Skip to main content

عاملات المنازل في الشرق الأوسط أكثر عرضة لسوء المعاملة في خضم أزمة فيروس كورونا المستجد

الحكومات مسؤولة عن حماية عاملات المنازل الأجنبيات

نُشر في: Al Jazeera

 رسم يمثل عاملة منزلية تتعرض للاستغلال في عمان. 
فرضت الحكومات في أنحاء العالم قيودا على تحركات مواطنيها لمواجهة خطر فيروس "كورونا" المستجد والحد من انتشاره. لكن بالنسبة إلى الملايين من عاملات المنازل الآسيويات والأفريقيات في الشرق الأوسط، تزيد هذه الإجراءات المهمة أيضا من احتمال تعرضهن لانتهاكات جسيمة.

أمضيتُ أكثر من عشر سنوات أقابل عاملات المنازل في المنطقة وأوثّق ظروف عملهن. أعتقد أنه في غياب إجراءات قوية من الحكومات ومن دون حملات إعلامية، يمكننا أن نتوقّع زيادة في عدد عاملات المنازل اللاتي يُجبَرْن على العمل على مدار الساعة تقريبا.

وثّقتُ هذه الانتهاكات على مر السنين، خاصة عندما تعمل هذه العاملات لدى عائلات كبيرة، أو في مناسبات عائلية، أو خلال شهر رمضان. يُسبّب هذا الجهد الزائد الإرهاق والمرض والاكتئاب لكثير منهن، ودفع بعضهن إلى الانتحار.

الآن، ستواجه عاملات المنازل على الأرجح طلبات طبخ وتنظيف ورعاية إضافية بما أن عائلات بأكملها تبقى في المنزل طوال اليوم والأطفال لا يذهبون إلى المدارس. القيود المفروضة على مغادرة المنازل تعني أيضا أن أصحاب العمل قد يجبرونهن على العمل يوم إجازتهن القانوني. قد يمنعونهن أيضا من مغادرة المنزل حتى لو سمحت السلطات بذلك.

بينما يعمل بعض عاملات المنازل في ظروف لائقة، إلا أن الكثير منهن يعمل في ظروف مسيئة ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى سياسات الهجرة التعسفية وضعف ضمانات الحماية في قانون العمل أو غيابها. أخبرتني عاملات منزليات بأن أصحاب العمل أجبروهن على العمل حتى 21 ساعة في اليوم بدون راحة أو يوم عطلة، ولم يُقدّموا لهن إلا القليل من الطعام وأجرا زهيدا يتلقينه متأخرا أو لا يتلقينه أحيانا، وقيّدوا تواصلهن مع عائلاتهن، وصادروا جوازات سفرهن، واعتدوا عليهن بدنيا أو جنسيا.

من المرجّح أن تؤدي القيود المفروضة استجابة لأزمة فيروس كورونا الجديد إلى تفاقم هذه الظروف. قد يطالب أصحاب العمل بالمزيد من أعمال التنظيف والتطهير في منازلهم. لا تُزوَّد العاملات المنزليات في الكثير من الأحيان بمعدات واقية أو تعليمات كافية، ويتعرّضن لحروق أو إصابات بمواد التنظيف الخطيرة. قد يُطلب منهن أيضا رعاية أي شخص يمرض، بما يشمل الذين يصابون بفيروس كورونا المستجد.

مع تعرّض الأسر لفقدان الوظائف أو تأخّر الأجور أو غير ذلك من أوجُه انعدام الأمن الاقتصادي، قد يتأخر أصحاب العمل أو يرفضون دفع رواتب عاملات المنازل. قد يحدّ بعضهم من كمية الطعام التي يقدمها لهن، مع إعطائهم الأولوية لأفراد أسرهم.

أخبرتني بعض عاملات المنازل في السنوات السابقة أنهن لا يظفرن إلا بالقليل من الطعام أو بقايا الوجبات العائلية، أو يُجوَّعْن كعقاب. في لبنان الذي كان يعاني بالفعل من أزمة اقتصادية، تأخّر بعض أصحاب العمل أو توقفوا عن دفع رواتب عاملات المنازل بالكامل.

قد يؤدي قلق الأسر بشأن الإجراءات المتصلة بفيروس كورونا المستجد وما يرافقها من إغلاق، إلى توتّر زائد. كما هو الحال بشأن الزيادة الموثّقة في عنف الشريك الحميم خلال هذه الفترة، تعتبر الظروف مهيأة لزيادة الاعتداءات اللفظية والبدنية والجنسية ضد عاملات المنازل العالقات في أوضاع تعسفية.

ستواجه عاملات المنازل أيضا صعوبة أكبر في الهروب من مثل هذه الانتهاكات. بموجب نظام الكفالة المتبع في المنطقة برمّتها، ولو بدرجات متفاوتة، ترتبط تأشيرات العاملات المهاجرات بأصحاب عملهن ولا يُسمح لهن بمغادرة مشغّليهن أو تغييرهم دون إذنهم. عاملات المنازل اللاتي هربن من أصحاب عمل مسيئين تعرّضن للاعتقال أو أعِدن إلى أصحاب عملهن المسيئين أو سُجٍنّ أو رُحّلن بتهمة "الفرار".

الإجراءات الجديدة المتصلة بفيروس كورونا المستجد قد تفرض عقوبات إضافية على عاملات المنازل إذا هربْنَ من سوء المعاملة. حكومات الشرق الأوسط لم توّجه رسائل إلى أصحاب العمل بشأن إنصاف عاملات المنازل المحاصَرات في المنازل معهم، ولم تحاول تحديد عاملات المنازل اللاّتي تعانين وتدعمهن، ولم تكفل عدم اعتقال عاملات المنازل اللاتي يهربن من سوء المعاملة بتهمة خرق حظر التجول أو قيود الإغلاق.

يتعيّن على دول "مجلس التعاون الخليجي" ولبنان والأردن، التي تستضيف أعدادا كبيرة من العاملات المنزليات المهاجرات، أن تعالج هذه المخاطر بحملات تلفزيونية وحملات على وسائل التواصل الاجتماعي لتوعية أصحاب العمل بشأن التزاماتهم المتمثلة في احترام حقوق عاملات المنازل، بما في ذلك ألا يتجاوز يوم العمل ثماني ساعات، وإعطائهن يوم عطلة أسبوعية، وتوفير معدات واقية للتنظيف أو رعاية المرضى، وحق التواصل المنتظم مع أسرهن وأصدقائهن.

ينبغي أن تكون هناك رسالة واضحة إلى أصحاب العمل مفادها ألّا تسامح مطلقا بشأن انتهاكات المرتبكة بحق العمال من قبيل الأجور غير المدفوعة أو الإيذاء البدني أو اللفظي، مع التذكير بالعقوبات التي قد يواجهونها.

على الحكومات أيضا تيسير تنظيم حملات إعلامية موجّهة إلى العاملات المنزليات باللغات التي يتحدثن بها عبر سفارات بلدانهن، وحملات باستخدام الرسائل القصيرة والتلفزيون، والمنظمات التي تساعدهن. ينبغي أن تشمل هذه الحملات معلومات عن كيفية حماية أنفسهن من فيروس كورونا المستجد، وعن حقوقهن في العمل، وخطا ساخنا متاحا لهن أو لأسرهن في حال وقوعهن في محنة.

على الحكومات التدخل لحماية أي عامل يُبلغ عن سوء معاملة، وضمان توفير سكن آمن يراعي معايير الصحة والسلامة للعمال الذين يعانون من ضائقة بغية حمايتهم من فيروس كورونا المستجدّ، وتسهيل تقديم الشكاوى ضد أصحاب العمل عند الاقتضاء والعودة الآمنة لديارهم إن هم رغبوا في ذلك.

نحن نعيش وضعا غير مسبوق. بينما تتخذ الحكومات والأفراد إجراءات استثنائية للسيطرة على فيروس كورونا المميت، على السلطات أيضا ضمان ألّا تزيد هذه الطوارئ سوء المعاملة، وأن تعمل على حماية الفئات المعرضة له بنشاط.

عاملات المنازل المهاجرات يعتنين بالعائلات في الشرق الأوسط، وينبغي لهذه الأسر وللحكومات أن تعتني بهن هي الأخرى.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.