(أربيل) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن 17 طفلا معتقلين منذ يوليو/تموز 2016 من قبل حكومة إقليم كردستان العراق للاشتباه في تعاملهم مع "الدولة الإسلامية" ("داعش") قالوا إن قوات الأمن الحكومية عذبتهم أو أساءت معاملتهم خلال الاحتجاز. هم من بين 183 طفلا على الأقل تحتجزهم حكومة إقليم كردستان على أساس اتهامات متعلقة بداعش. معظمهم، إن لم يكن جميعهم، محتجزون دون تهم ودون الاتصال بمحام على ما يبدو.
زعم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاما، أن "الأسايش"، قوات أمن الإقليم، أجبرتهم على اتخاذ وضعيات مجهدة، أحرقتهم بالسجائر، ركلتهم ولكمتهم، ضربتهم بأنابيب وكابلات بلاستيكية، وصعقتهم بالكهرباء. لم يتح لأي من الأطفال الاتصال بمحام أثناء الاستجواب، وأغلبهم لم يُسمح لهم بالاتصال بأفراد عائلاتهم منذ اعتقالهم، وفي بعض الحالات لعدة أشهر. يبقي الأساس القانوني لاحتجاز هؤلاء الأطفال غير واضح، ما يوحي بأنهم احتجزوا تعسفا.
قالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لا تمنح المخاوف الأمنية المشروعة قوات الأمن الضوء الأخضر للاستخدام الضرب أو المعاملة الخشنة أو الصعق الكهربائي ضد الأطفال. العديد من الأطفال الهاربين من داعش هم ضحايا يحتاجون إلى المساعدة، لكنهم يواجهون مزيدا من سوء المعاملة من قبل قوات الأسايش".
على حكومة إقليم كردستان فتح تحقيق شامل في مزاعم تعذيب الأطفال ومحاكمة جميع الأمنيين المسؤولين.
زار باحثو هيومن رايتس ووتش إصلاحية النساء والأطفال في أربيل في أوائل ديسمبر/كانون الأول، وقابلوا 19 من المشتبه بهم بالإرهاب على انفراد، جميعهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاما. طلبت هيومن رايتس ووتش مقابلة بعض الأطفال اعتمادا على لقاءات سابقة مع أفراد أسرهم، وجلب أخصائيون اجتماعيون أطفالا آخرين لإجراء مقابلات عشوائيا. قابل باحثو هيومن رايتس ووتش أيضا أفراد أسر 17 طفلا محتجزين، منهم أقارب لستة أطفال ممن تمت مقابلتهم، وعاملين في المنشأة، وخبراء مستقلين في القانون وإجراءات المحاكم في حكومة إقليم كردستان. غيرت هيومن رايتس ووتش أسماء الأطفال وحذفت بعض التفاصيل لحمايتهم من انتقام محتمل.
باستثناء طفل كردي واحد، جميع الأطفال الذين أجريت معهم مقابلات هم من العرب السنة من محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك التي لاتزال أو كانت تحت سيطرة داعش إلى أواخر 2016. قالوا جميعا إنهم اعتقلوا من قبل قوات الأسايش أو قوات البشمركة العسكرية التابعة لحكومة إقليم كردستان بين يوليو/تموز ونوفمبر/تشرين الثاني، أغلبهم من مخيم ديبكه للنازحين داخليا، على بعد 40 كم جنوب أربيل. جميعهم وضعوا رهن الاحتجاز لدى الأسايش في مواقع مختلفة لعدة أيام أو أسابيع قبل نقلهم إلى مركز الاعتقال في أربيل، والذي تديره وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
قال الأطفال الـ 17 الذين زعموا التعرض لسوء المعاملة إن المعاملة السيئة حصلت عادة خلال جلسات الاستجواب من قبل الأسايش قبل أن ترحلّهم السلطات إلى مركز الاحتجاز، أو عندما يستدعيهم عناصر الأسايش من مركز الاحتجاز لمزيد من الاستجواب.
قال 9 إنهم صعقوا بالكهرباء. وقال صبي أصغر سنا "شعرت بعينيّ تُقتلعان" عندما عذبه أحد المحققين بـ "آلة كهرباء".
