(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي (الصندوق) و"رابطة لاعبي الغولف المحترفين" (’بي جي أيه‘) مكّنا جهود الحكومة السعودية فعليا من أن استخدام الرياضة لغسل سجلها الحقوقي المريع عبر الدمج المعلن لدوري "ليف غولف" ورابطة لاعبي الغولف المحترفين. سيضع الدمج الحكومة السعودية في موقع غير مسبوق من النفوذ والسيطرة على أعلى مستويات رياضة الغولف الاحترافية.
في 6 يونيو/حزيران 2023، أعلنت بي جي إيه تور عن اتفاقية تجمع بين الحقوق والأعمال التجارية المتعلقة بالغولف الخاصة بالصندوق، بما يشمل ليف غولف، مع بي جي إيه تور و"جولة موانئ دبي العالمية "(’دي بي وورلد تور‘) في "كيان جديد بشكل جماعي وهادف للربح". وفقا للإعلان، "سيكون الصندوق في البداية المستثمر الحصري في الكيان الجديد ..." كما سيكون للصندوق "الحق الحصري في زيادة حصته في الكيان الجديد". في قضية أمام محكمة أمريكية، اتهمت بي جي إيه سابقا لايف غولف بالسعي إلى "غسل التاريخ الحديث للفظائع السعودية عبر الرياضة". "اتفق الطرفان على إنهاء جميع الدعاوى العالقة بين الأطراف المشاركة" كجزء من اندماجهما.
قالت جوي شيا، باحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن الصندوق السعودي سيسيطر بشكل كبير على لعبة الغولف للمحترفين، بينما يستخدم الرياضة لغسل سجل البلاد الحقوقي القاتم. يكشف الإعلان المفاجئ نفاق بي جي إيه تور، إذ إن حقوق الإنسان تراجعت بوضوح أمام الفوائد المالية للدمج".
بعد الإعلان، غرّد السيناتور الأمريكي كريس مورفي، قائلا: "غريب جدا، كان مسؤولو بي جي إيه تور في مكتبي قبل أشهر يتحدثون عن كيف ينبغي للسجل الحقوقي للسعودية أن يحرم المملكة من المشاركة في رياضة أمريكية كبرى ... ربما لم تكن مخاوفهم تتعلق فعليا بحقوق الإنسان؟".
تقع على عاتق الأطراف والشركات الجديدة مسؤولية احترام حقوق الإنسان في جميع عملياتها. تُحدّد "مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان" هذه المسؤوليات، منها توقّع أن تتبنى الشركات سياسات محددة وتُجري العناية الواجبة لتحديد أي تهديد بالإسهام في الإضرار بحقوق الإنسان. قد يشمل هذا الضرر منح مزايا تتعلق بالسمعة تساعد في التغطية على الانتهاكات الحقوقية. قالت هيومن رايتس ووتش إن الدمج انتهك بوضوح هذا المعيار.
في بيان، قال جاي موناهان، مفوض بي جي إيه تور: "أُحيي محافظ الصندوق ياسر الرُّميان على رؤيته ونهجه التعاوني والمستقبلي". بموجب الاتفاقية، سيكون الرميان بحسب تقارير رئيس مجلس إدارة دوريات الغولف المندمجة.
صندوق الاستثمارات العامة هو صندوق ثروة سيادية تديره الحكومة السعودية بأصول خاضعة للإدارة تبلغ حوالي 620 مليار دولار. تورط الصندوق بشكل مباشر في انتهاكات حقوقية عبر عمليات الاستحواذ وموظفيه وساعد في ترميم الصورة الدولية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان وتلميع صورة الانتهاكات الجسيمة المتواصلة التي ترتكبها السلطات السعودية تحت قيادته. شارك ثلاثة أعضاء على الأقل من مجلس الإدارة الحالي في "الحملة على الفساد" التعسفية في السعودية في 2017.
في مارس/آذار 2022، كتبت هيومن رايتس ووتش إلى الرُّميان تطلب رده على مزاعم الانتهاكات الحقوقية الجسيمة المرتبطة بالصندوق. لكنه لم يرد.
تناولت هيومن رايتس ووتش باستفاضة حملة مكافحة الفساد في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، والتي شملت اعتقال عشرات رجال الأعمال البارزين، وأعضاء من العائلة المالكة، ومسؤولين حاليين وسابقين. ضغطت السلطات عليهم لتسليم الأصول مقابل الإفراج عنهم خارج أي عملية قانونية معترف بها. ما يزال بعضهم معتقلين بدون تهمة.
كجزء من الحملة، أمر أحد مستشاري محمد بن سلمان الرُّميان، الذي كان حينها "المشرف" على الصندوق، بنقل 20 شركة إلى الصندوق، وفقا لوثائق حكومية سعودية داخلية قُدّمت إلى محكمة كندية كجزء من دعوى قانونية جارية رفعتها مجموعة شركات سعودية ضد مسؤول استخباري سابق.
إحدى الشركات هي "سكاي برايم للطيران الخاص"، التي كانت تملك الطائرتين اللتين استخدمهما عملاء سعوديون في 2018 للسفر إلى اسطنبول، وقتل الصحفي البارز جمال خاشقجي في القنصلية السعودية، ثم العودة إلى المملكة. في فبراير/شباط 2021، أصدر "مكتب مدير الاستخبارات الوطنية" الأمريكي تقريرا يفيد بأن محمد بن سلمان وافق على العملية.
أفاد تقرير لـ "الأمم المتحدة" في يونيو/حزيران 2019 أعدّته المقررة الخاصة المعنية بعمليات القتل خارج نطاق القضاء آنذاك أن الطائرات كانت تملكها شركة سكاي برايم للطيران، بناء على سجلات الرحلات في "المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية".
بموجب الاتفاقية، لن يكون الرُّميان رئيسا لمجلس الإدارة فحسب، بل سيعمل أيضا في لجنته التنفيذية، وسينضم إلى لجنة السياسات في بي جي إيه تور. سيكون الصندوق السعودي هو المستثمر الحصري في الكيان الجديد، مع حقوق حصرية للاستثمار فيه، وحق الأولوية للاستثمار في بي جي إيه تور، ودي بي وورلد تور، وليف غولف.
أنفقت الحكومة السعودية مليارات الدولارات على استضافة الأحداث الترفيهية، والثقافية، والرياضية الكبرى كاستراتيجية متعمدة لحرف الأنظار عن صورتها كدولة ترتكب انتهاكات متفشية. يرتبط الاستثمار في الأحداث الترفيهية والثقافية والرياضية الكبرى بخطة محمد بن سلمان، "رؤية 2030"، الهادفة إلى إصلاح اقتصاد البلاد وجذب المستثمرين والسياح الأجانب. أحد البرامج التي طورتها الخطة يخلق مزيدا من خيارات الترفيه والتسلية من أجل خلق "صورة إيجابية للمملكة على الصعيد الدولي".
قالت شيا: "السؤال المطروح على اللاعبين والجهات الراعية في هذا الدوري الجديد هو ما إذا كانوا يريدون أن تقترن أسماؤهم بانتهاكات المساهم الأكثر نفوذا فيها، أم أنهم سيغضّون الطرف عن ذلك إذا كانت قيمة الجائزة ومقدارها كافيين".
