(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن خمسة أثيوبيين مسيحيي الديانة أصبحوا على ذمة الترحيل من السعودية بتهمة "الاختلاط" بعد أن أوقفتهم الشرطة لدى مداهمتها لتجمع صلاة خاصة في جدة أواسط ديسمبر/كانون الأول 2011. من بين الموقوفين 29 سيدة. تعرضوا للتفتيش الذاتي التعسفي رهن الاحتجاز، على حد قول ثلاثة أثيوبيين لـ هيومن رايتس ووتش.
تجمع الأثيوبيون للصلاة في 15 ديسمبر/كانون الأول، أثناء مناسبة دينية مسيحية، في بيت أحد الأثيوبيين، فاقتحمت الشرطة المكان وقبضت عليهم، على حد قول ثلاثة من المجموعة، هم سيدتان ورجل، لـ هيومن رايتس ووتش.
وقال كريستوف ويلكى، باحث أول في قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "بينما نظم الملك عبد الله مركز حوار الأديان الدولي، تقوم شرطته بخرق حقوق أتباع الديانات الأخرى. على الحكومة السعودية أن تغير من أساليبها المتعصبة قبل أن تلجأ لترويج الحوار الديني في الخارج".
في أكتوبر/تشرين الأول، افتتحت السعودية مع النمسا وإسبانيا، مركز الملك عبد الله عبد العزيز الدولي للحوار الديني والثقافي، ومقره فيينا، بتمويل من السعودية.
أمضى الرجال الأثيوبيون يومين في مركز شرطة النزهة في جدة، وبعد ذلك نقلتهم الشرطة إلى سجن بريمان. تم نقل السيدات إلى سجن بريمان قبل ذلك. قالت سيدتان إن المسؤولات هناك أجبرن السيدات على التعري، ثم أدخلت ضابطة شرطة إصبعها في المنطقة التناسلية لكل سيدة منهن، بدعوى البحث عن مواد غير قانونية مخبأة داخل الجسد. ارتدت قفازاً بلاستيكياً لم تغيره بين عمليات الفحص، على حد قول السيدات لـ هيومن رايتس ووتش. كما ركل الضباط الرجال في سجن بريمان وضربوهم، ووصفوهم بأنهم "كفار"، على حد قول رجل أثيوبي سجين.
اشتكى الرجال والنساء من عدم كفاية الرعاية الطبية وعدم توفر صرف صحي ملائم في سجن بريمان. هناك مراحيض قليلة، على حد قولهم. في جناح الرجال، ستة من 12 مرحاضاً مخصصة للنزلاء السعوديين، بينما يضطر مئات النزلاء الأجانب على المشاركة في المراحيض الستة الأخرى. قالت مسجونة إنها مريضة بالسكري وحصلت على حقنة في عيادة السجن، مما أدى إلى إصابتها بتورم، فلم تحصل على أي رعاية طبية.
قال الأثيوبيون – وقد تحدثوا عن طريق الهاتف من السجن – إن بعد الاعتقال بعشرة أيام تقريباً نُقلت مجموعة منهم إلى المحكمة، حيث اضطروا لوضع بصماتهم على وثيقة دون أن يُسمح لهم بقراءتها. قال المسؤولون للمجموعة إنهم متهمون بـ "الاختلاط" بأفراد غير متزوجين من الجنس الآخر. بعض الأثيوبيين يعيشون في المملكة منذ 16 عاماً، بينما البعض الآخر وصلوا إليها حديثاً. بعض السيدات والرجال لم تكن معهم أوراق إقامة سليمة، لكن تعرضوا جميعاً للترحيل، بمن فيهم من معهم أوراق سليمة، على حد قول رجل أثيوبي سجين.
في يوليو/تموز 2006 وعدت الحكومة السعودية بأنها ستكف عن التدخل في عبادات غير المسلمين. في "تأكيد سياسات" وهي وثيقة مكتوبة أرسلتها الحكومة السعودية للولايات المتحدة، قالت السعودية إنها سوف "تضمن وتحمي الحق في العبادة الخاصة للجميع، بمن فيهم غير المسلمين، الذين يتجمعون في البيوت لإقامة الشعائر الدينية" وسوف "تضمن أن عناصر [الشرطة الدينية] لن يحتجزوا أفراداً أو يحققوا مع مشتبهين أو ينفذوا عقوبات أو ينتهكوا حرمات البيوت". في تلك الوثيقة، قالت الحكومة أيضاً إنها ستحقق في أي تجاوزات لهذه السياسات. العبادة العامة لأتباع أي دين غير الإسلام ما زالت محظورة في المملكة.
وقال كريستوف ويلكى: "خالفت الحكومة السعودية وعودها الخاصة بالأديان الأخرى". وتابع: "الرجال والنساء من الديانات الأخرى لا مكان لهم للعبادة في السعودية، حتى الصلاة داخل بيوتهم لم تعد آمنة".
الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والسعودية دولة طرف فيه، يضمن لكل فرد "حرية إظهار دينه أو معتقده أو ممارسة شعائره الدينية بمفرده أو مع غيره" ويحظر "الاعتقال التعسفي".
لم تقنن المملكة قوانين جنائية أو قوانين أخرى تُعرف "الاختلاط". في عام 2006 قال الشيخ إبراهيم الغيث، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – الشرطة الدينية – لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلة بالرياض، إن "اختلاط الجنسين محظور في الأماكن العامة، ومسموح به في الأماكن الخاصة إذا لم يكن بغرض الإفساد".
دعت هيومن رايتس ووتش السلطات السعودية إلى الإفراج عن الرجال والنساء الأثيوبيين الـ 35 على الفور، ما لم يكن عندها دليل على اتهامهم بجرائم معترف بها بموجب المعايير الدولية. على السلطات السعودية أن تحقق ايضاً في مزاعم هؤلاء الافراد بتعرضهم للإساءات البدنية والجنسية، وإذا اقتضى الأمر، يجب تعويضهم على التوقيف التعسفي وأي إساءة تعرضوا لها، وأن تحاسب أي ضباط تتبين مسؤوليتهم عن هذه الأعمال.
كما دعت هيومن رايتس ووتش السلطات إلى السماح بأعضاء المجموعة الذين يخشون الاضطهاد في أثيوبيا بتقديم طلبات لجوء لدى وكالة الأمم المتحدة للاجئين.