(نيروبي) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن تسليم علي كوشيب نفسه لـ "المحكمة الجنائية الدولية" (المحكمة) يمثل تقدما كبيرا لتحقيق العدالة لضحايا الفظائع في دارفور وعائلاتهم. كان كوشيب فارا من المحكمة ومطلوبا منذ 2007 لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبتها الميليشيات المدعومة من الحكومة في دارفور".
سلّم كوشيب نفسه طواعية في جمهورية أفريقيا الوسطى. في 9 يونيو/حزيران 2020، أعلنت المحكمة أنه محتجز لديها. وأشارت المحكمة إلى أن جمهورية أفريقيا الوسطى، وتشاد، وفرنسا، وهولندا، وقوات حفظ السلام التابعة لـ "الأمم المتحدة" قدمت التعاون والمساعدة في تسليم نفسه.
قالت إليز كيبلر، المديرة المشاركة لقسم العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش: "تسليم علي كوشيب نفسه هو محطة مفصلية للعدالة من أجل ضحايا فظائع دارفور وعائلاتهم. صُدم العالم وهو يشاهد الحكومة السودانية تشن هجمات وحشية على مدنيّي دارفور؛ فمنذ 2003، ارتكبت القتل والاغتصاب، وحرقت القرى ونهبتها. لكن بعد 13 عاما، طالت العدالة أخيرا أحد أبرز المشتبه بهم، علي كوشيب".
علي كوشيب هو الاسم الحركي لعلي محمد علي، أحد قادة ميليشيا "الجنجويد" والذي شغل أيضا مناصب قيادية في "قوات الدفاع الشعبي" الرديفة و"قوات الاحتياطي المركزي" في الشرطة السودانية. في 27 أبريل/نيسان 2007، أصدرت المحكمة مذكرة توقيف بحق كوشيب وهو يواجه 50 تهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
في توجيه الاتهامات، وجد قضاة المحكمة "أسبابا معقولة للاعتقاد" بأن كوشيب يتحمل مسؤولية عمليات الاغتصاب، وتدمير الممتلكات، وارتكاب أعمال لاإنسانية، ومهاجمة مدنيين وقتلهم في أربع قرى في غرب دارفور في 2003 و2004. كما وجد القضاة أدلة تشير إلى أن كوشيب أشرف على هجمات، وكذلك التعبئة، والتجنيد، والتسليح، والإمدادات لميليشيا الجنجويد تحت قيادته.
بناء على بحث أجري في دارفور عامي 2004 و2005، وجدت هيومن رايتس ووتش أن أعلى مستويات القيادة السودانية كانت مسؤولة عن وضع وتنسيق سياسة الحكومة لمكافحة التمرد في دارفور، والتي استهدفت المدنيين بشكل متعمد ومنهجي في انتهاك لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدوليَّين. كان كوشيب أحد قادة الميليشيات الرئيسيين الضالعين في الهجمات على القرى المحيطة بمكجار، وبنديسي، وغارسيلا في 2003-2004 في غرب دارفور.
اعتقلت السلطات السودانية كوشيب بتهم غير متصلة بهذه القضية في 2007، ومرة أخرى في 2008. وأُفرج عنه فيما بعد.
قاد كوشيب أيضا في هجمات أوقعت قتلى من قبيلة السلامات في وسط دارفور أو شارك فيها في أبريل/نيسان 2013. رأى شهودٌ كوشيب في موقع هجوم على بلدة أبو جراديل، على بعد 30 كيلومتر جنوب أم دخن، في 8 أبريل/نيسان، وهو في مركبة حكومية. أطلق عدد كبير من الرجال المدججين بالسلاح، معظمهم يرتدون زيا رسميا كاكي اللون، النار عشوائيا وأحرقوا المنازل والمحلات التجارية، وسرقوا الماشية، ونهبوا البضائع، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة العشرات وتهجير عشرات الآلاف.
ما تزال أوامر التوقيف بحق أربعة سودانيين آخرين مشتبه بهم بتهم ارتكاب جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، أو إبادة جماعية عالقة: الرئيس السابق عمر البشير؛ ووزير الدولة السابق للشؤون الإنسانية والحاكم السابق لولاية جنوب كردفان أحمد هارون؛ ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين؛ وزعيم "حركة العدل والمساواة" المتمردة في دارفور عبد الله بندة ابكر. جميعهم محتجزون حاليا في السودان، باستثناء بندة. اتُهم اثنان من القادة المتمردين السودانيين الآخرين بارتكاب جرائم تتعلق بالهجوم على قاعدة لـ "الاتحاد الأفريقي" في دارفور، لكن أحد المشتبه بهما توفي ورفض قضاة المحكمة تأكيد الاتهامات الموجهة إلى الآخر.
أُطيح بالرئيس السابق البشير في أبريل/نيسان 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات في السودان، التي فرقتها قوات الأمن الحكومية بعنف، ما أسفر عن مقتل المئات منذ ديسمبر/كانون الأول وحده. وبموجب الاتفاق السوداني لتقاسم السلطة المُوقع في 17 أغسطس/آب، يرأس الحكومة الانتقالية مجلسٌ سيادي من 11 عضوا لثلاث سنوات، تليها الانتخابات.
في فبراير/شباط 2020، أعلن عضو المجلس السيادي محمد حسن الطيشي أن السلطات السودانية ستتعاون مع المحكمة، بعد أن عرقلت الحكومة السابقة تحقيقاتها. أكد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والمجلس السيادي التزام الحكومة بالتعاون مع المحكمة خلال اجتماعات في الخرطوم مع هيومن رايتس ووتش في 12 فبراير/شباط.
قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات السودانية لم تتخذ بعد خطوات ملموسة لتنفيذ هذا الالتزام.
فتحت المحكمة تحقيقا في جرائم دارفور في 2005. وأحال قرار مجلس الأمن رقم 1593 ملف دارفور على المحكمة. وبما أن السودان ليس عضوا في المحكمة، فقد كانت الإحالة إليها ضرورية للتحقيق في الجرائم المرتكبة في دارفور. جمهورية أفريقيا الوسطى عضو في المحكمة، وجميع أعضائها ملزمون بالتعاون معها بموجب "نظام روما الأساسي" الخاص بها.
قالت كيبلر: "العدالة الفورية ليست ممكنة دائما، ما يجعل دور المحكمة الجنائية الدولية كمحكمة دائمة مهم جدا. مذكرات التوقيف الصادرة عن هذه المحكمة ليس لها تاريخ صلاحية، لكن تطبيقها يعتمد على التعاون من جانب الدول. الآن، جمهورية أفريقيا الوسطى وقوات ’الأمم المتحدة‘، إلى جانب تشاد، وفرنسا، وهولندا، ساعدت في تحقيق آمال الضحايا في المحاسبة".