(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على "الأمم المتحدة" حث الإمارات على التوقف عن قمع حقوق الإنسان وإلغاء خططها لتوسيع إنتاج الوقود الأحفوري مع استهلال الدول المفاوضات في مؤتمر الأمم المتحدة السنوي للمناخ في دبي. وعلى الأمم المتحدة أن تضع بشكل عاجل معايير للمضيفين المستقبليين للمؤتمر لضمان قدرة المجتمع المدني على المشاركة الفعلية في نقاشات المناخ العالمي بدون خوف من الانتقام.
ستستضيف الإمارات المؤتمر الـ 28 للأطراف (كوب 28) في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي (الاتفاقية الإطارية)، من 30 نوفمبر/تشرين الثاني حتى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023 في دبي.
قال ريتشارد بيرسهاوس، مدير قسم البيئة في هيومن رايتس ووتش: "العديد من النشطاء المسافرين إلى كوب 28 قلقون بشدة على سلامتهم الشخصية في بلد مضيف سبق أن سجن أشخاصا بسبب منشوراتهم على منصات التواصل الاجتماعي وفعليا يجرّم التظاهر. على هيئة الاتفاقية الإطارية إعادة النظر جديا في سماحها بعقد مفاوضات عالمية حول المناخ في بلد لا يمكن للمجتمع المدني فيه أن يطالب بأفعال طموحة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بدون خوف أو رقابة ذاتية".
مخاوف النشطاء البيئيين من الانتقام ليست بدون أساس. في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، تلقى مؤسس ومدير مشارك في منظمة "فير سكوير" جيمس لينش رفض طلبه تأشيرة للمشاركة في كوب 28. أكدت "الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب" الإماراتية لـ لينش في رسالة إلكترونية أن طلبه قد رُفض. إلى حين كتابة هذا البيان، لم يكن لينش قد تلقّى أي جديد من السلطات الإماراتية، وليس واضحا ما إذا كان سيُمنح حق الدخول. في 2015، عندما كان لينش رئيس برنامج الأعمال وحقوق الإنسان بالوكالة في "منظمة العفو الدولية"، رُفض طلبه للدخول في مطار دبي بسبب عمله الحقوقي.
في الإمارات، المظاهرات عمليا غير قانونية وانتقاد الحكومة يشكل جريمة جنائية. وقّع المدير التنفيذي للاتفاقية الإطارية اتفاق استضافة كوب 28 مع حكومة الإمارات في 1 أغسطس/آب، وأعلن أنه "ستُتاح المساحة للنشطاء البيئيين ليتجمعوا سلميا وإيصال أصواتهم". لكن ليس من الواضح ما هو التفسير العملي لهذا الاتفاق، خصوصا أن التعبير الحر والتظاهر مقيدان بشدة في الإمارات.
لم يُنشر اتفاق الاستضافة بين هيئة الاتفاقية الإطارية والإمارات. قالت هيومن رايتس ووتش إن انعدام الشفافية وعدم قيام الأمم المتحدة بتوضيح مخاطر انتقاد الإمارات والتظاهر خلال كوب 28 يعرّضان النشطاء المشاركين في كوب 28 لمخاطر جسيمة.
الإشارة الصريحة إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في وثائق نتائج كوب 28 من شأنها أن تشكل خطوة أساسية في تفادي الآثار الأسوأ لأزمة المناخ. غير أن سجل الإمارات الحافل بعقود من الاعتداء على حرية التعبير، والتجمع، وتشكيل الجمعيات يثير مخاوف كبيرة بشأن قدرة المجتمع المدني، والنشطاء، والحقوقيين، والصحفيين في كوب 28 على المشاركة الفعالة والضغط لإقرار أفعال طموحة، بما في ذلك الدعوة إلى التخلص من الوقود الأحفوري.
في رسالة منتصفَ نوفمبر/تشرين الثاني، حث المفوض السامي لحقوق الإنسان جميع الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية على أن "يضعوا حقوق الإنسان في صلب جميع القرارات المناخية".
كما تواجه مفاوضات الاتفاقية الإطارية خطر أن تؤدي مصالح شركات الوقود الأحفوري في البلد المضيف إلى تقويضها. أعلنت الإمارات مؤخرا أنها توسع جميع أوجه عمليات الوقود الأحفوري، رغم الإجماع المتزايد على أنه إذا أرادت الحكومات تحقيق الأهداف العالمية للمناخ وحماية حقوق الإنسان عليها أن توقف أي تطوير في قطاع النفط، أو الغز، أو الفحم.
في رد على تحقيق "سنتر فور كلايمت ريبورتنغ" و"بي بي سي" توصل إلى أن الإمارات تخطط لاستخدام دورها مضيفة لمحادثات الأمم المتحدة حول المناخ كفرصة لعقد صفقات نفط وغاز مع دول أخرى، قالت الأمانة العامة للاتفاقية الإطارية إن الدول المضيفة لـ كوب "يُتوقع منها أن تتصرف بدون انحياز، أو إجحاف، أو محاباة، أو على أساس نزوات، أو مصالح شخصية، أو تفضيل، أو مراعاة". بما أن الدولة المضيفة لـ كوب هذا العام لا تبدو أنها تلبي هذه التوقعات، يصبح واجبا على هيئة الاتفاقية الإطارية التشديد على أن تتفادى إجراءات دورات كوب المستقبلية وضعا مشابها.
لحفظ التزاماتها بحقوق الإنسان وإعادة الثقة بالعملية، على هيئة الاتفاقية الإطارية أن تضغط على الحكومة الإماراتية لتحترم حقوق الإنسان لجميع المشاركين في كوب 28، بما في ذلك حقهم بالتعبير الحر، على الإنترنت وخارجها، والتظاهر داخل موقع المؤتمر الرسمي وخارجه.
على الأمم المتحدة أيضا أن تحث الإمارات على الإفراج، فورا وبدون شرط، عن جميع النشطاء والحقوقيين المحتجزين تعسفا، ومنهم أحمد منصور، كإشارة إلى نيتها تسهيل مفاوضات مناخية حازمة وتحترم الحقوق قبل كوب 28، وخلاله، وبعده. وعلى الأمم المتحدة التصدي للانتهاكات المنتشرة ضد العمال الأجانب في الإمارات، الذين ساعد الكثير منهم في تحضير وتسليم كوب 28، لكنهم يواجهون انتهاكات عمالية، منها رسوم التوظيف الباهظة، وسرقة الأجور، والتعرض الخطِر لدرجات حرارة مرتفعة.
يشكل العمال الأجانب 88% من السكان، ويأتي العديد منهم من دول متأثرة بالتغييرات المناخية مثل بنغلاديش، وباكستان، ونيبال. كما وثّقت هيومن رايتس ووتش مؤخرا، ترتبط الانتهاكات التي يواجهها العمال الأجانب المقيمون في الإمارات بأضرار مناخية أوسع. تحظر الإمارات أيضا النقابات العمالية، ما يضعف قدرة العمال الأجانب على المطالبة بحماية عمالية أفضل.
لـ كوب هذا العام والأعوام القادمة، على هيئة الاتفاقية الإطارية أن تنشر اتفاق الاستضافة لضمان وفائه بالقانون الدولي لحقوق الإنسان. على الأمم المتحدة أن تضع معايير لحقوق الإنسان لمضيفي كوب المستقبليين، بما في ذلك إعمال الحق في حرية التعبير والحق بالتجمع، اللذين يُعتبران شرطين أساسيين لضمان التوصل إلى نتائج طموحة لـ كوب. وعلى الأمم المتحدة ضمان ألا تقوض شركات الوقود الأحفوري مصداقية مفاوضات كوب المستقبلية ونتائجها.
قال بيرسهاوس: "تجاهلت الأمم المتحدة الحقيقة الصعبة المتمثلة باستضافة مفاوضات المناخ في بلد شديد القمع ومصمم على توسيع قطاع الوقود الأحفوري. أقل ما يمكن أن تفعله في هذه المرحلة هو أن تحث السلطات الإماراتية على حفظ التزاماتها الحقوقية تجاه المشاركين في كوب 28 والحقوقيين وراء القضبان".