي، توافق روتينيا على تلك القرارات.
يمنح قانون الطوارئ لعام 1958 قوات الأمن سلطات واسعة وغير مقيدة، بما في ذلك احتجاز المشتبه بهم والمعارضين، ومراقبة الاتصالات الخاصة، وحظر التجمعات، وإخلاء المناطق، ومصادرة الممتلكات، وغير ذلك، مع مراجعة قضائية محدودة أو معدومة. تعيش مصر في حالة طوارئ منذ 1981، باستثناء فترات متقطعة بين منتصف 2012 ومنتصف 2017.
منذ أن دبّر السيسي، وزير الدفاع آنذاك، الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في 2013، سنّت الحكومة عشرات القوانين التي تمنح قوات الأمن صلاحيات استثنائية وتقيّد الحقوق الأساسية بشكل غير قانوني، حتى دون الاستناد إلى قانون الطوارئ. مثلا، حظر قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية لعام 2013 فعليا جميع أشكال التجمعات السلمية تقريبا وأدى إلى اعتقال ومحاكمة عشرات الآلاف.
في أغسطس/آب 2015، أقرّ السيسي قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 . يتبنى القانون تعريفا فضفاضا جدا للإرهاب يشمل تقريبا كل أشكال العصيان المدني. استخدمت الحكومة هذا القانون على نطاق واسع لسحق المعارضة السلمية ومحاكمة المنتقدين أمام محاكم الإرهاب المسيئة. قبل بضعة أشهر، في فبراير/شباط 2015، أقر السيسي قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية، والذي سمح للسلطات بوضع آلاف المعارضين والمنتقدين والكيانات على قوائم الإرهاب فقط بناءً على مذكرات أمنية أرسلتها النيابة العامة إلى محكمة جنائية، بدون جلسات استماع أو أي شكل من أشكال الإجراءات القانونية الواجبة. يؤدي تصنيف الشخص كإرهابي تلقائيا إلى حظر سفره لمدة خمس سنوات، وأوامر بتجميد أصوله، وعواقب وخيمة أخرى.
تقتبس المادة 53 من قانون مكافحة الإرهاب لعام 2015 عبارات من قانون الطوارئ، مانحة الرئيس سلطة "اتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام" بما في ذلك على سبيل المثال وليس الحصر، فرض حظر التجول أو إخلاء المناطق أو تقييد حرية التنقل. في 2 أكتوبر/تشرين الأول، فوض صلاحيات المادة 53 غير المقيدة على الوضع في شمال سيناء إلى وزير الدفاع محمد زكي لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد إلى أجل غير مسمى.
يحتاج قانون العمل الأهلي لعام 2019 إلى تعديل أو استبدال شامل، حيث يفرض قيودا صارمة على المنظمات المستقلة وعلى المشاركة المدنية، ويُخضع العمل اليومي للمنظمات إلى رقابة ومراقبة أمنية مرهقة. على السلطات المصرية أيضا أن تُلغي فورا تعديلات 2013 على قانون الإجراءات الجنائية، والتي تسمح فعليا بالحبس الاحتياطي للمشتبه فيهم إلى أجل غير مسمى، متسببة بحبس الآلاف بلا محاكمة.
في مايو/أيار، أصدرت منظمات حقوقية مصرية بارزة بيانا مشتركا تضمن سبع "إجراءات ضرورية ومحددة وعاجلة" ينبغي للسلطات المصرية اتخاذها باعتبارها أساسية قبل الحديث عن أي "إنفراجة" في أوضاع الحقوق. بالإضافة إلى رفع حالة الطوارئ، طالبت المنظمات بالإفراج عن السجناء السياسيين، وإنهاء الحبس "مفتوح المدة".
واصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه وشركاء مصر الدوليون الآخرون تقديم الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي للحكومة المصرية رغم الأدلة الدامغة على انتهاكات حقوقية خطيرة ومنهجية ارتكبتها الأجهزة الأمنية سيئة الصيت. ينبغي للرئيس بايدن وباقي القادة الاتفاق على عدم الاجتماع بالرئيس السيسي ما لم يحدث تقدم كبير يتجاوز رفع حالة الطوارئ.
قال مجدي: " رفع حالة الطوارئ ينبغي ألا يحرف انتباه حلفاء مصر عن الإصرار على أن يتخذ الرئيس السيسي خطوات أساسية لمعالجة الواقع القمعي للحياة السياسية في مصر. عليها الضغط على السلطات لإلغاء القوانين المسيئة الكبرى وإطلاق سراح آلاف المصريين المسجونين بموجب هذه القوانين لممارستهم حقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمع السلمي".