Skip to main content

مصر- الرئيس الجديد يواجه أزمة على صعيد حقوق الإنسان

ولا ينبغي عليه تجاهل أسوأ وضع حقوقي تشهده البلاد منذ عقود

(بيروت) – قالت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش اليوم إن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تسلم مهام منصبه وسط أزمة في حقوق الإنسان بلغت مبلغا جعلها الأسوأ في تاريخ مصر الحديث.  وينبغي على الرئيس الجديد أن يجعل من التصدي لسجل مصر الرديء في حقوق الإنسان إحدى أهم أولوياته.

في الفترة التي تلت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013، دأبت قوات الأمن المصرية على استخدام القوة المفرطة في مناسبات عديدة، ما أدى إلى أسوأ وقائع  القتل الجماعي غير المشروع في تاريخ مصر الحديث. وأصدرت السلطات القضائية أحكاما جماعية غير مسبوقة بالإعدام، ونفذت قوات الأمن عمليات اعتقال جماعية وتعذيب بما يعيد إلى الذاكرة أحلك أيام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.

قالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: "بدلا من أن تُعنى السلطات المصرية بالحاجة الملحة للإصلاح، فإنها انهمكت طوال العام الماضي في أعمال قمع بمستويات غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث. والآن وقد تسلم الرئيس السيسي مقاليد السلطة رسميا، عليه أن يضع حدا لتفشي الانتهاكات".

وبالإضافة إلى العنف والاعتقالات الجماعية، فرضت السلطات قيودا مشددة على حريات تشكيل الجمعيات والتعبير عن الرأي والتجمع بشكل قوّض من المكاسب التي تحققت عقب انتفاضة 25 يناير/كانون الثاني 2011. وعلاوة على ذلك، فلقد وقعت انتهاكات لحقوق اللاجئين، وارتُكبت أعمال تمييز ضد المرأة مع تفشي الإفلات من العقاب على مختلف الأصعدة في ضوء ما يُرتكب من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

وينبغي على الرئيس الجديد أن يأمر بإخلاء سبيل كل من الذين احتُجزوا حصرا على ذمة ممارسة الحقوق المتعلقة بحرية التعبير عن الرأي وتشكيل الجمعيات والتجمع السلمي، وأن يعمل على تعديل أو إلغاء قانون التجمعات العامة لعام 2013 الذي يفرض قيودا شديدة، والإيعاز لقوات الأمن بوقف استخدام الأسلحة النارية بحق المتظاهرين ما لم يكن ذلك من باب الضرورة القصوى لحماية عناصر الأمن من خطر محدق ينذر بمقتلهم أو تعرضهم لإصابات خطيرة.  وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي على إدارة الرئيس السيسي أن تكفل إجراء تحقيقات تمتع بالمصداقية فيما يتعلق بقيام الشرطة والجيش بقتل ما يربو على 1400 متظاهر بشكل غير مشروع خلال الاثني عشر شهرا الماضية، والنظر في تزايد أعداد البلاغات التي تتحدث عن ارتكاب التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة بحق المحتجزين.

قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي على حلفاء مصر الضغط عليها بحيث تدرك أن العالم لن يرضى بالتلكؤ أو الاكتفاء بمجرد إدخال تغييرات تجميلية. وإذا لم تقم مصر بإجراء تحقيقات ذات مصداقية في عمليات القتل غير المشروع والتعذيب، فينبغي حينها اللجوء لاستخدام آليات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من أجل إجراء تحقيق دولي".
 

 أزمة حقوق الإنسان في مصر (يوليو/ تموز 2013 – يونيو/ حزيران 2014)

أعمال القتل الجماعي المرتكبة بحق المحتجين

منذ 3 يوليو/تموز 2013، تكرر لجوء قوات الأمن إلى استخدام القوة المفرطة والتعسفية من أجل فض الاعتصامات.  وقُتل جراء ذلك ما لا يقل عن 1400 محتج في سياق الاحتجاجات وأعمال العنف السياسي، ويُرجح أن يفوق عدد القتلى هذا العدد بالعشرات.  ووقعت أكثر تلك الحوادث خطورة بتاريخ 14 أغسطس/آب عندما لجأت قوات الأمن إلى العنف من أجل فض اعتصامي أنصار مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة.  ولقد أوقعت اعتداءات ذلك اليوم وحده أكثر من 1000 قتيل بين المحتجين وفق ما صرح به رئيس الوزارء حينها حازم الببلاوي. وكانت تلك أسوأ واقعة قتل جماعي غير مشروع يشهدها تاريخ مصر الحديث.  

وسبقت أعمال القتل التي وقعت في 14 أغسطس/آب وتلتها حوادث أخرى ثبت لمنظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أنها انطوت على استخدام القوة المفرطة والأسلحة النارية، ما أدى إلى وقوع أعمال قتل جماعي للمحتجين على النحو الآتي:

 

·       قتلت قوات الجيش المصري ما لا يقل عن 61 شخصا أمام مقر الحرس الجمهورس في شرقي القاهرة بتاريخ 8 يوليو/ تموز؛

·       فضت قوات الشرطة مسيرة بالقرب من نصب المنصة التذكاري في شرقي القاهرة بتاريخ 27 يوليو/تموز، ما أوقع 82 قتيلا على الأقل؛  

·       قتلت الشرطة ما لا يقل عن 121 متظاهرا أثناء فضها لاحتجاجات في محيط ميدان رمسيس بتاريخ 16 أغسطس/ آب؛

·       قتلت الشرطة أكثر من 57 متظاهرا أثناء فض مسيرات مؤيدة لمرسي في مختلف أنحاء مصر بتاريخ 6 أكتوبر/ تشرين الأول؛

·       وبمناسبة الذكرى الثالثة لانتفاضة يناير/كانون الثاني 2011، قامت الشرطة في 25 يناير/كانون الثاني 2014 بقتل ما لا يقل عن 64 متظاهرا أثناء فض احتجاجات في مختلف أنحاء البلاد.

 

وتقر منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش بتدهور الأوضاع الأمنية في مصر لا سيما مع قيام جماعات مسلحة بمهاجمة عناصر قوات الأمن ومبانيها ونقاط التفتيش والمركبات التابعة لها، وهي هجمات قالت السلطات إنها أوقعت مئات القتلى في صفوف تلك القوات.  كما استهدفت بعض تلك الهجمات السياح وطالت المدنين العاديين جراء طبيعتها العشوائية.

تتحمل السلطات المصرية مسؤولية حماية الحق في الحياة بالنسبة لجميع المتواجدين على الأراضي المصرية، بالإضافة إلى ملاحقة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم، ولكن ينبغي على السلطات القيام بتلك المسؤوليات ضمن إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وتبرز هنا تحديدا، مبادئ الأمم المتحدة الأساسية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية من قبل موظفي إنفاذ القانون، والتي تنص على ضرورة أن يقتصر استخدام أولئك الموظفين لأي شكل من أشكال القوة على الأوضاع التي يُعتبر استخدام القوة فيها من باب الضرورة القصوى وبما يتناسب مع الهدف المشروع الذي استُخدمت من أجله.  ولا يجوز استخدام الأسلحة النارية إلا كملاذ أخير – أي عندما يكون ذلك ضروريا لا محالة دفاعا عن النفس أو عن الآخرين في وجه خطر وشيك من شأنه أن يهدد حياة الأشخاص أو يلحق إصابات خطيرة بهم.  ولا يُسمح باستخدام الأسلحة النارية بهدف القتل إلا في حالة عدم تفادي ذلك البتة من أجل حماية حياة العناصر أو الأشخاص. 

الاعتقالات الجماعية

اتصفت حملة الاعتقالات والاحتجاز التي بدأت منذ 3 يوليو/ تموز بكونها مكثفة، حالها في ذلك حال فترات أخرى من تاريخ مصر الحديث.  وأمضى معظم المعتقلين أشهرا في الحجز دون توجيه تهم إليهم أو إحالتهم للمحاكمة. وتعرض البعض الآخر منهم لطائفة من التهم الجاهزة والمتشابهة، وحُرموا من حقهم في مراعاة الإجراءات القانونية السليمة.  وفي مارس/آذار، قال مسؤلون حكوميون لم يُكشف النقاب عن أسمائهم لوكالة أنباء "أسوشييتد برس" إن قوات الأمن قد احتجزت ما لا يقل عن 16000 شخص منذ يوليو/تموز الماضي.  وقالت مبادرة "ويكي- ثورة" التي أطلقها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن ما يربو على 41000 شخص قد تعرضوا للاعتقال أو الاتهام بارتكاب جنايات منذ عزل مرسي. 

كانت جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة المعارضة الرئيسية في مصر، إضافة إلى غيرها من أنصار مرسي، الهدف الرئيسي لمصيدة الاعتقالات والاتهامات. وقد اعتقلت الشرطة معظم قيادات الصف الأول والكثير من قيادات الصف الثاني في الجماعة بالإضافة إلى آلاف من أعضاءها العاديين والأفراد الذين يُشتبه بتعاطفهم معها.  واتسع نطاق حملة القمع ليطال النشطاء العلمانيين والصحفيين وغيرهم من المعارضين.  ويواجه الذين يتم احتجازهم تهما تتضمن الاحتجاج دون ترخيص مسبق والتحريض على العنف أو المشاركة فيه والبلطجة والتخريب وعرقلة حركة السير والانتماء لجماعة محظورة أو إرهابية.

وإبان حكم مبارك، توصلت منظمات حقوق الإنسان المصرية إلى وجود زهاء 18000 معارض ومناوئ للحكومة قيد الاعتقال الإداري في عام 2006 – وهي فترة توقيف مطولة دون تهمة بموجب قانون الطوارئ.

الانتهاكات المتعلقة بإجراءات التقاضي السليمة وأحكام الإعدام الجماعية

منذ 3 يوليو/تموز 2013، شابت الإجراءات القضائية الكثير من أوجه العوار الإجرائية الخطيرة أدت بشكل منتظم إلى حرمان المحتجزين من حقوقهم الأساسية المتعلقة بمراعاة الإجراءات القانونية السليمة.  وعلى الرغم من إنهاء حالة الطوارئ في نوفمبر/تشرين الثاني عقب فرضها في يوليو/تموز، قام وكلاء النيابة في عشرات الحالات التي حرصت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش على مراجعتها وتدقيقها، قاموا بتجديد أوامر الحبس الاحتياطي بناء على أدلة واهية لا توجب الملاحقة الجنائية؛ الأمر الذي جعل من العديد من الموقوفين ضحايا للحجز التعسفي طوال أشهر دون إسناد التهم إليهم بشكل رسمي.

وكانت العديد من المحاكمات التي قامت هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية بتوثيقها جائرة إلى حد بعيد وشكلت انتهاكا للقوانين المصرية والمعايير الدولية.  فلقد أخفقت تلك المحاكمات، لا سيما المحاكمات الجماعية لمئات الأشخاص على ذمة قضية واحدة، في إثبات المسؤولية الجنائية الفردية لكل واحد من المتهمين، إلا أن ذلك لم يمنع المحكمة من إصدار أحكام بالسجن لمدد طويلة وحتى الإعدام في بعض الحالات – وهي العقوبة التي تعارض المنظمتان فرضها في جميع الظروف والأحوال.

وعلى ذمة العديد من تلك القضايا، اعتمدت النيابة العامة بشكل حصري تقريبا على الشهود من عناصر الشرطة دون إبراز أية أدلة مادية أخرى أو شهود مستقلين آخرين.  وقال محامو الدفاع إنهم قد واجهوا مصاعب في الاطلاع على التفاصيل المتعلقة بأدلة الإثبات التي ساقتها النيابة ضد موكليهم، ولم يتمكنوا من إلقاء نظرة على ملفات القضايا في المحاكم أو الحصول على نسخ منها، الأمر الذي قوّض من قدرتهم على إعداد دفاع  فعال.

فلقد أوصت إحدى محاكم جنايات المنيا على سبيل المثال بإعدام أكثر من 1200 شخص في أحكام مبدئية صدرت على ذمة قضيتين منفصلتين في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2014.  ولم تسمح المحكمة للمتهمين بممارسة الحق في إعداد دفاع جدي أو حتى مجرد التحقق مما إذا كانوا قد حصلوا على المشورة القانونية أم لا.  وحاكمت المحكمة معظم المتهمين غيابيا في إجراءات تبعد كل البعد عن الحرص على إثبات البراءة أو الإدانة على صعيد الأفراد.  وكانت تلك أكبر أحكام جماعية بالإعدام سبق لمنظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أن قامتا بوثيقها في مصر.  وعلى ذمة القضية الجماعية الأولى، وبعد تلقي رأي فضيلة المفتي، أصدرت المحكمة حكما بإعدام 37 شخصا وحكمت على الآخرين بالسجن المؤبد في حكم قطعي ما انفك يثير الكثير من بواعث القلق على صعيد عدم اهتمام المحكمة بإقامة أو إثبات المسؤولية الجنائية الفردية على ذمة الجرائم المزعومة.  ومن المفترض أن يصدر الحكم النهائي في القضية الثانية عقب استلام رأي فضيلة المفتي في 21 يونيو/ حزيران الجاري.

ومنذ 3 يوليو/تموز، لم يتوقف الادعاء العسكري عن محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.  وتبيح بعض أحكام دستور مصر الجديد محاكمة المدنيين عسكريا في عدد من الأحوال، وهو أمر يشكل انتهاكا للقانون الدولي.

وخارج إطار الإجراءات القضائية الرسمية، قامت السلطات المصرية بإخفاء عشرات المواطنين قسرا منذ يوليو/ تموز 2013.  كما احتجزت قوات الأمن مرسي برفقة تسعة من مساعديه سرا طوال أشهر.  وتوجد بحوزة محامين ونشطاء مصريين قائمة تضم أسماء 30 شخصا ممن تعرضوا للاختفاء القسري لمدد وصلت إلى 76 يوما.  ويُعتقد أن هؤلاء محتجزون في سجن العزولي الكائن داخل معسكر الجلاء في الإسماعيلية، إحدى مدن قناة السويس.  وقال محتجزون أُفرج عنهم إنهم يعتقدون بوجود مئات الأشخاص محتجزين داخل ذلك السجن على الأرجح.

التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة

 تعود الأعداد المتزايدة من البلاغات المتعلقة بالتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة بالذاكرة إلى أحلك فترات حكم حسني مبارك بما كانت تحفل به من انتهاكات.  ولقد وصف محتجزون لمنظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش تعرضهم للضرب المبرح على أيدي عناصر قوات الأمن لحظة اعتقالهم ووصولهم إلى أقسام الشرطة وأثناء ترحيلهم بين السجون، وذلك كجزء من إجراء متبع عرفا يُشار إليه باسم "حفلة الاستقبال".  وأما العشرات من المحتجين الذين احتُجزوا بمناسبة الذكرى الثالثة لانتفاضة 25 يناير، فلقد اشتكوا من تعرضهم للتعذيب، لا سيما الصعق بالكهرباء في سبيل انتزاع الاعترافات منهم. وأما الذين سبق لهم وأن تعرضوا للاختفاء القسري في سجن العزولي العسكري، فقالوا إنهم تعرضوا للتعذيب، بما في ذلك الصعق بالكهرباء والتعليق من الأبواب.

التراجع الحاد في هامش حريات تشكيل الجمعيات والتعبير عن الرأي والتجمع

بينما يتضمن الدستور الجديد صياغة لغوية توحي بأنها تكفل حقوق الإنسان، دأبت السلطات خلال العام الماضي على دوام انتهاك تلك الحقوق، وخصوصا الحقوق المتعلقة بحرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي وتشكيل الجمعيات.  واعتُقل آلاف المحتجزين لا لشيء سوى لممارستهم السلمية لتلك الحقوق.

حرية التعبير
في 3 يوليو/ تموز 2013، داهمت الحكومة التي يدعهما الجيش مقار ست محطات فضائية وأوقفت بثها بزعم ارتباطها بجماعة الإخوان أو تعاطفها معها.  وبحسب ما أفادت به لجنة حماية الصحفيين، تحتجز مصر في الوقت الراهن 16 صحفيا، مما يجعل مصر في مصاف أسوأ البلدان على صعيد حبس الصحفيين.

كما استهدفت مصر قناة الجزيرة القطرية على وجه التحديد، وأغلقت مكاتبها في مصر وألقت القبض على عدد من مراسليها.  ولا تزال السلطات المصرية تحتجز مراسل الجزيرة، عبد الله الشامي، دون تهمة منذ 14 أغسطس/آب 2013.  وفي ديسمبر/كانون الأول، ألقت السلطات القبض على ثلاثة من موظفي قناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية، وهم محمد فهمي وبيتر غريستي وباهر محمد، وتقوم بمحاكمتهم برفقة 17 صحفيا آخرين وطلبة يدرسون تخصص الإعلام ونشطاء معارضين بتهمة "إذاعة أخبار كاذبة" ومساعدة أعضاء جماعة الإحوان المسلمين.

وقامت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية بشكل منفصل بتوثيق عشرات الحالات التي شهدت احتجاز أشخاص لمجرد تعبيرهم عما لديهم من آراء معارضة بشكل سلمي من قبيل حيازة منشورات أو بالونات تحمل شعارات مناوئة للجيش واستخدام شعارات تخلد ذكرى ضحايا فض اعتصام أنصار الإخوان في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أصدرت الحكومة أمرا بمنع سفر الأكاديمي والعضو السابق في مجلس الشعب، عمرو حمزاوي.  وأسندت النيابة له تهمة "إهانة القضاء" بناء على تغريدة قال فيها إن أحد الأحكام الصادرة عن المحكمة كان مسيسا.  وفي الشهر ذاته، أسندت السلطات لأكاديمي بارز آخر يُدعى عماد شاهين تهمة التآمر مع منظمات أجنبية بغرض الإضرار بالأمن القومي.  وعُرف عن الرجلين انتقادهما لسياسات الرئيس مرسي وللقمع العنيف الذي أعقب الإطاحة به.

وفي يناير/كانون الثاني أيضا، ألقت السلطات القبض على بعض النشطاء الذين تحدوا مسودة الدستورعلنا ونادوا بالتصويت بـ"لا" في الاستفتاء عليه.

حرية التجمع
في نوفمبر/تشرين الثاني، أصدرت الحكومة قانونا جديدا فرض قيودا شديدة على المظاهرات السلمية من خلال منح وزارة الداخلية مطلق الحرية في حظر أي احتجاج وفض المظاهرات بالقوة واعتقال المشاركين فيها على أسس غامضة من قبيل "تعطيل مصالح المواطنين".  كما تعرض نشطاء بارزون مثل علاء عبد الفتاح، وأحمد ماهر، وهو أحد مؤسسي حركة شباب 6 أبريل، والمدون أحمد دومة، والقيادي بحركة 6 أبريل محمد عادل، ومحامية حقوق الإنسان ماهينور المصري للحبس بزعم مخالفتهم أحكام قانون التجمعات العامة الجديد برفقة عشرات النشطاء ومنتقدي الحكومة الآخرين.

وفي ديسمبر/كانون الأول، حُكم على كل من أحمد ماهر وأحمد دومة ومحمد عادل بالسجن ثلاث سنوات، فيما حُكم على ماهينور المصري بالسجن سنتين في مايو/أيار، بينما لا تزال محاكمة علاء عبد الفتاح جارية بعد أن أُخلي سبيله بكفالة.  ولجأت قوات الأمن إلى استخدام القانون المذكور من أجل فض احتجاجات بالقوة نظمها أنصار جماعة الإخوان المسلمين وغير ذلك من الاحتجاجات التي نظمها نشطاء سياسيون وحقوقيون، وأقدمت على اعتقال عشرات المحتجين.   

