Skip to main content

مصر ـ الحكم بإعدام مرسي يأتي في أعقاب محاكمة مشوبة بالقصور

الأحكام الجماعية بحق الإخوان لم تعمل على تقييم الذنب الفردي

(بيروت) ـ  إن القضيتين اللتين نتج عنهما حصول الرئيس الأسبق محمد مرسي و114 آخرين على أحكام بالإعدام في 16 يونيو/حزيران كانت مشوبة بانتهاكات لسلامة الإجراءات ويبدو أن دوافعهما كانت سياسية. وتستند الإدانات بالكامل تقريباً إلى شهادات المسؤولين الأمنيين.

وقد قامت هيومن رايتس ووتش بمراجعة ملخص لملفات القضيتين فلم تجد أدلة تذكر، بخلاف شهادات ضباط الجيش والشرطة، لتأييد إدانة مرسي و130 آخرين في قضية اقتحام السجون في 2011، ومرسي و35 آخرين بتهمة التخابر مع قوى أجنبية ضد الدولة. وكانت أحكام الإدانة وتوصيات الإعدام قد صدرت في البداية في 16 مايو/أيار، ولم يُنشر منطوق الأحكام بالكامل حتى الآن.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط الأوسط وشمال أفريقيا: "تظهر هذه الملاحقات أن المحاكم المصرية مستعدة للحكم على معارضي الحكومة بالإعدام بدون التفات يذكر إلى سلامة الإجراءات، وأنها تتبع خطاً من المحاكمات الجماعية المعيبة بحق أعضاء الإخوان المسلمين".

ورغم أن القانون الجنائي المصري يشترط التثبت من الذنب الإجرامي الفردي لإدانة متهم، إلا أن ملفات القضايا لا تشير إلى قيام النيابة بالتحقيق في المسؤولية الفردية عن الأفعال المذكورة في لائحة الاتهام.

وقد أجرت السلطات سلسلة من المحاكمات الجماعية منذ 2013 وحكم فيها على المئات من أعضاء الإخوان المسلمين بالإعدام في أعقاب إجراءات تنتهك الحق في سلامة الإجراءات، وتخفق في التثبت من الذنب الفردي، بحسب هيومن رايتس ووتش. وقد كان مرسي من كبار المسؤولين في الإخوان المسلمين حتى استقالته في 2012 عقب انتخابه لرئاسة مصر.

كما قالت هيومن رايتس ووتش إنه إذا وجدت أدلة ذات مصداقية على مسؤولية المتهمين في تلك القضايا فردياً عن ارتكاب الجرائم التي اتُهموا بها فإن على النيابة تقديمها علناً والتوجه إلى المحكمة بطلب إعادة محاكمة المتهمين في إجراءات تلبي المعايير الدولية للمحاكمات العادلة.

وقد جرت محاكمة مرسي في القضيتين المقامتين بحقه بالتزامن أمام المحكمة نفسها، فواجه مرسي و130 آخرون في إحداهما تهم القتل وسرقة الأسلحة والتواطؤ مع متشددين أجانب للهرب من السجون أثناء انتفاضة 2011 التي خلعت الرئيس حسني مبارك. وفي الأخرى اتهم مرسي و35 آخرون بالتخابر وإفشاء أسرار الدولة لقوى أجنبية، ومنها حماس وإيران.

وقد أشرف القاضي شعبان الشامي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، على المحاكمتين كقاض في الدائرة الخاصة المعينة للنظر في قضايا الإرهاب والأمن القومي، وتم عقد الجلسات في محكمة خاصة بأكاديمية الشرطة في القاهرة.

وفي 16 مايو/أيار أعلن الشامي عن إحالة أكثر من 100 متهم، وبينهم مرسي، إلى مفتي الديار المصرية، أرفع سلطات الشريعة الإسلامية في البلاد، مما يشير إلى التوصية بإعدامهم. ويشترط القانوني أن يقوم المفتي بتقديم رأيه السري وغير الملزم في أحكام الإعدام قبل أن تصبح نهائية. وفي 16 يونيو/حزيران أكد الشامي أحكام الإعدام كلها تقريباً ـ 16 في قضية التخابر و99 في قضية اقتحام السجون. ولا يوجد في عهدة الدولة سوى تسعة من المحكوم عليهم بالإعدام، وكلهم من المنتمين إلى الإخوان.

