Skip to main content
تبرعوا الآن

الأردن: الضرب المنتشر في السجون لا يجد العقاب

هيومن رايتس ووتش تختتم زيارتها للسجون ومركز احتجاز المخابرات

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إثر زيارة استغرقت أسبوعين للبلاد إن الحكومة الأردنية بحاجة ماسة إلى التصدي للضرب وغيرها من أشكال الإساءة الخطيرة المنتشرة والمتفشية في السجون.

وقد أثنت هيومن رايتس ووتش على الحكومة لفتحها أبواب سجونها أمام التحقيق المستقل فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وقالت إن كبار المسؤولين عليهم اتخاذ خطوات فورية لتفادي الإساءات التي تقع في السجون وفرض العقاب على من يرتكبها.

وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق والأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يُعرض مسؤولو السجون الأردنيون السجناء بشكل روتيني للضرب غير القانوني الذي يتحول في بعض الأحيان إلى تعذيب"، وتابعت قائلة: "ويضرب الحراس السجناء بالأسلاك الكهربية والعصي ويعلقونهم في أصفاد معدنية لساعات".

وقد زار محققو هيومن رايتس ووتش خمسة سجون أردنية أثناء الأسبوعين الأخيرين من أغسطس/آب وقابلوا أكثر من 100 سجين في مقابلات على انفراد.

وفي 22 أغسطس/آب، وهو اليوم التالي على زيارة هيومن رايتس ووتش لمركز إصلاح وتأهيل سواقة الواقع على مسافة 62 ميلاً جنوبي عمان، ضرب مسؤول أمني بالسجن كل أو معظم السجناء البالغ عددهم 2100 سجين. كما حلقوا لحي وشعر كل النزلاء، ومنهم رجال إسلاميين ملتزمين دينياً تقتضي آرائهم الدينية أن يحتفظوا بلحاهم. ووقع هذا في اليوم الأول من عمل مدير السجن الجديد ماجد الرواشدة.

وقالت سارة ليا ويتسن: "حلق السجانون في سواقة السجناء شعر ولحى الإسلاميين لإهانتهم والحط من شأنهم، وليس لأي سبب عقابي مشروع". وأضافت: "هذا انتهاك ظاهر لحق السجناء في ممارسة شعائرهم الدينية".

وبعد معرفة أن السجناء قد تم ضربهم في أعقاب زيارتها، عادت هيومن رايتس ووتش إلى سجن سواقة في 26 أغسطس/آب. وقال زهاء 40 سجيناً إن عناصر الأمن بالسجن ضربوهم يوم 22 أغسطس/آب بالأسلاك الكهربية والعصي الخشبية والأنابيب البلاستيكية. وأظهر السجناء لـ هيومن رايتس ووتش ندوب داكنة على ظهورهم وأذرعهم وسيقانهم. وأفاد السجناء بأنهم سمعوا صراخ سجناء آخرين يتعرضون للضرب لمدة لا تقل عن ثماني ساعات، وقالوا إنهم يعتقدون أن السجانين قد ضربوا كل السجناء. وقد توفي أحد السجناء ليلة أمس، وهو علاء أبو طير، وقيل إن هذا كان تأثراً بإصابات لحقت به جراء الضرب.

وفي زيارة تالية للمركز الوطني لحقوق الإنسان، وهي منظمة حقوق إنسان أردنية، أكد المركز أن أعداداً كبيرة من السجناء قد تعرضوا للضرب وتم حلق شعرهم ولحاهم بالقوة في 22 أغسطس/آب. وقد أوقفت مديرية الأمن العام المدير الجديد عن عمله في 27 أغسطس/آب.

وأثناء زيارة هيومن رايتس ووتش الثانية لسجن سواقة في 26 أغسطس/آب، خط أكثر من 350 سجيناً على أجسادهم علامات حادة كإشارة إلى الاحتجاج على عملية الضرب التي وقعت مؤخراً. وفي سجون أردنية أخرى، رأى باحثو هيومن رايتس ووتش عدداً كبيراً من السجناء على أذرعهم وصدورهم وسيقانهم ندوب طويلة. وقال السجناء إن تشويه الذات من ردود الأفعال المألوفة لعمليات الضرب والتهديد بالضرب؛ لأن الشكاوى الرسمية لم تجد نفعاً.

ولم تقتصر الإساءات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش على سواقة. حيث قامت السلطات في الشهور الأخيرة بشن عمليات ضرب في كل سجن زاره وفد المنظمة، إلا أن الإجراءات التأديبية والقانونية ضد مسؤولي السجون كانت غير مناسبة بالمرة.

وتكلمت هيومن رايتس ووتش إلى سجناء من سجون أخرى وقالوا إن الحراس قد علقوهم مؤخراً من أذرعهم إلى قضبان حديدية، وأحياناً كانوا يعلقونهم في الهواء ويضربونهم لمدة يوم كامل، وهي ممارسة قال سجناء آخرون إنها مألوفة. وفي أحد السجون قال سجين شاب سقطت عدة أسنان من فمه إنه قد تم ضربه في فمه مؤخراً باستعمال ماسورة معدنية. وفي سجن العقبة في شهر مايو/أيار، توفي سجين متأثراً بالضرب المتكرر من الحراس على مدى يومين.

وفي سجن قفقفا توجد زنازين العقاب في القبو، ولا يصلها هواء طبيعي وظروفها الصحية غير مناسبة. وقال السجناء لـ هيومن رايتس ووتش إن ظروف السجن هناك قد أثرت على صحتهم النفسية.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2006 اتخذت الحكومة خطوة مشجعة بإغلاق سجن الجفر، والذي كان أحد سجون البلاد المعروفة بالضرب وغيرها من الإساءات. إلا أنه في هذه الزيارة منعت الحكومة هيومن رايتس ووتش من دخول سجن الجويدة للرجال، وهو مركز احتجاز آخر معروف بظروف الاحتجاز السيئة، قائلة إنها تخطط لإغلاق هذا المركز قريباً.

وقالت مديرية الأمن العام لـ هيومن رايتس ووتش إنها تخطط لعقد برنامج تدريبي لمدراء السجون الذين لا يتلقون في الوقت الحالي أي تدريب متخصص على مهمة إدارة السجون الصعبة وكثيراً ما لا يقضون أكثر من شهور قليلة في هذه المهمة.

وإلى جانب زيارة مراكز التأهيل، قامت هيومن رايتس ووتش مع ممثلي جماعتي حقوق إنسان أردنيتين وهما مركز عدالة ومرصد الإنسان والبيئة، بإجراء سلسلة زيارات لمركز احتجاز عمان الخاص بدائرة المخابرات العامة.

وكان مركز احتجاز دائرة المخابرات العامة يضم 19 إلى 20 سجيناً أثناء فترة زيارة الوفد للمركز. ولم يذكر أي من السجناء الذين قابلهم الوفد – وكانت كل المقابلات على انفراد – تعرضهم للضرب أو التعذيب، وإن أفاد بعض السجناء بتعرضهم لأشكال أخرى من الإساءة، تتضمن التهديد باستخدام العنف.

وقال سجناء سابقين في دائرة المخابرات العامة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم تعرضوا للتعذيب وهم رهن احتجاز المخابرات، بما في ذلك الضرب المبرح على القدمين في قبو المركز. وتعود أحدث هذه الإفادات إلى أبريل/نيسان 2006. ووصف سجناء آخرون بالتفصيل الضرب في القبو، وهو يتفق مع أقوال أفادت بها هيومن رايتس ووتش في سبتمبر/أيلول 2006 (https://www.hrw.org/arabic/reports/2006/jordan0906/).

وقد انتهت أبحاث هيومن رايتس ووتش إلى أن محتجزي دائرة المخابرات العامة يتم اعتقالهم عادة دون مراعاة لحقوقهم الأساسية في المحاكمة العادلة. وفي العادة لا يحصل كل المحتجزين على زيارات أثناء أول أسبوع من الاحتجاز على الأقل ويتم وضعهم في الحجز الانفرادي طوال بقائهم رهن احتجاز دائرة المخابرات العامة. وأحياناً لا يتم إخطارهم بالجريمة المتهمين بها. كما يواجهون صعوبة خاصة في توكيل ومقابلة المحامين وفي الطعن في شرعية احتجازهم. ويمكن للمدعي العسكري أن يأمر باحتجاز المدنيين لفترة قد تصل إلى ستة أشهر بناء على أمر منه، وبعدها على محكمة أمن الدولة إصدار أمر بفترة احتجاز أخرى.

ومن المشكلات الخطيرة الأخرى التي تمت رؤيتها في سواقة ومركز احتجاز دائرة المخابرات العامة، احتجاز المشتبه بهم لأسباب أمنية لفترات طويلة دون محاكمة. إذ أن ثلاثة محتجزين إسلاميين، هم سمير حلمي البرق وعدنان صديق أبو نجيلة وعصام طاهر البرقاوي العتيبي والمعروف بأبو محمد المقدسي، قد تعرضوا للاحتجاز لمدد تتراوح بين عامين ونصف العام إلى أربعة أعوام، ولم يقضوا خلال تلك الفترة أكثر من أيام معدودة خارج الاحتجاز ثم يتم احتجازهم من جديد. ولم يتم عقد جلسات في المحكمة للنظر في طلب الخروج بكفالة، والموقوف النظر فيه منذ فترة طويلة وكان محامو المحتجزين قد قدموه.

وكثيراً ما يأمر المحافظون بالاحتجاز الإداري لأشخاص مشتبه بهم في ارتكاب جرائم أو أن لهم سجل إجرامي. ويعوز هؤلاء المحتجزون في العادة الموارد المالية اللازمة لتوكيل محامي ولدفع نفقات المحكمة المطلوبة للطعن في شرعية احتجازهم. فيلجئون إلى الإضراب عن الطعام لإجبار المسؤولين على مراجعة احتجازهم.

وقالت سارة ليا ويتسن: "تم حبس ثلاثة محتجزين لأسباب أمنية لمدة أعوام في السجون دون اتهامات موجهة إليهم أو محاكمة"، وأضافت: "لقد خذلتهم المحاكم الأردنية".

ومراكز الإصلاح الخمسة التي زارتها هيومن رايتس ووتش هذا الشهر هي: مركز إصلاح وتأهيل الموقر، ومركز إصلاح وتأهيل سواقة، ومركز إصلاح وتأهيل السلط، ومركز إصلاح وتأهيل قفقفا، ومركز إصلاح وتأهيل العقبة. ومركز احتجاز المخابرات هو مركز احتجاز واستجواب دائرة المخابرات العامة في الجندويل، وادي سير، عمان.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة