إعلان الجيش الإسرائيلي أن قواته أطلقت الرصاص على رهائن إسرائيليين وقتلتهم في غزة، رغم أنهم كانوا عراة الصدور ويحملون الرايات البيضاء، يثير مشاكل أساسية متعلقة بحماية المدنيين خلال الأعمال القتالية الحالية.
أولا، ما كان ينبغي أن يكون هؤلاء الرجال وغيرهم من المدنيين المختطفين في 7 أكتوبر/تشرين الأول في غزة في المقام الأول. إذ إن "حماس" والفصائل الفلسطينية المسلحة الأخرى التي تحتجز رهائن مدنيين بشكل غير قانوني ترتكب جرائم حرب. عليها الإفراج فورا عن جميع المدنيين المحتجزين بدون شرط.
ثانيا، يُمنع الهجوم على المدنيين على الإطلاق. كما يُمنع الهجوم على المقاتلين الذين يعلنون نيتهم الاستسلام، عبر التلويح براية بيضاء مثلا. الاستخدام غير المشروع للراية البيضاء لتنفيذ هجوم، ويسمى الغدر، غير قانوني، لكن من الواضح أنه لم يحدث في هذه الحالة. بعد تحقيق ميداني، وصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي عملية إطلاق النار بـ "المخالفة لقواعد الاشتباك". الهجوم المتعمد على مدنيين مخالف لقوانين الحرب، وإذا كان للمسؤولين عن الهجوم نية جرمية قد يُحاكَمون بجرائم حرب.
ثالثا، استهدف الجيش الإسرائيلي سابقا مدنيين فلسطينيين كانوا يحملون رايات بيضاء أو يلوحون بها، وكانوا مكشوفين ولا يشكلون أي خطر مفترض. في 2009، وثّقت "هيومن رايتس ووتش" سبعة حوادث خلال الحرب، أطلق الجيش الإسرائيلي فيها بشكل غير قانوني الرصاص على 11 مدنيا فلسطينيا كانوا ضمن مجموعات ويحملون الرايات البيضاء، وقتلهم. كان بين الضحايا خمس نساء وأربعة أطفال. زرتُ مع زملاء من هيومن رايتس ووتش موقع كل حادث، وقابلنا ثلاثة شهود على الأقل، وجمعنا السجلات الطبية، وراجعنا الأدلة الباليستية. رفضت السلطات العسكرية الإسرائيلية لقاءنا أو الإجابة عن أسئلتنا.
أخيرا، الإفلات من العقاب يغذي السلوك غير القانوني. بحسب معلوماتنا، لم تحاسب الحكومة الإسرائيلية أحدا على هذه الانتهاكات وغيرها من الانتهاكات الجسيمة المرتكَبة خلال حرب ديسمبر/كانون الأول 2008 – يناير/كانون الثاني 2009. وصفت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية "بتسليم" النظام القضائي الإسرائيلي بـ "منظومة لطمس الحقائق"، بعد تقديم دعاوى موثقة جيدا بشكل متكرر. في المقابل، لم تحاسب سلطات حماس أحدا عن احتجاز الرهائن أو تنفيذ هجمات غير قانونية في السابق.
تفشي الإفلات من العقاب على الجرائم الدولية الجسيمة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة يسلط الضوء على أهمية تحقيق "المحكمة الجنائية الدولية" الجاري.
يمكن تفادي مقتل المدنيين غير القانوني خلال النزاعات المسلحة عبر الالتزام التام بقوانين الحرب –هذا الهدف، وهو أصلا صعب المنال، تزيد صعوبة تحقيقه في غياب محاسبة أي مسؤولين عن الانتهاكات السابقة. لو كان وُضع الحد، لربما كان الرهائن الثلاثة تمكنوا من العودة إلى ديارهم.