وبين الموجودين في عهدة الدولة محمد بديع، المرشد العام للإخوان المسلمين، وخيرت الشاطر، نائب المرشد، ورشاد البيومي، أحد نواب المرشد الآخرين، وعصام العريان، النائب السابق لرئيس حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان، وسعد الكتاتني، عضو الحرية والعدالة ورئيس البرلمان السابق، ومحمد البلتاجي العضو البارز في الإخوان.

وقد تلقى مرسي والبيومي والعريان وبديع والكتاتني ومحيي حامد، عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان، أحكاماً بالإعدام في قضية اقتحام السجون، بينما حصل الشاطر والبلتاجي وأحمد عبد العاطي مساعد مرسي على أحكام بالإعدام في قضية التخابر. كما حصل الجميع، باستثناء عبد العاطي والبيومي والشاطر، على أحكام بالسجن المؤبد.

وبوسع الجميع الاستئناف أمام محكمة النقض، أرفع محاكم الاستئناف المصرية، التي لا تنظر في القضايا إلا من حيث العوار القانوني، بغير مراجعة الأدلة التي استندت إليها المحكمة.

وقد راجعت هيومن رايتس ووتش ملخص مرافعة النيابة في القضيتين. اعتمدت النيابة في قضية اقتحام السجون على شهادة 43 شخصاً معظمهم ضباط أمنيون في وزارة الداخلية لتأييد الاتهام بأن جهاديين من المتمركزين في شبه جزيرة سيناء المصرية قد تواطأوا مع متشددين من حركة حماس المتمركزة في غزة وحزب الله المتمركز في لبنان لاختراق الحدود الشرقية لمصر في سيناء وتحرير المسجونين السياسيين وآلاف المسجونين الجنائيين أثناء انتفاضة 2011.

وقد قام مسؤولون أمنيون باحتجاز مرسي و34 آخرين من كبار مسؤولي الإخوان المسلمين في 28 يناير/كانون الثاني 2011، بعد اندلاع الاحتجاجات الجماعية ضد مبارك. وفي غضون أيام فروا هم وآلاف النزلاء الآخرين من السجون في أرجاء مصر. ولم توجه السلطات إلى مرسي ومسؤولي الإخوان الـ34 الآخرين أية تهم جنائية في 2011، لا قبل احتجازهم ولا بعد مغادرتهم للسجن.

وفي القضايا الحالية، اتهم مرسي و45 متهماً آخر بالفرار من السجون بالقوة والتواطؤ في القتل واختراق الحدود عن طريق توفير الأموال والمعلومات والعون المادي، من قبيل وثائق الهوية المزورة والسيارات، للمتشددين الذين اقتحموا السجون وقتلوا رجال الشرطة وحراس السجون أثناء العملية.

وزعم أفراد النيابة أن عمليات الهرب من السجون نتجت عن مؤامرة بين الإخوان وقوى أجنبية. وزعموا في ملف القضية أن 76 متهماً، لم يكونوا رهن الاحتجاز في ذلك التوقيت، مع أكثر من 800 من المتشددين، دخلوا مصر بالقوة من قطاع غزة، واستولوا على جزء من سيناء، ودمروا المباني الحكومية، وخطفوا ثلاثة من ضباط الشرطة ثم اعتدوا على ثلاثة سجون هي سجون وادي النطرون وأبو زعبل والمرج. حطم المتشددون أسوار السجون، بحسب ملف القضية، وقتلوا الحراس والنزلاء، وحرروا أعضاء حزب الله وحماس والإخوان المسجونين، ومعهم أكثر من 20 ألف سجين آخر.

وفي القضية الثانية وجهت النيابة إلى مرسي و35 متهماً آخر، ومنهم 16 حوكموا غيابياً، تهم التخابر مع حماس وحزب الله وإيران والولايات المتحدة وغيرهم، وإطلاعهم على أسرار الدولة بين 2005 و2013. وادعت النيابة أن الهدف كان ارتكاب "أعمال إرهابية .. بغرض إشاعة الفوضى وإسقاط الدولة وصولا إلى الاستيلاء على السلطة، بأن فتحوا قنوات اتصال مع جهات أجنبية رسمية وغير رسمية للحصول على تأييدها".

