Skip to main content
مقاتل من "الجيش الوطني السوري" المدعوم من سوريا يشارك في عرض عسكري في ريف محافظة حلب في 9 يونيو/حزيران 2022 كجزء من تحضيرات لعمل عسكري في المناطق التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية". © 2022 Anas Alkharboutli/picture-alliance/dpa/AP Images

منذ مايو/أيار 2022، يُهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتوغل عسكري في شمال شرق سوريا يستهدف مدينتي تل رفعت ومنبج في محافظة حلب. تخضع المدينتان، غرب نهر الفرات، لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (’قسد‘)، جماعة مسلحة يقودها الأكراد بدعم من الولايات المتحدة. تسيطر الجماعة عسكريا على معظم شمال شرق سوريا الذي تحكمه "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" (الإدارة الذاتية) والتي تعلن الحكم الذاتي. هذا التوغل المخطط له سيكون الرابع لتركيا في شمال سوريا منذ 2016.

وقعت آخر عملية تركية عسكرية في المنطقة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، بمشاركة "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، وهو تحالف من جماعات معارضة مسلحة سورية. منذ ذلك الحين، احتلت تركيا جزء من المنطقة الحدودية التي كانت تسيطر عليها سابقا الإدارة الذاتية بين مدينة رأس العين (سري كانيه بالكردية) والمناطق المحيطة بها في محافظة الحسكة، وبلدات تل أبيض (كري سبي بالكردية) وعين عيسى، في محافظة الرقة.

تركّز مجموعة الأسئلة والأجوبة التالية على التزامات تركيا بموجب قوانين الحرب إذا بدأت هجوما جديدا في شمال شرق سوريا، والمخاوف المتعلقة باللاجئين والنازحين داخليا، وآثارها على السوريين والأجانب المحتجزين في المنطقة لارتباطهم المزعوم بـ"تنظيم الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ’داعش‘). تتناول الوثيقة أيضا الأولويات الحقوقية التي ينبغي أن تتبناها القوات التي يقودها الأكراد والأطراف الأخرى في النزاع أثناء أي هجوم وشيك.

  1. لماذا تهدد تركيا بعملية عسكرية في شمال شرق سوريا؟
  2. ما هو الوضع الإنساني الحالي في شمال سوريا؟
  3. ما كانت نتيجة التوغلات التركية السابقة في شمال سوريا؟
  4. ما هي التزامات تركيا بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان أثناء أي عملية عسكرية في سوريا؟
  5. ما هي التزامات تركيا والأطراف الأخرى في النزاع بموجب القانون الدولي تجاه المدنيين الذين يسعون إلى الفرار من عملياتها العسكرية؟
  6. ما هي التزامات تركيا بموجب القانون الدولي تجاه المدنيين في المناطق التي تحتلها نتيجة عمليتها العسكرية؟
  7. ما هو السجل الحقوقي للسلطات التي يقودها الأكراد والجماعات المسلحة الأخرى على الأرض في شمال شرق سوريا؟
  8. ما هي الجماعات المسلحة الأخرى التي تعمل في شمال شرق سوريا أو محيطه؟
  9. ما هي استجابة تركيا الحالية لأزمة اللاجئين السوريين؟
  10. ما هي "المناطق الآمنة"؟
  11. هل كانت "المناطق الآمنة" آمنة حقا؟
  12. ماذا يعني التوغل التركي في شمال شرق سوريا بالنسبة للرجال والنساء والأطفال المحتجزين تعسفا في شمال شرق سوريا كمشتبه بانتمائهم لـ داعش؟
  1. لماذا تهدد تركيا بعملية عسكرية في شمال شرق سوريا؟

 لطالما أعلن أردوغان عن هدفه بإنشاء "منطقة آمنة" بعمق 32 كيلومتر في شمال شرق سوريا ردا على التهديدات المتصورة من "وحدات حماية الشعب" و"وحدات حماية المرأة"، أكبر مكونين في قوات سوريا الديمقراطية. تعتبر الحكومة التركية المجموعتين إرهابيتين ومرتبطتين بـ "حزب العمال الكردستاني" المسلح، الذي تخوض تركيا معه نزاعا على الأراضي التركية منذ عقود. كانت التوغلات العسكرية التركية السابقة في شمال سوريا، والتي تهدف أيضا إلى صد القوات التي يقودها الأكراد، حافلة بالانتهاكات الحقوقية.

