(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن حملة مضايقات عبر الإنترنت في المغرب سحقت خصوصية رجال يُفترض أنهم مثليون ومزدوجو التوجه الجنسي، ما قد يُعرضهم للأذى الجسدي، والمتابعة القضائية، والتدابير التمييزية. ينبغي للحكومة إنفاذ الحق في الخصوصية وإلغاء تجريم العلاقات الجنسية المثلية.
بدأ عدد كبير من الأشخاص في استخدام تطبيقات مواعدة المثليين منذ منتصف أبريل/نيسان 2020 لكشف هوية مستخدمين آخرين للتطبيق، فأفشوا توجههم الجنسي أو هويتهم الجندرية دون موافقتهم. بالنسبة للمثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتغيري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم)، قد يؤدي ذلك إلى نبذهم من قبل أسرهم ومجتمعهم، وطردهم من السكن من قبل الأقارب والمُلاك، وفصلهم من وظائفهم.
قال غرايم ريد، مدير قسم حقوق مجتمع الميم في هيومن رايتس ووتش: "عواقب كشف التوجه الجنسي المفترض قد تضر بسبل عيش أفراد مجتمع الميم، وسلامتهم، وصحتهم العقلية. ينبغي للسلطات المغربية أن تتدخل فورا لحماية خصوصية أفراد مجتمع الميم، وإلغاء قوانين التي تناهضهم والتي لا يمكن إلا أن تُغذي السلوك المعادي للمثلية".
يُكرّس الدستور المغربي الحق في الخصوصية، ويُجرّم القانون الجنائي كل من قام "بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها". يُعاقب الفصل 1-447 من القانون الجنائي المُخالفين بعقوبات تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات سجنا.
ومع ذلك، فإن القانون المغربي يُجرّم أيضا ما يسميه "أفعال الشذوذ الجنسي" بين أفراد من نفس الجنس، وهو مصطلح تستخدمه السلطات للإشارة إلى المثلية الجنسية بشكل عام. يُعاقب الفصل 489 من القانون الجنائي العلاقات الجنسية المثلية بالسجن حتى ثلاث سنوات، وغرامات تصل إلى ألف درهم (104 دولارات أمريكية).
ظهرت في المغرب حملة الكشف عن التوجه الجنسي المفترض لمستخدمي التطبيقات بدءا من 13 أبريل/نيسان، حين أنشأ أشخاص عدة حسابات وهمية على تطبيقات مواعدة المثليين ثم نشروا على وسائل التواصل الاجتماعي صورا للرجال الذين استخدموا تلك التطبيقات، مع تعليق على الصور بالشتائم والتهديدات ضد الرجال بناء على توجههم الجنسي المُفترض.
قال نشطاء مغاربة من مجتمع الميم لـ هيومن رايتس ووتش إن حملة "الفضح" أدت ببعض العائلات إلى طرد أشخاص من منازلها. كما تسببت بالذعر بين الأشخاص الذين يحتاجون إلى حماية خصوصيتهم بسبب الوصم الاجتماعي تجاه المثلية الجنسية والحظر القانوني على العلاقات الجنسية المثلية.
قال طالب جامعي مثلي عمره 23 عاما لـ هيومن رايتس ووتش إن شقيقه علم بتوجهه الجنسي عندما تم "فضحه" عبر الإنترنت، فطرده من المنزل: "أنا أنام في الشارع منذ ثلاثة أيام وليس لدي أي مكان أذهب إليه. وبسبب فيروس كورونا، حتى أصدقائي المقربين غير قادرين على استضافتي". وقال إنه يخشى على سلامته إذا حاول العودة إلى منزل شقيقه.
قال ممثل لأحد تطبيقات المواعدة المعنية لـ هيومن رايتس ووتش إن التطبيق وجه رسائل إلى المستخدمين بالفرنسية والدارجة )العربية المحكية في المغرب( تحذرهم من موجة "الفضح"، ووفر رقم خطا أخضر يُمكن من خلاله طلب المساعدة القانونية و/أو النفسية. كما شجع التطبيق المستخدمين على الإبلاغ عن الحسابات المزيفة أو تلك التي تنشر خطاب الكراهية ضد مجتمع الميم على التطبيق.
قال مُمثل تطبيق آخر إن التطبيق وجه رسالة أمنية إلى المستخدمين في المغرب، وحظر جميع الحسابات الشخصية التي أنشئت منذ بدء حملة "الفضح".
أصدرت منظمات حقوقية مغربية بيانا عاما يدين الاعتداءات على الإنترنت و"فضح" أفراد مجتمع الميم المغاربة، ويعبّر عن التضامن مع الضحايا. كما أنشأ النشطاء موارد عبر الإنترنت مخصصة للاستجابة لحملة "الفضح"، منها تقديم المساعدة لأعضاء مجتمع الميم المعرضين للخطر أو المحتاجين إلى شكل آخر من الدعم.
في 24 أبريل/نيسان، قال "الأمن الوطني" المغربي لـ "وكالة فرانس برس" إن الشرطة فتحت "تحقيقا أوليا" في "التحريض على الكراهية والتمييز" على ما يبدو فيما يتعلق بنشر بيانات خاصة بشكل يستهدف أفرادا من مجتمع الميم.
سبق لـ هيومن رايتس ووتش أن وثّقت الدور الذي لعبته المنظمات غير الحكومية ونشطاء مجتمع الميم في المنطقة لتوفير مساحات حيوية لأفراد مجتمع الميم. في 2018، بدأت هيومن رايتس ووتش حملة "لست وحدك"، وفي 2019، حملة "مواجهة الخرافات"، واللتين سلطتا الضوء على الاستراتيجيات التي يمكن أن يستخدمها نشطاء ومنظمات مجتمع الميم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك المغرب، لتعبئة وبناء حركاتهم على الرغم من القمع الذي ترعاه الحكومة والوصم الاجتماعي في المنطقة.
يوفر إنفاذ الحق في الخصوصية ضمانة حاسمة ضد التمييز عبر الإنترنت، خاصة التمييز الذي يستهدف أفراد مجتمع الميم. يحظر الدستور والقوانين المغربية التمييز لأسباب مختلفة ولكن ليس على أساس التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية. قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الفجوة القانونية وتجريم المثلية يعرّضان أفراد مجتمع الميم في المغرب بشكل خاص للتمييز.
ينتهك تجريم السلوك الجنسي المثلي بالتراضي حقوق الإنسان الأساسية المحمية بموجب القانون الدولي. يحظر "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" )العهد الدولي(، الذي صادق عليه المغرب عام 1979، تقييد الحق في الخصوصية والحق في عدم التمييز. أدانت "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان" القوانين التي تحظر السلوك المثلي بالتراضي باعتبارها تنتهك العهد الدولي.
في مذكرة نُشرت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، أوصى "المجلس الوطني لحقوق الإنسان"، وهو هيئة عيّنتها الدولة، بإسقاط تجريم الجنس بالتراضي بين البالغين غير المتزوجين. أعربت أكثر من 25 منظمة غير حكومية عن تأييدها للتوصية، لكن الحكومة المغربية رفضتها.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للمغرب إلغاء الفصل 489، الذي يُجرّم العلاقات الجنسية المثلية، وإصدار تشريع يحمي الناس من التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية.
قال ريد: "تتحمل الحكومة المغربية مسؤولية حماية أعضاء مجتمع الميم من هذا النوع من المضايقات بسبب رهاب المثلية ومن جميع أشكال التمييز. رهاب المثلية واقع خطير، لكنه يزدهر عندما تُجرّم الحكومة السلوك الجنسي المثلي ولا تحمي حقوق أفراد الميم في الخصوصية والمعاملة المتساوية".