(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الإيرانية اعتقلت العديد من النشطاء البارزين باتهامات لا أساس لها وسط إضرابات نقابة العمال والاحتجاجات المستمرة ضد ارتفاع الأسعار منذ 6 مايو/أيار 2022، في عشرات المدن الصغيرة. من بين المعتقلين عالم اجتماع بارز وأربعة مدافعين عن حقوق العمال.
اتهمت وكالات الأنباء المقربة من جهاز المخابرات النشطاء المحتجزين بالتواصل مع جهات أجنبية مشبوهة دون تقديم أي دليل على ارتكاب المخالفات المزعومة. في 11 مايو/أيار، أصدرت وزارة الاستخبارات بيانا قالت فيه إنها اعتقلت مواطنَيْن أوروبيَيْن قالت إنهما التقيا مع نشطاء نقابات المعلمين و"يعتزمان إساءة استخدام مطالب النقابات والجماعات الأخرى في المجتمع".
قالت تارا سبهري فَر، باحثة أولى في شؤون إيران في هيومن رايتس ووتش: "اعتقال أعضاء بارزين في المجتمع المدني في إيران بتهم التدخل الأجنبي الخبيث التي لا أساس لها هو محاولة يائسة أخرى لإسكات دعم الحركات الاجتماعية الشعبية المتنامية في البلاد. بدلا من التطلع إلى المجتمع المدني للمساعدة في فهم ومعالجة المشكلات الاجتماعية، تعاملها الحكومة الإيرانية على أنها تهديد متأصل".
وفقا لـ "وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" (هرانا) المستقلة لمراقبة حقوق الإنسان، منذ 6 مايو/أيار، تجمع الناس في 19 مدينة وبلدة على الأقل للاحتجاج على أنباء ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الأشهر المقبلة. ورد أن أعضاء في البرلمان قالوا إن شخصين قُتلا خلال الاحتجاجات. تشير مصادر غير مؤكدة إلى أرقام أعلى. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد هذه التقارير.
في 9 مايو/أيار، أوردت هرانا أن السلطات اعتقلت الناشطَيْن العماليين آنيشا أسد الله وكيوان مهتدي بعد مداهمة منزلهما. في 12 مايو/أيار، أفادت "نقابة عمال شركة حافلات طهران وضواحيها" أن عملاء المخابرات اعتقلوا رضا شهابي، عضو مجلس إدارتها. ذكرت هرانا أن ريحانة أنصاري، ناشطة عمالية، اعتُقلت أيضا في نفس اليوم. زعمت قنوات "تلغرام" مقربة من أجهزة المخابرات أن شهابي وأسد الله اعتقلا "بتهمة التعاون مع فريق أجنبي يعتزم قلب" الحكم، دون تقديم أدلة على هذا الاتهام.
في 16 مايو/أيار، أفادت "وكالة مِهر للأنباء" أن السلطات اعتقلت عالم الاجتماع الناقد سعيد مدني، الذي سُجن سابقا خمس سنوات بسبب نشاطه السلمي، بتهمة "الاجتماع بجهات أجنبية مشبوهة ونقل إرشاداتها التشغيلية إلى كيانات داخل الدولة". في 4 يناير/كانون الثاني، منعت السلطات في مطار الإمام الخميني في طهران مدني من مغادرة البلاد لبدء برنامج الزمالة في "جامعة ييل". منذ ذلك الحين منعته السلطات من مغادرة إيران واستجوبته عدة مرات.
في 17 مايو/أيار، بثت قناة "تلفزيون جمهورية إيران الإسلامية" مقطع فيديو يحدد هوية الشخصين الأوروبيين اللذين اعتُقلا بأنهما سيسيل كوهلر (37 عاما)، وتشاك باريس (69 عاما). ورد أن كوهلر مسؤولة في نقابة المعلمين الفرنسية.
خلال الأسبوع الأخير من أبريل/نيسان، اعتقلت السلطات العشرات من نشطاء نقابة المعلمين بعد دعوة "المجلس التنسيقي لنقابات التربويين الإيرانيين" إلى احتجاجات على مستوى البلاد للمطالبة بإصلاح نظام سلم الرواتب في 1 مايو/أيار، قبل يوم من "اليوم الوطني للمعلم". لا يزال العديد منهم محتجزين، بمن فيهم محمد حبيبي، المتحدث باسم "نقابة المعلمين الإيرانيين"، ورسول بداقي، وجعفر إبراهيمي، عضوين بارزين آخرين في نقابة المعلمين الإيرانيين.
خلال السنوات الأربع الماضية، كانت هناك احتجاجات واسعة النطاق بشأن مطالب اقتصادية، وتزايدت الاحتجاجات والإضرابات التي نظمتها النقابات الكبرى في إيران ردا على تدهور مستويات المعيشة في جميع أنحاء البلاد.
ردت قوات الأمن على هذه الاحتجاجات بالقوة المفرطة، بما في ذلك القوة القاتلة، واعتقلت آلاف المتظاهرين، مستخدمة المحاكمة والسجن بناء على تهم غير مشروعة كأداة رئيسية لإسكات المعارضين والمدافعين الحقوقيين البارزين. لم تُبد السلطات أي استعداد للتحقيق في الانتهاكات الحقوقية الجسيمة المرتكبة تحت سيطرتها.
منذ بدء الاحتجاجات في 6 مايو/أيار، عرقلت السلطات بشدة الوصول إلى الإنترنت في عدة مقاطعات. يُظهر عدد من مقاطع الفيديو المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي وجود مسؤولين أمنيين ويبدو أنها تُظهر استخدام الغاز المسيل للدموع. نشرت مصادر غير رسمية أسماء خمسة أشخاص قالت إنهم قُتلوا خلال الاحتجاجات في محافظات خوزستان، و چهارمحال وبختياري. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد الوفيات.
قالت سبهري فَر: "لطالما سعت السلطات الإيرانية إلى تجريم التضامن بين أعضاء مجموعات المجتمع المدني داخل وخارج البلاد، وذلك بغية منع المساءلة والتدقيق من قبل المجتمع المدني في إجراءات الدولة".