اعتقل الجنود الإسرائيليون أحمد (16 عاما)، في مدينة الخليل بالضفة الغربية العام الماضي. قال إن الجنود عصبوا عينيه وقيدوه بالأصفاد واقتادوه إلى مركز شرطة في مستوطنة، حيث جلس خارجا على الأرض 5 ساعات تقريبا. حوالي الساعة 12:30 ليلا، استجوب واتهم بحيازة سكين. نفى أحمد ذلك، ورفض المحققون طلبه بحضور والده. اُقتيد إلى مجمع عسكري، وتجمع فوقه 6 أو 7 جنود يركلونه ويضربونه. أُجبر على قضاء الليل في الساحة الخارجية وكان الطقس باردا، وأعطوه فقط ماء وشريحة جبن. بعد احتجازه 6 أيام أخرى، أُطلق سراحه دون توجيه تهم.
ما واجهه أحمد هو ما يواجه أطفال فلسطينيون كُثر في الضفة الغربية ممن يعيشون تحت الاحتلال العسكري القمعي الإسرائيلي. يخضع مئات الأطفال كل عام لنظام قضاء الأحداث المتّسم بالعنف والتمييز.
في الضفة الغربية، يطبق الجيش الإسرائيلي قواعد صارمة على الأطفال الفلسطينيين ويحاكمهم في محاكم عسكرية مع معدلات إدانة تقرب من 100%. لكن الأطفال المستوطنون الذين يعيشون في نفس المنطقة يخضعون للقوانين والمحاكم المدنية الإسرائيلية.
تمثل الأموال الأمريكية 18.5% من ميزانية الدفاع السنوية لإسرائيل، لذا تملك الولايات المتحدة النفوذ لتغيير هذه الممارسات إن رغبَت. لا بد من الإقرار هنا بأن المساعدات العسكرية الأمريكية – بإجمالي 127.4 مليار دولار على مدى العقود الماضية – ساعدت على ممارسات إسرائيلية غير مشروعة.
إذا اشتبه الجنود الإسرائيليون بقيام طفل فلسطيني برمي حجر على سيارة مستوطن، فقد يقومون، وفقا للقواعد التي يطبقونها، بمهاجمة منزله في منتصف الليل، سحبه من السرير، وإبقائه مستيقظا لساعات للاستجواب من دون السماح له بالاتصال بوالديه وإخبارهم بمكانه. كثيرا ما يضغط المحققون على الطفل لتوقيع محضر استجوابه المكتوب بالعبرية التي لا يفهمها معظم الأطفال الفلسطينيين. تسمح القوانين لموظفي الأمن باحتجازه مدة تصل إلى 4 أيام من دون عرضه أمام قاضٍ.
لكن إذا ألقى طفل إسرائيلي يعيش في مستوطنة في الضفة الغربية حجرا على سيارة فلسطينية، فإنه يتمتع بحماية قانونية من استجواب الشرطة الإسرائيلية ليلا، وله الحق في حضور أحد والديه خلال الاستجواب. على الشرطة إبلاغ مكتب الدفاع العام الإسرائيلي بالقبض عليه ولا يمكن استجوابه قبل استلام رد المكتب، عكس حالة الطفل الفلسطيني. يمكن للسلطات الإسرائيلية احتجازه 24 ساعة كحد أقصى قبل عرضه أمام قاضٍ.
يُنفّذ هذا النظام التمييزي بعنف. يقول معظم الأطفال الفلسطينيين الذين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية إنهم يتعرضون لسوء معاملة، وفقا لمنظمة "شاهد"، وهي مجموعة حقوقية. غالبا ما يكون الأطفال معصوبي العينين ومقيدي اليدين بشكل مؤلم ويتعرضون للاعتداء البدني والتهديد والتفتيش والحرمان من النوم. وصف لي أطفال، لم يبلغوا سن 11 بعد، كيف قامت الشرطة أو الجنود الإسرائيليين باستعمال وضعية الخنق، ركلهم، تهديدهم، وتركهم خارجا لساعات في الطقس البارد. قال الأطفال إنهم تبولوا على أنفسهم بسبب الخوف خلال اعتقالهم، وعانوا من كوابيس عن احتجازهم لاحقا.
قامت "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال" في فلسطين، وهي منظمة حقوقية، بإجراء مقابلات مع 429 طفلا احتجزوا بين عامي 2012 و2015، ووجدت أن ثلاثة أرباعهم تعرضوا للعنف البدني. خلصت جماعتان حقوقيتان إسرائيليتان هما "بتسيلم" و"هموكيد" مؤخرا، إلى أنه حتى في القدس الشرقية، حيث تطبق القوانين الإسرائيلية وليس القوانين العسكرية، فإن سوء المعاملة هو "الأسلوب الأساسي للسلوك الذي اعتمدته دولة إسرائيل للتعامل مع الأولاد المشتبه في إلقائهم لحجارة". أخضعت الشرطة صبيا لاستجواب مدة 12 ساعة قالوا له فيه إنهم لن يعطوه طعاما أو ماء، ولن يسمحوا له بالذهاب إلى الحمام ما لم يعترف، وفقا لما ذكرته جماعات حقوقية.
من غير المحتمل أن تنتهي هذه الانتهاكات الخطيرة التي كشف عنها تقرير أعدته اليونيسف في عام 2013. قال التقرير إنها "واسعة النطاق ومنهجية ومؤسسية". نفذت إسرائيل على مضد بعض الإصلاحات، كتطبيق برنامج "تجريبي" في عام 2014 يُصدر استدعاءات بدلا من الاعتقالات الليلية المرعبة. لكن إسرائيل قَصَرت البرنامج على منطقتين في الضفة الغربية وعلّقت تنفيذه مرارا، بسبب "التصعيد الأمني" كما قالت. سُلّمت معظم الاستدعاءات للأطفال أثناء مداهمات ليلية شنتها قوات الأمن، مما تسبب في نفس الخوف الذي كان من المفترض أن يتجنبه البرنامج.
سيطلب مشروع قانون اقترحته أمس ممثلة ولاية مينيسوتا، بيتي ماكولوم، قيام وزير الخارجية بالشهادة بأن الأموال الأميركية لا تدعم قوات الأمن الإسرائيلية التي تؤذي الأطفال الفلسطينيين. لم يرَ أي تشريع يمكن أن يمس المساعدات لإسرائيل النور، لكن مشروع قانون ماكولوم هو على الأقل فرصة للولايات المتحدة للبدء بالنظر بجدية لإسهامها في انتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها إسرائيل طوال فترة احتلالها للأراضي الفلسطينية الممتدة 50 عاما، والضغط من أجل إنهاء هذه الانتهاكات.