Skip to main content

العراق: يجب حماية سكان مخيم أشرف

على الحكومة أن تفتح التحقيق في انتهاكات محتملة من قوات الأمن بحق المعارضين الإيرانيين

 

(نيويورك) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات العراقية أن تجري تحقيقاً مستقلاً في مقتل سبعة إيرانيين على الأقل أثناء مداهمة للشرطة على مخيم أشرف، حيث يقيم الآلاف من عناصر مجموعة معارضة إيرانية، هي منظمة مجاهدين خلق، الذين يعيشون في المكان منذ أكثر من عشرين عاماً. وأعربت هيومن رايتس ووتش عن قلقها من أن الشرطة استخدمت القوة المفرطة ضد سكان المخيم أثناء الهجوم في 28 يوليو/تموز 2009.


وأقر المسؤولون العراقيون في 30 يوليو/تموز بأن سبعة من سكان مخيم أشرف قد قُتلوا، بعضهم بالأعيرة النارية، حين سيطرت القوات العراقية على مخيمهم في محاولة لتأكيد السلطة الحكومية بإنشاء مركز للشرطة في المنطقة. وقال متحدث باسم مجاهدين خلق إن الضباط العراقيين داهموا المكان وأطلقوا النار على الناس، مما أسفر عن مقتل سبعة وإصابة أكثر من 300 شخص. ورفض المسؤولون العراقيون التفاصيل المحيطة بالوفيات، وقالوا إن قناصة مجاهدين خلق هم المسؤولون عنها.


وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "سكان مخيم أشرف كانوا معزولين وبقدر ما نعرف غير مسلحين". وتابع قائلاً: "سبعة قتلى وعدد كبير من الجرحى هو ثمن باهظ للتأكيد على سلطة الحكومة العراقية على هذه القطعة من الأرض، ولهذا ثمة حاجة إلى تحقيق نزيه".


وكانت حكومة صدام حسين قد سمحت لمجاهدين خلق بالعمل من العراق في عام 1986. وثمة ما يُقدر بـ 3500 عنصر من المجموعة في مخيم أشرف، في منطقة ديالا، شمالي بغداد، بعد أن سلموا أسلحتهم للقوات الأميركية إثر غزو العراق في عام 2003. والكثير من العراقيين يزعمون بأن عناصر المجموعة شاركوا في الهجمات ضد خصوم حكومة صدام حسين، وأشارت وزارة نوري المالكي إلى نيتها إغلاق المخيم.


وقال جو ستورك: "هذه المجموعة صنعت لنفسها الكثير من الأعداء في صفوف العراقيين بدعمها لصدام حسين". وأضاف: "والحكومة العراقية مسؤولة عن حمايتهم من الهجمات الانتقامية أو الإعادة القسرية إلى إيران، وقد أقرت بمسؤوليتها هذه عندما سيطرت على المخيم".


وتسجيلات فيديو مجاهدين خلق التي تم تصويرها أثناء الهجوم، والتي شاهدتها هيومن رايتس ووتش، يظهر منها استخدام قوات الأمن العراقية للهراوات ودروع مكافحة الشغب وخراطيم المياه في هجومها على المخيم، ضد من ظهروا سكاناً عُزلاً. وقال متحدث باسم مجاهدين خلق إن الجرافات أسقطت الأسوار والجدران الواقعة على المحيط الخارجي للمخيم مع دخول قوات الأمن مترجلين إلى المخيم، ثم تصادموا مع المئات من السكان الذين وقفوا على هيئة سلسلة بشرية. وقال قائد أمني عراقي أصيب في الهجوم لوسائل الإعلام إن سكان المخيم قاوموا قوات الأمن بضراوة، بالأحجار والسكاكين والأدوات الحادة. ومنعت قوات الأمن العراقية الصحفيين من دخول المخيم، طبقاً لما ورد في تغطيات المراسلين للأحداث.


علي الدباغ، المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء، قال لوسائل الإعلام إنه يتم حالياً إنشاء مركز للشرطة داخل المخيم ويجري التحقيق في الوفيات. ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة إلى ضمان التزام التحقيق جانب الاستقلالية والحياد، وأن تصدر النتائج علنية، وأن يتم تأديب أو مقاضاة المسؤولين الذين صرحوا باستخدام القوة المفرطة أو استخدموها.


وورد في مدونة الأمم المتحدة لسلوك مسؤولي إنفاذ القانون أن "مسؤولي إنفاذ القانون لا يحق لهم استخدام القوة إلا في حالة الضرورة القصوى وبالدرجة التي يتطلبها تنفيذهم لواجبهم". والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة لاستخدام القوة والأسلحة النارية تنص على أن على قوات إنفاذ القانون "بقدر الإمكان، أن يطبقوا الأساليب غير العنيفة قبل اللجوء لاستخدام العنف" وألا يُستخدم العنف "إلا إذا ثبت عدم فعالية الأساليب الأخرى". وحين لا يكون هناك بديل عن استخدام العنف، فعلى مسؤولي إنفاذ القانون "أن يمارسوا ضبط النفس في استخدام العنف وأن يكون متناسباً مع درجة جدية الاعتداء" من الطرف الآخر.


وقد حاصرت القوات الأميركية مخيم أشرف إلى أن تم إبرام اتفاق أمني بين الولايات المتحدة والعراق بدأ نفاذه في 1 يناير/كانون الثاني. ووقعت المداهمة إثر تصريحات متكررة من المسؤولين العراقيين مفادها أن الحكومة تنوي السيطرة على المخيم وإخلاء السكان. والتصريح الأحدث صدر في 27 يوليو/تموز، قبل يوم من بدء المداهمة الأخيرة.


وما زال من غير الواضح إلى أين سيذهب سكان المخيم. ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة العراقية إلى ألا تعيدهم إلى إيران ضد رغبتهم، قائلة إنهم سيواجهون خطر التعذيب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة إذا حدث هذا. وسبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش تفشي استخدام التعذيب في إيران، لا سيما بحق معارضي الحكومة.


وبصفة العراق دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فهي مُلزمة بتطبيق مبدأ عدم الإعادة القسرية. ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، المسؤولة عن تفسير العهد، أوضحت أن "الدول الأطراف عليها ألا تُعرض الأفراد الخاضعين لها لخطر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وهي بصدد إعادتهم إلى دولة أخرى بواسطة عملية تسليم أو طرد أو إعادة قسرية" وقالت وزارة الخارجية الأميركية في 28 يوليو/تموز إن الحكومة العراقية طمأنت واشنطن إلى أنها لن تنقل قسراً أي من أعضاء الجماعة إلى دولة قد يواجهون فيها خطر التعذيب.


وتم تأسيس مجاهدين خلق في عام 1965 كجماعة إسلامية مسلحة تطعن في شرعية حكومة الشاه. وفي عام 1981 بعد عامين من الثورة الإيرانية، اختبأ عناصر المجموعة بعد أن حاولوا إثارة تمرد مسلح ضد آية الله خوميني. وبعد فترة من المنفى في فرنسا، تمركز أغلب قيادات الجماعة في العراق في عام 1986. وأثناء حرب إيران مع العراق، دأبت قوات مجاهدين خلق على مهاجمة القوات الإيرانية بانتظام، على طول الحدود، وتوغلت في إيران أكثر من مرة. وبعد انتهاء الحرب عام 1988 أصدرت المحاكم الإيرانية أحكام إعدام بإجراءات تقاضي موجزة  بحق الآلاف من السجناء السياسيين في عهدة إيران، منهم الكثير من أعضاء مجاهدين خلق.


وقد وضع سقوط حكومة صدام حسين في عام 2003 حداً للتمويل المالي واللوجستي للجماعة. وبعد الغزو الأميركي، قال الجيش الأميركي إنه نزع أسلحة مجاهدين خلق في العراق.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع