قريبا، ستفرش الحكومة البريطانية البساط الأحمر أمام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، رغم الانتهاكات الحقوقية الجسيمة لبلاده داخليا وخارجيا.
من أبرز المواضيع التي يُتوقع مناقشتها سعي المملكة المتحدة إلى إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع "مجلس التعاون الخليجي"، والسعودية أبرز أعضائه. تكتنف السرية تفاصيل المفاوضات الجارية، ولم تتعهد المملكة المتحدة علنا بإدراج نقاش مفصل لحماية الحقوق، لا سيما حقوق العمال الوافدين، رغم تأكيداتها بأن "زيادة التبادل التجاري لن تتم على حساب حقوق الإنسان".
ينبغي ألا يكون سعي المملكة المتحدة إلى إبرام صفقة تجارية اختيارا للمنفعة الاقتصادية أو الموافقة الضمنية على حملة العلاقات العامة التي تسوقها الحكومة السعودية بشأن الحقوق. وينبغي ألا تتم أي زيارة أو صفقة تجارية من دون إجراء التحسينات الحقوقية اللازمة، ولا سيما بشأن حقوق العمال، لضمان ألا تتلطخ التجارة مع المملكة المتحدة بالانتهاكات الحكومية السعودية.
شرعت السعودية في حملة حثيثة لتلميع صورتها عبر الرياضة منذ قتل الصحفي جمال خاشقجي الوحشي في العام 2018، وما يزال دورها في شراء نادي "نيوكاسل يونايتد" لكرة القدم يثير الجدل في المملكة المتحدة، في حين أن الاتفاقية المقترحة مؤخرا بين الصندوق السيادي السعودي "صندوق الاستثمارات العامة" و"بي جي آيه تور" للاندماج مع "لايف غولف" مثال صارخ على تلميع الصورة عبر الرياضة، وهو ما وصفه المشرعون الأمريكيون بأنه مثال يبرز "تمكن نظام وحشي وقمعي من شراء النفوذ".
إذا نظرنا إلى ما وراء هذه المشتريات المالية الكبيرة، سنرى دولة ما تزال تمارس القمع بوحشية. في العام الماضي، أعدمت السعودية 196 شخصا، منهم 81 شخصا في يوم واحد من شهر مارس/آذار، في أكبر إعدام جماعي على الإطلاق في المملكة.
وهي أيضا دولة لا تتسامح مع أي شكل من أشكال المعارضة، إذ مددت محكمة الاستئناف السعودية في أغسطس/آب العام الماضي عقوبة سلمى الشهاب، طالبة الدكتوراه التي كانت تدرس في المملكة المتحدة، من ست أعوام إلى 34 عاما في السجن بتهمة كتابة آراء على "تويتر" لم توافق عليها الدولة. للأسف، قضيتها ليست حادثة فردية، إذ وثّقت "هيومن رايتس ووتش" بشكل كبير كيف توظف الحكومة السعودية الأحكام المبهمة في قانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لإسكات المعارضة.
إذا تمت الزيارة، فقد ترسّخ الانطباع بأن النظام يفلت من العقاب على قتل جمال خاشقجي وجرائمه المستمرة في اليمن، فضلا عن تمهيد الطريق للمزيد من القمع في الداخل.