(بيروت) — قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنّ السلطات المصرية تشنّ منذ أواخر أبريل/نيسان 2020 حملة مسيئة تستهدف النساء المؤثرات (إنفلوينسرز) على مواقع التواصل الاجتماعي بتهم تنتهك حقوقهنّ في الخصوصية، وحرية التعبير، وعدم التمييز.
اعتقلت السلطات 15 شخصا على الأقلّ، بينهم فتاة (17 عاما) بعد أن نشرت فيديو بشأن تعرضها للضرب والاغتصاب، بتهم فضفاضة مثل الإخلال ب "الآداب العامة" و"الاعتداء على القِيَم الأُسرية". من بين الأشخاص المعتقلين ثلاثة رجال متّهمين بمساعدة امرأتين من بين المعتقلات. اعتُقلت نساء عدّة بناء على ما اعتبرته السلطات فيديوهات "خادشة للحياء" على تطبيقات التواصل الاجتماعي، تحديدا تطبيق "تيك توك". لكن، في أغلبية الفيديوهات والصور، تظهر النساء مرتديات ملابسهنّ بالكامل، ويغنّين تارة ويرقصن أحيانا. لدى النساء اللواتي تمّت مقاضاتهنّ متابعين كثر على وسائل التواصل الاجتماعي، تصل أعدادهم إلى مئات الآلاف أو حتى الملايين.
قالت روثنا بيغم، باحثة أولى في شؤون حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش: "اعتقال النساء والفتيات بتُهم فضفاضة للغاية لمجرّد نشرهنّ فيديوهات وصور لأنفسهنّ على مواقع التواصل الاجتماعي عمل تمييزي، وينتهك مباشرة حقّهنّ في حرية التعبير. تنطوي ملاحقة سلوك النساء السلمي على الإنترنت على جهد جديد للتحكم في وجود النساء في المجال العام".
يبدو أنّ هذه الملاحقات القضائية هي الاستعمال الأوّل لتهم الآداب في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر في 2018. تُشير بيانات النيابة العامة إلى أنّ الإجراءات الجنائية في هذه القضايا بدأت في بعض الحالات بعد كاوى أرسلها "مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي" من الفيديوهات على صفحة فيسبوك الخاصّة بالنيابة العامة.
حكمت المحاكم بالفعل على امرأتين والرجال الثلاثة بالسجن لعامين، وعلى امرأتين أخريين في قضيتين منفصلتين بالسجن لثلاثة أعوام. تواجه النساء السبع المتبقيات والفتاة مقاضاة مستمرّة. شرطة الآداب في وزارة الداخلية متورّطة أيضا في قضايا عديدة.
في 21 أبريل/نيسان، نُفّذ أول الاعتقالات بحقّ حنين حسام (20 عاما)، طالبة جامعية وشخصية مشهورة على مواقع التواصل الاجتماعي ولديها مئات الآلاف من المتابعين على تيك توك و"إنستغرام". كان الدليل الرئيسي الذي ذكرته النيابة ضدها فيديو نشرته على تيك توك، راجعته هيومن رايتس ووتش، داعية فيه متابعاتها إلى استخدام منصّة أخرى لمشاركة الفيديوهات، "لايكي" (Likee)، وأطلعتهنّ على قدرتهنّ على كسب المال عبر صنع فيديوهات مباشرة للموقع للحصول على عدد أكبر من المشاهدين.
جرت اعتقالات أخرى بعد بيان للنيابة العامة في 2 مايو/أيار يفيد بأنّ "قوى الشرّ" تكتمل أركانها "في فلك عالم إلكتروني افتراضي جديد" لـ "إفساد مجتمعنا وقِيَمه ومبادئه، وسرقة براءته وطهارتها...".
في 11 يونيو/حزيران، أحالت النيابة حنين إلى محاكمة جنائية أمام "محكمة القاهرة الاقتصادية" التي تنظر قضايا الجرائم الإلكترونية، وفق تقارير إعلامية. أُفيد بأنّ النيابة اتّهمت حنين بـ "الاعتداء على المبادئ والقِيَم الأسرية".