اتهمت النيابة مرسي ومساعديه الرئاسيين بتداول تقارير سرية متعلقة بالأمن القومي مع قوى أجنبية من خلال البريد الإلكتروني وتقديم تقارير سرية عن النشاط الإيراني في مصر إلى أعضاء الحرس الإيراني الثوري. كما واجه المتهمون تهم إنشاء "جماعات مخالفة للقانون" ـ والمقصود جماعة الإخوان المسلمين ـ سعت إلى تغيير نظام الحكم بالعنف وتلقت تدريبات عسكرية في قطاع غزة، والانضمام إلى تلك الجماعات وتأييدها.


وكما حدث في كل قضية من القضايا الخمس المقامة بحق مرسي، لم توجه النيابة تلك الاتهاكات إلا بعد عزل مرسي في يوليو/تموز 2013 على يد وزير الدفاع وقتذاك عبد الفتاح السيسي، الذي انتخب رئيساً في يونيو/حزيران 2014. كان السيسي مدير المخابرات العسكرية في توقيت اقتحام السجون.

ولطالما طالبت المنظمات غير الحكومية ورجال السياسة في مصر بتحقيق مستقل في قضية اقتحام السجون والفراغ الأمني الذي بدأ في 28 يناير/كانون الثاني 2011، عندما تمكنت الاحتجاجات الجماعية من هزيمة القوات الأمنية وانتشرت القوات المسلحة في الشوارع. وفي الشهور التالية للانتفاضة، عملت مقاطع فيديو من تصوير هواة منشورة على يوتيوب، وشهادات جمعتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ـ وهي منظمة مستقلة ـ وتصريحات إعلامية لمسؤولين سابقين بالسجون ولعائلات الضباط القتلى، عملت على إثارة التساؤلات عن احتمالات تردد قوات الأمن في منع اقتحام السجون أو تورطها المحتمل في إطلاق سراح السجناء أو قتلهم.

ولم ينشر تقريرا تقصي الحقائق اللذين تم إعدادهما بتكليف من الحكومة عن أحداث الانتفاضة ـ وقد اكتمل أحدهما في ظل حكومة عسكرية مؤقتة في 2011 والآخر في عهد مرسي في 2013 ـ على الجمهور قط، ويبدو أن النيابة العامة لم تستعن بهما عند توجيه الاتهامات.

وفي 21 أبريل/نيسان 2015 أصدر أحد القضاة حكماً على مرسي بالسجن لمدة 20 عاما للتواطؤ في احتجاز معارضين بالمخالفة للقانون وتعذيبهم بأيدي مؤيدي الإخوان المسلمين، كما يواجه ثلاث قضايا أخرى تتعلق بالفساد، وإهانة القضاء، وتسريب أسرار الدولة إلى قطر.

وتعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع القضايا، وقد دعت الحكومة المصرية إلى وقف تنفيذها. ومنذ عزل مرسي قامت السلطات بإعدام سبعة أشخاص لمزاعم بارتكاب أعمال عنف ضد الحكومة الجديدة أو مؤيديها، وحكمت على نحو600 بالإعدام.

وقالت سارة ليا ويتسن: "لقد مثلت قضية اقتحام السجون فرصة ضائعة لتسليط الضوء بقوة على ما حدث في مصر خلال فترة الفوضى، لكن عائلات من قُتلوا أثناء اقتحام السجون في مصر ما زالت في انتظار العدالة".

تحليل ملفات النيابة
حصلت هيومن رايتس ووتش على ملخص النيابة المكون من 64 صفحة لقضية اقتحام السجون، والملخص المكون من 81 صفحة لقضية التخابر.

وقد أخفقت النيابة في القضيتين في تقديم أية أدلة تعضد مزاعم مسؤولي الأمن بوجود مؤامرة إخوانية لمهاجمة الأراضي المصرية والفرار من السجون والاستيلاء على السلطة، أو لتبرير وصف الاجتماعات السياسية الروتينية أو المعلنة رسميا لأعضاء إدارة مرسي بالتخابر. وكانت بعض الأدلة المقدمة لإدانة أعضاء الإدارة وغيرهم بالتخابر لا تزيد على مناقشات بالبريد الإلكتروني حول السياسات المحلية والخارجية أو جهود لترتيب اجتماعات سياسية.

علاوة على هذا فإن القرار باتهام مرسي وغيره من أعضاء الإخوان بعد إزاحتهم عن السلطة فقط، وإلإخفاق في التحقيق مع أي طرف آخر في اقتحام السجون أو التخابر المزعوم ـ مثل السيسي وغيره من المسؤولين العسكريين الحاليين والسابقين الذين عملوا مع الإخوان في الأحداث المعنية ـ يخلق الانطباع بأن القضايا ذات دوافع سياسية.

قضية اقتحام السجون
في أولى الشهادات المسجلة في ملخص ملف قضية اقتحام السجون، زعم ضابط متقاعد من مديرية أمن جنوب سيناء أن أكثر من 150 مسلحاً في سيارات دفع رباعي، في يناير/كانون الثاني 2011، اعتدوا على المنشآت الأمنية في شبه جزيرة سيناء واستولوا على رقعة من الأرض تمتد غرباً حتى مدينة العريش. وأكد أنهم كانوا نفس الأشخاص الذين هاجموا السجون لاحقاً لأن ما شاهده في التغطية الإعلامية للأحداث يشير إلى "استخدامهم لنفس الأساليب الهجومية"، ولم يقدم أية أدلة أخرى.

وقال محام من فريق الدفاع طلب عدم ذكر اسمه لـ هيومن رايتس ووتش إن الدفاع طلب من الشامي استدعاء صور القمر الصناعي من الهيئات الأمنية المصرية لتبين ما إذا كان المعتدون المزعومون قد عبروا الحدود المصرية بالفعل في التوقيت المزعوم، لكنه قال إن الشامي رفض طلبهم ورفض طلباً آخر باستدعاء شهود عسكريين للإدلاء بشهادتهم، وبينهم السيسي، وحسين طنطاوي وزير الدفاع السابق، ورئيس الأركان السابق سامي عنان.

وقال محامي الدفاع إن ضابط الأمن الوطني الذي شهد أثناء المحاكمة قال إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي حكم مصر في أعقاب انتفاضة 2011 مباشرة، كان قد عقد صفقة مع الإخوان المسلمين للسماح لهم بالوصول إلى السلطة. وطلب فريق الدفاع من الشامي توجيه الاتهام إلى ذلك الضابط وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كما قال المحامي، على أساس تواطؤهم في المؤامرة المزعومة التي يحاكم مرسي وغيره عليها، لكنه قال إن القاضي رفض.

وكان مرسي، الذي رفض الاعتراف بشرعية محاكماته كلها، قد اتصل بقناة الجزيرة التلفزيونية ومنحها مقابلة حية في 30 يناير/كانون الثاني 2011، بعد قليل من مغادرته لسجن وادي النطرون. وقال أثناء حديثه من أمام السجن مباشرة على ما يبدو إنه هو وآخرين من قادة الإخوان المحتجزين سمعوا أصوات هرج وربما إطلاق الغاز المسيل للدموع أثناء الليلة السابقة، وبعد ذلك قام أشخاص بثياب مدنية، ظنهم من أقارب النزلاء، بفتح باب زنزانته وإطلاق سراحه مع آخرين من قادة الإخوان. وقال لمحاوره مراراً أثناء مقابلة 2011 إنه لم يسع للهرب، لا هو ولا زملاؤه، وحدد موقعه وقال إنه يرغب في الاتصال بالسلطات.

وشهد عدد من ضباط الأمن بأن قوات الأمن اعتقلت فلسطينيين وسط المعتدين، لكن جميع الفلسطينيين الذين يربو عددهم على السبعين المتهمين في القضية حوكموا غيابياً. وأصدرت حماس، التي أنكرت أي دور لها في الاعتداء على السجون في 2011، بياناً في 17 مايو/أيار 2015 يقول إن ثلاثة من الذين حكم عليهم الشامي بالإعدام غيابياً قد توفوا ـ أحدهم في 2008، والآخر في 2009 والأخير في 2014 ـ وإن واحداً آخر من المحكوم عليهم يقبع في سجون إسرائيل منذ 1996. ورداً على هذا، قال الشامي إنه لا يعترف إلا بالوثائق الرسمية وإن حماس لم تقدم شهادات وفاة.

