اعترف حسن الذوادي، الأمين العام لـ"اللجنة العليا للمشاريع والإرث"، في مقابلة تلفزيونية هذا الأسبوع بوفاة "400 إلى 500" عامل وافد ردا على سؤال حول عدد الوفيات "في السنوات الـ 12 الماضية جراء أي أعمال بناء متعلقة... بكأس العالم ". كان ذلك اعترافا صادما من مسؤول قطري.
لطالما زعمت السلطات أنه لم يكن هناك سوى «ثلاث وفيات مرتبطة بالعمل و 37 حالة وفاة غير مرتبطة بالعمل» في الملاعب، وهو ما كرره الذوادي في وقت سابق في المقابلة نفسها. هذا الاعتراف يبين عن غير قصد ما كان واضحا، أن العمال المشاركين في التحضير للبنية التحتية لكأس العالم ليسوا فقط من بنوا الملاعب وهم يشكلون أقل من 2٪ من القوى العاملة الوافدة في قطر بل من بينهم أيضا العمال الذين بنوا الفنادق والمترو والمطار والبنية التحتية الأخرى المتعلقة بـ"كأس العالم فيفا قطر 2022".
هناك أدلة واضحة على وفاة الآلاف من العمال الوافدين في الفترة التي سبقت كأس العالم. تقاعست السلطات عن إجراء تحقيقات مجدية في نسبة كبيرة منها، وصنفت العديد منها بغير المبررة أو حدثت «لأسباب طبيعية». في الواقع، تعليق الذوادي بأن عدد الوفيات الدقيق هو «أمر موضع نقاش» يعترف عن غير قصد بما زعمه المنتقدين: أن السلطات القطرية تحتفظ بالفعل بقدر كبير من البيانات والأرقام حول وفيات العمال والانتهاكات الأخرى وتتحفط عن الكشف عنها علنا بسبب الغضب المحتمل أن تخلقه. تُظهر الإحصائيات الصادرة عن قطر نفسها أن عدد الوفيات بين عامي 2010 و2019 من غير المواطنين بلغ 15,021 وفاة دون تفصيل للأعمار والمهن والأسباب.
تصريح الذوادي بأنه «كان ينبغي ألا يموت أحد» يبدو كذلك أجوفا. رفضت السلطات القطرية صندوق تعويضات مدعوم على نطاق واسع لأسر العمال المتوفين الذين تصنف وفاتهم بأنها حدثت لـ«أسباب طبيعية» دون تحقيق مناسب. العديد من عائلات العمال الوافدين المتوفين غير مؤهلة حاليا لطلب تعويض من أصحاب العمل إلا إذا صُنفت الوفيات على أنها مرتبطة بالعمل. أظهرت الأبحاث أن كل من "الاتحاد الدولي لكرة القدم" (’الفيفا‘) وقطر تقاعسا عن حماية العمال بشكل كافٍ من الحرارة الشديدة، وأدى هذا التقاعس إلى زيادة المخاطر بشكل كبير على سلامة العمال الوافدين.
كان ينبغي ألا يموت أحد، لكن الآلاف من وفيات العمال المهاجرين التي لا تزال غير مبررة وبلا تحقيق أو تعويض. حتى أن بعض العائلات لم تُبلَّغ رسميا بوفاة أحبائها أو لم يُقدَّم لها التعازي. الطريقة الوحيدة التي يمكن للفيفا وقطر من خلالها أن تُعالج جزئيا هذا الإرث من الموت والعار هي تعويض عائلات العمال المتوفين أو أولئك الذين واجهوا انتهاكات خطيرة.