الهدف الثاني المُعلن هو إعادة توطين مليون لاجئ سوري قسرا من تركيا إلى المنطقة. تؤوي تركيا ما يزيد قليلا عن 3.6 مليون لاجئ سوري منحتهم حماية مؤقتة، منهم نحو 500 ألف في إسطنبول. يوجد في تركيا لاجئون أكثر من أي دولة أخرى وحوالي أربعة أضعاف عدد اللاجئين في "الاتحاد الأوروبي" بأكمله. مع ذلك، لم تمتثل تركيا بواجبها المُلزم المتمثل بعدم الإعادة القسرية، الذي يحظر إعادة أي شخص إلى بلد قد يتعرض فيه لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

تصاعدت هجمات الطائرات المسيّرة التركية والقصف من قبل القوات السورية المدعومة من تركيا على مدن وبلدات شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في الأشهر الأخيرة، ما أسفر عن مقتل وإصابة مدنيين بينهم أطفال، بحسب "مركز معلومات روجافا" - وهو منظمة إعلامية وبحثية تطوعية في شمال شرق سوريا.

في 11 أغسطس/آب، قالت قوات سوريا الديمقراطية إن قواتها قتلت جنودا أتراكا ردا على ذلك خلال ثلاث عمليات منفصلة في 8 أغسطس/آب.

حذّرت الولايات المتحدة وروسيا وإيران علنا من توغل تركي آخر لشمال شرق سوريا.

  1. ما هو الوضع الإنساني الحالي في شمال سوريا؟

عشر سنوات من النزاع دمرت البنية التحتية والخدمات الاجتماعية في سوريا، مما أدى إلى احتياجات إنسانية هائلة. في أوائل 2021، كان هناك أكثر من 13 مليون سوري يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية. يعتمد ملايين الأشخاص في شمال شرق وشمال غرب سوريا، وكثير منهم من النازحين داخليا، على تدفق الغذاء والدواء والمساعدات الأخرى الضرورية عبر الحدود.

في 2020، استخدمت روسيا "الفيتو" لإجبار "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" على إغلاق ثلاثة من المعابر الحدودية الأربعة باتجاه شمال سوريا المصرح لها، ما أدى إلى قطع المساعدات الأممية عبر الحدود عن الشمال الشرقي بالكامل، وزاد من صعوبة توزيع المساعدات في الشمال الغربي. يعتمد حاليا شمال سوريا بالكامل حصريا على المعبر الحدودي الوحيد المتبقي إلى شمال غرب سوريا من تركيا لتلقي جميع المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية التي تقدمها الأمم المتحدة للمدنيين. في 12 يوليو/تموز 2022، بعد أن استخدمت روسيا الفيتو ضد تمديد 12 شهرا لتوصيل المساعدات الضرورية من المعبر الأخير، قرر مجلس الأمن التجديد لستة أشهر بدلا من ذلك، وحدد تصويتا آخرا في منتصف الشتاء، مما عقد تحضيرات وكالات المعونة الأممية.

وفقا لتقرير "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا) في 20 يونيو/حزيران، بلغ انعدام الأمن الغذائي مستويات عالية قياسية في شمال غرب سوريا وحده. تستمر أسعار المواد الغذائية في الارتفاع بشكل حاد، ولا تزال الخدمات الأساسية محدودة جدا، وهناك 2.8 مليون نازح داخلي. من بين 1.7 مليون شخص يعيشون في مخيمات أو مستوطنات غير رسمية، يعيش 800 ألف شخص في خِيَم، كثير منها قديم ومكتظ وغير صالح للطقس القاسي.

رغم أن نطاق العملية العسكرية التركية المتوقعة غير معروف بعد، من المرجح أن يؤدي أي هجوم كبير إلى نزوح آلاف آخرين، ما يُجهد الاستجابة الإنسانية التي بلغت بالفعل حدود إمكاناتها.

  1. ما كانت نتيجة التوغلات التركية السابقة في شمال سوريا؟

كانت التوغلات العسكرية التركية في شمال شرق سوريا حافلة بالانتهاكات الحقوقية، وفي الأراضي التي تحتلها تركيا اليوم، تنتهك تركيا والفصائل السورية المحلية حقوق المدنيين وتقيّد حرياتهم دون عقاب.

خلال غزو أكتوبر/تشرين الأول 2019 وبعده مباشرة، قصفت تركيا والجيش الوطني السوري، جماعة مسلحة غير تابعة للدولة تدعمها تركيا في شمال شرق سوريا، عشوائيا مباني المدنية ونهبت منهجيا الممتلكات الخاصة للسكان المحليين الأكراد. اعتقلوا أيضا مئات الأشخاص، وقتلوا بإجراءات موجزة عناصر القوات الكردية والنشطاء السياسيين والمسعفين في المناطق التي يحتلونها في شمال شرق سوريا.

بحلول ديسمبر/كانون الأول 2019، اعتقلت السلطات التركية والجيش الوطني السوري ما لا يقل عن 63 مواطنا سوريا من شمال شرق سوريا، ونقلتهم بشكل غير قانوني إلى تركيا لمحاكمتهم بتهم خطيرة قد تؤدي إلى السجن مدى الحياة. بحسب تقارير، لا يزال معظمهم محتجزين في تركيا بانتظار نتيجة محاكماتهم الجارية. يبدو أيضا أن الجيش الوطني منع العائلات الكردية النازحة بسبب العمليات العسكرية التركية من العودة إلى ديارها.

وفقا لـ "لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية"، ارتكبت القوات المدعومة من تركيا أيضا عنفا جنسيا ضد النساء والرجال في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بما فيه ما لا يقل عن 30 حادثة اغتصاب. في 2021، أفادت "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، وهي منظمة سورية غير حكومية مقرها أوروبا، أن فصائل الجيش الوطني السوري تجند الأطفال ووثقت ما لا يقل عن 20 حالة من هذا النوع.

تقاعست تركيا والفصائل المدعومة منها أيضا عن توفير إمدادات المياه الكافية للمناطق التي يسيطر عليها الأكراد شمال شرق سوريا. يعتمد نحو 460 ألف شخص في هذه المناطق على المياه من محطة مياه علوك قرب بلدة رأس العين (سري كانيه). انقطع إمداد المحطة عدة مرات بعد استيلاء تركيا والقوات المدعومة من تركيا عليها في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

أسفر الهجوم العسكري التركي عام 2018 على عفرين عن مقتل عشرات المدنيين وتهجير عشرات الآلاف بحسب الأمم المتحدة. حققت هيومن رايتس ووتش في ثلاث هجمات باتجاه شمال غرب سوريا في حينها قتلت 23 مدنيا، ما ألقى بالشكوك حول ما إذا كانت القوات المسلحة التركية اتخذت جميع الإجراءات الضرورية لتقليل الضرر بالمدنيين. وضعت الجماعات المسلحة غير الحكومية المدعومة من تركيا يدها على ممتلكات المدنيين الأكراد في عفرين، ودمرتها، ونهبتها دون تعويض أصحابها، ووضعت مقاتلين وعائلاتهم في منازل السكان. ذكر نشطاء محليون حينها ما لا يقل عن 86 حادثة انتهاك ترقى إلى الاعتقالات غير القانونية والتعذيب والاخفاء من قبل تلك الجماعات.

  1. ما هي التزامات تركيا بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان أثناء أي عملية عسكرية في سوريا؟

بموجب القانون الدولي، على القوات المسلحة التركية اتخاذ جميع التدابير الممكنة لتجنب الخسائر في أرواح المدنيين، وإصابة المدنيين، وإلحاق الضرر بالأعيان المدنية أثناء العمليات العسكرية، وتقليلها في كل الأحوال. أي أنه عليها التقيد الصارم بالمعايير والإجراءات الدولية فيما يتعلق بوسائلها وأساليبها الحربية المصممة لمنع وقوع إصابات في صفوف المدنيين، وعليها الإبلاغ بشكل دائم وشفاف عن الغارات الجوية وخسائر العدو والمدنيين.

تحظر قوانين الحرب بشدة الهجمات التي تستهدف المدنيين أو الأعيان المدنية ما لم تكن لأغراض عسكرية، وتحظر الهجمات العشوائية التي لا تميز بين الأهداف العسكرية والمدنية. كما يجب أن تكون الهجمات متناسبة، أي أن الخسائر المدنية المتوقعة أو الإضرار بالمباني المدنية يجب ألا يكون مفرطا بالنسبة للميزة العسكرية الملموسة المتوقعة.

على تركيا بدء تحقيق شامل ونزيه بسرعة في أي خسائر مدنية تنجم عن عملياتها. ينبغي أن تحدد المسؤولين عن وفيات المدنيين الناجمة عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي، وتحاسبهم، بما فيه من خلال المحاكمات الجنائية في حالة ارتكاب جرائم حرب. على تركيا أن تقدم تعويضات عن الوفيات والإصابات غير المشروعة في صفوف المدنيين، وتعويضات مناسبة عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين.

  1. ما هي التزامات تركيا والأطراف الأخرى في النزاع بموجب القانون الدولي تجاه المدنيين الذين يسعون إلى الفرار من عملياتها العسكرية؟

تفرض قوانين الحرب على جميع أطراف النزاع اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لإجلاء المدنيين من مناطق القتال أو حيث ينتشر المقاتلون، وعدم منع أو إعاقة إجلاء الراغبين في المغادرة.

على تركيا وجميع أطراف النزاع السماح للمدنيين بالفرار من الأعمال العدائية الجارية، وبتلقي المساعدة. على أطراف النزاع ضمان سلامة المدنيين الفارين وحصولهم على المساعدة الإنسانية وضمان سلامة وأمن موظفي الإغاثة الإنسانية دائما.

خلال التوغل التركي في عفرين 2018، منعت الجماعات المسلحة التابعة لقسد المدنيين من الفرار وأجبرتهم على البقاء في المناطق التي وقعت فيها أعمال قتالية نشطة، بينما منعت الحكومة السورية المدنيين الفارين من العمليات العسكرية التي تقودها تركيا من دخول الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة.

  1. ما هي التزامات تركيا بموجب القانون الدولي تجاه المدنيين في المناطق التي تحتلها نتيجة عمليتها العسكرية؟

بصفتها قوة احتلال و/أو داعم لأي فصائل محلية تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرتها، على السلطات التركية ضمان عدم قيام مسؤوليها ومن تحت قيادتهم باحتجاز أي شخص تعسفيا أو اساءة معاملته.

على تركيا ضمان عدم حدوث نهب للممتلكات الخاصة أو الاستيلاء عليها بالقوة من أجل الاستخدام الشخصي. هذا محظور بموجب قوانين الحرب ويمكن أن يشكل جريمة حرب. لا يُسمح للمقاتلين بالاستيلاء على الممتلكات للاستخدام الشخصي، بما فيه لإسكان عائلاتهم. تحظر قوانين الحرب أيضا تدمير الممتلكات غير المبرر بضرورة عسكرية.

رغم أن قوانين الحرب تسمح للسلطات التركية باحتجاز أو اعتقال المدنيين في الأراضي المحتلة مؤقتا لأسباب أمنية، يُحظر عليها نقل المواطنين السوريين من منطقة محتلة إلى تركيا، سواء لأغراض الاحتجاز أو المحاكمة.

السلطات ملزمة بالتحقيق في الانتهاكات المزعومة وضمان معاقبة المسؤولين عنها بالشكل المناسب. يمكن تحميل المسؤولية الجنائية للقادة الذين يعرفون أو كان ينبغي أن يعرفوا بالجرائم التي ارتكبها مرؤوسوهم، لكنهم لم يتخذوا أي إجراء لمنعها أو لم يعاقبونهم.

