(أربيل) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الميليشيات المدعومة من الحكومة العراقية أعدمت 4 أشخاص على الأقل يُشتبه في انتمائهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش) في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2016. قُتل الرجال دون أي إجراءات قضائية. قتل السجناء أثناء النزاع هو جريمة حرب.
قال سكان قرية شيالة الإمام إن قوات الأمن العراقية كانت في القرية عندما أعدمت ميليشيا "حشد الجبور" الرجال، ووقفت مكتوفة الأيدي أثناء مشاهدتها حالة إعدام واحدة على الأقل. لم ير القرويون القوات تتخذ أي خطوات لوقف القتل أو معاقبة القتلة. بعض ميليشيات "الحشد العشائري" من العشائر السنية، بمن فيها حشد الجبور، هي جزء من "قوات الحشد الشعبي"، التي تقاتل إلى جانب القوات العراقية لاستعادة السيطرة من على مناطق في شمال العراق.
قالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "على الحكومة العراقية توضيح ما إذا كان لدى الميليشيات التي تدعمها الضوء الأخضر لإساءة معاملة الأسرى أو إعدامهم، بغض النظر عن اعتقادهم إن كان الأسرى مذنبين. على الجيش العراقي التدخل لمنع الميليشيات من ارتكاب انتهاكات ضد المدنيين والمقاتلين الأسرى، لا الوقوف مكتوف الأيدي. يجب معاقبة المقاتلين الذين يرتكبون الانتهاكات".
زارت هيومن رايتس ووتش مخيما للنازحين جنوب الموصل في 11 ديسمبر/كانون الأول، وأجرت مقابلات مع 8 من سكان شيالة الإمام، على مسافة 70 كيلومترا جنوب مدينة الموصل شمالي محافظة صلاح الدين. قال السكان إن ما يقرب من 50 عائلة هربت من القرية يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني بعد دخول ما يزيد عن 15 سيارة تابعة للميليشيات والجيش العراقي القرية حوالي الثامنة صباحا بعد انسحاب مقاتلي داعش إلى الغرب. وقال السكان إنهم شاهدوا بعض مقاتلي الحشد يغطون وجوههم.
ذكرت صفحة " معركة تحرير نينوى – الإعلام الحربي" على "فيسبوك"، التي تنشر تحديثات منتظمة عن النزاع، أن الفرقة 60 مشاة التابعة للواء 17 في الجيش العراقي والحشد العشائري دحرتا مقاتلي داعش واستعادتا القرية في 29 نوفمبر/تشرين الثاني.
قال سكان القرية إن مقاتلي الميليشيا كانوا من القرى المجاورة، مثل كنعوص والحاج علي والسديره والهيجل. قال أحد أعيان شيالة الإمام إن المقاتلين كانوا تحت سيطرة شيخ محلي عمل سابقا كقائد لـ "الصحوة"، وهي قوات سنية حاربت المسلحين في المنطقة سابقا، مضيفا أن الميليشيا معروفة باسم حشد الجبور. قال قرويون إن مقاتلي الحشد أمروا القرويين بالتجمع في منطقة مفتوحة إلى جنوب القرية قرب الطريق السريع. قال عامر، 52 عاما (لم يُذكر اسم عائلته حفاظا على سلامته): "جمعونا في الساحة. كنا حوالي 50 عائلة. فصلوا بين الرجال والنساء، وبدأوا يسألون عمن ينتمي إلى داعش، وعدد [أعضاء] داعش في القرية، وإن كان أحد يعرف [أعضاء] داعش من القرية".
قال سكان القرية إن مقاتلي الحشد أعدموا 4 رجال، 2 من بين المجتمعين، و2 أُخذوا من مدرسة القرية التي كانت مسكنا للنازحين. اعتقل المقاتلون رجلين آخرين، أحدهما من القرويين المجتمعين، ولم يعرف السكان ما حل بهما.
قال سكان القرية إن المقاتلين أولا نادوا شابا عمره 20 عاما يدعى "أحمد".
قال أحد السكان "أُعدم [أحمد] على مسافة 15 مترا مني. ربط مقاتلو الحشد يديه وراء ظهره وجثا على ركبتيه. ثم جاء آخر يضع قناعا ومعه مسدس وأطلق عليه رصاصة في رأسه. بعد ذلك، جاء 3 [مقاتلين] وأطلقوا النار على الجثة. لا أعرف لماذا أطلقوا عليه النار ثانية، لكن سمعتهم يقولون: هذا الرجل داعشي كلب".
قال شقيق أحمد، الذي كان هناك، إن أحمد انضم إلى داعش لشهرين أو 3 في قريتهم كنعوص، على بعد 5 كيلومترات غربا، لكنه ترك التنظيم وعاد إلى عائلته. قال: "كنت هناك عندما حدث ما حدث. كانوا يعرفون بالفعل ما قام به أخي عندما أتوا، لا بد أن هناك مخبر. كان على مسافة 5 أمتار مني عندما قُتل".
قال سكان القرية إنهم عندما غادروا القرية، رأوا 3 جثث على الأرض على مسافة 200 متر من التجمع. أحدهم شاهد مقاتلي الحشد يختارون أحد القتلى من بين المجتمعين، أما الاثنان الآخران فكانا محتجزين سابقا. قال سكان القرية إنهم لم يروا تنفيذ أحكام الإعدام.
قال السكان إن أحد الذين أُعدموا، "عبد العزيز"، كان من شيالة الإمام، أما الاثنان الآخران، "موسى" و"سعد"، وهما أب وابنه، فهما من قرية الحاج علي. قال أقاربهما إنهما كانا قد فرا مع أسرتيهما إلى شيالة الإمام قبل 7 أشهر بسبب نزاع مع أحد الجيران وكانا يعيشان في مدرسة تستضيف أسرا نازحة.
قالت زوجة سعد إنها عندما توجهت النساء للانضمام إلى الرجال المجتمعين، لم تر زوجها ولا والده:
ذهبت إلى الجنود وسألتهم عن زوجي. قالوا إنهم لا يعرفون أي شيء. ثم رأيت 3 جثث على الأرض، من بينهم جثتي والدي وزوجي. بدأت بالبكاء والصراخ. جاء [مقاتلو] الحشد وقالوا لي، "لقد قتلناهما ولم يعودا موجودين". طلبوا مني الذهاب والبقاء مع النساء. ذهبت إلى النساء ولكن بقيت أصرخ. جاء [مقاتل] الحشد وقال: "لماذا تبكين على داعشي"، وصوّب بندقيته إلى وجهي وقال، "سأقتلك هنا". هدأتني حماتي وغادر المقاتل...
قالت زوجتا الرجلين إنهما لم يكونا عضوين في داعش، وإنهما لا تعرفان لم أعدمهما المقاتلون.
قال سكان القرية إن المقاتلين اعتقلوا أيضا رجلين آخرين، "حازم" و"فراس"، وهما ابنا عم من منطقة شيالة الإمام، ومصيرهما مجهول.
قال عم الرجلين إن كليهما انضما إلى داعش لشهر واحد سابقا:
كان لدى [المقاتلين] شخص من القرية للتعرف على المنضمين إلى داعش. اُعتقل حازم قبل تجمع كل سكان القرية، لكن اُعتقل فراس من قبل [مقاتلي الحشد] أمامي وأمام باقي المجموعة.
قال جميع سكان القرية الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش إن عناصر الجيش جميعهم وقفوا إلى جانب مقاتلي الحشد وشاهدوا أول عملية إعدام لكن لم يتدخلوا. قال أحد السكان: "بقيت القوات العسكرية تتفرج فقط لم تفعل أي شيء لإيقافهم".
وصل سكان القرية إلى مخيم للنازحين في 1 ديسمبر/كانون الأول.
وثّقت هيومن رايتس ووتش الإعدام السريع بلا محاكمة وحالات الإخفاء القسري والضرب والتعذيب وتدمير المنازل من قبل قوات الحشد الشعبي خلال العمليات لاستعادة الأراضي من داعش.
تحظر قوانين الحرب القتل العمد للمدنيين والجنود الأسرى أو غير المقاتلين. المسؤولون عن هذه الأعمال – ومنهم أصحاب مسؤولية القيادة – يرتكبون جرائم حرب.
على السلطات العراقية التحقيق في جميع الجرائم المشتبه بها، بما فيها النهب والتعذيب والقتل والانتهاكات الأخرى التي يرتكبها أي طرف في النزاع بشكل سريع وشفاف وفعال، وبما يشمل أعلى مستويات المسؤولية. وكلما ظهرت أدلة تثبت المسؤولية الجنائية، يجب أن تكون متبوعة بمحاكمات. يجب أن يكون المشرفون على التحقيقات والذين يتخذون القرارات المتعلقة بالمحاكمة مستقلين عن الأطراف المشمولة بالتحقيق، ومن خارج سلسلة القيادة العسكرية، وقراراتهم لا تخضع لأي تدخل سياسي. على السلطات أيضا ضمان سلامة الشهود.
قالت فقيه: "بالنظر إلى السجل الحافل بالانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات المدعومة من الحكومة، لا بد للقادة العسكريين والسياسيين في العراق محاسبة منتهكي قوانين الحرب".