(نيويورك) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن مسؤولي طالبان في عدة أقاليم في أنحاء أفغانستان أجبروا السكان على النزوح جزئيا لتوزيع الأراضي على أنصارهم. العديد من عمليات الإخلاء هذه استهدفت المجتمعات الشيعية من الهزارة، وكذلك الأشخاص المرتبطين بالحكومة السابقة، كشكل من أشكال العقاب الجماعي.
في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2021، أجلت حركة طالبان والميليشيات المرتبطة بها مئات عائلات الهزارة من ولاية هلمند الجنوبية ومقاطعة بلخ الشمالية. جاء ذلك عقب عمليات إخلاء سابقة في مقاطعات دايكوندي وأوروزغان وقندهار. منذ وصول طالبان إلى السلطة في أغسطس/آب، طلبت من العديد من الهزارة وغيرهم من سكان هذه المقاطعات الخمس مغادرة منازلهم ومزارعهم، بإعطاء فترة إشعار لأيام قليلة فقط في كثير من الحالات ودون أي فرصة لإثبات أحقيتهم القانونية بالأرض. قال محلل سياسي سابق في الأمم المتحدة إنه رأى إشعارات إخلاء تخبر السكان أنهم إن لم يمتثلوا، "فليس لهم الحق في الشكوى من العواقب".
قالت باتريشيا غوسمان، المديرة المشاركة لقسم آسيا في هيومن رايتس ووتش: "تُجلي طالبان الهزارة وغيرهم قسرا على أساس العرق أو الرأي السياسي لمكافأة أنصار طالبان. عمليات الإخلاء هذه، التي نُفِّذت بالتهديد بالقوة ودون أي إجراءات قانونية، تُعَدّ انتهاكات خطيرة ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي".
أفادت وسائل الإعلام أن أهالي الهزارة في منطقة قبة الإسلام في مزار الشريف بمحافظة بلخ قالوا إن مسلحين من مجتمع كوشاني المحلي يعملون مع قوات أمن طالبان المحلية لإجبار العائلات على المغادرة، ويمنحون هذه الأسر ثلاثة أيام فقط للقيام بذلك. زعم مسؤولو طالبان أن عمليات الإخلاء تمت بناء على أمر محكمة، لكن السكان المحليين يؤكدون أنهم يمتلكون الأرض منذ سبعينيات القرن الماضي. نشأت الخلافات حول الادعاءات المتضاربة من الصراع على السلطة في التسعينيات.
قال سكان منطقة ناو ميش في ولاية هلمند لـ هيومن رايتس ووتش إن طالبان أرسلت رسائل إلى 400 أسرة على الأقل في أواخر سبتمبر/أيلول تأمرهم بالمغادرة. نظرا لضيق الوقت، لم تتمكن العائلات من أخذ ممتلكاتها أو حصاد محاصيلها بالكامل. قال أحد السكان إن طالبان اعتقلت ستة رجال حاولوا الطعن في الأمر؛ أربعة منهم ما يزالون محتجزين.
قال ساكن آخر إنه في أوائل التسعينيات، وزع مسؤولون محليون مساحات كبيرة من الأراضي على أقاربهم وأنصارهم، مما أدى إلى تفاقم التوترات بين المجتمعات العرقية والقبلية. تأمين المطالبة بالأرض اعتمد على من يتزعّم السلطة في حينه، إذ قدم الذين خسروا في قرارات سابقة التماسا إلى طالبان لدعم مطالبهم. قال ناشط من هلمند إن الممتلكات تُوَزَّع مجددا على أعضاء طالبان الذين يشغلون مناصب رسمية. قال إنهم "ينهبون الأراضي والممتلكات العامة الأخرى" ويعيدون توزيعها على قواتهم.
وقعت أكبر عمليات النزوح في 15 قرية ضمن مقاطعتي دايكوندي وأوروزغان، حيث طردت طالبان 2,800 على الأقل من سكان الهزارة في سبتمبر/أيلول. انتقلت العائلات إلى مناطق أخرى، تاركة وراءها ممتلكاتها ومحاصيلها. قال أحد السكان السابقين إنه "بعد استيلاء طالبان على السلطة، تلقينا رسالة منها تبلغنا بضرورة مغادرة منازلنا لأن الأراضي محل نزاع. ذهب عدد قليل من الممثلين إلى مسؤولي المنطقة للمطالبة بإجراء تحقيق، لكن حوالي خمسة منهم اعتُقلوا". لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد مما إذا أًفرِج عنهم.
أضاف الساكن السابق أن طالبان أقامت نقاط تفتيش على طرق الخروج من القرى و "لم تدع أحدا يأخذ معه حتى محاصيله". بعد التغطية الإعلامية لعمليات الإخلاء، تراجع مسؤولو طالبان في كابول عن أوامر الإخلاء لبعض قرى دايكوندي، لكن حتى 20 أكتوبر/تشرين الأول، لم يعد أي من السكان.
في ولاية قندهار في منتصف سبتمبر/أيلول، منحت طالبان سكان مجمع سكني مملوك للحكومة ثلاثة أيام للمغادرة. وزّعت الحكومة السابقة الممتلكات على موظفي الخدمة المدنية.
يحظر القانون الدولي الإخلاء القسري للمساكن بأنه نقل الأفراد والأسر و/أو المجتمعات المحلية رغما عنهم بشكل دائم أو مؤقت من بيوتهم و/أو أراضيهم، دون إتاحة سبل مناسبة للحماية القانونية أو غيرها من أنواع الحماية.
الهزارة جماعة عرقية ذات أغلبية شيعية كانت هدفا لعمليات القتل الجماعي وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على يد قوات طالبان في التسعينيات. واجهت الجماعة التمييز وسوء المعاملة من قبل الحكومات الأفغانية المتعاقبة منذ أكثر من 100 عام.
عمليات الإخلاء القسري تحدث في أفغانستان في وقت سجل فيه النزوح الداخلي أرقاما قياسية بسبب الجفاف والصعوبات الاقتصادية والصراع، حيث نزح 665 ألف شخص خلال 2021، حتى قبل استيلاء طالبان على السلطة. حوالي أربعة ملايين شخص نزحوا داخل البلاد بشكل عام.
قالت غوسمان: "تهجير العائلات أثناء الحصاد وقبل حلول فصل الشتاء أمر قاسٍ. على طالبان الكف عن الإخلاء القسري للهزارة وغيرهم والبت في النزاعات حول الأراضي وفقا للقانون والإجراءات العادلة".