حرية تشكيل الجمعيات
في سبتمبر/أيلول، حظرت إحدى محاكم القاهرة نشاط جماعة الإخوان المسلمين وأمرت بمصادرة أصولها.  وفي ديسمبر/كانون الأول، أعلنت الحكومة الجماعة منظمةً إرهابية. ووضعت يدها على 1075 جمعية والعشرات من المدراس المرتبطة بالجماعة.  ولم تبرز الحكومة حتى الساعة دليلا يربط الجماعة بأنشطة إرهابية أو ببعض الهجمات تحديدا.

وفي 28 أبريل/نيسان، حظرت محكمة الأمور المستعجلة نشاط حركة شباب 6 أبريل التي سبق لها قيادة الاحتجاجات الشعبية إبان انتفاضة عام 2011، وأوعزت المحكمة للسلطات بإغلاق مقار الحركة.  إذ قضت المحكمة بأن الحركة "تتعاون مع دول أجنبية، لا سيما الولايات المتحدة، من أجل وقف المساعدات الأمريكية، بالإضافة إلى امتلاكها الأسلحة والاحتجاج ونشر الفوضى في البلاد" متهمة إياها "بتشويه صورة مصر".

وفي غضون ستة أشهر، داهمت السلطات مرتين مكاتب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي يُعد إحدى المنظمات البارزة التي تُعنى بحقوق الإنسان.  ففي 19 ديسمبر/كانون الأول، داهمت قوات الأمن مكتب المركز في القاهرة بعد منتصف الليل بقليل واحتجزت اثنين من موظفيه وأربعة من المتطوعين وأساءت معاملتهم قبيل إخلاء سبيل خمسة منهم في صباح اليوم التالي.  وأما الشخص السادس ويُدعى محمد عادل، فلقد حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بزعم انتهاكه لأحكام قانون التجمعات العامة.  وفي 22 مايو/أيار، داهمت الشرطة مكتب المركز في الإسكندرية واعتقلت لفترة وجيزة ما لا يقل عن 15 ناشطا ومحاميا وأساءت معاملتهم.

العنف والتمييز الموجهان ضد المرأة
تعرضت المشاركات في المظاهرات في محيط منطقة ميدان التحرير لموجة من العنف الجنسي مع وقوع أكثر من 100 اعتداء خلال الأسبوع الذي تلا أحداث 30 يونيو/حزيران 2013 وحده. وبينما تجمع متظاهرون في ميدان التحرير للاحتفال بتنصيب عبد الفتاح السيسي في 8 يونيو/حزيران، ظهرت تقارير عن أعمال تحرش واعتداء جنسي جماعية في المنطقة، وصرحت وزارة الداخلية أنها اعتقلت سبعة أشخاص على صلة بالاعتداءات. أصدر الرئيس المؤقت المنتهية ولايته، عدلي منصور، قانونا جديدا في 5 يونيو/حزيران 2014 للتصدي لمسألة التحرش الجنسي، ولكن السلطات لم تبذل الكثير من الجهد لوقف أو التحقيق في العنف الموجه ضد المرأة أو جلب المسؤولين عنه للمثول أمام العدالة.

ولا زال تمثيل المرأة ناقصا في الحياة العامة، لا سيما في المناصب الحكومية الرفيعة والقضاء.  ووفق ما جاء في آخر المسوحات الرسمية، تواجه المرأة مستويات متفشية من العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك انتشار التحرش الجنسي على نطاق واسع في الأماكن العامة وارتفاع مستويات العنف الأُسري مع ما يصاحب ذلك من تقاعس السلطات عن القيام بتحرك ملموس للإقرار بوجود المشكلة أو مكافحتها.  وتُظهر الإحصاءات الرسمية أن النساء يواجهن أيضا تمييزا في أماكن العمل على صعيد الأجور والمناصب بالإضافة إلى ارتفاع مستويات البطالة والأمية بينهن.

تكثيف حملات القمع التي تستهدف اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين

انتهكت السلطات المصرية حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين من سوريا، سواء كانوا مواطنين سوريين أم فلسطينيين يقيمون فيها.  وعقب الإطاحة بمرسي، فرض مسؤولو الأمن شروطا جديدة لاستصدار تأشيرة دخول السوريين واشترطوا حصولهم على تصريح أمني.  ومنذ ذلك التاريخ، رفض مسؤولو أمن المطار السماح لما لا يقل عن 476 سوريا بدخول البلاد وقاموا بإعادتهم إلى سوريا في ما يشكل انتهاكا للمبدأ الدولي القاضي بعدم الرد وعدم إعادة أي شخص إلى مكان تتعرض فيه حياته أو حريته للتهديد أو يصبح فيه عرضة للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة.

وفي يوليو/تموز، ألقت قوات الشرطة والجيش القبض على 72 سوري و9 صبية عند نقاط التفتيش المقامة في شوارع القاهرة الرئيسية ضمن حملة تمشيط أعقبت حملة إعلامية اتُهم السوريون فيها بتأييد جماعة الإخوان المسلمين.  وخلال الفترة من أغسطس/آب إلى ديسمبر/كانون الأول، أقدمت مصر على احتجاز ما يربو على 1500 لاجئ سوري تعسفا على الرغم من صدور أمر من النيابة بإخلاء سبيلهم، وشمل العدد حوالي 250 طفلا بعد أن حاولوا جميعا الهجرة بشكل غير شرعي إلى أوروبا.  وأجبرت السلطات زهاء 1200 منهم على مغادرة مصر، آثر بعضهم العودة إلى سورية تحت تهديد البقاء قيد الحجز في مصر إلى أجل غير مسمى.  وفي ديسمبر/كانون الأول، أخلت السلطات سبيل معظم أفراد مجموعة قوامها 200 لاجيء ظلوا في عهدتها.  وأبلغت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن مصر قد أقدمت اعتبارا من 3 يونيو/حزيران على احتجاز 519 لاجئا آخرين قادمين من سوريا فيما كانت تحتجز 102 منهم في أقسام شرطة موزعة على مدن وبلدات تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

تفشي الإفلات من العقاب على ما يُرتكب من انتهاكات حقوق الإنسان
لم تتم محاسبة ولو شرطي أو جندي واحد على تكرار استخدامهم للقوة المفرطة وغيرها من الإساءات الجسيمة المرتكبة منذ يوليو/تموز 2013. وما انفكت السلطات تنكر ارتكاب أية مخالفات، وترفض مع ذلك الإفصاح علنا عن أية معلومات من شانها أن تنطوي على إظهار مخالفات وانتهاكات محتملة.

شكل الرئيس المنتهية ولايته عدلي منصور لجنة رئاسية لتقصي الحقائق في ديسمبر/كانون الأول 2013 بهدف "جمع المعلومات والأدلة المتعلقة بالأحداث التي رافقت ثورة 30 يونيو/حزيران 2013 وتداعياتها".  وقامت اللجنة بأعمالها دون مراعاة للشفافية فيما افتقر التفويض الممنوح لها لسلطة طلب استدعاء الشهود أو إبراز الأدلة رسميا أو إقامة المسؤولية الجنائية أو نشر نتائج التحقيق علنا.  وقام الرئيس منصور مؤخرا بتمديد فترة تفويض اللجنة من يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول من أجل إعداد تقريرها النهائي.

وفي مارس/آذار، طلب الرئيس منصور من وزارة العدل أن تفتح تحقيقا قضائيا في فض اعتصامي رابعة والنهضة؛ إلا أن الوزارة أعلنت بالمقابل عن نيتها عدم تعيين قاض على رأس التحقيق كون سلطة إجراء التحقيقات تختص بالنيابة العامة والتي صرحت بدورها أنها فتحت تحقيقا لا يزال جاريا.  ولمّا تبرز النيابة أدلتها بعد بحق عناصر قوات الأمن الضالعين في تلك الأحداث.  وبعد مضي أكثر من عام، لم تتم إحالة أي ضابط للمحاكمة بتهم تتعلق بالاستخدام غير المشروع للأسلحة النارية بحق المحتجين.

وفي 8 مارس/آذار 2014، أصدرت المحكمة حكما بسجن نقيب شرطة 10 سنوات فيما أصدرت أحكاما بالسجن سنة مع وقف التنفيذ بحق ثلاثة من ضباط الصف عقابا لهم على تسببهم في اختناق 37 محتجا في إحدى عربات الشرطة أمام سجن أبو زعبل.  إلا أن محكمة الاستئناف نقضت الحكم بإدانتهم لاحقا في 7 يونيو/حزيران 2014.

التوصيات
تحث منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش الرئيس السيسي على التصدي للشواغل المتعلقة بالانتهاكات الخطيرة على صعيد حقوق الإنسان من خلال القيام بالخطوات التالية:

 

·       الحرص على إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ومحايدة في استخدام قوات الأمن للقوة بشكل غير مشروع، لا سيما الضباط المسؤولين في أعلى سلسلة هرم القيادة، وذلك على صعيد أحداث القتل الجماعي التي وقعت منذ 30 يونيو/حزيران 2013 من قبيل فض اعتصامي رابعة والنهضة في أغسطس/آب 2013 والذي أوقع أكثر من 1000 قتيل؛

  • الإيعاز إلى قوات الأمن بوقف الاستخدام غير المشروع والمفرط للقوة والتصرف في جميع الأوقات، لا سيما إبان حفظ النظام والأمن في المظاهرات المستقبلية، وفقا  لمبادئ الأمم المتحدة الأساسية  بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية، واقتصار استخدامها للأسلحة النارية على الحالات التي تكون كملاذ أخير من باب الضرورة القصوى لحماية أرواح العناصر أو غيرهم من الأشخاص في وجه خطر وشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة؛

·       القيام فورا ودون شروط بإخلاء سبيل جميع المحتجزين على ذمة ممارستهم لحق في حرية التعبير عن الرأي أو تشكيل الجمعيات أو التجمع السلمي، بما في ذلك طواقم وسائل الإعلام المحلية والدولية المحتجزين في سياق أداء مهامهم الرسمية كصحفيين وكذلك جميع الذين احتُجزوا لا لشيء سوى لانتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين؛

·       الطلب إلى وزارة العدل بإجراء مراجعة تكفل حصول المحتجزين على كامل حقوقهم على صعيد مراعاة الأجراءات القانونية السليمة، بما في ذلك إقامة وإثبات المسؤولية الجنائية الفردية، والتواصل مع محامي الدفاع وأن يحظوا بزيارات عائلية بشكل منتظم ومنحهم فرصة مراجعة الأدلة والإعداد لدفوع جيدة؛

·       الشروع في إجراءات تحقيق شاملة ومستقلة ومحايدة مع جميع مسؤولي الأمن المشتبه بمسؤوليتهم عن تعذيب المحتجزين وإساءة معاملتهم؛

·       إعداد سجل عام يحوي أسماء جميع الذين احتُجزوا منذ يوليو/ تموز مع توضيح أماكن احتجازهم التهم المسندة إليهم؛ ;

·       إلغاء القانون رقم 107 لعام 2013 أو تعديله كونه يفرض قيودا على حرية التجمع، وذلك من أجل ضمان  تماشيه مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير المتعلقة بحرية التجمع، بما في ذلك القيام بإلغاء الأحكام التي تمنح وزارة الداخلية صلاحيات واسعة على صعيد حظر الاحتجاجات وتفريق المتظاهرين بالقوة أو اعتقالهم جراء مشاركتهم فيها؛

·       والحرص على إتاحة الفرصة لجماعة الإخوان وغيرها من المنظمات المحظورة بالطعن في أحكام إغلاق مقارها وتصنيفها كجماعات إرهابية، وذلك ضمن سياق مسار منصف وشفاف يوظف المعايير الدولية ونظيراتها الدولية في مجال الحق في حرية تشكيل الجمعيات. 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.