على تركيا التدقيق في أي جماعات مسلحة تساعدها، وجعل الامتثال للقانون الإنساني الدولي شرطا للمساعدة، ومراقبة هذا الامتثال. ينبغي أن توضح أن النهب والاعتقالات التعسفية وسوء المعاملة غير قانونية، وأنها ستحقق في أي مزاعم ذات مصداقية عن انتهاكات من قبل الجماعات على الأرض.

  1. ما هو السجل الحقوقي للسلطات التي يقودها الأكراد والجماعات المسلحة الأخرى على الأرض في شمال شرق سوريا؟

تشكّلت قسد، وهي تحالف من الجماعات المسلحة الكردية والعربية بقيادة "وحدات حماية الشعب"، في أكتوبر/تشرين الأول 2015 لمحاربة داعش بينما كان التنظيم يحقق مكاسب كبيرة على الأرض في شمال سوريا. دعمت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى نشاط قسد وسلّحتها في قتالها ضد الجماعة المتشدد، بما يشمل نشاط قسد ضمن "التحالف الدولي ضد داعش" بقيادة الولايات المتحدة.

نفذت قسد حملات اعتقال جماعية ضد المدنيين من نشطاء وصحفيين ومعلمين. في 2017، تلقت هيومن رايتس ووتش تقارير حول التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز التي تسيطر عليها قسد. أفاد سكان محليون بأن قسد احتجزت أشخاصا دون تهمة في انتهاك لضمانات المحاكمة العادلة. أفاد نشطاء محليون بأن قسد قيدت حرية تنقل النازحين من الرقة ودير الزور في مخيمات النزوح التي تسيطر عليها.

في أواخر يوليو/تموز 2022، في ظل تصاعد التوتر مع تركيا، أفادت تقارير بأن قسد اعتقلت على الأقل 16 ناشطا وإعلاميا. بحسب "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، نُفذت الاعتقالات بحجة "التجسس".

انتهك التحالف الدولي ضد داعش، بالشراكة مع قسد، القانون الإنساني الدولي بضربات عشوائية في شمال شرق سوريا أسفرت عن مقتل مدنيين ودمار.

ينبغي أن تشمل الأولويات الحقوقية للقوات التي يقودها الأكراد والجماعات المسلحة الأخرى العاملة في شمال شرق سوريا وما حوله اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وقوع إصابات بين صفوف المدنيين، والتحقيق في الضربات غير القانونية المزعومة، وضمان إمكانية فرار المدنيين من القتال بأمان.

يتعيّن على جميع الأطراف التي تسيطر فعليا على مناطق في شمال شرق سوريا تقديم الدعم الكافي للنازحين وضمان عدم قيام القوات البرية بمضايقة السكان الذين يختارون البقاء أو اعتقالهم تعسفيا أو إساءة معاملتهم.

  1. ما هي الجماعات المسلحة الأخرى التي تعمل في شمال شرق سوريا أو محيطه؟

 لدى الولايات المتحدة نحو 900 جندي في شمال شرق سوريا كجزء من "التحالف الدولي الهادف لهزيمة داعش". كان لدى المملكة المتحدة أيضا قوات برية في شمال شرق سوريا كجزء من التحالف الدولي. نشطت الدولتان خلال المعركة التي استمرت 10 أيام لاستعادة سجن من داعش في منطقة الحسكة في يناير/كانون الثاني 2022.

يبدو أن القوات الحكومية الروسية والسورية تعزز وجودها في شمال سوريا مع استمرار تركيا في التهديد بالتصعيد العسكري. لدى القوات العسكرية السورية والروسية سجل مما يبدون أنها جرائم حرب وجرائم محتملة ضد الإنسانية في سوريا.

  1. ما هي استجابة تركيا الحالية لأزمة اللاجئين السوريين؟

تواصل تركيا استضافة أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء في العالم، وفي 2016، أبرمت اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي، الذي عرض مليارات اليورو كمساعدات مقابل منع الهجرة إلى اليونان وجزرها.

تؤوي تركيا نحو 3.6 مليون سوري مسجلين بموجب لائحة "الحماية المؤقتة"، والتي تقول السلطات التركية إنها تنطبق تلقائيا على جميع طالبي اللجوء السوريين. يعكس هذا موقف مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بأن "الغالبية العظمى من طالبي اللجوء السوريين ما يزالون... بحاجة إلى حماية دولية للاجئين" وأن "على الدول ألا تعيد قسرا المواطنين السوريين والمقيمين السابقين في سوريا".

حصل حوالي 200 ألف سوري على الجنسية التركية. بينما نجح بعض السوريين في تركيا في إنشاء أعمال تجارية وارتياد المدارس والتخرج من الجامعات، يواجه الكثير منهم فقرا ومشقة كبيرين ويتركون المدارس مبكرا ويعملون بأجور أقل مما يكسبه المواطنون الأتراك في الاقتصاد غير الرسمي في تركيا. بموجب التحفظ المتعلق بالقيود الجغرافية الذي وضعته تركيا على "اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين"، لا يُمنح السوريون وغيرهم من القادمين من بلدان تقع في جنوب وشرق وشمال حدود تركيا وضع اللجوء الكامل في تركيا.

منذ أوائل 2015، أغلقت تركيا حدودها في وجه السوريين الفارين من النزاع، مما اضطرهم بشكل متزايد إلى الاستعانة بمهربين للوصول إلى تركيا. في أواخر 2015 و2018، وثقت هيومن رايتس ووتش قيام حرس الحدود التركي باعتراض السوريين الذين عبروا إلى تركيا باستخدام مهربين، وفي بعض الحالات ضربوهم وأطلقوا عليهم النار وقتلوهم أو جرحوهم وأعادوهم رفقة عشرات غيرهم إلى سوريا أو اعتقلوهم ثم طردوهم بإجراءات موجزة.

بموجب اتفاق مارس/آذار 2016 مع تركيا، يؤكد الاتحاد الأوروبي أن تركيا بلد آمن يمكنه إعادة طالبي اللجوء السوريين من اليونان إليها. لم تستوف تركيا أبدا معايير الاتحاد الأوروبي الخاصة بالدولة الثالثة الآمنة، وتُبيّن أبحاث هيومن رايتس ووتش الأخيرة التي توثق عمليات الترحيل غير القانونية للاجئين السوريين من اسطنبول ومدن أخرى في تركيا أن أي سوري أُعيد قسرا من اليونان قد يواجه خطر الإعادة القسرية إلى سوريا.

على مدى العامين الماضيين، كانت هناك مؤشرات على زيادة الهجمات العنصرية والمعادية للأجانب، لا سيما ضد السوريين. في 11 أغسطس/آب 2021، هاجمت مجموعات من الشباب أماكن عمل ومنازل لسوريين في أحد أحياء أنقرة، بعد يوم من شجار قُتل خلاله شاب تركي طعنه شاب سوري. الشاب السوري وصبي سوري آخر هما الآن قيد المحاكمة على جريمة القتل.

ألقى السياسيون المعارضون خُطبا تغذي المشاعر المعادية للاجئين وتقترح إعادة السوريين إلى سوريا التي مزقتها الحرب. استجابت حكومة الرئيس أردوغان الائتلافية بتعهدات بإعادة توطين السوريين في المناطق التي تحتلها تركيا في شمال سوريا، في محاولة للرد على استغلال أحزاب المعارضة لقضية اللاجئين في فترات ما قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية، التي ستتم على الأرجح في 2023.

تُرحّل تركيا بشكل غير قانوني مئات الرجال السوريين وبعض الفتية إلى شمال سوريا على خلفية المشاعر المعادية للاجئين. وثقت هيومن رايتس ووتش مؤخرا اعتقال واحتجاز وترحيل السلطات وقوات الأمن التركية لمئات اللاجئين السوريين بإجراءات موجزة، وغالبا ما أجبرتهم على توقيع استمارات عودة "طوعية" وأكرهتهم على السفر إلى شمال سوريا عبر معبري باب السلام/ أونكوبينار وشيلفيجوزو/باب الهوى.

تركيا مُلزمة بواجب عدم الإعادة القسرية، وهو جزء من القانون الدولي، الذي يحظر إعادة أي شخص إلى مكان قد يواجه فيه خطرا حقيقيا بالاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة أو تهديد الحياة. لا يجوز لتركيا أيضا استخدام العنف أو التهديد بالعنف أو الاحتجاز لإكراه الناس على العودة إلى الأماكن التي يواجهون فيها الأذى. تُسلط هيومن رايتس ووتش الضوء على التوصيات التالية في هذا السياق:

  • في حالة حدوث غزو، يتعين على تركيا فتح حدودها أمام المحتاجين والسماح للهاربين من الصراع بالتماس الحماية داخل تركيا.
  • يتعين على تركيا الكف فورا عن الترحيل غير القانوني للاجئين السوريين إلى شمال سوريا، بما في ذلك إنهاء إساءة استخدامها لاستمارات العودة الطوعية.
  1. ما هي "المناطق الآمنة"؟

"المناطق الآمنة" هي مناطق يتم تحديدها باتفاق بين الأطراف في نزاع مسلح حيث لن تنتشر القوات العسكرية أو تنفذ هجمات فيها. أنشِأت مثل هذه المناطق أيضا بموجب قرارات مجلس الأمن الأممي. يمكن لهذه المناطق أن تشمل مناطق "حظر طيران"، حيث يُمنع بعض أو جميع أطراف النزاع من القيام بعمليات جوية. تهدف هذه المناطق إلى حماية المدنيين الفارين من الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لهم. قد تتولى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أو القوات الأخرى بالدفاع عنها.

رغم أن اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية لا تذكر على وجه التحديد المناطق الآمنة أو المساحات الآمنة، إلا أنها تعترف بترتيبات مماثلة، لا سيما "المناطق المحمية" و"المناطق منزوعة السلاح". هذه الأخيرة عبارة عن مبانٍ أو مساحات صغيرة يتفق أطراف النزاع على أنه يمكن للمدنيين الحصول فيها على حماية بالإضافة إلى تلك المنصوص عليها بالفعل بموجب القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب. كما تسمح اتفاقيات جنيف لأطراف النزاع بإبرام "اتفاقيات خاصة" لتحسين حماية المدنيين.

لا يؤثر إنشاء المناطق الآمنة على الحظر بموجب القانون الإنساني الدولي للهجمات التي تستهدف المدنيين، سواء كان هؤلاء المدنيون داخل أو خارج المنطقة الآمنة المحددة. يظل المدنيون خارج المناطق الآمنة محميين من الهجمات المتعمدة.

  1.  هل كانت "المناطق الآمنة" آمنة حقا؟

أظهرت التجربة الدولية أن "المناطق الآمنة" نادرا ما تظل آمنة. غالبا ما تنطوي مثل هذه المناطق على مخاطر كبيرة على السكان المدنيين داخلها. دون ضمانات كافية، قد يكون الوعد بالأمان وهما، ويمكن أن تتعرض "المناطق الآمنة" لهجوم متعمد. قد تكون هناك أيضا ضغوط على الوكالات الإنسانية للتعاون مع القوات العسكرية التي تتحكم في الوصول إلى المناطق الآمنة بطرق تقوّض المبادئ الإنسانية للوكالات والمتمثلة في الحياد وعدم التحيز والاستقلال.

قد تعمد الأطراف التي تنشئ مناطق آمنة إلى استخدامها لمنع المدنيين الفارين من عبور الحدود، بدلا من توفير الحماية الفعلية. استُخدِمت هذه المناطق كذريعة لمنع طالبي اللجوء من الهروب إلى البلدان المجاورة وكسبب منطقي لإعادة اللاجئين إلى البلد الذي فروا منه.

بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود أفراد عسكريين - يختلطون أحيانا بالسكان المدنيين ويشنون أحيانا هجمات من المنطقة الآمنة - يمكن أن يجعل الموقع هدفا عسكريا، وليس منطقة آمنة حقا. قد تُجند القوات أيضا مقاتلين، بمن فيهم أطفال، في المنطقة الآمنة.

تعاني المناطق الآمنة من نفس المشاكل التي تواجهها مخيمات النازحين. قد لا يتمكن السكان من الوصول إلى العمل أو مزارعهم، مثلا، وبالتالي سيعتمدون على المساعدة من أجل الغذاء والماء والخدمات الأخرى، بما في ذلك الرعاية الصحية. قد تواجه النساء عنفا جنسيا أكبر بسبب الاكتظاظ والديناميكيات الاجتماعية المتوترة، وبسبب الاضطرار إلى الخروج للعمل أو الحصول على الماء أو الحطب أو لأسباب أخرى. قد لا يكون لدى قوات حفظ السلام الأممية أو الآخرين الذين يسيطرون على هذه المناطق القدرات لفرض القانون والنظام.

باختصار، السجل التاريخي للمناطق الآمنة التي تحمي المدنيين ضعيف - من سريبرينيتشا في البوسنة والهرسك، إلى كيبيهو في رواندا، إلى مولايتيفو في سريلانكا.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وفي أعقاب الهجوم التركي الأخير على شمال شرق سوريا، وثقت هيومن رايتس ووتش مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها فصائل الجيش الوطني السوري، الجماعة المسلحة السورية غير الحكومية المدعومة من تركيا، في الأراضي التي تمارس تركيا سيطرة فعلية عليها. تشمل الانتهاكات الموثقة القتل بإجراءات موجزة والاختفاء القسري، وكذلك مصادرة الممتلكات، والنهب، وعرقلة عودة السكان الأكراد. هذا السجل من الانتهاكات يجعل من غير المحتمل للغاية أن تكون "المناطق الآمنة" التي تقترحها تركيا آمنة.

  1.  ماذا يعني التوغل التركي في شمال شرق سوريا بالنسبة للرجال والنساء والأطفال المحتجزين تعسفا في شمال شرق سوريا كمشتبه بانتمائهم لـ داعش؟

يُحتجز حوالي 60 ألف رجل وامرأة وطفل بسبب صلات مزعومة بـ داعش في أماكن مكتظة وظروف مهينة للغاية وغالبا ما تهدد الحياة في المخيمات والسجون المغلقة في شمال شرق سوريا. يُحتَجز الغالبية منذ أوائل 2019 وبعضهم محتجز منذ أكثر من خمس سنوات. قالت السلطات الإقليمية لـ هيومن رايتس ووتش في مايو/أيار إن أكثر من 41 ألف منهم أجانب، حوالي ثلاثة أرباعهم من العراق وأكثر من 12 ألفا من 60 دولة أخرى.

غالبية الأجانب من الأطفال، ومعظمهم دون سن 12. لم يمثل أي من الأجانب أمام قاضٍ لتقرير ضرورة وشرعية احتجازهم، مما يجعل احتجازهم تعسفيا وغير قانوني.

يفتقر المحتجزون إلى الطعام الكافي والمياه النظيفة والرعاية الطبية والمأوى. مات المئات نتيجة أمراض أو حوادث أو أعمال عنف يمكن تلافيها داخل المخيمات والسجون. تحذر المنظمات الإنسانية من أن الغزو التركي من المرجح أن يؤدي إلى مزيد من النقص في الضروريات الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يتم تحويل قوات سوريا الديمقراطية وقوات الأسايش الأمنية الإقليمية عن حراسة المعتقلين لمحاربة القوات التركية. قد يؤدي ذلك إلى زيادة المخاطر الأمنية على المحتجزين واحتمال اندلاع اختراقات وانتفاضات في صفوف المتشددين المشتبه بانتمائهم إلى داعش.

من المُرجح أن تُعلّق عمليات إعادة الأجانب، البطيئة والمجزأة أصلا، بسبب مخاوف البلدان الأصلية بشأن إرسال دبلوماسييها أو مواطنين آخرين إلى شمال شرق سوريا لإخراج المعتقلين وسط معركة مستمرة. حوّلت قسد قواتها عن حراسة هؤلاء المعتقلين، وهرب العديد من السجناء، بما في ذلك من مخيّم مغلق تعرض لهجوم جوي تركي، خلال التوغل التركي في 2019.

 

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة