Skip to main content
تبرعوا الآن

حقوق السوريين يجب أن تكون محور مؤتمر المساعدات الأوروبي-الأممي

ضعوا إطارا مبدئيا للمساعدة، والحماية، والعدالة

 

قافلة مساعدات تشق طريقها في مدينة دوما، الغوطة الشرقية، سوريا، في مارس/آذار 2018، عندما كانت ما تزال بيد المجموعات المسلحة المعارضة للحكومة.  © 2018 سامر بويداني/بكتشر ألاينس/دي بي إيه/أسوشيتد برس
قافلة مساعدات تشق طريقها في مدينة دوما، الغوطة الشرقية، سوريا، في مارس/آذار 2018، عندما كانت ما تزال بيد المجموعات المسلحة المعارضة للحكومة.  © 2018 سامر بويداني/بكتشر ألاينس/دي بي إيه/أسوشيتد برس

(بروكسل) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على مؤتمر "الاتحاد الأوروبي" والأمم المتحدة" للمساعدات لسوريا يومي 29 و30 مارس/آذار 2021 إعطاء الأولوية لإطار مساعدات يحترم الحقوق، ويعالج الاحتياجات العاجلة المتعلقة بالحماية، والوضع الإنساني، والمساءلة.

يستضيف الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة المؤتمر الخامس حول "دعم مستقبل سوريا والمنطقة". ينبغي للحكومات، والوكالات الدولية، والمؤسسات المشارِكة ضمان معالجة ثلاثة مجالات رئيسية: إطار قائم على الحقوق لتوزيع المساعدات، وحماية المدنيين من الانتهاكات المستمرة، والعدالة في الجرائم المريعة. كما حثت هيومن رايتس ووتش الحكومات المشاركة على معالجة أزمة التعليم غير المسبوقة التي يواجهها اللاجئون، لا سيما في لبنان.

قالت لوتي ليخت، مديرة الاتحاد الأوروبي في هيومن رايتس ووتش: "بعد عقد من النزاع، باتت الاحتياجات الإنسانية في سوريا وبين اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة أكبر من أي وقت، مع استمرار تعرّض السوريين لانتهاكات حقوقية جسيمة دون عقاب. لدى أصدقاء سوريا فرصة للبناء على دعمهم المهم للاحتياجات الإنسانية للسوريين عبر ضمان وصول المساعدات إلى من يحتاجها من المدنيين، وإعطاء الأولوية لحماية أولئك المتواجدين في سوريا، والسعي إلى تحقيق العدالة لضحايا الفظائع المروعة".

المساعدة وإعادة الإعمار

منذ بداية النزاع في سوريا، وضعت الحكومة السورية سياسة وإطارا قانونيا يسمح لها بنقل المساعدات الإنسانية لتمويل الفظائع، ومعاقبة من تنظر إليهم على أنهم معارضون لها، وإفادة الموالين لها. قيّدت وصول منظمات الإغاثة إلى المجتمعات المحتاجة، ووافقت انتقائيا على مشاريع المساعدات، وفرضت الشراكة مع جهات محلية مرتبطة بالأجهزة الأمنية السورية المنتهِكة.

يستمر الوضع الإنساني في سوريا في التدهور، مع أزمات واسعة ناجمة عن الانهيار الاقتصادي والتأثير طويل الأمد لانتهاكات القانون الإنساني الدولي. الملايين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في سوريا يعيشون الجوع، ويرجع ذلك جزئيا إلى تصرفات الحكومة، بما فيها تدمير المخابز والمحاصيل الزراعية، والفساد، والسياسات التقييدية.

أما في المناطق خارج سيطرة الحكومة، في الشمال الشرقي والشمال الغربي، فأصبح الوضع أكثر إلحاحا مع إغلاق ثلاثة من المعابر الحدودية الأربعة التي رخصها مجلس الأمن الدولي سابقا والتي كانت وكالات الأمم المتحدة تعتمد عليها لتقديم المساعدات لتلك المناطق. تسبب الإغلاق في اضطرار تلك المناطق إلى الاعتماد بشكل متزايد على تعاون الحكومة السورية بشأن المساعدات، وهو أمر نادرا ما تحقق. أثّر الوباء الناتج عن فيروس "كورونا" بشدّة على البنية التحتية الصحية وقطاعات المساعدات الأخرى، لا سيما في الشمال الغربي الذي كان يعاني أيضا من الهجمات السورية-الروسية المتعمدة على ما يبدو ضد المستشفيات، والعيادات، والأعيان المدنية المحمية الأخرى.

قالت هيومن رايتس ووتش إن المانحين الدوليين أظهروا كرما كبيرا في مساعداتهم الإنسانية للمدنيين في سوريا، لكن ثمة حاجة ملحة لضمان وصول الأموال المخصصة للدعم الإنساني في سوريا إلى من هم في أمس الحاجة إليها وعدم استخدامها لتسهيل الانتهاكات.

على الأطراف المشاركة في المؤتمر خصوصا التأكد من أن مبادئ الأمم المتحدة ومعاييرها للمساعدة في سوريا، وهو إطار مساعدات قائم على حقوق الإنسان أقره الأمين العام للأمم المتحدة، مُدمج في عمليات وكالات الأممية. عليها أيضا الدعوة إلى مشاركة أُممية أقوى في الإشراف على القضايا المنهجية والانتهاكات الحقوقية الناشئة خلال عملية المساعدة.

ينبغي للأطراف المشاركة أيضا دعوة مجلس الأمن الدولي إلى تجديد نظام إيصال المساعدات عبر الحدود فورا وبشكل كامل، بما في ذلك إلى شمال شرق سوريا.

الحماية

خفت حدة الاشتباكات في معظم أنحاء سوريا، لكن الأجهزة الأمنية السورية تواصل الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإخفاء القسري، والمضايقات بحق الناس في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة. تحدث الانتهاكات حتى في حالة دخول الحكومة في اتفاقيات مصالحة مع الأشخاص المعنيين. في يونيو/حزيران 2020 مثلا، ضربت قوات الأمن واعتقلت المتظاهرين الذين احتجوا على تقاعس الحكومة في معالجة الانهيار الاقتصادي.

في المناطق الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام"، وهي تحالف للجماعات الإسلامية المسلحة المناهضة للحكومة بقيادة ما كان يُعرف سابقا بـ "جبهة النصرة"، اعتقلت السلطات أيضا النشطاء والصحفيين تعسفيا. في المناطق تحت الاحتلال التركي، اعتقلت تركيا و"الجيش الوطني السوري"، وهي جماعة مناهضة للحكومة تدعمها تركيا، قرابة 63 مواطنا سوريا ونقلتهم من شمال شرق سوريا إلى تركيا ليُحاكَموا بتهم خطيرة قد تعرضهم للسجن مدى الحياة. يتعارض هذا مع تدابير الحماية الأساسية بموجب القانون الدولي.

كما ما زال عشرات الآلاف مخفيين، على يد الحكومة السورية بشكل أساسي، وأيضا تنظيم "الدولة الإسلامية" وجماعات أخرى. لا يوجد وصول منتظم إلى مراكز الاحتجاز الرسمية أو المؤقتة.

ينبغي للأطراف المشاركة في المؤتمر الإصرار على الإفراج العاجل عن عشرات آلاف المحتجزين وضحايا الإخفاء، والعمل على الإنهاء الفوري للانتهاكات والتعذيب المتفشي في مراكز الاحتجاز، كجزء أساسي من أي عملية انتقالية للتوصل إلى حل دائم لقضية الإخفاء القسري في النزاع السوري.

على الدول المانحة الإصرار على أن تتيح الحكومة السورية وصول مراقبي ظروف الاحتجاز الدوليين المعترف بهم فورا ودون عوائق إلى جميع مراكز الاحتجاز، الرسمية وغير الرسمية، دون إخطار مسبق. على الدول المانحة ضمان إعطاء منظمات الإغاثة العاملة في سوريا الأولوية لرصد المحتجزين والعائدين.

ينبغي للأطراف المشاركة الضغط على روسيا لممارسة نفوذها على الحكومة السورية لضمان الوصول العاجل إلى المحتجزين وضحايا الإخفاء والإفراج عنهم.

ينبغي للمشاركين أيضا حث السلطات التركية على وقف نقل المواطنين السوريين من المناطق المحتلة في شمال شرق سوريا واحتجازهم ومحاكمتهم في تركيا والسماح فورا لجميع المحتجزين لديها بالاتصال بعائلاتهم، سواء في تركيا أو في أي مكان آخر.

المسؤولية

ارتكبت جميع أطراف النزاع في سوريا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وارتكبت السلطات السورية وأعضاء أجهزتها الأمنية وقواتها المسلحة وميليشياتها أغلب تلك الفظائع. كانت العدالة تجاه الانتهاكات محدودة رغم التوثيق الشديد للأدلة على هذه الجرائم.

يحقق مدعو بعض الدول الأوروبية في الجرائم الخطيرة المرتكبة في سوريا ويلاحقونها قضائيا بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية. في أبريل/نيسان 2020، بدأت محاكمة مفصلية في ألمانيا ضد مسؤولَين سابقَين في المخابرات السورية بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، وأدين أحدهما في فبراير/شباط. ما زالت المحاكمة مستمرة للمشتبه به الثاني. تشكل قضايا الولاية القضائية العالمية وسيلة مهمة للتعاطي مع الانتهاكات في سوريا، وعلى دول أخرى تحديث القوانين التي تصعّب النهوض بالعدالة عن طريق الولاية القضائية العالمية، وتعزيزها، ومراجعتها لزيادة قدرتها على محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وسوقهم أمام العدالة. يشمل ذلك زيادة التمويل لوحدات الادعاء العام المخصصة لجرائم الحرب.

في سبتمبر/أيلول، أعلنت هولندا أنها أبلغت سوريا عزمها تحميل الحكومة المسؤولية عن التعذيب بموجب "اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" في خطوة مهمة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى إجراءات ضد الدولة السورية أمام محكمة العدل الدولية. اتخذت كندا الخطوة نفسها في مارس/آذار. ينبغي فعل المزيد للبناء على هذه التدابير المهمة لضمان مساءلة سوريا بشكل كامل عن الفظائع المروعة المرتكبة خلال النزاع.

يجب أن يلتزم المشاركون في المؤتمر أيضا بالتعاون مع "الآلية الدولية المحايدة والمستقلة" ودعمها. فوّضت الجمعية العامة للأمم المتحدة الآلية الدولية للحفاظ على الأدلة المحتملة وتحليلها لاستخدامها في المحاكم من أجل الجرائم التي تحدث الآن أو مستقبلا.

ينبغي للأطراف المشاركة أيضا توسيع قوائمها الخاصة بالخاضعين لعقوبات تستهدف منتهكي حقوق الإنسان، بمن فيهم المسؤولون المدنيون والقادة العسكريون المتورطون بشكل موثوق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك مسؤولية القيادة. عليها أيضا ضمان توفير استثناءات إنسانية فعالة وعملية للتخفيف من الآثار غير المباشرة للعقوبات الدولية على سوريا.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة