قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن على سوريا إعادة فتح حدودها مجدداً وفوراً أمام اللاجئين الفلسطينيين العراقيين الفارين من الهجمات المُهلكة التي يتعرضون لها.
ودعت هيومن رايتس ووتش المجتمع الدولي، والولايات المتحدة خاصةً، إلى تقديم مساعداتٍ مالية إلى سوريا لإعانتها على استضافة اللاجئين الفلسطينيين؛ وإلى المشاركة في تحمل عبء مشكلة اللاجئين هذه من خلال توفير فرص الاستيطان في بلدانٍ أخرى أمام اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
ومنذ سقوط نظام صدام حسين، صار اللاجئون الفلسطينيون هدفاً للعنف والاضطهاد على نحوٍ متزايد؛ وقد تم اختطاف عشرات الرجال الفلسطينيين في الأسبوع الماضي وحده. وفي الأشهر الأخيرة، قتلت ميليشياتٌ شيعية عشرات اللاجئين الفلسطينيين؛ وتفيد الأنباء بأنها وزّعت في الأحياء الفلسطينية، ولعدة مرات، منشوراتٍ تهدد بمزيدٍ من القتل ما لم يَرحل الفلسطينيون. وفي 23 يناير/كانون الثاني، اقتاد رجالٌ مجهولو الهوية يرتدي بعضهم ملابس الشرطة 300 فلسطيني من منازلهم في بغداد، وتم اقتياد 17 من حي النضال، وتعرض 13 من حي البلديات للاختطاف، ورفض الرجال المُختَطَفون الذين تم إطلاق سراحهم في اليوم عينه التحدث عما مروا به؛ لكن يبين أنهم تعرضوا إلى إساءاتٍ جسدية أثناء احتجازهم. وقد غادروا منازلهم في بغداد جميعاً مع عائلاتهم.
ونتيجةً لهذا العنف، حاولت عشرات الأسر الفلسطينية الفرار إلى سوريا، وخلال الأسبوع الماضي وصل زهاء 150 لاجئاً فلسطينياً إلى الحدود السورية العراقية، مما رفع عددهم عند الحدود إلى 700 شخص تقريباً. وفي 24 يناير/كانون الثاني، وصلت مجموعةٌ من 73 فلسطينياً غيرهم، وتقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن جماعةً أخرى تضم خمسين فلسطينياً بلغت الحدود السورية في وقتٍ متأخر من يوم 29 يناير/كانون الثاني.
إلا أن الحكومة السورية ترفض السماح بدخول الفلسطينيين تاركةً اللاجئين عالقين عند الحدود، ومن المُتوقع أن يحاول مئات آخرين من الفلسطينيين الوصول إلى الحدود السورية.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "يصعُب فهم سبب منح سوريا اللجوء لزهاء مليون عراقي ثم إغلاقها لحدودها في وجه مئاتٍ من الفلسطينيين الفارين من العراق أيضاً"، وتابعت تقول "يتناقض سوء معاملة الحكومة السورية لهؤلاء اللاجئين تناقضاً حاداً مع ما تعلنه من تضامنٍ مع الشعب الفلسطيني".
وبموجب القانون الدولي العرفي، تترتب على سوريا التزاماتٌ قانونية بعدم إعادة اللاجئين إلى حيث يواجهون الاضطهاد أو الأذى الجدي، وعليها أن تسمح لطالبي اللجوء الهاربين من العنف المعمم والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان بدخول أراضيها، مؤقتاً على الأقل، وذلك حتى تتسنى دراسة منحهم صفة اللاجئين. ودعت هيومن رايتس ووتش سوريا إلى الاضطلاع بواجبها القانوني في السماح الفوري بدخول الفلسطينيين العالقين على الحدود.
وبالاتساق مع احترام حق العودة، على إسرائيل أن تحترم مطالبة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إياها بالسماح للاجئين الفلسطينيين القادمين من العراق ممن تعود أصولهم إلى غزة بالعودة إلى القطاع.
وأخيراً، حثت هيومن رايتس ووتش كلاً من الحكومة العراقية والقوات متعددة الجنسية في العراق، التي تقودها الولايات المتحدة، إلى اتخاذ خطواتٍ عاجلة لتحسين أمن اللاجئين الفلسطينيين في العراق وإنهاء الممارسات التمييزية المسيئة بحقهم من جانب الموظفين العراقيين.
خلفية عامة
وثّقت هيومن رايتس ووتش محنة اللاجئين الفلسطينيين القاسية ووضعهم القانوني غير الواضح في العراق من خلال تقريرها الذي صدر في سبتمبر/أيلول تحت عنوان "لا مفر: الوضع الخطير للفلسطينيين في العراق". ويورد التقرير تفاصيل التدهور الرهيب لأمن اللاجئين الفلسطينيين في العراق منذ سقوط بغداد في إبريل/نيسان 2003. وكان في بغداد حوالي 34000 فلسطينياً قبيل عام 2003 لم يبقَ منهم الآن إلا زهاء 15000 فقط، وهم يتعرضون إلى مضايقات من جانب الحكومة العراقية؛ ومستهدفون من جانب الميليشيات الشيعية بسبب المكاسب التي نالوها في عهد صدام حسين، وبسبب ما يُفترض من مناصرتهم للمقاومة العراقية.
ولم تكد الحكومات التي تعاقبت على العراق منذ عام 2003 تفعل شيئاً لحماية اللاجئين الفلسطينيين؛ بل غالباً ما تبدي عداوةً صريحةً لهم زاعمةً أنهم متورطون في الإرهاب ومناصرون للمتمردين، كما يعمد موظفو وزارة الداخلية إلى اعتقال اللاجئين الفلسطينيين تعسفاً، وإلى ضربهم وتعذيبهم، بل والتسبب في اختفائهم القسري في عددٍ من الحالات. كما فرضت وزارة الداخلية شروط تسجيلٍ مرهقة على اللاجئين الفلسطينيين؛ وهي تجبرهم على تجديد إقاماتهم قصيرة الأمد باستمرار، وتخضعهم إلى المضايقات بدلاً من منحهم المعاملة التي يستحقونها بوصفهم لاجئين تعترف بهم الحكومة العراقية رسمياً.
وفي مايو/أيار 2005، سمحت الحكومة السورية بدخول 244 لاجئاً فلسطينياً كانوا عالقين على الحدود العراقية الأردنية؛ إضافةً إلى جماعةٍ أخرى تبلغ زهاء 40 فلسطينياً ممن فروا إلى سوريا من بغداد مباشرةً لكن سوريا ترفض منذ ذلك الحين دخول أي فلسطيني عراقي تاركةً الفلسطينيين من غير مكانٍ يذهبون إليه.
ويوجد الآن 356 لاجئاً فلسطينياً في مخيم التنف في المنطقة العازلة بين سوريا والعراق، كما يوجد زهاء 340 فلسطينياً عالقين عند نقطة الوليد على الجانب العراقي من الحدود، وهناك بعض اللاجئين العالقين عند الحدود منذ أشهر، إذ يتعرض أمنهم إلى أخطارٍ دائمة. ويتلقى اللاجئون مساعداتٍ إنسانية من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومن اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ لكن ظروف المخيمات المزدحمة سيئةٌ جداً، فهي تعاني من قلة المياه والغذاء والوقود والأدوية.
للاطلاع على تقرير "لا المفر: الوضع الخطير للفلسطينيين في العراق" بالإنجليزية، تُرجى زيارة الرابط:
https://www.hrw.org/reports/2006/iraq0706
والتقرير متوفرٌ بالعربية على الرابط:
https://www.hrw.org/arabic/reports/2006/iraq0706
كما وثقت هيومن رايتس ووتش معاناة اللاجئين العراقيين في الأردن. والتقرير متوفرٌ على الرابط:
https://www.hrw.org/reports/2006/jordan1106
وهو متوفر بالعربية أيضاً على الرابط:
https://www.hrw.org/arabic/reports/2006/jordan1106