طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن، تأييد مشروع من شأنه إلغاء القانون الذي يلزم الصحفيين بالانضمام إلى نقابة الصحفيين كشرط لمزاولة المهنة. ومن المقرر أن تقوم لجنة مكلفة بإصلاح هذا القانون بتقديم اقتراحاتها إلى الملك.
وقالت هيومن رايتس ووتش أن على القانون الأردني أن لا يشترط على الصحفيين الانتماء إلى النقابة، وأنها تعتبر التحرك باتجاه إلغاء هذا الشرط خطوةً باتجاه ضمان حرية الصحافة.
ويحظر القانون الحالي على أي شخص ممارسة العمل الصحفي ما لم يكن عضواً في نقابة الصحفيين الأردنيين. وتقول النقابة بأن رسالتها تتمثل في الحفاظ على الحرية اللازمة لممارسة الصحافة، لكن ذلك لا يكون إلا ضمن "إطار مسؤولياتها الأخلاقية والقومية والوطنية". كما يخوّل القانون الأردني الحالي نقابة الصحفيين صلاحية معاقبة أو طرد الصحفيين الذين يعبّرون عن آراء تعتبرها النقابة غير مقبولة بموجب أنظمتها.
وقالت سارة ليا ويتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يُخضع القانون الأردني الصحفيين إلى رقابة مزدوجة؛ فهم مطالبون ليس بمراعاة القوانين التي تحدّ من حرية الكلام فحسب، بل وأهواء نقابة الصحفيين أيضاً".
ويحظر قانون النقابة الحالي على أية مؤسسةٍ إعلاميةٍ أو إخباريةٍ في المملكة استخدام أي صحفي لا يكون عضواً مسجلاً في نقابة الصحفيين الأردنيين.
إن الصحفيين العاملين في مؤسسات الإعلام، المملوكة للحكومة كلياً أو جزئياً، ومنها يوميتي الرأي والدستور، ووكالة الأنباء الأردنية "بترا"، يمثلون أغلبية أعضاء النقابة الستمائة والخمسين الذين ينتخبون قيادتها. وقد عملت النقابة في الماضي على إسكات الصحفيين الذين لم تحظ آرائهم أو كتاباتهم أو سلوكهم برضاها:
- ففي سبتمبر/أيلول 2000، قامت النقابة بفصل الصحفي نضال منصور، رئيس مركز حماية حرية الصحفيين في الأردن، عندما كان يشغل منصب أمين سر النقابة ، وذلك بسبب قبوله تمويلاً أجنبياً لمركزه وعدم تفرغه للعمل الصحفي.
- وفي أكتوبر/تشرين الأول 1999، قرر المجلس التأديبي في النقابة طرد ثلاثة صحفيين وهم عبد الله حسنات وسلطان حطاب وجهاد المومني، وذلك في أعقاب زيارتهم لإسرائيل.
- وفي عام 1998، رفضت النقابة طلب العضوية الذي تقدم به شاكر الجوهري الذي كان رئيس تحرير "العرب اليوم" آنذاك، وذلك دون تقديم تبرير لذلك الرفض، طبقاً لما قاله الجوهري.
ولدى كثير من أعضاء النقابة تساؤلات جدية بشأن فائدة النقابة بالنسبة لهم، وهم يعارضون شرط العضوية الإلزامية فيها. ففي أوائل أكتوبر/تشرين الأول، حضر عدد من مسؤولي النقابة والصحفيين والوزراء مؤتمراً إعلامياً تداول فيه معارضو العضوية الإلزامية عرائضَ تقول بأن "العضوية الإلزامية في نقابة الصحفيين نظام شائع في البلدان العربية من أجل السيطرة على الصحافة".
وقالت ويتسون: "لقد استخدمت نقابة الصحفيين القانون للحد من الكلام الناقد ولمطاردة الصحفيين المنشقين. وينبغي على الحكومة الأردنية أن توافق على القانون المقترح الذي يحدّ من قدرتها على تقييد حرية التعبير".
وتطرح نقابة الصحفيين حجة مفادها أن النقابة الموحدة هي وحدها من تستطيع رفع سوية الأخلاق الصحفية، وتلقي النقابة باللائمة في تدني المستوى على الصحفيين غير المرخصين. ويُعتقد أن هناك قرابة مئة صحفي أردني يعملون من غير أن يكونوا أعضاء في النقابة، أي بشكلٍ غير قانوني. وطبقاً لما قالته صحيفة جوردان تايمز في 20 سبتمبر/أيلول فإن "الحكومة قد أصدرت مذكرةً [في أغسطس/آب] موجهةً إلى جميع الدوائر الحكومية تحظّر عليها الإدلاء بأية معلومات، أو تقديم أية مساعدة، إلى غير أعضاء نقابة الصحفيين الأردنيين. وقد قال رئيس النقابة طارق المومني أن هذا: "جزء من المساعي الرامية إلى تنظيم المهنة ومنع الصحفيين غير القانونيين من خرق القانون ومدوّنة أخلاق المهنة".
لكن العضوية الإلزامية في نقابة الصحفيين ليست بالآلية الملائمة لضمان عدم إضرار الصحفيين بسمعة الناس أو ممارسة التشهير والقذف بحقهم. وتتضمن القوانين الجزائية الأردنية نصوصاً شديدة العمومية ضد التشهير والقذف و"الإضرار بسمعة" الآخرين. ويجب أن يعود للمحاكم، وليس للنقابة، تقرير حدود عمل هذه القوانين وتحديد ما إذا كان الصحفي قد خرقها.
وفي شهر مارس/آذار، تقدمت الحكومة بمشروع قانون من شأنه إعادة تنظيم النقابات المهنية الأردنية والحد الشديد من استقلالها. وقد انتقدت هيومن رايتس ووتش ذلك القانون المقترح في رسالة وجهتها إلى رئيس الوزراء الأردني. ومنذ ذلك الحين، امتنعت الحكومة الجديدة عن محاولة التدخل في النقابات؛ لكن الشكوك لا زالت تساور النقابات بهذا الشأن.
وقالت ويتسون: "على نقابة الصحفيين الأردنيين ألا تخلط بين إلغاء شرط العضوية الإلزامية وبين محاولات الحكومة فرض سيطرتها. إن متطلبات حقوق الإنسان واضحة هنا: يجب أن يكون الصحفيون أحراراً في اختيار ما يكتبونه بقدر ما هم أحرار في اختيار من يمثل مصالحهم".
خلفية
إن العضوية الإلزامية تخرق التزامات الأردن حيال العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تعهد الأردن باحترامه كونه إحدى الدول الموقعة عليه. وينص هذا العهد في المادة 22 من القسم الأول على أن "لكل إنسان الحق بحرية الاجتماع مع الآخرين، بما في ذلك حقه في تشكيل النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه". أما اشتراط الأردن العضوية الإلزامية في النقابة فإنه يخرق حق العضوية الحرة في النقابات والاتحادات.
مازال القانون الأردني يضع عقباتٍ كبيرة أمام دخول مهنة الصحافة؛ فالمؤسسات الإعلامية لا تستطيع توظيف الناس إلا إذا كانوا يحملون شهادات جامعية معينة وإذا أتموا التدريب ضمن العمل. ومع تزايد المادة الصحفية التي يتم إنتاجها واستهلاكها عن طريق الإنترنت، تصبح حدود مهنة الصحافة، وبالتالي معقولية وجود هيئة تنظم الدخول إليها، أمراً أقل وضوحاً. وقد قال طارق المومني نقيب الصحفيين لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن قانون المطبوعات والنشر لا ينظم الصحافة الخاصة على الإنترنت حالياً، لأنه ينظم فقط مواقع الإنترنت العائدة للمؤسسات الإعلامية الأردنية التي تصدر صحفاً مطبوعةً. إن العقبات الكبيرة التي يضعها القانون في وجه من يريد أن يصبح صحفياً، إضافةً إلى عدم إمكانية العمل كصحفي من خارج النقابة تمثل وضعاً غير معقول يحد من حق الاختيار الحر للعمل.