(القاهرة) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم في مقال ضمن التقرير العالمي 2012، إن على حكومات العالم أن تصلح القوانين التي تحد من قدرات أصحاب الإعاقات الخاصة بالتصويت واتخاذ القرارات المستقلة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن القوانين الحكومية التي تحد من الأهلية القانونية لأصحاب الإعاقات أدت إلى مشكلات جسيمة للمصابين بإعاقات ذهنية وبدنية، في ممارسة حقوقهم الصحية والحق في المشاركة السياسية والقدرة على اللجوء للقضاء وعدم التعرض للاحتجاز التعسفي. هناك قوانين وطنية كثيرة تحرم الأفراد أصحاب الإعاقات من كامل حقوق المواطنة، وفي بعض الحالات تسمح لهم بحقوق أقل من حقوق الأطفال.
وقالت شانثا راو باريغا، باحثة حقوق أصحاب الإعاقات والناطقة باسم برنامج أصحاب الإعاقات في هيومن رايتس ووتش: "لابد أن يُتاح لأصحاب الإعاقات نفس الحقوق المتاحة للآخرين، مع المساواة في الاعتراف القانوني بهم بأهلية كاملة بموجب القانون مثل الجميع. مع ظهور النظم الديمقراطية الجديدة في المنطقة العربية، هناك فرصة نادرة لضمان عدم حرمان أصحاب الإعاقات من حقوقهم ومن الحق في التصويت. لابد أن يكونوا مرئيين، ولهم حق المشاركة والتواصل".
التقرير العالمي لسنة 2012 الذي جاء في 676 صفحة تقيم فيه هيومن رايتس ووتش التقدم الذي تم إحرازه على مسار حقوق الإنسان خلال العام الماضي في أكثر من 90 دولة، بما في ذلك الثورات الشعبية في العالم العربي، التي لم يتوقعها الكثيرون. نظراً لمقاومة قوات الأمن بعنف لـ "الربيع العربي"، فعلى المجتمع الدولي دور هام يلعبه كي يساعد على ميلاد نظم ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان في المنطقة، على حد قول هيومن رايتس ووتش في التقرير.
بموجب اتفاقية حقوق الأفراد أصحاب الإعاقات، التي بدأ نفاذها في مايو/أيار 2008، مطلوب من الحكومات احترام حق أصحاب الإعاقات في الاختيار الحر في التصويت، وفي كيفية المعيشة، وفي إنشاء أسرة وتوقيت إنشاء الأسرة. وحتى الآن، صدقت أكثر من نصف دول العالم على الاتفاقية، وعدد الدول المصدقة 109 دولة.
ورغم تدابير الحماية الواردة في الاتفاقية، فإن أغلب الدول ما زالت تستعين بنظام وصاية على المحرومين من الأهلية القانونية الكاملة. يتم عادة تعيين وصاة من المحكمة يتخذون القرارات بالنيابة عن الشخص صاحب الإعاقة. لكن هذه السلطة تهيئ عادة فرصة إساءة الاستغلال، العاطفي والمالي وفي بعض الأحيان البدني.
ولمواجهة هذه الانتهاكات، على الحكومات أن توفر آليات صنع قرار تضمن للأفراد احترام حقوقهم وإرادتهم وتفضيلاتهم، على حد قول هيومن رايتس ووتش. إلى الآن لم تتم أي حكومة الانتقال المعقد من عملية صنع قرار بديلة – أي مفهوم الوصاية – إلى نظام الاستقلال الذاتي في صنع القرار مصحوباً بآليات دعم كافية، كما تطلب الاتفاقية.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن أصحاب الإعاقات كثيراً ما يجردون من أهليتهم القانونية تحت مسمى "الحماية" لهم من تحديات صنع القرار والعيش بشكل مستقل. وقالت جينيفر، وهي سيدة مصابة بإعاقة بدنية في شمالي أوغندا: "هذا يحدث مع كل المعاقين، وكأننا لسنا بشراً".
في كرواتيا على سبيل المثال، توصلت هيومن رايتس ووتش إلى أن أكثر من 70 في المائة من المعاقين ذهنياً ونفسياً يعيشون في تسع مؤسسات دون رضاهم أو فرصة الطعن في القرار بالتحفظ عليهم في تلك المؤسسات. وهم يعيشون أياماً كئيبة ينظمها لهم آخرون، ولا يمكنهم الاستحمام على انفراد، ويُحرمون من القدرة على اتخاذ القرارات الأساسية، مثل ماذا يأكلون ومتى ينامون. الكثير من النزلاء في تلك المؤسسات يقيمون فيها أغلب فترات حياتهم. وقالت واحدة منهم، وهي ماريجا: "ما إن تدخل، لا تخرج أبداً".
وفي البيرو، استبعدت الحكومة أكثر من 23 ألف شخص مصابين بإعاقات ذهنية ونفسية من سجلات التصويت قبل الانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان 2011. القرار استند إلى افتراض أن أصحاب الإعاقات من هذا النوع غير قادرين على اتخاذ قرارات مستقلة، وأن الحكومة عليها "حمايتهم" من عقوبة عدم التصويت.
وبضغوط من المدافعين عن حقوق المعاقين ومن مكتب المراقب العام، دعت الحكومة الأفراد أصحاب الإعاقات إلى التسجيل. لكن مع عدم توفر الوقت ومع قدرات الاتصال المتواضعة، فهناك حاجة لتغيير السياسة، إذ لم يتم إضافة أكثر من 60 شخصاً معاقاً إلى سجل الناخبين قبل الانتخابات.
اتفاقية حقوق الأفراد أصحاب الإعاقات، وهي أحدث اتفاقية حقوق إنسان شاملة، عاودت التأكيد على أن أصحاب الإعاقات لهم حقوق، وطعنت في عدم كفاية القوانين وتمييزها الأصيل ضدهم. توصف الإعاقة بأنها الاعتلال البدني أو الذهني أو العقلي المطول، أو الحرمان من بعض الحواس الذي يؤدي – بصفته عائق بدني أو اتصالي أو سلوكي – إلى الحد من فرص المشاركة الكاملة في المجتمع. احترام الكرامة الأصيلة والاستقلالية وحرية المرء في جسده – بما في ذلك الحق في اتخاذ القرارات والاختيارات الشخصية، وعدم التمييز – هي من بين مبادئ الاتفاقية الأساسية.
وقالت باريغا: "تصديق أكثر من نصف دول العالم على الاتفاقية خلال أربعة أعوام لا غير هو نجاح مبهر. أصحاب الإعاقات شاركوا في تطوير الاتفاقية وهم يقودون جهود أصعب في هذه العملية، وهي الخروج بخطط مبتكرة لدعم استقلالية اتخاذ القرار وتوفير الحقوق كافة لأصحاب الإعاقات".