Skip to main content

ليبيا: لا انتخابات حرة في ظل المناخ الحالي

على الأمم المتحدة أن تُصر على العدالة وسيادة القانون كشروط مُسبقة

امرأة تقترع داخل مركز اقتراع في مدرسة في طرابلس، ليبيا، 25 يونيو/حزيران 2014.  © 2014 رويترز

(جنيف) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على الأمم المتحدة حث حكومة الوفاق الوطني، ومقرها طرابلس، والسلطات المتنافسة في شرق ليبيا على تهيئة الظروف المناسبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة قبل الإسراع بإجراء انتخابات عامة في عام 2018.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه لكي تكون الانتخابات حرة ونزيهة، فإنها تحتاج إلى أن تُجرى في بيئة خالية من الإكراه، أو التمييز، أو الترهيب في حق الناخبين، المرشحين، والأحزاب السياسية. ينبغي احترام 3 عناصر أساسية: حماية حرية التعبير والتجمع، قوانين غير تمييزية أو تعسفية في استبعاد ناخبين أو مرشحين مُحتملين، وسيادة القانون، مصحوبة بسلطة قضائية فاعلة قادرة على التعامل بشكل عادل وسريع مع النزاعات المُتعلقة بالانتخابات. على القضاء أن يكون مُستعدا لحل الخلافات حول الانتخابات، مثل التسجيل، الترشح، والنتائج. على منظمي الانتخابات ضمان وصول المُراقبين المُستقلين إلى أماكن الاقتراع.

قال إريك غولدستين، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لا يمكن لليبيا اليوم الابتعاد أكثر عن احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان، ناهيك عن الشروط المقبولة لإجراء انتخابات حرة. على السلطات أن تكون قادرة على ضمان حرية التجمع، تكوين الجمعيات، والتعبير لأي شخص يُشارك في الانتخابات".

دعمت الأمم المتحدة علنا إجراء انتخابات في عام 2018. ومن الضروري أن يتعاون مسؤولو الأمم المتحدة ومجلس الأمن في الضغط على جميع الأطراف الليبية لضمان إمكانية تلبية الشروط اللازمة لإجراء انتخابات ذات مصداقية على مستوى البلاد قبل تنظيمها، وفقا لـ هيومن رايتس ووتش.

خلال اجتماع بوساطة من رئيس فرنسا، إيمانويل ماكرون، في يوليو/تموز 2017 بين رئيس الوزراء فايز السراج، عن حكومة الوفاق الوطني، وخليفة حفتر، "قائد قوات الجيش الوطني" الليبي المُتمركز في شرق ليبيا، اتفق الاثنان، من حيث المبدأ، على تنظيم انتخابات عاجلة، في غضون النصف الأول من عام 2018. حاليا، لا تُوجد خطة شاملة أو ضمانات لضمان حماية حرية تكوين الجمعيات والتجمع، وسيادة القانون.

في وقت لاحق، أخبر السراج وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، خلال اجتماع في طرابلس أن حكومته "تمضي قدما" بشأن انتخابات 2018. ودعا عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي الذي يدعم مجموعة حفتر، ومقره في شرق ليبيا، إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية "في أسرع وقت، حتى ينتهي الخلاف والنزاع على الشرعية، والمنافسة على الكراسي والمناصب في ليبيا".

يدعم مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي حكومة الوفاق الوطني، التي تدعمها جماعات وميليشيات مُسلحة في غرب ليبيا ولكنها تُسيطر بشكل محدود على الأراضي. أما الحكومة الأخرى، وهي حكومة مؤقتة مُنافسة ومقرها في مدن البيضاء، طُبرق وبنغازي الشرقية، فهي مدعومة أيضا من قبل الجيش الوطني الليبي، الذي يُسيطر على مساحات شاسعة من شرق وجنوب ليبيا، باستثناء مدينة درنة الشرقية.

أدى العنف في أعقاب آخر الانتخابات العامة في ليبيا في عام 2014 إلى انهيار السلطة المركزية والمؤسسات الرئيسية، لا سيما سلطة إنفاذ القانون والسلطة القضائية. والنتيجة حكومتان متعارضتان تتنافسان على الشرعية. منذ ذلك الحين، اختطفت الجماعات المسلحة، احتجزت تعسفا، عذبت، أخفت قسرا، وقتلت آلاف الأشخاص، مع الإفلات من العقاب. دمرت الصراعات، التي طال أمدها، الاقتصاد والخدمات العامة، وشردت داخليا 165 ألف شخص.

تعهد جيفري فيلتمان، الأمين العام المُساعد للشؤون السياسية، بدعم الأمم المتحدة لتنظيم انتخابات "شاملة" في عام 2018. المُمثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، غسان سلامة، كثيرا ما أعرب علنا عن رغبته في إجراء انتخابات عامة في عام 2018، بينما يعترف بعدم وُجود إطار دستوري وظروف مُناسبة في ليبيا.

في محاولة في سبتمبر/أيلول لإعادة تنشيط عملية سياسية متوقفة وسط نزاعات عنيفة، أعلن سلامة عن خطة عمل جديدة لليبيا. تضمنت الخطة إجماعا على تعديلات محدودة على الاتفاق السياسي الليبي الحالي، يليها مؤتمر وطني، وإجراء استفتاء دستوري، وتشريع ينص على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. أيد الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، خطة العمل. ولم يتم الإعلان عن تاريخ لهذه الخطوات.

قوضت القوانين التقييدية حرية التعبير وتكوين الجمعيات في ليبيا، وقامت الجماعات المسلحة بالترهيب، المُضايقة، التهديد، الاعتداء الجسدي، والاحتجاز التعسفي في حق صحفيين، ونشطاء سياسيين، ومُدافعين عن حقوق الإنسان. ينص قانون العقوبات على عقوبات جنائية بتهمة التشهير، و"إهانة" موظفين عموميين، والأمة الليبية أو العلم، ويفرض عقوبة الإعدام على "ترويج نظريات أو مبادئ" ترمي لقلب نُظم الدولة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية.

تحد القوانين المتعلقة بالتجمع السلمي، دون داع، من قدرة المواطنين على التعبير عن أنفسهم بحرية من خلال مظاهرات واحتجاجات عفوية ومُنظمة، مع عقوبات قاسية لا مبرر لها. على السلطات التأكد من أن أي قيود على التجمعات العامة ضرورية للغاية لحماية النظام العام.

انهار نظام العدالة الجنائية. لا تزال المحاكم المدنية والعسكرية في الشرق والجنوب مُغلقة في الغالب، في حين أنها تعمل في أماكن أخرى بقدرة محدودة. قامت جماعات مُسلحة بترهيب، ومُضايقة، والاعتداء على قُضاة، مُدعين عامين، مُحامين، ومسؤولين حُكوميين. تعمل الإدارات المعنية بإنفاذ القانون والتحقيقات الجنائية في جميع أنحاء البلاد بشكل جزئي فقط، وغالبا ما تفتقر إلى القدرة على تنفيذ أوامر الاستدعاء الصادرة عن المحاكم وأوامر الاعتقال. المحاكم الليبية ليست في وضع يسمح لها بحل النزاعات الانتخابية بما في ذلك التسجيل والنتائج.

تحتجز سلطات السجون، وهي غالبا ما تكون اسميا فقط تحت إشراف وزارت الداخلية والدفاع والعدل في الحكومتين المُتنافستين، آلاف المعتقلين رهن الاعتقال التعسفي طويل الأمد دون توجيه أي تهم إليهم. وتُدير الجماعات المُسلحة مرافق احتجاز غير رسمية خاصة بها. بموجب المادة 44 من الاتفاق السياسي الليبي، على حكومة الوفاق الوطني أن تضمن اقتصار سلطة احتجاز أو اعتقال الأشخاص على أجهزة إنفاذ القانون المنصوص عليها قانونا، وأن تتم ممارسة هذه السلطة بشكل يتماشى مع التشريعات الليبية النافذة والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

تأسست "المُفوضية الوطنية العليا للانتخابات"، المسؤولة عن تنظيم الانتخابات، في يناير/كانون الثاني 2012 من قبل "المجلس الوطني الانتقالي". وأعلنت الانطلاق الرسمي لعملية الانتخابات في 7 ديسمبر/كانون الأول، مع تسجيل الناخبين. في حدود 15 فبراير/شباط، سُجل أكثر من 2.4 مليون شخص، وفقا لما تُظهره إحصاءاتها. واعتبارا من 8 مارس/آذار، تم تسجيل 6,267 ليبي في الخارج. ومددت المُفوضية الموعد النهائي عدة مرات، كان آخرها حتى 31 مارس/آذار. تُشير تقديرات "المنظمة الدولية للهجرة "إلى أن 141 ألف ليبي على الأقل عاشوا في الشتات في عام 2015، رغم أن الأرقام الأخيرة قد تكون أعلى من ذلك بكثير.

قالت هيومن رايتس ووتش إن تسجيل الناخبين ينبغي أن يكون شاملا، ومُتاحا، ويضمن أن أكبر عدد من الليبيين المؤهلين داخل الدولة وخارجها يُمكنهم التسجيل. كما ينبغي النص على تسجيل الأشخاص المُحتجزين رهن الاعتقال التعسفي لمدة طويلة دون إدانة جنائية، لأنه لا يوجد أساس قانوني لإقصائهم. كما ينبغي لمُفوضية الانتخابات ضمان التدقيق الشفاف والمنتظم لسجل الناخبين لتفادي أي خطأ.

يبقى الإطار القانوني لإجراء الانتخابات مُبهما. لا يمكن لمُفوضية الانتخابات إجراء انتخابات سوى إذا أقر مجلس النواب قانون الانتخابات. لدى ليبيا فقط على إعلان دستوري مؤقت، اعتمد في عام 2011. مسودة الدستور المُقترحة من قبل الهيأة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في يوليو/تموز لم تُعرض بعد للاستفتاء. ولم تُوضح بعد مُفوضية الانتخابات الإطار القانوني لمشاركة الأحزاب السياسية، وكيف يُمكن إحضار مراقبين مستقلين ودوليين بأمان إلى جميع المناطق التي يجري فيها التصويت.

على ليبيا، بصفتها طرفا في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، أن تلتزم "بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، و"الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، واللذان يضمنان حرية الكلام والتعبير، وتكوين الجمعيات. كما أن ليبيا مُلزمة أيضا بإعلان الاتحاد الإفريقي لعام 2002 بشأن المبادئ التي تحكم الانتخابات الديمقراطية في أفريقيا، والتي تنص على أنه ينبغي إجراء انتخابات ديمقراطية في إطار "دساتير ديمقراطية وامتثالا للصكوك القانونية الداعمة"، وبموجب "نظام فصل السلطات، الذي يضمن على وجه الخصوص، استقلال القضاء".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة