Skip to main content
تبرعوا الآن

غزة: غارات إسرائيل في مايو/أيار على الأبراج

هجمات يبدو أنها غير قانونية أحدثت ضررا بالغا ومزمنا

أشخاص في قطاع غزة يقفون إلى جانب موقع برج الشروق المنهار جراء غارة إسرائيلية في 12 مايو/أيار دمّرت المبنى بكامله، وهو كان مقرّ العديد من الشركات، وأدّت إلى انهيار جزء منه على مبنى السوسي، ما أدى إلى تدمير مؤسسات تجارية أخرى وتشريد عائلات عدّة. © 2021 محمد تلاتين/أسوشيتد برس

(القدس) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الغارات الجوية الإسرائيلية التي دمرت أربعة مبان شاهقة في مدينة غزة أثناء القتال في مايو/أيار 2021 يبدو أنها انتهكت قوانين الحرب وقد ترقى إلى جرائم حرب. كما أصابت الهجمات المباني المجاورة بأضرار، وشرّدت عشرات العائلات، وأغلقت عشرات الشركات التي كانت توفر سبل العيش لكثير من الناس.

بين 11 و15 مايو/أيار هاجمت القوات الإسرائيلية أبراج هنادي، والجوهرة، والشروق، والجلاء في حي الرمال المكتظ بالسكان. في كل هجمة، حذّر الجيش الإسرائيلي شاغلي المباني من هجمات وشيكة، ما سمح بإجلائهم. وسويت ثلاث مبان على الفور بالأرض بينما أصيب المبنى الرابع، الجوهرة، بأضرار جسيمة ومن المقرر هدمه. تجادل السلطات الإسرائيلية بأن الفصائل الفلسطينية المسلحة استخدمت الأبراج لأغراض عسكرية، لكنها لم تقدم أي دليل يدعم هذه المزاعم.

قال ريتشارد وير، الباحث في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "تسببت الغارات الإسرائيلية غير القانونية على ما يبدو على أربعة أبراج في مدينة غزة بأضرار جسيمة ودائمة لعدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين عاشوا، وعملوا، وتسوقوا، واستفادوا من الأعمال التجارية الموجودة هناك. على الجيش الإسرائيلي أن يقدم علنا الأدلة التي يقول إنه اعتمد عليها لتنفيذ هذه الهجمات".

صرّح الجيش الإسرائيلي أنه أثناء القتال مع الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة من 10 إلى 21 مايو/أيار، هاجمت قواته حوالي 1,500 هدف بذخائر جوية وأرضية. أفادت "الأمم المتحدة" أن الهجمات الإسرائيلية قتلت 260 شخصا في غزة، على الأقل 129 منهم مدنيون، بينهم 66 طفلا. قالت السلطات المحلية في غزة إن 2,400 وحدة سكنية أصبحت غير صالحة للسكن بينما تضررت أكثر من 50 ألف وحدة ودُمرت أكثر من 2,000 منشأة صناعية، وتجارية، وخدمية أو تضررت جزئيا.

أطلقت الفصائل الفلسطينية المسلحة أكثر من 4,360 صاروخا عشوائيا تجاه إسرائيل، ما أسفر عن مقتل 12 مدنيا في إسرائيل بينهم طفلان وجندي بحسب السلطات الإسرائيلية. نشرت هيومن رايتس ووتش تقريرا منفصلا عن الضربات الجوية الإسرائيلية التي قتلت عشرات المدنيين الفلسطينيين وآخر عن الهجمات الصاروخية التي شنتها الفصائل المسلحة الفلسطينية في انتهاك لقوانين الحرب.

بين مايو/أيار وأغسطس/آب، قابلت هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف 18 فلسطينيا كانوا شهودا وضحايا للهجمات على الأبراج وبينهم سكان، وأصحاب أعمال، وموظفون، فضلا عن الموجودين في المباني المجاورة المتضررة. كما راجعت هيومن رايتس ووتش مقاطع فيديو وصور التُقطت بعد الهجمات، وتصريحات لمسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين وجماعات فلسطينية مسلحة.

ضمت الأبراج عشرات الشركات، ومكاتب وكالات أنباء، والعديد من المنازل. قال جواد مهدي (68 عاما)، صاحب برج الجلاء والذي عاش هناك مع عشرات من أفراد أسرته: "كل هذه السنوات من العمل الشاق، كانت مكانا للعيش والأمان والأولاد والأحفاد، كل تاريخنا وحياتنا دمرا أمامنا... كأن أحدا يمزق قلبك ويرميه".

قالت هيومن رايتس ووتش إن الآثار طويلة المدى للهجمات تتجاوز التدمير الحالي للمباني. فُقدت العديد من الوظائف مع إغلاق الشركات، وتهجّرت العديد من العائلات.

قال محمد قدادة (31 عاما)، وهو رئيس شركة تسويق رقمي تقع في برج هنادي، إن الموظفين الـ 30 المتضررين من بينهم أشخاص "يعيلون عائلاتهم، وغيرهم حديثو الزواج، وآخرون يعيلون أهاليهم المسنين، ولديهم أقارب لديهم أمراض ويحتاجون إلى دعم مالي. لن يجدوا عملا آخر لأن المعدات التي امتلكوها ومكنتهم من العمل والتصميم والإنتاج دُمّرت تماما. فكيف يمكنهم العمل؟"

أكدت إسرائيل أن الأبراج العالية كانت تضم مكاتب للفصائل الفلسطينية المسلحة، منها مقار لبعض الوحدات والاستخبارات العسكرية وفي أحد الأبراج مكاتب ضمت "المعدات التكنولوجية الأكثر قيمة بالنسبة حماس" لاستخدامها ضد إسرائيل. لم يتم الإعلان عن أي معلومات تدعم هذه الادعاءات.

لم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل على أن أعضاء الفصائل الفلسطينية المشاركة في العمليات العسكرية كان لهم وجود حالي أو سابق في أي من الأبراج وقت الهجوم عليها. حتى لو تحقق مثل هذا الوجود، يبدو أن الهجمات تسببت بضرر غير متناسب متوقع للممتلكات المدنية.

بموجب القانون الدولي الإنساني، أو قوانين الحرب، يجوز للأطراف المتحاربة استهداف الأهداف العسكرية فقط. عند القيام بذلك، عليها اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين، وما لم تسمح الظروف بذلك، عليها إطلاق تحذيرات مسبقة فعلية بشأن الهجمات. تُحظَر الهجمات المتعمدة على المدنيين والأعيان المدنية، بما فيها الانتقام من المدنيين. كما تحظُر قوانين الحرب الهجمات العشوائية بما فيها تلك التي التي لا تستهدف هدفا عسكريا محددا أو لا تميز بين المدنيين والأهداف العسكرية. كما تُحظر الهجمات التي يكون فيها الضرر المتوقع للمدنيين والممتلكات المدنية غير متناسب مع المكسب العسكري المتوقع.

الأعمال العدائية في مايو/أيار

جاء قتال مايو/أيار 2021 في أعقاب سعي مجموعات مستوطنين يهود إلى طرد سكان فلسطينيين مقيمين منذ فترة طويلة في القدس الشرقية من منازلهم ومصادرتها. نظم الفلسطينيون مظاهرات حول القدس الشرقية وأطلقت قوات الأمن الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية، والرصاص الفولاذي المغلف بالمطاط، ما أدى إلى إصابة مئات الفلسطينيين.

في 10 مايو/أيار، بدأت الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة بإطلاق صواريخ باتجاه تجمعات سكانية إسرائيلية. هاجم الجيش الإسرائيلي قطاع غزة المكتظ بالسكان بالصواريخ، والقذائف الصاروخية، والقذائف المدفعية. استخدمت العديد من الهجمات التي شنها الجيش الإسرائيلي والجماعات الفلسطينية المسلحة أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق في مناطق مأهولة بالسكان. دخل وقف لإطلاق النار حيّز التنفيذ في 21 مايو/أيار.

الأعمال القتالية في مايو/أيار، مثل تلك التي وقعت في 2008، و2012، و2014، و2018، و2019، وقعت وسط إغلاق إسرائيلي كاسح لقطاع غزة بدأ في 2007. كما وقعت في سياق الجهود التمييزية لإخراج الفلسطينيين من منازلهم في القدس الشرقية المحتلة. هذه السياسات والممارسات تشكل جزءا من جريمتَيْ الحكومة الإسرائيلية ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، بحسب ما وثقت هيومن رايتس ووتش.

طلبت هيومن رايتس ووتش في 30 مايو/أيار تصاريح لباحثين كبار لدخول غزة لإجراء مزيد من التحقيقات في الأعمال العدائية، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت الطلب في 26 يوليو/تموز. ترفض السلطات الإسرائيلية منذ 2008 السماح لموظفي هيومن رايتس ووتش الدوليين بدخول غزة، باستثناء زيارة واحدة في 2016.

في 13 يوليو/تموز، رد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على رسالة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 4 يونيو/حزيران تطرح أسئلة تفصيلية حول الهجمات، قائلا إن الجيش الإسرائيلي "يضرب أهدافا عسكرية حصرا بعد تقييم أنّ الأضرار الجانبية المحتملة الناجمة عن الهجوم ليست كبيرة مقارنة بالمكاسب العسكرية المتوقعة". وأضاف الجيش أنه يجري تحقيقات ويحقق في "حوادث مختلفة" من أجل "معرفة ما إذا انتُهكَت القواعد الإلزامية، واستخلاص النتائج".

الهجمات على الأبراج

كانت الضربات على الأبراج الأربعة التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش مجرد جزء صغير من الهجمات العسكرية الإسرائيلية على غزة أثناء القتال في مايو/أيار.

في كل حالة، حذر الجيش الإسرائيلي السكان من الهجوم الوشيك من خلال استدعاء مدير المبنى أو حارس الأمن أو احد شاغلي المبنى، وانتظر إخلاء الأفراد للمكان، ثم أطلق ذخائر أصغر كانت إما غير قابلة للانفجار أو ذات أثر تفجيري صغير - وهو ما يدعوه الجيش الإسرائيلي "الطَرق على السطح" - ثم نفذ غارات جوية. ثلاثة من المباني الأربعة سوّيت على الفور بالأرض. على الرغم من عدم ورود أنباء عن سقوط قتلى أو جرحى مقاتلين أو مدنيين، فقد دمرت الهجمات ممتلكات مدنية تقدر قيمتها بملايين الدولارات الأمريكية.

لم تجد أبحاث هيومن رايتس ووتش في الهجمات على الأبراج الأربعة أي دليل على وجود أعضاء من الفصائل الفلسطينية المشاركة في العمليات العسكرية في المباني أو وجودهم هناك مسبقا لمدة طويلة. قال رجل أعمال إن "حماس" كان لديها مكاتب في برج هنادي، لكنه لم يستطع تحديد هوية الشاغلين، أو ما كانوا يفعلوه، أو إن كانت لديهم أي صلات بالجناح العسكري للحركة. بموجب قوانين الحرب، يجب ألا يتعرض المسؤولون المدنيون غير المشاركين في العمليات العسكرية للهجوم. المكاتب الإعلامية هي أعيان مدنية ما لم تشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية من خلال نقل المعلومات العسكرية.

قد يكون لتدمير الشركات والمساكن في الأبراج آثار طويلة الأجل على التمتع بالحقوق الأساسية للمتضررين، بما يشمل الحصول على مستوى معيشي لائق، مثل الحصول على الماء، والغذاء، والسكن، وسبل العيش. يمكن أن يؤدي تهجير العائلات إلى إضعاف أمنها الجسدي والتمتع بالرعاية الصحية والحياة الأسرية. تدمير نحو عشرة مكاتب لوسائل إعلامية يقوّض جمع المعلومات ونشرها في غزة.

حجم الانفجار بعد ارتطام الذخائر والتفجير اللاحق، كما صُوِّر في مقاطع الفيديو التي وزعها الجيش الإسرائيلي أو تم تداولها على الإنترنت وراجعتها هيومن رايتس ووتش، يبدو متسقا مع استخدام ذخائر برؤوس حربية كبيرة شديدة الانفجار. نتج عن هذه الأسلحة المتفجرة آثار واسعة النطاق أدت إلى تدمير كل برج بشكل كامل أو إلحاق أضرار جسيمة به، وإلحاق أضرار بالمناطق المحيطة، بما في ذلك المنازل، والشركات، والبنية التحتية.

مواقع غارات على أبراج وثّقتها هيومن رايتس ووتش في مدينة غزة، خلال القتال في مايو/أيار 2021.   صورة القمر الصناعي: ©CNES 2021 - Airbus DS 2021. تحليل وغرافيك: © 2021 هيومن رايتس ووتش

برج هنادي

حوالي الساعة 6 مساء 11 مايو/أيار، اتصل الجيش الإسرائيلي بحارس الأمن في برج هنادي لإبلاغه أن البرج المكون من 13 طابقا سيتعرض للهجوم وأن على السكان إخلاء المكان، على حد قول ماهر عوض كمال الصفدي (36 عاما)، وهو من سكان المنطقة وصاحب شركة. قصفت بعدها القوات الإسرائيلية المبنى والمنطقة المحيطة به بعدة ذخائر صغيرة، بحسب الصفدي ومقطع فيديو نُشر على الإنترنت قبل الهجوم. ثم حوالي الساعة 7:30 مساء، أصابت وحدة ذخيرة واحدة على الأقل جانب المبنى في قاعدته. بعد ثوان، سقطت وحدة ذخيرة واحدة على الأقل على الجانب الآخر من قاعدته وانهار المبنى بسرعة، ما تسبب في أضرار بالمؤسسات التجارية والمنازل المحيطة.

لم يوقع الهجوم إصابات، لكن مالكه أحمد أبو جابر قال إن قيمة المبنى ومحتوياته المدمرة تقدر بملايين الدولارات. الأضرار التي لحقت بفندق قريب تسببت في خسارة مئات آلاف الدولارات.

في أعقاب الهجوم، نشر الجيش الإسرائيلي عدة بيانات وصور، بالإضافة إلى فيديو للهجوم. أقرت التصريحات بالهجوم وقالت إن حماس استخدمت المبنى "للبحث والتطوير العسكريين" وإنه ضم "مكاتب استخبارية عسكرية تابعة لحماس". وذكر بيان نُشر على الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي أن المبنى ضم "وحدات عسكرية متعددة استخدمتها حماس" ويتضمن "مقرا" للبحث والتطوير والاستخبارات العسكرية و"أكثر من ذلك"، لكنه لم يوضح أكثر.

ركام برج هنادي في مدينة غزة في اليوم التالي للغارات الإسرائيلية التي دمرت المبنى في 11 مايو/أيار 2021، وألحقت أضرارا جسيمة بالمباني المجاورة. © 2021 محمود عيسى/أسوشيتد برس
ركام برج هنادي في مدينة غزة في اليوم التالي للغارات الإسرائيلية التي دمرت المبنى في 12 مايو/أيار 2021، وألحقت أضرارا جسيمة بالمباني المجاورة. © 2021 محمود عيسى/أسوشيتد برس

ذكرت وسائل الإعلام أن المبنى ضم مكاتب للقيادة السياسية لحركة حماس. قال صحفي يعرف البرج طلب عدم الكشف عن هويته: "توجد مكاتب اجتماعات سياسية لأعضاء برلمان حماس والمتحدثين باسم حماس في البرج". بينما قال أحد أصحاب الأعمال في البرج إن هناك مكاتب لحماس في البرج، لم يكن على علم بالغرض منها.

حماس، سلطة الأمر الواقع في غزة، هي منظمة تضم حزبا سياسيا وجناحا مسلحا. مجرد العضوية أو الانتماء إلى حماس ليس أساسا كافيا لتحديد شخص ما ليكون هدفا عسكريا مشروعا. تسمح قوانين الحرب باستهداف القادة العسكريين في سياق النزاع المسلح، شريطة أن تتوافق هذه الهجمات مع القوانين التي تحمي المدنيين. القادة السياسيون الذين لا يشاركون في العمليات العسكرية، وكذلك المدنيون، ليسوا أهدافا مشروعة للهجوم.

ثلاثة من أصحاب المؤسسات التجارية في البرج وصفوا آثار الهجوم. قال نهاد عبد اللطيف طه (45 عاما)، وهو مهندس كمبيوتر، إن الأضرار التي لحقت بشركته "بورتالس" للبرمجة والتسويق الرقمي، والتي كان مقرها في البرج، بلغت حوالي 30 ألف دولار:

كان لدي 36 موظفا وكنا نستأجر شقتين - بمساحة 360 متر مربعا، مع أثاث ومكاتب وقاعات اجتماعات وكاميرات مراقبة - كل هذا انتهى، بالإضافة إلى وثائق مهمة جدا، [دُمرت] جميع أوراق الشركة، بما فيها الأختام وعقود الموظفين - ذهب كل شيء.

تُظهِر صور القمر الصناعي قبل وبعد الغارة آثار الغارة والدمار الذي ألحقته ببرج هنادي، وفندق غزة الدولي وعمارة حندوقة المجاورَيْن، في 11 مايو/أيار 2021.       صور القمر الصناعي: ©CNES 2021 - Airbus DS 2021. تحليل وغرافيك: © 2021 هيومن رايتس ووتش

قال محمد قدادة (31 عاما)، وهو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "بلانيت للحلول الرقمية"، إنه عندما انتقل إلى البرج عام 2017، استثمر حوالي 40 ألف دولار في التجديدات، والأثاث، والمعدات الجديدة، بما فيها المكاتب، وأجهزة اللابتوب، والطابعات. دُمّر كل شيء: "في 22 مايو/أيار، ذهبت إلى البرج لأول مرة [منذ تدميره]. ذهب كل شيء، رأيت الركام، رأيت بقايا مكتب، رأيت متعلقات الأشخاص متناثرة، رأيت ذكرياتهم، رأيت كل شيء قد وقع".

حتى أواخر مايو/أيار، كان جميع موظفي الشركة الـ 30 عاطلين عن العمل منذ الهجوم.

قال ماهر عوض كمال الصفدي (36 عاما)، الذي كان يمتلك "نادي الأصدقاء" للياقة البدنية في الطابق الأرضي من برج هنادي، إنه كان قد استثمر أكثر من 10 آلاف دولار في معدات تمرين جديدة قبل أشهر. "كان لدي ساونا، وجاكوزي، وحمام مغربي، وغرفة لياقة بدنية، وغرفة أوزان، وحمامات، ومطعم كامل به ثلاجات وموقد غاز" - كل ذلك تدمر. قال إن الهجوم كلف موظفي النادي الستة وظائفهم، وإنه سيحتاج إلى 150 ألف دولار لاستبدال المعدات.

المباني المجاورة مباشرة لبرج هنادي، وخاصة في الشمال، تعرضت لأضرار جسيمة. صور الأقمار الصناعية الملتقطة في 14 مايو/أيار تُظهر أضرارا لحقت بالواجهتين الجنوبية والغربية لشقق حندوقة و"فندق غزة الدولي"، وكلاهما على بعد أمتار قليلة شمال برج هنادي. الصور المنشورة في 12 مايو/أيار تظهر أضرارا جسيمة لحقت بواجهة المبنيين. 

عماد حندوقة (54 عاما)، صاحب شقق حندوقة، المكونة من 10 طوابق و25 شقة سكنية، قال إنها لم تعد صالحة للسكن. قال إن جزءا من برج هنادي سقط على المبنى وألحق أضرارا بأساساته، وتسبب في نزول بعض سقوف الشقق على الغرف. قال إن القيمة الإجمالية للبناء كانت حوالي 1.3 مليون دولار.

قال مالك فندق غزة الدولي أبو أحمد جابر، في مقطع فيديو نُشر على صفحة الفندق على "فيسبوك"، إن الأضرار التي لحقت بالفندق تبلغ قرابة نصف مليون دولار.

قالت شركة الكهرباء في غزة إن الهجوم دمر أيضا خطوط توصيل الكهرباء الحيوية لمدينة غزة والمنطقة المحيطة بالبرج مباشرة.

برج الجوهرة

في مساء 11 مايو/أيار، اتصل الجيش الإسرائيلي بالسكان الذين يعيشون بجوار البرج لإبلاغ المستأجرين في برج الجوهرة المكون من 11 طابقا بأنه سيتم استهداف المبنى، وهو تجاري في المقام الأول، وأنه يجب إخلاؤه. حوالي الساعة 10 ليلا، أطلقت الطائرات الإسرائيلية ذخائر صغيرة أصابت سطح البرج والأرض قربه. حوالي الساعة 2 فجر 12 مايو/أيار، أصابت ذخائر أكبر أُسقطت من الجو المبنى وألحقت به أضرارا جسيمة.

أشخاص في غزة يقفون وسط الركام في جوار برج الجوهرة المتضرّر بشدة جراء غارة إسرائيلية في 12 مايو/أيار دمّرت شركات ومنازل كان يضمها البرج وأوقعت خسائر بملايين الدولارات. © 2021 محمد تلاتين/أسوشيتد برس

قال محمد عطا حسن جعرور (71 عاما)، وهو مؤسس ومالك شريك يعيش في الطابق السابع من المبنى، إن الأضرار، بما فيها تلك التي لحقت بأعمدة الأساس، تركت المبنى غير سليم من الناحية الهيكلية. قال: "دُمّر المبنى بأكمله. ما يزال قائما لكنه مجرد هيكل إذ انفجرت جميع الطوابق الأرضية والطابقين تحت الأرض".

قال سكان ومستأجرون إن الغارة تسببت بأضرار جسيمة لشققهم، وشركاتهم، ومعداتهم، والحي المحيط. قال أحدهم إن الضربات كانت شديدة لدرجة أن "معظم المباني المحيطة - واجهات المباني والزجاج - دُمرت".

في أعقاب الهجوم، أصدر الجيش الإسرائيلي بيانا قال فيه إن المبنى كان يضم "مقرا لوحدة استخبارات منظمة حماس الإرهابية، ومقر قيادة يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وإدارة العلاقات العامة، ولواء غزة التابعة لـ حماس". كما نشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو للهجوم يظهر وحدتَيْ ذخيرة على الأقل تضربان المبنى بفارق ثوان.

بعد ستة أيام، أصدر الجيش الإسرائيلي بيانا يظهر هجوما على مبنى آخر، قال أيضا إنه مقر قيادة حماس في الضفة الغربية.

أحمد الزعيم، أحد مالكي برج الجوهرة، والذي عاش في المبنى مع والديه وزوجته وأربعة أطفال وكان هناك منذ 17 عاما، قال إن البرج كان يضم 64 وحدة في ثمانية طوابق، وطابقين تحت الأرض، وطابقا مخصصا لمركز تسوق. وقال الزعيم: "تشمل الوحدات الـ 64 مساكن، ومكاتب محاماة، ووسائل إعلام، وشركات هندسية، ووكالات عقارية، وشركات [تكنولوجيا المعلومات]. هناك أيضا طبيب أسنان. كان هناك ما لا يقل عن 20 متجرا في الطوابق التجارية الثلاثة السفلية". ستةٌ من الوحدات الـ 64 كانت سكنية.

قال الزعيم إن الخسارة الاقتصادية الإجمالية تراوحت بين 5 و7 ملايين دولار لإعادة بناء المبنى، دون حساب الخسائر داخل الوحدات التجارية والشقق السكنية. قال إنه شخصيا خسر حوالي 1.5 مليون دولار في ممتلكاته في البرج. وقدر جعرور أنه خسر 1.2 مليون دولار. قال جعرور: "إذا كان لدينا المال، أعتقد أنه يمكننا إعادة بنائه في غضون أربع إلى خمس سنوات"، مشيرا إلى الإغلاق الإسرائيلي والقيود المفروضة على دخول مواد البناء.

أشخاص في غزة يقفون وسط الركام في شارع الجلاء الملاصق لبرج الجوهرة المتضرّر بشدة جراء غارة إسرائيلية في 12 مايو/أيار، التي ألحقت أيضا أضرارا بالمناطق المحيطة به. © 2021 محمد تلاتين/أسوشيتد برس

وصف كلا المالكين خسارة الأعمال التي استثمرا فيها. واستشهد جعرور بشركة "ماجيك بيتزا"، التي قال إن لديها أجهزة وأثاثا جديدين ويعمل بها حوالي 12 شخصا: "كنا سعداء للغاية وانتظرنا وقتا طويلا لتشغيلها. في لحظة واحدة، تحولت كل هذه الأشياء إلى وهم".

كان الزعيم وأسرته يديرون عدة مكاتب ومتاجر في البرج، منها متجر "إيلين سنتر" للملابس النسائية. وقال إن زوجته استثمرت 20 ألف دولار في معدات لاستوديو جديد للتصوير الفوتوغرافي، "ستديو وتين فوتوغرافر"، كان من المقرر افتتاحه قريبا.

كما كان المبنى يضم "SMT Solutions"، وهي شركة لتكنولوجيا معلومات توفر الإنترنت لمناطق في جميع أنحاء غزة. قال منشور على صفحة الشركة على فيسبوك في 13 مايو/أيار إن شبكات الألياف الضوئية، ومركز البيانات، ومقر الشركة قد دمرت في الهجوم وسيستغرق إصلاحها ستة أشهر.

تُظهِر صور القمر الصناعي قبل الغارة وبعدها الآثار على برج الجوهرة في 12 مايو/أيار 2021. ويظهر الركام في شارعَيْ الوحدة والجلاء الناتج عن الأضرار جراء الغارة.       صور القمر الصناعي:  ©CNES 2021 - Airbus DS 2021. تحليل وغرافيك: © 2021 هيومن رايتس ووتش

كما كان البرج يضم "نادي الصحفي الصغير"، محطة البث الإذاعي الوحيدة للأطفال في غزة. قال غسان رضوان (51 عاما)، صاحب النادي الإذاعي، إن ثمانية أشخاص كانوا يعملون في المحطة الإذاعية وأكثر من 20 طفلا كانوا يديرون البرامج وينفذون البث. دُمّر كل شيء في مقرهم، وستكلف إعادة بناء الشبكة حوالي 70 ألف دولار، لكن ذلك سيتطلب التغلب على القيود المفروضة على دخول معدات الاتصالات بسبب الإغلاق الإسرائيلي والقيود المصرية.

عددت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" مكاتب 11 وسيلة إعلامية في المبنى: "تلفزيون العربي" القطري ومقره لندن؛ وموقع وصحيفة "فلسطين"؛ و"قناة الاتجاه" العراقية؛ و"قناة الكوفية"؛ و"قناة المملكة" الأردنية؛ و"وكالة سبق 24"؛ والموقع الإخباري "البوابة 24"؛ وشركة الإنتاج "الوكالة الوطنية للإعلام"، ووكالة التصوير المحليةAPA ؛ و"قناة النجباء"؛ و"قناة السورية" المملوكة للدولة السورية. إلا أن هيومن رايتس ووتش لم تستطع التحقق بشكل مستقل مما إذا كانت قناة النجباء، وقناة السورية، ووكالة APA للتصوير موجودة في البرج.

كما كان البرج يضم مكاتب مجموعة الحقوق الإعلامية "منتدى الإعلاميين الفلسطينيين" و"المركز الفلسطيني للحوار الديمقراطي والتنمية".

عندما زار الزعيم منزله في البرج بعد الهجوم وجده مدمرا: "الأثاث ممزق، والستائر، والأشياء مقلوبة - كل شيء تحطم. أبواب الحمام مكسورة كلها، والبلاط خرج من الأرضيات، وسقف الشقق ضعيف ويمكن أن يسرب الماء". قال الزعيم إنه وعائلته انتقلوا منذ أوائل يونيو/حزيران للعيش مع صديق ريثما يجدون مكانا جديدا للعيش فيه.

برج الشروق

بعد ظهر 12 مايو/أيار، اتصل الجيش الإسرائيلي بحارس برج الشروق المكون من 14 طابقا، والذي أبلغ شاغلي المبنى بأن المبنى قد يتعرض للهجوم وأن عليهم الخروج منه. بعد حوالي 30 دقيقة من التحذير الهاتفي، أطلقت الطائرات الإسرائيلية ذخائر متفجرة منخفضة القوة على المبنى. بعد بضع دقائق، قصفت الطائرات الإسرائيلية البرج بعدة قذائف كبيرة من الجو، ما ألحق أضرارا بالغة بالبناء، وتسبب بانهيار جزأين من المبنى وترك جزأه الأوسط - أعلى جزء منه - قائما. بعد حوالي عشر دقائق، هاجمت الطائرات الإسرائيلية الجزء المتبقي من المبنى بوحدتَي ذخيرة كبيرتين، ما تسبب في انهيار الجزء الأخير على المتاجر والمنازل المجاورة.

لم يُقتل أو يُصب أحد نتيجة ذلك، لكن أصحاب البرج والشركات في المبنى وفي المباني المجاورة وصفوا الدمار والأضرار التي لحقت بعشرات الشركات وما لا يقل عن ستة منازل.

بعد الهجوم، نشر الجيش الإسرائيلي رسم غرافيك للمبنى وبيانا جاء فيه أن "المبنى يضم مكاتب استخبارات عسكرية تابعة لحماس، وبنية تحتية تستخدمها المنظمات الإرهابية لإيصال معلومات تكتيكية – عسكرية."

تُظهِر صور القمر الصناعي قبل وبعد الغارة تدمير برج الشروق بالكامل والأضرار الجسيمة في محيطه، بما في ذلك عمارة السوسي المجاورة، في 12 مايو/أيار 2021.   صور القمر الصناعي: ©CNES 2021 - Airbus DS 2021. تحليل وغرافيك: © 2021 هيومن رايتس ووتش

قال أحمد مسعود المغنّي (60 عاما)، رئيس مجلس إدارة المبنى، إن المبنى كان يضم 50 مكتبا، ومقهى، و"مكاتب أطباء ومحامين وصحفيين"، وشقق سكنية فارغة. قدّر المغني أن تكلفة إعادة بناء البرج تتراوح بين 2 و3.5 مليون دولار وستستغرق سنوات عدة.

دمر الهجوم مكاتب عدد من وسائل الإعلام في المبنى، هي: "قناة الأقصى الفضائية" و"راديو الأقصى"؛ و"شركة فلسطين للإنتاج الإعلامي"؛ و"تلفزيون القدس اليوم"؛ وصحيفة "الحياة الجديدة" المرتبطة بالسلطة الفلسطينية.

كانت شركة فلسطين للإنتاج الإعلامي تستأجر خمس شقق في الطوابق 5 و9 و13. قال إسماعيل عبد الغني إسماعيل جبر (27 عاما)، الذي يمتلك والده الشركة، إن الشركة تعمل في المبنى منذ عام 1994، وكان يعمل بها 17 شخصا عند الهجوم. قال جبر والمنتج محمد البحيصي (30 عاما) إن الشركة تنتج تقارير تلفزيونية وفيديوهات، وأفلاما وقصصا لعديد من الوسائل الإخبارية الأجنبية. قبل الهجوم بقليل، تمكنوا من إزالة المعدات من أحد استوديوهاتهم، ولكن دُمّر ما تبقى من معداتهم، إلى جانب مواد مؤرشفة منذ ثماني سنوات.

قال شهود عيان على الهجوم إن سقوط البرج ألحق أضرارا بعديد من المتاجر والمنازل في المنطقة، بما فيها مجمع "السوسي سنتر" التجاري، ومطعم قريب، ومبنى الحسنية.

قال أحمد أيمن محمد عمر السوسي (27 عاما) والذي كان يعيش في المبنى المجاور لبرج الشروق مع أقاربه البالغ عددهم 42 شخصا في ست شقق منفصلة، إنهم يمتلكون ويديرون 10 متاجر في الطابق الأرضي للإكسسوارات، والملابس، والتطريز. قال إنه عندما انهار الجزء الأوسط من برج الشروق، سقط على متاجرهم ومساكنهم: "حجم الضرر في المنطقة جراء سقوط البرج مروّع. اشتعلت النيران في المنطقة - اشتعلت النيران في بنايتنا. احترقت جميع المتاجر العشرة وغرف التخزين الخمس".

قال إنه بسبب حلول موسم العيد، كانت المخازن وغرف التخزين مليئة بالبضائع، وجميعها تُلفت.

قال السوسي إن الحرائق التي سببتها الانفجارات استمرت ثلاثة أيام وأحدثت الجزء الأكبر من الضرر. قدّر السوسي أن تدمير المتجر الذي كان يملكه مع والده تسبب بخسائر بنحو 120 ألف دولار. جميع الأشخاص السبعة العاملين في المتجر، بمن فيهم عديد من أفراد الأسرة، فقدوا وظائفهم. قال إنه حتى أوائل يونيو/حزيران، كان موظفو المتاجر التسعة الأخرى ما يزالون عاطلين عن العمل.

إضافة إلى الشركات، تعرضت أربع من الشقق الستة التي كانت تعيش فيها عائلة السوسي للدمار أو لأضرار جسيمة، إما بسبب انهيار البرج أو الحريق الناجم عنه. قال السوسي: "البرج الآن فوق منزلنا - كيف سنزيله؟" اضطر جميع أقارب إلى البحث عن منازل جديدة.

برج الجلاء

بعد ظهر 15 مايو/أيار، تحدث رجل عرّف عن نفسه باسم "داني" من الجيش الإسرائيلي باللغة العربية على الهاتف إلى ابن شقيق جواد مهدي (68 عاما)، مالك برج الجلاء المكون من 14 طابقا. سُجّل صوت داني على هاتف محمول وهو يهدد بهجوم انتقامي: "لأنهم [الجماعات المسلحة الفلسطينية] قصفوا إسرائيل وقصفوا تل أبيب، سنضرب البرج بأكمله". سُلّم الهاتف إلى مهدي. قال "داني" لمهدي أن يبلغ الشاغلين أنه سيتم استهداف المبنى وأن عليهم إخلاء جميع الطوابق.

أرسلت هيومن رايتس ووتش أسئلة إلى الجيش الإسرائيلي للاستفسار عن صحة التسجيل وما إذا كانت التصريحات فيه تعكس السياسة العسكرية الإسرائيلية، ولكن حتى تاريخ النشر، لم تكن قد تلقّت أي رد.

حوالي الساعة 3 بعد الظهر، أطلقت الطائرات الإسرائيلية ذخائر صغيرة على المبنى. في غضون دقائق، هاجمت الطائرات الإسرائيلية البرج مستخدمة وحدتَي ذخيرة على الأقل أسقطتهما قرب قاعدة المبنى من الجانبين وانهار فورا.

أشخاص في غزة يقفون بالقرب من موقع برج الجلاء المنهار وعمارة المشتهى المتضررة جراء غارة إسرائيلية في 15 مايو/أيار دمرت العديد من الشركات والمنازل في البرج. © 2021 محمد تلاتين/أسوشيتد برس

لم يُقتل أو يُصب أحد لأن الجميع غادروا، لكن السكان والمستأجرين قالوا إنه بالإضافة إلى تدمير المبنى، فقدوا كل شيء في منازلهم وأعمالهم، بما فيها المعدات والسجلات. كان المبنى يضم مكتبَي "الجزيرة الإنغليزية" ووكالة "أسوشيتد برس".

عقب الهجوم نشر الجيش الإسرائيلي صورة وفيديو، وأصدر عدة بيانات سعت إلى تبرير الهجوم. كما أصدر مسؤولون وسياسيون عسكريون إسرائيليون، بمن فيهم رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو، بيانات أو خاطبوا وسائل الإعلام حول هذا الموضوع. تغيرت هذه التصريحات مع الوقت، واصفة التهديدات التي يشكلها الوجود العسكري المزعوم بأن خطرها يتزايد.

يوم الهجوم، صرح الجيش الإسرائيلي أن المبنى "يحتوي على عتاد عسكري تابع لمكاتب استخبارات منظمة حماس الإرهابية". لاحقا ذلك اليوم، قالت إن المبنى "كان يضم وحدة البحث والتطوير التابعة لحماس، المسؤولة، من بين أمور أخرى، عن الأنشطة الإرهابية ضد دولة إسرائيل". أضاف البيان نفسه أن هذه الوحدة تضم "خبراء متخصصين بالمواد، يشكلون رصيدا فريدا لمنظمة حماس الإرهابية. هؤلاء الخبراء يشغّلون أكثر معدات حماس التكنولوجية قيمة ضد إسرائيل". قال المتحدث باسم الجيش آنذاك، العميد جوناثان كونريكوس، لـ "رويترز" لاحقا ذلك اليوم إن المكاتب التي كانت تشغلها الفصائل الفلسطينية المسلحة كانت تقع في عدة طوابق.

في 16 مايو/أيار، صرّح الحساب الرسمي للجيش الإسرائيلي على تويتر أن البرج كان "قاعدة عمليات مهمة للمخابرات العسكرية لحماس"، وأنه إلى جانب جمع المعلومات الاستخبارية، تمّ "تصنع أسلحة ومعدات لعرقلة عمليات الجيش الإسرائيلي". في تغريدة ثانية، بعد دقائق، قال إن حماس و"الجهاد الإسلامي" أزالتا المعدات بعد تحذير الجيش لشاغلي المبنى والسكان، رغم أنه لم يحدد ما هي المعدات.

في 17 مايو/أيار، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك نتنياهو على شبكة التلفزيون الأمريكية" سي بي إس" إن المبنى كان يضم "مكتب استخبارات للمنظمة الإرهابية الفلسطينية يقع في المبنى، وهو يخطط وينظم هجمات ضد مواطنين إسرائيليين". قال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير لم يذكر اسمه لـ  نيويورك تايمز في مقال منشور في 21 مايو/أيار إن المبنى يحتوي على معدات تشويش إلكتروني. لم تقدم إسرائيل أي دليل لدعم أي من هذه الادعاءات.

رفض المستأجرون، والسكان، ومالك المبنى المزاعم الإسرائيلية عن وجود جماعات مسلحة في المبنى.

قال الرئيس والمدير التنفيذي لوكالة أسوشيتد برس غاري برويت: "ليس لدينا ما يشير إلى أن حماس كانت في المبنى أو تنشط فيه. هذا أمر نسعى إلى التحقق منه بأفضل ما في وسعنا. لن نعرّض صحفيينا للخطر عن سابق علم".

تُظهِر صور القمر الصناعي قبل وبعد الغارة آثار الغارة والدمار الذي ألحقته ببرج الجلاء الذي انهار بالكامل في 15 مايو/أيار 2021. كما تظهر الأضرار الجسيمة على واجهات عمارة عنان وعمارة المشتهى وبرج وطن.   صور القمر الصناعي: ©CNES 2021 - Airbus DS 2021. تحليل وغرافيك: © 2021 هيومن رايتس ووتش

قال مهدي، وهو مقيم أيضا في المبنى، إن قيمة المبنى كانت نحو 5 ملايين دولار، وقيمة الأثاث والأجهزة التي دمرت نحو مليونَيْ دولار.

تظهر القائمة التي قدمها مهدي للحصول على تعويض من السلطات في غزة عن الأضرار التي لحقت بالبرج أكثر من 50 شركة ومكتبا منفصلة في خمسة طوابق، وشقتين على السطح. كانت المساكن تملأ الطوابق الخمسة الأخرى، وكثير منها يسكنها أقارب مهدي. قال إن 30 عائلة كانت تعيش في المبنى وقت الهجوم، بإجمالي حوالي 130 شخص. قال مهدي إنه وعائلته كانوا يمتلكون عشر وحدات.

قال فارس الغول (30 عاما)، والذي يعمل في "مجموعة الميادين الإعلامية"، التي كان لها مكاتب في برج الجلاء، إنه كان في مكتبه في الطابق الثالث مع خمسة من زملائه عندما أمرهم مسؤول المبنى بالإخلاء:

لم أكن أعرف ماذا أفعل. تخيل الموقف، يأتيك مسؤول المبنى باكيا، وهو يقول: "أسرعوا! بسرعة! اخرجوا! سوف يقصفون المبنى". لذا، أخذنا أنا والخمسة الآخرون ما استطعنا من معدات وتركنا وراءنا معدات بقيمة 200 ألف دولار، لأنه لم يكن لدينا الوقت الكافي.

تشمل المعدات التي دُمّرت جهاز إرسال عبر الأقمار الصناعية، قال إن كلفته حوالي 120 ألف دولار، ومن الصعب للغاية استبداله بسبب الإغلاق الإسرائيلي لغزة. قدّر وائل الدحدوح (51 عاما)، مراسل الجزيرة ورئيس مكتبها، خسائرهم بنحو مليون دولار.

يقدم رامي حداد (46 عاما)، رئيس مختبر الدم المركزي التابع لـ "مؤسسة فلسطين المستقبل للطفولة"، فحوصات ومتابعة منتظمة لمرضى التلاسيميا، وهو اضطراب دموي نادر. كان لدى المختبر عدة أجهزة خاصة لإجراء هذه الاختبارات، وجميعها دُمرت. قدر حداد الخسائر بنحو 70 ألف دولار، وقال إنه سيكون من الصعب استبدال بعض المعدات الطبية المتخصصة بسبب القيود الإسرائيلية على دخول المواد والبضائع.

كانت العديد من الشركات الهندسية والاستشارية تشغل مكاتب في المبنى. قال خالد عمر أبو سلطان (58 عام)، مدير "شركة رؤيتك" للاستشارات الهندسية والإدارة مقرها البرج منذ عام 2020، إن الشركة كانت تصمم المستشفيات، والمدارس، والطرق، والبنى التحتية الأخرى. في وقت الهجوم، كان أبو سلطان وموظفوه في المنزل ولم يكن لديهم الوقت لأخذ أي شيء من المكتب. قدّر أبو سلطان الخسائر في المعدات المكتبية بحوالي 15 ألف دولار: "الخسارة الرئيسية أرشيف كبير من المشاريع بما فيها خرائطنا، وملفاتنا، ومراجعنا، ووثائقنا. كانت لدينا طابعات ومعدات لتصوير الخرائط". قال أبو سلطان إنهم اضطروا إلى وقف العمل في جميع المشاريع الحالية حتى يتمكنوا من شراء معدات جديدة.

خالد ماجد أبو رحمة (30 عاما) يعمل مع والده في "البرج للاستشارات الهندسية والتصميم"، والتي تعمل في برج الجلاء منذ 15 عاما. قال إن الشركة تضع الخطط الهندسية وتوظف عشرة مهندسين، من بينهم متخصصون في الهندسة المدنية، والمعمارية، والميكانيكية، والكهربائية. ساعدت الشركة في تخطيط المنازل، والفيلات، والمباني متعددة الطوابق في غزة. قال: "فقدنا كل شيء - المكتب بأكمله، والأثاث، والملفات. لم نأخذ أي شيء".

قدر أبو رحمة أن الشقة التي كانوا يملكونها قيمتها 72 ألف دولار، وأن المعدات والأثاث المفقود تزيد قليلا عن 19 ألف دولار. جميع المهندسين العشرة فقدوا وظائفهم نتيجة الهجوم.

كما ألحق الهجوم أضرارا بمبانٍ مدنية حول المبنى. قال مهدي: "المباني والمنازل المحيطة تعرضت لأضرار جسيمة، وبعضها دُمّر ... وتعرض مبنى المشتهى القريب منا للجزء الأكبر من الضرر". قال إن واجهة المبنى المجاور الذي تملكه عائلة عنان أصيبت هي الأخرى بأضرار.

قال الغول إن المباني المجاورة للبرج، بما فيها برج الوطن ومبنى عنان وفي الجهة المقابلة من الشارع، تضررت أيضا.

قال الدحدوح إن المباني جميعها أخليت، لكن عندما حاول سكان المباني الأخرى العودة، وجدوا منازلهم متضررة ولم يتمكنوا من العودة مباشرة.

أدى تدمير برج الجلاء إلى تهجير 30 عائلة كانت تعيش فيه، وتبحث عن مأوى في مكان آخر. قال المهدي: "تشتتت عائلتنا - ذهب كل واحد منا إلى منزل منفصل. وجدنا منزلين للإيجار - ننتظر إيجاد خمسة منازل أخرى حتى نتمكن جميعا من أن نكون معا".

آثار طويلة الأمد "لها تداعيات"، وإغلاق غزة

بالإضافة إلى الأضرار والدمار الذي لحق بالأبراج ومكاتبها ومساكنها، من المتوقع أن يكون للهجمات آثار "لها تداعيات" مختلفة، كالضرر بالمدنيين والأعيان المدنية بسبب الهجوم غير المباشر أو الفوري. تشمل هذه الآثار النزوح، وتدني مستوى المعيشة، وإعاقة الحصول على المأوى والرعاية الصحية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء، وكلها تؤثر على حقوق الإنسان الأساسية.

في غزة، تتفاقم هذه الآثار بسبب الإغلاق الشامل الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ 2007، والذي بالكاد تخفف مصر منها على حدود غزة من الجنوب، إذ تبقي على قيودها. أدى الإغلاق الإسرائيلي، والقيود على الحدود المصرية، إلى تدمير اقتصاد غزة. يعتمد 80% من سكان غزة على المساعدات الإنسانية ويعيش أكثر من نصفهم تحت خط الفقر. في 2020، تجاوز معدل البطالة 40% .

تبرر السلطات الإسرائيلية إغلاق غزة بأسباب أمنية. لكن الحظر المفروض على حركة أكثر من مليوني شخص، مع استثناءات ضيقة، على أساس التهديدات المعممة، والقيود الشاملة على دخول وخروج البضائع، ينتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، اللذين يتطلبان ضمان تلبية احتياجات السكان.

السلطات الإسرائيلية، مثلا، تقيّد بشدة دخول ما يسمى بالمواد "ذات الاستخدام المزدوج" التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية، مثل بناء الأنفاق أو التحصينات. إلا أن قائمة "الاستخدام المزدوج" تشمل فئات فضفاضة للغاية وعناصر حيوية لتلبية احتياجات سكان غزة، بما فيها "معدات الاتصالات"، و"عناصر أو منتجات البناء من الفولاذ"، و"معدات حفر (الابار)"، وبعض المعدات الطبية.

أدت هذه القيود إلى الحد بشكل كبير من حصول السكان على مواد البناء وغيرها من السلع الحيوية لإعادة بناء غزة وبنيتها التحتية. يقول الجيش الإسرائيلي إن الجماعات المسلحة في غزة تستخدم الإسمنت لبناء الأنفاق، ويقدر أن بناء كيلومتر واحد من الأنفاق يتطلب بضع مئات أطنان من الإسمنت. لكن الناس في غزة بحاجة إلى أكثر من مليون طن من الإسمنت سنويا لبناء وصيانة المنازل، والمدارس، والعيادات الصحية، ونظام المياه، والبنية التحتية الحيوية الأخرى.

الدمار والضرر اللذان لحقا مؤخرا بعشرات آلاف المباني السكنية والتجارية والبنية التحتية بسبب الضربات الإسرائيلية يزيدان من الحاجة إلى مواد البناء لإصلاح وإعادة بناء هذه المباني. على السلطات الإسرائيلية ألا تضع قيودا على سلع هي بمعظمها مدنية، وضرورية جدا لإعادة البناء، بذريعة احتمال استخدام الجماعات المسلحة جزء صغير منها لبناء الأنفاق أو لأغراض عسكرية أخرى.

تعذُّر الحصول بشكل عام على مواد البناء يعني أن أي جهود لإعادة الإعمار ستتطلب وقتا طويلا لإكمالها. في مقابلات مع مستثمرين ومالكين في ثلاثة من الأبراج الأربعة، قال الجميع إنه بسبب إغلاق إسرائيل، ستستغرق إعادة بناء المباني سنوات. أعرب عديد من أصحاب الأعمال الذين يعتمدون على المعدات المتخصصة التي يخضع دخولها لقيود، مثل معدات البث، عن قلقهم من أن إعادة البناء ستكون معقدة وبطيئة.

في 13 أغسطس/آب، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه، في ضوء الوضع الأمني المستقر حاليا، سيوسع قائمة البضائع المسموح بدخولها إلى غزة، بما في ذلك السماح بدخول "البضائع والمعدات للمشاريع الإنسانية". قالت السلطات الفلسطينية في 17 أغسطس/آب إنه بحسب المعلومات التي تلقتها من السلطات الإسرائيلية، فإن "مواد البناء للقطاع الخاص والمتعلقة بالمشاريع الإنسانية فقط" ستكون من بين المواد المسموح بدخولها إلى غزة. بحسب تقارير، سمحت السلطات الإسرائيلية سمحت بدخول بعض المواد في 19 أغسطس/آب، لكن ما زال من غير الواضح إلى أي مدى يمثل هذا تغييرا في السياسة وإلى متى ستبقى هذه الإجراءات سارية.

على الحكومة الإسرائيلية السماح بدخول الإسمنت وغيرها من المواد اللازمة لإعادة بناء البنية التحتية المدنية إلى غزة، على أن تخضع، بالحد الأقصى، لقيود ضيقة موضوعة على أساس تقييمات أمنية محددة.

ما لم يتم رفع الإغلاق أو تخفيفه بشكل كبير، ستتفاقم الآثار طويلة المدى، والتي تحمل تداعيات أخرى، الناتجة عن تدمير الأبراج والبنية التحتية المدنية الأخرى.

انعدام المساءلة

للسلطات الإسرائيلية والفلسطينية سجل طويل حافل بعدم إجراء تحقيقات ذات مصداقية في جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبتها قواتهما في غزة. في 12 مايو/أيار، أشار مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية إلى أنه يراقب الوضع في غزة. على مكتب الادعاء أن يدرج في تحقيقه بشأن فلسطين الهجمات الإسرائيلية في غزة غير القانونية على ما يبدو، وكذلك الهجمات الصاروخية الفلسطينية التي أصابت مراكز سكانية في إسرائيل.

على السلطات القضائية في الدول الأخرى أن تحقق وتقاضي، بموجب القوانين الوطنية، المتورطين بشكل موثوق في جرائم خطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.

على الأطراف المتحاربة الامتناع عن استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة في المناطق المأهولة بالسكان بسبب الضرر العشوائي بالمدنيين الذي يمكن توقعه. على الدول أيضا دعم إعلان سياسي قوي يعالج الضرر الذي تسببه الأسلحة المتفجرة للمدنيين ويلتزم بتجنب استخدام الأسلحة التي لها آثار واسعة النطاق في المناطق المأهولة بالسكان.

يمكن مهاجمة الأفراد أو المعدات المستخدمة في العمليات العسكرية، ولكن تبرير تدمير مبنى كبير بأكمله قد يكونون موجودين فيه يعتمد على كون الهجوم لا يلحق أضرارا غير متناسبة بالمدنيين أو الممتلكات المدنية. تَنَاسُب الهجوم هو عرضة أكثر للشكوك لأن القوات الإسرائيلية أثبتت سابقا قدرتها على ضرب أرضيات أو أجزاء معينة من المباني. إلا أنّ هذه الهجمات سوّت ثلاثة مبانٍ بالأرض بالكامل من خلال مهاجمة سلامتها الهيكلية كما هو واضح. فيما يتعلق ببرج الجلاء، قال الجيش الإسرائيلي إنه، ولأن الجماعات المسلحة تحتل عدة طوابق، وجب تدمير البرج بأكمله.

انتشار الفصائل الفلسطينية المسلحة في الأبراج، إذا كان صحيحا، يتعارض مع متطلبات اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين الخاضعين لسيطرتها وتجنب وضع أهداف عسكرية في مناطق مكتظة بالسكان. اتهمت إسرائيل الفصائل الفلسطينية المسلحة مرارا بالانتشار بين المدنيين، كما اتهمتها، دون تقديم أدلة، باستخدامهم كـ "دروع بشرية" – وهي جريمة الحرب المتمثلة في تعمد وضع القوات العسكرية مع المدنيين لردع استهداف تلك القوات.

الأفراد الذين يأمرون بانتهاكات جسيمة لقوانين الحرب بقصد إجرامي – أي عمدا أو بتهور – أو يرتكبون مثل هذه الانتهاكات، هم مسؤولون عن جرائم حرب. الدولة المسؤولة عن انتهاكات قوانين الحرب مُلزَمة بجبر الضرر بالكامل عن الخسارة أو الإصابة، بما في ذلك تعويض الأفراد المتضررين.

أدى الإغلاق الإسرائيلي لغزة منذ 14 عاما، إلى جانب القيود المفروضة على الحدود المصرية، إلى تدمير الاقتصاد في غزة. القيود المفروضة على دخول السلع التي تعتبر بشكل فضفاض أنها "ذات استخدام مزدوج"، على سبيل المثال، قللت بشكل كبير من حصول السكان على مواد البناء وبعض المعدات الطبية. ما لم تُرفَع القيود الشاملة على حركة الأشخاص والبضائع أو تُخفَّف بشكل كبير، فإنها ستعيق جهود إعادة الإعمار.

في 27 مايو/أيار، شكّل "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" لجنة تحقيق لمعالجة الخروقات والانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، بما في ذلك عبر تعزيز المساءلة وتحقيق العدالة للضحايا. على اللجنة التدقيق في الهجمات غير القانونية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية المسلحة أثناء قتال مايو/أيار. كما يجب أن تحلل السياق الأوسع، بما في ذلك المعاملة التمييزية للحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.

قال وير: "خلال الأعمال العدائية في مايو/أيار، لم تقتل الضربات الإسرائيلية غير القانونية العديد من المدنيين فحسب، بل دمرت أيضا أبراجا، ودمرت عشرات الشركات والمنازل، وزعزعت حياة آلاف الفلسطينيين. تمويل المانحين وحده لن يعيد بناء غزة. يجب إنهاء الإغلاق الساحق لقطاع غزة والإفلات من العقاب الذي يغذي الانتهاكات الجسيمة المستمرة".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة