Skip to main content

البيرة والمقاطعة: لماذا ينبغي لرُعاة "الفيفا" دعم الإصلاحات الحقوقية بعد كأس العالم

نُشر في: Forbes
عمال بناء في الدوحة، قطر، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.  © 2022 ddp images via AP Photo

كانت "كأس العالم 2022" في قطر حدثا تاريخيا، حيث رفع ليونيل ميسي الكأس الذهبيّة للأرجنتين، وهتف المشجعون في كل أنحاء العالم لإنجازات منتخباتهم الوطنيّة المفضلة.

لكن على صعيد حقوق الإنسان، ستبقى كأس العالم فيفا في قطر في الذاكرة بسبب الكثير من الأمور السلبيّة: غياب الحماية للنساء، والصحفيين، والمثليين/ات ومزدوجي/ات التوجه الجنسي ومتغيري/ات النوع الاجتماعي والكوير (مجتمع الميم)، ووفاة آلاف العمال الوافدين الذين شيدوا بنية تحتية وملاعب للبطولة بقيمة 220 مليار دولار طوال 12 سنة.

الشركات الـ14 الراعية "للاتحاد الدولي لكرة القدم" (’الفيفا‘)، الهيئة العالمية الناظمة لكرة القدم، تدفع مجتمعة مليارات الدولارات للوصول إلى المستهلكين على مدار عدّة سنوات. تتوقع هذه الشركات دورة لا تشوبها شائبة – بلا تهديدات لعلاماتها التجارية – من الرياضة المعروفة بـ "اللعبة الجميلة". لكن على امتداد البطولة في قطر، تعرّضت الشركات الشريكة للفيفا إلى الخطر بسبب ربطها بالانتهاكات ضدّ العمال الوافدين وانتهاكات حقوق الإنسان ضدّ مجتمع الميم.

في مؤتمره الصحفي الختامي، زعم رئيس الفيفا جياني إنفانتينو أنها "أفضل كأس عالم على الإطلاق". لكن حظر البيرة في الملاعب في آخر لحظة، ودعوات المقاطعة، والرقابة على الشارة الداعمة لحقوق مجتمع الميم، واحتجاجات اللاعبين، ووفاة عاملَيْن وافدَيْن أثناء البطولة، وهي سابقة من نوعها، كلها أسباب أرخت بظلالها القاتمة  على المتعة الكبيرة التي تُرافق كأس العالم عادة.

إلى جانب كرة القدم، تمّ تسليط الضوء على سرقة الأجور، ووفيات العمال الوافدين من ذوي الأجور المنخفضة دون أي تعويضات، وقانون العقوبات القطري الذي يجرّم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج والعلاقات المثليّة. في افتتاح كأس العالم، وصف مسؤول قطري المثلية الجنسية على أنها "ضرر في العقل"، مشيرا إلى أنّ كون المرء مثليا "حرام". ثم حظرت الفيفا على اللاعبين ارتداء شارات "وان لوف" (’OneLove‘)للتضامن مع مجتمع الميم. تبّنى "مجلس العموم" الكندي عريضة تُدين تهديد الفيفا بمعاقبة اللاعبين.

ستيفن كولبرت، الذي يقدم برنامجا تلفزيونيا في وقت متأخر من الليل، وصف  كأس العالم في قطر بأنها "ليست معادية للمثليين فقط، بل معادية للمتعة أيضا".

في وقت تجني فيه الفيفا  عائدات  بالمليارات من الرعاة والجهات التي تبث الحدث الرياضي الأكثر مشاهدة في العالم، تُكافح العديد من أسر العمال الوافدين لإطعام أطفالها أو تسديد القروض الهائلة التي حصل عليها أحباؤها لدفع رسوم التوظيف غير القانونية في الأعمال المرتبطة بكأس العالم.

اضطرّت الفيفا إلى نقل البطولة من الصيف إلى الشتاء بسبب الحرارة الشديدة في قطر. لكن السلطات القطريّة لم توفر حماية للعمال الوافدين الذين شيّدوا البنية التحتيّة للبطولة في الظروف القاتلة نفسها. حتى لما أجرت قطر في نهاية المطاف إصلاحات حاسمة لحماية العمال الوافدين، هذه الإصلاحات إما لم تُنفذ جيدا أو أنها جاءت بعد فوات الأوان.

ردّا على ذلك، أخفت شركة "هامل" العملاقة للملابس الرياضية شعارها وأنتجت زيا أسود بالكامل في "لون الحداد" لمنتخب الدنمارك في كأس العالم. كتبت الشركة على "انستغرام": "لا نريد الظهور في بطولة كلّفت آلاف الأرواح". دعا مشجعو كرة القدم الألمان منتخبهم إلى مقاطعة وتخطّي "مهرجان كرة القدم الباذخ الذي يُقام على قبور آلاف العمال الوافدين". في فرنسا، التي فاز منتخبها الوطني بكأس العالم في 2018، أعلنت صحيفة "لو كوتيديان" مقاطعتها للبطولة. أصدر المنتخب الأسترالي لكرة القدم للرجال فيديو احتجاجا على الانتهاكات في قطر: "هؤلاء العمال الوافدون الذين عانوا ليسوا مجرّد أرقام".

قبل "دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لسنة 2022" في بكين في فبراير/شباط، استُدعي رعاة الأولمبياد، ومن ضمنهم "كوكا كولا" و"فيزا"، إلى جلسة "ساخنة" في "الكونغرس" الأمريكي للإجابة عن استفسار بخصوص "كيف يمكنهم الاستفادة من نفوذهم للتأكيد على تحقيق تحسينات ملموسة في مجال حقوق الإنسان" في الصين و"كيف سيتصرفون حيال المخاطر المادية والمخاطر المتعلقة بالسمعة المرتبطة بالألعاب الأولمبية".

في وقت تنظر فيه الفيفا في قبول عروض السعودية والصين لاستضافة كأس العالم، لمكن لرعاة الفيفا أن يتوقعوا نفس المعاملة.

لم يستخدم الشركاء التجاريون لـ ـالفيفا نفوذهم المالي في 2010 للإصرار على الحرص على العناية الواجبة بحقوق الإنسان عندما منحت الفيفا حق استضافة البطولة لقطر. مع تزايد المخاطر التي واجهتها العلامات التجارية قبل كأس العالم في قطر، دعم بعض الرعاة، بما في ذلك "أي بي إن بيف/بودوايزر" ، و"أديداس"، و"كوكاكولا"، و"فيزا"، و"مكدونالدز" دعوة الفيفا إلى إنشاء صندوق تعويض للعمال الوافدين وعائلاتهم عن الانتهاكات المتعلقة بالأجور والإصابات والوفيات. بضغط من قطر، لم يتم إنشاء هذا الصندوق لتعويض العمال عن الأضرار والوفيات.

بالإضافة إلى التأكيد على صندوق التعويض لإصابات العمال والأضرار التي لحقت بهم، يتعيّن على رعاة الفيفا استخدام ما تعرضوا له والإحراج الذي واجهوه وعقودهم التي لم تُنفذ في كأس العالم في قطر لمطالبة الفيفا بإلزام الحكومات المضيفة بحماية حقوق العمال ومجتمع الميم والنساء وحرية الصحافة.

لم يتوقّع رعاة الفيفا سوى حصد صور إيجابية لعلاماتهم التجارية من خلال ربطها بالفرح والمنافسة النزيهة والإنجازات البشريّة في ملاعب كأس العالم.

بدلا من ذلك، جاءهم الدرس واضحا من كأس العالم هذه: عندما يتعلّق الأمر بسلامة العلامة التجارية في الرياضة، فإنّ حقوق الإنسان غير قابلة للتفاوض.       

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة