(بيروت) - لبنان الاستفادة من مراجعة سجله في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للتعهد بتدابير ملموسة لمعالجة القضايا الحقوقية التي طال أمدها.
سيحضر لبنان الاستعراض الدوري الشامل الثاني للبلاد في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، في المجلس في جنيف. وافق لبنان على عديد من التوصيات بعد المراجعة الأولى عام 2010، ولكنه أخفق في إحراز تقدم في كثير منها.
قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط: "أهدر لبنان عديدا من الفرص خلال السنوات الخمس الماضية للتقدم في مجال حقوق الإنسان. مع تزايد التحديات في البلاد، لا يستطيع لبنان المماطلة أو تأخير الإصلاحات الضرورية لوضع حد للإفلات من العقاب وضمان الحقوق الأساسية لعديد من السكان المهمّشين، من المواطنين والأجانب على حد سواء."
أثارت هيومن رايتس ووتش في تقرير مارس/آذار 2015 إلى مجلس حقوق الإنسان، المخاوف بشأن إساءة معاملة المعتقلين وتعذيبهم من قبل عدة فروع من قوات الأمن؛ الأحكام التمييزية ضد حقوق المرأة في قوانين الأحوال الشخصية وقوانين الجنسية والقانون الجنائي؛ استبعاد العاملات المنزليّات الوافدات من قانون العمل وقوانين الهجرة التقييدية على أساس نظام الكفالة الذي ينطبق عليهن؛ خطر احتجاز اللاجئين السوريين الذين ليس لديهم وضع قانوني؛ عدم التقدم في مجال حقوق اللاجئين الفلسطينيين؛ عدم التقدم في مشروع قانون لإنشاء لجنة وطنية للتحقيق في مصير المفقودين.
أكّدت الحكومة اللبنانية في تقريرها الوطني إلى مجلس حقوق الإنسان في 25 سبتمبر/أيلول، أنه يتمّ اتخاذ خطوات فعالة لمنع التعذيب عن طريق مقاضاة مرتكبيه بالحكم عليهم بعقوبة الحبس أو تعريضهم لإجراءات تأديبية قاسية، مثل الإقالة.
فشل لبنان عمليا بالتحقيق بشكل مناسب ومحاكمة ومعاقبة المسؤولين عن التعذيب. بينما يُعتقل المسؤولون الأمنيون ذوو الرتب المتدنية بعد فضائح عن الاعتداءات، تندر الملاحقات القضائية والتقارير المناسبة بشأن تدابير المتابعة.
مثلا، لم تُفتح أية تحقيقات مناسبة في أكتوبر/تشرين الأول 2012، بعد أن جمع عناصر في الجيش والاستخبارات عمال مهاجرين وضربوهم في بيروت. في يوليو/تموز 2013، أصدر قاضي التحقيق العسكري مذكرات توقيف بحق 5 أفراد من الاستخبارات العسكرية بسبب وفاة نادر بيّومي في الحجز، الذي اعتقل عقب اشتباكات في منطقة عبرا بين الجيش ومسلحين موالين للشيخ السني أحمد الأسير. رغم الاستفسارات والمكالمات اللاحقة للحصول على تحديثات شفافة وعلنية من جانب السلطات، لم يكن هناك تقارير عامة عن التحقيقات.
قالت هيومن رايتس ووتش إن جزءا أساسيا من المشكلة هو تحقيق المحاكم العسكرية في مزاعم سوء المعاملة من قبل القوات المسلحة. اعتقلت مخابرات الجيش ليال الكياجي في 21 سبتمبر/أيلول، بعد أن زعمت لوسائل اعلام محلية أن 2 من أفراد هذه المخابرات اغتصباها وعذّباها خلال اعتقال سابق عام 2013. بدل إجراء تحقيق مستقل في المزاعم، أحال المسؤولون القضية إلى المدعي العام العسكري، الذي يحقق معها في توجيه اتهامات زائفة. قال أصدقاء الكياجي لـ هيومن رايتس ووتش إن المدعي العام العسكري أمر بالإفراج عنها بكفالة منذ أكثر من أسبوع، ولكن لم يُطلق سراحها بعد.
بالأخص، أخفق لبنان باتخاذ خطوات هامة لتنفيذ التوصيات التي قبلها بعد استعراضه الأول عام 2010. أخفق مثلا في إنشاء آلية وطنية لمنع التعذيب، التزم بها من خلال التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب عام 2008.
قالت هيومن رايتس ووتش إن التقدم المهم الوحيد في لبنان كان تشريع قانون ضد العنف المنزلي عام 2014. لكن البلاد لا تزال بحاجة إلى وضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي (أو الجنس)، واتخاذ خطوات لتحقيق المساواة بين الجنسين والقضاء على التمييز ضد المرأة، بما في ذلك في قوانين الأحوال الشخصية.
كذلك، لم يحفظ لبنان وعوده بتسهيل حصول اللاجئين الفلسطينيين على فرص عمل، مع تصاعد التوتر بشأن العدد الكبير للاجئين الفلسطينيين والسوريين في البلاد.
يجد اللاجئون من سوريا صعوبة في دفع الرسوم والحصول على الوثائق اللازمة لتجديد الإقامات، ما يترك عديدا منهم في وضع غير قانوني. يجعلهم ذلك أيضا عرضة للاعتقال وسوء المعاملة والاستغلال في العمل وانعدام الجنسية.
قال نديم حوري: "الإخفاق في ملاحقة منتهكي حقوق الإنسان أصبح، للأسف، نموذجا لفشل الحكومة اللبنانية في اتخاذ اجراءات بشأن مجموعة واسعة من المشاكل الخطيرة لحقوق الإنسان. على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة توضيح عدم رضاها عن امتناع لبنان عن العمل وإصرارها على الإصلاح الحقيقي."