Skip to main content

إسرائيل/غزة: عدم إنصاف ضحايا حرب غزة

مطلوب ضغوط دولية جديدة من أجل إجراء تحقيقات مستقلة

(القدس) - قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن تحقيقات إسرائيل في انتهاكات قوانين الحرب الجدّية التي ارتكبتها قواتها أثناء حرب غزة العام الماضي يعوزها الاستفاضة والمصداقية، فيما لم تقم حركة حماس بإجراء أية تحقيقات موثوقة بالمرة. وقالت هيومن رايتس ووتش إن هناك حاجة لتحقيقات مستقلة في كل من إسرائيل وقطاع غزة من أجل تحميل الجناة المسؤولية وإنصاف الضحايا المدنيين.

تقرير "تجاهل تام: الإفلات من العقاب على انتهاكات قوانين الحرب أثناء حرب غزة" الذي جاء في 62 صفحة يعرض تفصيلاً الخطوات التي قامت بها كل من إسرائيل وحماس على مدار العام الماضي على مسار التحقيق في الانتهاكات المفترض وقوعها فيما يخص قوانين الحرب وجرائم الحرب المحتملة، وكيفية عدم  وفاء هذه التحقيقات بالمعايير القانونية الدولية.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لم تكن تحقيقات إسرائيل وافية بالمعايير الدولية، ولم تقم حماس بإجراء تحقيقات جدية بالمرة". وتابعت: "وينتظر الضحايا المدنيون على الجانبين العدالة والإنصاف".

ويدعو التقرير الحكومات ذات النفوذ والهيئات الدولية المعنية بتجديد ضغوطها على إسرائيل وحماس من أجل إجراء تحقيقات فورية ومستفيضة ونزيهة. فعلى حد قول هيومن رايتس ووتش، فإن السماح بمرور الانتهاكات دون عقاب لن يؤدي إلا لإعاقة جهود تسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وتقويض جهود العدالة الدولية في أماكن أخرى.

وإخفاق كل من إسرائيل وحماس في إجراء تحقيقات نزيهة هو تحدٍ لدعوات المساءلة والمحاسبة من قائمة متزايدة من الحكومات، والأمين العام للأمم المتحدة، والجمعية العامة للأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي.

وفي فبراير/شباط 2010، دعت الجمعية العامة بالأمم المتحدة الطرفين للمرة الثانية إلى إجراء تحقيقات مستفيضة ونزيهة، مع تحديد موعد نهائي لإتمامها في شهر يوليو/تموز. أغلب دول الاتحاد الأوروبي أعلنت مساندة القرار، ومنها فرنسا والمملكة المتحدة العضوين الدائمين بمجلس الأمن.

تقرير "تجاهل تام" يوثق تفصيلاً الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل وحماس من أجل التحقيق في الكثير من المزاعم الموثوقة بانتهاكات قوانين الحرب التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، وبعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة وجهات أخرى.

وفي قطاع غزة، لم تعاقب حماس أحداً على الأمر بهجمات صاروخية متعمدة أو عشوائية - أو تنفيذها - على مدن وبلدات إسرائيلية، أسفرت عن مقتل ثلاثة مدنيين إسرائيليين أثناء الحرب وإصابة العشرات غيرهم.

وتزعم حماس أنها لم تطلق الصواريخ إلا على الأهداف العسكرية وأن الخسائر في صفوف المدنيين لم تكن مقصودة. هذا الزعم يتجاهل حقيقة أن الصواريخ التي تم إطلاقها على إسرائيل والتي لم تسقط في مناطق مفتوحة أصابت في الأغلب مناطق مأهولة بالمدنيين، منها بلدات ومدن، بعيداً عن الأهداف العسكرية، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

فضلاً عن أن صواريخ القسام يدوية الصنع وصواريخ غراد الأبعد مدى التي تم إطلاقها من القطاع لا توجد فيها نظم توجيه وهي عشوائية بطبيعتها عندما تُطلق على مناطق كثيفة السكان. وتصريحات قيادات حماس قبل وأثناء قتال العام الماضي توحي بأن الإضرار بالمدنيين كان هدف الهجمات، وليس نتيجة عرضية للهجمات.

حوادث القتل والتعذيب التي ارتكبتها قوات أمن حماس بحق المشتبهين بالتعاون مع إسرائيل والخصوم السياسيين في غزة مرت بدورها دون عقاب، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

ومن جانبها فقد اتخذت إسرائيل بعض الخطوات على سبيل التحقيق في جرائم الحرب المزعومة أثناء "عملية الرصاص المصبوب" التي استغرقت ثلاثة أسابيع والتي شنتها على قطاع غزة، لكن هذه التحقيقات أخفقت في الوفاء بكونها مستفيضة أو نزيهة، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

وفي الفترة من 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 إلى 18 يناير/كانون الثاني 2009، قامت القوات الإسرائيلية بقتل وإصابة المئات من المدنيين الفلسطينيين، والكثير منهم خلال هجمات اتسمت بالعشوائية وعدم التناسب، وفي بعض الحالات بدا أنها متعمدة - وهي جميعاً انتهاكات لقوانين الحرب. كما قامت القوات الإسرائيلية بإلحاق دمار موسع بالأعيان المدنية في غزة دونما أسباب عسكرية مشروعة، ومنها المنازل والأراضي الزراعية والمصانع.

وتقول الحكومة الإسرائيلية إنها حققت في نحو 150 حادثاً في غزة، لكن 120 حادثاً منها تقريباً اقتصرت على "تحقيقات عملياتية" عسكرية داخلية، تنظر في شهادات الجنود المشاركين وليس شهادات الضحايا. وقد خضع 36 حادثاً للتحقيق الجنائي - وبعضها ما زال قيد التحقيق - لكن الجيش تجاهل الكثير من الحوادث التي تستحق التحقيق.

كما لم تحقق إسرائيل بشكل موثوق في السياسات التي صرح بها كبار رجال السياسة والجيش والتي ربما أدت لانتهاكات لقوانين الحرب، على حد قول هيومن رايتس ووتش. وتشمل سياسات استهداف مؤسسات سياسية لحماس وشرطة غزة، التي لم تكن تشارك بشكل مباشر في أعمال القتال، واستخدام المدفعية الثقيلة والفسفور الأبيض في المناطق المأهولة بالسكان، وقواعد الاشتباك الخاصة بمشغلي طائرات الاستطلاع التي تعمل عن بُعد، والقوات البرية.

جميع التحقيقات الداخلية للجيش الإسرائيلي والتحقيقات الأخرى أجراها الجيش نفسه، ورفضت الحكومة الإسرائيلية الدعوات بإجراء تحقيقات مستقلة.

وإلى الآن، لم تقم السلطات العسكرية الإسرائيلية بإدانة أحد سوى جندي واحد - على ارتكاب جرائم في غزة - بتهمة سرقة بطاقة ائتمان من فلسطيني. ويخضع جنديين آخرين للمحاكمة جراء أمر صبي فلسطيني بفتح حقائب اعتقدا بأن فيها متفجرات.

ودعت هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية إلى مطالبة إسرائيل بإجراء تحقيقات نزيهة في مزاعم انتهاكات قوانين الحرب وفي السياسات التي وضعها كبار المسؤولين والتي أدت بدورها لوقوع الانتهاكات.

وقالت سارة ليا ويتسن: "أشاد المسؤولون الأميركيون بنظام العدالة العسكري الإسرائيلي دون الإقرار بكيفية إخفاقه في إحقاق العدالة للكثير من الضحايا الفلسطينيين في حرب غزة".

وعلى الحكومات ذات التأثير على حماس والجهات من قبيل جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، أن تطالب بتحقيقات موثوقة من قبل السلطات في غزة، على حد قول هيومن رايتس ووتش. وحتى الآن، لم يطالب أي من مناصري حماس بالمساءلة أو ضغط من أجل إجراء تحقيقات جدية.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن استمرار الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة أثناء حرب غزة سوف يضر بجهود تحقيق السلام الدائم. فضلاً عن أن الحكومات التي تتسامح مع الإفلات من العقاب في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي تقوم بعملها هذا بتقويض دعواتها بالمساءلة في النزاعات الأخرى، مثل سريلانكا والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وقالت هيومن رايتس ووتش، إنه في نهاية المطاف، إذا أخفقت التحقيقات الداخلية في إسرائيل وغزة في إحقاق العدالة لضحايا انتهاكات قوانين الحرب، فمن الواجب السعي من أجل الملاحقة القضائية الدولية.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة