Skip to main content
تبرعوا الآن

سلوك القوات الإسرائيلية في غزة

مذكرة "هيومن رايتس ووتش" و"أوكسفام" المتعلقة بإجراءات "إن إس إم 20" لإدارة بايدن

 

تقدم "أوكسفام" و"هيومن رايتس ووتش" هذه المذكرة ردا على مذكرة الأمن القومي "إن إس إم 20"، التي تنص على أن وزارتي الخارجية والدفاع في الولايات المتحدة ستتلقى ضمانات من الدول التي تتلقى مساعدات عسكرية أمريكية بأنها تستخدم "المواد الدفاعية" أمريكية المنشأ بما يتوافق مع القانون الدولي، وأنها لم تعرقل أو تؤخر بشكل تعسفي المساعدات الإنسانية التي تمولها أو تدعمها الولايات المتحدة خلال العام 2023. أوكسفام، وهي منظمة إنسانية وتنموية دولية، وهيومن رايتس ووتش، وهي منظمة دولية لحقوق الإنسان، تكتبان إليكم بشكل مشترك لإثبات إن أي ضمانات من هذا القبيل من الحكومة الإسرائيلية، وهي من الجهات الرئيسية المتلقية للأسلحة الأمريكية، ليست ذات مصداقية، خاصة في ضوء سلوك القوات الإسرائيلية منذ بداية الأعمال العدائية في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

لاحظت أو وثقت أوكسفام وهيومن رايتس ووتش تنفيذ السلطات الإسرائيلية هجمات عشوائية وغير متناسبة، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني، في أعقاب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول التي قادتها "حماس" في إسرائيل، وفرضت عقوبات جماعية على السكان المدنيين، وحرمت السكان المدنيين من الأمور التي لا غنى عنها لبقائهم، واستخدمت تجويع المدنيين كسلاح في الحرب. هذه كلها انتهاكات جسيمة لـ"اتفاقية جنيف الرابعة" والقانون الدولي الإنساني العرفي. اضطر الغالبية العظمى من سكان غزة أيضا إلى الفرار من منازلهم، كثيرون منهم نتيجة للأعمال الإسرائيلية التي ترقى إلى مستوى جرائم حرب.

قيّدت السلطات الإسرائيلية وأخّرت وعرقلت المساعدات الإنسانية أمريكية المنشأ، في انتهاك للقوانين والسياسات الأمريكية. تتناول هذه المذكرة حالات لانتهاكات مفترضة وجليّة للقانون الدولي والقيود المفروضة على المساعدات بناء على تجربتنا المباشرة أو تحقيقاتنا، مع معلومات داعمة من مؤسسات إخبارية موثوقة. نظرا لانعدام الأمن على نطاق واسع في غزة والقيود التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية على دخول المحققين والصحفيين وعمال الإغاثة الأجانب، نعتقد أن الأمثلة التي نستشهد بها هنا تعكس نمطا أوسع من السلوك مما يتم تقييمه حاليا من قبل حكومة الولايات المتحدة.

في نوفمبر/تشرين الثاني، دعت هيومن رايتس ووتش الدول إلى تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة إلى إسرائيل طالما أن قواتها ترتكب انتهاكات منهجية واسعة النطاق ضد المدنيين الفلسطينيين مع الإفلات من العقاب، محذرة من أن الدول التي تواصل تقديم الأسلحة تخاطر بالتواطؤ في جرائم حرب. في يناير/كانون الثاني، انضمت أوكسفام إلى 15 منظمة إنسانية دولية ومنظمة حقوقية للدعوة إلى وقف نقل الأسلحة وقطع الغيار والذخيرة إلى إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية حيث هناك خطر من استخدامها في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني أو قانون حقوق الإنسان أو تسهيل ارتكابها.

نحثّ الوزيرين بلينكن وأوستن على النظر في الانتهاكات المحتملة أدناه عند تحديد مصداقية الضمانات التي قدمتها الحكومة الإسرائيلية ردا على إن إس إم 20. تعتقد أوكسفام وهيومن رايتس ووتش أن تعليق عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل ضروري ما دام هناك خطر كبير من استخدامها لارتكاب أو تسهيل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، والقانون والسياسة الأمريكية.

انتهاكات القانون الدولي الإنساني

  1. وثّقت هيومن رايتس ووتش قصف القوات الإسرائيلية لسيارة إسعاف تحمل شارة أمام "مستشفى الشفاء" في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، والتي أفادت التقارير أنها أسفرت عن مقتل 15 شخصا وإصابة 60 آخرين.[1] سيارات الإسعاف أعيان مدنية محمية بموجب القانون الدولي الإنساني ولا يمكن استهدافها عند استخدامها لعلاج الجرحى والمرضى، سواء كانوا مدنيين أو مقاتلين. قالت السلطات الإسرائيلية إنها تعمدت استهداف سيارة الإسعاف، بحجة أنها كانت تُستخدم لنقل مقاتلين أصحاء. حققت هيومن رايتس ووتش في هذه الادعاءات ولم تجد أي دليل على استخدام سيارة الإسعاف لأغراض عسكرية. علاوة على ذلك، فإن العدد الكبير من الضحايا المدنيين الناجم عن القصف يشير إلى أنها كانت غير متناسبة وغير قانونية حتى لو كانت سيارة الإسعاف تُستخدم لأغراض عسكرية.
  2. وثقت هيومن رايتس ووتش ضربات على عدة مستشفيات كبرى أو بالقرب منها بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و7 نوفمبر/تشرين الثاني، بما في ذلك "مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني"، و"المستشفى الإندونيسي"، و"المركز الدولي للعيون".[2] تتمتع المستشفيات بوضع الحماية بموجب القانون الدولي الإنساني، ولا تفقد حمايتها من الهجوم إلا إذا استُخدمت لارتكاب "أعمال ضارة بالعدو"، ومع ذلك يبقى التحذير والتناسب والتمييز مطلوبين.[3] تزعم إسرائيل أن المستشفيات كانت تُستخدم من قبل المقاتلين الفلسطينيين، وبالتالي لم تكن محمية بموجب القانون الدولي الإنساني. لم تجد هيومن رايتس ووتش، فيما يتعلق بالحالات التي حققت فيها، أي دليل يُبرر حرمان المستشفيات من الحماية التي تتمتع بها بموجب القانون الدولي الإنساني.[4]
  3. توصلت هيومن رايتس ووتش، استنادا إلى فيديوهات تم التحقق منها وروايات شهود، إلى أن القوات الإسرائيلية استخدمت الفوسفور الأبيض في عمليات عسكرية في لبنان وغزة في 10 و11 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على التوالي. الفسفور الأبيض، الذي يمكن استخدامه إما لوضع العلامات أو الإشارة أو التعتيم أو كسلاح، له تأثير حارق كبير يمكن أن يحرق الناس بشدة ويشعل النار في المباني والحقول وغيرها من الأعيان المدنية في المنطقة المجاورة. ينتهك استخدام الفسفور الأبيض في المناطق المكتظة بالسكان في غزة متطلبات القانون الدولي الإنساني المتمثلة في اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إصابة المدنيين والخسائر في الأرواح. في لبنان، قالت وزارة البيئة إن ما لا يقل عن 6.82 كيلومتر مربع من الأراضي احترقت في هجمات شنتها القوات الإسرائيلية، بما في ذلك تلك الناتجة عن الفوسفور الأبيض. توصل تحقيق أجرته "واشنطن بوست" إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم ذخائر الفسفور الأبيض التي زودته بها الولايات المتحدة في هجوم أدى إلى إصابة تسعة مدنيين، وهو ما قالت "العفو الدولية" إنه يجب التحقيق فيه باعتباره جريمة حرب.[5] تحققت هيومن رايتس ووتش من المصدر الأمريكي للذخائر المستخدمة في هذا الهجوم.
  4. وثقت هيومن رايتس ووتش ضربتين شنتهما القوات الإسرائيلية على جنوب لبنان في 13 أكتوبر/تشرين الأول، مما أدى إلى مقتل صحفي وإصابة ستة آخرين، بينهم مواطن أمريكي.[6] وفقا لتحقيق هيومن رايتس ووتش، الضربتان اللتان وقعتا في 13 أكتوبر/تشرين الأول كانتا بمثابة "هجوم متعمّد مفترض ضد مدنيِّين، أي جريمة حرب".[7] بالاعتماد على أدلة الفيديو، والتحليل الصوتي من قبل خبراء، وشهادات الشهود، وجد تحقيق هيومن رايتس ووتش أن المجموعة كانت مرئية لكاميرات طائرة مسيّرة قريبة هي إسرائيلية على الأرجح، وضمن مجال الرؤية لخمسة أبراج مراقبة إسرائيلية، وأنه يرجّح أن المجموعة استُهدفت بوحدة ذخيرة واحدة على الأقل من المدفع الرئيسي لدبابة من موقع عسكري إسرائيلي على بعد نحو 1.5 كيلومتر في الجنوب الشرقي. توصل تحقيق هيومن رايتس ووتش إلى أن الجيش الإسرائيلي كان يعلم، أو ينبغي له أن يعلم، أن مجموعة الأشخاص الذي أطلق النار عليهم كانوا مدنيين.
  5. وثقت هيومن رايتس ووتش ضربة شنتها القوات الإسرائيلية على عائلة في سيارة في جنوب لبنان يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني، مما أدى إلى مقتل ثلاث فتيات، أعمارهن 10 و12 و14 سنة، وجدّتهن.[8] لم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل على وجود هدف عسكري بالقرب من السيارة التي قُصِفت، والتي كانت تقل المدنيين الفارين فقط. بحسب هيومن رايتس ووتش، أظهر الهجوم على المركبة "عدم اكتراث الجيش الإسرائيلي بالتزامه بالتمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، وتقاعس كبير عن اتخاذ الضمانات الكافية للحيلولة دون سقوط قتلى من المدنيين".[9]
  6. وجد تحليل أجرته أوكسفام أن جزءا كبيرا من البنية التحتية لمشاريع المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية التي قامت أوكسفام وشركاؤها بتركيبها أو إعادة تأهيلها خلال الفترة 2017-2023 قد تضررت أو دُمرت بسبب القصف الإسرائيلي، مما جعل الكثير منها غير صالح للعمل. تمت مشاركة مواقع هذه البنية التحتية من خلال القنوات المناسبة للتأكد من أن إسرائيل على علم بمواقعها وتتمكن من تجنب الإضرار بالمرافق التي تقدم الخدمات الأساسية للمدنيين في غزة. يشكل استهداف البنية التحتية الإنسانية انتهاكا لمبدأ التمييز، الذي يتطلب من إسرائيل التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وكذلك مبدأ الاحتياط، الذي يتطلب من إسرائيل اتخاذ جميع التدابير الممكنة لتجنب الأضرار العرضية للبنية التحتية المدنية.
  7. تعتقد هيومن رايتس ووتش وأوكسفام أن استخدام القوات الإسرائيلية للأسلحة المتفجرة ذات التأثير واسع النطاق في المناطق المأهولة بالسكان في غزة يثير مخاوف كبيرة بشأن امتثال إسرائيل لمبادئ التمييز والتناسب في القانون الدولي الإنساني. حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول، تشير التقارير إلى أن حوالي نصف الذخائر التي ألقيت على غزة كانت "قنابل غبية" غير موجهة.[10] تستخدم إسرائيل بشكل روتيني قنابل تزن ألفي رطل على المناطق المكتظة بالسكان في غزة. وفقا لـ واشنطن بوست، أسقطت القوات الإسرائيلية أكثر من 22 ألف ذخيرة أمريكية المنشأ على غزة خلال الأيام الـ45 الأولى من الأعمال العدائية.[11] بحسب تقارير، نقلت الولايات المتحدة ما لا يقل عن خمسة آلاف "قنبلة غبية" تزن ألفي رطل إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.[12]

الحرمان المتعمد من الخدمات الحيوية لبقاء السكان على قيد الحياة

  1. في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2023، صرّح يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، قائلا: "إننا نفرض حصارا كاملا على [غزة]. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود – كل شيء مغلق. نحن نقاتل حيوانات بشرية، ونتصرف وفقا لذلك".[13] في ذلك المساء، قطعت السلطات الإسرائيلية جميع المياه الواصلة إلى غزة عبر خطوط أنابيب ميكوروت الثلاثة. في يوم الهجمات التي قادتها حماس على إسرائيل، 7 أكتوبر/تشرين الأول، قطعت إسرائيل الكهرباء التي تزود بها غزة، وهو المصدر الرئيسي للكهرباء في القطاع.[14] حتى 19 مارس/آذار، واصلت السلطات الإسرائيلية قطع الكهرباء عن غزة. واصلت إسرائيل أيضا إلى حد كبير منع دخول الوقود إلى غزة منذ ذلك الحين. نفدت احتياطيات الوقود في محطة الكهرباء الوحيدة في غزة بحلول 11 أكتوبر/تشرين الأول.[15] في غياب الكهرباء، أصبحت مرافق المياه والصرف الصحي في غزة غير صالحة للعمل بسبب عدم توفر الوقود لتشغيل مولدات الديزل. وفقا لـ"مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا)، حتى 16 فبراير/شباط، بلغ إنتاج المياه في غزة 5.7% فقط مما كان عليه قبل الأعمال العدائية الحالية.[16] أدى نقص المياه الصالحة للشرب، فضلا عن تدمير البنية التحتية للصرف الصحي ومياه الصرف الصحي،[17] إلى تفشي الأمراض، بما في ذلك التهاب الكبد الوبائي أ والإسهال،[18] بالإضافة إلى حالات الجفاف الشديد.[19] كان نقص المياه اللازمة للتنظيف، فضلا عن انهيار البنية التحتية للصرف الصحي وما نتج عن ذلك من تلوث البيئة، سببا رئيسيا لتفشي الأمراض. يتطلب القانون الدولي الإنساني من إسرائيل، باعتبارها قوة الاحتلال في غزة، ضمان توفير الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين. وهذا التزام إيجابي يتطلب من إسرائيل أيضا حماية حق الفلسطينيين في المياه واتخاذ تدابير "متعمدة وملموسة وموجهة" لضمان الإعمال الكامل لهذه الحقوق. يرقى حرمان السكان من الحصول على المياه إلى مستوى العقاب الجماعي للسكان المدنيين، وهو جريمة حرب. الحق في المياه، الذي يشمل الحق في الحصول على مياه الشرب المأمونة والنظيفة وخدمات الصرف الصحي، هو أيضا حق من حقوق الإنسان، وهو مستمد من الحق في الحياة [20] والحق في مستوى معيشي لائق [21].

الحرمان التعسفي والقيود المفروضة على المساعدات الإنسانية

  1. في أعقاب الهجمات التي قادتها حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وثقت أوكسفام قيام الحكومة الإسرائيلية بتقييد المساعدات الإنسانية ودخول وخروج السلع التجارية إلى غزة بشكل منهجي.[22] في 9 أكتوبر/تشرين الأول، فرضت إسرائيل "حصارا كاملا" على غزة، وقيدت جميع واردات السلع الإنسانية والتجارية. على مدار الـ 12 يوما التالية، أغلقت إسرائيل جميع نقاط الوصول إلى غزة وقصفت بشكل متكرر معبر رفح الحدودي مع مصر.[23] في 21 أكتوبر/تشرين الأول، سمحت إسرائيل بمرور حمولة 20 شاحنة فقط من المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح والوصول إلى سكان غزة. في المقابل، قبل بدء الأعمال العدائية، كان سكان غزة يعتمدون على ما متوسطه حمولة 500 شاحنة من الغذاء والماء والأدوية وغيرها من المواد الأساسية كل يوم.
  2. بمجرد أن فتحت إسرائيل معبر رفح – وفي نهاية المطاف معبر كرم أبو سالم – فرضت إسرائيل عملية تفتيش تعسفية ومعقدة بلا داع، وقيدت بشدة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.[24] أدى نظام التفتيش هذا إلى ازدحام هائل وطوابير طويلة (أحيانا تصل إلى ألفي شاحنة). في المتوسط، تستغرق شاحنات المساعدات الإنسانية 20 يوما للانتقال من نقطة التفتيش في العريش إلى غزة [25].
  3. بناء على تحليل أوكسفام، تزيد عملية التفتيش الإسرائيلية من تقييد المساعدات الإنسانية من خلال تصنيف بعض المواد الإنسانية على أنها "ذات استخدام مزدوج"، وهي مواد لها غرض مدني وعسكري. منعت السلطات الإسرائيلية محاولة أوكسفام استيراد مواد مثل قرَب المياه، ومجموعات أدوات صنابير المياه، ومجموعات اختبار المياه الميكروبيولوجية، ومجموعات اختبار جودة المياه الكيميائية. لا يعتبر أي من هذه العناصر، بالإضافة إلى العديد من العناصر المقيدة الأخرى، ذي "استخدام مزدوج" بموجب "اتفاق فاسينار" أو أي معيار دولي آخر "للاستخدام المزدوج". ومما يدل على تعسف القرارات بخصوص المواد المرفوضة، السماح بدخول بعض المواد في بعض الأيام، ومن ثم رفضها في أيام أخرى. عندما تعتبر السلطات الإسرائيلية عنصرا واحدا على متن قافلة إنسانية "مزدوج الاستخدام"، غالبا ما تُجبر الشاحنة على الخروج من الطابور، وإعادة تحميل الشاحنة، ثم الدخول إلى خط التفتيش مرة أخرى – وهو ما قد يستغرق 20 يوما.[26]
  4. أدى نقص الوقود المسموح بدخوله إلى قطاع غزة، في سياق انقطاع الكهرباء، إلى جعل البنية التحتية للمياه في غزة بأكملها تقريبا عديمة الفائدة. منذ نوفمبر/تشرين الثاني، لم يتمكن الناس في شمال غزة من الحصول على المياه الصالحة للشرب، في حين أن سكان جنوب غزة، حتى مارس/آذار، لم يحصلوا إلا على لترين من الماء في المتوسط يوميا. أدى نقص المياه إلى زيادات كبيرة في حالات الإصابة بالأمراض، بما في ذلك الإسهال والتهاب الكبد الوبائي أ، فضلا عن الجفاف.[27]
  5. تؤدي هذه العملية التعسفية إلى فرض قيود شديدة على حجم المساعدات الإنسانية التي تصل إلى سكان غزة. وجدت أوكسفام أنه في الفترة من 8 إلى 25 أكتوبر/تشرين الأول – عندما فُتِح معبر رفح – لم يصل إلى غزة سوى 2% من شحنات الأغذية مقارنة بمستوى الواردات قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول.[28]
  6. رغم أن حجم المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة قد زاد منذ أكتوبر/تشرين الأول، وجدت أوكسفام وهيومن رايتس ووتش أنها لا تزال أقل بكثير من كميات المساعدات اللازمة لمعالجة الأزمة الإنسانية هناك. في الفترة بين 9 أكتوبر/تشرين الأول و31 يناير/كانون الثاني، دخل غزة في المتوسط حمولة 95 شاحنة من المساعدات الإنسانية يوميا، وهو أقل بكثير من حمولة 500 شاحنة من البضائع التي كانت تدخل غزة يوميا قبل بدء الأعمال العدائية.[29] والأهم من ذلك، أنه في الشهر التالي للتدابير المؤقتة التي اتخذتها محكمة العدل الدولية، أمرت إسرائيل "باتخاذ تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لمعالجة الظروف المعيشية السيئة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة". في الواقع، انخفضت كمية القوافل الإنسانية التي تدخل غزة بنسبة 30%.[30] خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن "الحكومة الإسرائيلية تجاهلت ببساطة حكم المحكمة، وفي بعض النواحي كثّفت قمعها، بإجراءات شملت منع المساعدات المنقذة للحياة ".[31]
  7. يمنع الحصار دخول كميات كافية من الأدوية إلى غزة ويعطل التبريد اللازم للأدوية، بما في ذلك الأنسولين.[32]
  8. منعت السلطات الإسرائيلية بشكل منهجي المساعدات من الوصول إلى حوالي 300 ألف فلسطيني ما زالوا في شمال غزة، حيث خطر المجاعة أشد حدة. خلال شهر كانون الأول/ديسمبر، تم الانتهاء من حوالي 70% من البعثات الإنسانية المقرر إرسالها إلى شمال غزة. مع ذلك، في الفترة من 1 يناير/كانون الثاني إلى 12 فبراير/شباط، أعاقت السلطات الإسرائيلية أكثر من نصف بعثات المساعدات الإنسانية المقررة إلى شمال غزة. شملت هذه القيود: التقاعس عن ضمان المرور الآمن (التقاعس عن تفادي النزاع)؛ عدم فتح طرق إضافية إلى شمال غزة؛ التأخير المفرط ومنع الوصول التام من قبل الجيش الإسرائيلي.[33]
  9. بعد اجتماع بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء نتنياهو في يناير/كانون الثاني، وافقت الحكومة الإسرائيلية على السماح لشحنة كبيرة من المساعدات الغذائية التي تمولها الولايات المتحدة بدخول غزة من مدينة أشدود الساحلية الإسرائيلية. هذه الشحنة، التي تحتوي على 90 ألف طن من الدقيق والمواد الغذائية الأخرى، تكفي لإطعام حوالي 1.5 مليون شخص لمدة خمسة أشهر.[34] مع ذلك، ورغم الاتفاق، أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أنه يمنع دخول هذه المساعدات إلى غزة، مشيرا إلى أن الشحنة لن تستمر طالما أن المتلقي هو "الأونروا". عرقلت السلطات الإسرائيلية تسليم هذه المساعدات الغذائية الممولة من الولايات المتحدة لعدة أشهر.[35]
  10. بسبب الأسباب المذكورة أعلاه، خلصت أوكسفام وهيومن رايتس ووتش إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم تجويع المدنيين كسلاح حرب في غزة، وهو ما يُعد جريمة حرب.[36] من خلال تقييد وصول المساعدات الإنسانية، تتعمد السلطات الإسرائيلية حرمان المدنيين الفلسطينيين في غزة من المساعدات التي هم في أشد الحاجة إليها، بما في ذلك المساعدات الأمريكية. يحظر القانون الدولي الإنساني على أطراف النزاع التسبب عمدا في "معاناة السكان من الجوع، ولا سيما عبر حرمانهم من مصادر الغذاء أو الإمدادات ".[37] باعتبارها سلطة الاحتلال، فإن إسرائيل ملزمة بتوفير الرعاية للسكان المحتلين وضمان تلبية الاحتياجات الإنسانية لسكان غزة. يكاد يكون جميع سكان غزة الآن معرضين لخطر المجاعة والتجويع الجماعي، وهو ما يُعزى مباشرة إلى عمليات اسرائيل العسكرية التي تنتهك القانون الدولي وحرمان السكان من المساعدات الإنسانية.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة