Skip to main content
تبرعوا الآن

السعودية: أطلقوا سراح المدوّن اليمني محمد البُكاري

الاعتقال التعسفي يهدد حرية التعبير

رسم لشفتين مقطّبتين بخيط. © 2020 مالتي مويلر/غيتي إيمجز

(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن ينبغي للسلطات السعودية الإفراج فورا عن المدون والناشط الحقوقي اليمني محمد البُكاري، الذي اعتُقل في 8 أبريل/نيسان 2020 بعدما نشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي. يستند احتجازه فيما يبدو إلى مطالبته بالمساواة في الحقوق. قال مصدر متصل بالبُكاري لـ هيومن رايتس ووتش إنه محتجز في "سجن الملز" في الرياض، دون إمكانية الحصول على مساعدة قانونية.

أكد المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة الرياض، شاكر بن سليمان التويجري، في بيان أن الشرطة اعتقلت البُكاري (29 عاما) في 8 أبريل/نيسان. قال التويجري في تصريحه إن المقطع الذي نشره البُكاري، والذي أثار غضبا على مواقع التواصل الاجتماعي، شمل "عبارات تتنافى مع القيم والأخلاق، وتتضمن إيحاءات جنسية"، ما دفع الشرطة إلى التدخل العاجل. في مقطع الفيديو، الذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش، أجاب البُكاري على أسئلة على مواقع التواصل الاجتماعي، منها موقفه من العلاقات المثلية. قال: "لكل إنسان حقوق ويجب أن يكون قادرا على ممارستها بِحُريّة، بما في ذلك المثليين".

قال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تكشف الرقابة الصارمة التي تفرضها السعودية على حرية التعبير عن نفاق حكومة وعدت بتنفيذ الإصلاحات. الحكومة التي تعتقل شخصا لمجرد الحديث عن قضايا اجتماعية حساسة تلغي مساحة الحوار والإصلاح".

قال المصدر المُتصل بالبُكاري لـ هيومن رايتس ووتش إنه محبوس احتياطيا تحت ضغط بدني ونفسي، وأن الشرطة ركلته وصفعته مرارا عندما اعتقلته لإرغامه على "الاعتراف بأنه مثلي". البُكاري، الذي لديه مرض مزمن في القلب، أخبر المصدر أنه يواجه صعوبات في التنفس، والأكل، والنوم، وأن صحته النفسية والجسدية تتدهور. كما قال إن الشرطة تضربه يوميا منذ اعتقاله.

قال المصدر إن البُكاري خضع لفحص شرجي قسري، وهي ممارسة فاقدة للمصداقية دوليا تُستخدم لإيجاد "دليل" على السلوك المثلي. الممارسة ليس لها أساس علمي، وتنتهك أخلاقيات مهنة الطب، وتُشكّل معاملة قاسية، ومهينة، ولا إنسانية قد تصل إلى مستوى التعذيب.

قال المصدر إنه رغم عدم توجيه تهم محددة إلى البكاري، إلا أن السلطات اتهمته بأنه "لوطي" و"يتشبّه بالنساء"، و"ينتهك النظام العام" من خلال "الدفاع علنا عن المثلية الجنسية عبر الإنترنت". قالت هيومن رايتس ووتش إن التهم تشير إلى تمييز السلطات السعودية ضد البُكاري على أساس توجهه الجنسي وتعبيره الجندري المفترضين. قال المصدر إنه رغم مطالبة البُكاري بالمساعدة القانونية، لم تسمح له السلطات بتعيين محام.

تلقّت هيومن رايتس ووتش معلومات إضافية عن قضية البُكاري من "المؤسسة العربية للحريات والمساواة" (المؤسسة العربية)، وهي منظمة حقوقية مركزها بيروت تُساعد البُكاري على طلب المساعدة الطارئة وتُتابع قضيته منذ مارس/آذار.

تقول تصريحات البُكاري، التي وثّقتها المؤسسة العربية، إنه فرّ من اليمن في يونيو/حزيران 2019 بعدما هددت جماعات يمنية مسلحة بقتله. قال البُكاري للمؤسسة العربية إنه سار من صنعاء إلى صعدة، ثم من صعدة إلى جدة، ووصل إلى الرياض بعد 15 يوما، حيث يعيش كمهاجر غير مُسجل. منذئذ، هددته جماعات يمنية مسلحة عدة مرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والاتصالات الهاتفية بالقتل إذا عاد إلى اليمن.

لا توجد في السعودية قوانين مكتوبة خاصة بالتوجه الجنسي أو الهوية الجندرية، لكن القضاة يستخدمون مبادئ الشريعة الإسلامية غير المُدوَّنة لمعاقبة الأشخاص المشتبه بممارستهم علاقات جنسية خارج إطار الزواج، بما فيها الزنا )أو "الخيانة" الزوجية(، العلاقة الجنسية بين غير المزوجين، والمثلية، أو غيرها من الأفعال "اللاأخلاقية". إذا حدث أي منها عبر الإنترنت، يستخدم القضاة والمدعون العامون أحكاما غامضة من "نظام مكافحة جرائم المعلوماتية" في البلاد الذي يُجرّم أي نشاط عبر الإنترنت يتعدى على "النظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة".

تواظب السلطات السعودية على توجيه اتهامات إلى نشطاء حقوقيين على أساس ممارستهم السلمية لحرية التعبير، منتهكة بذلك الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان. شملت الممارسات التعسفية الاعتقال التعسفي طويل الأمد - سنتان في بعض الحالات - بدون تهمة، أو محاكمة، أو أي إجراء قانوني واضح.

يضمن "الميثاق العربي لحقوق الإنسان"، الذي صادقت عليه السعودية، الحق في حرية الرأي والتعبير في المادة 32. ينص "إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان" على أن لكل شخص الحق، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، بِحُريّة "نقل الآراء والمعلومات والمعارف المتعلقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية إلى الآخرين أو إشاعتها بينهم".

يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان التعذيب، والمعاملة القاسية، واللاإنسانية، والمهينة. توصل "المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" إلى أن الفحوص الشرجية القسرية "تنتهك الخصوصية ومهينة"، و"لا قيمة لها من الناحية الطبية"، وترقى إلى "التعذيب أو إساءة المعاملة". تصف "مجموعة خبراء الطب الشرعي الدولية" الاختبارات بأنها "شكل من أشكال الاعتداء الجنسي والاغتصاب".

قال بَيْج: "نحن قلقون للغاية بشأن أمن محمد البُكاري وسلامته، وقد تكون حياته في خطر إذا رُحّل إلى اليمن. ينبغي للسلطات السعودية أن تفعل الصواب وتفرج فورا عن الشاب، الذي كان يعبّر عن رأيه وحسب".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.