وفي مايو/أيار بثت قناة مكملين التلفزيونية المتمركزة في تركيا، المتعاطفة مع الإخوان بصفة عامة والمعارضة للسيسي، بثت ما قالت القناة إنه شهادة من عنان، رئيس الأركان السابق، في إحدى محاكمات مبارك بعد الانتفاضة بقليل. وفي التسجيل المسرب، أجاب عنان على أسئلة القاضي أحمد رفعت، الذي أشرف على محاكمات مبارك، وأنكر قيام أجهزة المخابرات بإخطار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن حماس أو حزب الله أو أية جماعة أجنبية أخرى قد اخترقت الحدود أو الأنفاق المصرية.

وشهد معظم الضباط بأن الاشتباكات التي دارت في السجون كانت بين متشددين وحراس السجون، وبأن الحراس فروا بعد نفاد رصاصاتهم. وقال أحد ضباط الأمن الوطني إن المساعدة طُلبت من أفراد قوات الأمن المركزي لكن الاعتداءات غلبتهم على أمرهم. وقرر ضابط  آخر من  ضباط  الأمن الوطني أن التعزيزات لم تصل عند طلبها بسبب "الفراغ الأمني" لكنه لم يستفض في الشرح. ولم تحقق السلطات في سبب عدم قيام قوات الأمن بحماية السجون، وهو خطأ اشتكى منه بعض الضباط في وسائل الإعلام في أعقاب الانتفاضة.

وقال شاهد آخر، من ضباط الأمن الوطني، إن الجماعات المسلحة وحدها كانت موجودة في الهجمات على السجون، وليس أقارب النزلاء كما أوحى مرسي وغيره. لكن عدداً من مقاطع الفيديو المنشورة بموقع يوتيوب وقتذاك أظهرت عائلات لنزلاء عند أسوار السجون. وقد وجهت النيابة أيضاً إلى بعض المتهمين تهمة قتل 30 سجيناً في سجن أبو زعبل، لكنها قررت أن الشرطة لا تستطيع تسمية هؤلاء السجناء.

وقد قام جزء من الملف بعنوان ملاحظات النيابة بوصف تحقيق سري أجراه العقيد محمد مبروك، من ضباط الأمن الوطني، وخلص إلى أن اقتحام السجون كان جزءاً من مخطط أوسع تآمرت فيه الولايات المتحدة وتركيا والإخوان، بمعونة حماس وحزب الله وإيران، للاستيلاء على السلطة في مصر وبيع جزء من سيناء إلى الفلسطينيين. ولا توجد أدلة في بقية ملخص القضية لتأييد مزاعم مبروك.

وقد أصيب مبروك بطلقات مميتة أمام منزله في القاهرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2013. واعتقلت السلطات القتلة المزعومين واتهمتهم بالانتماء إلى تنظيم أنصار بيت المقدس الجهادي، المعروف أيضاً بولاية سيناء، وهم ضمن المتهمين الـ200 الخاضعين للمحاكمة على ذمة الأحداث المرتبطة بذلك التنظيم.

قضية التخابر مع قوى أجنبية
شيدت النيابة القضية الثانية، قضية التآمر المزعوم مع قوى أجنبية والتخابر معها، مستندة بالكامل إلى تحقيقات جهاز الأمن الوطني. وتشتمل المحاكمة على 8 شهود، معظمهم من ضباط الأمن، ومتفرج واحد. وتتمثل معظم المواد، المذكورة في ملخص القضية كأدلة على التخابر، في مجرد تبادل للآراء السياسية والاجتماعات العامة.

وتتناقض العديد من الاتهامات بتدبير الإخوان لمؤامرة والاستيلاء على السلطة بالعنف مع الأحداث التي أعقبت الانتفاضة، بما فيها انتصارات حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان في انتخابات البرلمان في 2011، وانتخاب مرسي كرئيس للبلاد في 2012. بل إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة نفسه عين أحد قادة الإخوان في لجنة صياغة التعديلات الدستورية في مارس/آذار 2011، وعقد قادة الإخوان اجتماعات دورية مع المجلس عقب الانتفاضة، وكان بعضها يضم السيسي.

ويذكر ملخص القضية أن تحريات أمن الدولة بينت سعي الإخوان إلى استغلال "الغضب الشعبي ضد النظام السابق [نظام حسني مبارك]" منذ 2005 للاستيلاء على السلطة بالقوة. كما ربطت النيابة بين تلك الجهود وما أسمته "التصريح الأمريكي بشأن الفوضى الخلاقة والسعي إلى بناء شرق أوسط جديد".

ولتأييد تلك المزاعم، وصفت النيابة عدة اجتماعات حضرها قادة الإخوان في تركيا ولبنان والسعودية وأماكن أخرى بين 2006 و2009، لكن بدون تقديم أية أدلة على تعلقها بالمؤامرة المزعومة أو الإشارة إلى ما تم التناقش فيه. وكان العديد من تلك الاجتماعات ورش عمل علنية أو حضرها مسؤولون حكوميون.

وبحسب النيابة، شارك في بعض الاجتماعات الاتحاد الدولي لمنظمات الطلبة في تركيا، بينما شارك في غيرها قادة مختلفون من حماس، وشارك في اجتماع آخر، في يناير/كانون الثاني 2011، أحد موظفي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. وأشارت النيابة أيضاً إلى عدة محاكمات لقادة الإخوان المسلمين أمام محاكم أمن الدولة في عهد حكومة مبارك، قبل 2011، كأدلة على تآمرهم، رغم أن تلك المحاكم أخفقت في ضمان الحقوق الأساسية في سلامة الإجراءات. كما أشارت إلى أدلة مستمدة من مكالمات هاتفية مسجلة بين قادة الإخوان، قالت النيابة إنها ضاعت عند قيام متظاهرين بنهب محتويات مباني أمن الدولة أثناء الانتفاضة.

وفي عهد مبارك كان قادة الإخوان يجتمعون دورياً مع قادة حماس، في بعض الأحيان كجزء من جهود الوساطة التي كانت ترعاها حكومة مبارك.

أما معظم الرسائل الإلكترونية التي قدمتها النيابة كأدلة فهي لا تحتوي إلا على تبادل للآراء السياسية بشأن السياسات الخارجية الأمريكية والفرنسية والبريطانية في الشرق الأوسط. ويقرر ملف النيابة أن المتهمين شجعوا قادة الإخوان على الالتقاء بمسؤولين أوروبيين لشرح أفكارهم. وتتضمن الأدلة محضر اجتماع بين جهاد الحداد، الناطق باسم الإخوان الذي كان والده مستشار مرسي للشؤون الخارجية، وبين أعضاء البرلمان النرويجي، والذي قام أحد أعضاء الإخوان بعده بإرسال رسالة إلكترونية تستحث الحداد للضغط على قادة الإخوان للرد على بواعث قلق البرلمانيين النرويجيين بشأن حقوق المرأة والمسيحيين الأقباط في مصر.

وقد تلقى كل من الحداد ووالده، عصام الحداد، مستشار مرسي للشؤون الخارجية، حكماً بالسجن المؤبد.

وكان بين المراسلات الإلكترونية الأخرى المذكورة كأدلة رسائل بين سندس عاصم، المنسقة الإعلامية لرئاسة مرسي، ومنظمة "فوروارد ثينكينغ"، وهي منظمة بحثية وخيرية بريطانية تكفل الحوار بين الأديان وحل النزاعات في الشرق الأوسط. وقد سعت عاصم في الرسائل الإلكترونية إلى ترتيب لقاءات بين قادة الإخوان وبرلمانيين ومسؤولين أوروبيين. ووصفت النيابة "فوروارد ثينكينغ" بأنها منظمة مكرسة "لخدمة أهداف مخابرات الدول الأوروبية بالتعاون مع الولايات المتحدة".

واشتملت أدلة النيابة على توصيات مرسلة بالبريد الإلكتروني إلى قادة الإخوان من عماد شاهين، الأستاذ بالجامعة الأمريكية في القاهرة، الذي فر من مصر في 2014 ويعمل حالياً كأستاذ زائر بجامعة جورج تاون. وكان شاهين قد كتب إلى القادة ينصحهم بـ"عدم تضييع الفرصة التاريخية والمصداقية السياسية للإخوان المسلمين" بعد الثورة، والإصرار على التغيير الديمقراطي وإبعاد الجيش عن التدخل في السياسة. واتهمت النيابة شاهين بالتواطؤ في التخابر عن طريق "تزويد [متهمين آخرين] بالعناوين الإلكترونية لاستخدامها في التراسل ونقل الأوامر وتلقيها عبر الإنترنت".

حكم الشامي على شاهين وعاصم، التي تدرس حالياً بجامعة أكسفورد، بالإعدام غيابياً على أساس مراسلاتهم الإلكترونية.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة