تحديث:
على النيابة العامة في مصر توجيه اتهام إلى الزوجين بناء على أدلة واضحة وعرضهما على قاضٍ ليحكم بشأن شرعية احتجازهما وضرورته، أو إطلاق سراحهما فورا.
(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات المصرية انتهكت مرارا حقوق زوجين في الإجراءات القانونية الواجبة منذ اعتقالهما في 30 يونيو/حزيران 2017، واحتجازهما لاحقا. اعتقلت قوات وزارة الداخلية عُلا القرضاوي (55 عاما) وزوجها حسام خلف (58 عاما) دون أمر قضائي لعلاقتهما المحتملة بجماعة "الإخوان المسلمين" أثناء إجازتهما في الساحل الشمالي لمصر، واحتُجزا في الحبس الانفرادي 70 يوما على الأقل.
وفقا لبيان قدمه محامي الأسرة المقيم في الولايات المتحدة لـ هيومن رايتس ووتش، ذهب عناصر "الأمن الوطني" إلى منزل الزوجين الصيفي وأخذوهما للاستجواب في مركز شرطة قريب. امتثل الزوجان رغم أن العناصر لم يظهروا مذكرة توقيف. لم تعرف عائلتاهما مكان احتجازهما على مدار يومين، حتى أخبر أحد المحامين العائلة أنه رآهما بالصدفة في مبنى "نيابة أمن الدولة العليا" في القاهرة.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لا تعتدي وزارة الداخلية المصرية على سلطة القضاء وحسب، بل على الحقوق الأساسية لمصريين مثل علا القرضاوي وحسام خلف كل يوم. قضيتهما مثال محزن لما أصبح مألوفا في مصر".
منذ أن أطاح الجيش بالرئيس السابق محمد مرسي بالقوة في يوليو/تموز 2013، احتجزت النيابة العامة في مصر آلاف الأشخاص في الحبس الاحتياطي لفترات تصل إلى عدة سنوات.
ادّعى الأمن المصري أن سبب الاستجواب هو وجود الزوجين في منزل صيفي يملكه يوسف القرضاوي والد علا، وهو رجل دين إسلامي جُمدت أصوله المادية بسبب صلاته المزعومة بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة. لكن محامي الأسرة وآية بنت علا القرضاوي قالا لـ هيومن رايتس ووتش إن العقار تملكه رسميا أم علا المتوفاة.
في ليلة 30 يونيو/حزيران، فتّش رجال الأمن الوطني منزل الزوجين في حي المقطم بالقاهرة، دون أمر قضائي أيضا، وصادروا مجوهرات الزوجة وجواز سفرها وممتلكات أخرى، بحسب ابنتها.
قال محامي العائلة إن وكلاء بنيابة أمن الدولة العليا استجوبوا الزوجين كل على حدة دون حضور محام. في 2 يوليو/تموز، أمرت النيابة باعتقالهما على ذمة التحقيق لتهم متعلقة بالإرهاب، لكنها لم تقدم أي اتهامات بطريقة رسمية. جدد وكلاء النيابة اعتقالهما دون مراجعة قضائية منذ ذلك الحين.
رفضت سلطات السجون السماح للمحامين بزيارة الزوجين أثناء الاحتجاز، وحرمتهم النيابةمن الحصول على الوثائق القانونية المتعلقة بالقضية، بما فيها نسخة رسمية عن التهم الموجهة إليهما. قال المحامون إن هذه الانتهاكات عرقلت حصول الزوجين على دفاع قانوني. كذلك، ادعى محامي علا أن السلطات حرمتها من حقوقها القنصلية مع السفارة القطرية، لأنها تحمل جنسية مزدوجة. احتُجز الزوج في سجن شديد الحراسة 2 في "مجمع سجون طرة"، وزوجته في "سجن القناطر للنساء"، في القاهرة.
قال أقارب الزوجين ومحاميهما إنهما احتجزا في ظروف سجن لاإنسانية، في زنازين إنفرادية بقياس 1.6 × 1.8 متر دون نوافذ أو تهوية على مدار 24 ساعة، ويسمح للزوجة بمغادرة زنزانتها مرة واحدة يوميا 5 دقائق لاستخدام الحمام. قال المحامي إنهما لا يتلقيان غذاء كافيا، وإن السلطات لم تسمح لأفراد أسرهم بتقديم الأغذية أو غيرها من المواد لتكملة النظام الغذائي غير اللائق في السجن. قال المحامون إن علا بدت وكأنها فقدت الكثير من وزنها.
عام 2016، وجدت هيومن رايتس ووتش أن معاملة السلطات للسجناء في سجن شديد الحراسة المعروف بـ "العقرب" – منشأة أمنية شديد الحراسة داخل مجمع سجون طرة - مثلت انتهاكا لمجموعة من الحمايات الممنوحة للمعتقلين. يُحتجر في سجن العقرب العديد من الشخصيات البارزة في المعارضة والشخصيات السياسية في جماعة الإخوان المسلمين منذ عام 2013.
قال أحد محامي الأسرة إنه لم يتمكن من مقابلة موكليه إلا في 4 مناسبات لبضع دقائق فقط خلال جلسات تجديد الاحتجاز السابق للمحاكمة.
كان حسام عضوا فاعلا في "حزب الوسط" بين عامي 2011 و2013، حيث شغل عددا من المناصب الإدارية العليا. عارض حزب الوسط الانقلاب العسكري عام 2013، وأصبح هدفا للقمع الحكومي واسع النطاق ضد المعارضة. احتجزت السلطات نائب رئيسه عصام سلطان في سجن العقرب 4 سنوات، واحتجزت أبو العلا ماضي، زعيم الحزب، في الحبس الاحتياطي عامين، وأطلقت سراحه في أغسطس/آب 2015 دون محاكمة.
اعتُقل حسام تعسفيا عام 2014 واحتجز سنتين دون محاكمة. كحال آلاف الاعتقالات السياسية في مصر، جدد أعضاء النيابة احتجاز حسام بشكل دوري، لكنهم لم يرسلوه للمحاكمة. أطلق سراحه في مارس/آذار 2016.
والد علا هو الداعية الإسلامي المعروف الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس "الاتحاد الدولي لعلماء المسلمين"، الذي يعيش في قطر، وينتقد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس مرسي عام 2013.
في مايو/أيار 2015، أصدرت مجموعة من 159 من علماء مسلمين بيانا يؤيدون فيه "القصاص" أو "الانتقام" من المسؤولين عن قتل "الأبرياء" في مصر، بما فيه الانتقام من القضاة والسياسيين والشخصيات الإعلامية. وقع البيان نائب رئيس "الاتحاد الدولي لعلماء المسلمين" الشيخ أحمد الريسوني، لكن القرضاوي لم يؤيده. مع ذلك، ركز المسؤولون المصريون ووسائل الإعلام الموالية للحكومة انتقاداتهم على القرضاوي.
شجع وزير الأوقاف محمد جمعة على وضع القرضاوي على قائمة الإرهاب في مصر، وفي يونيو/حزيران 2015 حكم على القرضاوي غيابيا بالإعدام مع مرسي و98 مدعى عليهم آخرين، 6 منهم فقط كانوا رهن الاعتقال. وجدت هيومن رايتس ووتش بعد تحليلها القضية بعيد صدور الحكم أن المحاكمة شابها القصور القانوني، وأن القضاة فشلوا في إثبات الذنب الجنائي الفردي.
في فبراير/شباط 2017، وضعت محكمة جنائية في القاهرة أكثر من 1500 شخص، بمن فيهم القرضاوي، على قائمة الإرهاب. طالبت مصر قطر مرارا بتسليم القرضاوي. كما جمدت الحكومة أصوله بحجة روابطه المزعومة مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
في 17 أغسطس/آب، أمرت اللجنة نفسها بتجميد أصول 16 شخصا آخرا، من بينهم 6 من أبناء القرضاوي، ابنته علا، وزوجها حسام خلف.
يحظر "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادقت عليه مصر، الاحتجاز التعسفي. وفقا لـ "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، وهي الهيئة التي تراقب الامتثال للعهد، فإن الاعتقالات تُعتبر تعسفية إن لم تكن وفقا للإجراءات القانونية الواجبة، أو إذا كانت غير متناسبة بشكل واضح، أو غير عادلة، أو لا يمكن التنبؤ بها.
يطلب القانون الدولي أيضا تقديم المعتقلين بسرعة إلى القضاء، عادة في غضون 48 ساعة، لمراجعة احتجازهم. كما ينص على محاكمة خلال فترة زمنية معقولة. ينبغي ألا يُستخدم الحبس الاحتياطي (السابق للمحاكمة)، الذي ينص عليه قانون الإجراءات الجنائية المصري، إلا في حالات معينة، مثلا حين يُخشى هروب المدعى عليه أو حين يكون للمدعى عليه القدرة على التأثير على الأدلة. لكن نادرا ما يقدم أعضاء النيابة تفسيرا لقراراتهم، ويستخدمون الحبس الاحتياطي بشكل غير عادل لإبقاء المعارضين السياسيين في السجون.