الملخص
بشهر فبراير/شباط 2021، جنت [كنت] بطريقي للبيت راجعة من الشغل ووكفتني [وقفتني] سيارة نوع بيك اب همر [شاحنة من طراز ’هامر‘] كان بيها حوالي خمس او ستة رجال[قريب من مكان يستخدموه الناس بالمنطقة حتى يشمرون [يرمون] الزبالة بيه]. بدو [بدأوا] يضربوني ويركلوني ويصفعوني حيل على راسي وجسمي. كالوا كوم [طلبوا مني الوقوف] وشمروني[رموني] بحاوية الزبالة.... وقتها طلّعو شفرة حلاقة ومفك براغي وبدو يقطعوني ببوري حديد [أداة معدنية حادة] على كل جسمي خاصة منطقة الورك والرجل والافخاذ وبدو يشرّحو بجسمي بأداة حادة. بعدين ذبو [سكبوا] حوالي 5 ليتر بنزين على كل جسمي ووجهي وبقيت احترك [احترق] من النار.... نقذوني الجيران.
- خديجة (31 عاما)، امرأة عراقية متغيرة النوع الاجتماعي (ترانس)، 5 أغسطس/آب 2021
في نهاية شهر مايو/أيار 2020، انقتل حبيبي كدام عيوني. كان عندي موعد وياه بالليل. رحت لبيته وقبل لا اوصل قريب من البيت شفت سيارة نوع هوندا لونها اسود واكفه [واقفة] تحت البيت. نزل منها أربعة رجال. شفت اثنين منهم شايلين [حاملين] سلاح نوع بندقية "رشاشة". كلهم كانت لحاياهم طويلة. ضربوا حبيبي بأيدهم اول ما طلع من البيت وجبروه يركب السيارة وياهم [معهم] وراحو. وبقيت ورا سيارتهم امشي بسيارتي.... وصلو لمزرعة كبيرة، نزلو حبيبي من السياره وياهم وبدأو يضربونه. جنت [كنت] اسمعه يصيح ويبجي [يبكي]. بوقتها ردت اساعده لكن حسيت بالرعب منهم .... استمروا بضربه بأيديهم حوالي 20 دقيقة. بعدها قتلو بالسلاح بخمس طلقات نارية.
- ليث(27 عاما)، رجل عراقي مثلي ، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2021
تقاعست الحكومة العراقية عن محاسبة أعضاء الجماعات المسلحة المختلفة الذين واصلوا في السنوات الأخيرة اختطاف، واغتصاب، وتعذيب، وقتل المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتغيّري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم)، دون عقاب. الطبيعة الدورية للانتهاكات ضد أفراد مجتمع الميم، والتي تبدأ من الأسرة لتمتد إلى كل جانب من جوانب حياتهم العامة، تجعل أي "شك" في المثلية الجنسية أو التفاوت الجندري سببا للعنف المحتمل، ما يؤدي ليس فقط إلى موت أفراد مجتمع الميم بل يجعل حياتهم لا تُطاق.
يُركز هذا التقرير على أعمال القتل، والاختطاف، والتعذيب، والعنف الجنسي ضد أفراد مجتمع الميم على يد الجماعات المسلحة في العراق. ويستند إلى 54 مقابلة مع عراقيين من مجتمع الميم والذين نجوا من العنف والتمييز على يد الجهات الحكومية وغير الحكومية، وذلك بالاستناد أساسا إلى تعبيرهم الجندري وتوجههم الجنسي المفترض.
وثّقت هيومن رايتس ووتش، بدعم من منظمة "عراق كوير" العراقية لحقوق مجتمع الميم، ثماني حالات اختطاف، وثماني حالات محاولة قتل، وأربع حالات قتل خارج القضاء، و27 حالة عنف جنسي - بما فيها الاغتصاب الجماعي - و45 حالة تهديد بالاغتصاب والقتل، و42 حالة استهداف عبر الإنترنت من قبل أفراد عرّفوا عن أنفسهم بأنهم أعضاء في جماعات مسلحة، ضد أفراد مجتمع الميم في العراق. في ثماني حالات، كانت الانتهاكات على يد الجماعات المسلحة والجهات الحكومية، بما فيها الاعتقال التعسفي والعنف الجنسي، ضد أطفال لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما. وفي 39 حالة، تمكن الأفراد من تحديد هوية الجماعة المسلحة التي اعتدت عليهم.
تبيّن الطبيعة العلنية للانتهاكات الموثقة، والتي تحدث غالبا في وضح النهار في الشوارع، بالإضافة إلى التعمّد المخيف، مناخ الإفلات من العقاب الممنوح للمرتكبين. تُظهر الطبيعة التعسفية للاعتداءات أن الأفراد مستهدفون كجزء من مخطط أكبر يرمي إلى تخويف غير الممتثلين للمعايير وإلى معاقبة الانحراف. تقاعس الدولة العراقية عن معالجة المعايير الاجتماعية التمييزية الداعمة للعنف ضد أفراد مجتمع الميم، فضلا عن تعزيزها لهذه المعايير بالترويج لخطاب مناهض لمجتمع الميم من خلال السياسات القائمة على "الأخلاق''، يُساهم في تأجيج العنف ضد الأفراد الذين يُنظر إليهم على أنهم غير معياريين.
الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير، بما فيها الاختفاء القسري، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والقتل، لا تطال مجتمع الميم وحده، إذ يواجه العراقيون العاديون الآخرون أيضا هذه الأشكال من العنف. لكن في حالة مجتمع الميم، ينبع العنف ويتفاقم بسبب تعبيرهم الجندري أو توجههم الجنسي المتصور.
يواجه أفراد مجتمع الميم في جميع أنحاء العراق عنفا روتينيا على أيدي مسؤولي الأمن، الذين يسيئون إليهم لفظيا ويعتدون عليهم جنسيا، ويعتقلونهم بشكل تعسفي، ويحتجزونهم. كما تتحرش قوات الأمن جسديا ولفظيا وجنسيا بمن تعتبرهم من مجتمع الميم عند نقاط التفتيش.
يمكن اعتقال أفراد مجتمع الميم بموجب مجموعة من الأحكام الفضفاضة في "قانون العقوبات" والتي تهدف إلى الضبط السلوكي على الأخلاق والآداب العامة والحد من حرية التعبير. وثّقت هيومن رايتس ووتش 15 حالة اعتقال على يد قوات الأمن لـ 13 شخصا من مجتمع الميم في العراق. في يونيو/ حزيران 2021، أصدرت الشرطة في إقليم كردستان العراق مذكرات توقيف بناء على المادة 401 من قانون العقوبات التي تجرم "العمل المخل بالحياء" ضد 11 ناشطا من نشطاء حقوق مجتمع الميم الذين هم إما موظفين حاليين أو سابقين في "منظمة راسان"، منظمة حقوقية مقرها السليمانية. حتى مارس/آذار 2022، كانت القضية مفتوحة ما زالت مفتوحة على ذمة التحقيق، رغم أن السلطات لم تحتجز النشطاء.
لم تستند معظم اعتقالات أفراد مجتمع الميم الموثقة في هذا التقرير إلى أي أساس قانوني، حتى بموجب القانون العراقي نادرا ما تُوجّه تهم أو تحدث إدانات وفقا للقانون بحق الأفراد الذين يتعرضون للإيقاف والاعتقال عند نقاط التفتيش. أبلغ أفراد مجتمع الميم الذين اعتُقلوا بأنهم أُجبروا على توقيع تعهدات تفيد بعدم تعرضهم لسوء المعاملة وأنهم حُرموا من الاتصال بمحام. شملت ظروف احتجازهم الحرمان من الطعام والماء، والحق في الوصول إلى الأسرة والتمثيل القانوني أو الحصول على الخدمات الطبية، فضلا عن التعرض للاعتداء الجنسي والإيذاء الجسدي. قال رجل مثلي (18 عاما) إنه تعرض لفحص شرجي قسري عندما كان عمره 17 عاما. قال رجل مثلي آخر (18 عاما) إن العناصر حاولوا نفس الشيء معه عندما كان عمره 17 عاما.
قال 27 من أصل 54 شخصا من مجتمع الميم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش وعراق كوير إنهم تعرضوا للاعتداء الجنسي والعنف على أيدي الجماعات المسلحة، بما في ذلك اللمس غير المرغوب فيه، والاغتصاب، والاغتصاب الجماعي، وتشويه الأعضاء التناسلية، والفحوصات الشرجية القسرية.
وثّقت هيومن رايتس ووتش أيضا حالات استهداف رقمي ومضايقات عبر الإنترنت على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة الخاصة بالمثليين من قبل الجماعات المسلحة ضد مجتمع الميم. حسبما يتضح من روايات من قابلتهم هيومن رايتس ووتش وعراق كوير، فإن عواقب الاستهداف الرقمي خارج الإنترنت طويلة الأمد. أفاد الأفراد المستهدفون أنهم أُجبروا على تغيير أماكن إقامتهم، وحذف جميع حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، وتغيير أرقام هواتفهم، وفي بعض الحالات، الفرار من البلاد خوفا من مراقبتهم، وابتزازهم، والإيقاع بهم من قبل الجماعات المسلحة.
وثّقت الروايات بالتفصيل حلقة من الانتهاكات، بما فيها نمط لمحاولة مطاردة أفراد مجتمع الميم لإيذائهم، وهو ما يرقى إلى مستوى العنف الهيكلي ضدهم. يُشكل اجتماع الضعف المفرط، وأحكام "الأخلاق" فضفاضة التعريف، وغياب تشريعات العنف الأسري والتشريعات المناهضة للتمييز وأنظمة الشكاوى الموثوقة، حواجز هائلة تعيق قدرة واستعداد مجتمع الميم للإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرضون لها إلى الشرطة، أو تقديم شكاوى ضد موظفي إنفاذ القانون، ما يخلق بيئة تسمح للشرطة والجماعات المسلحة بالاعتداء عليهم دون عقاب.
أفاد 40 شخصا من أصل 54 من مجتمع الميم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش وعراق كوير أنهم تعرضوا لعنف شديد مرة واحدة على الأقل من قبل أفراد الأسرة، دائما تقريبا من قبل الأقارب الذكور، بسبب توجههم الجنسي أو هويتهم وتعبيرهم الجندري. شمل هذا العنف الحبس في غرفة لفترات طويلة؛ الحرمان من الطعام والماء؛ التعرض للحرق، والضرب، والاغتصاب، والصعق بالكهرباء، والهجوم تحت تهديد السلاح، والتعرض لممارسات العلاج التحويلي والعلاج القسري بالهرمونات؛ والتعرض للزواج القسري؛ وإجبارهم على العمل لساعات طويلة دون مقابل. على عكس إقليم كردستان العراق، لا يوجد في العراق تشريعات للعنف الأسري، بل يسمح قانون العقوبات بممارسة العنف ضد النساء والأطفال.
أفاد كل أفراد مجتمع الميم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش وعراق كوير بتعرضهم للمضايقات في الشوارع، بدءا من الإساءة اللفظية إلى الاعتداء تحت تهديد السلاح. يحد عدم الوصول إلى آليات الحماية من تنقل أفراد مجتمع الميم لدرجة مُنهكة ويردعهم عن السعي إلى الانتصاف عن الانتهاكات المرتكبة ضدهم. قد الأطفال المعرضين للعنف من أفراد الأسرة أو غيرهم معزولين تماما، ولا يوجد مكان يلجؤون إليه بحثا عن الأمان.
نتيجة لذلك، قال العديد من أفراد مجتمع الميم إنهم شعروا بأنهم مجبرون على إخفاء هويتهم للبقاء على قيد الحياة. وصف الذين لم يتمكنوا أو لم يرغبوا في إخفاء هوياتهم شكلا من أشكال الإقامة الجبرية المفروضة ذاتيا، والتي امتنعوا بموجبها عن مغادرة منازلهم تماما، خوفا من المضايقات واحتمال توقيفهم عند نقاط التفتيش أو استهدافهم من مجموعات مسلحة. قال 16 شخصا من مجتمع الميم قابلتهم هيومن رايتس ووتش وعراق كوير إنهم حاولوا الانتحار مرة واحدة على الأقل.
قال أفراد مجتمع الميم الـ 54 الذين قوبلوا من أجل هذا التقرير إنهم لن يبلغوا السلطات عن جريمة ارتكبت ضدهم، إما بسبب محاولات فاشلة سابقة رُفضت فيها الشكوى أو لم يُتخذ أي إجراء، أو لأنهم شعروا أنه سيُعاد توجيه اللوم عليهم بسبب توجهاتهم الجنسية وهوياتهم وتعبيراتهم الجندرية غير النمطية.
الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية حق العراقيين في الحياة. ينبغي للسلطات العراقية التحقيق في جميع التقارير المتعلقة بالعنف الذي ترتكبه الجماعات المسلحة أو غيرها ضد الأشخاص المستهدفين بسبب توجهاتهم الجنسية الفعلية أو المتصورة أو هوياتهم وتعبيراتهم الجندرية، ومحاكمة المسؤولين محاكمة عادلة، ومعاقبتهم بشكل مناسب، وإدانة كل هذا العنف علنا وصراحة. على الحكومة اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لإنهاء التعذيب، والاخفاء، والقتل خارج القانون، وغيرها من الانتهاكات على أساس التوجه الجنسي، والتعبير الجندري والهوية الجندرية، وتعويض أسر جميع ضحايا القتل غير القانوني والناجين من الانتهاكات الجسيمة.
على قوات الأمن العراقية الكف عن مضايقة واعتقال أفراد مجتمع الميم على أساس توجههم الجنسي أو تعبيرهم الجندري وضمان حمايتهم من العنف بدلا من ذلك. على العراق طرح وتنفيذ تشريعات تحمي من التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية.
دعت هيومن رايتس ووتش وعراق كوير أيضا الدول التي تقدم المساعدات العسكرية، والأمنية والاستخباراتية للعراق، بما فيها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، إلى حث السلطات العراقية على التحقيق في مزاعم الانتهاكات على يد الجماعات المسلحة والدور الذي تلعبه مساعداتهم في هذه الانتهاكات المزعومة. ينبغي لهذه الدول تعليق المساعدات العسكرية، والأمنية، والاستخباراتية للوحدات المتورطة في هذه الانتهاكات وشرح أي تعليق أو إنهاء للمساعدة العسكرية علنا. على هذه الدول الاستمرار بتعليق المساعدة حتى تتخذ الحكومة إجراءات لإنهاء هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
المصطلحات
أحرار الجنس: مصطلح شامل يُغطي هويات متعددة، ويُستخدم أحيانا بالتبادل مع مصطلح "مجتمع الميم". يُستخدم أيضا لوصف الاختلاف عن المعيارية الغيرية والجندرية دون تحديد فئات هوية جديدة.
الاغتصاب: التعدّي على جسد شخص ما بسلوك ينتج عنه إيلاج، مهما كان طفيفا، لأي جزء من جسد الضحية أو الجاني بواسطة عضو جنسي، أو في فتحة الشرج أو الأعضاء التناسلية للضحية بأي أداة أو أي جزء آخر من الجسم.
امرأة متغيرة النوع الاجتماعي/امرأة ترانس: الأشخاص المسجلات ذكورا عند الولادة لكنهن يعرّفن عن أنفسهن كنساء وقد يقدمن أنفسهن كنساء. عادة ما تفضل النساء الترانس أن يشار إليهن بالضمائر المؤنثة.
التعبير الجندري: الخصائص والسلوكيات الخارجية التي تُعرّفها المجتمعات على أنها "ذكرية" أو "أنثوية" أو "أخرى"، بما في ذلك سمات مثل الملابس، والمظهر، والسلوكيات، وأنماط الكلام، والسلوكيات والتفاعلات الاجتماعية.
تناقض الجندر: عرّفته "منظمة الصحة العالمية" في "التصنيف الدولي للأمراض" على أنه "تناقض ملحوظ ومستمر بين جندر الفرد الذي يشعر به والجندر المنسوب إليه". أزال الإصدار الأخير للتصنيف الدولي للأمراض (ICD-11)، "اضطراب الهوية الجندرية" من قسم "الاضطرابات العقلية"، وأدرج بدلا من ذلك تناقض الجندر، في فصل جديد عن الحالات المتعلقة بالصحة الجنسية.
التوجه الجنسي: انجذاب الشخص جنسيا وعاطفيا تجاه أشخاص من نفس الجندر، أو جندر مختلف، أو أي جندر. في العراق، غالبا ما تخطئ السلطات والناس العاديين بالخلط بين التوجه الجنسي والهوية الجندرية.
جراحة التأكيد الجندري: العمليات الجراحية التي تغيّر جسم الشخص ليتوافق مع هويته/ا الجندرية. قد تشمل هذه العمليات "الجراحة العليا" (تكبير الثديين أو إزالتهما) و "الجراحة السفلية" (تعديل الأعضاء التناسلية).
الجنس البيولوجي: التصنيف البيولوجي للأجسام كـ أنثى، أو ذكر، أو غيرهما، بناء على عوامل مثل الأعضاء الجنسية الخارجية، والأعضاء الجنسية والتناسلية الداخلية، والهرمونات، والكروموسومات.
ذو/ذات هوية جندرية غير نمطية: السلوك أو المظهر الذي لا يتطابق بشكل كامل مع التوقعات المجتمعية المبنية على الجنس البيولوجي المنسوب للفرد.
ذو/ذات هوية جندرية معيارية: مصطلح يدل على شخص يتوافق إحساسه بهويته الشخصية ونوعه الاجتماعي مع جنسه البيولوجي عند الولادة.
رجل متغير النوع الاجتماعي/رجل ترانس: الأشخاص المسجلين إناثا عند الولادة لكنهم يعرّفون عن أنفسهم كرجال وقد يقدمون أنفسهم كرجال. عادة ما يفضل الرجال الترانس أن يشار إليهم بالضمائر المذكرة.
رهاب تغيير النوع الاجتماعي: الخوف أو الازدراء أو التمييز ضدّ متغيري/ات النوع الاجتماعي أو تغير النوع الاجتماعي.
رهاب المثلية الجنسية: الخوف أو الازدراء أو التمييز ضدّ المثليين/ات أو المثلية الجنسية.
العمل الجنسي: التبادل التجاري للخدمات الجنسية بالتراضي بين البالغين.
العنف الجنسي: أي فعل جنسي، أو محاولة الحصول على فعل جنسي، أو أي فعل آخر موجه ضد النشاط الجنسي لشخص باستخدام الإكراه، من قبل أي شخص بغضّ النظر عن علاقته بالضحية، في أي سياق.
العنف القائم على النوع الاجتماعي: العنف الموجه ضد شخص على أساس النوع الاجتماعي أو الجنس. يمكن أن يشمل العنف القائم على النوع الاجتماعي العنف الجنسي، والعنف الأسري، والإيذاء النفسي، والاستغلال الجنسي، والتحرش الجنسي، والممارسات التقليدية المؤذية، والممارسات التمييزية على أساس النوع الاجتماعي. كان المصطلح يصف في الأصل العنف ضد النساء لكنه يُستخدم الآن على نطاق واسع ليشمل العنف الذي يستهدف الأفراد، بمن فيهم النساء والرجال، اعتمادا على كيفية الشعور والتعبير عن نوعهم الاجتماعي وتوجهاتهم الجنسية.
غيري التوجه الجنسي (غيري): الشخص الذي ينجذب جنسيا أو عاطفيا بصورة أساسية لشخص من جنس آخر.
الفضح: كشف التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية لفرد من مجتمع الميم دون موافقة ذلك الشخص.
متغير/ة النوع الاجتماعي (ترانس): مصطلح يدل على شخص لا يتوافق جندره المنسوب إليه (المسجل عند الولادة) مع هويته الجندرية (الجندر الذي يُعبّر به بارتياح عن نفسه أو الذي سيُعبّر به إذا تُرك له الخيار). الشخص الترانس يتبنى غالبا، أو يفضل أن يتبنى، تعبيرا جندريا يتماشى مع هويته الجندرية، وقد يرغب أو لا يرغب في تغيير خصائصه الجسدية بشكل دائم لتطابق جندره المفضل.
مثلي/ة: الشخص الذي ينجذب جنسيا أو عاطفيا بصورة أساسية إلى أشخاص من نفس الجنس.
مجتمع الميم: المثليون/ات، ومزدوجو/ات التوجه الجنسي، ومتغيرو/ات النوع الاجتماعي؛ مصطلح شامل للمجموعات والهويات التي تُجمع مع بعضها البعض أحيانا على أنها "أقليات جنسية وجندرية".
مزدوج/ة التوجه الجنسي: التوجه الجنسي للشخص الذي ينجذب جنسيا وعاطفيا إلى كل من الرجال والنساء.
المعيارية الغيرية: نظام يعمل على تطبيع السلوكيات والتوقعات المجتمعية المرتبطة بافتراض التوجه الجنسي الغيري والالتزام الصارم بالثنائية الجندرية.
النوع الاجتماعي/الجندر: الرموز الاجتماعية والثقافية (بعكس الجنس البيولوجي) المستخدمة للتمييز بين ما يعتبره المجتمع سلوكا "ذكريا"، أو "أنثويا"، أو سلوكا "آخر".
الهوية الجندرية: الشعور العميق لدى الشخص بكونه أنثى أو ذكر، أو كلاهما، أو غيرهما. لا تتوافق الهوية الجندرية بالضرورة مع الجنس البيولوجي المسجل عند الولادة.
منهجية التقرير
أجرت هيومن رايتس ووتش البحث لهذا التقرير بين يونيو/حزيران ونوفمبر/تشرين الثاني 2021. شمل البحث 54 مقابلة فردية مع أشخاص يُعرفون/ن عن أنفسهم/ن كمثليين/ات، أو مزدوجي/ات التوجه الجنسي، أو متغيرات/ي النوع الاجتماعي/ترانس (مجتمع الميم). كان 50 منهم في وقت إجراء البحث يُقيمون في مناطق مختلفة من العراق، وشخص واحد في فرنسا، وآخر في كندا، واثنان في تركيا. تضمن التقرير أيضا مناقشات افتراضية لمجموعتي تركيز مع أفراد من مجتمع الميم العراقيين ونشطاء يعملون في قضايا النوع الاجتماعي والتوجه الجنسي في العراق.
شمل الأشخاص الذين قوبلوا 27 رجلا مثليا، و13 امرأة ترانس، وثمان نساء مثليات، وثلاثة أفراد مزدوجي/ات التوجه الجنسي، وفتاتين ترانس، ورجل ترانس.
قابلت هيومن رايتس ووتش وعراق كوير أيضا ستة شهود على عمليات قتل واختطاف لأشخاص من مجتمع الميم على أيدي جماعات مسلحة. كان لدى 11 من الـ 54 شخصا الذين قوبلوا معرفة وثيقة ومباشرة بعمليات قتل على أيدي جماعات مسلحة. أُجريت مقابلات مع عدة أفراد لمرتين بغرض التأكيد والدقة.
من بين الـ 54 الذين قوبلوا، أفاد 29 بتعرضهم للانتهاكات في بغداد، وعشرة في إقليم كردستان العراق، وتحديدا في السليمانية وأربيل، وستة في النجف، وخمسة في البصرة، واثنان في الموصل، وواحد في كربلاء، وواحد في كركوك. وقعت الانتهاكات الموثقة بين 2018 و2022.
ثمانية من الانتهاكات الموثقة، بما فيها الاعتقالات والتحرش الجنسي، كانت ضد أطفال من مجتمع الميم لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما في ذلك الوقت.
راجعت هيومن رايتس ووتش أيضا لقطات على الإنترنت لهجمات ضد أفراد من مجتمع الميم، بما فيها مقاطع فيديو، وصور، وتهديدات رقمية.
أُجري البحث لهذا التقرير بالتعاون مع منظمة حقوق مجتمع الميم العراقية "عراق كوير"، مقرها في بغداد. ساعدت عراق كوير هيومن رايتس ووتش في التواصل مع سبعة ممن قوبلوا. أجريت جميع المقابلات عن بعد، عبر منصات رقمية وعبر الهاتف. أجريت أربع مقابلات خطية حفاظا على أمن الأفراد. تحققت هيومن رايتس ووتش وعراق كوير من جميع من قوبلوا للتأكد من موثوقيتهم.
أعطى جميع من قوبلوا موافقتهم المستنيرة وأُبلِغوا أن بإمكانهم إيقاف المقابلة في أي وقت أو رفض الإجابة على أي أسئلة لا يشعرون بالراحة في إجابتها.
لم يتلق من قوبلوا أي أجر على المقابلات. أجريت المقابلات باللغة العربية وتُرجمت إلى الإنغليزية. أجريت جميع المقابلات على انفراد.
حُجبت أسماء جميع أفراد مجتمع الميم الذين قوبلوا لضمان خصوصيتهم. خُصص لكل منهم اسم مستعار في هذا التقرير لا علاقة له بأسمائهم الحقيقية. في حالات القتل المُعلن عنها، ذُكرت الأسماء الحقيقية للضحايا.
قابلت هيومن رايتس ووتش أيضا ممثلين عن تسع منظمات حقوقية محلية، وإقليمية، ودولية، ووكالات دولية، بالإضافة إلى سبعة ممثلين عن بعثات أجنبية في العراق، بما فيها سفارات، ومناصرين في العراق يعملون على قضايا مجتمع الميم.
I. الخلفية
في العراق، يمكن لتسريحة الشعر، أو مواكبة الموضة، أو الأظافر المطلية أن تصبح بمثابة حكم بالإعدام. منذ 2005، شنت القوات المسلحة العراقية هجمات على أفراد اعتبرت أنهم من مجتمع الميم وذلك في المقام الأول بناء على مظهرهم و"الاشتباه" بسلوكهم الجنسي المثلي. بالرغم من تكرر[1] حالات الخطف[2] والتعذيب، وقتل أفراد مجتمع الميم وغيرهم ممن يُعتبرون من مجتمع الميم على يد القوات المسلحة العراقية، تنصّل المسؤولون الحكوميون من المسؤولية وادعوا أن هذه القوات المسلحة المنتهِكة[3] تحاول حماية الأخلاق والتقاليد الدينية.
يمكن فهم العنف الموجه ضد مجتمع الميم في العراق في سياق الأعراف الاجتماعية الأبوية، والوضع الاجتماعي المتدني للمرأة، وثقافة الإفلات من العقاب. [4] هذه العوامل إضافة إلى الهشاشة الاقتصادية لمرتكبي الجرائم، تخلق مناخا يحدث فيه عنف قد يكون مميتا أحيانا. [5] تستغل الجماعات المسلحة الفقر عند تجنيد أعضائها، وتعرض على الرجال العاطلين عن العمل وظيفة وفرصة للحصول على القوة والنفوذ من خلال العنف. [6] هذه الجماعات المسلحة ليست كيانات منفردة، بل تتألف من شبكات تعمل في أنماط غير منظمة لتحقيق هدف منظم – الحفاظ على "النظام الاجتماعي" وضبط مفاهيم "الأخلاق".[7]
يتفاقم العنف المنظم[8] الذي يعاني منه أفراد مجتمع الميم في العراق بسبب الأشكال المتداخلة لانعدام الاستقرار الاجتماعي – الطبقة الاجتماعية، والطائفة، والضغط لمطابقة المعايير الاجتماعية، والافتقار إلى حماية الدولة. غالبا ما يكون الاستهداف مصحوبا بعنف جنسي فظيع – محاولة للتأديب، "التأنيث"، ومعاقبة الأجساد ذات الهوية الجندرية غير المعيارية. تُعبّر الإساءة اللفظية المصاحبة لهذا العنف، كتسمية الرجال المثليين بـ "فرخ"، عن تحقير الضحايا لإهانتهم الذكورة، وتخفيض مرتبتهم إلى "الأنوثة". يعزز إضفاء الطابع المؤسسي على بعض الجماعات المسلحة شرعيتها كـ "حماة للأمة" و"جهات لفرض الوضع القائم".[9]
لا يتعرض جميع أفراد مجتمع الميم في العراق للإساءة، وليس كل من يواجهون الإساءة بسبب التوجه الجنسي المتصور أو الهوية الجندرية المتصورة ينتمون لمجتمع الميم. الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم ينتهكون الأعراف الجندرية أو الجنسية مهددون بشكل خاص. يعني ذلك أنه في أجزاء من العراق يمارس الكثيرون شكلا من الرقابة الذاتية أو الاختباء المفروض ذاتيا.
قال جميع الأشخاص الـ 54 الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش، باستثناء شخص واحد، إنهم يمارسون رقابة ذاتية شديدة للنجاة من التعامل مع قوات الأمن والاستهداف المحتمل من قبل الجماعات المسلحة. تمتد هذه الرقابة إلى جميع المجالات في حياتهم، بما في ذلك طريقة ارتداء الملابس، وطريقة الكلام والمشي، واستخدام المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي. أما الذين لا يمكنهم إخفاء هوياتهم فنادرا ما يغادرون منازلهم، كما صرح 44 ممن قابلتهم هيومن رايتس ووتش.
ينتمي العديد من أفراد مجتمع الميم الذين واجهوا الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير إلى خلفيات اجتماعية واقتصادية دنيا.[10] في بعض الحالات، يتحكم انعدام القوة الاجتماعية والاقتصادية بتنقل الأفراد، ومجال التأثير، ودرجة الظهور الاجتماعي[11]. غالبا ما يكون الانتماء السياسي للأسر الفقيرة، بما في ذلك للجماعات المسلحة، وسيلة للبقاء لأنه قد يعني الوصول إلى الخدمات الأساسية.[12] تساهم الحوافز الطائفية، التي تحركها الضرورة الديموغرافية والاقتصادية بشكل كبير، في ضبط اللامعيارية لأفراد مجتمع الميم للحفاظ على الوضع القائم ومنع أي اضطرابات.[13] يُترك أفراد مجتمع الميم، الذين يفتقرون إلى الدعم السياسي في الخطاب الحكومي أو العام، لمواجهة هذه الأنظمة بهشاشة شديدة. [14]
كما هو موضح في عدة حالات موثقة في هذا التقرير، غالبا ما تكون الشرطة العراقية وقوات الأمن متواطئة في مضاعفة العنف ضد مجتمع الميم باستهداف أفراد مجتمع الميم في نقاط التفتيش المنتشرة في العراق، والاعتقال التعسفي للأفراد بسبب مظهرهم اللامعياري، واستخدام ضعفهم الاجتماعي والسياسي لممارسة العنف الجنسي ضدهم.
لم تفعل السلطات العراقية ما يذكر للتحقيق في العنف ضد أفراد مجتمع الميم أو إيقافه، رغم إدراكها الواضح للجرائم. على مر السنوات، لم تحاسب السلطات الجناة، بمن فيهم قوات الأمن، على خطف، وتعذيب، وقتل أشخاص يُعتبرون مثليين وترانس. اتخذت لجنة حكومية أُنشئت في 2012 للتصدي للانتهاكات ضد مجتمع الميم بضع خطوات ملموسة لحمايتهم قبل أن يتم حلّها. [15]
كما يتضح من الروايات الموثقة في هذا التقرير، فإن أحد التطورات المهمة في السنوات الأخيرة هو أن العائلات أصبحت على دراية بالخطاب المناهض لمجتمع الميم برعاية الدولة ويواصلون العنف ضد أبنائهم بسبب تعبيرهم الجندري. تبدأ معظم الاعتداءات في المنزل، بموجب القانون، بقصد معاقبة الأبناء المشتبه بكونهم مثليين أو ذوو هويات جندرية لا معيارية. في 21 حالة موثقة في هذا التقرير، منع الأهالي أبناءهم من مغادرة المنزل.
السياق الاجتماعي
سياسة الشعر
غالبا ما أخفي مظهري وأربط شعري لتجنب المشاكل. في يونيو/حزيران 2021، عند نقطة تفتيش، أوقفتني مجموعة حشد العتبات، وهي جماعة مسلحة في محافظة كربلاء [وسط العراق]. قالوا إن مظهري لا يعجبهم…. بعدما جاء قائد المجموعة المسلحة، قال لرجاله أن يقصوا شعري ثم يتركوني أذهب.
— علي (18 عاما)، رجل مثلي من كربلاء، 5 يوليو/تموز 2021
يُمثّل الحفاظ على ثنائية جندرية محددة بوضوح، في مُثُلها المعيارية للأنوثة والذكورة، الشغل الشاغل للسلطات في العراق، والتي يسنها ويمثلها الأشخاص الذين يراقبون تسريحات الشعر. تصفيفة الشعر هي وسيلة للتواصل، ولكن يمكن أيضا أن تصبح هدفا للتنميط ومبررا للوحشية.
وفقا لـ 48 شخصا من أفراد مجتمع الميم قابلتهم هيومن رايتس ووتش، فإن الشعر الطويل للرجال، والشعر القصير للنساء، يشكلان جريمة تستحق العقاب. قد تتراوح عواقب تسريحات الشعر غير المعيارية من الاعتقال إلى التعذيب، وحتى الموت.
عُثر على كرار نوشي، عارض أزياء عراقي عُرف بشعره الأشقر الطويل وملابسه الزاهية، ميتا في بغداد في 2 يوليو/تموز 2017. وفقا لتقارير، تعرض نوشي للتعذيب والطعن، وتشويه جسده، وقص شعره. يعتقد أصدقاء نوشي أن جماعة مسلحة قتلته بسبب شعره الطويل. [16]
قال سامي (23 عاما)، رجل مثلي من النجف (مدينة جنوب بغداد)، إنه ممنوع من دخول بعض المقاهي هناك، بسبب تسريحة شعره، والتي لا تتوافق مع "سياسات المدينة التي يعيش فيها":
شعري طويل، لكني أربطه عندما أخرج، حتى لا أبدو مثليا. أتعرض للتنمر كثيرا بسبب شعري، وكنت أتلقى الكثير من الانتقادات. كانوا ينادونني "سوسو" و"شاذ".[17] حتى والداي يستخدمان كلمات مماثلة لوصف مجتمع الميم. [18]
قال مجد (22 عاما)، رجل مثلي من بغداد:
سمعني والدي أتحدث على الهاتف مع رجل آخر. كان شعري طويلا وقصه والدي بدافع الغضب. هدد أيضا بقتلي تحت تهديد السلاح. [19]
عندما سُئل منتصر (26 عاما)، وهو رجل مزدوج التوجه الجنسي من كركوك [مدينة شمال بغداد]عما إذا كانت نقاط التفتيش توقفه، قال:
يحدث هذا بشكل شبه يومي. أوقفتني نقاط التفتيش مرات كثيرة. غالبا بسبب شعري الطويل ولأنني أضع حلقا. أوقفوني أثناء القيادة مع صديق لي في كركوك بسبب شعري الطويل وأراد [عناصر الشرطة] قصه. سألوني أسئلة عن شعري وأهانوني، ووصفوني بالخنثى. سألوني "ما تحس بالعار من هذا شكلك؟" أخرجوني من السيارة وأخذوني إلى "مركز شرطة عرفة" المجاور لنقطة التفتيش وبقيت هناك ساعة. أرادوا مني التوقيع على ورقة تعهد بأن أقص شعري. أخبرتهم أنه لا شأن لهم بقص شعري. كما أخبرني مدير جامعتي أن شعري الطويل يجلب سمعة سيئة للجامعة. [20]
استراتيجيات كويرية كمقاومة
عندما يسألني [عناصر الشرطة] لماذا شعري قصير، أجيبهم بأنني مصابة بالسرطان، فيتركونني وشأني.
— مريم (21 عاما) ، امرأة مثلية عراقية، 23 يوليو/تموز 2021
في مواجهة العنف البنيوي الذي يواجهه أفراد مجتمع الميم في العراق يوميا، يستخدمون استراتيجيات كويرية كتعبير عن القدرة على التصرف. يفعلون ذلك بروح الدعابة، والفهم العميق لواقعهم، والتنقل التكتيكي في الأماكن العامة. القصص التي رووها لـ هيومن رايتس ووتش مروعة، لكن فيها أمثلة على الانتصار على الهياكل القمعية.
قالت خديجة (31 عاما)، امرأة ترانس نجت من محاولة قتل: "يحاول عناصر الشرطة باستمرار إجباري على إعطائهم رقم هاتفي. أعطيهم رقما مزيفا. يحاولون دائما الاتصال به أمامي، فأبتسم وأقول، ’أجل، وصلتني‘".[21]
قال سامي (23 عاما)، رجل مثلي من النجف، إنه لا يستخدم شريحة في هاتفه، وإنما يستخدم اتصال الإنترنت اللاسلكي فقط، لتجنب استهدافه من قبل الجماعات المسلحة. قال سامي عن الاستراتيجيات التي يستخدمها لتجاوز المراقبة الرقمية:
لا أعلق على أي منشورات. لأنني إذا فعلت، فسوف تصل [الجماعات المسلحة] إلى حسابي الشخصي ويقومون بحملة ضدي. بل قد يدخل بعض الأشخاص إلى حسابي الشخصي ويصورون مشاركاتي وينشرونها على مجموعات مختلفة ليقولوا، "انظروا إلى هذا الشاذ من النجف" لفضح توجهي الجنسي دون موافقتي. اضطررت لحذف جميع الصور التي تُظهر وجهي. [22]
قال عباد (26 عاما)، رجل مثلي من بغداد:
أدركت أن لدي خيارين – إما التظاهر بأنني غيري أو التعرض للقتل. تطلب الأمر مني سنوات لأتعلم كيف أحمي نفسي، بما في ذلك عبر الإنترنت. أستخدم تطبيقات المواعدة، لكن عبر حسابات مدفوعة فقط، لأتمكن من التحكم بمظهر حسابي. لا أسمح أبدا بلقطات الشاشة أو تفعيل الموقع. لا أرسل صورا أو مقاطع فيديو أبدا. [23]
أوضحت مسى (19 عاما)، وهي امرأة ترانس من النجف، كيف تتعامل مع العنف المحتمل في الأماكن العامة. قالت:
أبدأ بالصراخ عندما يقترب مني الرجال. إنه تكتيك؛ أماطل حتى أقودهم إلى منطقة مليئة بالناس، ثم أطلق بعض الصرخات الصاخبة ليشعروا بالحرج ويغادروا. يريدون إهانتي، فأهينهم بدلا من ذلك وباستخدام نفس المنطق. [24]
وصف سليم (20 عاما)، رجل مثلي من بغداد، ترتيبا أجراه مع خطيبته للهروب من الزواج القسري. قال:
خطبت فتاة لأنني مجبر على ذلك، لأن مجتمعنا لا يقبل زواج المثليين. خطيبتي مثلية ولديها صديقة. لدينا ترتيب رائع، ولا يعرف أهالينا شيئا. إنها الطريقة الوحيدة للنجاة. [25]
السياق القانوني
يُعتقل أفراد مجتمع الميم بموجب مجموعة من الأحكام الغامضة في قانون العقوبات تهدف إلى ضبط الأخلاق والآداب العامة والحد من حرية التعبير. أثناء البحث لهذا التقرير، وثّقت هيومن رايتس ووتش 15 حالة اعتقال لـ 13 شخصا من مجتمع الميم ممن قابلتهم. معظم الانتهاكات ضد مجتمع الميم الموثقة في هذا التقرير لا تستند إلى أساس قانوني في القانون المحلي. [26] نادرا ما تُوجّه تهم أو تحدث إدانات وفقا للقانون بحق الأفراد الذين يتعرضون للإيقاف والاعتقال عند نقاط التفتيش.
ما زال العنف الأسري مستوطنا في العراق،[27] بما في ذلك الانتهاكات الخطيرة بحق أفراد مجتمع الميم من قبل أهاليهم وأقاربهم، كما هو موثق في 40 حالة في هذا التقرير. بينما يُجرّم قانون العقوبات العراقي (قانون رقم 111/1969) الاعتداء الجسدي، تمنح المادة 41 (1) للزوج حقا قانونيا بـ "تأديب" زوجته وللآباء بتأديب أبنائهم "في حدود ما هو مقرر شرعا أو قانونا أو عرفا".[28] ينص قانون العقوبات أيضا على عقوبات مخففة لأعمال العنف، بما فيها القتل، "لبواعث شريفة" ولمن وجد زوجته أو قريبة له تمارس الزنا أو الجنس خارج إطار الزواج. [29]
بينما يحظر الدستور العراقي صراحة "كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة"، فإن لدى إقليم كردستان العراق وحده قانون بشأن العنف الأسري. [30] توقفت الجهود البرلمانية العراقية لتمرير مشروع قانون لمناهضة العنف الأسري خلال 2017-2021. [31] تتضمن نسخة 2019 من مشروع قانون مناهضة العنف الأسري التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش أحكاما تتعلق بتقديم الخدمات لضحايا العنف الأسري، وأوامر حماية (تقييدية) وعقوبات على انتهاكها، وتشكيل لجنة مشتركة بين الوزارات لمكافحة العنف الأسري. مع ذلك، يضم مشروع القانون عدة ثغرات وأحكام من شأنها تقويض فعاليته، بما في ذلك أنه يعطي الأولوية للمصالحة على الحماية والعدالة للضحايا. [32]
يوضح الجدول التالي الأحكام الواردة في قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 وتطبيقاتها، والتي تُستخدم أو يمكن استخدامها لاستهداف أفراد مجتمع الميم. العديد من هذه الأحكام هي من آثار الحقبة الاستعمارية التي بقيت بعد الحكم البريطاني، بالإضافة إلى القوانين العثمانية المستوحاة من الفرنسيين. [33]
تنص المادة 41 (1) من قانون العقوبات على أنه يجوز للزوج "تأديب" زوجته وللآباء تأديب أبنائهم في حدود ما هو مقرر شرعا أو قانونا أو عرفا. [34] |
يسمح هذا القانون للوالدين بارتكاب أعمال عنف ضد أبنائهم من مجتمع الميم تحت ستار "تأديبهم" دون عقاب، حتى عندما يكونون بالغين. بالنسبة للنساء المتزوجات، اللواتي قد يعتبرن أنفسهن من مجتمع الميم، فهن عرضة للعقاب من أزواجهن بسبب الانحراف عن الأدوار والمعايير الجندرية. |
تحدد المادة 128 من قانون العقوبات "ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة" على أنه "عذر مخفف". تنص المادة على ما يلي: 1 – الأعذار إما أن تكون مُعفية من العقوبة أو مُخففة لها ولا عذر إلا في الأحوال التي يعينها القانون. وفيما عدا هذه الأحوال يعتبر عذرا مخففا ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة أو بناء على استفزاز خطير من المجني عليه بغير حق. [35] |
يسمح هذا القانون للجناة، إلى حد كبير أو كلي، بالإفلات من العقوبة على الانتهاكات، بما في ذلك القتل، المرتكبة ضد أفراد مجتمع الميم، باسم "حماية الشرف". |
تُعاقب المادة 200 (2) من قانون العقوبات بالسجن لغاية سبع سنوات لكل من يروج لأي "مذهب" يسعى إلى "تغيير مبادئ الدستور الأساسية أو النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية".[36] |
يمكن استخدام هذا البند لتقييد حريات التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع، أو لمعاقبة النشطاء العاملين في قضايا "محرمة". |
تحظر المادة 210 من قانون العقوبات نشر أي معلومات أو أفكار من شأنها، من بين أمور أخرى، "تكدير الأمن العام".[37] |
يمكن استخدام هذا البند لاستهداف نشطاء مجتمع الميم الذين يظهرون دعمهم لحقوق مجتمع الميم أو يستخدمون الشعارات المؤيدة لمجتمع الميم. |
تعاقب المادة 394 (1) من قانون العقوبات "بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس من واقع في غير حالة الزواج أنثى برضاها أو لاط بذكر أو أنثى برضاه أو رضاها إذا كان من وقعت عليه الجريمة قد أتم الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة سنة. وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين إذا كان من وقعت عليه الجريمة دون الخامسة عشرة سنة كاملة من العمر".[38] |
يمكن استخدام هذا الحكم المتعلق بالعلاقات الجنسية مع الأطفال لمقاضاة أفراد مجتمع الميم، خاصة عندما يكون كلا الشريكين المتوافقين بنفس العمر وأقل من 18 عاما.[39] |
تسمح المادة 398 من قانون العقوبات لمرتكبي جرائم الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي بالإفلات من الملاحقة القضائية أو بإلغاء عقوباتهم إذا تزوجوا ضحاياهم. |
تسمح هذه المادة للرجال بمعاقبة النساء اللواتي يعرفن عن أنفسهن بأنهن من مجتمع الميم بالاغتصاب أو الاعتداء الجنسي ثم الإفلات من العقوبة على الجريمة بالزواج منهن. غالبا ما تعتبر العائلات النساء والفتيات اللواتي يتعرضن للاعتداء الجنسي عارا و"غير صالحات للزواج" وقد تُجبر النساء على الزواج من مغتصبيهن. |
تنص المادة 401 من قانون العقوبات على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين من أتى علانية عملا مخلا بالحياء". [40] |
تُستخدم المادة ضد الشركاء المثليين الذين يلتقون في أماكن عامة وضد نشطاء حقوق مجتمع الميم. [41] رغم عدم توفر إحصاءات رسمية، فإن جميع الضحايا، والشهود، والناجين كانوا على دراية بأن التعبير عن توجههم الجنسي أو هويتهم الجندرية علانية قد يؤدي إلى اعتقالهم أو فرض غرامة مالية، وقالوا إنهم يتجنبون مثل هذه الحالات. |
تعاقب المادة 402 (1) من قانون العقوبات بالحبس مدة لا تزيد عن 3 أشهر و/أو بغرامة لا تزيد على 30 دينارا "من طلب أمورا مخالفة للآداب من آخر ذكرا كان أو أنثى".[42] |
يُستخدم هذا القانون ضد الشركاء المثليين الذين يلتقون في أماكن عامة. [43] قال الذين أجريت معهم المقابلات إنهم لم يبلغوا عن الاعتداءات التي تعرضوا لها لأنهم يخشون توجيه تهم إليهم بموجب المادتين 401 أو 402. |
تسمح المادتان 403 و404 من قانون العقوبات بعقوبات بالسجن (لغاية سنتين بموجب الفقرة الأولى، ولغاية سنة واحدة بموجب الثانية) على منشورات أو خطابات "فاحشة أو مخلة بالحياء".[44] |
يمكن استخدام هاتين المادتين لتقييد حرية التعبير التي تعزز حقوق مجتمع الميم علنا. |
تنص المادة 409 من قانون العقوبات على عقوبة مخففة لا تزيد على ثلاث سنوات في حالة فاجأ شخص زوجته أو قريبته تمارس الزنا أو الجنس خارج الزواج واعتدى عليهن ما أدى إلى الوفاة أو الإعاقة الدائمة. [45] |
ينص هذا الحكم على أنه يمكن للرجال الإفلات من العقوبة تماما عند قتل أو تشويه النساء والفتيات من خلال الادعاء بأنهم وجدوهن يمارسن أفعالا جنسية خارج الزواج. يرسل النص رسالة مفادها أن الرجال يمكنهم أن يقتلوا أو يؤذوا النساء بسبب أفعالهن الجنسية. |
تعاقب المادة 502 من قانون العقوبات "من وجد يتسكع في المحلات العامة أو يترصد فيها لقصد أو لغاية منافية للآداب" بالحبس لغاية عشرة أيام أو بغرامة. [46] |
يمكن استخدام هذه المادة لاستهداف أفراد مجتمع الميم بناء على تعبيرهم الجندري، أو مظهرهم، أو أفعالهم في الأماكن العامة. |
السياق السياسي
حملة مناهضة لمجتمع الميم برعاية الحكومة (صور توضيحية)
لطالما كانت الهجمات على أفراد مجتمع الميم في العراق أسلوبا سياسيا. [47] في حين أن حقوق مجتمع الميم غائبة في الغالب عن الخطاب السياسي الرسمي، أصدر المسؤولون الحكوميون والشخصيات الدينية العديد من التصريحات المناهضة لهم،[48] والتي تقوض حقوق مجتمع الميم العراقي وتغذي العنف ضده. [49]
في 2009، بدأ أعضاء الجماعات المسلحة العراقية حملة واسعة من عمليات الإعدام خارج القضاء، والاختطاف، والتعذيب لرجال يشتبه في سلوكهم المثلي أو لا يطابقون معايير الذكورة. [50] لم تفعل السلطات العراقية شيئا لوقف عمليات القتل هذه. رغم أن العديد من الجماعات المسلحة في العراق تزعم أنها تنفذ تفسيرها للشريعة الإسلامية، إلا أن تقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2009 أظهر كيف أن أعمال القتل – التي ترتكب دون دليل أو محاكمة، على أساس التحيز والأهواء – تنتهك معايير الشرعية، والإثبات، والخصوصية في الشريعة الإسلامية. [51]
في 2012، أطلقت عدة مجموعات تُعد الآن ضمن "قوات الحشد الشعبي" (قوات الحشد)، وهي مجموعات مسلحة تخضع صوريا لسيطرة رئيس الوزراء منذ 2016، بما فيها "عصائب أهل الحق"، و"جيش المهدي" (المعروف الآن باسم "سرايا السلام") و"كتائب الغضب"، مدعومة في بعض الحالات من قبل القوات المسلحة الحكومية، موجة من الهجمات على الأشخاص المصنفين كجزء من ثقافة "الإيمو" [نمط يربطه الناقدون بموسيقى "الهيفي ميتال" و"الراب"]، وكان يُعتبر بعضهم من مجتمع الميم. [52]
ظهرت لافتات ومنشورات في حي بغداد بمدينة الصدر تهدد أشخاص بـ "غضب الله" ما لم يقصوا شعرهم، ويخفوا أوشامهم، ويحافظوا على "الرجولة الكاملة"، ويكفوا عن ارتداء ما وُصف بـ "الملابس الشيطانية".[53] في حين لم يتضح من كان وراء الحملة، وصف رجل الدين الشيعي المؤثر حينها مقتدى الصدر المستهدفين بالحملة في بيان على الإنترنت بـ "سفهاء ومجانين" و"الآفة في المجتمع المسلم"، لكنه أكد أيضا أنه يجب التعامل معهم "بموجب القانون".[54]
في أواخر 2012، عقب ضغوط دولية، استجابت الحكومة بتشكيل لجنة مجتمع الميم للتصدي للانتهاكات ضد أفراد مجتمع الميم. مع ذلك، اتخذت اللجنة بضع خطوات ملموسة قبل حلها. [55]
في 2014، مع صعود "تنظيم الدولة الإسلامية" المتطرف (المعروف أيضا باسم "داعش")، أصبح أفراد مجتمع الميم معرضين لخطر أكبر. وفقا لـ "اللجنة الدولية لحقوق الإنسان للمثليين والمثليات" [أصبحت تُعرف حاليا بـ"آوترايت أكشن إنترناشونال"]، أعدمت المجموعة 17 شخصا على الأقل في سوريا والعراق بتهمة اللواط أو لاعتبارهم مثليين بين يونيو/حزيران 2014 ومارس/آذار 2015. [56]
في يوليو/تموز 2016، دعا مقتدى الصدر إلى حظر العنف ضد الذين لا يطابقون المعايير الجندرية السائدة. [57] عبّر بيان الصدر عن رأيه بأن العلاقات المثلية والتشبه بالجنس الآخر أمران غير مقبولان، لكن رغم ذلك، يستحق الأشخاص ذوي/ذوات الهوية الجندرية غير النمطية – الذين يزعم الصدر بأنهم يعانون من "مشاكل نفسية" – الحق في الحياة. جاء في البيان: "يجب مقاطعتهم وعدم الاعتداء عليهم بما يزيد من نفورهم وهدايتهم بالطرق العقلية والمقبولة".[58]
رغم هذه الدعوات، تشير التقارير إلى استمرار قتل أفراد مجتمع الميم في بغداد من 2017 [59] إلى 2019 [60]، ولم تفعل السلطات العراقية شيئا لمنعهم أو لمعاقبة المتورطين.
في موجة احتجاجات بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2019 واستمرت حتى أواخر 2020، طالب فيها المتظاهرون بتحسين الخدمات وزيادة إجراءات مكافحة الفساد، أدت الاشتباكات مع قوات الأمن، بما فيها قوات الحشد، إلى مقتل 487 متظاهرا على الأقل في بغداد ومدن العراق الجنوبية. [61] شارك أفراد مجتمع الميم بشكل بارز في المظاهرات، وقاموا بمواءمة مطالبهم بالحماية والحقوق المتساوية مع حركة الاحتجاج الأوسع. [62]
في 17 مايو/أيار 2020، "اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية وازدواجية الميل الجنسي ومغايرة الهوية الجنسانية" ("أيداهوت")، رفع مُجمّع للسفارات الأجنبية في بغداد علم قوس قزح،[63] بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والسفارتان الكندية والبريطانية، رمزا للتضامن مع مجتمع الميم. أثار ذلك إدانة في العراق بما فيها من مقتدى الصدر على "تويتر"،[64] ونواب في البرلمان،[65] ووزارة الخارجية،[66] حيث ادعوا جميعا أن السفارات لم تحترم القِيم العراقية وتفرض أجندة غربية. [67]
منذ ذلك الحين، كما يوثق هذا التقرير، قُتل العديد من الرجال المثليين والنساء الترانس وتعرض العشرات من مجتمع الميم للتهديد. [68] بدأ أعضاء جماعات مسلحة باستهداف من يعتبرونهم من مجتمع الميم على الإنترنت، والإيقاع بهم على تطبيقات مواعدة للمثليين، والدعوة علنا إلى العنف ضدهم. [69] لم يُحاكم المتورطون بالاعتداءات أو يُحاسَبوا بأي شكل آخر، كما تغاضت شخصيات عراقية بارزة عن الخطاب المناهض لمجتمع الميم وحرّضت عليه. [70]
قال ثمانية من أفراد مجتمع الميم الذين قوبلوا إنه بعد تغريدة مقتدى الصدر المناهضة لمجتمع الميم، بدا أنه أصبح أكثر خطورة أن يكونوا من مجتمع الميم في العراق. [71]
أيضا، في مايو/أيار 2020، أشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى استعداده للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة بشكل عام، لكنه لم يتناول صراحة الموجة المقلقة من عمليات القتل والتهديدات ضد أفراد مجتمع الميم العراقيين. [72]
في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، نجا الكاظمي من محاولة اغتيال بعدما استهدفت طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات منزله في بغداد. جاء الهجوم بعد يومين من احتجاجات دامية قادتها قوات الحشد في بغداد، أسفرت عن مقتل أحد المتظاهرين، بسبب النتيجة المتنازع عليها للانتخابات العامة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، والتي زعمت قوات الحشد بعدها وقوع أخطاء في فرز الأصوات. [73]
أظهرت نتائج الانتخابات فوز الكتلة التي يتزعمها مقتدى الصدر بـ 73 مقعدا، محافظة على مكانتها كأكبر كتلة في مجلس النواب العراقي الذي يضم 329 عضوا. في غضون ذلك، حصل الذراع السياسي لقوات الحشد على 17 مقعدا، أقل بـ 48 مقعدا عن الدورة السابقة. [74]
يوضح الجدول التالي الجماعات المسلحة المختلفة المشتبه في تورطها في الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير ضد أفراد مجتمع الميم، بناء على روايات فردية وشهود.
II. محاولات القتل، والاختطاف، والتعذيب، والتهديد على يد جماعات مسلحة عراقية
وثقت هيومن رايتس ووتش ثماني حالات اختطاف، وثماني محاولات قتل، وأربع حالات قتل خارج القضاء، وخمسا وأربعين حالة تهديد بالاغتصاب والقتل من قبل جماعات مسلحة عراقية ضد أفراد من مجتمع الميم.
يشير الطابع العلني للانتهاكات الموثقة، والتي تحدث غالبا في وضح النهار في الشوارع، بالإضافة إلى التعمّد المخيف، إلى وجود مناخ من الإفلات من العقاب يُمنح للمعتدين. كان المعتدون يهدفون إلى إرسال رسالة عبر أجساد أفراد مجتمع الميم الذين هاجموهم – إلى الضحايا، وأفراد مجتمع الميم الآخرين، والمجتمع بالمطلق. يُظهر الطابع التعسفي للاعتداءات أن الأفراد مستهدفون كجزء من مخطط أكبر لتخويف غير المطابقين للمعايير ولمعاقبة الاختلاف.
"يريدوني أموت": روايات الناجين/ات
قصة خديجة
تعرضت خديجة، امرأة ترانس (31 عاما)، لانتهاكات فظيعة على يد جماعات مسلحة لأكثر من عقد. قالت: "تعرضت لأشكال مروعة من التعذيب الشديد على أيدي الجماعات المسلحة. ضُربت، واغتُصبت، وحُرقت. قُتل أصدقائي. شهدنا فظائع جيش المهدي، وعصائب أهل الحق، وربع الله. في 2012، حُفرت ثقوب في رأسي اثنان من أصدقائي، كرّار وأنمار، باستخدام مثقاب كهربائي وحُقنا بالغراء في مؤخرتيهما".[75]
في فبراير/شباط 2021، تعرضت خديجة لاعتداء من قبل مجموعة من الرجال بشفرات حلاقة ومفكات براغي بالقرب من منزل خالتها في "شقق فلسطين" في بغداد، حيث كانت تقيم. سكب الرجال، الذين قالت خديجة إنهم عرّفوا عن أنفسهم بأنهم ينتمون إلى عصائب أهل الحق، وهي جماعة تابعة لقوات الحشد التي هددتها سابقا، البنزين على جسدها وأشعلوا فيه النار، وأحرقوا أجزاء من جسدها من صدرها إلى أسفل. قالت لـ هيومن رايتس ووتش وعراق كوير:
كنت أعمل بصالون لتصفيف الشعر. جنت [كنت] بطريقي للبيت راجعة من الشغل ووكفتني [أوقفتني] سيارة نوع بيك اب همر كان بيها حوالي خمس أو ستة رجال. بدو [بدأوا] يضربوني ويركلوني ويصفعوني حيل على راسي وجسمي. كالوا كوم [طلبوا مني الوقوف] وشمروني [رموني] بحاوية الزبالة. ظننت أني سأموت، وكنت مستعدة لذلك. وقتها طلّعو شفرة حلاقة ومفك براغي وبدو يقطعوني ببوري حديد [أداة معدنية حادة] على كل جسمي خاصة منطقة الورك والرجل والأفخاذ وبدو يشرّحو بجسمي بأداة حادة. بعدين ذبو [سكبوا] حوالي 5 ليتر بنزين على كل جسمي ووجهي وبقيت احترك [أحترق] من والنار.... نقذوني الجيران. جاؤوا لمساعدتي وألقوا عليّ الماء، وغطّوني ببطانية وأعادوني إلى منزل خالتي. لم أذهب إلى المستشفى لأن الأمر مخز. [76]
في منزل خالتها، قالت خديجة إنها عوملت معاملة سيئة من خالتها التي رفضت مداواة جروحها. قالت خديجة: "كانت [خالتي] تنتظر موتي. كنت في حالة مروعة وكانت السموم تخرج من جسدي لستة أشهر، ولم أتعاف تماما حتى الآن".
أضافت خديجة أنها شعرت بالرعب من إصاباتها، والأضرار التي لحقت بجمالها وجسدها الذي لطالما أحبته. قالت إنها تشعر بالخجل من إقامة علاقة جسدية بسبب حروقها، وقالت:
أراد [المهاجمون] قتلي. قيّدوا جسدي، ولا أستطيع أن أحب أو أُحَب. أشعر بالعار من جسمي بسبب حالتي الجسدية الحالية. حتى أنني فكرت في الانتحار. تُركّز هذه الجماعات، عند قتل وتعذيب أفراد مجتمع الميم، على المناطق الحساسة من أجسادنا لإلحاق الضرر والتشويه كنوع من التقييد والسلطة على حرية أجسادنا. [77]
قالت خديجة لـ هيومن رايتس ووتش وعراق كوير إن أول اعتداء عليها يعود إلى 2011، عندما دخل أربعة رجال عرّفوا عن أنفسهم كأعضاء في "جيش المهدي"، وهي جماعة مسلحة، عنوة إلى منزل خالتها حيث كانت تختبئ. قالت: "عصبوا عينيّ، وقيدوني وغطوا فمي. لم أصرخ وقتها، فلم يكن بإمكاني ذلك. ضربوني بقضيب حديدي، فكسروا رجلي اليمنى، وحلقوا شعري، ونزعوا أظافري. لا تزال الآثار واضحة على جسدي".[78]
قصة أيمن
في مارس/آذار 2021، قال أيمن (20 عاما)، وهو رجل مثلي من بغداد، إن أفرادا من عائلته، ينتمون إلى كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق التابعتين لقوات الحشد حاولوا قتله. قال:
شكلي مختلف عن الآخرين، بدأ الأمر بمشاكل عائلية. لم أصرح أبدا عن هويتي الجندرية، بل افترضوا ذلك فقط بسبب شكلي. في بداية العام [يناير/كانون الثاني 2021]، بعد أن بدأ أبي بالتردد إلى مكان عملي وضربي هناك، غادرت لأقيم في منزل عمي، الذي يمتلك سلطة أكبر في الجماعة المسلحة التي ينتميان إليها، ولكنني لم أخبره عن السبب. جاء أبي وكان هناك عراك كبير بأسلحة نارية، فهربت، ولحقا بي [أبي وعمي]. أعادني الجيران وقدموا لي المأوى بينما كانت عائلتي تنتظر في الخارج ومعهم أسلحة. كان الأمر بدائيا وقبليا جدا. ذهب أبي إلى النجف ليحصل على فتوى[79] حول ما إذا كان قتلي محللا. [80]
قال أيمن إن ثلاثة رجال ينتمون إلى نفس جماعة الحشد [كتائب حزب الله] كوالده، جاءوا إلى منزله ومعهم مسدسات ورشاشات، وأطلقوا عليه الرصاص بشكل مستمر. قال:
كانت محاولة قتل. اختبأت ونجوت بأعجوبة. خبأتني أمي في غرفة لتحميني. أخذتني إلى مركز الشرطة لتقديم شكوى، اعتقدنا أنها ستكون في صالحنا. لم يُعتقل أحد طوال فترة الدعوى البالغة أربعة أشهر. لم أستطع حتى الذهاب إلى المدرسة أو العمل. تعرض صاحب العمل للتهديد بالقتل إذا لم يفصلني، فطردني. كان الأمر كله استعراضا للقوة. [81]
قال أيمن إن شيخا في عائلته تدخل في النهاية لإصلاح الأمر وأجبره على إسقاط الشكوى. بينما يظل معرضا للخطر في المنزل، قال إنه ليس لديه مكان يذهب إليه للحصول على حماية. أضاف: "قالا لي [والدي وعمي] إنهما سيسعيان للانتقام لاحقا".[82]
قصة رانيا
تعرضت رانيا (21 عاما)، وهي امرأة ترانس من بغداد، للتهديد عبر الإنترنت في مايو/أيار 2020 من قبل مجهولين، ثم اختُطفت في يونيو/حزيران 2020 على يد رجال قالت إنهم عرّفوا عن أنفسهم كأعضاء في سرايا السلام، وهي جماعة تابعة لقوات الحشد تربطها علاقات وثيقة بمقتدى الصدر. قالت لـ هيومن رايتس ووتش وعراق كوير:
في مايو/أيار 2020، تلقيت تهديدات بالقتل على رقم هاتفي. كانت تحتوي شعارات دينية. كانوا يعرفون اسمي الكامل وهددوا بضربي، واغتصابي، وقتلي. تلقيت تهديدات يومية حتى غيّرت رقم هاتفي وأخبرت والديّ أنني فقدت هاتفي. [83]
بعد شهر، في يونيو/حزيران، عندما كانت في طريقها إلى الجامعة ذات صباح في بغداد، اختُطفت رانيا، قالت:
بينما كنت على وشك ركوب الحافلة، ظهرت مجموعة من الرجال وطلبوا مني أن أركب سيارتهم، والتي كان زجاجها مظللا وبدون لوحة ترخيص. كان أحد الرجال يحمل مسدسا وصوّبه على رأسي. شعرت بالرعب ولم أعرف ما إذا كان علي أن أركض أو أركب السيارة. سألت: "من أنتم؟" فقال الرجل الذي يحمل السلاح: "هذا السلاح مشكل بيه كاتم إذا ما تصعد بالسيارة راح أفرغ السلاح براسك ". ركبت. عصبوا عينيّ وقادوا حوالي 30 دقيقة، حتى وصلنا إلى منزل. دفعوني إلى غرفة، أغلقوا الباب، وغادروا نحو ساعة. احتجزوني في غرفة فيها صورة مقتدى الصدر على الحائط وهددوني وهم يرددون شعارات دينية. [84]
بعد ساعة، قالت رانيا إن المعتدين عادوا، جميعهم مسلحون، وبدأوا بضربها وشتمها. قالوا: "أنت لوطي وعار على الإسلام والبلد. تحب تاخذه بطيزك [الإيلاج في الشرج]؟ راح نغتصبك ونخلي السلاح بيك بطيزك [ندخل السلاح في شرجك]". قالت رانيا إنها واصلت الإنكار، لكنهم قالوا: "إحنا نعرف. اركع وتشاهد الشهادة الأخيرة لأن راح نقتلك".[85] أكملت:
ظللت أتوسل إليهم ألا يقتلوني وكنت أبكي. قالوا: "اعترف انت تحب تاخذه من طيزك وراح تتغير". ضربوني بشدة لدرجة أنني شعرت أنني سأموت. ثم تحت الضغط قلت: "أجل، سأتغير". قالوا: "راح نقتلك لأن انت شاذ وفرخ. حتى ننظف المجتمع من أمثالك". استمروا بضربي، ثم غادروا الغرفة فجأة لبضع دقائق ثم عاد رجل.
قال: "إذا مصيت قضيبي، راح أتركك تروح[سأدعك تذهب]". رفضت وظللت أتوسل إليهم ألا يجبروني. قلت: "أني أفضل تقتلني". ثم دخل رجلان آخران، خلع أحدهما سروالي واغتصبني الآخر، ثم تناوبوا على تثبيتي واغتصابي. عندما انتهوا، غادروا الغرفة، وسمعتهم يتحدثون. قال أحدهم: "لازم نتركه يروح". قال الآخر: "إذا تركناه يروح راح يحجي علينا لو يبلغ عن مكاننا ]سوف يبلغ عنا أو عن مكاننا[". عاد أحدهم وقال: "إذا سمعنا عنك شي مرة ثانية، راح تكون نهايتك". ثم دفعوني إلى الشارع. [86]
قالت رانيا إنها لم تستطع مغادرة المنزل لأسابيع بعد اختطافها. توقفت عن الأكل، ورسبت في امتحاناتها الجامعية، وحاولت الانتحار، قالت: "حاليا أني مثل الجثة الي تمشي. أني نص عايشة".[87]
قصة سليم
في 7 مارس/آذار 2020، قال سليم (20 عاما)، وهو رجل مثلي من بغداد، إنه كان يعمل في مناوبة ليلية في وحدة طبية في بغداد عندما وصل رجل مجهول الساعة 1 صباحا وهدده بالقتل لأنه مثلي. قال:
كان ملثما ولم يعرف بنفسه. في اليوم التالي، ذهبت إلى مظاهرات [ضد الفساد] متخفيا بتغطية لحيتي وشاربي. بعد يومين، تمكنوا [الجناة] من تحديد مكان إقامتي بملاحقتي إلى المنزل. [88]
قال سليم إن مجموعة من أربعة رجال تبعوه في سيارة من طراز "شيفروليه تاهو" سوداء بنوافذ مظللة وبدون لوحة ترخيص. أضاف:
تمكنت من تضليلهم خلال المرات العديدة التي طاردوني فيها لأنني كنت أمتلك سيارة رياضية سريعة. شعرت أنني كنت ملاحقا حينها لأنني كلما ذهبت إلى مركز تجاري أو السوق، كنت أرى نفس الأشخاص يتبعونني. كانوا يذهبون إلى نفس المتاجر التي أذهب إليها، لكنهم ينتظرون في الخارج إذا دخلت، مثلا، سوق صغير؛ كانت لديهم لحى طويلة ويرتدون قمصانا خضراء. [89]
قال سليم إنه أحجم عن العودة إلى المنزل عندما علم أنه ملاحق، واختار البقاء مع أصدقائه لشهر ليحمي نفسه وأسرته. خلال الأسبوع الأول من ذلك الشهر، قال سليم إنهم كانوا يتبعوه من بعيد. لكن في الأسبوع الثاني، بينما كان يقود سيارته مع صديقه، لاحظ أن نفس السيارة كانت تلاحقهما وأنزل صديقه في مكان آخر لخداعهم:
لحقوا ذلك الصديق لفترة، ثم أصدقاء آخرين، حتى وصل الأمر إلى عدم رغبة أصدقائي برؤيتي أو استضافتي. أغلقت جميع حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي في مايو/أيار، وغيرت رقمي وحتى سيارتي. أستعمل الآن حسابات مخفية على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنني كنت متأكدا أنهم يتابعونني من خلال رقم هاتفي المحمول. كنت متأكدا لأنهم كانوا يطاردوني ذات مرة وتأكدت من أنني ضللتهم، ثم توجهت بالسيارة إلى منزل صديقي ووجدتهم هناك بعد فترة قصيرة. الطريقة الوحيدة التي يمكنهم العثور عليّ كانت عبر رقم هاتفي. [90]
قال سليم إنه قبل ذلك بثلاثة أشهر، تلقى مكالمة هاتفية الساعة 2 صباحا، أجاب عليها، لكن لم يكن هناك رد من الطرف الآخر. وأضاف أن المكالمات الصامتة تكررت لأكثر من 30 دقيقة. قال:
بعدما تلقيت نفس المكالمة في اليوم التالي، سجلت الرقم وبحثت عنه على "واتساب". وجدت صورة لرجل عمره بين 30 إلى 40 عاما بلحية [يرتدي زيا عسكريا]. أتذكر أنني سألت عائلتي، وأقاربي، وأصدقائي عنه، لكن لم يعرفه أحد. [91]
خلال الوقت الذي كان خلاله يتفاداهم بالنوم عند الأصدقاء، وبينما كان في حي الدورة يقود سيارته إلى منزل صديقه، قال سليم إنه لاحظ السيارة الشيفروليه نفسها تقترب منه. فتح الرجال داخل السيارة نوافذهم، وأطلق الرجل في مقعد الراكب خمس طلقات من مسدس:
كان الأمر مرعبا. لم يفعلوا ذلك لإخافتي، لأن تلك الطلقات كانت تستهدف مقعد السائق؛ أرادوا قتلي. استطعت أن أضللهم بالتوجه نحو منطقة أعرفها جيدا، ومررت بثلاث نقاط تفتيش دون توقف. [92]
عند نقطة التفتيش الرابعة، قال سليم إن عناصر الشرطة أوقفوه، وكبلوا يديه، وبدأوا باستجوابه. قال إنه أخبر العناصر عما يحدث، فقالوا: "لن نوقفك طويلا". أخضعوه لاختبار الكحول لأنهم أُبلغوا عن قيادته المتهورة من نقاط التفتيش السابقة. قال إنهم صادروا سيارته بعد ذلك.
بكى سليم وهو يروي الحادثة:
أرتجف عندما أتذكر ما حدث. يعاني مجتمعنا كثيرا، لا أحد يعلم ما نمرّ به. لم أتوقف عن البكاء والارتجاف بعد مطاردة السيارة. ضللتهم، لكنني لن أنساهم أبدا. [93]
بعد محاولة القتل، أخبر سليم والديه أنه مطارد بسبب مشاركته في الاحتجاجات، خوفا من القصاص إذا صرح عن توجهه الجنسي لهما. قال لـ هيومن رايتس ووتش إن العائلة اضطرت بعد ذلك إلى الانتقال. في يونيو/حزيران 2020، عندما ذهب والداه لزيارة منزلهم القديم، قال سليم:
تلقى والداي رسالة تهديد/ظرف ألقيت على باب منزلنا [في الشقة السابقة]. قالت الرسالة إنهم إذا لم يسلموني، فسوف يقتلوننا واحدا تلو الآخر. [94]
قصة مريم
عرفت الجماعات المسلحة مريم (21 عاما)، وهي امرأة مثلية من بغداد، بسبب مظهرها، وطعنها ثلاثة رجال يرتدون قبعات زرقاء (سمة للجماعات المسلحة المتحالفة مع مقتدى الصدر) في ساقها في مايو/أيار 2020. [95] قالت:
مباشرة بعدما غرد مقتدى الصدر عن مجتمع الميم في 17 مايو/أيار، اقترب مني ثلاثة رجال على دراجة نارية وضربوني وطعنوني بسكين في رجلي وجرحوا ذراعي. قالوا إنهم من سرايا السلام وحذروني بأن أوقف سلوكي السيئ. كنت أنزف بشدة وظننت أنني سأنزف حتى الموت. ساعدني أصدقائي وضمدوا جراحي. [96]
قصة ياسر
قال ياسر (21 عاما)، وهو رجل مثلي، لـ هيومن رايتس ووتش إنه طُعن في كتفه أثناء احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 على يد مجهولين يشتبه بانتمائهم إلى جماعة عصائب أهل الحق التابعة لقوات الحشد، لأنهم عرّفوا عن أنفسهم في تهديدات بالقتل ضد ياسر على واتساب. قال:
ذات ليلة ضربني أبي بشدة لدرجة أنني شعرت أنه سيقتلني. هربت من المنزل مرتديا سروالا قصيرا فقط وكنت حافي القدمين. ذهبت إلى ساحة الاحتجاج. أقلني بعض الرجال من الشارع. كان صديقي الذي أتمرن معه موجودا هناك معي. هو أيضا مثلي. لن أنسى أبدا ما حدث. بدأت قوات الأمن بدخول الجسر وقامت بإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل صوتية تجاه المتظاهرين مباشرة. وسط الفوضى، اقترب منا ثلاثة رجال ملثمين. صرخوا في وجهي "لوطي" وطعنني أحدهم في كتفي. لأنني أتمتع بلياقة بدنية عالية [يجبرني أبي على التمرن لأكون رجلا]، هربت منهم واختبأت تحت شاحنة. كان من الممكن أن أموت. [97]
قصة أنور
قال أنور (21 عاما)، وهو رجل مثلي من بغداد، إنه في 2018 اختطفته "حركة حزب الله النجباء"، وهي جماعة مسلحة تابعة لقوات الحشد. قال:
قضيت عشرة أيام في سجنهم السري، وعرضوني للتعذيب الجسدي. كانوا غالبا يرتدون زيا مدنيا، لكن بعضهم كان يرتدي زيا عسكريا شبيها بزي الفصائل. كنت مأسورا في مزرعة ببغداد. قضيت أربعة أيام في ذلك السجن السري، تعرضت للصعق بالكهرباء والتعذيب الجنسي. أحضروا زجاجات كحول فارغة وأجبروني على الجلوس عليها، لكي تدخل الزجاجات في مؤخرتي. عانيت من الإساءة اللفظية المستمرة، مثل، "يا فرخ! يا جرو!" [98]
بعد خروجه من موقع الاحتجاز السري، قال أنور إنه عانى من أمراض نفسية وجسدية. "اضطررت للخضوع لعمليتين جراحيتين في المستقيم وزيارة طبيب نفسي لعلاج الصدمة".[99]
تهديدات القتل من قبل الجماعات المسلحة
تحدث عمّار (27 عاما)، وهو رجل مثلي من النجف، عن تهديدات تلقاها من أعضاء سرايا السلام التابعة لقوات الحشد في الشارع في أكتوبر/تشرين الأول 2019. قال:
كنت على علاقة مع زميل في العمل. كنا نمارس الجنس في العمل، ولم ندرك أن هناك كاميرات في الغرفة. في بداية الانتفاضة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، كنت في ساحة الاحتجاج عندما اقترب مني مجموعة من المسلحين يقولون إنهم من سرايا السلام وقالوا: "نعرف من أنت، وسوف تُقتل كما تستحق. لدينا التسجيل". لم أغادر منزلي بعد ذلك. [100]
قالت سلمى (20 عاما)، وهي امرأة ترانس من الموصل، إنها بعدما فرت إلى أربيل في 2020 بسبب تهديدات بالقتل تلقتها من الجماعات المسلحة في الموصل، جاء أفراد تعتقد بأنهم أعضاء من "الأسايش" (قوات الأمن التابعة لحكومة إقليم كردستان) إلى مقر عملها في أربيل عام 2020 لتهديدها بالقتل، ما دفعها لترك وظيفتها والمدينة على الفور. [101]
قالت ليلى (31 عاما)، وهي امرأة ترانس من بغداد، لـ هيومن رايتس ووتش إنها فرّت من العراق في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018 مع صديقها، وهو رجل مثلي، بعد إبلاغهما بأن اسميهما مدرجان في "قائمة موت" تتألف من أسماء عراقيين من مجتمع الميم. قالت:
كان لدينا صديقة صحفية أخبرتنا أن شيئا خطيرا سيحدث – حصلت على أوراق تحمل أسماء أشخاص منخرطين في المجتمع المدني وأشخاص من مجتمع الميم في العراق، أُدرجوا على قائمة الجماعات المسلحة لقتلهم. كان اسمي فيها. في 2018، كنت أسير في الشارع، وتوقفت سيارة بجواري، وقال السائق: "سنراك في الفتحة الثالثة"، وهي المقبرة في مدينتي. [102]
III. روايات شهود عن أعمال قتل وتهديدات ارتكبتها ما يعتقد بأنها جماعات مسلحة
بنهاية شهر مايو/أيار 2020، انقتل [قُتل] حبيبي كدام عيوني. كان عندي موعد وياه بالليل. رحت لبيته وقبل لا أوصل قريب من البيت شفت سيارة نوع هوندا لونها أسود واكفه [تقف] تحت البيت. نزل منها أربعة رجال. شفت اثنين منهم شايلين سلاح نوع بندقية "رشاشة". كلهم كانت لحاياهم طويلة. ضربوا حبيبي بأيدهم أول ما طلع من البيت وجبروه يركب السيارة وياهم وراحو. وبقيت ورا سيارتهم أمشي بسيارتي. توقفوا عند "أبو غريب" [سجن سابق غربي بغداد] ثم انعطفوا يسارا. وصلو لمزرعة كبيرة، نزلو حبيبي من السيارة وياهم وبدأو يضربونه. جنت اسمعه يصيح ويبجي [يبكي]. بوقتها ردت أساعده لكن حسيت بالرعب منهم .... استمروا بضربه بأيديهم حوالي 20 دقيقة. بعدها قتلوه بالسلاح بخمس طلقات نارية.
— ليث (27 عاما)، رجل عراقي مثلي، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2021
لم يستطع ليث التحدث عبر الهاتف لأنه عانى من إعاقة في النطق بعد وفاة حبيبه. قال لـ هيومن رايتس ووتش وعراق كوير عبر رسائل نصية إنه عاد إلى المزرعة حيث قُتل حبيبه في اليوم التالي ولم يعثر على جثته. قال: "بقى بس شوية من الدم".[103] أضاف ليث:
اتصل بي والداه ليلا وسألاني إذا كنت أعرف مكانه. قلت إنني لا أعرف. بعد ثلاثة أسابيع، قالت عائلته إن الشرطة اتصلت بهم وقالت إنها عثرت على جثته. ما زلت لا أعرف أين وجدوا الجثة أو ماذا فعلوا بها. لم يعرف أحد عن علاقتنا الرومانسية. كنا كتومان للغاية وأخفينا هوياتنا جيدا. [104]
قال ليث إنه في فبراير/شباط 2020، تلقى هو وحبيبه تهديدات بالقتل عبر الإنترنت من حسابين مختلفين. وفقا لليث، جاء في إحدى الرسائل: "مرحبا يا شاذ. نعلم أين تعمل وأين تسكن. سنغتصبك ونقتلك".[105] أضاف ليث:
تلقيت سبع رسائل من حسابات مختلفة. أرسلوا لي صورة مقتدى الصدر، وقالوا: "صار سنوات ننظف المدينة من أمثالكم". لم أعتقد أن شيئا سيحدث لأن الجميع يتلقون تهديدات عبر الإنترنت وفي معظم الأوقات لا يحدث شيء. بعد تلقي هذه التهديدات، قال حبيبي إنه شعر وكأن شخصا يتتبعه. بعد شهرين، قُتل. [106]
قال ليث إنه بعد مقتل حبيبه انتقل من المدينة، وغيّر رقم هاتفه، وحذف جميع حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي. قال لـ هيومن رايتس ووتش وعراق كوير إنه خشي أن يُستهدف بعد ذلك لأنه سمع قصصا عديدة في 2020 عن أشخاص تعرضوا للتهديد عبر الإنترنت ثم قُتلوا. [107]
وصف ليث الحزن الذي شعر به على وفاة حبيبه. قال: "انتهت حياتي. أنا ميت من الداخل. جسدي فقط ما زال هنا، لكنني لست هنا. لن يزول الألم والرعب اللذان أحملهما أبدا. آمل فقط ألا يعاني جيل المستقبل كما عانينا".[108]
ياسر (21 عاما)، وهو رجل مثلي عراقي نجا من محاولة قتل، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه شاهد مقتل صديقه. بكى ياسر وهو يروي القصة:
في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، رأيت صديقي يموت أمام عينيّ. اقترب ثلاثة رجال ملثمين منه، سحبوا السكاكين، وطعنوه بشكل متكرر أمامي. هو أيضا مثلي. لن أنسى ما حدث أبدا. واصلوا طعنه دون توقف. خاطبوه قائلين: "شاذ! شاذ! أنت شاذ وفرخ وتستاهل تموت". طعنني أحدهم في كتفي، وما زلت لا أعرف كيف ركضت لأنجو بحياتي. كان من الممكن أن أكون ملقى بجانب صديقي. [109]
دوسكي آزاد
في 28 يناير/كانون الثاني 2022، قُتلت دوسكي آزاد (23 عاما)، وهي امرأة ترانس، على يد شقيقها بالقرب من مدينة دهوك في إقليم كردستان العراق. [110] عثرت سلطات إقليم كردستان العراق على جثة آزاد في 1 فبراير/شباط. قال متحدث باسم شرطة دهوك لوسائل الإعلام إن شقيق آزاد أطلق النار عليها مرتين قبل أن يفر من مسرح الجريمة. [111] قالت القوات الأمنية في حكومة إقليم كردستان إنها فتحت تحقيقا في القتل وأصدرت مذكرة توقيف بحق شقيق آزاد، الذي يفترض أنه مقيم في ألمانيا، وفقا لتقارير إعلامية.[112]
أحمد ماجد المطيري (حمودي)
في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2018، نُشر على فيسبوك مقطع فيديو لقتل صبي يبلغ من العمر 14 عاما في بغداد، وانتشر على نطاق واسع عبر مواقع وسائل التواصل الاجتماعي. [113] يمكن سماع الشخص الذي يصور الضحية، أحمد ماجد المطيري، المعروف باسم حمودي لأصدقائه وعائلته، في الفيديو وهو يسخر منه بشتائم معادية للمثليين، بينما استلقى المطيري على جنبه، وهو ينزف من بطنه، ويتوسل إليه أن يرى أمه. [114]
كان المطيري مشهورا على منصة التواصل الاجتماعي "إنستغرام"، حيث نشر صورا غير معيارية جندريا لنفسه باستخدام فلاتر "سناب تشات" [تطبيق تواصل اجتماعي]، بمظهر أكثر "أنوثة". قال أصدقاؤه، بمن فيهم صديق قابلته هيومن رايتس ووتش، إن المطيري كان يتلقى تهديدات على مواقع التواصل الاجتماعي من حسابات مزيفة منذ شهور بسبب مظهره. [115]
وفقا لإفادات الشهود، هاجم الجناة المطيري في شارع بحي اليرموك ببغداد وطعنوه بشكل متكرر في بطنه. يمكن سماع الشخص الذي يصور الضحية في الفيديو وهو يسأل المطيري: "ما اسمك؟ أين منزلك؟" رد المطيري مع صعوبة في التنفس وهو يبكي: حمودي، على بعد أربعة شوارع". سأله مصور المقطع: "هل كنت في منزل صديقك؟ من هو صديقك؟" أجاب المطيري: "سجّاد". ثم سأل: "ما هذا الذي يخرج مني؟" قال المصور: "هذه مصارينك خرجت". ثم قال المطيري مرارا: "أريد أشوف أمي قبل ما أموت".[116]
في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قابلت هيومن رايتس ووتش أحد أصدقاء المطيري المقربين، الذي قال إنه تعرض مسبقا لإطلاق نار من قبل رجال مجهولين بسبب تسريحة شعره. قال لـ هيومن رايتس ووتش:
كان حمودي يقيم مع والديه. كان في منزل صديقه سجّاد بالقرب من منزله وعندما غادر، تعرض للهجوم والقتل. كانت ليلة الأربعاء. لا أعرف من هو المعتدي أو من صوّر الفيديو. أرانا حمودي [أصدقائه] تهديدات عديدة تلقاها من قبل الجماعات المسلحة بسبب منشوراته. سمعت عن سجّاد [الصديق الذي يظهر اسمه في الفيديو]، لكنني لا أعرفه جيدا لأن حمودي كان لديه مجموعته الخاص من الأصدقاء في حيه، أما نحن كنا نمضي الوقت معا في حي آخر. بعد وفاته، هربت من البلاد لأنني خشيت أن يستهدفوني بعد ذلك بسبب مظهري. [117]
عمليات الإخفاء
عماد (26 عاما)، من بغداد، تحدث لـ هيومن رايتس ووتش عن صديقه الذي اختفى في 23 يونيو/حزيران 2021، بعد عشرة أيام من تهديده من قبل جماعات قوات الحشد، التي عرَّفت عن نفسها في الرسائل. قال:
لدي صديق مقرب [حُجب الاسم] تلقى ثلاثة تهديدات بالقتل من قبل أعضاء سرايا السلام وكتائب حزب الله [جماعات تابعة لقوات الحشد]، والتي أراني إياها على هاتفه، لأنه مثلي، لكنه لم يأخذ التهديدات بجدية. نصحته أن يفعل ذلك لكن دون اللجوء إلى الشرطة لأنهم سيزيدون الأمور سوءا. اختفى في 23 يونيو/حزيران 2021، بعد عشرة أيام من تلقيه هذه التهديدات ولم أسمع عنه شيئا بعد ذلك. توقف عن الرد على الرسائل وكان رقمه خارج التغطية. أخشى أنهم قتلوه. لو كان قد انتقل أو لجأ إلى مكان ما، فمن المؤكد أنه كان ليتصل. [118]
قال سليم (20 عاما)، وهو رجل مثلي من بغداد:
شاركت في تنظيم حفلات مجتمع الميم في "فندق الشيراتون" في بغداد. اختُطف صديقي، الذي نظم إحدى الحفلات التي أسميناها "ليلة السيدات" في مايو/أيار 2020. داهمت [الشرطة] الحفلة؛ جاءت فرقة التدخل السريع كاملة كما في الأفلام. الرجل الذي نظم الحفلة تشاجر مع أعضاء عصائب أهل الحق [الذين ظهروا في مكان الحادث بعد وصول الشرطة] والذين داهموا الحفلة بسبب وجود مشروبات كحولية. أراد أحد الرجال مصادرة صندوق بيرة "هاينيكن" من الحفلة. أنا متيقن من أنهم [الشرطة] داهموا الحفلة لأن فيها مثليون ونساء، حيث توجد أماكن عديدة أخرى تبيع المشروبات الكحولية للقُصّر دون محاسبة. سُجن صديقي [منظم الحفل] من قبل الشرطة لأسبوع تقريبا، وعندما خرج، اختُطف لشهر، لكن لا أعرف من خطفه. عندما أعادوه [الجناة]، كان لديه كسور وكدمات في كل جسده، ولم نعرف عنه شيء منذ ذلك الحين. اختفى بعد الاختطاف. حاولت الوصول إليه في كل مكان ولم يكن حتى يستلم رسائلي. حتى عائلته لا تعرف مكانه. لقد اختفى. أعتقد أنه قُتل. لم ننظم أي تجمعات بعد تلك الحادثة. [119]
في ديسمبر/كانون الأول 2020، كتبت هيومن رايتس ووتش عن حالة اختفاء أرشد هيبت فخري. وفقا لشقيقه، اعتقلت مجموعة من المسلحين المجهولين فخري (31 عاما)، وابن شقيق أحد الوزراء في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، الساعة 10:30 ليلا من "فندق عشتار" في بغداد. قال شقيقه لـ هيومن رايتس ووتش إن كل مسؤول تحدثوا إليه بشأن القضية زعم بدل ذلك أن فخري نظّم حفلة لمجتمع الميم وكان بحوزته مخدرات – قال الأخ إن كلا الادعاءين غير صحيحين. [120] قال شقيق فخري إنه تحدث إلى الرجل الآخر الذي اعتُقل مع فخري، والذي أطلق سراحه في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2020. أخبره ذلك الرجل أنه لا يعرف من الذي اعتقلهما أو أين احتُجزا، وأنه كان معصوب العينين وأُحضر إلى مكتب عمه في الوزارة وأطلق سراحه هناك دون أي معلومات إضافية. رغم محاولته الاستعلام عن مكان أخيه عدة مرات في وزارة الداخلية، قال الأخ إنه لم يتلق أي معلومات من السلطات. [121]
تحدث منتصر (26 عاما)، وهو رجل مزدوج التوجه الجنسي من كركوك، عن مقتل صديقه أنمار في 2018 في بغداد. قال:
قتلته جماعات مسلحة، لكن لا أعرف أي واحدة. قُتل وألقي في الشارع. اعتدنا على التواصل عبر مجموعات واتساب. كنا ثلاثة أصدقاء نضيف أفراد مجتمع الميم إلى المجموعة للدردشة، وهكذا عرفته. اتصل بي مرتين وأخبرني عن طلاق والديه وتحدث عن عمله وكم هو جيد. أخبرناه أن يتوخى الحذر، أخبرنا ألا نقلق وقال إنه يعرف ضباطا رفيعي المستوى. استُدعي لصفقة تجارية ثم اختفى لمدة أسبوع دون أثر، ثم اكتشفنا أنه قُتل. [122]
IV. الاعتداء الجنسي والعنف على يد الجماعات المسلحة
قال 27 من أصل 54 شخصا من مجتمع الميم قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم تعرضوا للاعتداء الجنسي والعنف على أيدي جهات حكومية وجماعات مسلحة، بما في ذلك اللمس غير المرغوب فيه،[123] والاغتصاب،[124] والاغتصاب الجماعي،[125] وتشويه الأعضاء التناسلية،[126] والفحوصات الشرجية القسرية. [127]
تحدد المادة 396 من قانون العقوبات العراقي عقوبة الاعتداء الجنسي الذي يمكن أن يكون قسري، أو في القضايا التي تُرتكب ضد الأحداث والتي تشكل جريمة حتى لو كانت غير قسرية أو بالتراضي. [128] تنص المادة على ما يلي:
1 – يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس من اعتدى بالقوة أو التهديد أو بالحيلة أو بأي وجه آخر من اوجه عدم الرضا على عرض شخص ذكرا أو أنثى أو شرع في ذلك.
2 – فاذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ من العمر ثماني عشرة سنة أو كان مرتكبها ممن أشير إليهم في الفقرة (2) من المادة 393 تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين.[129]
تنص المادة 397 على أحكام مشددة إذا كان الضحية أقل من 18 عاما: "يعاقب بالحبس من اعتدى بغير قوة أو تهديد أو حيلة على عرض شخص ذكرا أو أنثى ولم يتم الثامنة عشرة من عمره. فاذا كان مرتكب الجريمة ممن أشير إليهم في الفقرة (2) من المادة 393 تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو الحبس".[130]
قال زوران (25 عاما)، وهو رجل مثلي من السليمانية في إقليم كردستان العراق، لـ هيومن رايتس ووتش إنه تعرض لاعتداء جنسي من قبل عنصرين من الأسايش في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حوالي الساعة 9 ليلا، بينما كان في موعد مع رجل قابله على تطبيق "غرايندر" للمواعدة للمثليين. قال:
أصر [من واعدته] على أنه يريد معانقتي وتقبيلي. قلت له إنني أخشى أن يجدونا [الأسايش]. قررنا الذهاب إلى حديقة. عندما ركنا سيارتنا، أصر على أن نذهب إلى الحمام ونتبادل القبل هناك. كنت أخشى أن يرانا أحد، لكني وثقت به، فقبلت. لحظة دخولنا الحمام، وعندما بدأ يقبّلني، طرق اثنان من عناصر الأسايش باب الحمام ثم كسروه ودخلا. بدآ يضرباني بهراوة، على ساقيّ، وصدري، وظهري، ووجهي، على جسمي كله. شتموني ووصفوني بـ "الشاذ". قال أحدهما: "تبدو كرجل، وليس كمثلي، لماذا تفعل هذا؟" هددونا بالاعتقال والاتصال بعائلتينا. قال أحد العناصر: "سنضعك في السجن 15 عاما". حاولت أن أبرر موقفي، لكن أحد العناصر أمسك بيدي وأمرني بالذهاب معه إلى سيارته. [131]
في سيارة الشرطة، قال زوران إن شرطيا طلب منه تحميل غرايندر على هاتفه [الشرطي]، وهو ما فعله. ثم شرع في الاعتداء عليه جنسيا. قال زوران:
قال لي: "أنت وسيم جدا، يجب أن تكون مع شخص أكبر منك. يجب أن تكون لي". لمس صدري، ويدي، وجسدي، وقضيبي. لمس قضيبه بينما كان يلمس قضيبي. أثناء قيامه بذلك، سألني: "ما نوع القضيب الذي تحبه؟ كبير؟ صغير؟" بعد أن انتهى، أوصلني إلى سيارتي وتركني أذهب. [132]
قال عباس (21 عاما)، وهو رجل مثلي من بغداد، إنه تعرض في يوليو/تموز 2021 لاعتداء جنسي من قبل شرطي في أحد شوارع بغداد. قال:
كنت أستمع إلى "بودكاست" على هاتفي الساعة 11 ليلا قرب حي الدورة ببغداد عندما اقترب مني شرطي وبدأ بمضايقتي. شدني على الفور نحوه وبدأ بوضع يديه على جسمي. دفعته بعيدا. سألني ما الذي أفعله هنا في الليل، ثم أخذ هاتفي ليرى ما كنت أستمع إليه. وضع يده بين رجلي وبدأ بمداعبة نفسه، ثم قال لي أن أمشي معه نحو مكان به ثلاثة رجال آخرين، لكنني رفضت وهربت. [133]
سلمى (20 عاما)، وهي امرأة ترانس من الموصل، تعرضت للاختطاف والاغتصاب على يد أشخاص يشتبه بأنهم أعضاء جماعة مسلحة في أوائل 2018. قالت:
كنت أسير في الشارع، ثم اقترب مني أربعة رجال يرتدون ملابس الفصائل، وقالوا لي: "أنت بنية مو ولد ليش هيج شكلك؟ أنت شاذ و لوطي!" فجأة وجدت نفسي في سيارة معهم. تناوب ثلاثة رجال على اغتصابي والرابع يتفرج. عندما انتهوا، نزلت من السيارة وهربت. الآن، حتى في بغداد، أشعر بالقلق الشديد من الخروج في الأماكن العامة. منذ ذلك الحين حاولت الانتحار ثلاث مرات. لم أعد أخرج بعدها. [134]
قالت خديجة، (31 عاما) وهي امرأة ترانس:
التقيت بشخص من وزارة الداخلية، في منصب رفيع جدا في بغداد. مارس الجنس معي رغما عني. كما كان بحوزته أسلحة ومسدسات مزودة بكاتم للصوت. أعطاني أرقام الأشخاص الذين أراد مني أن أنام معهم، وقال إن عليّ أن أحضر له دليلا على ذلك – واقي ذكري مستعمل، وصور، وتسجيلات صوتية. أخبرني أن أخفي هاتفي [الذي أراد أن أستخدمه للحصول على دليل] في مؤخرتي حتى لا يجدوه. غادرت منزله وذهبت فورا إلى كردستان. ذهبت إلى السليمانية ومن هناك ذهبت إلى أربيل وقضيت هناك عاما. عدت إلى بغداد وغيرت رقمي، ومكان إقامتي، وكل ما يمكن أن يدل ذلك الرجل علي. [135]
قال مازن (20 عاما)، وهو رجل مثلي من بغداد، في أبريل/نيسان 2020، إنه أُوقف عند نقطة تفتيش في حي الكرادة:
طلب مني شرطي الخروج من السيارة. سأل عن اسمي وعمري. ظللت أجيب لتجنب أي مشاكل. قال: "ما راح أتركك تروح إذا ما تنطيني ]تعطيني[ رقمك". لم أعرف ماذا أقول، كنت مرتبكا للغاية، واضطررت في النهاية إلى إعطائه رقم هاتفي – اتصل بي للتأكد من أنه ليس مزيفا. في الساعة 1 صباحا تلقيت مكالمة، رفضتها وسألت من هو عبر واتساب. لم أتلقى ردا واتصل الرقم مرة أخرى. عندما أجبت، أخبرني أنه الشرطي الذي أوقفني سابقا وأنه يريد التعرف علي. اعتذرت منه وقلت إنني غير مهتم، ثم أنهيت المكالمة.
اتصل بي مرارا وتكرارا لمدة يوم ونصف ولم أجب. في النهاية، أرسل لي رسالة عبر واتساب فيها [وصف] لسيارتي و[رقم] لوحة ترخيصي وأخبرني أنه سيصادر سيارتي إذا لم أجب. عندما قابلته، كان الأمر سيئا للغاية. اصطحبني بسيارته، وأخذني إلى شقته. شعرت بالقلق لوجودي في تلك الشقة وأخبرته أنني أريد المغادرة. رفض واغتصبني. كرهت نفسي في ذلك الوقت. بكيت وصرخت وتوسلت إليه أن يأخذني إلى المنزل. أوصلني إلى المنزل، لكنني نسيت هاتفي. كنت أرتجف. [136]
في 2019، عندما كانت تاتيانا، وهي امرأة ترانس من البصرة، مدينة في جنوب العراق، في الـ 17 من عمرها، تعرضت لاعتداء جنسي من قبل رجل قال إنه ينتمي إلى وحدة تابعة لقوات الحشد. قالت:
كنت ذاهبة لأداء امتحان في منطقة القصور، وتهت في المبنى. ذهبت لأسأل عن الاتجاهات، فأجلسني مجموعة من الرجال في منتصف وأواخر العشرينات في مكتبهم وبدأوا يتحرشون بي. طلبوا رقمي، وقالوا إنهم مع قوات الحشد. أعطيت أحدهم رقمي فقط للتخلص منه. طلب مني لاحقا خدمات جنسية، لكنني رفضت. بدأ بمراسلتي بعد ثلاث ساعات من لقائنا، وأخبرني أنه معجب بي، ثم طلب الخروج معي. خفت أن يقتلني، فخرجت معه، في سيارة حكومية. أخذني إلى منطقة مهجورة ومارس الجنس معي بالقوة. ثم أعادني إلى المنزل وقمت بحظر رقمه. بدأ يتصل من أرقام أخرى ويهدد بإخبار والديّ؛ استمر على ذلك شهرا. لا أعرف كيف حصل على كل هذه المعلومات عني لأنني تأكدت من أنه يوصلني على بعد مسافة من منزلي. أخبرني أنه يعرف كل تفاصيلي الشخصية وبيانات والدي أيضا. أرعبني ذلك. [137]
V. انتهاكات قوات الأمن
في أوائل 2021، ذهبت إلى ساحة التحرير وكان هناك شجار كبير. كنت أعمل مسعفة حينها. طوّق عناصر الشرطة المنطقة التي كنت أعمل فيها بالكامل وأقاموا حاجزا، ثم قبضوا علي وضربوني في ساحة الخلاني. تعرضت للكثير من الضرب، ما تسبب بكسور في عمودي الفقري. كانوا يفتشونني بطريقة جنسية للغاية ويسخرون من مظهري. لم أستطع قول أي شيء لأن السلاح كان موجه نحوي. بدا كل شيء مباحا لهم، حتى القتل.
—مريم (21 عاما)، امرأة مثلية عراقية، 23 يوليو/تموز 2021يواجه أفراد مجتمع الميم في جميع أنحاء العراق عنفا مستمرا من قبل مسؤولي الأمن، الذين يعتدون عليهم لفظيا وجسديا، ويعتقلونهم بشكل تعسفي، ويحتجزونهم، غالبا دون أساس قانوني. أفاد الذين تمت مقابلتهم أن أي اشتباه بأن لدى الشخص هوية جندرية غير نمطية قد يؤدي إلى التعرض للعنف أو التحرش من قبل قوات الأمن. وثّقت هيومن رايتس ووتش 15 حالة اعتقال على يد قوات الأمن ضد 13 شخصا من أفراد مجتمع الميم في العراق.
"مأساة لا تنتهي": اعتقالات وعنف وتحرش على نقاط التفتيش
نقاط التفتيش الأمنية منتشرة في كل أرجاء العراق. [138] يمكن لعناصر الأمن عند نقاط التفتيش إيقاف مرور المركبات، وتفتيش السيارات، إضافة إلى الأفراد الموجودين في السيارة، وقد يطلبون من الأفراد الذين يمرون عبر نقطة تفتيش إبراز هوياتهم. الغرض الأساسي من نقاط التفتيش هو فرض الرقابة على أي تهديدات للأمن القومي.
يؤدي انتشار نقاط التفتيش إلى إساءة استخدام أفراد الأمن للسلطة، حيث يوقفون المشاة الذين يعتبرونهم "مصدر تهديد" بانتظام، وقد يشعرون بأنهم قادرون على فرض رقابة تعسفية على الأفراد الذين يعتبرونهم "مشبوهين".[139]
أفاد 34 ممن قابلتهم هيومن رايتس ووتش أنهم تعرضوا للاستجواب عند نقطة تفتيش مرة واحدة على الأقل.
قالت مريم (21 عاما)، وهي امرأة مثلية من بغداد:
إنه [التوقيف عند نقاط التفتيش] مأساة لا تنتهي بالنسبة لي. هناك شرطي في مدينتي يوقفني كل مرة يراني ويسألني عن بطاقة هويتي. حفظ اسمي وتفاصيل عني، بما فيها مكان إقامتي. تتوافق صورتي على الهوية مع مظهري إلى حد كبير، لكن شعري قصير وغالبا لا تُظهر ملابسي ملامحي الأنثوية مثل باقي الفتيات. يقولون لي: "أنت رجل!" دائما ما أسمع كلاما مثل: "أوه، أنت حقا فتاة؟" عندما تتحرك سيارتي من نقطة التفتيش يقولون: "إنها سحاقية!" يحدث هذا كل مرة. [140]
أضافت مريم:
في أوائل 2020، كنت في ساحة الاحتجاج عندما جاءت سيارة وأوقفتني، ثم أخذتني إلى مركز للشرطة. لم يأخذوني إلى الزنزانة، بل إلى القاعة الرئيسية في المركز. بين الحين والآخر كان يأتي إليّ شخص ما ويسألني إذا ما كنت فتى أو فتاة. أثناء الاستجواب، سألوني أسئلة شخصية، مثل: "إذا إنتي بنية ]بنت[، شنو عندج هناك ]ما الذي كنت تفعلينه هناك[؟ وليش هيج شكلج؟ ليش لابسة هيج؟ عندج أشياء مو قانونية؟ ومن وين إلج ]من أين لك[ هاي الفلوس؟" لا يسمحون لي مطلقا بالإجابة بحرية، كانوا يسألون سؤالا وينتقلون بسرعة إلى السؤال التالي. ذكرت اسم صديقة لديها أموال ومواد مساعدة من الولايات المتحدة، وقلت لهم أن يتصلوا بها؛ أطلقوا سراحي مباشرة بعد ذلك. لم أضطر إلى التوقيع على شيء لأن ذلك حدث قبل أن يكتبوا محضر الشرطة. [141]
قالت رزان (41 عاما)، وهي امرأة ترانس من البصرة، إن أمن المطار اعتقلها في ديسمبر/كانون الأول 2018 في مطار بغداد لدى عودتها من تركيا. قالت رزان إن عناصر الأمن شتموها بسبب مظهرها واتهموها بانتحال صفة شخص آخر. قالت لـ هيومن رايتس ووتش:
اعتُقلت لعدة ساعات. سألوني ما إذا كان شعري طبيعيا أو مستعارا، وألقى رجل الأمن بجواز سفري على الأرض وبدأ بإذلالي بسبب مظهري. [142]
قالت نسمة (18 عاما)، امرأة ترانس، إنها أوقفت عند نقاط التفتيش في بغداد كثيرا، بسبب تعبيرها الجندري. في 2020، عندما كان عمرها 17 عاما، أوقفت نسمة عند نقطة تفتيش في حي العامل ببغداد. قالت:
بدأوا [عناصر الشرطة] بالتحرش بي جنسيا، ولمس جسدي والتهكم على مظهري لإذلالي. سألني شرطي عن رقمي. أُجبرت على إعطائه رقما، وأعطيته رقما قديما كان خارج الخدمة. [143]
قال سامي (23 عاما)، وهو رجل مثلي من النجف، إن نقطة تفتيش أوقفته أثناء زيارته لضريح الإمام
علي:
الضريح قريب من منزلي، لذا لم آخذ بطاقة هويتي معي. أثناء مغادرتي قبل الفجر، بدأت أسمع أناسا يصيحون علي لأتوقف، دفعوني [عناصر الشرطة] وسألوني: "شنو تسوي هنا ووين ساكن؟" أرادوا أن يروا هاتفي وأمطروني بالأسئلة: "ليش ضام تلفونك هيج؟ أنطيني هويتك. تعال وياي ]معي[ نقضي ليلة بالكرفان". أخبرتهم أنني آتي إلى هنا كل يوم وسألتهم لماذا يريدون هويتي بالرغم من أن بيتي قريب جدا. بعد ساعات من التحرش الجنسي والتهكم، تركوني أذهب. [144]
قال علي (18 عاما)، وهو رجل مثلي من كربلاء، إنه في أبريل/نيسان 2018، عندما كان عمره 15 عاما، أوقفته نقطة تفتيش بالقرب من منزله في البصرة، حيث كان يقيم حينها. قال:
أوقفوني [عناصر الشرطة] لعدة ساعات عند نقطة التفتيش، فقط بسبب مظهري، وشعري الطويل. رفضوا السماح لي بالمرور إلا إذا اتصلت بوالديّ وأخبرتهم أنني عند نقطة التفتيش هذه. قال لي الشرطي أن أذهب إلى المنزل معه. أخذ رقمي وحاول التواصل معي عبر واتساب. سألني أحد عناصر الشرطة: "عائلتك تعرف بهذا شكلك؟"[145]
قالت مسى (19 عاما)، وهي امرأة ترانس من النجف، إنها تعرضت في أواخر 2020 للتحرش الجنسي من قبل شرطي مرور. قالت:
كنت ذات يوم عائدة إلى المنزل من المدرسة في الحافلة. بينما كنت أسير، تبعني شرطي مرور على دراجته النارية. ظل يلحقني وأخذ رقمي وتفاصيل مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بي. تواصل معي عبر فيسبوك، وأراد أن ينام معي. [146]
قال مازن (20 عاما)، وهو رجل مثلي من بغداد، إن الشرطة أوقفته وصديقه في أبريل/نيسان 2019 بينما كانا في سيارتهما:
كنا نُقبّل بعض، اقتربت منا سيارة شرطة فجأة. نظرا إلينا وطلبا منا أن نخرج فورا. كانا شرطيين من "مغاوير قوة الشرطة الاتحادية" [وفقا لزيهم]. سألانا عما نفعل وطلبا هوياتنا. لم يشاهدانا عندما كنا نُقبّل بعض لكنهما أوقفانا بسبب مظهرنا. لم يتركانا حتى دفعنا لهما حوالي 50 ألف دينار (34 دولار أمريكي) كرشوة. [147]
قال حمد (19 عاما)، رجل مثلي من بغداد، إن نقطة تفتيش أوقفته في 13 مارس/آذار 2020 الساعة 8 مساء في ساحة الخلاني ببغداد. قال:
أوقفوني [عناصر الشرطة] وطلبوا هويتي، والتي لم أكن أحملها. ثم أخذوا هاتفي لتفتيشه. بحثوا [في حساباتي على] "فايبر"، وفيسبوك، و"إنستغرام"، والرسائل، وواتساب. ثم تفحص الشرطي صوري، ورأى علم قوس قزح و14 صورة خاصة لي، ما أكد له أنني مثلي. بدأ يسألني أسئلة جنسية للغاية. أراد مني أن أرافقه إلى شقته، ليفعل ما يريد معي. هدد باعتقالي، وتعذيبي، واغتصابي، وقتلي إذا لم أتكلم. احتُجزت لأربع ساعات، حتى الساعة 12 صباحا، علق على شعري الطويل وقال إنه سيسلمني إلى الجماعات المسلحة لاغتصابي. كنت خائفا جدا، أصبحت شاحبا. عندما رفضت ممارسة الجنس معه، دعا زملاءه الشرطة وهددوا أيضا باعتقالي والاعتداء علي. أخبرني صراحة أنه سيغتصبني إذا رآني مرة أخرى، ثم أطلق سراحي. [148]
قال منتصر (26 عاما)، رجل مزدوج التوجه الجنسي من كركوك، إن عناصر "جهاز الأمن الوطني" أوقفوه في مطار بغداد في يونيو/حزيران 2018. قال:
كانت الساعة 11 صباحا وكان يُفترض برجل الأمن أن يختم جواز سفري لكي أغادر، لكنه رفض وقال: "مو بهالسرعة، مو كل يوم يجينا هيج وجه". قال رجل أمن آخر: "أنت أحلى من صاحبتي". أصرا على أن أرافقهما، وسايرتهما لأن جواز سفري معهما. قبل أن نصل إلى المكتب، شعرت بالارتباك وصرخت بهما: "ألا تخجلون من أنفسكم ؟! ماذا تحاولون أن تفعلوا، إنه شهر رمضان!" ثم أتى المشرف عليهم وأطلق سراحي. [149]
قال منتصر إن نقطة تفتيش الشعب شمال بغداد أوقفته في 22 نوفمبر/تشرين ثاني 2019:
ظلوا [عناصر الشرطة] يقولون أشياء مثل: "شكد حلو [إنه جميل جدا]، بينتاك [يمارس الجنس مع رجال]، بيه لمعة". أراد الشرطي اعتقالي، وبينما كان يصطحبني إلى مركز الشرطة، تعثر وأسقط جواز سفري في الوحل، فبلله. [150]
قال منتصر إن جواز سفره تلف بعد الحادثة، ووصف الإجراءات "الشاقة والبيروقراطية" التي واجهها لإصدار جواز سفر جديد في العراق:
استغرقت العملية شهرين، وكنت أتعرض للتحرش الجنسي والجسدي كلما دخلت مركز الشرطة أو المحكمة. كان رجال الأمن يقولون: "هل أنت مخنث؟ لا، أنت فرخ". استمروا بذكر كل الأمور الفاحشة التي قد يفعلونها بي، ودفعوني. في مركز الشرطة، أخذني مفوض شرطة كبير السن جانبا وطلب رقمي وحسابي على فيسبوك "لتسريع الإجراءات لي". في تلك الليلة، اتصل بي وبدأ بالتحرش بي. قال أشياء مثل: "حبيبي أني أريد أسافر وياك، بيتي فارغ تعال يمي ]عندي[". فحظرته. [151]
في يوليو/تموز 2020، قال منتصر إن ضابطا كبيرا في مركز شرطة ببغداد اتصل بصديقه، الذي يعمل لدى الشرطة، للاستفسار عنه. قال: "أين هذا الفتى الجميل [منتصر]؟" ثم بدأ بإقناع صديقه بافتعال شجار وهمي مع منتصر ليعتقلوه، ليتمكن الضابط من ممارسة الجنس معه، على حد قوله. [152]
"ماكو طلعة أبد [لن تخرج أبدا]": المعاملة السيئة والتعذيب أثناء الاحتجاز
أفاد أشخاص من مجتمع الميم تعرضوا للاحتجاز، كغيرهم من العراقيين الذين تعرضوا للاحتجاز، بأنهم أجبِروا على توقيع إقرارات تنص على عدم تعرضهم لسوء المعاملة أثناء الاحتجاز أو للحرمان من الاتصال بمحام. شملت ظروف احتجازهم الحرمان من الطعام والماء، والحق في التواصل مع الأسرة والتمثيل القانوني، والحق في الحصول على الخدمات الطبية، والاعتداء الجنسي والجسدي. تحدث رجل (18 عاما) عن إخضاعه لفحص شرجي قسري عندما كان عمره 17 عاما، وقال رجل آخر (18 عاما) إن عناصر الشرطة حاولوا إخضاعه لفحص شرجي قسري عندما كان عمره 17 عاما. يمكن أن ترقى الفحوص الشرجية، التي تفتقد للمصداقية عالميا، إلى مستوى التعذيب والاعتداء الجنسي بموجب القانون الدولي. [153]
كريم (18 عاما)، رجل مثلي من النجف، كان عمره 17 عاما عندما اعتُقل في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020، الساعة 3 بعد الظهر، عند نقطة تفتيش ببغداد، أثناء عودته إلى النجف. قال كريم:
أوقفوني [رجال الشرطة] لأن شعري طويل. فتشوا حقيبتي، كان فيها علب مكملات غذائية بسبب إصابتي السابقة بفيروس "كورونا" واتهموني بتعاطي حبوب مخدرة. اتهموني أيضا بتقديم خدمات جنسية مقابل المال. اتصلوا بأجهزة المخابرات وأخبروهم أنهم قبضوا علي على دراجة نارية وبحوزتي مخدرات، وهذا ليس صحيحا. [154]
قال كريم إن عناصر الشرطة اقتادوه إلى كرفان بالقرب من نقطة التفتيش، وقام أحد أفراد الأمن داخل الكرفان بلمس أعضائه التناسلية أثناء التفتيش، بينما كان باقي العناصر يضحكون. أهان رجال الشرطة كريم بقول أشياء مثل: "إذا إنت هيج حلو لعد أمك وأخواتك شلون [إذا كنت جميلا لهذه الدرجة، فما مدى جمال أمك وشقيقاتك]؟ راح نبيعك للسجناء وهناك ماكو طلعة أبد ]لن تخرج أبدا[".[155]
قال إن عناصر الشرطة فتشوا هاتفه، وبعد رؤية صور شخصيات مثل صفاء السراي، وهو ناشط حقوقي قُتل خلال احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019 في ساحة التحرير وسط بغداد، اتهمت السلطات كريم بأنه "[متظاهر] تشريني". قال كريم إنهم عندما رأوا الكوفية في حقيبته، قال أحد العناصر: "تحاول تكون فلسطيني إرهابي؟".[156]
قال كريم إن عناصر الشرطة مسحوا وجهه بمنديل ورقي للتحقق مما إذا كان يضع مساحيق التجميل. ثم اقتاد العناصر كريم إلى مركز للشرطة قرب الدورة في بغداد. قال كريم أنهم سألوه أثناء التحقيق: " إنت سني لو شيعي؟ ليش جيت لبغداد [لماذا أتيت إلى بغداد]؟ إنت تشتغل بالدعارة؟ شكد تحصل فلوس؟ ومن يا عشيرة إنت؟".[157]
قال كريم عن تجربته في مركز شرطة الدورة ببغداد:
كنت برفقة 14 شرطيا في مساحة ضيقة، وانهالوا علي بالشتائم، والكلام المسيء، والتحرش اللفظي والجنسي والجسدي، والتهديد بالاغتصاب والسجن. التقطوا صورا مهينة لي. دفعوني فيما بينهم. حدث هذا بينما كنت أنتظر أن يأتي أحدهم ليجردني من ملابسي ويفحصني. لمس أحد العناصر أعضائي التناسلية وقال: "إذا تكولي شكد ]أخبرتني كم[ تحصل على الليلة راح أتركك تروح". كنت طفلا. [158]
أضاف كريم أن العناصر اتصلوا بوالديه، وطلبوا منهم الحضور في نفس اليوم، وإلا سيُسجن.
قال كريم إنه نُقل إلى غرفة بها مرتبة، وعدة أدوات طبية، وملفات اعتقال، حتى يخضع للفحص الشرجي القسري. قال لـ هيومن رايتس ووتش:
بينما كنت أحاول خلع ملابسي، كان هناك العديد من أفراد الأمن يحيطون بي. تحرش أحدهم بي جنسيا عبر لمس أعضائي التناسلية. [159]
وفقا لكريم، قبل الإفراج عنه بكفالة في اليوم التالي، أُجبِر على التوقيع على إقرار بعدم تعرضه لأي إساءة لفظية أو جسدية. قال إنه أُجبِر أيضا على توقيع تعهد بعدم دخول بغداد مرة أخرى. قال كريم إنه بعد احتجازه أصيب بالاكتئاب وحاول الانتحار عدة مرات. [160]
قال كريم إن والده، الجندي السابق، أساء إليه لفظيا وهو يصوب مسدسا نحوه. قال كريم إنه احتجزه في غرفته بالمنزل لفترة طويلة، وأخبره أنه فقد شرفه ولن يكون رجلا أبدا. "هدد [والدي] بقتلي إذا اعتُقلت مرة أخرى".[161]
قال علي (18 عاما)، وهو رجل مثلي من كربلاء، إنه اعتُقل ثلاث مرات عندما كان طفلا. في 2019، عندما كان عمره 16 عاما، اعتُقل علي عند نقطة تفتيش بالقرب من منزله في منطقة الزبير في البصرة، بعد عودته من السينما مع ابن عمه. قال:
أوقفتني إحدى نقاط التفتيش الرئيسية قرب منزلي. طلبوا مني هويتي، ولم تكن معي لأنني لم أعرف أني كنت مضطر لحملها كل مرة أخرج فيها إلى مكان ما كأنني دائما موضع شبهة. ثم أخذوني إلى مركز الشرطة، وتناوب جميع رجال الشرطة على مضايقتي لفظيا. سألوني عن علاقاتي الجنسية. ثم قال أحدهم، "ليش ما تجي تمارس الجنس ويانا؟" وهددوا باحتجازي، ثم أجبروني على قص أظافري بشفرة حادة حتى أخرج. وقعت على تعهد وغادرت المركز وأصابعي تنزف. كنت مرعوبا. [162]
في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عندما كان عمر علي 17 عاما، اعتقلته عناصر الشرطة عند نقطة تفتيش في بغداد واقتادوه إلى مركز شرطة قريب في عرب جبور. قال علي:
احتُجزت لثماني ساعات تقريبا. بينما كانوا [عناصر الشرطة] يصطحبوني إلى مركز الشرطة، ضايقوني لفظيا وتنمروا عليّ بسبب مظهري. وضعوني في غرفة صغيرة بها أكثر من عشرة عناصر، بينهم الضابط، وعدة عناصر شرطة، وشرطي مرور. بدأوا بكتابة محضر الشرطة. فتشوني من رأسي إلى أخمص قدميّ، وأصروا على أخذ هاتفي، رغم رفضي. انزعجوا بشكل واضح وسألوني عن رفضي، فزعمت أن لدي صور عائلية خاصة. كانوا مصرين على سجني. أجبروني على الاتصال بوالديّ وإخبارهما بأنني محتجز. [163]
في الطريق إلى مركز الشرطة، قال علي إن رجل شرطة دفعه على كومة من الأسلحة وضعها العناصر في الكرفان، ما تسبب له بكدمات. تحدث علي عن خضوعه لاستجواب دام ثماني ساعات من قبل عناصر الشرطة. قال:
كانوا يبحثون عن دليل على أنني مثلي لكنهم لم يجدوا أي دليل. سألوني: "شكد ]كم[ تحصل فلوس من ممارسة الجنس؟" لم يتوقف الاستجواب أبدا، وطرحوا أسئلة معظمها دينية: "إنت شيعي ليش تروح على منطقة سنية تمارس الجنس بفلوس؟ تعال مارس الجنس ويانا ]معنا[. إحنا شيعة مثلك. إنت شاذ، لوطي". سألوني عن حسابي الشخصي على فيسبوك. كنت قلقا للغاية طوال الوقت، وعانيت من ضيق في التنفس. طلبت منهم المساعدة الطبية والماء، لكنهم لم يساعدوا في أي شيء، ولا حتى الماء. [164]
قال علي إن العناصر أرادوا إخضاعه لفحص شرجي قسري لكنهم قالوا إنهم سينتظرون حتى "يدخل السجن". أضاف أن وصول عقيد من مسقط رأسه أنقذه. قال علي: "سألني العقيد من أين أنا، واتضح أننا ننتمي لنفس الأقلية الدينية. ثم أمر العناصر بتركي في الغرفة حتى يأتي والداي، وألا يأخذوني إلى السجن".[165]
قبل أن يدفع والده الكفالة لتأمين الإفراج عنه، قال علي إن عناصر الشرطة أجبروه على توقيع إقرار بعدم تعرضه لأي تحرش أو سوء معاملة أثناء الاحتجاز. [166]
في 2021، أوقفت جماعة مسلحة تُدعى حشد العتبات علي في محافظة كربلاء وسط العراق، حيث كان يلتقط صورا لمبان، بسبب "مظهره المخزي"، قال علي: "بعد أن جاء قائد الجماعة المسلحة، قال لرجاله أن يقصوا شعري ثم يخلوا سبيلي".[167]
قالت مسى (19 عاما)، امرأة ترانس من النجف، إنها اعتُقلت في مارس/آذار 2018، عندما كان عمرها 16 عاما. قالت:
كنت على علاقة برجل من بغداد جاء لزيارتي في النجف. أراد زيارة العتبة [ضريح مقدس]. عادة لا أذهب هناك بسبب مظهري. ذهبنا، ووشى بنا بعض الناس لقوات الأمن في المنطقة. أخذونا إلى مركز شرطة قريب بشبهة الالتقاء لممارسة الجنس، رغم أن ذلك لم يكن في نيتنا. أخذوا هواتفنا بالقوة وفتشوها. كانوا متيقنين من أنني ترانس بسبب الصور الموجودة على هاتفي. فصلوني عن رفيقي ووضعانا في غرف مختلفة. بعد ذلك، تحرش بي معظم عناصر المركز جنسيا بملامستي والإمساك بمؤخرتي إلى جانب كلام بغيض مثل "لوطيون". فعلوا ذلك أثناء استجوابنا وتفتيش مقتنياتنا. قالوا إنهم سيجرون لي فحصا شرجيا، لكنني بكيت وتوسلت إليهم ألا يفعلوا. كما قاموا بضرب رفيقي. كانت معاملة مهينة للغاية. كنت مرعوبة.[168]
مذكرات اعتقال بحق نشطاء في إقليم كردستان العراق
في يونيو/حزيران 2021، أصدرت شرطة إقليم كردستان العراق مذكرات اعتقال بحق 11 ناشطا لحقوق مجتمع الميم، بمن فيهم ثلاثة محامين، وعاملَين اجتماعيَين، وسائق، وخمسة نشطاء، وهم إما موظفين حاليين أو سابقين في منظمة راسان، وهي منظمة حقوقية مقرها السليمانية. جاءت أوامر الاعتقال في أعقاب دعوى قضائية ضد راسان رفعها برزان أكرم منطق، رئيس "دائرة المنظمات غير الحكومية" في إقليم كردستان العراق، وهي هيئة حكومية مسؤولة عن تسجيل وتنظيم ومراقبة جميع المنظمات غير الحكومية في إقليم كردستان العراق. [169]
قال نشطاء ممن رفعت عليهم الدعوى لـ هيومن رايتس ووتش أنه عندما قام محاميهم بزيارة مركز الشرطة للاستفسار عن التهم، استشهد عناصر الشرطة في المركز بالدعوى المكتوبة، والتي نصت على تهم بموجب المادة 401 من قانون العقوبات العراقي، التي تعاقب "من أتى علانية عملا مخلا بالحياء" بالسجن لغاية ستة أشهر، و/أو غرامة تصل إلى 50 دينارا (0.034 دولار). [170]
في 28 يونيو/حزيران، قال اثنان من النشطاء والسائق إنهم ذهبوا إلى مركز شرطة سرجنار في السليمانية للاستجواب. قال الناشطان إن عناصر الشرطة في المركز استفسروا عن أنشطة المنظمة، وتحديدا صفحتهم على فيسبوك، والتي تحتوي على بيانات وصور مؤيدة لمجتمع الميم. أشار العناصر أيضا إلى أن ترخيص المنظمة انتهى في 2018. قال الناشطان إن عناصر الشرطة سألوا: "إذا كنتم مرخصين كمنظمة لحقوق المرأة، فلماذا لديكم محتوى متعلق بمجتمع الميم على موقعكم على الإنترنت وصفحتكم على فيسبوك؟" قال الناشطان إنه قبل مغادرة مركز الشرطة، أجبرهما عناصر الشرطة على توقيع تعهدات بعدم نشر محتوى مماثل في المستقبل. [171]
قال نشطاء لـ هيومن رايتس ووتش إنهم أُجبروا على حذف المحتوى المتعلق بمجتمع الميم من صفحاتهم العامة على الإنترنت. وقت كتابة هذا التقرير، ورغم عدم اعتقال أي من النشطاء، فقد أُبلغوا بأن القضية الآن منظورة أمام القضاء وأنها قيد التحقيق.
تنتهك أوامر الاعتقال الدستور العراقي والتزاماته بموجب القانون الدولي. تنص المادة 39 من الدستور العراقي على حرية تأسيس أي جمعية، أو منظمة، أو حزب سياسي[172]، بينما يحظر "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، والعراق دولة طرف فيه، التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية في دعم الحق في حرية التعبير، والتجمع، وتأسيس الجمعيات. [173]
"بيقلبوا ضدي": الإفلات من العقاب والإحجام عن الإبلاغ عن الانتهاكات
يشكل اقتران الضعف الشديد، والنصوص القانونية المتعلقة بـ"الأخلاق" المعرفة بشكل فضفاض، وغياب التشريعات المناهضة للتمييز وأنظمة الشكاوى الموثوقة، حواجز هائلة تعيق قدرة واستعداد أفراد مجتمع الميم للإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرضون لها إلى الشرطة، أو تقديم شكاوى ضد جهات إنفاذ القانون، ما يخلق بيئة يمكن للشرطة والجماعات المسلحة فيها الاعتداء عليهم دون عقاب.
بالإضافة إلى ذلك، يختار الضحايا أحيانا عدم تقديم شكاوى ضد جهات إنفاذ القانون والجماعات المسلحة بسبب التهديدات، والخوف من الانتقام، والخوف من الكشف العلني عن هوياتهم. كما يفتقر معظم الأفراد الذين تمت مقابلتهم إلى الثقة في نظام العدالة الجنائية لتحقيق العدالة – وهو جزء من مشكلة أوسع تتعلق بالثقة في المؤسسات العامة في العراق.
الوصول إلى الانتصاف صعب بشكل خاص لأفراد الفئات الضعيفة. بينما توجد آليات قائمة لتقديم الشكاوى الرسمية، فإن العوائق اللوجستية، والاجتماعية، والهيكلية تجعل النظام غير كاف إطلاقا لضمان المساءلة عن المخالفات، لا سيما ضد مجتمع الميم. قال جميع أفراد مجتمع الميم الـ 54 الذين قوبلوا لهذا التقرير، إنهم لن يُبلغوا عن جريمة ارتكبت ضدهم للشرطة، إما بسبب محاولات سابقة فاشلة رُفضت فيها الشكوى أو لعدم اتخاذ أي إجراء من قبل الشرطة، أو لأنهم يشعرون أن اللوم سوف يوجه إليهم بسبب اختلاف توجهاتهم الجنسية، وهوياتهم وتعبيراتهم الجندرية.
قالت خديجة (31 عاما)، امرأة ترانس من بغداد:
بعد محاولة قتلي، لم ألجأ إلى أي مركز شرطة أو مكتب حكومي لأنني أعرف أصدقاء حاولوا ذلك واغتُصبوا في المقابل من قبل الحراس والعناصر ومدير مركز الشرطة. أي قانون في العراق يمكن أن يحمينا؟ خيارنا الوحيد الإعدام. [174]
قالت نسمة (18 عاما)، امرأة ترانس من بغداد:
كنت في حي العطيفية مع صديقتي في حديقة وأوقفنا رجل بسيارته وصوّب مسدسا نحونا. أراد اغتصابنا لكننا هربنا بطريقة ما. لم يكن شرطيا، لكنه قال إن والده شخصية حكومية. اتصلت فورا بالخط الساخن 104 للشرطة وأخبرتهم أن شخصا صوب مسدسا نحوي، وقالوا إنه لا يمكنهم فعل شيء من أجلي. [175]
قال سامي (23 عاما)، رجل مثلي من النجف: "إذا أخبرت السلطات يوما بتعرضي للتهديد لكوني مثلي، فسوف يعتقلونني بالتأكيد. سيعتقلونني لأنني مثلي، لكنهم سيفعلون ذلك بتهم أخرى زائفة".[176]
قال علي (18 عاما)، رجل مثلي من كربلاء: "لن أبلغ عن الانتهاكات لقوات الأمن أبدا. أعلم أنهم سينقلبون ضدي. لا أشعر بالأمان بإبلاغهم". أضاف:
أخشى أن أصاب بالاكتئاب الشديد وأقرر الانتحار. أتمنى التمتع بالسلامة حتى أعبر عن نفسي. أتمنى أن يوقف الناس خطاب الكراهية تجاه مجتمع الميم. أتمنى أن تُدرّب الحكومة عناصر الشرطة بشكل أفضل، وأنه إذا أوقفت في أي مكان، فسيُسمح لي بالاتصال بمحام. أتمنى أن يعاملونا بشكل أفضل في مراكز الشرطة وفي الشوارع.[177]
VI. الاستهداف الرقمي والتحرش عبر الإنترنت على يد الجماعات المسلحة
وثّقت هيومن رايتس ووتش 42 حالة استهداف على الإنترنت على يد أفراد عرّفوا عن أنفسهم بأنهم أعضاء في جماعات مسلحة ضد أفراد من مجتمع الميم في العراق.
" الكل يريدني نموت": تهديدات بالقتل عبر الإنترنت والعواقب على أرض الواقع
قال ياسر (21 عاما)، رجل مثلي من بغداد، إنه تلقى تهديدا بالقتل في 15 سبتمبر/أيلول 2021، على واتساب، من أفراد عرّفوا عن أنفسهم بأنهم ينتمون إلى عصائب أهل الحق. جاء في الرسالة التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش:
احفظ كرامة عائلتك وعشيرتك وكرامة والدك [حُجب الاسم]. تُوب توبة نصوحة يا [ياسر] لوجه الله تعالى من ممارسة الشذوذ الجنسي واللواط والمثليين اللي إنت ماشي بيه. نحن نعرف كل شيء عنك ونعرف جماعتك. هذا آخر تحذير لك، وإلا رح نقتلك وتلحق صديقك [حُجب الاسم]. راح نقتلك بنص بيتك حتى تكون عبرة لكل النفوس الضعيفة أمثالك التي لم تتوب من هذه الأعمال. هذا التحذير الأخير، ولن نرحم أحد وقد أعذر من أنذر، والله على ما نقول شهيد.[178]
تحدث ياسر إلى هيومن رايتس ووتش حول تبعات تلقي هذا التهديد. قال: "ما بخرج من بيتي. أني مرعوب إن العصائب راح يقتحموا بيت أبي ويقتلوني. لو أبي علم باستهدافي راح يقتلني. ما كلت لأحد عن التهديد بس بطاردني كل يوم".[179]
في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حاول ياسر الانتحار بابتلاع حبوب بدون وصفة. نُقل إلى المستشفى ونجا. قال ياسر لـ هيومن رايتس ووتش: "ما بدي عيش. لشو؟ الكل يريدوني ميت".[180]
قال كريم (18 عاما)، رجل مثلي من النجف، إنه في مايو/أيار 2020، تداول عدة أشخاص، بمن فيهم أفراد قالوا إنهم ينتمون إلى قوات الحشد، صورا له على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، واصفين إياه بـ "المنحرف" الذي "يجب إعدامه، وقطع رأسه، واغتصابه" لأنه "يحرض على المثلية الجنسية".[181]
وصف فارس (23 عاما)، وهو رجل مثلي من البصرة، التهديدات التي تلقاها على الإنترنت في مايو/أيار 2020. قال:
قابلت شخصا على الإنترنت عرّف عن نفسه على أنه رجل في عمري وقال إنه يعيش في نفس المدينة مثلي. سأل عن حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي، عنواني، ثم أرسل لي صورا لي ولوالدتي وجدها على إنستغرام، مع رسائل وآيات من القرآن. ثم هددني بالقتل. هددني حساب آخر به صورة مختلفة بالقول: "إننا نراقبك، نحن نعرف من أنت، ومن هم والديك وأين تسكن – انتظر عقوبتك". اضطررت إلى مغادرة منزلي خمسة أشهر تقريبا حتى شعرت أنه من الآمن أن أعود. [182]
راجعت هيومن رايتس ووتش الرسائل المرفقة بصور فارس ووالدته والتي تحمل علامة "X" حمراء على وجهيهما، بالإضافة إلى صور رجال مذبوحين في الشارع. قالت إحدى الرسائل:
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا تحذير. نحن خلية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. نحذر كل من ينشر الشذوذ الجنسي الذي ذكره الله عز وجل بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، ويأتون الرجال شهوة من دون النساء ذلك لهم عذاب أليم، صدق الله العظيم. نعلم أنكم تحبون الشباب وتميل نفسكم إليهم. ونسحبكم إلى لقائهم، وسنضطر إلى تصفيتكم واحد بعد الآخر".[183]
قالت مريم (21 عاما)، وهي امرأة مثلية من بغداد، إنها تلقت تهديدات متكررة من جماعات مسلحة، أبرزها سرايا السلام، التي عرَّفوا عن أنفسهم. قالت لـ هيومن رايتس ووتش:
تلقيت تهديدات عبر الإنترنت لأنني مثلية. حاولت أرقام مجهولة الاتصال بي عبر واتساب و"تيليغرام". واحدة من أخطر التهديدات التي تلقيتها جعلتني مضطربة لمدة أسبوع، حدث ذلك من خلال مكالمات هاتفية مستمرة على رقمي من أرقام مختلفة غير مسجلة. كانوا يخبرونني في المكالمات بتفاصيلي كاملة، ومعلومات عن عائلتي، وبيتي، وعمري، ومنطقتي. الخطوة الثانية كانت تهديدي بالقتل لاستخراج معلومات أكثر مني. لكن عندما يصرحون بهذه التهديدات، كنت أحظر الرقم، لأنني إذا تجاوبت فسوف تدينني. كانوا يقولون: "احذري أين تذهبين، كيف تلبسين، وماذا تنشرين على مواقع التواصل". كما كانوا يصفون بالتفصيل ملابسي ومعارفي. الأمر مرعب. [184]
قالت سلمى (20 عاما)، وهي امرأة ترانس من الموصل:
أنا عارضة أزياء ولطالما تلقيت تهديدات عبر الإنترنت بسبب ذلك. غالبا ما أواجه هذه التهديدات عبر الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي. في أواخر 2018، هددوني [الجماعات المسلحة] بالقتل، وأنني إذا لم أتوقف عن العمل بعرض الأزياء، ستكون نهايتي الموت. تركت عرض الأزياء وهربت إلى أربيل.
في سبتمبر/أيلول 2020، تلقيت تهديدات هاتفية بالاختطاف والقتل مباشرة من جماعات مسلحة معروفة في الموصل، بسبب شكلي وعملي. ثم تلقيت هذه التهديدات وجها لوجه، وشعرت بالرعب، لذلك تركت العمل وابتعدت عن كل شيء وعن الجميع. [185]
تحدثت مسى (29 عاما)، امرأة ترانس من النجف، عن التهديدات التي تتلقاها عبر الإنترنت من عناصر الأمن والجماعات المسلحة، خاصة الأفراد الذين عرّفوا أنفسهم بأنهم ينتمون إلى سرايا السلام. قالت:
استخدمت صوري الحقيقية واسمي الحقيقي على الإنترنت، مستخدمة حسابي لتدوين يومياتي. تلقيت تهديدات على منصات تواصل اجتماعي مختلفة من مجموعات مسلحة وكبار مسؤولي الجيش. يستهدفون تحديدا أشخاصا مثلنا، لمطاردتنا وقتلنا. عندما أرفض التجاوب معهم، كانوا يخبرونني أن لديهم أسلحة سيستخدمونها ضدي. تسبب ذلك بحذفي لجميع حساباتي. أعيش الآن في عزلة تامة. التهديدات التي تلقيتها من أشخاص ينتمون لسرايا السلام. سمعت وعرفت الكثير من الأشخاص الذين قُتلوا على أيديهم. [186]
يدافع سامي (23 عاما)، رجل مثلي من النجف، عن حقوق مجتمع الميم في العراق على حسابه على إنستغرام. دفع عمله عدة أفراد عرّفوا عن أنفسهم كأعضاء في جماعات قوات الحشد إلى تهديده عبر رسائل مباشرة على التطبيق. قال:
تلقيت تهديدات كثيرة من سرايا السلام، وعدة جماعات أخرى تابعة لقوات الحشد. عرفتهم لأنهم عرّفوا عن أنفسهم في الرسائل واستخدموا حساباتهم الحقيقية، غالبا مع صورهم بالأسلحة. إنهم مخيفون جدا. لا يرسلون لي تهديدات عادية بالقتل لكن يرسلون غالبا رسائل تصف، بالتفصيل، أين سيأخذونني، وكيف سيغتصبونني ويعذبونني، وعدد الرجال الذين سيغتصبونني، وكيف سيقتلونني في النهاية. [187]
من بين التهديدات التي تلقاها سامي على الإنترنت عبر الرسائل الصوتية، والتي راجعتها هيومن رايتس ووتش، كانت من أفراد يزعمون الانتماء إلى سرايا السلام. ورد في إحدى الرسائل: "عدة أشخاص ستتناوب يغتصبونك قبل أن نقتلك".[188]
"حسيت جسمي مثل جلد الأفعى": ابتزاز و "فضح"
قال ياسر (21 عاما)، وهو رجل مثلي من بغداد إنه تعرض للابتزاز في يناير/كانون الثاني 2021 على يد رجل مثلي آخر قابله على فيسبوك. قال:
كان يرسل لي صورا وأنا أخاف دائما من الصور. إذا انتشرت صورة واحدة، فأنا في عداد الموتى. بدأ يطلب مني الصور. بدأنا نمارس الجنس على الفيديو. لم أعلم أنه كان يسجل ما نفعل. بعد فترة، بدأ يطلب المال. لا أملك شيئا سوى ملابسي. بدأ يهدد بأنه سيذهب إلى حسابات أصدقائي، وعائلتي، وأمي على فيسبوك. انهرت. أحسست بجسمي وكأنه جلد أفعى. كنت أرتجف لا إراديا. لم أتمكن حتى من التقاط هاتفي. لم أصدقه في البداية، ثم أرسل لي الفيديو كاملا. [189]
قال ياسر إن الرجل الذي ابتزه فضحه أيضا أمام صديقه:
ذهب إلى شخص أتمرن معه في النادي الرياضي، وقال: "هل هذا صديقك؟" أرسل له صورة من الفيديو وقال: "إذا ركزت، ستربح سيارة. هذا صديقك، الشاذ الذي يُضاجعه رجال". أرسل لي صديقي الصورة. بمجرد أن فتحتها، شعرت وكأنني مت حينها. كنت أعلم أن والدي سيقتلني. حاولت الانتحار بابتلاع الحبوب، لكنني نجوت. بدأ بإنشاء حسابات مزيفة وتهديدي. حظرت كل الحسابات. [190]
قال عمار (27 عاما)، وهو رجل مثلي من النجف، إنه تعرض في 2019 للابتزاز على تطبيق المواعدة غرايندر من قبل رجل قال إنه ينتمي إلى جماعة مسلحة. قال:
التقيت برجل على غرايندر، وبدا سليما. طلب صوري، فأرسلت له عدة صور. بعد ذلك مباشرة، بدأ يهددني. قال إنه سينشر صوري، وأنه يعرف كل شيء عني، وطلب ألف دولار أمريكي. قال إذا لم أدفع، سيجدني هو والجماعة المسلحة التي ينتمي إليها ويقتلوني. حظرته وحذفت التطبيق. [191]
"خسرت كل شيء": الاستهداف على الإنترنت
قال سلام (26 عاما)، وهو رجل مثلي من بغداد:
في أوائل 2021، قابلت رجلا على الإنترنت اسمه أكو أخبرني أنه سائق سيارة أجرة في السليمانية. أصر على مقابلتي، لكنني رفضت لأنني شعرت أن هناك أمر مريب. ثم قابلت شخصا آخر على الإنترنت وكان الوضع مختلف تماما معه. تحدثنا كثيرا قبل أن يطلب مقابلتي. اتفقنا أن يُقلّني بالقرب من منزلي واتضح أنه نفس الرجل الأول، أكو. أخبرني أنه يعمل مع الأسايش، وأراني شارته وسلاحه في المقعد الخلفي. بدأت أرتجف. أخذني إلى منطقة منعزلة جدا قرب جبل أزمر. بدأ يصرخ ويسألني بغضب لماذا لم أقبل رؤيته، حتى ضربني أخيرا بيده. [192]
أضاف سلام أن الشرطي المزعوم حاول الاعتداء عليه جنسيا، لكنه توقف عندما شعر بجرح حول فتحته الشرجية. قال سلام لـ هيومن رايتس ووتش إن الجرح كان بسبب عملية جراحية خضع لها بعد أن اغتصبه مجموعة من الرجال في شقة في 2018. قال: "كنت أعاني من آلام شديدة طوال 2019، وما زلت أشعر بألم في فتحة الشرج"، قال إن الشرطي أجبر سلام، تحت تهديد السلاح، على اصطحابه إلى منزله. "أراد أن يعرف أين أسكن. قال إنه يعرف منطقتي جيدا وأن لديه كل محادثاتنا وصوري. قال إنه سيتصل بي لاحقا. أفضل أن أتعرض للضرب ألف مرة على التعرض لحالة القلق التي فرضها علي".[193]
كما يتضح من روايات من قابلتهم هيومن رايتس ووتش، فإن عواقب الاستهداف الرقمي على أرض الواقع طويلة الأمد. قال سلام إنه اضطر إلى تغيير مكان إقامته، وحذف جميع حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وغيّر رقم هاتفه، خوفا من تعرضه للابتزاز من قبل الشرطي المشبوه. [194]
في يوليو/تموز 2021، قال سلام إن رجلا قابله على الإنترنت خدعه. قال لـ هيومن رايتس ووتش:
احتجت لرؤية شخص ما، وكانت محادثاتنا [على تيليغرام بعد التعرف على غرايندر] لطيفة، لذلك كنت مستعدا للقائه. ظللنا نلتقي في المنزل، وكان يسألني أسئلة تفصيلية للغاية، حول عائلتي، وعمل والدتي، وماضيّ. قلت له بحماقة كل شيء. أراد أن يمارس الجنس معي، ورفضت، لم أكن أريد ذلك قبل أن ألتزم في علاقة. كان رجلا ضخما جدا واستخدم القوة لإجباري على ممارسة الجنس. لأنني قلقت للغاية، بدأت بالصراخ وخاف جدا، ثم لملم أغراضه وغادر. [195]
قال سلام إنه بعد يومين تواصل معه رجل على تيليغرام قال إنه ينتمي إلى عصائب أهل الحق. قال الرجل لسلام إنه يعرف كل شيء عنه، وعن والدته، وعمله، وطالبه بمقابلته في "ماجدي مول" في أربيل، وإلا سيفضحني، قال:
قابلت رجلين في ماجدي مول. قالا إنهما يريدان 30 ألف دولار، وإنهما يعرفان أنني أملك المبلغ. كنت معقود اللسان. قلت: "إذا كنت سأعطيكما المال، كيف سأتأكد من أنكما لن تهدداني مجددا؟" ردا بأن لدي يومين إلى ثلاثة أيام لدفع المبلغ، رغم توسلاتي المتواصلة. كان التهديد بأنهما سوف يكشفان كل شيء عني. أصبت بالرعب. كنت أعرف شخصا في بغداد يُقرض المال بفائدة. كان لدي 20 ألف دولار، وطلبت 10 آلاف دولار، وكان عليّ إعادة 13 ألف دولار خلال ثلاثة أشهر. أخذت المال وأعطيته لهم. أصبحت مفلسا تماما، وانتقلت إلى بغداد لأفعل كل ما بوسعي، بما في ذلك القروض المصرفية، لتسديد الأموال التي اقترضتها. خسرت كل شيء. [196]
VII. "أريد فقط أن أعيش": العنف الأسري
أريد فقط ألا أستيقظ على صراخ. أريد أن أنام. أريد أن أتنفس نفسا كاملا دون التعرض للضرب. لا أريد أن أستيقظ على عصي تنهمر على جسدي. كنت أرغب في علاقة مع رجل يحبني كما أنا. لا أريد ذلك بعد الآن. أريد فقط أن أعيش. أريد أن أكمل تعليمي. أريد قراءة الكتب. أريد أن أكتب. أمنيتي الوحيدة هي التعلم.
—ياسر (21 عاما)، رجل مثلي، 5 أكتوبر/تشرين الثاني 2021
أفاد 40 من أصل 54 شخصا من أفراد مجتمع الميم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش أنهم تعرضوا لعنف شديد من قبل أفراد الأسرة، من الذكور دائما تقريبا، مرة واحدة على الأقل بسبب توجهاتهم الجنسية أو هويتهم الجندرية وتعبيرهم عنها، بما في ذلك حبسهم في غرفة لفترات طويلة،[197] الحرمان من الطعام والماء،[198] والحرق،[199] والضرب،[200] والاغتصاب،[201] والصعق بالكهرباء،[202] والاعتداء تحت تهديد السلاح،[203] والتعرض لممارسات العلاج التحويلي والعلاج القسري بالهرمونات،[204] والزواج بالإكراه،[205] والإجبار على العمل لساعات طويلة دون أجر.[206]
في 21 حالة موثقة في هذا التقرير، أُجبِر الأشخاص على البقاء في منازلهم، ومُنعوا من مغادرتها من قبل والديهم.
باسم "الشرف"
يواصل قانون العقوبات السماح للأزواج بتأديب زوجاتهم ولأولياء أمورهم بتأديب أطفالهم ويقبل حجة الدفاع عن "الشرف" كذريعة قانونية لتخفيف العقوبات في الجرائم التي يُزعم فيها العنف ضد النساء وأفراد الأسرة (انظر فصل بالسياق القانوني). في العراق، يعتبر سلوك الأنثى "الأخلاقي" بالإضافة إلى التزام جميع الأفراد بصرامة بمعايير النوع الاجتماعي المقررة، أمرا بالغ الأهمية للحفاظ على "شرف" أسرهم ومجتمعاتهم – ويتوقع من أفراد الأسرة الذكور منع وتطهير أي انتهاك للـ "شرف" باستخدام العنف. تُسهل هذه القوانين العنف ضد المرأة وأفراد الأسرة.
في 23 سبتمبر/أيلول 2021، انتشر مقطع فيديو مروع على مواقع التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العراق لأب يعتدي جسديا على ابنه، بزعم أنه ضبطه يمارس الجنس مع رجل. يظهر الطفل في الفيديو مربوطا بسلسلة ممتدة إلى النافذة، وفي يده سلك كهربائي. وجهه مغطى بالدماء، ويتوسل والده ليقتله. سُمع الأب في الفيديو يقول: "تبي تنيك؟ هيج يصير مع يللي بنيك؟". ثم يُخاطب طفله قائلا: "ستموت". ظهر الفيديو بعد الظهر وأُعيدت مشاركته آلاف المرات، ما أثار جنونا على مواقع التواصل الاجتماعي ومطالبة شعبية بالقبض على الجاني، الذي وضع عنوانه – يفترض في البصرة. وردت أنباء عن نقل الطفل إلى "مستشفى البصرة العام" وأن الشرطة المجتمعية تبحث عن الأب. في 23 سبتمبر/أيلول 2021، اتصلت هيومن رايتس ووتش بقسم الشرطة المجتمعية في بغداد عبر الهاتف، ونفوا معرفة المكان، وقالوا إن الطفل الذي في المستشفى ليس الطفل من الفيديو، وأن الجاني ما يزال طليقا. أصدرت إدارة الشرطة بيانا على فيسبوك في نفس اليوم. [207] تحققت هيومن رايتس ووتش من مصداقية الفيديو بإجراء بحث عكسي للصور للقطات من الفيديو، ومقارنة الأحداث في الفيديو بإفادات الشهود والاستماع إلى اللهجات واللكنات المسموعة في الفيديو. لم تعثر هيومن رايتس ووتش على الفيديو المنشور على الإنترنت قبل 23 سبتمبر/أيلول 2021، ووجدت أن الفيديو أظهر نفس المشاهد التي وصفها لاحقا أحد الشهود في أعقاب الأحداث، وأن اللهجات واللكنات المسموعة كانت متوافقة مع اللهجات المحلية العراقية. أدلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في 24 سبتمبر/أيلول، في بيان دعا فيه إلى "تنفيذ الإجراءات القانونية، واحتجاز المواطن الذي ظهر في مقطع فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يمارس العنف ضد أحد أبنائه". كما وجه الأجهزة المختصة بـ "التحفظ على الطفل وتأمين سلامته ورعايته، لغاية انتهاء الإجراءات القانونية بحق والده، مرتكب الجريمة".[208] في 25 سبتمبر/أيلول 2021، أكد شاهد عيان لـ هيومن رايتس ووتش العثور على الطفل في قبو منزله من قبل "مديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب" في البصرة. كما أكد الشاهد أن نفس العناصر اعتقلوا الأب ونقلوا الطفل الناجي إلى مستشفى البصرة العام. [209] |
قال ياسر (21 عاما)، رجل مثلي عراقي، لـ هيومن رايتس ووتش إن والده وعمّه يمتلكان أسلحة مخزنة في شقتيهما، وقد سبق أن هددا ياسر بها. أضاف:
يضربني أبي بشدة مرارا كل يوم. في يوليو/تموز 2021، كسر كلتا ركبتيّ بينما كان يضربني بهراوة، بعدما اكتشف أنني كنت أتحدث مع رجل مثلي على الإنترنت. أحضر القرآن وقطعة من الورق تقول إنه لا يُسمح لي بالتحدث إلى أي شخص مثلي وجعلني أقسم على ذلك. [210]
وفقا لياسر، يجبره والده على العمل في مصبغة مملوكة للعائلة 16 ساعة يوميا في غرفة كهرباء تحت الأرض، والتي يسميها ياسر "القبو". قال ياسر: "لا يوجد ضوء، ولا نوافذ، ولا تهوية في الغرفة المليئة بالأسلاك الكهربائية". قال ياسر إن لديه أخت عمرها 13 عاما ممنوعة من التحدث إليه لأنه مثلي. قال إنها تدعوه بـ "الوحش".[211]
قال ياسر إن والده يهينه، ويضربه، ويسخر منه أمام الآخرين، ويشجع معلميه وأقاربه على فعل ذلك. يحبسه في المنزل، ولا يُسمح له بالخروج بدون والده أو أحد أفراد أسرته. قال إن والده لا يسمح له أن يأكل حتى ينتهي الجميع من الأكل. قال إنه يعطيه بقايا طعام من أطباق الآخرين وأنه ألقى في السابق طعاما في القمامة وطلب من ياسر إحضاره ليأكله. أضاف ياسر أن غرفته تخلو من أي إضاءة، وأن والده يجبره على النوم عند غروب الشمس. قال إنه كان يجلس بجانب باب الثلاجة ليلا لاستخدام ضوئها في القراءة، وهو ما يمنعه والده عنه. "إذا اتصل بي وكان هاتفي مشغولا، عليّ أن أرسل له لقطة للشاشة وأن أخبره مع من أتحدث".[212]
قالت مريم (21 عاما)، وهي امرأة مثلية من بغداد، تنتمي عائلتها إلى جماعة عصائب أهل الحق التابعة لقوات الحشد:
ضربني ابن عمي على وجهي وأطفأ سيجارة في ذراعي كنوع من التعذيب، وضربني على ظهري بقضيب حديدي. هددني والدي بقتلي وهو يحمل القرآن وبيده الثانية مسدسا. كان يقول "أطيلي شعرك!"، "سأحرق وجوه صديقاتك إذا أتين هنا". أخذوا هاتفي أيضا. كما اغتصبني ابن عمي نفسه عندما كان عمري 11 عاما، لكن لا أحد من أفراد عائلتي يعرف، باستثناء إخوتي، ولا أنوي إخبار البقية. أرادوا أيضا تزويجي لمغتصبي فمنع إخوتي ذلك. [213]
قالت ملكة (26 عاما)، وهي امرأة ترانس من بغداد:
عائلتي تنتمي لعشيرة، وأبي هو تقريبا زعيم العشيرة. أنا الأكبر، "ابنه" الأكبر. عذبني، وأحرقني، وصعقني بالكهرباء، وحبسني في غرفة ثلاثة أشهر. قال لي والدي يوميا: "أدعو الله أن يأخذك ويخلصني من حياتك، لا أريدك". كان يحبسني في الغرفة ويضربني كل يوم ويقول: "إذا اتضح أنك بتنتاك ، سنذبحك". كنت أتبول على نفسي لأنهم منعوني من الذهاب إلى الحمام. عندما تأكدوا من أنني ترانس، قال عمي لوالدتي إنه سينهي حياتي لغسل شرفه، لأن العشيرة إذا عرفت، سيقتلونه. بدافع الخوف، فتحت والدتي الباب وأخبرتني أن أهرب وألا أعود أبدا. ركضت كالمجنونة، حافية القدمين في الشارع. [214]
قال علي (18 عاما)، وهو رجل مثلي من كربلاء، لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعدما اعتقلته قوات الأمن في 2020 بسبب مظهره، انتقم منه والده. قال:
صوب والدي مسدسا نحوي. ضربني بقضيب حديدي وحبسني في غرفتي. كان والدي في الجيش، وبالتالي يتشارك نفس الفكر مع رجال الأمن الذين اعتقلوني – حتى أنه شكرهم في مركز الشرطة. إنه شخص عنيف. أسعى باستمرار للابتعاد عنه. [215]
قالت خديجة (31 عاما)، وهي امرأة ترانس من بغداد نجت من محاولة قتل:
في 2021، عشت مع خالتي، لكنها كرهتني. طلبت مني دفع الإيجار والعمل في المنزل كالتنظيف، والطبخ، والخبز، والخياطة. كنت أبدأ الخياطة في الساعة 6 صباحا. حتى أنني عانيت من المضايقات والضرب من أطفالها. تحملت كل ذلك لكيلا ينتهي بي الأمر في الشارع. [216]
ممارسات العلاج التحويلي للتوجه الجنسي والهوية الجندرية
تنبع ممارسات العلاج التحويلي من الاعتقاد بأن التوجهات الجنسية والهويات الجندرية المخالفة للغيرية الجنسية والهوية الجندرية المعيارية يمكن ويجب تغييرها. العلاج التحويلي بهدف تغيير التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية شائع، ومؤذ، وتمييزي. قد تهدف هذه الممارسات إلى تغيير الشعور الداخلي بالهويات أو الرغبات، أو تشكيل الأفعال (الممارسات/السلوكيات الجنسية أو التعبير الجندري، خلافا للتوجه الجنسي أو الهوية الجندرية).
قد يُشكل العلاج التحويلي مخاطر جسيمة على الصحة العقلية والجسدية لمن يتعرضون له، بما في ذلك "الاكتئاب، وأفكار الانتحار، والقلق، وتعاطي المخدرات، والعجز الجنسي، والكوابيس، وآلام المعدة، والجفاف، والعزلة الاجتماعية، وتدهور العلاقات مع الأصدقاء والأسرة، وزيادة في السلوكيات الجنسية الخطيرة".[217]
قال 14 ممن تمت مقابلتهم إن أهاليهم أخضعوهم للعلاج التحويلي لـ "تصحيح" توجههم الجنسي أو هويتهم الجندرية. قالت خديجة (31 عاما)، امرأة ترانس من بغداد:
كانت أمي امرأة باردة، وعنيفة تجاهي. حاولت قتلي عدة مرات. كانت شقيقاتي تحمينني. اعتقدت أمي أنني مريضة نفسية وأخذتني إلى مصحة عندما كنت مراهقة، رغم أنني لست مريضة نفسية، وأكد الأطباء ذلك. أخذتني إلى بعض الأطباء الذين أعطوني هرمونات ذكرية/ أندروجين لإعطائي خصائص "ذكورية" ولينمو شعر جسمي ووجهي ويخشن صوتي. استخدم هؤلاء الأطباء أيضا العلاج بالصدمات الكهربائية وأعطوني دواء أتلف كليتي وجعل بشرتي صفراء. كانت أمي تكرهني، اعتقدت أنني شاذ يجلب لهم العار والإهانة. [218]
قال داني (18 عاما)، وهو رجل ترانس من النجف، إن والديه أخضعاه لممارسات العلاج التحويلي منذ 2017. "أخذوني إلى الأطباء لـ "إصلاح ميولي الصبيانية. لم ينجح "العلاج"، لكنهم لم يتوقفوا أبدا عن المحاولة".[219]
قال سلام (26 عاما)، وهو رجل مثلي، إن والديه أخذاه إلى شيخ ليشفيه من "الوساوس المثلية". قال: "ما زلت أعاني من الكوابيس إلى الآن".[220]
قالت عدالة (18 عاما)، وهي امرأة ترانس، لـ هيومن رايتس ووتش إن والديها يخضعانها للعلاج الهرموني قسرا منذ 2016 وحتى وقت كتابة هذا التقرير في 2021. [221]
قالت رزان (41 عاما)، وهي امرأة ترانس من البصرة: "كان والداي يأخذانني إلى طبيب نفسي عندما كنت أصغر سنا لاعتقادهما بأن لدي مرض نفسي. حتى أن طبيبا في البصرة قال لهما ذات مرة إن ل ليس لدي مرض نفسي وإنما خلل هرموني، لكنهم ظلا يعذباني بإصرارهما".[222]
قال ياسر (21 عاما)، رجل مثلي من بغداد، إن ابن عمه اغتصبه عندما كان عمره سبع سنوات. عندما دخل فيه، صرخ ياسر، ودخلت أمه الغرفة ورأته. قال لـ هيومن رايتس ووتش إن والده، الذي تلقى تدريبا ليصبح معالجا نفسيا، أخذه إلى مختبر لفحص مستويات الهرمون لديه، ثم بدأ بإعطائه ياسر هرمون التستوستيرون دون علمه. [223]
العلاج التحويلي ينطوي على تحديدا على خطر إلحاق الأذى عند استعماله على الأطفال. بموجب "اتفاقية حقوق الطفل"، يحق لجميع الأطفال "التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه"، ويُطبق هذا الحق "بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الإثني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر".[224] على الدول أن "تتخذ جميع التدابير الفعالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الأطفال"[225] وعليها حماية الأطفال من "كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال".[226]
ينتهك العلاج القسري والعلاج في المستشفيات ضد إرادة الفرد حقوقه الأساسية، بما فيها الحق الأساسي في الكرامة والتحرر من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، في انتهاك للقانون الدولي بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و"اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".[227] كما أنها تنتهك مبدأ الموافقة الحرة والمستنيرة. أعرب المقرر الخاصة المعني بالحق في الصحة عن أن الموافقة المستنيرة هي "عنصر أساسي ضمن الحق في الصحة، بوصفها حرية وحماية متكاملتين للتمتع بهذا الحق" ودعا الدول إلى عدم السماح لمساعدي صانعي القرارات بتوفير الموافقة. [228]
الزواج القسري
تحدّث ستة من أفراد مجتمع الميم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش عن إجبار أسرهم لهم على الزواج من أشخاص من الجنس الآخر. يعتبر زواج الأطفال والزواج القسري انتهاكا لحقوق الإنسان. [229] يحدد "قانون الأحوال الشخصية" العراقي الحد الأدنى لسن الزواج بـ 18 عاما ولكنه يسمح لمن بلغوا 15 عاما بالزواج بموافقة القاضي. [230] يُجرم القانون الزواج القسري، ويمكن للمُكرهين إبلاغ سلطات التحقيق. إذا كان من قام بالإكراه قريبا من الدرجة الأولى، قد يواجه عقوبة بالسجن لغاية ثلاث سنوات، ولغاية عشر سنوات سجن لغير هؤلاء. [231] ومع ذلك، يُعتبر عقد الزواج بالإكراه باطلا بدون الدخول. [232] يخشى أفراد مجتمع الميم المكرهين على الزواج من الإبلاغ عن أسرهم بشأن هذه الجرائم لأن السلطات قد لا تدعمهم، أو قد يتعرضون لمزيد من العقوبة من قبل السلطات.
قال أحمد (26 عاما)، وهو رجل مثلي من البصرة، إنه عندما شك والديه بأنه مثلي، عندما كان عمره 15 عاما، أجبروه على الزواج من فتاة، ولديهما الآن ستة أطفال بسبب ضغط الأسرة. [233]
قال داني (18 عاما)، وهو رجل ترانس من النجف، إن والده أجبره على الخطوبة ثلاث مرات لرجال مختلفين: "لم ينجح الأمر قط، ولا أعرف لماذا واصل [والدي] المحاولة".[234]
قالت جمانة (35 عاما)، وهي امرأة ترانس من البصرة:
أخذ والداي كل قرارات حياتي، من قصة شعري إلى ملابسي وحتى كيف أعيش حياتي. أجبروني على الزواج في السماوة [مدينة في محافظة المثنى، بين بغداد والبصرة] من امرأة لا أعرفها. ثم قضينا سنوات في المحاكم والدعاوى لأنها أرادت الطلاق، لكن عائلتينا لم توافقان. لم يكن أي منا مرتاحا للزواج. تأكدوا [عائلتي] من أن أعرف أن مصير أمثالي في العراق هو الموت. [235]
قالت مريم (21 عاما)، وهي امرأة مثلية من بغداد، إنها في ديسمبر/كانون الأول 2019، رفضت محاولة والديها تزويجها لابن عمها. ونتيجة لذلك، أخذ والدها أجهزتها الإلكترونية، وكل مدخراتها، وجواز سفرها. قالت مريم لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد أن "فضحها" ابن عمها أمام عائلتها بأنها مثلية، منعها والدها من استخدام الإنترنت ومغادرة المنزل وأجبرها على التوقف عن تعليمها لمدة عام تقريبا. [236]
قالت نادرة (27 عاما)، وهي امرأة مثلية من الحلة، إنها مخطوبة حاليا ضد إرادتها لرجل. شكك والداها في توجهها الجنسي وأجبراها على الزواج.[237]
VIII. آثار الوصمة والاستهداف
أفاد جميع أفراد مجتمع الميم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش بتعرضهم للمضايقات في الشوارع، بدءا من الإهانات اللفظية إلى الاعتداء تحت تهديد السلاح. كما يحد الافتقار إلى الوصول إلى آليات الحماية، بما فيها التشريعات التي تحمي من التمييز وأنظمة الشكاوى الموثوقة، من تنقل أفراد مجتمع الميم لدرجة مُنهكة، ويردعهم عن السعي للانتصاف من الانتهاكات المرتكبة ضدهم.
قال 53 شخصا من مجتمع الميم من أصل 54 قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم يمارسون رقابة ذاتية شديدة للصمود في التعاملات مع قوات الأمن والاستهداف المحتمل من قبل الجماعات المسلحة. وصف أفراد مجتمع الميم الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش والذين لم يتمكنوا أو لم يرغبوا بإخفاء هوياتهم، شكلا من أشكال الإقامة الجبرية الذاتية، حيث امتنعوا عن مغادرة منازلهم تماما، خوفا من المضايقات واحتمال توقيفهم عند نقاط التفتيش أو استهدافهم من قبل الجماعات المسلحة.
قال 16 شخصا من مجتمع الميم قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم حاولوا الانتحار مرة واحدة على الأقل لأن حياتهم أصبحت لا تطاق.
"أخاف يلاقوني": الحبس والرقابة المفروضان ذاتيا
قال 44 شخصا ممن قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم يخشون مغادرة منازلهم بسبب الوصمة واحتمال استهدافهم من قبل الجماعات المسلحة وقوات الأمن في العراق.
قال سامي (23 عاما)، رجل مثلي من النجف، إنه يخشى مغادرة منزله لأنه استُهدف من قبل الجماعات المسلحة على الإنترنت. قال سامي إنه منذ تلقيه التهديدات، لم يغادر منزله أبدا ويشعر بالرعب كلما طرق أحدهم بابه أو توقفت سيارة أمامه فجأة. قال: "أخاف إنهم أجو ]جاؤوا[ يقتلوني".[238]
قال علاء (23 عاما)، رجل مزدوج التوجه الجنسي من بغداد:
شاركت بعض المنشورات في 2020 والتي تقول إنه يجب إيجاد طريقة مدروسة للتعامل مع الاختلاف الجندري وأنه لا يجب قتل أفراد مجتمع الميم. حينها بدأت بتلقي التهديدات. أخاف [الجناة] يلاقوني. لا أخرج ابدا. [239]
قال علاء إنه نجا من محاولة قتل في 2012 عندما أطلق رجال مجهولون في سيارة مظللة بدون لوحة ترخيص النار عليه بينما كان في سيارة أجرة. تلقى تهديدا في 2020 أدخلته في دوامة من القلق. أضاف:
توفي عمي قبل عامين، وتلقيت رسالة في 2020 تفيد بأنني إذا زرت بغداد سينتهي الأمر بي مثل عمي. أخبرت أمي [المنفصلة عن والدي] عن هذه الحادثة وعن محاولة القتل. كان لدي حينها علم الفخر في سيرتي الذاتية على إنستغرام، وواجهت تنمرا غير مبرر وخطاب كراهية بسببه. سألتني أمي لماذا تلقيت هذه التهديدات وأخبرتها أن السبب هو توجهي الجنسي. تشاجرنا وأخبرتني أنني مثلي وكافر، وصرخت عليها قليلا، ثم أدركت ما فعلت وذهبت إلى المطبخ، وأمسكت سكينا لأطعن نفسي. أدركت مدى تأثير هذه التجارب علي، وذهبت إلى رعاية نفسية مكثفة لأهدأ. [240]
قالت نادرة (27 عاما)، وهي امرأة مثلية من الحلة:
أتمنى تكوين أسرة في العراق، لكنني لا أستطيع. يجب أن أفرض رقابة على نفسي لأعيش. لا أتصرف بما يتفق مع شعوري، ولا يمكنني المواعدة، ولا ألبس كما أريد. لا أستطيع التعبير عن نفسي أو عن حبي. إذا نشرت شيئا على الإنترنت لدعم حقوق مجتمع الميم، أتعرض للهجوم. إذا أعلنت عن توجهي الجنسي، سوف أُقتل. [241]
"حياة العزلة": هجمات في الشوارع من قبل أفراد عاديين
قال سليم (20 عاما)، وهو رجل مثلي من بغداد، إنه طُعن في بطنه على يد أفراد عاديين في الشارع أواخر 2019. قال:
خلال احتجاجات 2019، كنت أسير بمفردي بجوار "مطعم المذاق" في بغداد، وصرخ أحدهم، "انظر إلى هذا اللوطي"، وواصلت السير. قالها مرة أخرى وتعرضت للضرب. ضُربت على رأسي ونزفت قرابة ست ساعات. طعنوني في بطني وتركوني في الشارع. اتصلت بصديقي الذي يفترض أن أقابله في الساحة يومها وأخبرته أنني طُعنت، دون أن أخبره أن السبب هو أنني مثلي. جاء صديقي وأخذني إلى "مستشفى الشيخ زايد". رفضوا إدخالي في البداية، لكن صديقي أقنعهم في النهاية. [242]
قال أحسن (19 عاما)، وهو رجل مثلي من بغداد:
في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، كنت في "حديقة الزهراء"، وكنت أرتدي قميصا أزراره مفتوحة، وأخبرني شخص لا يرتدي زيا رسميا أنه يجب أن أغلق أزرار قميصي. أعتقد أنه كان المسؤول عن الأمن في الحديقة. قلت له: "هل تريد رؤية ملابسي الداخلية أيضا؟" أخذني إلى كرفان بجوار نقطة التفتيش [عند مدخل الحديقة]، وأغلق الباب خلفه ثم اعتدى عليّ لفظيا وجنسيا. بدأت بالبكاء ولاحظ ذلك فأخرجني. بعدها طلب رقمي. أثّرت هذه التجربة فيّ حقا. بدأت أفكر كيف أغير نفسي، لأكون أكثر توافقا جندريا، وحذفت حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي وعدت لحياة العزلة. [243]
IX. التزامات العراق بموجب القانون الدولي
على الحكومة العراقية التزامات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. تقاعس السلطات العراقية عن اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الانتهاكات الحقوقية داخل مؤسساتها وأجهزتها الأمنية ينتهك الالتزامات القانونية الدولية. تتطلب هذه الالتزامات من الحكومات وقف الإفلات من العقاب على الانتهاكات الحقوقية الجسيمة من خلال إجراء تحقيقات فورية وشاملة ونزيهة في الانتهاكات الحقوقية المزعومة، وضمان مقاضاة المسؤولين عن الجرائم الخطيرة كتلك التي تمس الحق في الحياة وفي عدم التعرض للاحتجاز التعسفي، ومحاكمتهم ومعاقبتهم على النحو الواجب. [244]
تُلزم المعاهدات الدولية، التي يُعتبر العراق طرفا فيها، الحكومة بردع ومنع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والتحقيق في الانتهاكات، ومقاضاة مرتكبيها، وإنصاف ضحاياها. [245] يستلزم ذلك أيضا معالجة حقوق الضحية في العدالة، والمعرفة، والتعويض عن الضرر. [246]
من أبرز التزامات العراق الناشئة عن معاهدات تلك المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه العراق في 1971. تضع تدابير الحماية المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تفويضا على السلطات العراقية باتخاذ الإجراءات، بما في ذلك المسؤولين الذين يتحملون مسؤولية فرض الأمن والقانون في العراق. [247]
الحق في الحياة والأمن
تؤكد المادة 6 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان" ويجب أن يحميه القانون. [248] كما تؤكد المادة 9 من هذا العهد على أن "لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه".[249] وبالمثل، ينص "الميثاق العربي لحقوق الإنسان"، الذي اعتمده "مجلس جامعة الدول العربية" في 1994، والعراق عضو فيه، في المادة 5 على أن "لكل فرد حق في الحياة، والحرية، والأمن لشخصه. يحمي القانون هذه الحقوق".[250] تفرض هذه الحقوق بالحياة والأمن التزاما على السلطات العراقية بعدم تجاهل التهديدات المعروفة لحياة الأشخاص الخاضعين لولايتها، واتخاذ إجراءات معقولة ومناسبة لحمايتهم. وتفوضهم بالتصرف عند وجود تهديدات واضحة ومحددة ضد الأفراد أو الجماعات. كما تطالب سلطات الدولة بالتحقيق السريع والفعال في الجرائم التي ترقى إلى حد التهديد للحياة، والتعرف على الجناة ومقاضاتهم.
وجدت "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، التي تفسر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتراقب امتثال الدول له، مرارا وتكرارا أن الدول تنتهك التزاماتها بموجب المادة 9 إذا لم تتخذ الخطوات الكافية لحماية الناس المعرضين لتهديدات القتل المتكررة. انتقدت اللجنة أيضا عدم حماية الدول للناس من العنف على أساس التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية. [251]
الحماية من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة
يحظر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية جميع أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، في مادتيه 7 و10. [252] العراق أيضا طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقية مناهضة التعذيب). كما يؤكد الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أن "تحمي كل دولة طرف كل شخص خاضع لولايتها من التعرض للتعذيب الجسدي أو المعنوي أو المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة. عليها أن تتخذ التدابير الفعالة لمنع ذلك وتعد ممارسة هذه التصرفات أو الإسهام فيها جريمة يعاقب عليها".[253]
يفصل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب ما يجب على الدول فعله لفرض الحظر، بما في ذلك واجب التحقيق، والمقاضاة، وتوفير سبل انتصاف فعالة عند حدوث الانتهاكات. [254] كما أوضحت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن واجب حماية الأشخاص من المعاملة اللاإنسانية لا يشمل فقط الأفعال التي يرتكبها المسؤولون الحكوميون، بل يمتد أيضا إلى الأفعال التي يرتكبها الأشخاص بصفتهم الخاصة، بما فيها العنف الذي ترتكبه الجهات غير الحكومية مثل الجماعات المسلحة وأفراد الأسرة (العنف الأسري). [255]
عدم التمييز والحقوق الأساسية
تتطلب المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من الدولة الطرف "كفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز".[256] تضمن المادة 26 أن "الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته". أوضحت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في عدة مناسبات أن التوجه الجنسي حالة محمية من التمييز بموجب هذه الأحكام. يحظر القانون الدولي وعدم المساواة في الحماية من العنف، وفي الوصول إلى العدالة. [257]
يؤكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على الحق في الخصوصية (المادة 17)، وحرية التعبير (المادة 19)، وحرية التجمع (المادة 21). [258] تتضمن هذه الحقوق حرية العيش بسلام، وحرية التعبير عن الذات، وحرية التنقل واللقاء في الأماكن العامة دون خوف من المضايقة أو الاعتداء. [259] يجب منع اضطهاد الأشخاص بسبب ممارستهم لتلك الحريات حيثما أمكن ومعاقبة مرتكبيه عند حدوثه. [260]
تدعو "مبادئ يوغياكارتا حول تطبيق القانون الدولي فيما يتعلق بالتوجه الجنسي وهوية النوع"، وهي مجموعة مبادئ تُستخدم لتفسير القانون الدولي لحقوق الإنسان بشأن التوجه الجنسي والهوية الجندرية، اعتمدت في 2006، الدول تحديدا إلى ضمان جميع حقوق الإنسان دون تمييز على أساس التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية. [261] توسع "مبادئ يوغياكارتا +10" (YP+10) تفسير التزامات الدولة لضمان الحق في الاعتراف القانوني (المبدأ 31)، والحق في عدم التعرض للتجريم والعقوبات (المبدأ 33). [262] تدعو مبادئ يوغياكارتا ومبادئ يوغياكارتا +10 الدول إلى تعديل التشريعات المحلية تبعا لذلك، بما في ذلك باستهداف أعمال التمييز العامة والخاصة. [263]
X. التوصيات
إلى قوات الحشد الشعبي (قوات الحشد) - بما فيها عصائب أهل الحق، والعتبات، وكتائب حزب الله، وربع الله، وسرايا السلام (جيش المهدي سابقا) - وإلى الأسايش (قوات أمن حكومة إقليم كردستان)
· وقف جميع الاعتداءات ضد الأشخاص المستهدفين لأنهم لا يتوافقون مع معايير الجندر والذكورة، أو للاشتباه في سلوكهم المثلي، وإدانة أعمال العنف هذه علنا.
إلى السلطات الفيدرالية العراقية وسلطات إقليم كردستان
· التحقيق في جميع البلاغات بخصوص العنف الذي ترتكبه الجماعات المسلحة أو غيرها من ضد الأشخاص المستهدفين بسبب توجههم الجنسي وهويتهم أو تعبيرهم الجندريَّين، الفعلية أو المتصورة، ومعاقبة المسؤولين بشكل مناسب.
· التحقيق الكامل والمقاضاة في جرائم القتل والتعذيب وغيرها من ضروب المعاملة السيئة للأشخاص المستهدفين بسبب عدم توافقهم مع المعيارية الجندرية والتوجه الجنسي المفترض ومحاسبة الجناة.
· التحقيق في تواطؤ قوات الأمن في العنف ضد الأشخاص على أساس توجههم الجنسية أو وهويتهم أو تعبيرهم الجندريَّين. حيثما أمكن، التعامل مباشرة مع القوات المسلحة لوقف العنف.
· الإدانة العلنية لكل أنواع العنف المذكورة.
· إنشاء آليات حماية لضحايا العنف وتدريب قوات الأمن حول حقوق الإنسان بما فيها على أساس التوجه الجنسي والهوية والتعبير الجندريَّين.
· التحقيق في جميع مزاعم الانتهاكات من قبل الشرطة أو قوات الأمن، بما فيها الانتهاكات ضد الأشخاص بسبب توجههم الجنسي وهويتهم أو تعبيرهم الجندريَّين، الفعلية أو المتصورة، ومعاقبة المسؤولين بشكل مناسب.
· التحقيق مع جميع مسؤولي وزارة الداخلية المتورطين في أعمال غير قانونية، بما في ذلك التعذيب، والاعتداء، والابتزاز، ومحاكمتهم.
· اتخاذ جميع التدابير المناسبة لإنهاء التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وحالات الاختفاء، والقتل بإجراءات موجزة، وغيرها من الانتهاكات على أساس التوجه الجنسي والتعبير والهوية الجندريَّين، وتعويض جميع عائلات ضحايا القتل غير القانوني والناجين من الانتهاكات الجسيمة.
· ضمان عدم تعرض ضحايا الجرائم للحرمان من المساعدة، أو للاعتقال، أو المضايقة على أساس التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية، وحماية حق الأقليات الجنسية والجندرية في الإبلاغ عن الجرائم دون مواجهة خطر الاعتقال.
· اعتماد تعريف أوسع للاغتصاب في قانون العقوبات، يتخطى الاستخدام الضيق لكلمتَي "المواقعة" و "الموافقة"، بما يتماشى مع المعايير الدولية والمعايير المستخدمة في "القانون الجنائي الدولي" والتي تشمل مختلف أشكال وأنواع الإيلاج، وتتضمن المجموعة الكاملة من الأفعال التي ترقى إلى الاغتصاب.
· تحديد الحد الأدنى لسن الزواج بوضوح بـ 18 للفتيان والفتيات، وإزالة الاستثناءات التي تسمح بالزواج تحت سن 18. ضمان أن يظل الأشخاص المعرضين للزواج القسري قادرين على السعي لإلغاء الزواج حتى بعد إتمامه.
· الامتناع عن تعزيز السرديات القائلة بأن أفراد مجتمع الميم يمكنهم ويجب عليهم تغيير توجههم الجنسي أو هويتهم الجندرية، وإدانة هذه السرديات علنا.
· اتخاذ إجراءات ضد الأفراد الذين يدلون بتصريحات تحرض أو تهدد بالعنف ضد أفراد مجتمع الميم سواء عبر الإنترنت أو على أرض الواقع.
· تنظيم حملات عامة لإنهاء الوصمة ضد أفراد مجتمع الميم والعمل مع الوزارات، والمؤسسات، والمجتمع المدني لزيادة الوعي حول احترام التنوع في المعايير الجندرية والتنوع في العائلات.
· ضمان أن توفر المدارس تعليما جنسيا شاملا ومناسبا للعمر في جميع المستويات الصفية وأن يؤكد هذا التعليم التنوع الجنسي والجندري. تمويل تدريب للمعلمين والإداريين للتأكد من أنهم مجهزون لتوفير تعليم جنسي شامل.
إلى حكومة العراق والسلطات التشريعية لحكومة إقليم كردستان
· اتخاذ الخطوات اللازمة لسن قانون شامل للعنف الأسري من خلال المراجعة العاجلة لمشروع القانون للتأكد من إيفائه بالمعايير الدولية ومن ثم تمريره دون تأخير.
· إصدار تشريع شامل لمكافحة التمييز يحظر التمييز على أساس الجنس، والجندر، والهوية الجندرية، والتوجه الجنسي، ويتضمن تدابير فعالة لتحديد ومعالجة مثل هذا التمييز.
· إلغاء المادة 41 (1) التي تمنح حقا قانونيا للزوج في "معاقبة" زوجته، وللوالدين في تأديب أطفالهم "في حدود ما هو مقرر شرعا أو قانونا أو عرفا".
· إلغاء المادتين 128 و409 من قانون العقوبات العراقي اللتين تُعرّفا "ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة" على أنه "عذر مخفف"، وتنص على عقوبة مخففة لمن يقتلون زوجاتهم أو يعتدون عليهن إذا أمسكوهن يمارسن الزنا أو إذا أمسكوا قريباتهم الإناث يمارسن الجنس خارج إطار الزواج.
· إلغاء المادة 398 من قانون العقوبات التي تسمح لمرتكبي جرائم الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي بالإفلات من الملاحقة القضائية أو بإلغاء عقوباتهم إذا تزوجوا ضحيتهم.
· مراجعة المواد الغامضة من قانون العقوبات، بما فيها الفقرات 200 (2) و401 و402 و501 و502، والتي يمكن أن تبرر الاعتقال التعسفي أو مضايقة الأشخاص بسبب توجههم الجنسي أو هويتهم أو تعبيرهم الجندريَّين، الفعلية أو المتصورة، أو يمكن استخدامها لمنع المجتمع المدني من معالجة القضايا المحرمة أو الموصومة؛ إلغاء هذه المواد أو تعديلها، أو ضمان عدم تطبيقها بطريقة تعسفية أو تمييزية تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
إلى وزارة الداخلية العراقية
· ضمان احترام قوات الأمن لحقوق وهويات أفراد مجتمع الميم عند نقاط التفتيش ومراكز الشرطة، والامتناع عن مضايقتهم على أساس توجههم الجنسي وهويتهم أو تعبيرهم الجندريَّين.
· ضمان معرفة المحتجزين، بمن فيهم أفراد مجتمع الميم، بآليات الشكاوى القائمة، وأن الشكاوى تُعامل بسرية وسرعة، باتباع إجراء واضح، وبأنه يمكن للمحتجزين تقديم شكاوى دون الخوف من الانتقام.
· ضمان توقف مسؤولي الأمن عن مطالبة الأشخاص بتوقيع تعهدات بأن المسؤولين لم يسيئوا إليهم أثناء الاعتقال أو الاحتجاز، والتأكد من أن الجمهور على دراية بأن هذه التعهدات غير صالحة ولن يتم استعمالها ضد الأشخاص الذين يريدون تقديم شكاوى.
· محاكمة مسؤولي الأمن الذين يخالفون القوانين المتعلقة بالمراقبة، والتفتيش التعسفي، والانتهاك غير القانوني للخصوصية.
· منع قوات الأمن من الاستعلام عن التوجه الجنسية أو الهوية الجندرية للأفراد الذين يبلغون عن الانتهاكات.
· ضمان إمكانية تنظيم مجموعات حول حقوق مجتمع الميم دون تدخل أو ترهيب.
إلى بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)
· المساعدة في الإصلاحات القانونية في العراق بما يتوافق مع جميع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها تلك المتعلقة بالتوجه الجنسي والهوية الجندرية.
إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
· الاعتراف بنتائج تقرير 2019 بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بشأن الاضطهاد على أساس التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية، وبحالات الانتهاك ضد أفراد مجتمع الميم العراقيين الموثقة في هذا التقرير، وخلق مسارات قانونية وآمنة لإعادة التوطين من داخل العراق خاصة وأن اللاجئين من مجتمع الميم غالبا ما يواجهون التعصب والمخاطر المتزايدة في بلدان اللجوء الأول.
إلى الدول المضيفة للاجئين العراقيين
· الاعتراف بأن طالبي اللجوء من مجتمع الميم العراقيين يعيشون حالات من الخطر ويواجهون تحيزا اجتماعيا شديدا في جميع البلدان المجاورة، وتوفير إعادة توطين عاجلة وتسريعها عند الضرورة إلى بلدان ثالثة.
· ضمان عدم تعرض أي لاجئ عراقي للإبعاد القسري، سواء على الحدود (برفض منح حق الدخول) أو بعد دخول البلد المضيف.
· تأمين إعادة توطين سريعة لهؤلاء اللاجئين في دول خارج المنطقة، بالتعاون النشط من دول اللجوء الأول وبلدان إعادة التوطين.
إلى الدول والوكالات المانحة الداعمة لإصلاحات المجتمع المدني والدولة في العراق، بما فيها أستراليا، وبلجيكا، وكندا، والدنمارك، وفرنسا، وألمانيا، وهولندا، ونيوزلندا، والسويد، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، والولايات المتحدة
· مساعدة الحكومة العراقية، حيثما أمكن، في التحقيق في العنف الذي ترتكبه الجماعات المسلحة أو غيرها ضد الأشخاص المستهدفين بسبب توجههم الجنسي أو هويتهم وتعبيرهم الجندريَّين.
· مساعدة الحكومة العراقية في فحص وتدريب الشرطة؛ ضمان أن جميع برامج التدريب تشمل عنصر حقوق الإنسان وأن معايير حقوق الإنسان المتعلقة بالخصوصية، والحماية من التعذيب، وغيرها من القضايا ذات الصلة تُعامل بصراحة على أنها لا تستثني التوجه الجنسي والهوية والتعبير الجندريَّين.
· مراقبة ومساعدة أداء مؤسسات العدالة الجنائية، والشرطة، والأمن، ومكافحة الإرهاب، وموظفيها في العراق لضمان الامتثال الكامل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
· تقديم الدعم لتوفير الملاجئ المؤقتة الطارئة لأفراد مجتمع الميم في جميع أنحاء العراق، بمن فيهم الهاربين من العنف الأسري.
· تمويل مبادرات بقيادة مجتمع الميم ومشروعات المجتمع المدني التي تركز على تقديم الخدمات لأفراد مجتمع الميم.
· تمويل الأنشطة والبرامج التي تدعم الدولة في خلق فرص العمل وتقديم الدعم الاجتماعي للعائلات.
· التدقيق في التمويل والمساعدة التقنية لقوات الأمن العراقية لضمان عدم دعم التمويل للسياسات، أو البرامج، أو الممارسات التي تنتهك القانون الدولي، بما فيها تعذيب أفراد مجتمع الميم وإساءة معاملتهم.
· ضمان أن المساعدات المقدمة إلى قوات الأمن العراقية تدعم تطوير آليات الرقابة والمساءلة الداخلية.
· وقف تمويل وحدات قوات الأمن التي ثبت بوضوح انتهاكها لحقوق الإنسان، وعدم استئناف تمويلها إلا بعد إجراء إصلاحات تضمن وقف هذه الانتهاكات والمساءلة عن الانتهاكات السابقة.
شكر وتنويه
أجرت البحث لهذا التقرير وكتبته رشا يونس، باحثة في برنامج حقوق مجتمع الميم في هيومن رايتس ووتش. المقابلات التي أجريت لهذا المشروع لم تكن لتتحقق لولا المساعدة القيمة التي قدمتها سنار حسن، صحفية عراقية. ساعدت عراق كوير، منظمة لحقوق مجتمع الميم مقرها بغداد، في التواصل وإجراء المقابلات المتعلقة بهذا المشروع.
راجع هذا التقرير كل من غرايم ريد، مدير برنامج حقوق مجتمع الميم في هيومن رايتس ووتش؛ وجوزيف ساوندرز، نائب مدير البرامج؛ ودانييل هاس، محررة أولى؛ وآدم كوغل، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ وبلقيس والي، باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات؛ وروثنا بيغم، باحثة أولى في قسم حقوق المرأة؛ وبيل فان إسفلد، المدير المشارك في قسم حقوق الطفل؛ والمحامية ديبورا براون، باحثة أولى في قسم الأعمال وحقوق الإنسان؛ وغابي أيفنز، رئيسة برنامج البحث مفتوح المصدر؛ وكلايف بولدوين، مستشار قانوني أول. راجعت عراق كوير هذا التقرير. تولت ياسمين سمالينز، منسقة في برنامج هيومن رايتس ووتش لحقوق مجتمع الميم، التنسيق في التحرير والإنتاج ونسقت التقرير. قدم مساعدة إضافية في الإنتاج كل من ترافيس كار، منسق أول لشؤون النشر، وفيتزروي هيبكينز، مدير إداري أول. تولت مايا العسعس ترجمة هذا التقرير إلى العربية.
تتوجه هيومن رايتس ووتش بالشكر إلى العديد من المنظمات والأفراد الذين ساهموا في البحث والمناصرة التي شملها هذا التقرير. هذا التقرير مُهدى إلى جميع أفراد مجتمع الميم الذين وجدوا الطاقة لمشاركة تجاربهم معنا، ولأفراد مجتمع الميم الذين خسرهم العالم بعد وقعوهم ضحايا لعمليات القتل الوحشية.