اتّهمت السلطات أيضا في القضية نفسها امرأة أخرى تُدعى مودّة الأدهم (22 عاما)، التي اعتُقلت في 14 مايو/أيار، إلى جانب ثلاثة رجال قيل إنّهم ساعدوا الامرأتين. اتّهمت السلطات أيضا مودة بـ "الاعتداء على القِيَم والمبادئ الأسرية" عبر نشر فيديوهات "مخلّة وخادشة للحياء" وإنشاء وإدارة مواقع إلكترونية لهذه الغاية. وضعوا جميعا رهن الحبس الاحتياطي.
في 27 يوليو/تموز، أدانت محكمة القاهرة الاقتصادية مودة وحنين، وحكمت عليهما بالسجن لعامين، وفرضت على كلّ منهما غرامة بقيمة 300 ألف جنيه مصري (حوالي 19 ألف دولار). استأنف محامو الدفاع الحكم. أدانت المحكمة أيضا اثنين من الرجال لمساعدتهما حنين. ترتكز التهم والأحكام على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لعام 2018 الذي يتضمن أحكاما عدّة تفرض عقوبات بالسجن تصل حتى خمسة أعوام و/أو غرامات طائلة على المحتوى الإلكتروني الذي يُعتبر منافيا لمصطلحات غامضة، مثل "القِيَم الأسرية" أو "الآداب العامة". أُدين الرجل الثالث بسبب إدارته لحساب مودة وحيازته برمجيات غير مرخّصة.
اعتقلت السلطات آية (17 عاما)، المعروفة على وسائل التواصل الاجتماعي بـ "منة عبد العزيز" في 28 مايو/أيار. كانت قد نشرت فيديو في 22 مايو/أيار تظهر فيه كدمات على وجهها، وتقول فيه إنّها تعرّضت للضرب من مجموعة من الشبان والشابات، وأنّ الرجال اغتصبوها، وصوّروا أفعالهم، ثمّ ابتزّوها بواسطة الفيديو المصوّر. في 30 مايو/أيار، أصدرت النيابة العامة بيانا تقول فيه إنّها النيابة أمرت بحبسها على ذمة التحقيقات كضحية اعتداء جنسي، لكن أيضا كمشتبه فيها في مخالفات منافية للآداب في فيديوهاتها بشكل عام.
أكّد البيان ادعاءات آية بتعرضها الاعتداء والاغتصاب وذكر أنّها خضعت لفحص الطبيب الشرعي. اعتُقل ثلاثة رجال، وفتى، وامرأتان لضلوعهم في الاعتداء.
في 9 يونيو/حزيران، نقلت النيابة آية إلى أحد مراكز استضافة وحماية المرأة المُعَنَّفة نفسيا واجتماعيا واقتصاديا تديره الحكومة، حيث قالت إنها ستتلقى إعادة تأهيل اجتماعية ونفسية ريثما تستمرّ التحقيقات. في 26 يوليو/تموز، أحال النائب العام الرجال الثلاثة والامرأتين إلى المحكمة الجنائية بتهم الضرب والاعتداء الجنسي، وأُفيد بأنّ الفتى أُحيل إلى محكمة الطفل.
في 29 يونيو/حزيران، حكمت محكمة القاهرة الاقتصادية على سما المصري (42 عاما)، وهي شخصية تلفزيونية، وممثلة، ومغنية، وراقصة معروفة، بالسجن لثلاثة أعوام وبغرامة بقيمة 300 ألف جنيه مصري بتهمة "خدش الحياء العام". ذكر بيان للنيابة العامة في 27 أبريل/نيسان أنّ السلطات أمرت بحبس سما لنشرها فيديوهات "خادشة للحياء العام" على "يوتيوب" ومنصات أخرى من وسائل التواصل الاجتماعي. تستأنف سما حاليا الحكم. أحالت النيابة سما المصري أيضا إلى محاكمة منفصلة بتهمة "خدش الحياء العام والفسق والفجور"، وبدأت المحاكمة في 6 يوليو/تموز.
قالت هيومن رايتس ووتش إنّه على السلطات أن توقف الملاحقات القضائية وتُلغي الإدانات القائمة على قوانين تعسفية وفضفاضة تتعارض مع حرية التعبير والخصوصية. عليها أيضا أن تُطلِق فورا سراح آية وتحرص على ضمان سلامتها وتلقيها الرعاية المناسبة. يحظر القانون الدولي احتجاز الأطفال إلا كملاذ أخير ولأقصر مدة زمنية مناسبة.
تنتهك هذه القوانين المصرية والممارسات الحكومية الحقّ في الخصوصية، وحرية التعبير، وحظر التمييز ضدّ النساء، بما في ذلك التمييز الثقافي والاجتماعي، بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. تستوجب التزامات مصر بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وكذلك "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" أن تكون أي قيود على حرية التعبير متناسبة، ومذكورة بشكل دقيق، وضرورية لحماية الأمن الوطني، والنظام العام، والصحة أو الآداب العامة في مجتمع ديمقراطي. يجب ألّا تُستمدّ الآداب من مجموعة واحدة من التقاليد، أو الدين، أو الثقافة، إنّما أن تقوم على التنوّع في المجتمع. ينبغي أن تحترم أيّ قيود على هذه الحقوق مبدأ عدم التمييز. ينبغي أن يكون أيضا أيّ قانون جنائي محددا بوضوح تامّ ليخوّل أي شخص بأن يتوقّع أيّ سلوك يُعتبر جريمة.
"اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة"، التي تشكّل مصر دولة طرفا فيها، تتطلّب من الدول الأطراف "اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة" و"لتغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة".
جرت الاعتقالات الأخيرة للنساء على خلفية حملة #أنا_كمان (#MeToo) على وسائل التواصل الاجتماعي التي أفصحت من خلالها عشرات النساء المصريات على منصات مثل إنستغرام، وتويتر، وفيسبوك، عن تجاربهنّ مع العنف القائم على النوع الاجتماعي، والاعتداء، والاغتصاب.
قالت بيغم: "هذه الاعتقالات المتسلسلة للنساء تُرسل إشارة مروعة عن وضع حقوق النساء في مصر. بدلا من معالجة العنف الأسري المستشري، والتحرش الجنسي، والعنف، يبدو أنّ السلطات المصرية مصرّة على تعزيز التمييز المجتمعي عبر اضطهاد النساء والفتيات بسبب مظهرهنّ أو أقوالهنّ على الإنترنت".
قوانين "الآداب" تعسفية
في 29 يوليو/تموز، قالت النيابة العامة في بيان إنّه "من الضروري حماية الأمن القومي المجتمعي" وإنّ دور النيابة العامة لا يستدعي فقط مقاضاة المجرمين، إنّما أيضا التصرّف كـ "حارسة للقِيَم الاجتماعية".
تقيّد قوانين مصرية عديدة الحقّ في الخصوصية وحرية التعبير. من بين هذه القوانين الفضفاضة التي تستهدف النساء والفتيات بطرق تمييزية وغير متناسبة، هناك أحكاما عدّة في قانون العقوبات تجرّم أفعال "تُخلّ بالحياء العام"، و"التحريض على الفجور"، وحيازة أو توزيع موادّ يُعتبر أنّها تخلّ "بالحياء العام". لا يحدّد القانون تعريف "الحياء العام"، أو "الفجور"، أو الأفعال التي يعاقب عليها.
في 2018، أقرّ البرلمان قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لتقييد المحتوى على الإنترنت الذي يُعتبر "منافيا للآداب العامة" (المادة 26) أو "القِيَم الأسرية" (المادة 25). يُفترض أن تعتمد الحكومة اللوائح التنفيذية (أو الأنظمة الداخلية) وتنشرها في غضون ثلاثة أشهر من إقرار القانون، لكنها لم تفعل ذلك بعد. تُجرّم المادة 27 استخدام الإنترنت لـ "ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونا"، مثل الجرائم المذكورة في قانون العقوبات.
المحاكمات الأخيرة جرت في المحاكم الاقتصادية التي تأسّست عام 2008 وتضمّ قضاة محاكم الاستئناف. تشمل ولايتها القضائية مخالفات قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لعام 2018 وقانون الاتصالات لعام 2003.
راجعت هيومن رايتس ووتش حكم المحكمة المؤلف من 30 صفحة مع حيثياته في قضيتي حنين حسام ومودة الأدهم، والذي نشرته مواقع إخبارية محلية، وراجعت أيضا التقارير الإعلامية وبيانات النيابة حول القضيتين.
ذكرت المحكمة المادتين 25 و27 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وغيرها من أحكام قانون العقوبات حول التواطؤ في مساعدة الأدهم كهاربة من وجه العدالة قبل اعتقالها، وعدم التبليغ عن مخالفاتها.
في بعض الملاحقات القضائية الأخيرة المتعلّقة بـ"الآداب"، مثل قضايا حنين حسام، ومودة الأدهم، وسما المصري، وجّهت البيانات الأولية للنيابة إليهنّ تهما أوسع يمكن تفسيرها بأنّها مرتبطة بالعمل الجنسي.
رغم أنّ هذه التهم لم ترِد في الأحكام والإدانات الفعلية، لكنها أدّت إلى تغطية إعلامية مكثفة حثّ فيها المعلّقون الموالون للحكومة السلطات على معاقبة النساء والفتيات. غطّت وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة مجريات المحاكمات بكثافة، بما في ذلك نشر صور النساء وأسمائهنّ الكاملة.
في الكثير من الاعتقالات الأخيرة، ذكرت بيانات النيابة العامة أنّ التحقيقات انطلقت بعد تلقّي "شكاوى" من "مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي" على صفحة فيسبوك الخاصّة بالنيابة، أو بعد تقدّم "محامين" بشكاوى. راجعت هيومن رايتس ووتش مقاطع فيديو عديدة على يوتيوب نشرها أشخاص يطالبون باعتقال النساء بسبب "المحتوى غير الأخلاقي"، والتي تم في إثرها اعتقال عدد من النساء.
يسمح القانون المصري عمليا لأي مواطن بالتقدّم بشكاوى الحسبة (أي المحاسبة في الشريعة الإسلامية) ضد مجموعة واسعة من الأفعال التي لا تتعلق بشخص الشاكي مباشرة، مثل مقال في مجلّة، أو كتاب، أو أداء راقص، إذ يعتبر المشتكي أنّها تضرّ بالمصلحة العامة للمجتمع أو تُخِلّ بالحياء أو الآداب العامة.
اعتمدت السلطات على هذه الشكاوى لسنوات لتبرير مقاضاة الصحفيين السلميين، والكتّاب، والنشطاء الذين يبدو أنّهم يتحدّون سياسات الحكومة أو القواعد المجتمعية المنتشرة. في2015، حُكم على المقدّم التلفزيوني إسلام البحيري بالسجن لخمسة أعوام بتهمة "ازدراء الأديان"، استنادا إلى انتقاده لبعض رجال الدين الإسلامي وأرائهم. خُفّض حكمه إلى عام واحد بعد الاستئناف، وأُخلي سبيله في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بعد عفو رئاسي.
فيما يتعلّق بالاعتقالات العديدة الأخيرة للنساء، أقرّ النائب العام حمادة الصاوي علنا بالعمل على مثل هذه الشكاوى.
حنين حسام ومودة الأدهم
في 23 أبريل/نيسان، وبعد يومين من اعتقال حنين حسام، أصدرت النيابة العامة بيانا من 13 صفحة يوضح تفاصيل تحقيقات الإدارة العامة لمباحث مكافحة جرائم الآداب بوزارة الداخلية في قضية حنين. قال البيان إن السلطات وجدت "أدلة"، منها اتصالات مكتوبة وصوتية وتحويلات بنكية، زعموا أنها تشير إلى تورط حنين في شبكة تستهدف تجنيد النساء والفتيات للانضمام إلى بعض منصات التواصل الاجتماعي التي تسمح لهن بتقديم خدمات فيديو ومحادثة مأجورة عبر الإنترنت.
ذكر حكم محكمة القاهرة الاقتصادية في 27 يوليو/تموز تلقي النائب العام عدة شكاوى بشأن النساء، منها من محامٍ يُدعى عبد الرحمن الجوهري. كان الدليل الرئيسي الذي استخدمه القاضي في حيثيات الحكم مقطع فيديو لحنين حسام تدعو فيه النساء للانضمام إلى لايكي، قائلة إن بإمكانهن كسب المال عبر إنشاء مقاطع فيديو مباشرة تجذب مشاهدين أكثر، وأيضا تحويلات بنكية وحسابين لحنين وأربعة لمودة على وسائل التواصل الاجتماعي، على منصات إنستغرام وتيك توك وفيسبوك.
قالت المحكمة في حيثيات حكمها بسجن مودة إن الأخيرة "اعتدت على القِيَم الأسرية" بنشرها مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف "إغواء الشباب" لكسب مشاهدين ومتابعين أكثر لتحصيل أموال أكثر من الإعلانات. قالت المحكمة أيضا إن الأدهم ظهرت في مقاطع الفيديو "بملابس فاضحة وترقص بطريقة خليعة في أماكن عامة".
قالت المحكمة إن الرجال الثلاثة - الذين وردت أسماؤهم في الحكم وهم محمد عبد الحميد زكي، ومحمد علاء الدين أحمد، وأحمد سامح عطية - كانوا موظفين في لايكي و"بيغو لايف" (Bigo Live)، تطبيق فيديو آخر، وحكمت عليهم بتهمة مساعدة الأدهم وحسام في إدارة حساباتهما الإعلامية واقتناء واستخدام قنوات مشفرة للاتصال بالإنترنت، وهي جريمة جنائية بموجب قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لعام 2018.
رفضت المحكمة طلب محامي الدفاع بأن تتولى المحكمة الدستورية مراجعة وتحديد الأفعال التي تعتدي على "القِيَم الأسرية". زعمت المحكمة أن مثل هذه القوانين لا تُقيّد حرية التعبير لكنها ضرورية للتعاطي مع "الأفكار المنحرفة" و "الانحلال الأخلاقي". قالت المحكمة إن على الأهالي مراقبة أبنائهم وتقييد وصولهم إلى محتوى الإنترنت الذي يغيّر من "هويتهم وتقاليدهم وأخلاقهم".
ذكرت بيانات صحفية أدلى بها محامي مودة أن النيابة طلبت منها الخضوع لـ"اختبار العذرية"، وهو ما رفضته. ربما تكون السلطات قد أخضعت امرأة أخرى على الأقل والفتاة (آية) لاختبار عذرية.
"اختبار العذريّة" بموجب القانون الدوليّ هو انتهاك لحقوق الإنسان، ويُنظر إليه على أنه شكل من أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. قالت "منظمة الصحة العالمية" إن لا قيمة علمية لـ"اختبارات العذرية" وإنه ينبغي على العاملين في المجال الصحي عدم إجرائها.
في ديسمبر/كانون الأول 2011، أدانت المحكمة الإدارية المصرية إجبار النساء المتظاهرات على الخضوع لاختبارات العذرية التي أمر بها جنرالات الجيش، بمن فيهم عبد الفتاح السيسي، رئيس "جهاز المخابرات الحربية" وقتها. قضت المحكمة بأن اختبارات العذرية "تشكل انتهاكا لجسد المرأة واعتداء على إنسانيتها وكرامتها". رغم الحكم، وثقت منظمات حقوقية مصرية استمرار السلطات في استخدام مثل هذه الاختبارات.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على النيابة العامة والسلطات القضائية المصرية الكف فورا عن هذه الممارسة المسيئة، وعلى المشرعين المصريين إصدار قانون يُجرِّمها.
منار سامي
في 1 يوليو/تموز، اعتقلت السلطات منار سامي (30 عاما)، وهي صانعة محتوى مشهورة على تيك توك وإنستغرام مع أكثر من 250 ألف متابع، بعد شكوى "الحسبة" التي قدمها المحامي أشرف فرحات التي ذكرت أنها كانت "تنشر محتوى إباحيا على مواقع التواصل الاجتماعي". أمرت النيابة بحبس منار لاستخدامها حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة "تعتدي على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري ". أرسلها القاضي إلى الحبس الاحتياطي.
في 29 يوليو/تموز، أدانت محكمة طنطا الاقتصادية منار بالتهم الموجهة إليها، وحكمت عليها بالسجن لثلاث سنوات وغرامة قدرها 300 ألف جنيه مصري. في 9 أغسطس/آب، أُفرِج عن منار بكفالة قدرها 20 ألف جنيه مصري (1,250 دولارا أمريكيا) بانتظار استئنافها.
خلال جلسة تجديد الحبس في 5 يوليو/تموز، أمرت النيابة في محافظة القليوبية بالقبض على والد منار وشقيقها وشقيقتها، بحسب تقارير إعلامية، جرّاء خلاف نشب خارج المحكمة حول أحقية رؤية منار لابنتها (3 سنوات). في 5 أغسطس/آب، جددت النيابة حبس أفراد الأسرة الثلاثة لمدة 15 يوما بتهمة الاعتداء على ضابط شرطة.
تنص "قواعد الأمم المتحدة لعام 2010 لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات" ("قواعد بانكوك") على "تشجيع السجينات على الاتصال بأفراد أسرهن، بمن فيهم أطفال وأولياء أمور أطفالهن، وممثليهن القانونيين، وتيسير هذا الاتصال بكل الوسائل المعقولة".
شريفة رفعت ونورا هشام
في أوائل يونيو/حزيران، اعتقلت السلطات شريفة رفعت (46 عاما)، وابنتها نورا هشام (24 عاما)، وهما ثنائي أم-ابنة شهير على تيك توك وإنستغرام لديهما أكثر من 100 ألف متابع، بتهمة "الأعداء على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري". في فيديو نُشر على يوتيوب في 30 أبريل/نيسان، قال شخص نشر عدة فيديوهات شكوى إن على السلطات اعتقال رفعت وهشام وإنهما "لازم يحصّلوا سما المصري". بعد أسابيع قليلة، اعتقلت شرطة الآداب بوزارة الداخلية المرأتين في شقة بحي مصر الجديدة بالقاهرة. كان الشخص الذي قدم فيديو الشكوى هو أول من أعلن نبأ اعتقالهما في 10 يونيو/حزيران.
قال النائب العام حمادة الصاوي في 12 يونيو/حزيران إن وحدة "الرصد والتحليل" في "إدارة البيان بمكتب النائب العام"، "تلقت عدة مطالبات بإلقاء القبض عليهما" وأن النيابة "رصدت غضب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي" على مقاطع فيديو نشرتها المرأتين.
قالت تقارير إعلامية إن النيابة العامة اتهمتهما بنشر صور ومقاطع فيديو تشمل "إعلانهما دعوى تتضمن إغراء بالدعارة ولفت الأنظار إليها". في 27 يونيو/حزيران، جدد قاضٍ الحبس الاحتياطي لكليهما. بدأت محاكمتهما في 29 يوليو/تموز أمام محكمة القاهرة الاقتصادية.
منة الله عماد
في 1 يوليو/تموز، اعتقلت الشرطة في حي الدقي بالقاهرة، "ريناد" (اسمها الحقيقي منة الله) عماد، (20 عاما)، في مقهى. أمرت النيابة العامة باحتجازها على ذمة التحقيق بتهمة نشر محتوى "غير لائق" على تيك توك. منة الله هي شخصية مؤثرة على إنستغرام وتيك توك، مع أكثر من 2.3 مليون متابع على المنصتين. يبدو أن كلا الحسابين حُذفا.
هدير الهادي
في 6 يوليو/تموز، اعتقلت شرطة الآداب بالجيزة هدير الهادي (23 عاما)، التي لديها أكثر من مليون متابع على تيك توك وإنستغرام، بسبب نشرها مقاطع فيديو "خادشة للحياء" على الإنترنت. صُودر حاسبها المحمول وهاتفها، وفي 4 أغسطس/آب جددوا حبسها الاحتياطي حتى 18 أغسطس/آب. تشير تقارير إعلامية إلى أن السلطات قد تُخضعها لاختبار العذرية.
بسنت محمد
اعتقلت شرطة الآداب بسنت محمد (20 عاما)، طالبة، من الإسكندرية في 10 يوليو/تموز بسبب محتوى الفيديو الخاص بها على تيك توك. أُطلِق سراح بسنت، التي لديها مليون ونصف متابع تقريبا على تيك توك وإنستغرام، في 11 يوليو/تموز على ذمة التحقيق.
التمييز والعنف ضد المرأة والرقابة الإعلامية
تأتي اعتقالات "الآداب" الأخيرة للنساء في بيئة رصدت فيها وسائل إعلام وجماعات حقوقية قيود حكومية متصاعدة تهدف إلى "إعادة تشكيل" التعبير الفني والثقافي. بالنسبة إلى حكومة الرئيس السيسي، لا تتعلق الخطوط الحمراء فقط بالمعارضة السياسية ولكن أيضا بـ"الآداب العامة" والأعراف المجتمعية. أدلى الرئيس السيسي بعدة تصريحات انتقد فيها الإعلام الذي "له تأثير ضار على المجتمع".
في 2018، ذكرت هيومن رايتس ووتش حملة لسحق الحريات الفنية في مصر، بما في ذلك اعتقال مغنين شعبيين وكُتَّاب وراقصات شرقيات. حاكمت السلطات العديد منهم بزعم "الفسق".
غالبا ما تؤثر محاكمات "الآداب" على النساء بشكل غير متناسب لأنها تستهدف بشكل خاص تقييد ملابس المرأة أو سلوكها، مما يعزز التمييز المجتمعي المتجذر الذي تواجهه المرأة مقارنة بالرجل. ظهرت معظم النساء اللواتي خضعن للمحاكمة مؤخرا في فيديوهات وصور - شكلت أساس اعتقالهن - بملابس عادية شائعة في مصر. بحسب تقارير، تنتمي العديد من النساء المؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى طبقات اجتماعية واقتصادية فقيرة.
تجري هذه الاعتقالات على خلفية حملة "أنا كمان" MeToo# على وسائل التواصل الاجتماعي التي تتحدث فيها عشرات النساء المصريات على منصات مثل إنستغرام وتويتر وفيسبوك عن تجاربهن مع العنف القائم على النوع الاجتماعي والاعتداء والاغتصاب. السلطات الأمنية والقضائية المصرية تتقاعس غالبا عن ملاحقة الرجال المتهمين بالتحرش أو الاعتداء الجنسي.
تقاعست الحكومة أيضا عن إعطاء الأولوية لمشروع قانون عالق في البرلمان منذ 2017 من شأنه تعريف العنف الأسري وتجريمه. تُقدِّر الأمم المتحدة تعرّض ثلث النساء المصريات تقريبا للعنف الجسدي أو الجنسي من الشريك الحميم في حياتهن. كما يُساهم ضعف تطبيق قانون حديث يُجرّم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في استمرار انتشار هذه الممارسة بشكل كبير.
بالإضافة إلى تضييق المساحة المتاحة للنساء على الإنترنت، شنت السلطات حملة شرسة ضد الجماعات المستقلة العاملة في مجال حقوق المرأة وحقوق الإنسان، مما صعّب عليها العمل من دون مواجهة الانتقام والمحاكمة. قامت السلطات، على مدى السنوات الخمس الماضية، بمقاضاة ومنع ناشطات حقوق المرأة المستقلات من مغادرة البلاد، بما في ذلك مزن حسن، رئيسة مركز "نظرة للدراسات النسوية"، وعزة سليمان، رئيسة "مركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية". اضطر مركز نظرة إلى إغلاق مكاتبه في مارس/آذار 2018 نتيجة لتجميد أصوله لسنوات بسبب قضية قيد النظر قضائيا.
لم يُصدر "المجلس القومي للمرأة"، وهو جهة حكومية مكلفة بتمكين المرأة وإنهاء التمييز أي بيانات ولم يتخذ أي إجراء لدعم ناشطات حقوق المرأة اللائي يواجهن الملاحقة القضائية وحظر السفر، أو اللائي قُبض عليهن في سلسلة الاعتقالات الحكومية التي تستهدف صناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي.