مصرع ديكتاتور

أعمال الثأر والانتقام الدامية في سرت

مصرع ديكتاتور

أعمال الثأر والانتقام الدامية في سرت

ملخص
التوصيات
إلى السلطات الليبية:
إلى المجتمع الدولي:
إلى ادعاء المحكمة الجنائية الدولية
. خلفية
. الهروب من طرابلس والأيام الأخيرة في سرت
محاولة الفرار من المنطقة الثانية، صباح 20 أكتوبر/تشرين الأول
III. عملية اسر معمر القذافي والمقربين منه
. القبض على معمر القذافي ومصرعه
. عمليات الإعدام بإجراءات موجزة في موقع اعتقال القذافي
. القبض على معتصم القذافي وإعدامه
VII. إعدام المحتجزين الناجين من القافلة في فندق مهاري
VIII. المعايير القانونية وإخفاق السلطات الانتقالية الليبية في التحقيق
. رد السلطات الانتقالية الليبية
شكر وتنويه
الملحقات
الملحق أ
الملحق ب

ملخص

عندما اندلعت المظاهرات ضد حُكم القائد الليبي معمر القذافي في ليبيا في فبراير/شباط 2011، ردت قوات الأمن الحكومية بفتح النار على المتظاهرين. ومع تحول حركة الاحتجاج السلمية إلى انتفاضة مسلحة كاملة ضد حُكم القذافي القائم منذ 42 عاماً، تعهد القذافي بمطاردة "الصراصير" و"الجرذان" الذي رفعوا السلاح في وجهه "شبر شبر، بيت بيت، دار دار، زنقة زنقة، فرد فرد". [1] بدأ نزاع دموي، فراحت القوات الموالية للقذافي تقصف المناطق المأهولة بالمدنيين بشكل عشوائي لا يميز بين المدنيين والمقاتلين، واعتقلت آلاف المتظاهرين وغيرهم من المشتبهين بدعم المعارضة، وتم احتجاز الكثيرين في مراكز اعتقال سرية، وتم تنفيذ عمليات إعدام بإجراءات موجزة خارج نطاق القضاء.

لكن بعد التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وبعد ثمانية شهور من القتال، وجد معمر القذافي والمقربون منه أنفسهم محاصرين ومعزولين في مدينة سرت الساحلية، موطن القذافي الأصلي، يتنقلون بين البيوت المهجورة هرباً من القصف العنيف والعشوائي من الميليشيات المعارضة للقذافي القادمة من مصراتة وبنغازي ومناطق أخرى، وقد حاصروا المنطقة. صباح 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011 أمر معتصم القذافي – نجل معمر القذافي الذي تزعم الدفاع عن سرت – أمر المقربين من القذافي، ممن بقوا موالين له، وبعض المدنيين المتبقين في المدينة، بهجر المنطقة الثانية بسرت، في قافلة من زهاء 50 سيارة مدججة بالأسلحة.

لكن فشلت محاولة الفرار... مع سعي قافلة الموالين للقذافي جيدة التسليح للفرار من المنطقة الثانية المحاصرة في سرت، أصاب صاروخ عنقودي أطلقه حلف الناتو القافلة فدمر إحدى العربات على حد قول الشهود. بعد التحرك بضعة مئات من الأمتار إلى الغرب، وجدت القافلة أنها قبالة ميليشيا من مصراتة، وأطلقت عليها طائرة من الناتو عدة قنابل مما أدى إلى احتراق وتفحم العشرات من مقاتلي القذافي. بينما اشتبك بعض الناجين من هجوم الناتو في مناوشات مع ميليشيا مصراتة، فر القذافي وبعض الناجين الآخرين من القافلة نحو مجمع فيلات محاط بأسوار على مقربة من موقعهم، وسرعان ما حاولوا الفرار بعد ذلك عبر الحقول وإلى ماسورتي صرف صحي تحت طريق رئيسية كبرى قريبة من المكان. وهناك قبضت عليهم ميليشيات مصراتة.

يعرض هذا التقرير أدلة على أن ميليشيات مصراتة، بعد أن قبضت على عناصر قافلة القذافي ونزعت منهم أسلحتهم وأخضعتهم لسيطرتها الكاملة، عرضتهم لأعمال ضرب وحشي قبل أن تقوم على ما يبدو بإعدام العشرات منهم. بعد شهور، ما زالت السلطات الليبية لم تحقق أو تحاسب المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم.

عندما عثر مقاتلو الميليشيات على معمر القذافي والمقربين منه مختبئين إلى جوار مواسير الصرف، ألقى أحد حراس معمر القذافي تجاههم قنبلة يدوية، فارتطمت بجدار خرساني وانفجرت وسط دائرة الزعيم، مما أودى بحياة أبو بكر يونس وزير دفاع القذافي، ونثرت الشظايا التي ألحقت الإصابات بمعمر القذافي وآخرين، وذلك طبقاً لبعض الناجين من الواقعة قابلتهم هيومن رايتس ووتش. سرعان ما تدافع مقاتلو مصراتة نحو معمر القذافي، فأصابوه بالسونكي في أسفل ظهره، ثم بدأوا في كيل الركلات واللكمات والضربات له. حين أُدخل معمر القذافي سيارة إسعاف لنقله إلى مصراتة، كان يبدو أن حياته قد انتهت، وما زال من غير الواضح إن كانت الوفاة بسبب العنف الذي تعرض له أم بسبب إصاباته من الشظايا، أو لإطلاق الرصاص عليه بعد ذلك كما زعم البعض.

في نفس الصباح، يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول، قام عناصر من ميليشيات مصراتة في مكان آخر بالقبض على معتصم، نجل معمر القذافي، وكان مسؤولاً عن قوات الدفاع عن مصراتة، وهو من قاد القافلة قبل سقوطها، وكان قد حاول الفرار من منطقة الفرار. ظهرت مقاطع فيديو بعد قليل لعملية القبض عليه، يظهر فيها واعياً وقادراً على السير، وإن كانت هناك إصابات بسيطة من شظايا في الجزء العلوي من صدره. يظهر من مقطع فيديو تم تصويره في وقت لاحق يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول، معتصم القذافي في حجرة مع مقاتلي مصراتة، من ميليشيات أسود الوادي، وهو يشرب المياه ويدخن سجائر. بحلول عصر اليوم نفسه كان قد مات، وقد ظهرت عليه إصابات جديدة بليغة يبدو منها أنه قُتل رهن الاحتجاز.

عندما انتهت المعركة الأخيرة، كان أكثر من مائة عنصر من القافلة قد قُتلوا في مسرح الأحداث. وبينما مات أغلبهم في القتال وعلى أثر ضربات الناتو التي استهدفت القافلة، فإن بعضهم على الأقل يبدو أنهم قد أُطلق عليهم الرصاص بعد أن مسحت الميليشيات المعارضة للقذافي المنطقة في أعقاب القتال، فعثرت عليهم أحياء وأسرتهم.

قبضت الميليشيات المعارضة للقذافي ما يُقدر بنحو 150 شخصاً أحياء بعد المعركة. قامت الميليشيات بنقل نحو 70 من الناجين إلى مصراتة وتم احتجازهم هناك، لكن بقي نحو 53 شخصاً وربما يصل العدد إلى 66، تم العثور عليهم قتلى في اليوم التالي في فندق المهاري القريب من المنطقة. هناك مقاطع فيديو صورها مقاتل من مصراتة تُظهر 29 من القتلى وهم يتعرضون للضرب والصفع والسباب والبصق عليهم من قبل آسريهم، في مكان اعتقالهم. تعرفت هيومن رايتس ووتش على ستة من بين التسعة وعشرين شخصاً الذين ظهروا في مقطع الفيديو، ضمن الجثث التي تم تصويرها بعد ذلك داخل زمام فندق المهاري، وقد أكد عاملون بالمستشفى في سرت التعرف على سبعة رجال آخرين رآهم في الفيديو ثم عثر عليهم في الفندق. كما تعرف أقارب وأصدقاء على خمس جثث إضافية من الفندق.

يبدو أن عمليات القتل هذه هي أكبر عملية إعدام موثقة لمحتجزين ارتكبتها القوات المعارضة للقذافي أثناء النزاع الذي دام ثمانية شهور في ليبيا. إعدام السجناء المحتجزين يعد جريمة حرب.

لم تتخذ السلطات الانتقالية الليبية أية خطوات جادة نحو التحقيق في هذه الجريمة الجسيمة، رغم وجود أدلة على أن عناصر من ميليشيات مصراتة إما ارتكبوا الجريمة أو لديهم معرفة مباشرة بها. وإلى حد ما فإن إخفاق السلطات الانتقالية الليبية في التحقيق يُظهر نقص سيطرتهم على ميليشيات جيدة التسليح، والحاجة الماسة لإخضاع ميليشيات ليبيا العديدة على وجه السرعة لسيطرة السلطات الجديدة. تدعو هيومن رايتس ووتش السلطات الليبية إلى اتخاذ خطوات فورية للتحقيق في عمليات القتل في سرت وملاحقة المسؤولين عنها أمام القضاء، وتدعو المجتمع الدولي إلى الإصرار على المحاسبة عن هذه الجرائم، وتوفير الدعم الفني أثناء التحقيقات.

التوصيات

إلى السلطات الليبية:

  • يجب التحقيق والملاحقة القضائية – بما يتفق مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة – مع الأفراد الذين توجد أدلة موثوقة على تورطهم في عمليات القتل أثناء الاسر لعناصر من قافلة القذافي التي حاولت الفرار في 20 أكتوبر/تشرين الأول، ومنهم الخاضعين للمساءلة بموجب مفهوم مسؤولية القيادة، جراء إخفاقهم في التدخل لمنع هذه الجرائم أو في محاسبة الجناة المسؤولين عنها.
  • يجب ضمان أن تبدأ لجنة التقصي المنشأة من قِبل المجلس الوطني الانتقالي للتحقيق الجنائي في جميع الجرائم المحتملة في سرت يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011 وما بعده، أن تبدأ فعلياً في تحقيقاتها وأن تحصل على جميع أشكال التعاون الممكنة من سلطات مصراتة، لا سيما فيما يخص استدعاء الشهود.
  • ضمان تنسيق رئيس النيابة في مصراتة بين خبراء الطب الشرعي المسؤولين عن إصدار تقارير التشريح، وهيئات الشرطة المكلفة بجمع الأدلة، والمؤسسات الحكومية الأخرى، على مسار التسريع بعجلة التحقيقات.
  • التعرف على أشكال التهديد والترهيب والعنف ضد الشهود والضحايا وأهلهم ممن لديهم معلومات عن الجرائم الموثقة في هذا التقرير وحمايتهم من هذه المخاطر.
  • الحفاظ على جميع الأدلة التي من شأنها إلقاء الضوء على الجرائم الموثقة في التقرير، بما في ذلك مقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية، وضمان وصول سلطات التحقيق إلى الأماكن التي شهدت الجرائم.
  • يجب أن يُذكر علناً أن الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات المرتبطة بالمجلس الوطني الانتقالي لن يتم التسامح معها، وأن هذه الجرائم ستخضع للتحقيق والعقاب، حتى أعلى المستويات.
  • يجب الاستعانة بعملية تدقيق صارمة وشفافة على جميع من سينضمون إلى هيئات الأمن الوطنية الرسمية، سواء كانت تحت سلطة وزارة الدفاع أو وزارة العدل أو الداخلية، ورفض التحاق أي شخص متهم بارتكاب جرائم جسيمة.
  • يجب تعديل القانون رقم 38 لعام 2012، بشأن بعض الإجراءات الخاصة بالمرحلة الانتقالية، وهو القانون الذي يمنح العفو وعدم معاقبة الثوار على "ما استلزمته ثورة 17 فبراير من تصرفات عسكرية أو أمنية أو مدنية... بهدف إنجاح الثورة أو حمايتها". القانون الدولي يحظر منح الحصانة على الجرائم الدولية الجسيمة من قبيل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجميع وقائع التعذيب.

إلى المجتمع الدولي:

  • يجب المطالبة بالمحاسبة على أعمال القتل رهن الاحتجاز للأسرى من قافلة القذافي، ودعم جهود ليبيا الخاصة بتقديم جناة هذه الجرائم إلى العدالة.
  • يجب إمداد السلطات الليبية بالدعم المطلوب للتحقيق والملاحقة القضائية في هذه الجرائم، وإطلاع السلطات الليبية على أية معلومات ونتائج مراقبة جمعها حلف الناتو أو دوله الأعضاء والتي من شأنها أن تسهم في التحقيق والملاحقة القضائية على هذه الجرائم.

إلى ادعاء المحكمة الجنائية الدولية

في سياق الاختصاص القضائي الحالي للمحكمة الجنائية الدولية على الجرائم الجسيمة المرتكبة من جميع الأطراف في النزاع الليبي، بموجب تفويض من مجلس الأمن، يتعين على ادعاء المحكمة الجنائية الدولية:

  • إخطار السلطات الليبية بالتزامها بالتحقيق، ولدى الضرورة، بملاحقة مزاعم جرائم الحرب المرتكبة من جميع أطراف النزاع في ليبيا، ومنها الجرائم الموثقة في هذا التقرير والتي تورط فيها عناصر من الميليشيات المعارضة للقذافي.
  • التأكيد على بواعث القلق إزاء عدم استعداد ليبيا الظاهر للتصدي للجرائم الجسيمة المرتكبة من جميع الأطراف، وتوضيح أن هذه الانتهاكات قد تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
  • فحص الجرائم المعفاة حالياً من الملاحقة القضائية بسبب القوانين الصادرة مؤخراً في ليبيا، وإن لزم الأمر، التحقيق في أي جرائم تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
  • مراقبة أية جهود داخلية للملاحقة على الجرائم الجسيمة من أجل التوصل إلى قرار بشأن فتح تحقيق في تلك الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص الجنائية الدولية إذا ظهر من الجهود الليبية وجود عدم إرادة أو قدرة على محاسبة الجناة.

I . خلفية

في فبراير/شباط 2011 اندلعت مظاهرات للمطالبة بالديمقراطية في ليبيا، وسرعان ما تمت مواجهتها بالقمع العنيف من قبل القوات الحكومية الليبية، مما أدى لسقوط مئات القتلى. [2] ورغم القمع، سيطر المتظاهرون – مدفوعون بانشقاقات في الجيش – على الكثير من مناطق شرقي ليبيا. سرعان ما تطورت الانتفاضة السلمية إلى نزاع داخلي مسلح بين قوات ظلت موالية للقذافي، وتحالف موسع من قوات المعارضة، بتنسيق فضفاض تحت لواء المجلس الوطني الانتقالي، وهو "الحكومة الانتقالية" المشكلة من قيادات المعارضة بمدينة بنغازي شرقي ليبيا في 27 فبراير/شباط 2011.

وفي 17 مارس/آذار مع اقتراب قوات عسكرية موالية للزعيم الليبي معمر القذافي من بنغازي، معقل المعارضة الأساسي في الشرق، أصدر مجلس الأمن القرار 1973 بفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا وصرح باستخدام "جميع الإجراءات الممكنة" – باستثناء إرسال قوات احتلال – من أجل حماية المدنيين. أدى هذا إلى بدء "عملية الحماية الموحدة" للناتو، وكان قوامها حظر أسلحة وإعداد منطقة حظر طيران فوق ليبيا وتدخل عسكري لحماية المدنيين من الهجمات أو التهديد بالهجمات. [3] وقد أخفقت القوات الموالية للقذافي في السيطرة على بنغازي وانتزاعها هي وشرق ليبيا من قوات المعارضة. وقامت فرنسا وقطر والإمارات العربية المتحدة وربما دول أخرى، بتقديم الأسلحة والتدريب لقوات المعارضة، وأقرت قطر فيما بعد بأنها أرسلت المئات من قواتها إلى ليبيا. [4]

وفي الفترة من فبراير/شباط إلى أغسطس/آب 2011 عندما سقطت طرابلس، ارتكبت قوات القذافي انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان وقوانين الحرب. احتجزت القوات الموالية للقذافي آلاف الأشخاص دون اتهامات وعرضتهم في أحيان كثيرة للتعذيب والمعاملة السيئة أثناء احتجازهم. تكرر شن قوات القذافي لهجمات عشوائية باستخدام قذائف الهاون والمدفعية والصواريخ الغراد على مناطق مدنية، [5] كما وضعت القوات عشرات الآلاف من الألغام المضادة للأفراد والمركبات. [6] وثقت هيومن رايتس ووتش 20 حالة اغتصاب جماعي واعتداءات جنسية على رجال ونساء من قبل القوات الموالية للقذافي، رغم أن نطاق هذه الانتهاكات الفعلي ما زال مجهولاً. [7] كما أعدمت قوات القذافي سجناء في عهدتها، ووقعت بعض هذه العمليات قبيل سقوط طرابلس مباشرة، عندما تم إعدام 45 محتجزاً في مخزن مجاور لقاعدة كتيبة خميس، ويديرها نجل القذافي خميس القذافي. [8]

كما ارتكبت قوات المعارضة انتهاكات لحقوق الإنسان وخروقات لقوانين الحرب، منها بعض عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، واعتقالات تعسفية وتعذيب للمحتجزين، [9] وهجمات انتقامية ضد بلدات تم اعتبارها موالية للقذافي، [10] وهجمات عامة وموسعة ضد عمال مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، متهمين بالعمل كمرتزقة لصالح القذافي. [11]

قوات المعارضة التي حاربت القذافي في حرب ليبيا الأهلية عام 2011 كانت غير منظمة بشكل جيد ولم تكن في أغلبها تخضع لسيطرة المركز الانتقالي المركزية، وهي هيئة المعارضة المؤقتة التي تم تأسيسها في 27 فبراير/شباط في بنغازي والتي خلفت حكومة القذافي بعد سقوطها. ظهرت مئات الميليشيات لمحاربة القذافي، وكانت منظمة على هيئة شبكات غير رسمية تنتمي للبلدات والشركات والمدارس ووحدات عسكرية سابقة (في حالة المنشقين) أو مؤسسات دينية ينتمي أعضاء الميليشيا إليها. في كل مدينة وبلدة تقريباً في ليبيا كان ولاء الميليشيات داخل البلدة أو المدينة هو للمنشأ، من ثم أصبحت مختلف الميليشيات منتمية لمنشأها وصارت تنسق بشكل فضفاض أنشطتها على اساس هذا الانتماء.

وكان لمدينة مصراتة وميليشياتها تجربة فريدة من نوعها، وبرزت إلى سطح الأحداث أثناء نزاع 2011. عرضت قوات القذافي مصراتة لحصار دام شهرين في ربيع ذلك العام، وشهدت المدينة قصف شبه يومي أودى بحياة مئات المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدينة. وثقت هيومن رايتس ووتش استخدام الحكومة للذخائر العنقودية التي أطلقتها بواسطة قذائف هاون، وصواريخ غراد قوية وعشوائية أصابت أحياء مصراتة السكنية. [12]

بعض ميليشيات مصراتة نالت سمعة كونها قاسية المعاملة، منذ انتهاء حصار مصراتة. وتستمر ميليشيات مصراتة حتى كتابة هذه السطور في منع 30 ألف شخص من العودة إلى بيوتهم في تاورغاء، وهي بلدة تقع إلى جنوب مصراتة، بسبب اتهام السكان بارتكاب أعمال وحشية ضد سكان مصراتة، بالتعاون مع قوات القذافي. تعرض سكان تاورغاء المشردين للاعتقال التعسفي والتعذيب رهن الاحتجاز، وفي بعض الحالات أدى ذلك إلى الوفاة. [13] كتبت هيومن رايتس ووتش إلى مجلس مصراتة المحلي ومجلس مصراتة العسكري في 8 أبريل/نيسان 2012 عن معدلات الانتهاكات العالية على يد ميليشيات من مصراتة، وشددت على إمكانية محاسبة القيادة المدنية والعسكرية للمدينة على الإخفاق في منع أو معاقبة هذه الجرائم. [14]

سلوك بعض ميليشيات مصراتة المسيئ أدى إلى رد فعل قوي من ميليشيات بنغازي الخاضعة لقدر أكبر من السيطرة المباشرة للمجلس الانتقالي (الذي تشكل في بنغازي)، ورأوا أن انتهاكات بعض ميليشيات مصراتة تقود مشروعية ثورتهم ومشروعية المجلس الانتقالي. إثر هجمات ميليشيات مصراتة على سكان تاورغاء المشردين، تدخلت ميليشيات بنغازي وجلبت آلاف المشردين من تاورغاء إلى مخيم قريب من بنغازي، حيث يمكن حمايتهم بسهولة. [15]

كما ظهرت بوضوح التوترات بين مقاتلي مصراتة وبنغازي (أو "الشرق" بشكل أكثر عمومية) أثناء المعركة الأخيرة في سرت، والتي يدور حولها هذا التقرير. أثناء القتال في سرت كان لميليشيات مصراتة وبنغازي أماكن تجمع مختلفة (الجبهة الغربية لمصراتة والشرقية لبنغازي) ولم تسمح كل ميليشيا لمقاتلي الأخرى بالوصول بسهولة إلى خطوطها الأولى. وفي صباح المواجهات مع قافلة القذافي الهاربة، شهد باحثو هيومن رايتس ووتش في سرت على رفض مقاتلي بنغازي السماح لمجموعة من ميليشيا مصراتة بالوصول إلى خطوطهم الأولى، وأمروهم بالعودة أدراجهم والمغادرة.

المعركة الأخيرة الموثقة في هذا التقرير وقعت في منطقة خاضعة لميليشيات مصراتة. فر معمر القذافي إلى وسط المقاتلين من تلك المدينة التي أسقطت منها قواته الكثير من الضحايا أثناء الحرب. الأحداث التي تلت ذلك، المصورة على مقاطع فيديو من قبل مقاتلي مصراتة أنفسهم، يتضح منها أن المقاتلين من مصراتة أخذوا ثأرهم بشكل دموي.

II . الهروب من طرابلس والأيام الأخيرة في سرت

إعادة بناء وسرد أيام القذافي الأخيرة مسألة صعبة، إذ كانت تحيط به دائرة صغيرة من الثقات والحراس الشخصيين، وقد قُتل أغلبهم أثناء محاولة الهروب من سرت، كما يوثق هذا التقرير. إلا أن أحد المقربين من القذافي، ممن أمضوا الأيام الأخيرة في صحبته، نجى من محاولة الفرار ثم قُبض عليه حياً من قبل إحدى ميليشيات مصراتة، وهو منصور ضو، مسؤول أمني كبير ورئيس الحرس الشعبي. حددت هيومن رايتس ووتش وصحيفة النيويورك تايمز مكانه في منشأة احتجاز في مصراتة بعد يومين من أعمال القتال التي أودت بحياة معمر القذافي، وسُمح لنا بمقابلته مقابلة مطولة وعلى انفراد. قدم منصور ضو رواية تفصيلية بأيام معمر القذافي اليائسة الأخيرة، وهي مذكورة أدناه. وبينما لا يمكن لـ هيومن رايتس ووتش أن تؤكد من طرفها بشكل مستقل تفاصيل الأحداث التي سردها ضو، فهي تعتبر متسقة مع الروايات التي سردها ناجون آخرون تعرضوا لنفس التجربة في المنطقة الثانية بسرت، ولم يكن بينهم وبين معمر القذافي اتصال مباشر.

مكث معمر القذافي والمقربون منه في طرابلس العاصمة حتى سقوط المدينة أمام المعارضة المسلحة في 28 أغسطس/ىب 2011، وفي ذلك اليوم فر من طرابلس ومعه المقربين منه في قوافل مختلفة في اتجاهات متعددة. [16] خميس القذافي، نجل معمر القذافي الذي كان مسؤولاً عن كتيبة "خميس" النخبوية، رقم 32، من الجيش الليبي، قُتل في 29 أغسطس/آب وهو يفر من طرابلس، فيما يُعتقد أنه غارة جوية للناتو على قافلته. [17] أما نجله الآخر، سيف الإسلام القذافي، فقد ظهرت تقارير عن فراره إلى بلدة بني وليد الموالية للقذافي. قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه أصيب إصابة خفيفة في غارة للناتو في 17 أكتوبر/تشرين الأول على قافلته في وادي زمزم، وهو يحاول الفرار نحو سرت. تم القبض عليه في 19 نوفمبر/تشرين الثاني قرب حدود ليبيا الجنوبية على يد ميليشيا من مدينة الزنتان الواقعة غربي ليبيا. [18] الابن الثالث، معتصم القذافي، الذي خدم كمستشار أمن وطني للقذافي وكان مسؤولاً عن القوات التي تتولى الجبهة الشرقية في حرب ليبيا الأهلية، كان بالفعل في سرت وقت سقوط طرابلس، ومكث هناك.

فر معمر القذافي إلى سرت، حيث انضم إليه منصور ضو. هناك آخرون معه، بحسب قول ضو، بينهم عز الدين هنشيري، رئيس الحرس الشخصي للقذافي، وحمد مسعود، السائق الخاص للقذافي، وعدد من الحراس الشخصيين. [19] انضم عبد الله السنوسي رئيس مخابرات القذافي، إلى القذافي والمقربين منه لفترة قصيرة في سرت بعد سقوط طرابلس مباشرة، ثم سافر إلى سبها، على مسافة 500 كيلومتر إلى الجنوب، ليخبر زوجته بأن ابنهما قد قُتل. لم يعد إلى سرت. [20] أما معتصم القذافي الذي ظل مسؤولاً عن الدفاع العسكري عن سرت، فلم يكن مقيماً مع والده وغيره من كبار المسؤولين، لكنه كان يزورهم بانتظام.

في البداية مكث معمر القذافي والمقربون منه في مركز مدينة سرت، لكن عندما اشتد القتال والقصف على المدينة، أُجبروا على التنقل بين البيوت بشكل دائم. وصف ضو الظروف الباعثة على اليأس بشكل متزايد، عندما اكتشفت المجموعة أن الميليشيات تقترب منهم:

في البداية أقمنا في وسط المدينة، في بنايات سكنية، لكن بدأ قصف الهاون في الوصول إلينا هناك فأصبح لزاماً علينا أن نغادر الشقق وأن ندخل أحياء أصغر في مختلف أنحاء المدينة. أخيراً انتقلنا إلى المنطقة الثانية [حي في سرت على حدود المدينة الغربية، انظر الخريطة]. لم يكن معنا ما يكفي من طعام، وللأسف كان ما يصلنا من غذاء قليل. لم يكن معنا دواء، وكنا نواجه صعوبات في الحصول على الماء. كانت حاويات المياه مستهدفة، أو ربما كانت تُصاب في أثناء القصف العشوائي. كانت الحياة صعبة للغاية. كنا نأكل المكرونة والأرز، ولم يكن معنا خبز حتى. كما تعرفون، فكل بيت في ليبيا فيه بعض الطعام المخزن، فكنا نستخدم ما نجده في البيوت التي نقيم فيها.
أمضى [معمر القذافي] أغلب وقته يقرأ القرآن ويصلي. كانت اتصالاته بالعالم قد انقطعت. ولم تكن هناك وسائل اتصال، لا تلفزيون ولا أي شيء، ولا أخبار. ربما أمكننا استخدام هاتف الثريا [القمر الصناعي] للحصول على بعض الأخبار، من قناة الراي أو روسيا اليوم أو البي بي سي أو فرانس 24.. نتصل ببعض الأشخاص ممن يشاهدون هذه القنوات. ولم تكن علينا واجبات، وكنا فقط ما بين النوم واليقظة، ولا شيء نفعله. كان معتصم هو المشرف على المعركة، وكنا مجرد صحبة له [القذافي]. [21]

مع اقتراب النهاية، كان الزعيم الذي تمتع بسلطة ونفوذ هائلين فيما سبق، ينام في بنايات مهجورة، ويستجدي الطعام، يعتريه الغضب الدائم على تدهور حاله المستمر، بحسب قول منصور ضو.

كنا ننتقل كل أربعة أو خمسة أيام، حسب الظروف. نقيم في البيوت المهجورة، لكن أحياناً نجد حولنا بعض العائلات. عندما غادر الناس المدينة، كنا نقيم في المناطق الخالية. كانت البيوت أمامنا مفتوحة ببساطة. نتنقل في سيارات عادية، سيارة أو سيارتين، فينزل بعضنا من السيارات ونعود لنأخذ الآخرين ونعود بهم. أصابنا الثوار كثيراً في البيوت التي أقمنا فيها. أصيب ثلاثة من الحراس، لكن لم يكن معنا طبيب.
[مع مرور الوقت] تغير معمر القذافي وصار غضبه أكثر وأكثر. في الأغلب كان غاضباً من عدم وجود الكهرباء أو الاتصالات وغياب التلفزيون  وعدم قدرته على الاتصال بالعالم الخارجي. كنا نذهب للاطمئنان عليه ونجلس معه لمدة ساعة أو نحو ذلك ونتحدث معه، ويسأل: "لماذا لا توجد كهرباء؟ لماذا لا يوجد ماء؟" [22]

لم يكن معمر القذافي والمقربين منه والمقاتلين المتبقين حول معتصم القذافي هم الوحيدون المقيمون في المنطقة الثانية، آخر منطقة سكنية تحت سيطرة الموالين للقذافي، مع اقتراب الميليشيات. هناك أيضاً موالين للقذافي ومرضى آخرين انتقلوا من مستشفى ابن سينا إلى عيادة ميدانية داخل المنطقة الثانية مع سقوط المستشفى تحت سيطرة الميليشيات، واختار بعض المدنيين عدم مغادرة بيوتهم رغم القتال العنيف، ورغم أن الأغلبية كانوا صغاراً، في سن المقاتلين، مع عدد قليل للغاية من النساء والأطفال الذين مكثوا أثناء أيام المعركة الأخيرة. [23]

محاولة الفرار من المنطقة الثانية، صباح 20 أكتوبر/تشرين الأول

في ليلة 19 و20 أكتوبر/تشرين الأول، رصد فريق هيومن رايتس ووتش في سرت قصف مكثف ومستمر للمنطقة الثانية بصواريخ جراد والمدفعية، دام حتى ساعات الصباح الأولى، عندما أخطر قادة الميليشيات هيومن رايتس ووتش بأن قافلة من سيارات الموالين للقذافي تحاول الخروج من المنطقة الثانية للفرار من المدينة.

طبقاً لمقابلات هيومن رايتس ووتش مع أفراد نجوا من القافلة، فإن معتصم القذافي قرر أن وضعهم في سرت أصبح غير قابل للاستمرار بشكل مطمئن، ونظم تجمع من تبقى من الموالين في المنطقة الثانية في عيادة طبية ميدانية لمحاولة الفرار من المنطقة المُحاصرة في ساعات الصباح الأولى من يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول، برفقة المصابين في العيادة وكذلك مدنيين كانوا قد مكثوا في المنطقة. [24]   كانت خطة معتصم تتمثل على ما يبدو في محاولة كسر الحصار حوالي الثالثة والنصف أو الرابعة صباحاً، لكن تحميل المصابين في السيارات وتنظيم من تبقى من المدنيين استغرق وقتاً أطول من المتوقع، مما أرجأ المغادرة حتى الثامنة صباحاً، عندما عاد مقاتلو الميليشيات إلى مواقعهم القتالية، وحرم قافلة من حوالي 50 سيارة من عنصر المفاجأة. [25] كانت القافلة تتكون من نحو 250 شخصاً، بناء على تعداد للقتلى والمصابين والأسرى تم فيما بعد. أغلب السيارات في القافلة كانت سيارات 4 × 4، محملة بكميات كبيرة من الذخائر والأسلحة، وعلى بعضها مدافع آلية ومدافع مضادة للطائرات.

لم تعثر هيومن رايتس ووتش على أدلة على أن مقاتلي القذافي استخدموا الجرحى أو المدنيين معهم كدروع بشرية لحماية أنفسهم من الهجمات أثناء الفرار من المنطقة الثانية. غير المقاتلين الذين فروا من المنطقة الثانية مع القافلة وقابلتهم هيومن رايتس ووتش، قالوا جميعاً إنهم فعلوا هذا طوعاً دون إكراه، رغم أنه لم يبد أن أحد منهم كان يعرف في ذلك الحين أن معمر القذافي والمقربين منه سيسافرون مع القافلة. [26] إلا أنه لا شك أن وضع المصابين (من مصابي الحرب) وغير المقاتلين مع قافلة مسلحة تحمي معمر القذافي والمقربين منه، هو أمر عرض غير المقاتلين والجرحى لخطر مميت، والكثير منهم قُتلوا أثناء محاولة الفرار.

قافلة الموالين للقذافي والمصابين والمدنيين حاولت في البداية التسلل غرباً على امتداد طريق الساحل، داخل الأحياء السكنية المهجورة، لكن سرعان ما صادفت قوات من الميليشيات حاولت وقف القافلة. [27] تمكنت القافلة جيدة التسليح من القتال في بعض المناوشات الأولية، ثم وصلت إلى الطريق الرئيسية المتجهة جنوباً إلى خارج المدينة، لكنها وصلت إلى طريق مفتوحة، فأصابها صاروخ أطلقته طائرة انفجر إلى جوار السيارة التي تقل معمر القذافي وشخصيات قيادية أخرى، طبقاً لمنصور ضو:

[مع فرارنا] كانت التغطية الجوية ضدنا واستهدفتنا على الفور، مرتين. كدنا نصاب بصاروخ، لم يصيبوا سيارتنا مباشرة، بل أصاب الصاروخ السيارة المجاورة لنا وأدى لموجة انفجار قوية، حتى إن أكياس الأمان في السيارة انفتحت، وقد أُصبت أنا بشظية. [28]

ومع عدم القدرة على المضي قدماً على الطريق، حاولت القافلة مرة أخرى الانتقال إلى الطرق الترابية داخل الأحياء، غربي الطريق الرئيسية، للفرار من الطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع بدون طيار، ومقاتلي الميليشيات الذين حاولوا وقف القافلة. لم يكن هنالك من مهرب، فقد وجدت القافلة نفسها قبالة ميليشيا أخرى من مصراتة، فأصبحت تحت الحصار، والطائرات تحلق فوقها. [29] رفض المقاتلون في القافلة وقف القتال، وهاجموا قاعدة الميليشيا التي كانت تغلق الطريق أمامهم، أملاً في التغلب عليهم وفتح مسار للفرار، طبقاً لخالد أحمد رائد، القائد بالقاعدة:

تقدمت القافلة منّا، إلى مبنى الكتيبة، وأطلقت النار على البوابة، بصواريخ الآر بي جيه، ثم فتحوا النار علينا. بدأنا في إطلاق النار عليهم، وحاولوا الالتفاف حول القاعدة، ولجأ بعضهم من خلال الطريق الرئيسية إلى الأنفاق لمحاولة الاقتراب من القاعدة. فتحنا النار عليهم بالمدافع [المضادة للطائرات]. [30]

مع حصار القافلة ومع اشتباكها مع مقاتلي الميليشيا، قامت طائرات الناتو القتالية تحت إشراف الناتو بقصف القافلة بصاروخين جي بي يو 12، زنة 500 رطل، [31] من النوع الذي ينفجر في الهواء، وقد أدت هذه الصواريخ لدى انفجارها إلى رشق السيارات وركابها بالشظايا. الصواريخ والانفجارات الثانوية التي حدثت جراء الانفجار الأساسي أدت إلى انفجار ذخائر كانت محملة في السيارات، مما أودى بحياة الكثير من ركاب السيارات، وإحراق من كانوا داخل السيارات القريبة من مركز الانفجار. [32] في 21 أكتوبر/تشرين الأول، بعد الحادث بيوم، أحصت هيومن رايتس ووتش 53 جثماناً و14 سيارة محطمة في موقع الضربة الجوية، بينها 28 جثماناً احترقت بشكل لا يمكن معه التعرف على اصحابها، و25 جثماناً آخر، أغلبها لأشخاص يبدو بوضوح أنهم ماتوا من جراح الشظايا التي أدت إليها الانفجارات التي وقعت في الهواء فوق القافلة، ومن جراء الانفجارات الثانوية للذخائر داخل السيارات.

III . عملية اسر معمر القذافي والمقربين منه

إثر قصف الناتو لموقع القافلة، تفرق الناجون. لجأ معمر القذافي والمقربون منه – وقد نجوا جميعاً من الموت – إلى مجمع فيلات قريب مهجور، لكنهم تعرضوا لإطلاق نار كثيف من مقاتلي الميليشيات على مقربة منهم، الذين أطلقوا المدافع المضادة للطائرات وقذائف الهاون على الفيلا. وصف يونس أبو بكر يونس، أحد أبناء أبو بكر يونس، وزير دفاع القذافي وكان في موقع القبض على القذافي هو الآخر، وصف لـ هيومن رايتس ووتش ما حدث عندما قابلناه على انفراد في يناير/كانون الثاني 2012، بمنشأة احتجاز في مصراتة:

[بعد غارة الناتو] حاول الناس الاحتماء بمبنيين متجاورين. رأينا معتصم مصاباً هناك، وكان في مقدمة القافلة عندما أصيبت. عند مدخل مجمع الفيلا، هناك بيت للحارس، وعثرنا على معمر هناك، وكان يرتدي خوذة وسترة مضادة للرصاص. كان معه مسدساً في جيبه، وكان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً. جاء منصور ضو وأخذ أبي ومعمر إلى البيت الآخر. مكثنا هناك دقيقتين. غادر منصور وعاد، قائلاً إن جميع السيارات قد حُطمت. ثم بدأ قصف الفيلا فركضنا خارجها. هناك الكثير من بلوكات الإسمنت في الخارج، احتمينا بها، مع بعض العائلات والحراس. [33]

قال يونس أبو بكر يونس إن أثناء انتظارهم لفترة وجيزة في الفيلا، اتخذ معتصم القذافي قرار محاولة فتح الطريق بمجموعة من 8 إلى 12 مقاتلاً، وغادر بعد أن قال لوالده: " سوف نحاول أن نخرجك من هنا". [34] أكد هذه الرواية شاهد آخر قابلته هيومن رايتس ووتش. [35] مع انتظار معمر القذافي ومن تبقى من دائرة مقربيه وسط الإنشاءات الأسمنتية خارج الفيلا، اقترح منصور ضو أن يتجهوا إلى ماسورة صرف تحت الطريق الرئيسية على مسافة 100 متر، وأن يحاولوا الوصول إلى مجموعة المزارع على الجانب الآخر من الطريق. [36]

قام معمر القذافي بصحبة منصور ضو وأبو بكر يونس واثنين من أبناء أبو بكر يونس ونحو ستة أو سبعة حراس، بالركض عبر حقل مفتوح، وزحفوا في ماسورة للصرف نحو الجانب المقابل ( الغربي) من الطريق الممتد بين الشمال والجنوب. عندما خرجوا على الجانب الآخر، رآهم مقاتلو الميليشيا فوراً. [37]

مع احتماء معمر القذافي ومقربيه بطرف مواسير الصرف، راح حراسه يقاتلون رجال الميليشيا فوقهم على الطريق. مع بلوغ مقاتلي الميليشيا ذلك الجزء من الطريق فوق الماسورة، ألقى أحد الحراس ببعض القنابل اليدوية على رجال الميليشيا فوقهم مباشرة. [38] بحسب أقوال يونس أبو بكر يونس، الذي كان حاضراً وقتها، أصابت إحدى تلك القنابل معمر القذافي وبعض من كانوا معه:

ألقى الحراس القنابل اليدوية لأعلى على الطريق، لكن القنبلة الثالثة أصابت الجدار الخرساني وارتدت لتسقط بين معمر القذافي وأبو بكر يونس. حاول الحارس أن يأخذ القنبلة ويرميها مرة أخرى، لكنها انفجرت وفقد جزءاً من ذراعه. أصابت الشظايا والدي وسقط على الأرض. أصيب معمر القذافي بدوره من القنبلة، على الجانب الأيسر من رأسه. ركضت نحو ابي، لكنه لم يجبني عندما سألته إن كان بخير. رأيت معمر ينزف، ومنصور راقداً على الأرض، والحارس ميت. [39]

أبو بكر يونس الذي كان يرتدي سترة عسكرية واقية، مات متأثراً بالشظايا، طبقاً لابنيه ولمقاطع فيديو راجعتها هيومن رايتس ووتش. [40]

IV . القبض على معمر القذافي ومصرعه

إثر انفجار القنبلة اليدوية، نزلت على الفور مجموعة من مقاتلي الميليشيا من على الطريق الرئيسية واسروا معمر القذافي الذي كان ينزف بغزارة. وجود معمر القذافي مع القافلة الهاربة أدهش مقاتلي الميليشيا، والذين كانوا مثل أغلب الناس في سرت وقتها، ومثل فريق هيومن رايتس ووتش، لا يعرفون البتة بوجوده في سرت حتى لحظة أسره.

هناك مقطع فيديو تم تصويره بكاميرا هاتف خلوي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش، يوثق ثلاث دقائق و38 ثانية إثر القبض على معمر القذافي. ما إن قبض مقاتلو الميليشيا على معمر القذافي، حتى بدأوا في الإساءة إليه. كان الدم يتدفق بغزارة من جرح الشظية في رأسه. ما إن وُضع على الطريق الرئيسية، حتى طعنه أحد رجال الميليشيا في مؤخرته بما يبدو أنه سكين سونكي، مما أدى لجرح نازف آخر راح الدم يتدفق منه بغزارة. [41] حاصر مقاتلو ميليشيا مصراتة بالقذافي، وراحوا يكيلون له اللكمات ويضربونه، ويهتفون "الله أكبر!" و"مصراتة!" مراراً وتكراراً. في مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، أقر خالد أحمد رائد قائد كتيبة الساحل الشرقي من مصراتة، والتي كانت قريبة من موقع المعركة، أقر بأن الوضع مع معمر كان خارج السيطرة:

كانت إحدى مجموعات المتمردين تمشط المنطقة، عندما عثروا على القذافي، وكان برفقة 15 مقاتلاً تقريباً. خرج أحد افراد المجموعة وطلب المساعدة، قائلاً إن معهم بعض المصابين. كان أبو بكر يونس ومنصور ضو وعبد النبي ضو مع القذافي. كان أبو بكر يونس يحتضر. نجى منصور ضو، وتم جلبه إلى قاعدتنا حياً، وكان قادراً على السير دون مساعدة عندما حضر إلى هنا...
عندما أسرنا القذافي أصبح الوضع في غاية الفوضى. كان هناك مقاتلين كثيرين حوله. كان حياً عندما رأيته، فلابد أنه قد أصيب برصاصة بعد ذلك، وليس عندما رأيته هنا. لكن المشهد كان فيه الكثير من العنف، وُضع على مقدمة شاحنة حاولت الابتعاد به، وسقط عنها. كان الوضع مربكاً للغاية، وراح الناس يشدون شعره  ويصفعونه. كنا نفهم أنه لابد من عقد محاكمة، لكن لم نتمكن من السيطرة على الجميع، وكان بعضهم خارج نطاق سيطرتنا. [42]

في النهاية وضع رجال الميليشيا معمر القذافي في سيارة إسعاف، وأخذته السيارة مبتعدة عن المكان إلى مصراتة في قافلة ضخمة للغاية. مقاطع الفيديو التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، التي تم تصويرها في موقع أسره، يبدو منها أن معمر القذافي كان شبه عار، ويبدو أن جسده لا حياة فيه وهو يوضع في سيارة الإسعاف، مما يوحي بأنه ربما كان قد مات بالفعل قبل أن يغادر المنطقة التي تم القبض عليه فيها. [43] مع وصول معمر القذافي إلى مصراتة، وهي رحلة استغرقت ساعتين تقريباً، كان قد مات بشكل شبه مؤكد، وبدأت صور جثمانه تنتشر. هناك، تم عرض جثمانه على العامة. ظروف وفاته ما زالت غير واضحة... إذ يزعم بعض مقاتلي ميليشيات بنغازي إنهم أطلقوا النار على القذافي أثناء نزاع مع مقاتلي مصراتة بشأن إلى أين يأخذونه، لكن زعمهم غير مؤكد إلى الآن. [44] في النهاية تم دفن أجساد معمر القذافي ومعتصم القذافي وأبو بكر يونس سراً، في موقع صحراوي لا توجد شواهد فيه، لتفادي تحول منطقة دفنهم إلى نقطة تجمع لأنصاره السابقين.

V . عمليات الإعدام بإجراءات موجزة في موقع اعتقال القذافي

المعركة التي شملت قصف الناتو الجوي وأدت إلى أسر معمر القذافي، خلفت 103 على الأقل من أعضاء القافلة قتلى، وكانت جثثهم في موقع الأحداث. زار فريق من هيومن رايتس ووتش موقع المعركة بعد يوم من القبض على معمر القذافي ومصرعه، وقام الفريق بإحصاء الجثث وتصويرها. الجثث ظلت في موقع المعركة حتى 25 أكتوبر/تشرين الأول، عندما قام بجمعها متطوعون من مدينة سرت ودفنوها في أكياس بلاستيكية في مقبرة جماعية. بقدر علم هيومن رايتس ووتش، لم يقم محققون ليبيون بزيارة مواقع الأحداث الموصوفة في هذا التقرير وقت وقوع تلك الأحداث أو بعدها، من أجل تحليل المعلومات من الموقع، أو لتحديد إن كانت قد وقعت عمليات إعدام بإجراءات موجزة أو أية جرائم أخرى.

كانت الجثث متناثرة على مساحة كبيرة قوامها محطة تحويل كهرباء، وعدد من الفيلات المحاطة بالأسوار، وحقل مفتوح، وعلى جانبي مواسير الصرف التي تم القبض على القذافي ومقربيه فيها، ومنشأة معالجة مياه على مسافة مئات الأمتار. بينما يبدو أن أغلب الجثث لأشخاص قُتلوا أثناء القتال الضاري وأثناء قصف الناتو الذي سبق أسر القذافي، كما يظهر من آثار الشظايا وإصابات الانفجار الظاهرة على الأجساد، فهناك أيضاً عدد من الرجال يبدو أنهم تعرضوا للإعدام بعد القتال.

هناك مقاطع فيديو صورتها كاميرات هواتف خلوية وقت أسر القذافي ونُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تقدم أدلة على حالة إعدام واحدة على الأقل. في أحد مقاطع الفيديو يظهر القذافي أسيراً طرف مقاتلي الميليشيات عند مواسير الصرف، بعد لحظة من القبض عليه، ويمكن أن يُرى في المشهد نفسه شاباً مشتتاً لكنه حياً، وكانت قدمه اليمنى في جبيرة، جالساً وراء معمر القذافي وآسريه، ويبدو أنه لم يكن قد أصابه ضرر، وكانت يداه مرفوعتان بادرة على الاستسلام. مع ابتعاد كاميرا الهاتف الخلوي عن الشاب وتركيزها على القذافي وآسريه، يُسمع عدد من طلقات الرصاص في الخلفية. في مقطع فيديو ثاني تم تصويره بعد لحظات، تظهر مجموعة من الرجال الذين تم أسرهم على الطريق الرئيسية فوق مواسير الصرف، وهم يُضربون ضرباً قاسياً من رجال الميليشيا، ثم تهبط كاميرا الهاتف الخلوي لتُظهر نفس الشاب في الجبيرة راقداً وقد فارقته الحياة بين جثث عدد من الموالين للقذافي القتلى، والدم ما زال يتدفق من جراحه. بينما لحظة قتله لم تُصور بالكاميرا، فمن الواضح من المقطعين المذكورين، وجود أدلة قوية على أن المقاتلين قد أطلقوا عليه النار في اللحظات التالية للقبض عليه مباشرة، حيث لا يبدو وجود أي تبادل لإطلاق النار وقت تصوير المقاطع المذكورة. لدى فحص هيومن رايتس ووتش لجثمانه في اليوم التالي على الحادث، تبينت أنه اصيب بعيار ناري في صدره وآخر في الجزء العلوي من ساقه اليمنى.

من المستحيل تحديد كم من بين الجثث الـ 103 التي تم العثور عليها في موقع معركة القذافي الأخيرة قد تم إعدامهم بإجراءات موجزة. يبدو أن غارة الناتو على القافلة قتلت نصف هذا العدد على الأقل. لكن تحديد سبب وفاة الخمسين جثة المتبقية أمر صعب للغاية الآن نظراً لمرور فترة زمنية طويلة مما يجعل من المستحيل إجراء فحص طب شرعي كامل. إلا أنه بالإضافة إلى الإعدام المذكور للشاب صاحب الجبيرة في ساقه اليسرى، عثرت هيومن رايتس ووتش على عدد من الجثث المتجمعة لأشخاص يبدو أنهم أعدموا ولم يُقتلوا أثناء المعركة. وعند مجمعي الفيلات الاثنين المحاطين بأسوار حيث احتمى القذافي والمقربين منه لفترة وجيزة، عثر باحثو هيومن رايتس ووتش على جثث ستة رجال يبدو أنهم قُتلوا بأعيرة بنادق، في ظروف تشير إلى إعدامهم. لا يمكن لـ هيومن رايتس ووتش أن تستبعد سقوط هؤلاء الرجال قتلى أثناء تبادل إطلاق النار، أو انتحارهم، أو قيام الموالين للقذافي بقتلهم، لكن الظروف مريبة بما يكفي لفتح التحقيق. تم العثور على جثتين خارج المجمع، وكلاهما مصابين بإصابات في الرأس من أثر الرصاص. وعلى مسافة أمتار قليلة، داخل جدران أحد المجمعين، جثتين بإصابات جسيمة تم تضميدها قبل محاولة فرار القافلة، ويبدو أنهما قد حُملا إلى هناك على بطانيات ورقدا على الأرض، وكانت الجثث مليئة بالرصاصات.  الإصابات الجسيمة التي سبق علاجها وتضميدها على أحد الجثتين تشير إلى أنه من غير المرجح أنه كان قادراً على الحركة وقت أن قُتل، ويبدو أن الرجلين قد أطلق عليهما النار وقُتلا وهما راقدان على الأرض في البطانيات التي حُملا عليها إلى الداخل. وداخل الفيلا، تم العثور على جثة شخص خامس، وهو رجل مسن مصاب برصاصة واحدة في جبينه. في الفيلا الثانية، التي يبدو أن القذافي والمقربين منه قد استخدموها لفترة وجيزة، تم العثور على جثة رجل سادس، مصاب بجرح ضخم من أثر رصاصة في الرأس، لكن ظروف وفاته أقل وضوحاً.

VI . القبض على معتصم القذافي وإعدامه

معتصم القذافي، ابن القذافي الخامس الذي كان يقود قوات الموالين في سرت، ترك والده عند مجمع الفيلا المحاط بأسوار حيث كانوا يختبئون، قائلاً إنه سيحاول العثور على طريق إلى خارج هذا الحصار ومعه مجموعة من الحراس الموالين. [45] لم يعد مطلقاً، إذ تم القبض عليه وهو يحاول اقتحام الحصار. مثل والده، تم القبض على معتصم حياً، ثم مات بعد ساعات قليلة، في ظروف توحي بقوة أنه أعدم على يد رجال ميليشيات مصراتة.

هناك عدد من مقاطع الفيديو المصورة بهواتف خلوية على يوتيوب راجعتها هيومن رايتس ووتش، يبدو أنها من تسجيل مقاتلي الميليشيات الحاضرين في المكان، ويظهر فيها معتصم القذافي حياً بعد القبض عليه، ويبدو أنه كان خالياً من أية إصابات قاتلة تؤدي إلى الوفاة.

في مقطع فيديو، يبدو أنه مصور بعد القبض عليه بقليل في سرت، [46] يظهر معتصم القذافي مشتتاً ومصاباً وهو مائل إلى الخلف، على ظهر شاحنة، محاطاً بمجموعة كبيرة من المقاتلين. العشرات من سيارات الميليشيات تظهر في الخلفية، وبعضها متوقف على امتداد الطريق وإلى جوار جدار طويل. ثم يظهر معتصم وهو ينهض، ثم يسير بخطوات مهتزة مبتعداً بينما ينتهي مقطع الفيديو.

في مقطع فيديو ثاني، يظهر معتصم في المقعد الخلفي لشاحنة بيضاء، وهو ما زال ينزف، وعيناه مغمضتان، وعناصر من ميليشيا أسود الوادي من مصراتة يعلنون أنهم المسؤولون عن القبض عليه، ويقولون إنهم تعاونوا مع كتائب النمر والأسد من مصراتة، وهما من الميليشيات التي ربما شاركت في عمليات الإعدام في فندق مهاري (انظر أدناه). [47] في مقطع الفيديو يتحدث شخص ما فيذكر اسمه، ويقول إنه عضو في ميليشيا أسود الوادي من مصراتة، ويعدد أسماء ستة أفراد يقول أنهم مسؤولون عن اعتقال معتصم القذافي. يظهر في الفيديو بوضوح وجوه ثلاثة آخرين على الأقل من الميليشيا.

في فيديو ثالث، يبدو أنه تم تصويره من قبل أحد رجال أسود الوادي، والذي صور الفيديو الثاني أعلاه، يظهر معتصم وهو يرتاح في سرير وتُقدم له المياه والسجائر. يذكر آسروه أنهم يعتزمون توزيع مقطع الفيديو الذي يظهر فيه معتقلاً على الإنترنت. عندما يؤكد له آسروه أنهم سيعالجون إصاباته يرد معتصم قائلاً: " هذه [الإصابات] ميدالياتي". ويستمر معتصم في انتقاد آسريه الذين يصورونه فيقول لهم أن يكفوا عن التصرف كالمراهقين. وفي المقابل يهدده آسروه ويقولون: "أتظن هذا لعب أطفال؟ سوف ترى عندما ننتهي منك! سوف ترى يا كلب!" ثم يقولون: "يريد أن يبدو بطلاً في الفيديو، يريد الشعب أن يقول عنه عنيد حتى النهاية". ثم يطلب معتصم من الرجل الذي يصوره، الذي يذكره بالاسم، إن كان يمكنه أن يتحدث معه على انفراد لدقيقة. يوافق الرجل ويطلب من الآخرين الخروج، وينتهي المقطع. [48]

تعرف هيومن رايتس ووتش هوية الشخص الذي صور هذه المقاطع التي يظهر فيها معتصم القذافي، وكذلك أحد أفراد ميليشيا أسود الوادي الحاضرين في الحجرة أثناء التصوير. الرجلان من عناصر ميليشيا أسود الوادي في مصراتة. عناصر الميليشيا في البداية أكدوا أنهم اعتقلوا وصوروا معتصم، ثم كفوا عن التعاون مع هيومن رايتس ووتش عندما أدركوا أن هيومن رايتس ووتش تحقق في ملابسات وفاة معتصم.

معتصم القذافي مات بعد ظهر يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول، بعد ساعات من القبض عليه. نشر التلفزيون الليبي تغطية لجسده الميت على محفة مستشفى عصر يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول (تم التصوير أثناء ساعات النهار). [49] اطلعت هيومن رايتس ووتش على جثمان معتصم القذافي في 21 أكتوبر/تشرين الأول، اليوم التالي، في مبرد لحوم في سرت، وعثرت في الجثة على جرح كبير في الحلق لم يكن موجوداً في مشاهد الفيديو المصورة له وهو معتقل. كان هناك جرح قطعي كبير في الجزء السفلي من بطنه. ولابد إذن أن جرح الحلق قد حدث بعد تصوير مقاطع الفيديو المذكورة، مما يشير بوقة لأنه قُتل أثناء احتجازه على يد آسريه بعد ساعات من احتجازه. ولأن هيومن رايتس ووتش لم يُسمح لها بقلب الجثة، فلم نتمكن من تحديد إن كان الجرح بسبب رصاصة دخلت وخرجت، أو أن الجرح قد حدث بأداة أخرى.

VII . إعدام المحتجزين الناجين من القافلة في فندق مهاري

إثر انتهاء المعركة التي أدت إلى اعتقال ومصرع معمر القذافي، قبض رجال الميليشيات على ما يُقدر عددهم بمائة وأربعين شخصاً من الموالي للقذافي، من موقع المعركة. رصد باحثو هيومن رايتس ووتش مجموعة من نحو 70 من هؤلاء الأسرى وهم يوضعون في شاحنة عسكرية كبيرة خارج مستشفى سرت الميداني الذي كانت تديره الميليشيات في الأطراف الغربية للمدينة، قبل نقل هؤلاء الاسرى بقليل إلى مصراتة، حوالي منتصف نهار يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول. بعض المحتجزين أصحاب القيمة العالية، مثل منصور ضو واثنين من أبناء أبو بكر يونسف، تم تسليمهم أيضاً في موقع المعركة، ونُقلوا بشكل منفصل إلى مصراتة بعد القبض عليهم مباشرة.

لم يُنقل جميع من احتجزوا من موقع المعركة إلى مصراتة. صباح اليوم التالي على المعركة الأخيرة، تم العثور على 66 جثة على الأقل لضحايا يبدو أنهم أُعدموا، وذلك في فندق مهاري، ويقع على مسافة مئات الأمتار شمالي موقع أسر الميليشيات لمعمر القذافي. [50] الأدلة التي تم العثور عليها في الموقع، مقترنة بمقاطع الفيديو التي تُظهر بعض الرجال أحياء في الأسر في مكان القبض عليهم (انظر أدناه)، تشير إلى أن الضحايا جُلبوا إلى الفندق بعد أن تم القبض عليهم ثم تم إعدامهم، في نفس يوم أسر معمر القذافي. [51]

زار باحثو هيومن رايتس ووتش فندق مهاري في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 وعثروا على الجثث المتحللة لـ 53 ضحية إعدام على ما يبدو، جميعهم من الرجال (وهناك حوالي 12 من الضحايا تعرف عليهم أقارب أو اصدقاء ونقلوا جثثهم قبل زيارة هيومن رايتس ووتش، طبقاً لعمال متطوعين في المكان). [52] كانت الجثث متجمعة في مكان واحد، ويبدو أنها هناك حيث تم القتل، على العشب في حديقة تطل على البحر في فندق مهاري. كان العشب تحت وحول العديد من الجثث ملطخاً بالدم. بعض الرجال كانت أيديهم موثوقة وراء ظهرهم بحبل أو رباط بلاستيكي. [53] وكانت هناك مظاريف فارغة لرصاصات كلاشنيكوف و FAL مبعثرة في أرجاء المكان.

من غير المرجح أن يكون الرجال قد قُتلوا في موقع المعركة الأخيرة ثم نُقلوا إلى الفندق. فإن موقع المعركة كان في حقيقة الأمر ممتلئاً بجثث أكثر من 100 شخص، وقد ترك المتمردون هذه الجثث في أماكنها.

لم تعثر هيومن رايتس ووتش على أدلة على وقوع معركة بالأسلحة النارية في الموقع الذي تم اكتشاف الجثث فيه، أو أية تلفيات بسبب معركة بالأسلحة تظهر آثارها على جدران الفندق قبالة موقع الجثث.

اكتشف أهالي سرت الجثث في 21 أكتوبر/تشرين الأول، بعد يوم من المعركة مع قافلة القذافي، وزاروا الصحفيين الدوليين في اليوم نفسه ليعلموهم. [54] ومثل الجثث التي تم اكتشافها في موقع المعركة مع قافلة القذافي، فإن بعض الجثث في فندق مهاري كانت عليها ضمادات تغطي جروح جسيمة، مما يوحي بأن هذه الإصابات ربما تم علاجها قبل يوم القافلة، سواء في مستشفى ابن سينا أو في العيادة الميدانية داخل المنطقة الثانية التي خرجت منها قافلة القذافي.

حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخة من مقطع فيديو مدته سبع دقائق، مسجل بهاتف خلوي، يبدو أنه يُظهر رجال من ميليشيات مصراتة يضربون ويسبون ويسيئون إلى ويهددون مجموعة من 29 عنصراً من قافلة القذافي بعد انتهاء القتال مع القافلة. في مقطع الفيديو، يظهر الأسرى جالسون لصق جدار خارجي لمجمع استخدمته ميليشيا الساحل الشرقي من مصراتة، قبالة الطريق الذي وقعت فيه المعركة النهائية مع قافلة القذافي. [55] كانت أيدي العديد من الرجال موثوقة وراء ظهرهم. سُئل الرجال عن بلداتهم أو انتمائهم القبلي، وتعرض الكثيرين للضرب والسب والبصق عليهم في مقطع الفيديو. المحتجزون الذين تبين أنهم من بلدة تاورغاء تم توجيه قدر أكبر من الإساءات إليهم، وكذلك أبناء قبيلة القذاذفة التي تنتمي إليها أسرة القذافي، وكذلك من تبين أنهم من سكان سرت.

هناك 12 من بين الرجال الـ 29 الأسرى الذين يظهرون في الفيديو تم التعرف عليهم فيما بعد من بين المُعدومين في فندق مهاري. صوّر المتطوعون الجثث وقاموا بعدّها في الفندق قبل الدفن في سرت في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2011. إثر مراجعة بعض الصور الملتقطة بعد الوفاة، عثرت هيومن رايتس ووتش على ستة أشخاص يظهرون في الفيديو يطابقون أشخاص تم تصويرهم بعد الوفاة، ممن كانوا في فندق مهاري. وأكد عاملون بمستشفى ابن سينا في سرت التعرف على 6 آخرين من الـ 29 شخصاً في مقطع الفيديو، ممن تم العثور عليهم في مهاري، مما يعني أن 12 شخصاً على الأقل قد تم إعدامهم. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الاطلاع على مجموعة صور القتلى كاملة من مستشفى ابن سينا، فربما إذن كان هناك عدد أكبر ممن يظهرون في الفيديو بين القتلى الذين تم العثور عليهم في فندق مهاري. كما توصلت هيومن رايتس ووتش إلى أن على الأقل بعض من يظهرون في الفيديو أحياء وغير محتجزين، وأن بعضهم الآخرين ما زالوا محتجزين في مصراتة.

من بين من تم التعرف عليهم في الفيديو أحياء، من قبل هيومن رايتس ووتش، ثم تم التعرف عليهم بين القتلى في فندق مهاري:

  • عبد العزيز عجاج أحميد، من أبناء عمومة معمر القذافي، من قرية جراف التي وُلد بها القذافي، وكان عمره 45 عاماً. في مقطع الفيديو، يظهر وهو يتعرض للاستجواب والصفع والبصق عليه، بينما يُسأل: "من هذا الشفشوفة [كلمة مهينة كناية على معمر القذافي، تصف شعره غير المشذب]؟ عار عار، لماذا شعرك هكذا؟ من أين أنت يا حيوان؟ شعرك مثل شعر القذافي!" تم العثور على جسده في فندق مهاري، ودُفن كجثة لم يُتعرف عليها، رقمها 97 ضمن الجثث المدفونة المُرقمة (شقيق أحميد، مفتاح عجاج أحميد، شوهد في الفيديو أيضاً، وهو يعتبر مفقوداً لكن المفترض أنه ميت).
  • قذاف الدم محمد بهري، 35 عاماً، هو في مقطع الفيديو يتعرض للاستجواب والصفع والبصق، وحدث الحوار التالي معه: "س: من أين أنت؟ ج: من القذاذفة. س: (صفعات) من أي فرع في [قبيلة] القذاذفة؟ ج: عُميلي. س: أنت من أحط فرع في القذاذفة [بصق]". تم العثور على جسده في فندق مهاري، ودُفن كجثة مجهولة، رقم 85.
  • أحمد علي يوسف الغرياني، 29 عاماً، وكان جندياً في البحرية وفي الاصل من تاورغاء. في الفيديو يتعرض للضرب والركل ويتم رمي أحذية عليه، بينما يحدث هذا الحوار: "س: تاورغاء؟ هذا الشاذ من تاورغاء؟ تاورغاء؟ من أين أنت؟ ج: تاورغاء. س: كنتم تأكلون خيرات مصراتة! كنتم تأكلون خيرات مصراتة!" تم العثور على جسده في فندق مهاري، وتم دفنه كجثة غير متعرف عليها رقم 86.
  • حاج فرج الحيسوني، العمر غير معروف. شوهد للحظة في مقطع الفيديو، وكان هذا الحوار مع آسريه: "س: من أين أنت أيها الثعبان الأسود [كلمة مهينة لليبيين سود البشرة]؟ ج: أنا من آل حيسوني. س: سوري؟ ج: لا، حيسوني، حيسوني. س: (وهو يبتعد عنه) أين القذاذفة [أبناء قبيلة القذافي]؟ أخرجهم!" تم العثور على جثمان الحيسوني في فندق مهاري، جثة لم يُتعرف عليها مدفونة برقم 113.
  • عبد الله مفتاح الحسناوي، شاب من سرت. في مقطع الفيديو، حدث الحوار التالي: "س: من أين أنت؟ ج: سرت. س: من أين؟ ج: سرت. س: إذن نحن من تقولون عنهم جرذان، وقتلتموهم، قتلتم أخوتكم؟ يا ابن العاهرة! (بصق) ها هم الجرذان، من هم الجرذان الآن؟ كلهم [الجرذان] ماتوا" تم العثور على جثمانه في فندق مهاري، ودُفن كجثة لم يُتعرف عليها رقم 81 .
  • رجل داكن البشرة غير معروف الاسم، يرتدي قميصاً أزرق، من بلدة أجدابيا الواقعة شرقي ليبيا. يتم صفعه والبصق عليه أثناء الحوار التالي: "س: من أين أنت؟ ج: من أجدابيا. س: هاه؟ ج: أجدابيا، أجدابيا. س: أنت كذاب، أنت سوداني! ج: لا اقسم لك، والله من أجدابيا. س: (صفع وبصق) أنت سوداني، رجال أجدابيا رجال حقيقيون!" تم العثور على جسده في فندق مهاري ودُفن كجثة لم يتم التعرف عليها برقم 80 . طبقاً لعامل في المستشفى، أخذ شقيق المتوفي الجثمان وأعاده إلى أجدابيا. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من معرفة اسمه.

بالإضافة إلى الأشخاص الستة الذين تم التعرف عليهم في الصور التي حصلت عليها هيومن رايتس ووتش للجثث في فندق مهاري، فإن المسؤولين بمستشفى ابن سينا تعرفوا على ستة اشخاص آخرين ظهروا في مقطع الفيديو، وأكدوا أنهم من بين القتلى الذين تم العثور عليهم في فندق مهاري. بينهم رجل ينزف، ملتحي، يرتدي زياً أزرق ومعطفاً رمادياً، وتم التعرف فيه على حسين العجماتي، وأب وابن من الحيسوني، لم تُعرف اسمائهما، [56] وشاب ملتحي من سرت تم التعرف فيه على حسين ضو العجماتي، [57] وشاب من بن جواد يرتدي كوفية حمراء حول رأسه، [58] ورجل داكن البشرة يُعتقد أنه من تاورغاء، يرتدي قميصاً أزرق وأبيض، كاروهات، وهناك جرح عليه ضمادة عند بطنه. [59]

بالإضافة إلى الاثني عشر شخصاً الذين تم التعرف عليهم من سجلات المستشفى بين الموتى الذين يظهرون قبل وفاتهم في الفيديو، هناك خمسة جثث إضافية على الأقل في فندق مهاري تعرف عليها أقارب لهم وأصدقاء بصفتهم من سكان سرت، طبقاً لمتطوعين عملوا في نزح الجثث من الفندق: عز الدين الهنشيري، مسؤول كبير سابق لدى القذافي، ومفتاح دبرون، ضابط جيش، وحسين مفتاح جوسي (23 عامأً)، ومفتاح الدلي، ومحمود صالح. [60] ظل الهنشيري في دائرة القذافي الضيقة أثناء جولة القتال الأخيرة، فالأرجح إذن أنه احتجز ونُقل إلى فندق مهاري قبل إعدامه.

لدى زيارة فندق مهاري في 23 و24 أكتوبر/تشرين الأول، عثر باحثو هيومن رايتس ووتش على جدران الفندق مغطاة برسوم جرافيتي تظهر فيها اسماء ميليشيات من مصراتة كانت تقيم في الفندق. لدى مدخل الفندق، وكذلك على جدرانه الداخلية والخارجية، كلمات "كتيبة النمر" وهي من أكبر ميليشيات مصراتة، وقد فقدت هذه الكتيبة حسب التقارير اثنين من قادتها في معركة سرت. [61] وهناك أسماء لأربع ميليشيات أصغر من مصراتة، وجميعها مقربة من بعضها وربما كانت تحت قيادة كتيبة النمر، وتظهر كتاباتها بدورها على الكثير من الجدران وربما كانت حاضرة وقت الإعدام: "كتيبة الإسناد"، "كتيبة الفهد"، "كتيبة الأسد"، "كتيبة القصبة".

مساء 24 أكتوبر/تشرين الأول، قابل باحثو هيومن رايتس ووتش رجلين وصفا نفسيهما بأنهما من القادة الرئيسيين لكتيبة النمر في قاعدتهم بمصراتة، هما عمران الأويب، وعبد السلام (باقي اسمه غير معروف). أقر القائدان بأن كتيبة النمر والميليشيات المقربة منها كانت تسيطر على فندق مهاري لمدة أسابيع على الأقل قبل المعركة النهائية مع قافلة القذافي، وأنها استخدمت الفندق كنقطة استطلاع وإطلاق نار بسبب موقعه المتميز المشرف على المنطقة الثانية. [62] كانت كتيبة النمر والميليشيات المرافقة لها قد أعدت قواعدها في مصنع إلى جوار الفندق. الفندق نفسه كان مكشوفاً للقصف، بحيث لا يمكن الإقامة فيه. أقر القادة بأنهم كانوا حاضرون في فندق مهاري مساء 21 أكتوبر/تشرين الأول عندما حاولت قافلة القذافي الفرار من المنطقة الثانية المجاورة لهم، لكن زعموا أنهم اضطروا "للانسحاب" من الفندق بسبب القصف المكثف من القافلة، بينما انضموا للمعركة على الطريق والتي أدت إلى القبض على معمر القذافي، وأدت أيضاً إلى القبض على بعض الأشخاص على الأقل ممن تبين مقتلهم بعد ذلك في الفندق، كما يظهر من الفيديو.

أقر قائدا كتيبة النمر بأن عدداً كبيراً من الموالين للقذافي مقيدي الأيدي قد أعدموا في الفندق، لكن أنكرا أية معرفة بتلك الأحداث. طبقاً لعمران الأويب، فإن المقاتلين غادروا فندق مهاري في الصباح للانضمام للقتال مع قافلة القذافي، وعادوا حوالي منتصف النهار ليعثروا على الجثث في الفندق بالفعل:

عندما عدنا إلى الفندق، عثرنا على جثث قتلى كثيرين هناك. أحسسنا بالحزن لإعدام هؤلاء الناس، فلم يعد من الممكن الحصول منهم على معلومات. قُتلوا بشكل عشوائي، وحدث هذا بسرعة. لم نحصي الجثث، ولم يكن ذلك من أولوياتنا لأن هدفنا كان القذافي. بعد الساعة 12:30 مساءً انسحبنا [إلى مصراتة] ولم نعد [إلى سرت]... لم يكن بيدنا فعل أي شيء بالجثث لأن لم يكن معها أوراق هوية ولم نقدر على التعرف عليهم... أخطرنا مركز القيادة [بمصراتة] بالموضوع عبر اللاسلكي فحسب . [63]

رواية الأحداث التي عرضها قائدا كتيبة النمر يصعب توفيقها مع التسلسل الزمني للأحداث التي وثقتها هيومن رايتس ووتش. كتيبة النمر والميليشيات المرافقة لها كانت حاضرة في الموقع الذي تم القبض فيه على معمر القذافي، وحيث تم استجواب وضرب بعض الرجال الذين تم العثور عليهم قتلى في فندق مهاري، حسب مقاطع الفيديو التي راجعتها هيومن رايتس ووتش. بما أنه قد تم القبض على معمر القذافي حوالي الساعة 11 صباحاً، وبما أن قادة كتيبة النمر زعموا أنهم غادروا سرت من فندق مهاري حوالي الساعة 12:30 مساءً، فمن الصعب تصور كيف نُقل الأسرى من مكان المعركة إلى الفندق، حيث أُعدموا على ما يبدو، وأن كل ذلك حدث خلال 90 دقيقة، دون علم أو مشاركة ميليشيات مصراتة التي كانت تحتل الفندق.

تحديد المسؤولين عن إعدام 53 شخصاً على الأقل وربما يصل العدد إلى 66 شخصاً، في فندق مهاري، يتطلب تحقيقات أوسع. إلا أنه ونظراً لأن عشرات الأشخاص شوهدوا في مقطع الفيديو وهم يقومون باستجواب والإساءة إلى من يستجوبونهم، ونظراً للاحتياجات اللوجستية لنقل وقتل هذا العدد الكبير من الناس في فترة زمنية قصيرة هكذا، فمن المرجح أن عدداً كبيراً من رجال ميليشيات مصراتة قد شاركوا في هذه الواقعة، ولديهم علم بعمليات الإعدام بفندق مهاري. الأدلة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش تُظهر بقوة أن عمليات القتل هذه لم تكن من فعل عناصر مارقة متواضعة الرتبة من الميليشيات.

VIII . المعايير القانونية وإخفاق السلطات الانتقالية الليبية في التحقيق

القتال الذي شهدته ليبيا عام 2011 بين القوات المسلحة الموالية لمعمر القذافي والمعارضة المسلحة، يرقى إلى كونه نزاع غير دولي ( داخلي) مسلح، تنظمه المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 لاتفاقيات جنيف (البروتوكول الثاني) وكذلك قوانين الحرب العرفية. القتال بين القوات المسلحة تحت تصرف قرار مجلس الأمن 1973 (قوات الناتو) والجيش الليبي الموالي للقذافي، يرقى لكونه نزاع دولي مسلح، وتحكمه اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وقوانين الحرب العرفية. [64]

قوانين الحرب – سواء في حال النزاع المسلح الدولي أو الداخلي – تسعى لتقليص الآلام والمعاناة التي لا ضرورة لها في زمن الحرب، لا سيما من خلال حماية المدنيين وغيرهم من غير المقاتلين من مخاطر النزاع المسلح. القانون الدولي الإنساني ينص على عدد من تدابير الحماية الأساسية لغير المقاتلين (تشمل المدنيين وكذلك المقاتلين الأسرى ومن أعلنوا عن نية التسليم والمقاتلين السابقين غير القادرين على القتال بسبب الإصابات أو المرض). يحظر القانون الدولي الإنساني العنف ضد هؤلاء الأشخاص، لا سيما أعمال القتل والمعاملة القاسية والتعذيب، وكذلك التعديات على كرامتهم الشخصية والمعاملة الحاطة بالكرامة أو المهينة.

الحظر ضد القتل خارج نطاق القضاء للمقاتلين الأسرى أو المقاتلين الذين خرجوا من أعمال الحرب نظراً لإصابات أو لأسباب أخرى، يُعتبر حقاً أساسياً ضمن مبادئ القانون الدولي العرفي. [65] المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف تحظر "العنف الذي يهدد الأرواح والأفراد، لا سيما القتل بكافة أنواعه" للمدنيين وكذلك من يخرجون من أعمال القتال. القتل أيضاً جريمة من جرائم الحرب ضمن نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، فيما يخص النزاعات الدولية وغير الدولية المسلحة. [66]

المادة 3 المشتركة تحظر أيضاً "المعاملة القاسية والتعذيب" و"التعديات على الحريات الشخصية، لا سيما بالإهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة" للمدنيين وكذلك الأشخاص الذين يخرجون من أعمال القتال. [67] فضلاً عن ذلك، فإن "التعذيب والمعاملة السيئة" و"التسبب عمداً في معاناة جسيمة أو إصابة خطيرة تلحق بالجسد أو الصحة" تعتبر جرائم حرب حسب نظام روما. [68]

على السلطات المدنية والعسكرية المعنية في الدولة أن تحقق في جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني المزعوم ارتكاب قواتها أو مواطنيها لها، أو التي وقعت على أرضها، ولابد من ملاحقة المشتبه بهم في حال استدعى الأمر ذلك. [69] على السلطات المدنية والعسكرية أيضاً التزام بمنع ارتكاب القوات الخاضعة لسيطرتها للجرائم. يُحظر منح العفو للجناة في جرائم الحرب. [70]

ليبيا ليست دولة طرف في المحكمة الجنائية الدولية. لكن في 26 فبراير/شباط 2011 تبنى مجلس الأمن القرار 1970، الذي أحال الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وأعطى المحكمة اختصاص قضائي قائم بالنسبة لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في ليبيا منذ 15 فبراير/شباط 2011. يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تنظر هذه الجرائم، ومنها الإعدام الموثق في هذا التقرير، أخذاً في الاعتبار – بين عوامل أخرى – ما إذا كانت السلطات الليبية مستعدة وقادرة على مقاضاة الجناة في هذه الجرائم. القرار 1970 يتطلب من السلطات الليبية التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.

بالإضافة إلى مقاضاة من ارتكبوا هذه الجرائم أو أمروا بها أو تواطئوا فيها، فإن بإمكان الجنائية الدولية أيضاً أن تقاضي كبار المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين ومن تصرفوا بصفة القادة العسكريين وتم ارتكاب جرائم جسيمة من قبل قوات خاضعة لقيادتهم أو سيطرتهم. يمكن أن يحدث هذا إذا كان القادة العسكريون يعرفون أو يجب أن يعرفوا بأن قواتهم أو مرؤوسيهم يرتكبون أو على وشك ارتكاب هذه الجرائم، ثم أخفقوا في اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة والمعقولة لمنع وقوع الجرائم، أو أخفقوا بعد وقوع الجرائم في رفع الأمر للسلطات المختصة من أجل الملاحقة الجنائية والمحاكمة.

إثر تحقيقات هيومن رايتس ووتش في الأحداث المحيطة بقافلة القذافي، أخطرت هيومن رايتس ووتش السلطات الليبية المختصة، من مكتب النائب العام ووزارة العدل، والتقت بمسؤولين من الوزارة والنيابة في 25 أكتوبر/تشرين الأول لإطلاعهم بشكل تفصيلي على نتائج أبحاثنا، ومنها الأدلة على عمليات الإعدام للمحتجزين والأدلة التي تشير إلى تواطؤ ميليشيات بعينها في القتل.

في 22 و23 أكتوبر/تشرين الأول أو نحو ذلك، قام كبير الأطباء الشرعيين الليبيين، د. عثمان الزنتاني، بتنفيذ عمليات تشريح على جثث معمر القذافي ومعتصم القذافي وأبو بكر يونس. لم يتم الكشف علناً عن نتائج التشريح، ولا تم عرض النتائج على لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في ليبيا، رغم طلبات متكررة بذلك من اللجنة. في البداية قال د. الزنتاني للصحافة إن تشريحه انتهى لأن معمر القذافي توفي بسبب عيار ناري في رأسه، لكن لم يوضح التفاصيل بعد تعليقاته الأولية للصحافة. [71] وفي اجتماع مع هيومن رايتس ووتش بتاريخ 27 مارس/آذار 2012 قال د. الزنتاني إنه واجه تهديدات لأمنه الشخصي من بعد قيامه بالتشريح. [72] زعم د. الزنتاني إنه ما زال في انتظار تصريح من نيابة مصراتة لإرسال عينات أنسجة للخارج لإجراء تحاليل للسموم، وأنه لن ينتهي من تقريره حتى تأتي نتائج اختبارات السموم، وأعلن أنه يريد عرض تقرير التشريح كاملاً قدر الإمكان نظراً للاهتمام الدولي بالقضية. [73]

مع غياب تقرير الطب الشرعي الكامل، فليس من الممكن التأكد من سبب وفاة معمر ومعتصم القذافي بشكل يقيني، بما أن الاثنين لحقت بهما إصابات جسيمة في المعركة الأخيرة، وأدلة الطب الشرعي على إعدامهما فيما بعد ليست نهائية. فحص باحثو هيومن رايتس ووتش جثث معمر ومعتصم القذافي بشكل سريع في مصراتة، في 21 أكتوبر/تشرين الأول، لكن لم يُسمح لهم بقلب الجثث لفحص الظهر. إلا أنه لم تُر جروح لخروج رصاصات على الأجزاء المكشوفة من رأس معمر القذافي، وهو أمر يصعب معه تصديق أنه أصيب بعيار ناري في الرأس من مسافة قريبة، كما أن مكان دخول الرصاصة المفترض في رأسه هو نفسه مكان الإصابة بالشظية، على ما يبدو من أثر القنبلة اليدوية التي ألقاها أحد حراسه. كما سبق التوضيح، فإن معتصم القذافي كان مصاباً بجرح كبير في حلقه لم يكن موجوداً لدى تصويره محتجزاً لدى مقاتلي مصراتة، مما يوحي بقوة بأن الجرح القاتل قد لحق به أثناء احتجازه طرف المقاتلين.

لم يتم إجراء عمليات تشريح أو تحقيقات من طرف السلطات الليبية في مقتل 66 شخصاً على الأقل في فندق مهاري بسرت، ولا في مقتل 103 أشخاص على الأقل تُركت جثثهم في موقع المعركة الأخيرة مع قافلة القذافي. تم ترك الجثث في العراء حتى 25 أكتوبر/تشرين الأول، بعد المعركة بخمسة أيام، عندما قام متطوعون من سرت بالخروج لأخذ الجثث، وكانت قد بدأت بالفعل في التحلل، وقاموا بتصوير وجوههم، ودفنهم في أكياس بلاستيكية مُرقّمة بمقبرة جماعية في سرت.

فتح المجلس الوطني الانتقالي تحقيقاً في مقتل معمر القذافي في 24 أكتوبر/تشرين الأول. أعلن مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي أنه "رداً على الدعوات الدولية، بدأنا في تشكيل لجنة مكلفة بالتحقيق في ملابسات وفاة معمر القذافي مع دائرة المقربين منه أثناء الصدام لدى القبض عليه". [74] إعلان عبد الجليل ركز بشكل حصري على مصرع معمر القذافي. لم يتم الإعلان عن تحقيقات مماثلة في عمليات القتل بفندق مهاري. كلفت السلطات الانتقالية رئيس نيابة مصراتة بالتحقيق في وفاة معمر القذافي.

في 27 مارس/آذار 2012 قال رئيس نيابة مصراتة، عبد اللطيف الحملي، لـ هيومن رايتس ووتش إن تحقيقاته في وفاة معمر القذافي "شارفت على الانتهاء" وأن ميليشيات مصراتة المشاركة في الواقعة تعاونت معه. [75] قال رئيس نيابة مصراتة إن التحقيق في وفاة معتصم القذافي أصعب بكثير، رغم أن فريق من ثلاثة من أعضاء النيابة طلب معلومات من آسريه بشأن ما حدث. [76]

وفي الاجتماع نفسه، قال رئيس نيابة مصراتة لـ هيومن رايتس ووتش إن التحقيقات في أعمال القتل بفندق مهاري قد توقفت بسبب عدم تقديم أي أهالي لشكاوى إليه، ولعدم جمع أية أدلة هامة توحي بوقوع جريمة. [77] لم يكن رئيس نيابة مصراتة يعرف بأي صور فوتوغرافية لمسرح الجريمة، إذ لم تكن الشرطة موجودة في سرت في ذلك التوقيت، ولم يتم التحضير لملف تحقيق رسمي في أعمال القتل بفندق مهاري. [78] نفى رئيس النيابة أية مسؤولية عن التقصير في التحقيق في أعمال قتل مهاري، قائلاً إنها مسؤولية الشرطة، أن تفتح التحقيق قبل أن يتحرك مكتبه. قال رئيس النيابة إنه لم يعرف بوجود مقطع الفيديو الذي يظهر فيه بعض قتلى مهاري أحياء قبل وفاتهم، ولا بقيام الصحفيين بالتقاط صور ومقاطع فيديو للجثث في الفندق، أو أن مستشفى ابن سينا كان يعمل في ذلك الوقت وقام بتصوير الجثث. أضاف أنه من "الخطير" فتح تحقيق في سرت في ذلك التوقيت.

إخفاق النيابة العامة في مصراتة في التحقيق والملاحقة القضائية على ما حدث في فندق مهاري تعني أنه ربما يمر أكبر حاث قتل جماعي ترتكبه القوات المعارضة للقذافي على مدار النزاع بأكمله دون تحقيق، ومن المرجح ألا يتم التحقيق في هذا الحادث مطلقاً ما لم تتولى السلطات الليبية التحقيق أو توجه نيابة مصراتة إلى التحقيق فيما حدث وملاحقة الجناة. وبسبب العلاقات العدائية بين سكان مصراتة وسكان سرت، ونظراً للصعوبات التي قد يؤدي إليها هذا التحقيق، فإن على النائب العام الليبي إحالة القضية إلى محكمة أخرى من منطقة غير معروفة بالتورط في الجرائم المزعومة.

بموجب اتفاقيات جنيف، على السلطات الليبية واجب التحقيق والملاحقة القضائية في جرائم الحرب المحتملة. إخفاقها في هذا قد يعني أن المحكمة الجنائية الدولية يمكنها فتح التحقيق في هذه الجرائم، أخذاً في الاعتبار عدة عوامل، منها إن كانت السلطات الليبية غير مستعدة أو قادرة على ملاحقة الجناة المسؤولين عن هذه الجرائم.

IX. رد السلطات الانتقالية الليبية

كتبت هيومن رايتس ووتش إلى السلطات الانتقالية الليبية بتاريخ 20 يونيو/حزيران 2012 [79] رسالة تلخص نتائج البحوث المشمولة في التقرير، في الملحق أ، وطلبنا في الرسالة معلومات جديدة من السلطات الانتقالية الليبية عن الخطوات المتخذة للتحقيق في الجرائم المزعومة التي وثقتها هنا هيومن رايتس ووتش، وكان قد تم إطلاع السلطات على نتائج البحث عدة مرات في ليبيا، بما في ذلك في أعقاب الأحداث مباشرة.

أرسلت السفارة الليبية في واشنطن رداً على خطاب هيومن رايتس ووتش في 9 يوليو/تموز 2012، والرد صادر من وزارة الخارجية والتعاون الدولي، إدارة المنظمات الدولية. يدور أغلب الرد الذي جاء في خمس صفحات حول الجرائم التي ارتكبتها حكومة القذافي أثناء حكمه الديكتاتوري الذي دام 42 عاماً، وأثناء نزاع 2011، وعرضت الرسالة تفصيلاً الخطوات التي اتخذتها السلطات الانتقالية لتعزيز حقوق الإنسان في ليبيا بعد القذافي.

كرست الرسالة فقرات قليلة لأحداث سرت الموثقة من قبل هيومن رايتس ووتش في التقرير، ولم تعرض تفاصيل جديدة بشأن تلك الأحداث أو التطورات في التحقيقات في الجرائم المزعوم ارتكابها خلال تلك الأحداث. طبقاً للرسالة، التي ترجمتها هيومن رايتس ووتش إلى الإنجليزية من اللغة العربية، فإن الوفيات المذكورة وقعت أثناء مصادمات بين الموالين للقذافي وقوات المعارضة:

وقد حرص المتظاهرون سلمياً (الذين تحولوا إلى ثوار دفاعاً عن النفس) بإلقاء القبض على معمر القافي حياً، لمحاكمته محاكمة عادلة على جرائمه التي اقترفها في حق شعبه، وتم تبادل كثيف لإطلاق النار من كتائب القذافي الذين كانوا عسكريون (وبعضهم في أعلى قمة الهرم العسكري، ومدججين بأحدث الأسلحة)، وبين المتظاهرين الذين لم يكونوا عسكريين، ويجهلون قواعد الحرب وفنون القتال ويحملون أسلحة خفيفة للدفاع عن النفس، في مدينة سرت يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011 تسببت في وفاة العديد من الأشخاص من الجانبين، ومن بينهم معمر القذافي وابنه المعتصم وبعض أزلامه.
وتوثيقاً للوقائع وغيرها من إجراءات جمع الأدلة حول مقتل معمر القذافي قامت أجهزة الحكومة التي كانت تعمل تحت إشراف المجلس الوطني الانتقالي بإجراء فحص طبي شرعي لمعرفة أسباب وفاته في إطار تطبيق المعايير المتعارف عليها دولياً في مثل هذه الظروف وأعلن المجلس الوطني الانتقالي بأنه سوف يشكل لجنة للتحقيق في هذه الوفاة.

لم ترد في الرسالة أية تفاصيل إضافية عن مجريات التحقيق في الأحداث. ويتناقض زعم الرسالة أن معمر القذافي ومعتصم القذافي وأشخاص آخرين قد قتلوا أثناء المعركة وليس بعد احتجازهم، يتناقض مع الأدلة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش وتقدمها في التقرير.

تأكيد السلطات الليبية أن الوفيات كانت كلها متعلقة بالمعركة هو تأكيد غير متسق مع الأدلة التي جمعتها وقدمتها هيومن رايتس ووتش وغيرها من المصادر. كما وثقنا في التقرير، تم تصوير معمر القذافي وهو مصاب، لكن حي، في عهدة مقاتلي المعارضة. وتم تصوير نجله المعتصم وهو مصاب وحي في مكان القبض عليه، ومرة أخرى أثناء استجواب آسريه له بعد نقله حياً إلى مصراتة، ثم تم تصويره ميتاً في نفس المساء. الكثير من الأفراد الذين تم اكتشاف جثثهم تم العثور عليهم بين 66 شخصاً تم إعدامهم في فندق مهاري، كان قد تم تصويرهم أحياء في عهدة مقاتلي المعارضة قبل الإعدام، وتم العثور على بعض الجثث وأيديها موثوقة وراء الظهر.

ومن المقلق أيضاً أن رد السلطات الليبية يوحي بعدم اتخاذ خطوات جادة للتحقيق فيما إذا كان مقاتلي المعارضة قد ارتكبوا أية جرائم أثناء المعركة الأخيرة في سرت، رغم التزام السلطات المُعلن بالتحقيق في الأحداث وتعهدهم الذي تكرر بأن ليبيا تشهد عهد جديد حيث الاحترام لحقوق الإنسان. الإخفاق الظاهر في التحقيق فيما يبدو أنه كان من أوضح حالات الإعدام خارج نطاق القضاء على يد مقاتلي المعارضة أثناء نزاع 2011 في ليبيا، يُظهر أن السلطات الليبية الجديدة أمامها طريق طويل لجعل فرض سيادة القانون وإنهاء الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان حقيقة وواقع. إن الإخفاق في التحقيق والمقاضاة على جرائم موثقة في هذا التقرير ليس استثناء على القاعدة، فقد وثقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى إخفاقات مماثلة في التحقيق والمقاضاة في عدد كبير من الوفيات للموالين للقذافي رهن احتجازهم، منذ سقوط نظام القذافي.

شكر وتنويه

أجرى بحوث هذا التقرير وكتبه بيتر بوكارت، مدير قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش. أسهمت في البحوث تيرانا حسن، الباحثة في قسم الطوارئ. حرر التقرير إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقدم المراجعة القانونية كلايف بالدوين استشاري قانوني أول، وتوم بورتيوس، نائب مدير قسم البرامج، وبلقيس جرة، استشارية برنامج العدل الدولي.

ساعد في ترجمة المادة الفيلمية والمقابلات كل من أسامة الفيتوري ويسرا سعد. قدمت لاورا شولكى المنسقة بقسم الطوارئ بحوث حول خلفية التقرير، وراجعته لغوياً بمساعدة كايل هانتر، المنسق بقسم الطوارئ. أعد التقرير للنشر كل من غريس شوي، مديرة المطبوعات، وآنا لوبريور، المديرة قسم الوسائط المتعددة (مالتي ميديا) وآيفي شين، مساعدة الإنتاج بقسم الوسائط المتعددة، وفيتزروي هوبكنز، المدير الإداري. أشرف عمرو خيري منسق الترجمة العربية والموقع الإلكتروني العربي على ترجمة التقرير إلى اللغة العربية.

الملحقات

أ. رسالة هيومن رايتس ووتش إلى السلطات الانتقالية الليبية، 20 يونيو/حزيران 2012.

ب. رسالة السلطات الانتقالية الليبية إلى هيومن رايتس ووتش، 9 يوليو/تموز 2012

الملحق أ

12 يونيو/حزيران 2012

السيد/السيدة،

تكتب هيومن رايتس ووتش هذا الخطاب لاطلاعكم على النتائج المبدئية لتحقيقها في وفاة معمر القذافي وابنه المعتصم القذافي وآخرين من أفراد القافلة التي حاولت الهرب من المنطقة الثانية بسرت يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011. انتهى تحقيقنا إلى أن ظروف تلك الوفيات تدل على وقوع جرائم خطيرة، تشمل إعدام أشخاص محتجزين، وتتطلب تحقيقاً شاملاً من قِبل السلطات الليبية، والملاحقة القضائية حيثما استلزم الأمر.

تعد هيومن رايتس ووتش تقريراً عن تحقيقها، وهي ترغب في عرض وجهة نظر السلطات الليبية في هذا التقرير. وعلى هذا فسوف نكون شاكرين إذا تلقينا رداً على هذا الخطاب في موعد أقصاه 10 يوليو/تموز 2012.

قامت هيومن رايتس طوال سنوات بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، ممارسةً الضغط على الحكومة السابقة، حكومة القذافي، لوقف عدد من الانتهاكات، شملت التعذيب والاختفاء القسري والقتل السياسي. وفي أثناء انتفاضة 2011 تمتعت هيومن رايتس ووتش بحضور يكاد يكون متصلاً في ليبيا، لتوثيق الانتهاكات من جانب كافة أطراف النزاع.

تشعر هيومن رايتس ووتش بالامتنان على استجابة السلطات الليبية الانتقالية لما أثارته من مخاوف متعلقة بحقوق الإنسان، ونحن نقدّر التحديات التي تواجهها ليبيا الجديدة في التغلب على ميراث الماضي، وجلب الاستقرار للوضع الأمني والحقوقي في ليبيا. كما نرى أن تحقيق العدالة في الجرائم الخطيرة التي ارتكبتها كافة الأطراف هو أمر ضروري ومهم بالنسبة للضحايا ولصالح سيادة القانون ومن أجل استقرار ليبيا. ينبغي التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وملاحقتها قضائياً، للقطيعة مع ثقافة الإفلات من العقاب على الانتهاكات التي سادت في عهد القذافي.

كان باحثو هيومن رايتس ووتش موجودين في مدينة سرت يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول حين حاولت قافلة معمر القذافي الفرار من المدينة، كما زاروا الكثير من مواقع القتال الذي دار في ذلك اليوم بعد غارات الناتو الجوية على القافلة. قام فريقنا باستجواب عدد من الناجين من القافلة، وشهود العيان على الأحداث، وقادة المليشيات الذين كانوا موجودين بمسرح الأحداث، وأفراد الفرق الطبية والإنسانية الذين استجابوا لتداعيات القتال. شاهد باحثونا أيضاً جثث القتلى في المعركة، بما فيها جثث معمر والمعتصم القذافي وأبو بكر يونس، وأكثر من 100 شخص قتلوا في موقع معركة القافلة، و53 جثة على الأقل تم العثور عليها في فندق المهاري في سرت. كما راجعنا عدداً لا يستهان به من تسجيلات الفيديو لتداعيات المعركة، علاوة على صور فوتوغرافية للموتى التقطها المتطوعون الطبيون الذين ساعدوا في دفن الجثث.

ويشير تحقيقنا إلى الاستنتاجات المبدئية التالية:

  1. تم اعتقال معمر القذافي حياً على يد مليشيات من مصراتة، لكنه تعرض على الفور للهجوم والطعن والضرب في مسرح اعتقاله. ويبدو أن معمر القذافي كان ميتاً بالفعل أو في طور الاحتضار عند وضعه في عربة الإسعاف التي أقلته إلى مصراتة. بالنظر لعدم نشر تقرير التشريح الخاص بمعمر القذافي؛ لا يمكن لـ هيومن رايتس ووتش أن تتحقق من وفاته بطلق ناري أصيب به بعد اعتقاله أو بسبب إصابات جراء الانتهاكات التي تعرض لها. ومع ذلك فإن الانتهاكات التي يبدو أنه تعرض لها بعد اعتقاله، سواء كانت قاتلة أو لم تكن، تتطلب التحقيق، وينبغي التحقيق في وفاته كحالة اشتباه في قتل خارج نطاق القانون.
  2. اعتُقل المعتصم القذافي حياً ومصاباً بجراح من الشظايا في سرت، وجرى بعد ذلك نقله حياً إلى مصراتة التي تم فيها تصويره حياً عدة مرات من قِبل أفراد كتيبة أسود الوادي المصراتية. لكنه توفي في مساء اليوم نفسه، بجراح جديدة لم تكن موجودة في مقاطع الفيديو التي سجلها معتقلوه، مما يشير بقوة إلى أنه قد تم قتله أثناء احتجازه.
  3. تم العثور على ما لا يقل عن 103 من القتلى في مسرح اعتقال معمر القذافي والمعركة الأخيرة مع قافلته، قُتل معظمهم في غارة الناتو الجوية وما أعقبها من قتال. إلا أن بعض الجثث التي عُثر عليها في مسرح المعركة الأخيرة تحمل علامات توحي بالإعدام.
  4. تم العثور على جثث 66 شخصاً، وقد قيدت أيدي البعض منهم خلف ظهورهم، في ساحة فندق المهاري صبيحة 21 أكتوبر/تشرين الأول، يوم معركة القافلة. يمكن رؤية 12 على الأقل من قتلى فندق المهاري وهم على قيد الحياة في مقطع فيديو يصور الناجين من أسرى القافلة، قام بتسجيله مقاتلو مصراتة في مسرح معركة القافلة، كما شهد أقارب وأصدقاء خمسة قتلى آخرين بأنهم كانوا مع القافلة. توحي الأدلة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش بأن الجثث التي عُثر عليها في فندق المهاري هي جثث ناجين من القافلة تم احتجازهم ونقلهم إلى فندق المهاري وإعدامهم هناك. كان فندق المهاري يخضع لاحتلال واستخدام مليشيات مصراتية، وبالأخص كتيبة النمر وأربعة كتائب تابعة لقيادتها.

قامت هيومن رايتس ووتش بإطلاع السلطات الليبية مراراً على تلك النتائج، كما قدمنا إحاطات تفصيلية لمسؤولين من مكتب النائب العام ووزارة العدل في أكتوبر/تشرين الأول 2011، وعاودنا الالتقاء بنائب مصراتة العام ومسؤولين آخرين في مارس/آذار 2012 لإطلاعهم على مستجدات تحقيقنا. ورغم التأكيدات المبكرة من رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل والنائب العام بالتحقيق الشامل في تلك الجرائم؛ إلا أن هيومن رايتس ووتش لم تشهد تقدماً يذكر، خاصة في التحقيق في حالات القتل بفندق المهاري، والتي قد تمثل أكبر واقعة من وقائع القتل خارج نطاق القانون المنسوبة إلى القوات المناوئة للقذافي طيلة النزاع الليبي بأسره.

تقدر هيومن رايتس ووتش أية معلومات يمكنكم تقديمها لنا عن الحالة الراهنة للتحقيق في الحوادث المميتة الموصوفة أعلاه، والإجراءات التي اتخذتها السلطات الليبية للتحقق من كيفية وقوع هذه الوفيات وهوية المسؤول عنها، والأدلة التي جمعتها وراجعتها السلطات الليبية، وحالة تقارير الصفة التشريحية لكل من معمر القذافي والمعتصم القذافي وأبو بكر يونس، والتي لم يتم الإفراج عنها حتى الآن. كما تقدر هيومن رايتس ووتش أيضاً إطلاعها على أخر مستجدات الخطوات التي اتخذتها السلطات الليبية للتعرف على رفات المقتولين في فندق المهاري والأشخاص الذين يفوق عددهم المئة الذين عُثر على جثثهم في مسرح المعركة الأخيرة؛ حتى يتسنى إبلاغ ذويهم.

نشكركم على اهتمامكم، وكما أسلفنا، سيتسنى لنا أن نذكر في التقرير أية معلومات ذات صلة نتلقاها منكم حتى العاشر من يوليو/تموز 2012.

مع خالص التقدير والاحترام،

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية

قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هيومن رايتس ووتش

الملحق ب


[1]  يتوفر مقطع الفيديو على: http://www.youtube.com/watch?v=69wBG6ULNzQ&feature=related  ( تمت الزيارة في 3 يوليو / تموز 2012). انظر أيضاً : Kareem Fahim and David Kirkpatrick, “Gaddafi’s Grip on the Capital Tightens as Revolt Grows,” New York Times, February 22, 2011, http://www.nytimes.com/2011/02/23/world/africa/23libya.html?pagewanted=all ( تمت الزيارة في 3 يوليو / تموز 2012).

[2]  انظر : "ليبيا : على مختلف الحكومات المطالبة بوضع حد لأعمال القتل غير القانونية "، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 20 فبراير /شباط 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/02/20-0

[3]  انظر : NATO, Operation UNIFIED PROTECTOR Final Mission Statistics, November 2, 2011, http://www.nato.int/nato_static/assets/pdf/pdf_2011_11/20111108_111107-factsheet_up_factsfigures_en.pdf. ( الناتو، عملية الحماية الموحدة، إحصاءات المهمة النهائية، 2 نوفمبر / تشرين الثاني 2011). إلا أن الرئيس باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة، وديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا والرئيس نيكولا ساركوزي، نشروا مقالات مشتركاً في 14 أبريل / نيسان 2011 ذكروا فيه أن على معمر القذافي التخلي عن السلطة :

هناك طريق للسلام يعد بأمل جديد للشعب الليبي مستقبل بدون القذافي، يحافظ على سلامة ليبيا وسيادتها ويعيد لها اقتصادها ورخائها وأمن شعبها . لابد أن يبدأ هذا المستقبل بإنهاء حقيقي وفعلي للعنف، بالأفعال وليس الكلمات . على النظام أن ينسحب من المدن التي يحاصرها، ومنها أجدابيا ومصراتة والزنتان وأن يعود إلى ثكناته . إلا أنه طالما القذافي في سدة الحُكم، فعلى الناتو الاستمرار في عملياته حتى يبقى المدنيين محميين وحتى يستمر الضغط على النظام . ثم يأتي التحول الفعلي من الدكتاتورية إلى عملية دستورية شاملة بقيادة زعماء الجيل الجديد . حتى تنجح هذه العملية الانتقالية، فلابد أن يرحل القذافي بشكل نهائي .

باراك أوباما، ديفيد كاميرون، نيكولا ساركوزي " طريق ليبيا إلى السلام " ، النيويورك تايمز، 14 أبريل / نيسان 2011: Barack Obama, David Cameron, and Nicolas Sarkozy, “Libya’s Pathway to Peace,” New York Times, April 14, 2011 (also reprinted in the International Herald Tribune, Le Figaro, and The Times of London).

[4]  انظر : Ian Black, “Qatar admits sending hundreds of troops to support Libya rebels,” Guardian, October 26, 2011.

[5]  انظر : "ليبيا : الذخائر العنقودية تضرب مصراتة "، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 15 أبريل /نيسان 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/04/15-4 و " ليبيا : هجمات عشوائية تسفر عن مقتل مدنيين " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 17 أبريل / نيسان 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/04/18-1 و : " ليبيا : يجب كف الهجمات العشوائية عن البلدات الجبلية الغربية " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 9 مايو / أيار 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/05/09

[6]  انظر : "ليبيا : ثبوت استخدام الحكومة للألغام الأرضية " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 31 مارس /آذار 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/03/30-7 وانظر : " ليبيا : الحكومة تضع ألغاماً جديدة في منطقة الجبال الغربية " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 8 يوليو / تموز 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/07/08 وانظر : " ليبيا : الحكومة تستخدم الألغام الأرضية في منطقة جبال نفوسة " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 21 يونيو / حزيران 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/06/21-1 وانظر : " مذكرة فنية صادرة عن هيومن رايتس ووتش : الألغام في ليبيا " ، 19 يوليو / تموز 2011.

[7]  انظر : "ليبيا : على الحكومة الانتقالية أن تدعم الضحايا " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 19 سبتمبر /أيلول 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/09/20

[8]  انظر : "ليبيا : أدلة تشير إلى أن كتيبة خميس قتلت 45 معتقلاً "، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 29 أغسطس /آب 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/08/29/45 وانظر : " ليبيا : الاشتباه في تورط قوات القذافي في إعدام المحتجزين " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 28 أغسطس / آب 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/08/28 ، وانظر : " ليبيا : اكتشاف 34 جثة في مقبرة جماعية " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 14 سبتمبر / أيلول 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/09/14/34 ، وانظر : " ليبيا : إعدام عشرة متظاهرين " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 18 أغسطس / آب 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/08/18

   انظر : "ليبيا : المعارضة تحتجز تعسفاً مقاتلين مشتبه أنهم موالون للقذافي " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 5 يونيو /حزيران 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/06/05 ، وانظر : " ليبيا : وفاة دبلوماسي رهن الاحتجاز لدى إحدى الميليشيات " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 3 فبراير / شباط 2012: http://www.hrw.org/ar/news/2012/02/03-1

[10]  انظر : "ليبيا : الميليشيات ترهب سكان المدن الموالية للقذافي " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 30 أكتوبر /تشرين الأول 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/10/30 وانظر : " ليبيا : يجب تعزيز الإجراءات الأمنية في مخيمات النازحين في تاورغاء " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 5 مارس / آذار 2012: http://www.hrw.org/ar/news/2012/03/05 وانظر : " ليبيا : منع النازحين من العودة إلى ديارهم " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 21 فبراير / شباط 2012: http://www.hrw.org/ar/news/2012/02/21 وانظر : " ليبيا : يتعين على قوات المعارضة حماية المدنيين والمستشفيات " ، 13 يونيو / حزيران 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/07/13

[11]  انظر : "ليبيا : يجب وقف الاعتقالات التعسفية بحق الأفارقة داكني البشرة " بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 4 سبتمبر /أيلول 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/09/04

   انظر : "ليبيا : الذخائر العنقودية تضرب مصراتة "، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 15 أبريل /نيسان 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/04/15-4 وانظر : " ليبيا : هجمات عشوائية تسفر عن مقتل مدنيين " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 17 أبريل / نيسان 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/04/18-1

[13]  انظر : "ليبيا : الميليشيات ترهب سكان المدن "الموالية " للقذافي "، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 30 أكتوبر /تشرين الأول 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/10/30 وانظر : " ليبيا : يجب تعزيز الإجراءات الأمنية في مخيمات النازحين من تاورغاء " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 5 مارس / آذار 2012: http://www.hrw.org/ar/news/2012/03/05

[14]  رسالة من هيومن رايتس ووتش إلى مجالس مصراتة، " ليبيا : رسالة إلى مجالس مصراتة " ، 8 أبريل /نيسان 2012: http://www.hrw.org/ar/news/2012/04/08-0

[15]  انظر : "ليبيا : يجب تعزيز الإجراءات الأمنية في مخيمات النازحين من تاورغاء "، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 5 مارس /آذار 2012: http://www.hrw.org/ar/news/2012/03/05

[16]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منصور ضو، مركز احتجاز بمصراتة، 22 أكتوبر /تشرين الأول 2011. كما سُمح لـ هيومن رايتس ووتش بمقابلة محتجزين على انفراد في منشأة الاحتجاز .

[17]  انظر : Rob Crilly and Ruth Sherlock, “Libya: Rebels Certain Khamis Gaddafi is Finally Dead,” The Telegraph, September 4, 2011, http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/africaandindianocean/libya/8740688/Libya-rebels-certain-Khamis-Gaddafi-is-finally-dead.html; Richard Pendlebury, “The Car Was Armored Like a Tank. But That Wasn’t Enough to Save Gaddafi’s Son Khamis When the Oppositions Took Their Vengeance,” Daily Mail, September 2, 2011, http://www.dailymail.co.uk/news/article-2032801/Khamis-Gaddafi-killed-Rebels-took-vengeance-despite-car-armoured-like-tank.html

[18]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سيف الإسلام القذافي، منشأة احتجاز في الزنتان، 18 ديسمبر /كانون الأول 2011

[19]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منصور ضو، منشأة احتجاز في مصراتة، 22 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[20]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منصور ضو، منشأة احتجاز في مصراتة، 22 أكتوبر /تشرين الأول 2011. تم القبض على السنوسي في موريتانيا في 17 مارس /آذار 2012.

   السابق .

[22]  السابق .

[23]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ممرض متطوع، سرت، 24 أكتوبر /تشرين الأول 2011. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أسامة بلجاسم، سرت، 22 أكتوبر /تشرين الأول 2011. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف محمد يوسف، سرت، 22 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[24]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ممرض متطوع، سرت، 24 أكتوبر /تشرين الأول 2011. هناك ناجون آخرون قابلتهم هيومن رايتس ووتش أكدوا هذه الرواية .

[25]  السابق .

[26]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ممرض متطوع، سرت، 24 أكتوبر /تشرين الأول 2011. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أسامة بلجاسم، سرت، 22 أكتوبر /تشرين الأول 2011. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف محمد يوسف، سرت، 22 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[27]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ممرض متطوع، سرت، 24 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[28]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منصور ضو، مركز احتجاز مصراتة، 22 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[29]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع منصور ضو، مركز احتجاز في مصراتة، 22 أكتوبر /تشرين الأول 2011. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ممرض متطوع، 24 أكتوبر /تشرين الأول 2011، سرت.

[30]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع خالد أحمد رائد، قائد لميليشيا الساحل الشرقي، سرت، 21 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[31]  مراسلات بالبريد الإلكتروني مع مسؤول بالناتو طلب عدم ذكر اسمه، توجد نسخة من الرسالة لدى هيومن رايتس ووتش، 24 فبراير /شباط 2012. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع خالد أحمد رائد، قائد لميليشيا الساحل الشرقي، سرت، 21 أكتوبر /تشرين الأول 2011. أثناء فحص هيومن رايتس ووتش لموقع المعركة في 21 أكتوبر /تشرين الأول، لم يجد باحثو هيومن رايتس ووتش حُفر متخلفة عن قنابل أطلقتها طائرات حيث تمت مهاجمة القافلة، مما يوحي بأن القنابل المستخدمة كانت من النوع الذي ينفجر في الهواء، وقد انفجرت فوق القافلة .

[32]  فحص هيومن رايتس ووتش لموقع المعركة، 21 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[33]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يونس أبو بكر يونس، منشأة احتجاز في مصراتة، 30 يناير /كانون الثاني 2012.

[34]  السابق .

[35]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ممرض متطوع، سرت، 24 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[36]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يونس أبو بكر يونس، منشأة احتجاز في مصراتة، 30 يناير /كانون الثاني 2012.

[37]  السابق .

[38]  السابق .

[39]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يونس أبو بكر يونس، منشأة احتجاز في مصراتة، 30 يناير /كانون الثاني 2012.

[40]  السابق .

[41]  بعض الروايات الإعلامية وصفت الاعتداء بأنه محاولة للواط بمعمر القذافي بسكين سونكي، لكن ليس من الواضح إن كان الطعن اعتداء جنسياً متعمداً .

[42]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع القائد خالد أحمد رائد، سرت، 22 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[43]  مقطع الفيديو على رابط: http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=yuRzoFa5-h8  ( تمت الزيارة في 3 يوليو / تموز 2012).

[44]  مقطع فيديو على : http://www.youtube.com/watch?v=CJ8wBkokBcU&feature=related  ( تمت الزيارة في 1 أبريل / نيسان 2012) ومقطع فيديو على : http://www.youtube.com/watch?v=z9kKa9uiGZY&feature=related  ( تمت الزيارة في 3 يوليو / تموز 2012).

[45]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الحميد، من الناجين من القافلة، سرت، 28 يناير /كانون الثاني 2012.

[46]  متوفر على موقع تيليغراف : http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/africaandindianocean/libya/libya-video/8840174/Amateur-video-shows-Gaddafi-son-Mutassim-alive-after-Sirte-capture.html  ( تمت الزيارة في 3 يوليو / تموز 2012)

[47]  الفيديو متوفر على موقع يوتيوب : http://www.youtube.com/watch?v=93Eh07BK_tI&feature=results_main&playnext=1&list=PLF62438074D0DFD38 ( تمت الزيارة في 3 يوليو / تموز 2012).

   الفيديو على موقع يوتيوب : http://www.youtube.com/watch?v=Qrr4hIswuCY ( تمت الزيارة في 3 يوليو / تموز 2012).

[49]  الفيديو على موقع يوتيوب : http://www.youtube.com/watch?v=f1nZyBy0t3A  ( تمت الزيارة في 3 يوليو / تموز 2012).

[50]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عامل متطوع من سرت في فندق مهاري، سرت، 23 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[51]  كانت مرحلة تحلل الجثث في فندق مهاري مماثلة لتلك الخاصة بالجثث التي تم العثور عليها في موقع المعركة الأخيرة مع قافلة القذافي، ورصد الصحفيون الجثث لأول مرة في فندق مهاري يوم 21 أكتوبر /تشرين الأول، اليوم التالي للمعركة مع قافلة القذافي . قدرت هيومن رايتس ووتش مبدئياً أن الضحايا قُتلوا بين 14 و 19 أكتوبر /تشرين الأول ("ليبيا : الاشتباه في إعدام 53 من مؤيدي القذافي " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 24 أكتوبر /تشرين الأول 2011: http://www.hrw.org/news/2011/10/24/libya-apparent-execution-53-gaddafi-supporters ) لكن بمقارنة مرحلة تحلل الجثث في فندق مهاري إلى الجثث في موقع القتال، وكذلك من واقع الأدلة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش منذ ذلك الحين، يظهر أن الضحايا في فندق مهاري قُتلوا في 20 أكتوبر / تشرين الأول، وهو اليوم الذي احتجزوا فيه .

[52]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عامل متطوع في فندق مهاري، 23 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[53]  بعض الأربطة البلاستيكية كانت مقطوعة وملقاة إلى جوار بعض القتلى وقت زيارة هيومن رايتس ووتش في 23 أكتوبر /تشرين الأول، لكن التيبس الرمي الذي كان قد لحق بالجثث يُظهر أن الأيدي كانت مربوطة وراء الظهر، وأن القيود البلاستيكية المقطوعة كانت ما زالت تربط المعاصم وقت الوفاة، تلك الملقاة إلى جوار الجثث .

[54]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عامل متطوع من سرت في فندق مهاري، 23 أكتوبر /تشرين الأول 2011.

[55]  زار باحثو هيومن رايتس ووتش الموقع وطابقوا خصائص الجدار هناك على الطبيعة بتلك التي تظهر في الجدار المُسجل في مقطع الفيديو .

[56]  الأب والأبن تعرضا للاستجواب في مقطع الفيديو : "س : من أين أنتما؟ هل أنتما قذاذفة؟ ج (الابن ) أنا حيسوني، حيسوني . ( الأب ) نحن من قبيلة حيسوني . س : أين الأوراق ( الأب يُخرج الأوراق الثبوتية ) س : بالله عليك يا حاج، من أين هذه الصلعة؟ من الركوع للقذافي؟ ج : (الأب ) الله غالب. س : الله غالب، هاه؟ ج : (الأب ) الحمد لله أنني ما زلت أسير على قدمي. س : (للأبن ): ومن أين أنت؟ ج : هذا أبي. س : لا إله إلى الله (ويلتفت إلى الشخص التالي ).

[57]  يتم استجواب حسين ضو العجماتي في الفيديو كالتالي : "س : من أين أنت؟ ج : سرت . س : ( صفعات متكررة وبصق عليه) هل بعت بلدك؟ ما الذي أخذته من القذافي؟ سرت، لماذا قاتلت لأجل القذافي، ماذا أخذتم منه؟ عار عليك، عار عليك يا ابن البلد ! 42 عاماً ! انظر إلى وجهه، كوجه الكلب !

[58]  استجوابه في الفيديو : "س : هل أنت مصري؟ ج : لا أنا سوري. س : لا أنت ساتشين (لفظ مهين يُطلق على المصري الليبي ). ساتشين ساتشين يا ابن الكلب !

[59]  يتم تهديده في الفيديو : "س : سوف اقتلك بـ 23 مللي [بندقية مضادة للطائرات ]. أنت من تاورغاء؟ تاروغاء بنت العاهرة؟ (بصق )، من تاورغاء يا خراء؟ هل كنت معهم في المسيرة السرية؟

[60]  انظر : "ليبيا : الاشتباه في إعدام 53 من مؤيدي القذافي " ، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 24 أكتوبر /تشرين الأول 2011: http://www.hrw.org/ar/news/2011/10/24/53

[61]  انظر : Gert Van Langendonck, “In Gaddafi’s Hometown, Signs of Trouble for Libya,” Christian Science Monitor, October 25, 2011, http://www.csmonitor.com/World/Middle-East/2011/1025/In-Qaddafi-s-hometown-signs-of-trouble-for-Libya.

[62]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع القائد عمران الأويب وعبد السلام ( باقي اسمه غير معروف ) من كتيبة النمر، مصراتة، 24 أكتوبر /تشرين الأول 2011. عرفت هيومن رايتس ووتش هوية القائدين من قائد ميليشيا أخرى من مصراتة، وتأكدت هيومن رايتس ووتش من الدور القيادي لهذين القائدين من خلال صحفي دولي كان قد قابلهما على خطوط القتال الأولى .

[63]  السابق .

[64]  النزاع الدولي المسلح هو أي استخدام لقوات مسلحة من طرف دولة ضد دولة أخرى . النزاع غير الدولي المسلح يحدث في حال وجود أعمال عنف داخل الدولة يرقى لمستوى النزاع المستديم، وتتورط فيه أطراف في النزاع لديها مستويات كافية من التنظيم، تكفي لتنفيذ عمليات عسكرية وينطبق فيه القانون الدولي الإنساني . من المقبول بشكل موسع أن نوعي النزاع المسلح المذكورين قد حدثا في سرت في الفترة التي يغطيها هذا التقرير .

[65]  اللجنة الدولية للصليب الأحمر : International Committee of the Red Cross ([ICRC], Jean-Marie Henckaerts and Louise Doswald-Beck), Customary International Humanitarian Law Volume I: The Rules (Cambridge, UK: Cambridge University Press, 2009), Rule 89.

[66]  نظام المحكمة الجنائية الدولية، مادة 8 (2)(أ )( i) و )(1).

[67]  المادة 3 المشتركة .

[68]  نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، مواد 8 (2)(أ )( ii) ، (iii) و( ج )( i).

[69]  انظر : ICRC, Customary International Humanitarian Law Volume I: Rules, Rule 158  (" على الدول التحقيق في جرائم الحرب المزعوم ارتكابها من قبل مواطنيها أو قواتها المسلحة أو التي وقعت على أراضيها، وإذا تطلب الأمر، أن تلاحق المشتبه بهم قضائياً . كما ينبغي التحقيق في جرائم الحرب الأخرى التي لها اختصاص عليها، وإذا تطلب الأمر، ملاحقة المشتبه بهم أمام القضاء ").

[70]  من وجهة نظر قانون المعاهدات والقانون الدولي العرفي، هناك واجب بمقاضاة الجرائم الدولية الجسيمة أو تسليمها للاختصاص القضائي القادر على الفصل فيها. المعاهدات الدولية، مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية، تُلزم الأطراف بضمان مقاضاة الجناة للجرائم الجسيمة، ومنهم من أعطوا الأوامر بهذه الجرائم . انظر اتفاقية جنيف الخاصة بحماية الأفراد المدنيين في زمن الحرب، تم إقرارها في 12 أغسطس /آب 1949، دخلت حيز النفاذ في 21 أكتوبر /تشرين الأول 1950. مادة 146. السابق، قاعدة 159 ("مع نهاية أعمال القتال، لابد أن تسعى السلطات صاحبة السلطة لمنح أكبر قدر ممكن من العفو للأشخاص الذين شاركوا في النزاع المسلح غير الدولي، أو لمن حرموا من حريتهم لأسباب على صلة بالنزاع المسلح، إلا الأشخاص المشتبهون أو المتهمون أو المدانون بارتكاب جرائم حرب ").

[71]  انظر : Ingrid Formanek, “Gaddafi Autopsy Reveals He Was Shot in The Head,” CNN.com, October 23, 2011, http://articles.cnn.com/2011-10-23/africa/world_africa_libya-gadhafi-autopsy_1_misrata-moammar-gadhafi-national-transitional-council?_s=PM:AFRICA

[72]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع د . عثمان الزنتاني، مصراتة، 27 مارس / آذار 2012.

   السابق .

[74]  انظر : “Libya’s NTC Orders Probe Into Gaddafi Killing: Chairman Orders Investigation Into Killing of Former Libyan Leader and Says NTC Will Form Government ‘Within Two Weeks’,” Al Jazeera, October 24, 2012, http://www.aljazeera.com/news/africa/2011/10/2011102413358850809.html

[75]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رئيس نيابة مصراتة، عبد اللطيف الحملي، مصراتة، 27 مارس / آذار 2012.

[76]  السابق .

[77]  السابق .

[78]  السابق .

[79]  رسالة هيومن رايتس ووتش أرسلت إلى د. عبد الرحيم الكيب، رئيس مجلس الوزراء ، وإلى عاشور بن خيال، وزير الخارجية، وعلي أحميدة عاشور، وزير العدل، وفوزي عبد العال وزير الداخلية، وأسامة جويلى وزير الدفاع، وعبد العزيز الحصادي النائب العام .