(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قانون مكافحة الإرهاب الجديد في السعودية يتضمن تعاريف غامضة وفضفاضة للأفعال الإرهابية، ويعاقب عليها في بعض الحالات بالإعدام.
يحل القانون الجديد محل قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر في عام 2014 وانتقد على نطاق واسع، كما أضاف تعاريف لأفعال إرهابية محددة ومبادئ توجيهية تتصل بالحكم عليها. يشمل القانون عقوبات جنائية مثل السجن بين 5 إلى 10 سنوات لوصف الملك أو ولي العهد "بأي وصف يطعن بالدين أو العدالة" بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويجرّم مجموعة واسعة من الأعمال السلمية التي لا علاقة لها بالإرهاب.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تقوم السلطات السعودية أصلا بإسكات المنتقدين السلميين واحتجازهم بتهم زائفة. بدل تحسين التشريعات المسيئة، تزيدها السلطات السعودية سوءا مع الاقتراح الهزلي بأن انتقاد ولي العهد هو عمل إرهابي".
ينص "قانون جرائم الإرهاب وتمويله"، المنشور في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، على سحب صلاحيات واسعة من وزارة الداخلية، التي أعادت السلطات السعودية تنظيمها في عام 2017، ونقلها إلى النيابة العامة، المنشأة حديثا، و"رئاسة أمن الدولة"، وهما هيئتان تقدمان تقاريرهما مباشرة إلى الملك.
يتضمن القانون الجديد تعريفا فضفاضا للإرهاب على غرار القانون السابق. لكنه يتضمن أيضا، خلافا للسابق، إشارة محددة إلى العنف على أنه " إيذاء أي شخص أو التسبب في موته، عندما يكون الغرض – بطبيعته أو سياقه – هو ترويع الناس أو إرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بأي عمل أو الامتناع عن القيام به".
غير أن القانون الجديد لا يقصر تعريف الإرهاب على أعمال العنف، إذ تشمل قائمة الأفعال التي يعرفها كإرهاب "الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة، أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر أو تعطيل النظام الأساسي للحكم"، وكلها عبارات غامضة استخدمتها السلطات السعودية سابقا لمعاقبة المعارضين والناشطين السلميين. يقضي الناشطان الحقوقيان البارزان عبد الله الحميد ومحمد القحطاني أحكاما بالسجن لمدة 11 عاما و10 أعوام على التوالي، لاتهامات تحتوي عبارات مماثلة. يُحاكم الناشط الحقوقي عصام كوشك حاليا بتهم مماثلة.
عبر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب في مايو/أيار، عقب زيارته إلى السعودية، عن قلقه "بشأن التعريف الواسع وغير المقبول للإرهاب، واستخدام السعودية لقانون مكافحة الإرهاب لعام 2014، وغيره من أحكام الأمن الوطني، ضد الناشطين الحقوقيين والكتّاب والمدونين والصحفيين وغيرهم من المنتقدين السلميين".
إحدى التغييرات الإيجابية لتعريف الإرهاب المنصوص عليها في المادة 1 من القانون السابق، كان إزالة العبارة المثيرة للجدل "الإساءة إلى سمعة الدولة"، التي استخدمها المدعون العامون بكثرة لتوجيه الاتهام للمنشقين ومقاضاتهم. مع ذلك، تسمح المادة 30 من القانون الجديد للمدعين بتقييد الحق في حرية التعبير عبر اعتبار كل من يصف الملك وولي العهد "بأي وصف يطعن بالدين أو العدالة" عملا إرهابيا.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه نظرا للتعريف المبهم للقانون الجديد للإرهاب، والذي قد يسمح للسلطات بمواصلة استهداف الانتقادات السلمية، هناك أحكام أخرى في القانون تثير الشكوك. تنص المادة 34، مثلا، على عقوبة السجن مدة 3 إلى 8 سنوات لكل من يؤيد أي فكر إرهابي أو تعاطف معه أو روج له. تنص المادة 35 على عقوبة لا تقل عن 15 سنة لكل من "أستغل سلطته أو صفته الأكاديمية أو الاجتماعية أو الإعلامية للترويج للإرهاب".
قالت هيومن رايتس ووتش إن القانون الجديد يقوض الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة. بدل تعديل القانون لتعزيز دور القضاء، يمنح القانون النيابة العامة ورئاسة أمن الدولة السلطة القانونية لإلقاء القبض على الأشخاص واحتجازهم وتتبع اتصالاتهم وبياناتهم المالية وتفتيش ممتلكاتهم والحجز على أصولهم دون رقابة قضائية. يمكن لرئاسة أمن الدولة منع المشتبه فيه من السفر دون إبلاغه، كما يخول القانون ضباط الشرطة والأفراد العسكريين استخدام القوة "وفقا للضوابط المنصوص نظاما". لم يرد ذكر أي لوائح إضافية بشأن استخدام القوة في النص.
كما هو الحال في القانون السابق، تسمح المادة 19 من القانون الجديد للنيابة العامة باحتجاز المشتبه فيه رهن التحقيق مدة تصل إلى 12 شهرا، مع تمديد غير محدود بأمر من المحكمة. تسمح المادة 20 باحتجاز المشتبه فيه مدة تصل إلى 90 يوما في معزل عن العالم الخارجي، حيث يكون التعذيب وسوء المعاملة شائعين بشدة، وفقا للمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب. في مذكرة قُدمت إلى "لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" في نيسان/أبريل 2016، سلطت هيومن رايتس ووتش الضوء على 7 حالات ادعى فيها المحتجزون الذين حوكموا أمام المحكمة الجنائية المختصة أن الاعترافات انتزعت منهم عبر التعذيب.
تقيد المادة 21 حق المشتبه فيه بالاستعانة بمحام أثناء الاستجواب. تنص المادة 27 على حق المحكمة العليا في الاستماع إلى الشهود والخبراء من دون حضور المدعى عليه أو محاميه، وعليها فقط إبلاغهما بمضمون الشهادة، مما يعيق إلى حد كبير حقهما في الطعن في هذه الأدلة.
ينص القانون، الذي يتضمن 27 مادة بشأن العقوبات، على عقوبة الإعدام لثلاثة أفعال. تنص المادتان 40 و41 على أنه يجوز للمحكمة أن تصدر حكما بالإعدام على كل من "خطف شخصا أو احتجزه أو حبسه أو هدد بأي من تلك الأفعال تنفيذا لجريمة إرهابية" وعلى "كل من اختطف أي وسيلة من وسائل النقل العام أو هدد بأي من تلك الأفعال، تنفيذا لجريمة إرهابية"، وأينما يقترن أي إجراء من هذا القبيل باستخدام أو الإعلان عن استخدام أسلحة أو متفجرات. ينص القانون الدولي على أنه ينبغي في البلدان التي تحتفظ بعقوبة الإعدام ألا تطبق عقوبة الإعدام، إلا على أشد الجرائم خطورة مثل تلك التي تفضي إلى الوفاة أو الأذى الجسدي الخطير، وتحث البلدان على إلغاء عقوبة الإعدام. تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف حيث أنها عقوبات قاسية ولاإنسانية.
قالت ويتسن: "يدعي محمد بن سلمان أنه إصلاحي، لكنه يحتجز المنتقدين السلميين كإرهابيين بنفس الاستبداد القديم الذي رأيناه كثيرا بين الحكام السعوديين".