(جنيف) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي على السلطات الليبية أن تكف على الفور عن جهودها الخاصة بترحيل مجموعة قوامها 245 إريترياً من ليبيا، بعضهم تعرضوا للضرب المبرح على أيدي الحراس. وقالت هيومن رايتس ووتش إلى أن على ليبيا أن تمنح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على الفور الحق في مقابلة أفراد المجموعة، الذين نُقلوا مؤخراً من مركز احتجاز مسراتة إلى مركز احتجاز آخر في البراق، شمالي بلدة سبها.
وقال بيل فريليك، مدير برنامج اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "لا تكتفي ليبيا بمعاملة المحتجزين معاملة قاسية؛ فتسعى لترحيل المئات إلى إريتريا وهي تعرف تمام المعرفة أنهم قد يتعرضون للتعذيب والمعاملة السيئة في حالة الترحيل، وهو ما يعتبر خرقاً جسيماً لالتزامات ليبيا القانونية".
وقد أوصى المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن تمتنع الدول المضيفة عن الإعادة القسرية حتى بحق طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم إلى إريتريا، على خلفية خطر تعرض المُعادين إلى إريتريا للاحتجاز والتعذيب.
وقد لوحت ليبيا عدة مرات بالتهديد بأنها ستغلق مقر المفوضية في طرابلس، ثم طردت ممثل المفوضية في ليبيا بتاريخ 7 يونيو/حزيران 2010. وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، سمحت الحكومة للمفوضية باستئناف أنشطة محدودة للغاية، إذ سمحت لها بالعمل مع اللاجئين وملتمسي اللجوء المسجلين بالفعل لدى المفوضية.
وتم احتجاز الإريتريين في مركز احتجاز مسراتة في المنطقة الساحلية الليبية غربيّ طرابلس. وازدادت التوترات بعد 7 يونيو/حزيران، عندما كف العاملون بالمفوضية عن زيارة الإريتريين المحتجزين هناك.
وتمكن محتجزون إريتريون في مسراتة من إخطار هيومن رايتس ووتش بأنه على مدار الأسابيع القليلة الماضية أجبرتهم السلطات الليبية على ملء استمارات بيانات باللغة التنجارية الإريترية كانت السفارة الإريترية قد أمدت المسؤولين الليبيين بها، بالإضافة لتصوير اللاجئين. وخوفاً من احتمال اتخاذ هذه الإجراءات تحضيراً لترحيلهم، حاول بعض المحتجزين الفرار في 28 يونيو/حزيران، مما أسفر عن مواجهة بين المحتجزين والحراس.
وطبقاً لمصادر موثوقة، ففي 30 يونيو/حزيران نقلت ليبيا 245 إريترياً من مسراتة إلى مركز احتجاز معزول في البراق، بالقرب من سبها، وهي بلدة فيها مطار وسط البلاد في الصحراء الكبرى، وكانت فيما سبق قاعدة ترحيل إلى بلدان أفريقيا جنوب الصحراء. وما زال نحو 80 امراة وطفلاً وطفلة في مسراتة، وبعضهم تعرضوا للفصل عن أقاربهم من الرجال. وأخطر شهود عيان هيومن رايتس ووتش بأن الإريتريين نُقلوا على متن ثلاثة حاويات على ظهر شاحنات، على امتداد الصحراء، في رحلة استغرقت 12 ساعة.
وقال المحتجزون لـ هيومن رايتس ووتش إن الحراس الليبيين ضربوهم أثناء المواجهة في مسراتة، وكذلك أثناء الطريق إلى البراق، وتم نقل بعضهم من مسراتة إلى مستشفيات، فيما وصل آخرون إلى البراق بأطراف مكسورة. وقال المحتجزون إنهم لم يُقدم لهم أي طعام أو مياه أثناء الرحلة، ولم يصادفوا أية رعاية طبية في البراق. كما قالوا إن الحراس الليبيين أخبروهم بأنهم على وشك الترحيل إلى إريتريا.
وقال بيل فريليك: "أعمال الضرب القاسية والحرمان من الطعام والمياه والنقل عبر الصحراء في شاحنات مكتظة والتهديد القائم بالترحيل، تبدو جميعاً إجراءات عقابية على تمرد مسراتة". وأضاف: "يبدو أن السلطات الليبية تعتقد أن بإمكانها الإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات المروعة بعد أن جردت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من قدرتها على حماية اللاجئين وملتمسي اللجوء".
كل من اتفاقية مناهضة التعذيب والاتفاقية الأفريقية للاجئين تحظر على ليبيا إعادة الأفراد إلى بلدان يتعرضون فيها لخطر جسيم بالاضطهاد أو التعذيب. كما أن ليبيا دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يحظر في المادة 13 منه الطرد التعسفي ويضمن للأجانب الحق في نظر طرد أو إبعاد كل فرد منهم على حدة، كحالات فردية وليست جماعية.
وقد فسرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المادة 7 من العهد الدولي على أنها تحظر الإعادة القسرية للأفراد إلى أماكن يتعرضون فيها لخطر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وبموجب القانون الدولي العرفي، فإن ليبيا مُلزمة أيضاً بعدم إعادة أي شخص إلى مكان قد يواجه فيه خطر الاضطهاد أو حيث قد تكون حياته أو حريته في خطر.
خلفية
أفادت هيومن رايتس ووتش في يناير/كانون الثاني الماضي بأن السلطات الليبية سمحت للمسؤولين الإريتريين بزيارة المهاجرين وملتمسي اللجوء الإريتريين المحتجزين في ليبيا، ومنهم المحتجزين في مركز احتجاز مسراتة، في خرق لحق ملتمسي اللجوء في سريّة طلبات اللجوء التي يقدمونها، بمعزل عن حكوماتهم الوطنية. وحذرت هيومن رايتس ووتش من أن منح المسؤولين هذا الحق في مقابلة ملتمسي اللجوء، يعني احتمال تعرض ملتمسي اللجوء لخطر الإعادة القسرية إلى إريتريا.
وتفر أعداد متزايدة من الإريتريين من وجه الخدمة العسكرية الإلزامية المفروضة عليهم من قبل الحكومة الإريترية ومن الاحتجاز التعسفي والتعذيب المتفشيين. إريتريا تقوم بشكل ممنهج بحبس الأشخاص الذين يتم القبض عليهم أثناء محاولة الفرار منها وتُطبق أوامر "إطلاق النار للقتل" بحق أي شخص يعبر الحدود دون تصريح. وإذا توصلت الحكومة إلى هوية أي شخص ينجح في العبور إلى أثيوبيا أو السودان، فهي تعرض أسرته لغرامات باهظة وللسجن أحياناً.
وفي 26 أبريل/نيسان 2009 قال وزير العدل الليبي مصطفى عبد الجليل لـ هيومن رايتس ووتش إن ليبيا لا ترحل الإريتريين أو الصوماليين، بما يتفق مع الإعلان الدستوري الليبي لعام 1969 الذي ورد فيه أنه "يُحظر تسليم اللاجئين السياسيين" وكذلك القانون رقم 20 لعام 1991 الذي ورد فيه أن "الجماهيرية تساعد المضطهدين... ويجب ألا تتخلى عن اللاجئين وحمايتهم".
وفي سبتمبر/أيلول 2009، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريرها "إبعاد ومعاملة سيئة"، الذي يوثق الانتهاكات المتكررة بحق المهاجرين أثناء الاحتجاز في ليبيا، وكذلك الممارسة العامة المتبعة الخاصة باحتجاز المهاجرين لآجال غير مسماة. ولم توقع ليبيا على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 أو على بروتوكولها لعام 1967 ولا يوجد فيها قانون أو نظام للجوء. ولا توجد آلية رسمية يتبعها من يسعون لالتماس الحماية في ليبيا. ولا تميز السلطات بين اللاجئين وملتمسي اللجوء وغيرهم من المهاجرين. لكن ليبيا صدقت على الاتفاقية الأفريقية للاجئين.