Skip to main content
تبرعوا الآن

أوكرانيا: هجمات فتاكة تقتل وتجرح المدنيين وتدمر المنازل

الأسلحة المتفجرة تقتل وتصيب وتشرد الناس، وتدمر البنية التحتية الحيوية

أحد السكان المحليين في منزله الذي دمرته غارة جوية في خاركيف، أوكرانيا، 3 مارس/آذار 2022.  © 2022 أسوشيتد برس/اندرو ماريينكو

(لفيف) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن أكثر من 450 مدنيا قُتل وجُرح، بحسب تقارير، في الأيام الـ 11 الأولى من الحرب في خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا، نتيجة الغارات الجوية الروسية والقصف المدفعي للمناطق المأهولة بالسكان. أضرّت الهجمات بالمباني المدنية، بما فيها الأبنية السكنية والمدارس ودور العبادة والمتاجر، مما أعاق الوصول إلى الطعام والأدوية. دمرت الهجمات أيضا البنية التحتية في المدينة مما تسبب في حرمان المدنيين من الخدمات الحيوية مثل الكهرباء والتدفئة والمياه.

حددت هيومن رايتس ووتش استخدام روسيا للذخائر العنقودية والأسلحة المتفجرة ذات التأثير الواسع في مناطق مكتظة بالسكان في خاركيف، فيما يبدو أنها هجمات عشوائية وغير متناسبة. القصف العشوائي على مناطق مكتظة بالسكان ينتهك القانون الإنساني الدولي وقد يشكل جريمة حرب.

قال هيو ويليامسن، مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: "في خاركيف، أبدت القوات العسكرية الروسية استخفافا بأرواح المدنيين من خلال هجماتها العشوائية المتكررة على ما يبدو في مناطق مأهولة بالسكان. قد يعتقد الجيش الروسي أن بإمكانه تجاهل قوانين الحرب في هجومه على خاركيف، لكن ’المحكمة الجنائية الدولية‘ لها ولاية قضائية على جرائم الحرب المرتكبة في خاركيف، وسيُحاسب المسؤولين عنها".

بحسب شرطة منطقة خاركيف، قُتل 133 مدنيا، بينهم خمسة أطفال، وأصيب 319 مدني، بين 24 فبراير/شباط و7 مارس/آذار 2022. إحدى الهجمات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش تسببت في مقتل رجل ينتظر دوره في طابور أمام سوبرماركت. قتلت هجمة أخرى شخصين بعد خروجهما من ملجأ لجلب الماء.

قال متحدث باسم مكتب عمدة خاركيف لـ هيومن رايتس ووتش إنه حتى 4 مارس/آذار، بقي حوالي 500 ألف شخص في المدينة، من أصل 1.8 مليون قبل الحرب.

قال أحد السكان لـ هيومن رايتس ووتش: "الناس يغادرون خاركيف فارغي الأيدي. لا يحزمون حقائبهم ولا يأخذون أغراضهم. يأخذون وثائقهم ويتمسكون ببعضهم البعض ويهربون. من بقي عانى من التدفئة المتقطعة في أحسن الأحوال، في وقت تراوحت فيه درجات الحرارة الخارجية بين 2 و -4 درجة مئوية، فضلا عن نقص الغذاء والماء والأدوية الأساسية.

قال يوري سيدورينكا، رئيس قسم الشؤون الخارجية في مكتب عمدة خاركيف، إنه حتى 3 مارس/آذار، كانت المدينة تعاني من نقص كبير في الأدوية: "حتى الآن، لدينا بعض السبل للحصول على الدواء، لكننا بحاجة إلى المزيد". في 7 مارس/آذار، قالت زانا ستروغايا، نائبة رئيس مكتب وزارة الصحة بخاركيف، لـ هيومن رايتس ووتش إن 14 منشأة رعاية صحية على الأقل تضررت، تسعة منها تضررت بشدة.

قابلت هيومن رايتس ووتش 29 شخصا، بينهم سكان في خاركيف، وعاملين طبيين، ومتطوعين يساعدون في الإجلاء، ومسؤولين بالبلدية، بشأن الهجمات. حللت هيومن رايتس ووتش وتحققت من 29 فيديو و41 صورة منشورة على "تيليغرام" و"تويتر" و"فيسبوك" و"تيك توك"، ومقطعي فيديو آخرين و18 صورة أرسِلت إلى الباحثين مباشرة، لتأكيد أقوال الشهود ولتحديد مواقع التأثير والأضرار الإضافية.

وقعت الهجمات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش بين 24 فبراير/شباط و5 مارس/آذار، وألحقت أضرارا أو دمرت المباني السكنية والمدارس وأكشاك الأسواق والكنائس والمتاجر والمستشفيات وأقسام الجامعات وغيرها من البنى التحتية المدنية في جميع أنحاء المدينة. كما وثقت جماعة حقوق الإنسان الأوكرانية "تروث هاوندز" عديدا من هذه الهجمات.

قال أحد سكان خاركيف لـ هيومن رايتس ووتش: "مركز مدينتنا يُمحى".

قال سيدورينكا إنه في 2 مارس/آذار وحده، أسفر القصف الروسي عن مقتل 34 شخصا، وإصابة 285 من بينهم عشرة أطفال. قال أيضا إن الهجمات ألحقت أضرارا بمئات المباني السكنية وعطلت إمدادات المياه والكهرباء في المدينة، وخلّفت حوالي 300 مبنى سكني بدون كهرباء.

قالت امرأة (45 عاما) كانت تعيش في منطقة إندستريالني جنوب شرق خاركيف، في 2 مارس/آذار: "حيث أعيش، لا يوجد إنترنت، ولا مياه ساخنة، ولم يكن لدينا تدفئة لعدة أيام. لدي فقط الطعام الذي اشتريته قبل بدء الأزمة. كل شيء مغلق، لا يوجد خبز".

قال عديد من الأشخاص إن الأقبية ومواقف السيارات تحت الأرض، وغيرها من المرافق المستخدمة كملاجئ من القنابل كانت شديدة البرودة، وعند الاحتماء بها، لم يكن لدى المدنيين سوى قليل من الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والماء. قال رجل من سالتيفكا، وهي منطقة سكنية كبيرة في شمال شرق خاركيف، إن عائلته أمضت ست ليال في قبو غير مدفأ في درجة حرارة دون الصفر، مع قليل من الطعام والماء. قال: "كان الجو باردا لدرجة أنني عانيت من نوبات. المواد الغذائية والماء في المتاجر تنفد، ولا يزال بإمكانك شراء كوكا كولا، لكن هذا كل شيء".

أعرب العديد من الأشخاص عن مخاوفهم من أن البنية التحتية لمبانيهم السكنية ليست آمنة. قالت امرأة: "توجد أنابيب مياه في أقبية منزلنا وهناك خطر من انفجارها". قالت أخرى إنها لم تحتمِ في القبو لأنها كانت تخشى أن ينهار المبنى و "يدفنوا تحت الأنقاض". قالت: "الوضع أكثر أمانا في الشقة". كانت هي وابنها (4 سنوات) يحتميان في دورة المياه بالطابق الرابع من بنايتها السكنية.

قال سيدورينكا إن عشرات المرافق التعليمية، بما فيها المدارس ودور الحضانة، تضررت أو دُمرت في الأسبوع الأول من الحرب. وثقت هيومن رايتس ووتش الأضرار التي لحقت بثماني مدارس وقسمين جامعيين.

بموجب القانون الإنساني الدولي، تلتزم أطراف النزاع المسلح بالتمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وباتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين وغيرهم من غير المقاتلين من مخاطر الحرب. عدم مراعاة مبدأ التمييز، لا سيما من خلال توجيه هجوم ضد المدنيين أو الأعيان المدنية أو شن هجمات عشوائية أو غير متناسبة، يشكل جريمة حرب عند ارتكابها عمدا أو بتهور. التدمير المفرط غير المشروع والمستهتر للممتلكات غير المبرر عسكريا هو أيضا جريمة حرب.

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من إجراء زيارات ميدانية في خاركيف، واستخدمت المقابلات مع الشهود والصور حول الأضرار في محاولة لتحديد أنواع الأسلحة التي استخدمتها القوات الروسية في الهجمات الموثقة. يوضح هذا التحليل أنه بالإضافة إلى الذخائر العنقودية، استخدمت القوات الروسية أسلحة متفجرة ذات تأثير واسع النطاق.

يزيد استخدام الأسلحة المتفجرة ذات التأثير الواسع في المناطق المأهولة من احتمالية الهجمات غير القانونية والعشوائية وغير المتناسبة. لهذه الأسلحة نصف قطر تدمير كبير، وهي غير دقيقة بطبيعتها، أو تطلق ذخائر متعددة في نفس الوقت. تشمل الآثار طويلة المدى لاستخدامها الإضرار بالمباني المدنية والبنية التحتية الحيوية، والتأثير على الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم، وتشريد السكان المحليين. على روسيا وأوكرانيا تجنب استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان. على كل الدول، بما فيها روسيا وأوكرانيا، دعم إعلان سياسي صارم يتضمن التزاما بتجنب استخدام الأسلحة المتفجرة ذات التأثير الواسع النطاق في المناطق المأهولة بالسكان.

على القوات الروسية والأوكرانية بذل كل الجهود لضمان وصول الإمدادات الكافية والمساعدات الإنسانية إلى المدنيين في خاركيف ومحيطها، وعلى كل الدول والمنظمات الحكومية الدولية الضغط على الطرفين للامتثال لالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي، وضمان وصول المساعدات الإنسانية والمسارات الآمنة لإجلاء المدنيين. على الأطراف السماح لمقدمي المساعدات الإنسانية المحايدين والمستقلين بالوصول حتى يتمكنوا من تقديم الدعم للمدنيين المستضعفين الذين قد يحتاجون إلى المساعدة للمغادرة، بمن فيهم الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن والحوامل والأطفال والأشخاص الذين لديهم حالات طبية مزمنة أو خطيرة. إذا تم التوصل إلى اتفاق لإنشاء ممرات إنسانية ودخل حيز التنفيذ، يتعين على الأطراف عدم خرق هذا الاتفاق بأي طريقة تعرض المدنيين للخطر.

فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في الوضع في أوكرانيا. تؤكد الخسائر والأضرار الواسعة التي لحقت بالمدنيين والأعيان المدنية في خاركيف على أهمية تدقيق المحكمة في قانونية الهجمات على المدينة. على لجنة التحقيق التي شكلها "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" في 4 مارس/آذار أن تحقق في الهجمات غير القانونية المزعومة في خاركيف.

قال هيو ويليامسون: "يشير تقييمنا إلى وقوع عدة هجمات عشوائية في الأيام الـ 11 الأولى من الأعمال العدائية في خاركيف، وتشير التقارير الإعلامية إلى أن روسيا نفّذت مزيدا من الهجمات العشوائية التي أضرت بالمدنيين مع استمرار القتال في خاركيف وأماكن أخرى. على روسيا الامتثال فورا لالتزاماتها لتجنب وتقليل إلحاق الضرر بالمدنيين، وأن تتذكر أن تحقيقات دولية عديدة تجري لمحاسبة الذين لا يفون بالتزاماتهم".

للنتائج التفصيلية حول الهجمات ومزيد من التفاصيل حول قوانين الحرب، يرجى الاطلاع على التقرير كاملا بالإنغليزية.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة