(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" في التقرير العالمي 2024" اليوم إن الإمارات استضافت "مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ" (كوب 28) في 2023، واستخدمته لتلميع صورتها رغم سعيها إلى توسيع عمليات الوقود الأحفوري، في ظل سياسة تقوم على عدم التسامح مطلقا مع المعارضة.
استضافت الإمارات، إحدى أكبر منتجي النفط والتي لديها أحد أعلى معدلات انبعاث غازات الدفيئة، كوب 28 في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2023 رغم القمع الشديد للمعارضة السلمية في البلاد، والقوانين التي تحظر حرية التجمع وتكوين الجمعيات وتحرم من الحق بالخصوصية، والاحتجاز الجائر لأعداد كبيرة من المدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء، والأكاديميين، والمحامين. أدى إغلاق الإمارات للحيز المدني إلى تقييد المشاركة الفعالة للنشطاء في مفاوضات المناخ. أقرّ كوب 28 بالحاجة إلى التخلي عن الوقود الأحفوري، لكنه لم يتوصل إلى التزام واضح ومحدد زمنيا للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري باعتباره المحرك الرئيسي لأزمة المناخ.
قالت جوي شيا، باحثة السعودية والإمارات في هيومن رايتس ووتش: " حاولت الإمارات استخدام كوب 28 لتحسين صورتها دوليا بغية التغطية على السياسات القمعية للغاية التي تعتمدها الحكومة وسعيها إلى توسيع إنتاج الوقود الأحفوري. هذا الأمر يقوّض الجهود العالمية الرامية إلى مكافحة أزمة المناخ وحماية حقوق الإنسان".
في التقرير العالمي 2024 بنسخته الـ 34، الصادر في 740 صفحة، تُراجع هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في أكثر من 100 بلد. في مقالتها الافتتاحية، تقول المديرة التنفيذية تيرانا حسن إن التبعات الكبيرة للعام 2023 لا تتعلق فقط بقمع حقوق الإنسان ووقوع فظائع حرب، ولكن أيضا بانتقائية الحكومات في التعبير عن الاستنكار والدبلوماسية المبنية على الصفقات، التي كان لها ثمن باهظ دفعه المستبعدون منها. لكنها تقول إنه كانت هناك أيضا إشارات تبعث على الأمل، ما يظهر إمكانية إيجاد مسار آخر، وتدعو الحكومات إلى عدم الاستثناء في احترام التزاماتها الحقوقية.
أدت حملة الحكومة الإماراتية المستمرة منذ عقود على الحقوق والحريات إلى إغلاق الفضاء المدني تماما، وقيود قاسية على حرية التعبير، على الإنترنت وفي الواقع، وتجريم المعارضة السلمية. تستخدم السلطات الإماراتية تقنيات مراقبة متطورة لمراقبة الفضاء العام والنشاط على الإنترنت وهواتف الناس وحواسيبهم.
تستخدم الإمارات قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية لإسكات المعارضين والصحفيين والنشطاء والمنتقدين. يجرّم القانون الإماراتي أيضا العلاقات الجنسية بالتراضي خارج إطار الزواج، و"اللواط" مع رجل بالغ، والإجهاض بموجب "جرائم أخلاقية" فضفاضة تؤثر بشكل غير متناسب على النساء، والمثليين/ات ومزدوجي/ات التوجه الجنسي وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم-عين).
تميّز قوانين الأحوال الشخصية أيضا ضد الأمهات الإماراتيات، إذ تمنح الأب الوصاية على الأطفال تلقائيا. ما تزال النساء الإماراتيات غير قادرات على منح جنسيتهن إلى أطفالهن أسوة بالرجال.
تعتمد الإمارات بشكل كبير على العمال الوافدين، إلا أنهم يتعرضون لانتهاكات خطيرة خلال عملهم، مثل سرقة الرواتب، ورسوم توظيف باهظة، وقيود على التنقل الوظيفي، ومصادرة جوازات السفر. يعزز قانون الكفالة الإماراتي التعسفي هذه الانتهاكات، إذ إنه يربط تأشيرات العمال الوافدين بأصحاب عملهم.
يتعرض العمال الوافدون إلى الإمارات من بلدان معرضة للكوارث المناخية، مثل النيبال وبنغلادش وباكستان، لمخاطر مناخية متزايدة، لا سيما عندما يعملون في درجات الحرارة المرتفعة للغاية في الإمارات دون حماية ملائمة.
يساهم إنتاج الوقود الأحفوري واستخدامه من قبل الإمارات في التلوث السام للهواء الذي يخلق مخاطر صحية كبيرة للمواطنين الإماراتيين والمقيمين في الإمارات، ويفاقم أزمة المناخ العالمية.
حتى مارس/آذار، كانت السلطات الإماراتية ما تزال تحتجز 51 سجينا إماراتيا على الأقل بعد انتهاء أحكامهم، مستخدمة تبريرات لا أساس لها تتعلق بمكافحة الإرهاب. هؤلاء السجناء يقبعون في السجن في إطار المحاكمة الجماعية الجائرة للغاية المعروفة بـ "الإمارات 94" لـ69 من منتقدي الحكومة الذين أُدينوا بتهم تنتهك حقهم في حرية التعبير والتجمع.
لا يزال أحمد منصور، المدافع الإماراتي الأخير عن حقوق الإنسان الذي كان يعمل علنا حتى اعتقاله في مارس/آذار 2017، مسجونا بشكل تعسفي على خلفية تهم مبنية على مناصرته لحقوق الإنسان. حكمت محكمة أمن الدولة في الإمارات على منصور بالسجن 20 عاما وغرامة بعد أكثر من عام في الحبس الانفرادي السابق للمحاكمة ومحاكمة جائرة للغاية.
في ديسمبر/كانون الأول 2023، ساقت الحكومة الإماراتية اتهامات جديدة ضد 87 شخصا، بينهم منصور وسجناء "الإمارات 94"، بموجب قانون مكافحة الإرهاب على خلفية إنشاء ودعم مجموعة "لجنة الكرامة والعدالة" المستقلة للمناصرة في 2010. قالت مصادر مطلعة وأقارب إن المتهمين احتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي خمسة أشهر على الأقل، وأُجبِروا على توقيع محاضر اعتراف بارتكاب "أعمال إرهابية" قبل الجلسة الأولى في 7 ديسمبر/كانون الأول.
في مايو/أيار، نجحت السلطات الإماراتية في استعادة المواطن الإماراتي التركي، خلف عبد الرحمن الرميثي، من الأردن. الرميثي، الذي لم تسمع عائلته عنه أو تعرف مكانه منذ 9 مايو/أيار، معرض بشدة لخطر الاحتجاز التعسفي والمحاكمة الجائرة وحتى التعذيب المحتمل في الإمارات.