(واشنطن) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على جميع الأطراف المشاركة في خطة الأمم المتحدة لتسوية أوضاع سكان مخيم أشرف أن يعملوا على ضمان تنفيذ الخطة بسلامة وفعالية. على جميع المشاركين – لا سيما السلطات العراقية ومنظمة مجاهدين خلق – أن يضمنوا النقل الآمن لسكان مخيم أشرف إلى موقع محمي يمكن فيه تحديد استحقاق الأفراد للجوء.
وقال بيل فريليك، مدير برنامج اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "أصدر كل من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وقائدة مجاهدين خلق مريم رجوي تصريحات يظهر منها اتفاقهما مبدئياً على خطة الأمم المتحدة، لكن ما زال الطرفان مختلفان على التفاصيل. التنفيذ الناجح لخطة الأمم المتحدة يتطلب التفاوض بحسن نية من جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة العراقية وقيادة مجاهدين خلق".
في 21 ديسمبر/كانون الأول 2011 أعلن المالكي عن أن إغلاق مخيم أشرف سيتأخر لستة أشهر إذا وافقت "مجاهدين خلق" على مذكرة التفاهم الخاصة بإعادة توطين سكان المخيم. إلا أن رجوي صرّحت في 20 ديسمبر/كانون الأول – ورغم الموافقة على الانتقال من حيث المبدأ – بشروط لابد من الاتفاق حولها. وبسبب الأزمة فما زال الاحتمال قائماً أن يتراجع العراق للالتزام بموعد إغلاق المخيم النهائي المُحدد في 31 ديسمبر/كانون الأول، وربما تستخدم السلطات القوة في إغلاق المخيم، مما يثير المخاوف حول سلامة ما يقرب من 3200 شخص من السكان.
أرسلت هيومن رايتس ووتش رسائل في 15 و16 ديسمبر/كانون الأول إلى الحكومة الأمريكية، والبريطانية، والفرنسية، والألمانية، والإيطالية، والدنماركية، والسويدية، تطلب منها دعم الطلب المقدم من مارتن كوبلر، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى العراق، بأن تمد الحكومة العراقية من الموعد النهائي المُقدر في 31 ديسمبر/كانون الأول لإغلاق مخيم أشرف، لمدة أخرى. كما دعت هيومن رايتس ووتش تلك الحكومات إلى ضمان النقل الآمن لسكان المخيم إلى حيث يمكن مراجعة طلباتهم الفردية بالتماس اللجوء، والرد سريعاً وبشكل إيجابي على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لدول الأمم المتحدة الأعضاء بإبداء استعدادها لقبول سكان مخيم أشرف لإعادة التوطين.
وقال بيل فريليك: "حل أزمة مخيم أشرف يتطلب المشاركة الفعالة من الفاعلين الكبار مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، القادرون على لعب دور هام في إعادة توطين سكان مخيم أشرف ومراقبة الوضع لضمان سلامتهم ومعاملتهم بشكل عادل".
تم تأسيس جماعة "مجاهدين خلق" في عام 1965 بصفتها جماعة مسلحة تحدت حكومة الشاه الإيرانية. في عام 1981 بعد عامين من الثورة الإيرانية، بدأت الجماعة تعمل في الخفاء بعد أن حاولت إشعال تمرد مسلح ضد آية الله روح الله خوميني، القائد الأعلى السابق للثورة الإيرانية. بعد فترة في المنفى في فرنسا، عاد أغلب قادة الجماعة إلى العراق عام 1986 وأسسوا مخيم أشرف، رغم أن القيادات الكبرى ظلت في فرنسا.
دعت هيومن رايتس ووتش جميع الأطراف إلى السماح للدبلوماسيين الدوليين وهيئات الأمم المتحدة والمراقبين المستقلين بالحضور لمراقبة كل خطوة من خطوات نقل السكان إلى موقع انتقالي محمي، مثل "كامب ليبرتي" السابق في مطار بغداد الدولي. كما دعت هيومن رايتس ووتش الأمم المتحدة إلى الاستمرار في مراقبة حالة حقوق الإنسان والموقف الإنساني بعد نقل سكان المخيم إلى موقع انتقالي.
سبق وطلبت هيومن رايتس ووتش من الحكومة العراقية وقيادة مجاهدين خلقالتعاون بالكامل مع الأمم المتحدة لضمان حماية وسلامة سكان مخيم أشرف. ما زالت التوترات وانعدام الثقة بين قيادة الحركة وقوات الأمن العراقية سائدة إثر حادثين عنيفين قامت خلالهما قوات الأمن العراقية بقتل أكثر من 40 من سكان المخيم، في يوليو/تموز 2009وفي أبريل/نيسان 2011. ولقد تكررت دعوات هيومن رايتس ووتش للسلطات العراقية بالامتناع عن استخدام القوة المفرطة ضد سكان المخيم، وطالبت بالتحقيقات المستقلة والشفافة في الواقعتين وأية جرائم ارتكبت خلالهما.
لم تفتح الحكومة العراقية تحقيقات في هذين الحادثين.
مدونة سلوك الأمم المتحدة الخاصة بمسؤولي إنفاذ القانون نصت على أن "يحق لمسؤولي إنفاذ القانون استخدام القوة فقط عندما تكون ضرورية وبالدرجة المطلوبة لأداء واجبهم". مبادئ الأمم المتحدة الخاصة باستخدام القوة والأسلحة النارية تنص على أن مسؤولي إنفاذ القانون عليهم "بقدر الإمكان، الاستعانة بالسبل غير العنيفة قبل اللجوء لاستخدام القوة" ويحق لهم استخدام القوة "فقط إذا تبين عدم فعالية السبل الأخرى". عندما لا يكون هنالك بديل لاستخدام القوة فعلى مسؤولي إنفاذ القانون "ممارسة ضبط النفس أثناء استخدام القوة وأن تكون متناسبة مع جدية المخالفة المرتكبة".
كما دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة العراقية إلى عدم إعادة هؤلاء الأفراد المتواجدين في المنفى إلى إيران ضد رغبتهم، إذ أكدت أن هذا قد يستتبعه خطر التعذيب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة. وثقت هيومن رايتس ووتش الاستخدام السائد للتعذيب في إيران، لا سيما ضد الخصوم السياسيين للحكومة.
وبصفة العراق دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فهي مُلزمة بتطبيق مبدأ عدم الإعادة القسرية. لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المعنية بتفسير العهد الدولي، أوضحت هذا الالتزام بأنه "على الدول الأطراف عدم تعريض الأفراد لخطر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لدى عودتهم إلى بلد آخر بطريق التسليم أو الطرد أو الإعادة".
طمأنت الحكومة العراقية واشنطن لأنها لن تجبر أي عضو من الحركة على الذهاب إلى بلد قد يتعرض فيه لخطر التعذيب.