Skip to main content
تبرعوا الآن

إسرائيل لا تمتثل لأمر "محكمة العدل الدولية" في قضية الإبادة الجماعية

لم تضمن إسرائيل الخدمات الأساسية والمساعدات

محكمة العدل الدولية في لاهاي، هولندا، في 27 أغسطس/آب 2018. © 2018 مايك كوردر/ أسوشيتد برس فوتو

(لاهاي) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الحكومة الإسرائيلية لم تمتثل لإجراء واحد على الأقل في الأمر الملزم قانونا الذي أصدرته "محكمة العدل الدولية"، في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا. المحكمة، التي ذكرت تحذيرات من "الظروف الكارثية" في غزة، أمرت إسرائيل في 26 يناير/كانون الثاني 2024 بـ "اتخاذ إجراءات فورية وفعالة للسماح بتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها"، وتقديم تقرير إليها بشأن امتثالها بتنفيذ التدابير المحددة "في غضون شهر".

لكن بعد شهر، تواصل إسرائيل عرقلة توفير الخدمات الأساسية ودخول وتوزيع الوقود والمساعدات المنقذة للحياة داخل غزة، وهي أعمال عقاب جماعي ترقى إلى جرائم حرب، وتشمل استخدام تجويع المدنيين كسلاح حرب. دخل عدد أقل من الشاحنات إلى غزة، وسُمِح لعدد أقل من بعثات الإغاثة بالوصول إلى شمال غزة في الأسابيع العديدة التي تلت صدور الحكم مقارنة بالأسابيع التي سبقته، بحسب "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا).

قال عمر شاكر، مدير إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش: "تُجوّع الحكومة الإسرائيلية 2.3 مليون فلسطيني في غزة، ما يعرضهم لخطر أكبر من الذي كانوا يتعرضون له قبل أمر محكمة العدل الدولية المُلزم. تجاهلت الحكومة الإسرائيلية ببساطة حكم المحكمة، وفي بعض النواحي كثّفت قمعها، بإجراءات شملت منع المساعدات المنقذة للحياة".

قالت هيومن رايتس ووتش إن على الدول الأخرى استخدام جميع أشكال النفوذ، بما فيها العقوبات والحظر، للضغط على الحكومة الإسرائيلية للامتثال لأوامر المحكمة المُلزمة في قضية الإبادة الجماعية.

وجدت هيومن رايتس ووتش في ديسمبر/كانون الأول 2023 أن السلطات الإسرائيلية تستخدم التجويع كسلاح حرب. عملا بسياسة وضعها المسؤولون الإسرائيليون وتنفذها القوات الإسرائيلية، تمنع السلطات الإسرائيلية عمدا وصول المياه والغذاء والوقود، وتعرقل عن قصد المساعدات الإنسانية، وبحسب الافتراض تدمر المناطق الزراعية، وتحرم السكان المدنيين من الأعيان أو المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة.

أبقت السلطات الإسرائيلية إمدادات الكهرباء لغزة مقطوعة منذ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول التي شنتها "حماس". بعد أن قطعت إسرائيل في البداية كامل إمدادات المياه التي توفرها إسرائيل لغزة عبر ثلاثة خطوط أنابيب، استأنفت إسرائيل الإمدادات عبر اثنين من خطوطها الثلاثة. لكن بسبب الانقطاعات والتدمير واسع النطاق للبنية التحتية للمياه وسط العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية المتواصلة، ظل خط واحد فقط من هذه الخطوط يعمل بسعة 47% فقط حتى 20 فبراير/شباط. قال مسؤولون في "مصلحة مياه بلديات الساحل" في غزة لـ هيومن رايتس ووتش في 20 فبراير/شباط إن السلطات الإسرائيلية أعاقت جهود إصلاح البنية التحتية للمياه.

وفقا للبيانات التي نشرها أوتشا و "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة" (الأونروا)، انخفض المتوسط اليومي لعدد للشاحنات التي تدخل غزة محملة بالغذاء والمساعدات والأدوية بأكثر من الثلث في الأسابيع التي تلت حكم محكمة العدل الدولية: 93 شاحنة بين 27 يناير/كانون الثاني و21 فبراير/شباط 2024، مقارنة بـ 147 شاحنة بين 1 و26 يناير/كانون الثاني، و57 شاحنة فقط بين 9 و21 فبراير/شباط. أشار مسح لعوائق دخول المساعدات التي تواجهها 24 منظمة إنسانية تعمل في غزة بين 26 يناير/كانون الثاني و15 فبراير/شباط، إلى نقص الشفافية حول كيفية دخول شاحنات المساعدات إلى غزة، والتأخير ورفض الدخول عند المعابر ونقاط التفتيش الإسرائيلية، والمخاوف بشأن أمان الشاحنات.

بالمقارنة مع ذلك، كانت 500 شاحنة محملة بالغذاء والسلع تدخل يوميا في المتوسط إلى غزة قبل تصعيد الأعمال العدائية في أكتوبر/تشرين الأول، وفي تلك الفترة كان 1.2 مليون شخص في غزة تقريبا يواجهون انعداما حادا في الأمن الغذائي، و80% من سكان غزة كانوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية في خضم إغلاق إسرائيل غير القانوني للقطاع على مدى 16 عاما.

وضع مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى سياسة تهدف إلى حرمان المدنيين من الغذاء والماء والوقود، كما وثقت هيومن رايتس ووتش. قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية مؤخرا إنه "لا توجد حدود" للمساعدات التي تدخل غزة، خارج نطاق الأمن. يلقي بعض المسؤولين الإسرائيليين اللوم على "الأمم المتحدة" في تأخير التوزيع، ويتهمون حماس بتحويل المساعدات أو شرطة غزة بعدم تأمين القوافل.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه لا يمكن للحكومة الإسرائيلية تحويل اللوم للتهرب من المسؤولية. باعتبارها قوة الاحتلال، إسرائيل مُلزمة بتوفير الرعاية الاجتماعية للسكان الخاضعين للاحتلال وضمان تلبية الاحتياجات الإنسانية لسكان غزة. عارضت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "چيشاة-مسلك" ادعاءات الحكومة الإسرائيلية بأنها لا تعرقل دخول المساعدات أو توزيعها، ووجدت أيضا أنها لا تمتثل لأمر محكمة العدل الدولية.

منعت السلطات الإسرائيلية أيضا المساعدات التي تدخل غزة من الوصول إلى مناطق الشمال. خلص المسح الذي أجرته المنظمات الإنسانية إلى أنه "لا يتم توزيع أي مساعدات تقريبا خارج محافظة رفح"، أقصى جنوب قطاع غزة. أوقف "برنامج الأغذية العالمي" في 20 فبراير/شباط تسليم المساعدات الغذائية المنقذة للحياة إلى الشمال، بسبب انعدام السلامة والأمن. قصفت القوات الإسرائيلية قافلة غذاء في 5 فبراير/شباط، حسبما قالت الأمم المتحدة ووثّقت "سي إن إن".

بين 1 و15 فبراير/شباط، سهّلت السلطات الإسرائيلية اثنتين فقط من 21 بعثة لتوصيل الوقود المخطط لها إلى شمال منطقة وادي غزة وسط غزة، ولم تصل أي من بعثات توصيل الوقود أو التقييم الـ16 المخطط لها إلى محطات ضخ المياه ومياه الصرف الصحي في الشمال. تم تسهيل أقل من 20% من البعثات المخطط لها لتوصيل الوقود وإجراء التقييمات شمال وادي غزة بين 1 يناير/كانون الثاني و15 فبراير/شباط، مقارنة بـ 86% من البعثات المخطط لها بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول، وفقا لـ أوتشا.

قال شاكر: "القوات البرية الإسرائيلية قادرة على الوصول إلى جميع أنحاء غزة، لذلك من الواضح أن لدى السلطات الإسرائيلية القدرة على ضمان وصول المساعدات إلى جميع أنحاء غزة".

منذ صدور أوامر محكمة العدل الدولية، يُفترض أيضا أن السلطات الإسرائيلية دمرت على الأقل مكاتب منظمتين إنسانيتين في غزة واتخذت خطوات لتقويض عمل الأونروا، وهي أكبر مقدم للمساعدات الإنسانية في غزة، والتي تعتمد عليها أكثر من نصف المنظمات الإنسانية الأخرى لتسهيل عملها. قال فيليب لازاريني، المفوض العام لـ الأونروا، في رسالة بتاريخ 22 فبراير/شباط إلى رئيس "الجمعية العامة للأمم المتحدة"، إن الوكالة وصلت إلى "نقطة الانهيار" بسبب تعليق حكومات متعددة للتمويل والحملة الإسرائيلية لإغلاق الوكالة.

قال بتسلئيل سموتريش، وزير المالية الإسرائيلي، في 13 فبراير/شباط إنه منع دخول شحنة طحين بتمويل أمريكي إلى غزة، لأنها كانت متجهة إلى الأونروا. زعمت إسرائيل أن 12 على الأقل من موظفي الوكالة البالغ عددهم 30 ألف موظف شاركوا في هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما تحقق الأمم المتحدة فيه.

في أواخر ديسمبر/كانون الأول، خلصت مبادرة "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، متعددة الشركاء والتي تنشر بانتظام معلومات حول حجم وشدة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية على مستوى العالم، إلى أن أكثر من 90% من سكان غزة يعيشون في مستوى أزمة انعدام حاد للأمن الغذائي أو أسوأ. قالت المبادرة إن جميع الفلسطينيين في غزة تقريبا يتخلون عن وجبات طعام كل يوم بينما يعاني عديد من البالغين من الجوع حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام، وأن السكان سيواجهون المجاعة إذا استمرت الظروف الحالية. قالت المبادرة: "هذه أعلى نسبة من الأشخاص يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد التي حددتها مبادرة التصنيف المتكامل على الإطلاق في أي منطقة أو دولة".

في 19 فبراير/شباط، وجدت "اليونيسف" أن 90% من الأطفال دون سن الثانية و95% من النساء الحوامل والمرضعات يواجهون "فقرا غذائيا حاد". في 22 فبراير/شباط، قالت منظمة "إنقاذ الطفل" إن العائلات في غزة "تضطر إلى البحث عن بقايا الطعام التي خلفتها الفئران، وإلى أكل أوراق الشجر للبقاء على قيد الحياة"، مشيرة إلى أن "جميع الأطفال في غزة البالغ عددهم 1.1 مليون طفل يواجهون التجويع".

ردا على طلب جنوب أفريقيا باتخاذ تدابير مؤقتة إضافية بعد الأمر الذي أصدره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسلطات الإسرائيلية بدراسة خطة محتملة لإخلاء رفح قبل التوغل البري، قالت محكمة العدل الدولية إن "الوضع الخطير يتطلب تنفيذا فوريا وفعالا للتدابير المؤقتة" في جميع أنحاء غزة - ولكن ليس تدابير جديدة - وسلّطت الضوء على واجب إسرائيل في ضمان "سلامة وأمن الفلسطينيين في قطاع غزة".

بالإضافة إلى تمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات، تطلب التدابير الواردة في أمر محكمة العدل الدولية الملزم من إسرائيل منع الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة ومنع التحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية والمعاقبة عليه. أصدرت محكمة العدل الدولية هذه الإجراءات "لحماية الحقوق التي تطالب بها جنوب أفريقيا والتي وجدت المحكمة أنها معقولة"، بما فيها "حق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية". رغم أن جنوب أفريقيا طلبت من المحكمة في مرافعاتها الشفهية خلال جلسات يناير/كانون الثاني بشأن التدابير المؤقتة نشر أي تقرير أمرت به، إلا أن المحكمة لم تشر إلى أنها فعلت ذلك.

بين 26 يناير/كانون الثاني و23 فبراير/شباط، قُتل أكثر من 3,400 فلسطيني في غزة، وفقا لأرقام وزارة الصحة في غزة والتي جمعها أوتشا.

قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل مختلفة عن الإجراءات المتعلقة بالعواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي الذي دام 57 عاما، والتي بدأت في محكمة العدل الدولية في 19 فبراير/شباط.

قال شاكر: "تجاهل إسرائيل الصارخ لأمر محكمة العدل الدولية يشكل تحديا مباشرا للنظام الدولي القائم على القواعد. عدم ضمان امتثال إسرائيل يُعرض حياة ملايين الفلسطينيين للخطر، ويُهدد بتقويض المؤسسات المكلفة بضمان احترام القانون الدولي والنظام الذي يضمن حماية المدنيين في جميع أنحاء العالم".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة