(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على السلطات المصرية ضمان استمرار حصول حاملي فيروس نقص المناعة البشرية على الأدوية المنقذة للحياة بأمان.
خصّصت الحكومة في 9 مارس/آذار 2020 مستشفيات الحميات في البلاد، وهي المراكز الوحيدة التي يمكن فيها لحاملي فيروس نقص المناعة البشرية الحصول على هذه الأدوية، كمراكز فحص فيروس "كورونا". قال مصريون يحملون فيروس نقص المناعة البشرية لـ هيومن رايتس ووتش إنهم "خائفون للغاية" من الذهاب هناك للحصول على أدويتهم خوفا من الإصابة بفيروس كورونا.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي للحكومة المصرية إزالة أي عقبات تمنع حصول حاملي فيروس نقص المناعة البشرية على العلاج، وضمان حصول الأشخاص الذين يواجهون أصلا مخاوف صحية على أدويتهم بأمان".
الأشخاص الذين لديهم ظروف صحية قائمة، بما فيها ضعف جهاز المناعة، مهددون بشكل أكبر بالإصابة بمرض شديد في حالة الإصابة بفيروس كورونا. قالت "منظمة الصحة العالمية" إنه لا يوجد دليل حتى الآن على أن الإصابة بفيروس كورونا أو مضاعفاته تختلف لدى حاملي فيروس نقص المناعة البشرية المستقرين سريريا (إكلينيكيا) ومناعيا على العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية عن عامة السكان.
إلا أن الذين لديهم مرض نقص المناعة البشرية في مرحلة متقدمة، أو لديهم انخفاض عدد خلايا CD4 المقاومة للعدوى، أو الذين لا يخضعون للعلاج بمضادات الفيروسات القهقرية أو لا يستطيعون الحصول عليه، قد تزداد لديهم خطورة الإصابة بالعدوى والمضاعفات الصحية المتعلقة بفيروس كورونا. قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات المصرية إنشاء مراكز بديلة لتوزيع حصص دوائية تكفي حاملي فيروس نقص المناعة البشرية لأشهر عدة، وذلك لتقليل زيارات المستشفيات واحتمال الإصابة بفيروس كورونا.
في 9 مارس/آذار، أعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري أن مستشفيات الحميات في جميع أنحاء البلاد، المسؤولة عن علاج الأمراض المعدية، ستستقبل الناس لفحص فيروس كورونا والحجر الصحي المؤقت. يشمل ذلك مستشفيات الحميات الثلاث في القاهرة - مستشفيات إمبابة، والعباسية، وحلوان.
لم تذكر الحكومة كيف ستقلل خطر زيادة تعرض حاملي فيروس نقص المناعة البشرية لفيروس كورونا عند صرف أدويتهم من نفس المستشفيات. قد يزداد الخطر على حاملي فيروس نقص المناعة البشرية إذا أدّت معوقات الحصول على الرعاية إلى تعقيد قدرتهم على الاستمرار في العلاج وإضعاف أجهزتهم المناعية.
شُخّص رجل عمره 24 عاما يعمل موظفا في مركز اتصالات في شركة خاصة في القاهرة بإصابته بفيروس نقص المناعة البشرية في يناير/كانون الثاني 2016. قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يحصل على دواء فيروس نقص المناعة البشرية منذ فبراير/شباط لأنه "خائف من أن يصاب بفيروس كورونا". لأنه، كما قال، لا يستطيع استلام دوائه من مستشفى الحميات إلا مرة كل شهر، فإنه يخشى ألا يتمكن من تلقي العلاج طوال الأزمة، ما يتسبب في تدهور صحته.
قال رجل عمره 26 عاما يعمل في فندق، ويحمل فيروس نقص المناعة البشرية منذ 2014، إنه بعدما أجّل استلام دوائه خوفا من تعرضه لفيروس كورونا، ذهب في النهاية إلى مستشفى حميات العباسية في مارس/آذار للحصول على دوائه. قال: "رغم وجود أقسام منفصلة في المستشفى لمرضى فيروس كورونا، ربما أكون قد تعرضت للفيروس لأنني اضطررت إلى دخول المستشفى من خلال نفس المدخل". قال إن المستشفى لم تمنحه كمية تكفي عدة أشهر، ولكن بعد احتجاجه، وافقوا على إجراء استثناء ومنحه كمية لشهرين.
استمرار الرعاية ضروري لفعالية علاج فيروس نقص المناعة البشرية، إذ يؤدي إلى انخفاض الحِمل الفيروسي، وحماية جهاز المناعة لدى الفرد، وتقليل إمكانية انتقال الفيروس. قد تؤدي الانقطاعات في العلاج إلى زيادة خطر تطور مقاومة فيروسية وتؤدي إلى تهديد أكبر بالإصابة بعدوى انتهازية قاتلة.
في مارس/آذار، دعا "برنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز" (يونيدز) البلدان التي تستعد لمواجهة فيروس كورونا إلى ضمان حصول حاملي فيروس نقص المناعة البشرية بشكل مأمون على الأدوية العلاجية. قالت مستشارة في يونيدز في مصر لـ هيومن رايتس ووتش إن الوكالة تنسق مع "البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز" في البلاد منذ منتصف فبراير/شباط، عندما ظهر فيروس كورونا في مصر، لضمان استدامة العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية وصرفه لعدة أشهر لحاملي فيروس نقص المناعة البشرية. مع ذلك، لم تنشئ الحكومة بعد مراكز بديلة لإعطاء المرضى كمية تكفي لعدة أشهر.
ينبغي لمصر، عند إنشاء هذه المراكز، ضمان أن تكون متاحة للفئات والمجتمعات المهمشة وترحب بهم. قال رجلان مثليّان يحملان فيروس نقص المناعة البشرية لـ هيومن رايتس ووتش إنهما حتى قبل تفشي فيروس كورونا، لم يشعرا بالراحة تجاه زيارة المستشفيات الحكومية لأنهما واجها الوصم والتمييز على أساس توجههما الجنسي.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على مصر السماح للمنظمات غير الحكومية التي تثق بها الفئات المهمشة بتشغيل مراكز استقبال تُوفّر خدمات فحص وعلاج فيروس نقص المناعة البشرية، أثناء أزمة فيروس كورونا وبعدها. ينبغي للسلطات ضمان عدم اضطرار الناس إلى السفر مسافات طويلة للحصول على العلاج، خصوصا خلال تفشي فيروس كورونا. وفقا لتقارير إعلامية مستندة إلى بيانات رسمية، هناك 14 مركزا فقط تخدم محافظات البلاد الـ 27.
خارج مستشفيات الحميات في مصر، لا تقدم المستشفيات الخاصة والحكومية علاج فيروس نقص المناعة البشرية، ووقعت عدة حوادث اشتملت على حرمان المرضى من العلاج أو الجراحة، بما في ذلك لأمراض أخرى، عندما تبيّن أنهم يحملون فيروس نقص المناعة البشرية.
انتشار فيروس نقص المناعة البشرية في مصر منخفض نسبيا ويقدر بنحو 22 ألف مريض، ولكن لديها أحد أسرع معدلات نمو وباء فيروس نقص المناعة البشرية في الشرق الأوسط، مع زيادة بنسبة 25٪ إلى 30٪ كل سنة خلال السنوات العشر الماضية. 31٪ فقط من حاملي فيروس نقص المناعة البشرية يأخذون، أو يمكنهم الحصول على، العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية، والذي تقدمه الحكومة مجانا.
كطرف في "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، يتعين على مصر اتخاذ خطوات لضمان أعلى مستوى صحي يمكن بلوغه للجميع، دون تمييز. قالت هيومن رايتس ووتش إن مصر وعدت أيضا بالانضمام إلى الجهود العالمية لإنهاء "الإيدز" كتهديد للصحة العامة بحلول 2030. ينبغي أن تبدأ "وزارة الصحة والسكان" بضمان حصول حاملي فيروس نقص المناعة البشرية على علاج آمن ودون انقطاع.
قال ستورك: "يجب ألا يخاف الأشخاص المتعايشون مع فيروس نقص المناعة البشرية إطلاقا من استلام أدويتهم. ينبغي لمصر اتخاذ خطوات فورية لتسهيل الحصول على العلاج، ليس لحماية الحق في الصحة فحسب، بل أيضا الحق في الحياة".