(نيويورك) – قالت هيومن رايتس ووتش إن على القادة الفلسطينيين أن يسعوا للانضمام إلى مواثيق حقوق الإنسان الدولية الأساسية ونظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية. وأضافت المنظمة أنه يجب على الحكومات التي ضغطت على فلسطين لكي تتخلى عن فكرة العضوية في المحكمة الجنائية الدولية – ومنها المملكة المتحدة – أو قالت إنها ستفرض عقوبات على فلسطين إن سعت للعضوية في المحكمة الجنائية الدولية – بالأساس إسرائيل – أن تكف عن هذه الضغوط وأن تدعم تصديق جميع الدول على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية.
صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 على أن تكون فلسطين "دولة مراقب غير عضو" بعدد أصوات بلغ 138 مقابل 9، مع امتناع 41 دولة عن التصويت. من الدول التي صوتت ضد عضوية فلسطين الولايات المتحدة وإسرائيل وجمهورية التشيك وكندا وبالاو. امتنعت كل من المملكة المتحدة وألمانيا عن التصويت.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تصويت الجمعية العامة لصالح دولة فلسطين قد يفتح الباب أمام تصديق فلسطين على مواثيق حقوق الإنسان الأساسية واتفاقية المحكمة الجنائية الدولية. قد يساعد هذا الضحايا الفلسطينيين والإسرائيليين لانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب على الحصول على العدالة، وهو الأمر الذي ينبغي ألا تحاول الدول الأخرى أن تعرقله".
قبل تصويت الجمعية العامة، تعهد مسؤولون فلسطينيون مراراً بمراعاة حقوق الإنسان. هناك تقرير داخلي أصدرته منظمة التحرير الفلسطينية في 29 أكتوبر/تشرين الأول، ورد فيه أن "الانضمام إلى اتفاقيات حقوق الإنسان [التسعة الأساسية] يوفر فرصة لقدر أكبر من التفاعل الدبلوماسي لكن يستتبعه في الوقت نفسه مستوى أعلى من المحاسبة" ومن ثم أوصى التقرير بـ "دراسة معمقة لتحديد إن كان يجب أن تصدق فلسطين على أية اتفاقية".
وقالت سارة ليا ويتسن: "من الجيد أن المسؤولين الفلسطينيين يقولون إنهم يريدون دراسة معاهدات حقوق الإنسان قبل التصديق عليها، لكن يجب ألا تكون الدراسة مبرراً لتأخير الانضمام للمعاهدات، بما أن الانضمام إليها كفيل بالمساعدة على ضمان الالتزام بالقانون الدولي".
قالت هيومن رايتس ووتش إن تصديق فلسطين على مواثيق حقوق الإنسان الأساسية يعد خطوة مهمة نحو حماية وتعزيز حقوق سكان الضفة الغربية وغزة، الذين عانوا طويلاً من الانتهاكات الإسرائيلية ومن طرف السلطة الفلسطينية وحماس. ولقد وثقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات لقوانين الحرب ارتكبتها كل من إسرائيل وحماس، بما في ذلك الهجمات غير القانونية ضد المدنيين والمستوطنات غير الشرعية في الأراضي المحتلة، وانتهاكات حقوق الإنسان من قبيل التعذيب والاعتقال التعسفي والحبس بمعزل عن العالم الخارجي من قبل قوات أمن حماس والسلطة الفلسطينية. قالت هيومن رايتس ووتش إن آليات مراقبة وصياغة التقارير الخاصة بمواثيق حقوق الإنسان من شأنها أن تساعد في الضغط على السلطات الفلسطينية لإنهاء هذه الانتهاكات.
قالت هيومن رايتس ووتش إن من شأن تصديق فلسطين على النظام المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية أن يقلل من فجوة المحاسبة على الجرائم الدولية الجسيمة، بما فيها جرائم الحرب، وأن يسهم في إحقاق العدالة لضحايا الانتهاكات. لم تتخذ إسرائيل أو حماس إجراءات ملموسة أو حقيقية لمحاسبة أحد على الانتهاكات الجسيمة لجرائم الحرب أثناء نزاع ديسمبر/كانون الأول 2008 ويناير/كانون الثاني 2009 في غزة. هذا التقاعس عن التحرك يعلي من المخاوف إزاء انعدام المحاسبة على النزاع الأخير في غزة، وفريق هيومن رايتس ووتش داخل القطاع الآن للتحقيق فيما شهد من انتهاكات.
ضغطت المملكة المتحدة على السلطات الفلسطينية لكي تتعهد بعدم السعي للتصديق على نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية. وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ في 28 نوفمبر/تشرين الثاني: "إننا نرى إن سعي الفلسطينيين للاستفادة من هذا القرار الآن بأن يحاولوا إنفاذ اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على الأراضي المحتلة في هذه المرحلة، من شأنه أن يجعل العودة للمفاوضات [مع إسرائيل] مستحيلة".
وفي سبتمبر/أيلول أرسلت وزارة الخارجية الأمريكية رسالة إلى الحكومات الأوروبية تصف فيها طلب إعلان دولة فلسطين بأنه "عمل استفزازي من جانب واحد يمكن أن يقوض الثقة أو يشتت جهود السعي للسلام" لأنه يمكنه من بين أشياء أخرى، أن يؤدي إلى "مشاركة فلسطين كدولة " في المحكمة الجنائية الدولية و"مجموعة من هيئات الأمم المتحدة المتخصصة".
أدخل أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي تعديلاً مقدماً من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على قانون "التصريح بالدفاع الوطني" لصالح قطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية إذا هي استخدمت وضع الدولة المراقب الجديد في السعي لتوجيه اتهامات جنائية لإسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت سارة ليا ويتسن: "على الدول التي تطالب عن حق بإحقاق العدالة على الجرائم الدولية في سوريا وغيرها من الدول، ألا تصمم على اعتبار فلسطين منطقة حرة لا يُحاسَب فيها المنتهكين للحقوق".