عُثر على كرار نوشي، عارض أزياء عراقي عُرف بشعره الأشقر الطويل وملابسه الزاهية، ميتا في بغداد في 2 يوليو/تموز 2017. وفقا لتقارير، تعرض نوشي للتعذيب والطعن، وتشويه جسده. قص المعتدون شعره أيضا. في الواقع، يعتقد أصدقاء نوشي أن جماعة مسلحة قتلته بسبب شعره الطويل.
بالنسبة للمثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتغيّري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم)، الذين يُدفعون غالبا إلى الهوامش الاجتماعية، يمكن للشعر أن يكون شكلا مهما للتعبير عن الذات. يمكن أن تشير التسريحة إلى الانتماء لجماعة، أو ببساطة البُعد عن الاتجاه السائد. لكن في البيئات القمعية، قد تكون تسريحات الشعر أيضا عبئا، وعلامة اختلاف واضحة، وحتى محفزا للعنف. في بعض السياقات في العراق، يمكن أن يُحفّز الشعر أعمالا وحشية فظيعة من قبل الجماعات المسلحة، وحتى الموت في حالات عديدة.
حالة نوشي واحدة من بين حالات عديدة أخرى وثّقتها "هيومن رايتس ووتش" في تقرير نُشر مؤخرا عن أعمال القتل، والاختطاف، والتعذيب، والعنف الجنسي على يد الجماعات المسلحة العراقية ضد أفراد مجتمع الميم. في عدة روايات، حلق المهاجمون شعر ضحاياهم، أو طالبوهم بتوقيع وثائق يتعهدون فيها بقص شعرهم.
بعد ظهورها في العراق وسط انهيار الأمن عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، تتغذى الجماعات المسلحة على الفقر عند تجنيد الأعضاء، وتعرض على الرجال العاطلين عن العمل فرصة للحصول على السلطة والنفوذ من خلال العنف. رغم زعم العديد من الجماعات المسلحة في العراق أنها تنفذ تفسيرها للشريعة الإسلامية، أظهر تقرير لـ هيومن رايتس ووتش كيف أن الحملة الرامية إلى قتل رجال اشتُبه في سلوكهم المثلي عام 2009، بقيادة أعضاء الجماعات المسلحة العراقية، انتهكت معايير الشرعية والإثبات والخصوصية في الشريعة الإسلامية. على مدى العقدين الماضيين، يمكن فهم العنف الموجه ضد مجتمع الميم في العراق في سياق الأعراف الاجتماعية الأبوية، والوضع الاجتماعي المتدني للمرأة، وثقافة الإفلات من العقاب.
في بيئة من العنف المستمر في العراق، لماذا تولي الجماعات المسلحة اهتماما وثيقا لأمر يبدو غير مهم كتسريحة الشعر؟ حسبما قال عدة أشخاص لـ هيومن رايتس ووتش، تمثل تسريحات الشعر رمزا مهما للامتثال والتوافق مع الأعراف الاجتماعية والأدوار الجندرية.
أصبحت الرقابة على الشعر جزءا من فرض صارم للمعايير الجندرية بين بعض الجماعات المسلحة القوية في العراق. عندما تشير تسريحات الشعر علنا إلى الاختلاف عبر تجاوز الأدوار الجندرية الصارمة، فإنها ترمز إلى تهديد متصور للنظام الاجتماعي وتحديا للسلطة.
في العام الماضي، أوقفت جماعة مسلحة تُدعى "حشد العتبات" في محافظة كربلاء وسط العراق شابا مثليا (18 عاما). قيل له إن ذلك بسبب "مظهره المخزي"، في هذه الحالة: شعر طويل. قال: "بعدما جاء قائد الجماعة المسلحة، أمر رجاله بقص شعري ثم إطلاق سراحي".
قال 48 من أصل 54 شخصا من مجتمع الميم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إن الجماعات المسلحة تعتبر تسريحات الشعر غير التقليدية جريمة تستحق العقاب. يعني ذلك أن الرجال، والنساء متغيرات النوع الاجتماعي (الترانس) ذوي (ات) الشعر الطويل، أو النساء والرجال الترانس، ذوي (ات) الشعر القصير، يُعتبرون منحرفين وبالتالي أكثر عرضة للاستهداف. قد تتراوح عواقب تسريحات الشعر غير المعيارية من الاعتقال إلى التعذيب والاغتصاب وحتى الموت.
استُهدف أحمد ماجد المطيري، المعروف بـ حمودي، وقُتل بالرصاص على يد جماعات مسلحة مشتبه بها في 2018 بسبب شعره الطويل. اشتهر حمودي على مواقع التواصل الاجتماعي لنشره صورا تبرز مظهره الأنثوي. كان عمره 14 عاما فقط عندما قُتل. انتشر مقطع فيديو لقتله المروع بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي. يمكن سماع المعتدين يسخرون منه بشتائم معادية للمثليين، بينما يتوسل حمودي، وهو ينزف من بطنه، لرؤية أمه.
هذه الهجمات العنيفة ليست جديدة. وثّقت هيومن رايتس ووتش في 2012 اعتداءات ضد شباب شاركوا في ثقافة "الإيمو"، بناء على شكل من أشكال موسيقى "الروك" البديلة، تتميز بأسلوب مميز في اللباس، وقصات شعر غير تقليدية. في أعقاب الهجمات الممنهجة والقاتلة، سارع "الإيمو" المذعورون لتغيير طريقة لبسهم وقص شعرهم.
تسريحات الشعر غير النمطية يتم ربطها أيضا بالمثلية الجنسية، وتُفسر بشكل أكبر على أنها معادية للإسلام وموالية للغرب. أحد الأشكال الموثقة للعقوبات في الاعتداءات على أفراد مجتمع الميم هو الاغتصاب - وخصوصا المعتدون الذكور الذين يعتدون جنسيا على ضحايا ذكور كشكل من أشكال العقوبة على النشاط الجنسي المثلي بالتراضي، أو عدم موافقة المعيارية الجندرية. قوانين مكافحة اللواط التي أعيد العمل بها في العراق في 1919 إبان "الانتداب البريطاني"، بعدما ألغتها "الإمبراطورية العثمانية" في 1858، لا تزال سارية حتى يومنا هذا.
يُنفّذ بعض أفراد الشرطة وأعضاء الجماعات المسلحة عقوبات قاسية تترك ندوبا دائمة؛ يُقصد بالعلنية منها أن تكون رسالة واضحة للآخرين. رسالة مفادها أنه لا تسامح مع الاختلاف وحرية التعبير خارج الأدوار الجندرية النمطية.
لا يجب معاقبة أي شخص بسبب طريقة تصفيفه لشعره. بالإضافة إلى حماية أفراد مجتمع الميم من العنف، ينبغي للحكومة العراقية تنظيم حملات عامة لإنهاء الوصمة ضد أفراد مجتمع الميم والعمل مع الوزارات والمؤسسات والمجتمع المدني لزيادة الوعي حول احترام التنوع في المعايير الجندرية، بما في ذلك حرية التعبير من خلال تسريحات الشعر.