قال طفل (14 عاما) إن عنصرا من الأسايش في مديرية الأمن العام (المعروف أيضا باسم آسايش جيشتي) بدأ في سحب سرواله وهدد باغتصابه إذا لم يعترف بانتمائه إلى داعش. لا زال 5 أطفال يحملون علامات واضحة عندما تحدث إليهم باحثو هيومن رايتس ووتش، قالوا إنها ناجمة عن حروق بالسجائر أو صعقات كهربائية خلال الاستجواب.
قال طفلان لـ هيومن رايتس ووتش إنهما فكرا في الانتحار، وإنهما سمعا أطفالا معتقلين آخرين فكروا أيضا في ذلك. أعرب آخرون عن خوفهم من أن يعود عناصر الأسايش إلى مركز الاعتقال في أي وقت لنقلهم بعيدا.
تقريبا جميع الأطفال الذين زعموا التعرض إلى التعذيب على يد عناصر الأسايش قالوا إنهم بصموا في نهاية المطاف على اعترافات لوقف التعذيب. قال البعض إنهم اعترفوا بأنهم عملوا مع داعش، أو تلقوا تدريبا دينيا أو على الأسلحة، لكن المحققين واصلوا الضغط عليهم للاعتراف زورا بمشاركة أكبر، مثل المشاركة في المعارك أو قتل عناصر من قوات البشمركة. لم يطلع أي منهم على مضمون الاعترافات التي بصم عليها - بعضهم أميون أو كانوا معصوبي العينين، وقال آخرون إنهم مُنعوا من قراءتها أو لا يستطيعون ذلك لأنها مكتوبة بالكردية.
لم يقل أي من الأطفال الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم أتيح لهم الاتصال بمحام، أو سُمح لهم بحضور أولياء أمورهم أو وصي راشد جلسات الاستجواب أو أثناء المثول أمام مسؤولين يعتقدون أنهم قضاة. قالوا جميعا تقريبا إنهم لم يروا أي شخص يبدو أنه قاض خلال الـ 24 ساعة من الاعتقال الأولي من قبل قوات الأسايش، كما هو مطلوب بموجب قانون حكومة إقليم كردستان. لكن قال معظمهم إنهم مثلوا أمام شخص ظنوا أنه ربما كان قاضيا في الأيام أو الأسابيع التالية. قال جميع الأطفال الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم لم يتلقوا أي فحص أو علاج طبي أثناء الاحتجاز لدى الأسايش، بما في ذلك في أعقاب التعذيب أو سوء المعاملة المزعومين أثناء الاستجواب.
كتبت هيومن رايتس ووتش إلى رئيس حكومة إقليم كردستان، مسعود بارزاني، في 27 ديسمبر/كانون الأول، تطلب التعليق على هذه الادعاءات. وفي جواب بتاريخ 10 يناير/كانون الثاني، استعرض الدكتور ديندار زيباري، رئيس "اللجنة العليا لتقييم والرد على التقارير الدولية" القوانين والإجراءات الجنائية ذات الصلة التي تتبعها الحكومة، ولكنه لم يتطرق إلى أي ادعاءات محددة.
قال إن حكومة إقليم كردستان "تتفانى في متابعة هذه المزاعم"، لكنه أضاف أنه "لم يتم الإبلاغ عن أية حالة ضد إجراءات الاعتقال أو سوء السلوك أثناء الاعتقال من قبل قوات الأسايش ضد مدني". قالت هيومن رايتس ووتش إنه بالنظر إلى حاجز اللغة، وأعمار الأطفال، وانعدام المساعدة القانونية، والمخاوف من الانتقام، فمن غير المرجح أن يستطيع أي طفل في مركز الاعتقال تقديم شكوى رسمية حول التعذيب.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على سلطات حكومة إقليم كردستان ضمان حصول جميع الأطفال المحتجزين على المشورة القانونية، وأن يكونوا في مراكز احتجاز مفتوحة بشكل منتظم ودون عوائق أمام في متناول التفتيش الحكومي والمراقبين المستقلين والأقارب والمحامين. ينبغي أن يكون الأطفال المنقولين من سجن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى سجن الأسايش للاستجواب أو التحقيق مصحوبين بمحامين أو أوصياء قانونيين أو مراقبين مستقلين.
على السلطات كذلك أن تضمن وجود أساس قانوني واضح لاعتقال أي طفل. ينبغي إبلاغ الأطفال وأفراد أسرهم وممثليهم القانونيين بتاريخ انتهاء احتجازهم لدى السلطات، وينبغي عرضهم على وجه السرعة على قاض للبت في قانونية اعتقالهم.
تنص "اتفاقية حقوق الطفل"، التي انضم إليها العراق في 1994، على عدد من الحقوق الهامة للأطفال المتهمين بارتكاب جرائم. تحظر الاتفاقية التعذيب وسوء المعاملة (المادة 37 (أ))، وتنص على أنه لا يجوز احتجاز الطفل إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة (المادة 37 (ب))، وأن يسمح له عموما بالبقاء على اتصال مع أسرته عن طريق المراسلات والزيارات (37 (ج)).
للأطفال الحق في إعداد الدفاع المناسب مع "الحصول على مساعدة قانونية أو غيرها من المساعدة الملائمة" (المادة 40 (2) (ب) (2))، والحق في "قيام سلطة أو هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة بالفصل في دعواه دون تأخير في محاكمة عادلة وفقا للقانون، بحضور مستشار قانوني أو بمساعدة مناسبة أخرى" ومنها حضور والديه أو الأوصياء القانونيين عليه (المادة 40 (2) (ب) (3))، والحق في "عدم إكراهه على الإدلاء بشهادة أو الاعتراف بالذنب" (المادة 40 (2) (ب) (4)). يبدو أن سلطات حكومة إقليم كردستان قد انتهكت جميع هذه الالتزامات في حالات معظم الأطفال المتهمين بالإرهاب الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش. تلزم "اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب"، التي صادق عليها العراق في 2011، الدول الأطراف بالتحقيق في التعذيب ومقاضاة المسؤولين عنه (المادة 7)، وتقديم تعويضات للضحايا (المادة 14).
قالت فقيه: "على سلطات حكومة إقليم كردستان ضمان سلامة الأطفال الذين اعتقلوا بعد أن عاشوا تحت سيطرة داعش وليس إساءة معاملتهم. الاعتداء الوحشي على الأطفال ينتج اعترافات كاذبة، ويمكن أن يسبب في معاناة مستمرة مدى الحياة، ويطمس الفارق الأخلاقي بين داعش وخصومه".
الاعتقال من قبل سلطات حكومة إقليم كردستان
لغاية 27 ديسمبر/كانون الأول، كانت حكومة إقليم كردستان تحتجز 183 صبيا في مركزين لاحتجاز الأحداث بتهم تتعلق بانتمائهم إلى داعش، وفق ما قاله لـ هيومن رايتس ووتش مسؤول في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الإقليم، التي تدير المرافق. بين هؤلاء، 158 موجودون في مركز الاعتقال الذي زارته هيومن رايتس ووتش في أربيل والبقية في دهوك. وقال إن 10 فتية آخرين ممن كانوا في مركزي الاعتقال أدانتهم محاكم الإقليم في قضايا تتعلق بانتمائهم إلى داعش تعود إلى عامي 2014 و2015. وكان جميع المحتجزين والمدانين بتهم الانتماء إلى داعش صبية.
قال الأطفال الـ 19 الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم فروا من مناطق في محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك كانت أو ما تزال تحت سيطرة داعش حتى أواخر 2016. نقلتهم قوات البشمركة لاحقا إلى مخيمات للنازحين الفارين من القتال، تقع في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة إقليم كردستان.
وصف بعض الأطفال الرحلات الخطرة. قال "كريم" (16 عاما): "عبرت أنا وأخي [داخل أراضي إقليم كردستان] مع 9 عائلات إلى [منطقة قرب القيارة[. لم نكن نعرف الطريق، وكنت أطلب منهم الإبطاء. وطأ رجل من الحويجة لغما أرضيا قطعه إربا - مات مع ابنه، وأصيبت زوجته وأقرباؤه. أصيب 6 أو 7 بجروح".
اعتقلت قوات الأسايش معظم الأطفال بعد وصولهم، غالبا برفقة أفراد من أسرهم، في مخيمي ديبكه وحسن شام الواقعين جنوب أربيل وغربها على التوالي.
رغم أن معظمهم نفى أي علاقة بداعش، اعترف قلة منهم بانضمامهم إلى الجماعة، عادة للعمل كحراس في نقاط التفتيش أو كطهاة. قال بعضهم إنهم انضموا لكسب المال لأسرهم. قال آخرون إن داعش ضغط عليهم للانضمام أو حضور دراسات القرآن والتدريب على الأسلحة.
قال "محمود" (15 عاما) إن والده انضم إلى داعش عام 2014 وقتل في وقت لاحق في غارة جوية. قال إنه بعد 15 يوما من وفاة والده في أغسطس/آب 2015، جاء عناصر من داعش إلى منزله في شمال محافظة صلاح الدين وأجبروه على أن يأتي معهم بغية "الثأر" لوفاة والده. قال إنه كان يعمل في نقاط تفتيش داعش لعدة أشهر، ثم هرب عائدا إلى أسرته. قال محمود إنه اعترف بعمله مع داعش عند وصوله إلى منطقة التفتيش في مخيم النازحين، حيث احتجزته قوات الأمن في حكومة إقليم كردستان.
قال "ماهر" (16 عاما) إن عنصرين من داعش اقتاداه تحت تهديد السلاح وأجبراه على الخضوع لتدريبات مع التنظيم لمدة 40 يوما في الموصل خلال فبراير/شباط 2016. قال: "حضرت دروسا للقرآن ثم أخذونا للموصل وأخضعونا لتمارين عسكرية وتعلمنا الرماية وتفكيك السلاح والتسديد". قال ماهر إنه هرب بعد التدريب الذي دام 40 يوما وعاد إلى منزله، قبل أن يهرب في سبتمبر/أيلول مع عائلته إلى قوات البشمركة، التي اقتادتهم إلى مخيم للنازحين. اعتقلته قوات الأمن في حكومة إقليم كردستان هناك.
قال أطفال آخرون إنهم يعتقدون أن أشخاصا من مناطقهم أو قراهم قدموا ادعاءات كاذبة حول تورطهم مع داعش بسبب نزاعات أو خلافات بين الأفراد أو الأسر. قالت إحدى الأمهات في مخيم للنازحين إنها تعتقد أن سلطات حكومة إقليم كردستان احتجزت ابنها (16 عاما) في صيف 2016 بعد أن اتهمه جيرانهم السابقين، الذين فروا قبلهم إلى نفس المعسكر، زورا بالانتماء لداعش. قالت إن أسرتها والجيران كانوا في نزاع مستمر منذ فترة طويلة في السنوات التي سبقت سيطرة داعش على منطقتهم في 2014، وتعتقد أنهم وشوا بابنها كنوع من الانتقام. قابلت هيومن رايتس ووتش ابنها لاحقا في مركز الاعتقال بأربيل، وأدلى بنفس الإفادة.
قال صبي آخر، "حسين" (17 عاما)، إنه يظن أن أحد الأقارب، الذي يعمل لصالح ميليشيا "الحشد الشعبي"، الحليفة للحكومة العراقية، وشى به. قال: "اتهموني بأني داعشي، لا بد أن شخصا وشى بي وأعطاهم اسمي. أعتقد أنه [قريب].... إنها مسألة شخصية، ولا أريد أن أتحدث عن ذلك".
قال "ياسر" (14 عاما) إن والده أرسله من بلدته في محافظة نينوى للعمل في حكومة إقليم كردستان في خريف 2016، إلا أن قوات الأمن في الإقليم اعتقلته بعد وصوله إلى مخيم النازحين. قال إنه يعتقد أن أحد أفراد قريته الذين كانوا قد فروا أيضا إلى المخيم قال للأسايش إن أحد أقرباء ياسر كان عضوا في داعش. قال إن هذا المخبر المزعوم كان حاضرا وشتم عائلته عندما استجوبت أسايش ياسر في المخيم. أوضح: "قريبي داعشي، لكن لا علاقة تربطنا... أقسم أنني عبرت فقط [إلى الأراضي التي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان] لكسب المال ."
التعذيب وإساءة المعاملة
قال الأطفال الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إن معظم التعذيب وسوء المعاملة وقعا في مديرية الأمن العام في أربيل. لكن البعض قالوا إن عناصر أسايش ضربوهم وأساؤوا معاملتهم داخل مركز الفرز المسيّج، المعروف باسم مركز الاستقبال في مدخل مخيم ديبكه، وكذلك في مخيم حسن شام ومراكز الأسايش في بلدة ديبكة، ومخمور، وكركوك.
قال "مصطفى" (14 عاما):
قضيت شهرا في جيشتي [مديرية الأمن العام في أربيل]. استجوبوني 3 مرات وكنت أتعرض كل مرة للضرب، ركلوا رأسي وظهري ... قبل 6 أيام من نقلي [إلى مركز الاعتقال] قالوا لي إن عليّ التوقيع على اعتراف. قالوا لي: "عليك أن توقع على اعتراف أنك مع داعش..." لم أطلع على ما كتبوه. كنت معصوب العينين وكان أحدهم ممسكا بيدي لأوقع. لم يخبرني بفحوى ما وقعت عليه.
قال "يحيى" (15 عاما) إنه اعترف بتورطه مع داعش لوقف التعذيب:
قلت لهم إني حضرت تدريبا حول الشريعة الإسلامية لمدة 15 يوما، وعملت لمدة 30 يوما في المطبخ في قاعدة عسكرية في منشأة تابعة للدولة الإسلامية... وكنت في نقطة تفتيش لأسبوع واحد ولأسبوع آخر في نقطة تفتيش أخرى. لم أقل هذا إلا ليوقفوا الضرب. كانت شهادة كاذبة.
وصف سامي إحدى جلسات التحقيق معه:
جلب ]المحقق] معه آلة كهرباء – بها مستويات 10 و14 ولغاية 20. وضعها على 14 ووضع الأسلاك على إصبعَي قدميّ الكبيرين الأيمن والأيسر وشغّل الكهرباء. شعرت بها في ساقي وسألني إن كنت أعترف [بالتورط مع داعش[ فأنكرت. تركني لمدة 30 دقيقة ثم عاد وطلب مني مجددا أن أعترف، سكب الماء علي حتى ابتل جسدي كاملا. شغل الكهرباء على 16 – فلم أحتملها. شعرت بعينيّ تُقتلعان. وسأل إن كنت سأعترف فوافقت، فقال إن علي الاعتراف بشهر واحد [من العمل مع داعش[. أبَيت فأعاد تشغيلها مرة أخرى. طلبت عندها التوقف لأعترف [بالعمل مع داعش لمدة] 11 يوما، ثم بصمت على الإقرار.
قال "وسيم" (16 عاما) إن عناصر أسايش ضربوه وعرضوه للصدمات الكهربائية بعد ربطه بالسرير:
كان الأمر صعبا جدا علي. كنت لأعترف بأي شيء. قلت لهم: "لست من داعش". قلت لهم: "أقسم بالله أنني لست من داعش". كانوا يتناوبون حيث كان أحدهم يضربني حتى يتعب، فيغادر ويأتي آخر ليستكمل ضربي. كانوا يأخذونني كل يوم لمدة 5 أيام على التوالي ليضربوني ويعذبوني ومن ثم يعيدوني. قلت لهم: "ارحموني وأعدموني."
قال ياسر إن أحد عناصر الأسايش في مديرية الأمن العام هدد باغتصابه إن لم يعترف بالانتماء لداعش:
كنت مكبل اليدين بإحكام حتى لم أعد أشعر بيدي. ذهبت إلى الطابق الثاني [من مركز الأسايش في جيشتي]، حيث غطوا وجهي بمنشفة، وربطوها بشريط لاصق. لم أعد أتنفس فطلبت فتحهُ قليلا. ثم أخذ أنبوبا بلاستيكيا وضربني به.... كان يضربني بشكل متكرر من 9 صباحا إلى 5 مساء، ويطلب مني أن أعترف. قال إني سأبقى في الغرفة 5 أيام إن لم أعترف. بدأ بخلع سروالي وقال "سأنـ --- إن لم تعترف بانتمائك إلى داعش". وعندما قال هذا قلت له إني ذهبت معهم ليوم واحد فقط.
قال بعض الأطفال إنهم أرسلوا إلى مركز اعتقال وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في أربيل، قبل ارجاعهم في وقت لاحق إلى مديرية الأمن العام لمزيد من الاستجواب وسوء المعاملة. قالوا إنهم كانوا يخشون العودة إلى هناك. قال ياسر: "لا أخشى إلا شيئا واحدا، عودة قوات الأسايش. [آخر مرة] قلت لهم اقتلوني، لكن لا تضربوني".
قال وسيم: "في بعض الأحيان ... تأتي ورقة فيها قائمة من الناس ليأخذوهم إلى [مديرية الأمن العام]. في كل مرة يبدؤون بالنداء على أسمائنا كانت نبضات قلوبنا تتسارع وكان الخوف يعترينا جميعا، ونفكر: "آمل ألا أكون بينهم، آمل ألا أكون بينهم".
التواصل مع أفراد الأسرة
من بين الأطفال الـ 19 الذين تمت مقابلتهم، قال 7 فقط إن الأسايش سمحت لهم بالاتصال بأفراد عائلاتهم منذ اعتقالهم، رغم الطلبات المتكررة من قبل كل منهم.
قال حسين: "إن كانت بحوزتك رسالة من أسايش فلديك الحق في إجراء مكالمات لمدة 10 دقائق كل يوم ثلاثاء. صديقي لديه الحق في إجراء المكالمات فأعطيته رقم عمي لإيصال رسالة إلى عائلتي". قال حسين إنه لا يعرف كيفية الحصول على إذن أسايش لإجراء مكالمات هاتفية.
قال يحيى إن قوات الأمن في حكومة إقليم كردستان اعتقلته في أغسطس/آب، لكنها لم تسمح له بإجراء المكالمات الهاتفية منذ اعتقاله:
لم أر أو أتحدث مع أي من أفراد أسرتي منذ وصلت إلى هنا. أنا معتقل منذ 3 أشهر و20 يوما، ولم أسمع صوتهم خلالها. لا أعرف أين هم. منحت قوات أسايش بعض المعتقلين الفرصة لإجراء مكالمة ولكن البعض منا لم يعطَ الفرصة. لا أعرف لماذا لم يسمحوا لي.
قال موظف في مركز الاحتجاز إن عنصرا من أسايش يأتي إلى مركز الاعتقال كل يوم مع قائمة بالمعتقلين الذين معهم إذن لتلقي الزيارات العائلية أو إجراء مكالمات هاتفية، ولكن أيا من الصبية أو موظفي مركز الاحتجاز الذين تمت مقابلتهم لا يعرف كيف تتخذ أسايش هذه القرارات. قال بعض المعتقلين إنهم اضطروا للانتظار لشهرين أو أكثر لإجراء المكالمات التي كانت تراقبها الأسايش وتدوم دقيقتين أو 3.
قال بعض الأطفال الذين لم يسمح لهم بالاتصال بأفراد أسرهم إنهم يخشون أن عائلاتهم لا تعرف شيئا عنهم أو عن مصيرهم. قال "أحمد"، أحد الصبية الذين أجريت معهم مقابلات: "أريد فقط أن أرى عائلتي، لست على اتصال بهم ولا يعلمون مكاني". قال يحيى: "لا أعرف ما إذا كان أفراد عائلتي أحياء أم أموات بسبب كل المعارك".
قال طفلان إنهما محتجزان لأكثر من 5 أشهر دون أي اتصال مباشر أو عبر الهاتف مع أسرتيهما. قال 13 طفلا إنه لم يسمح لأفراد عائلاتهم بزيارتهم في مركز الاعتقال. قال العديد من الأطفال وأفراد أسرهم لـ هيومن رايتس ووتش إنه حتى بعد أن منحهم عناصر أسايش الإذن للزيارات العائلية، لم يتمكن أقرباؤهم من تخطي نقاط التفتيش الحكومية في أربيل للوصول إلى مركز الاحتجاز.
قال صبيان إنهما لم يتلقيا زيارات من أفراد أسرتيهما الذين يعيشون في مخيم للنازحين إلا بعد أن رتبت منظمة دولية الرحلات مع سلطات حكومة إقليم كردستان.
إجراءات قانونية غير واضحة
لم يكن أي من الأطفال أو الخبراء القانونيين أو الأخصائيين الاجتماعيين الذين تمت مقابلتهم على علم بالأساس القانوني الذي تعتقلهم بموجبه سلطات حكومة إقليم كردستان. قال خبراء قانونيون إن "قانون مكافحة الإرهاب رقم 15 لسنة 2006" في حكومة إقليم كردستان ألغي في يوليو/تموز، ما يجعل القانون الذي تحتجز سلطات حكومة إقليم كردستان هؤلاء الصبية أو توجه التهم لهم بموجبه غير واضح.
في رده على رسالة ديسمبر/كانون الاول من هيومن رايتس ووتش، لم يستجب الدكتور زيباري لطلبات التوضيح بشأن الوضع القانوني للصبية المشتبه فيهم بالإرهاب، وما إذا كان أي من الصبية قد اتهم جنائيا، وكم عدد الصبية الآخرين المحتجزين للاشتباه في انتمائهم إلى داعش في أماكن أخرى غير مراكز احتجاز الأحداث، مثل مراكز أسايش ومديرية الأمن العام.
قال معظم الأطفال إنهم استُجوبوا من قبل شخص اعتقدوا أنه قاض في مديرية الأمن العام في أربيل، ولكن كان هذا غالبا بعد أيام من اعتقالهم، وليس خلال 24 ساعة من الاعتقال كما يتطلب قانون حكومة إقليم كردستان. قال كل الصبية الذين جرت مقابلتهم إنهم لم يحصلوا على خدمات محام أثناء الاستجواب، وهو حق مكفول بموجب قانون حكومة إقليم كردستان. وعلى نحو مماثل، قال مدافعان عن حقوق الأطفال في أربيل على علم بهذه القضايا، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتيهما، إنهما يعتقدان أن معظم الصبية، أو لا أحد منهم، وُجّهت إليهم تهم حتى الآن.
قال معظم الصبية إن الأخصائيين الاجتماعيين في مركز الاعتقال قالوا لهم إنهم قد يبقون هناك لمدة 6 أشهر قبل الذهاب إلى المحكمة للتوجه لهم اتهامات أو للمحاكمة.
ظروف مراكز الاعتقال
قال معظم الصبية إن مسؤولي مركز الاحتجاز في إصلاحية النساء والأطفال في أربيل عاملوهم بشكل جيد. ومع ذلك، وصف العديد من الصبية، فضلا عن موظفي مركز الاعتقال، النقص الحاد في الدعم النفسي والاجتماعي – الصحي أو العقلي، رغم تعرض كافة الصبية المعتقلين تقريبا لصدمات نفسية شديدة، إذ أخبر 2 منهم هيومن رايتس ووتش أنهما يريدان الانتحار.
قال موظف في مركز الاحتجاز إن طبيبا نفسيا واحدا يأتي إلى مركز الاحتجاز ليوم واحد في الأسبوع، لتقديم المشورة إلى 158 صبيا محتجزا هناك بتهم تتعلق بالانتماء إلى داعش. قال بعض الصبية إن الطبيب النفسي يوفر لهم الدواء. قال أحدهم إنه أُعطي دواء لم يعرف ما هو. يعاني الفريق النفسي في مركز الاعتقال من نقص في الكادر، وقال بعض الصبية إنهم لم يرتاحوا للحديث مع المختصين النفسيين في مركز الاعتقال لأنهم كانوا أكرادا.
بسبب تدفق الصبية المحتجزين، امتلأ مركز الاعتقال بستة أضعاف قدرته الاستيعابية، مع ما يصل إلى 22 طفلا في الغرفة الواحدة، وفقا لموظفي مركز الاحتجاز. لاحظ باحثو هيومن رايتس ووتش أن موظفي مركز الاعتقال آووا الصبية في جميع الأماكن المشتركة باستثناء المكتبة، وهي ليست مفتوحة بعد الظهر والمساء. تشمل مناطق النوم الحالية غرفة الموسيقى، التي لا نوافذ لها. هذا الاكتظاظ ونقص الغرف حد كثيرا من النشاط الترفيهي للأطفال.
لاحظ باحثو هيومن رايتس ووتش أيضا أنه رغم من درجات الحرارة الباردة في الشتاء لم يرتد أي طفل تمت مقابلته تقريبا الجوارب، واضطر الكثير منهم إلى التشارك في البطانيات أو استعارة الملابس من المعتقلين الآخرين. قالوا إنه سُمح لأفراد أسرهم بجلب الملابس والمال لشراء الطعام والملابس أثناء الزيارات، ولكن الصبية الذين لم يتمكنوا من تلقي زيارات اعتمدوا على المساعدات من المنظمات غير الحكومية أو زملائهم المعتقلين.