Skip to main content

قطر: اضمنوا محاكمة عادلة لمسؤول سابق في "قطر 2022"

مزاعم عن اعترافه تحت الإكراه

 

 

عبد الله ابحيص في مطعم. © 2021 عبد الله ابحيص

(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" و"فير سكوير" اليوم إن على السلطات القطرية ضمان محاكمة عادلة لرجل أردني عمره 35 عاما يستأنف حكما بالسجن لخمس سنوات، لجرائم منها إساءة استخدام الأموال والرشوة. تجاهلت محاكمة عبد الله ابحيص الابتدائية، التي انتهت في أبريل/نيسان 2021، المزاعم الموثوقة بأن اعترافه، وهو أساس قضية الادعاء، أُخذ بالترهيب والإكراه. من المقرر عقد جلسة ثالثة وربما نهائية للاستئناف في 6 أكتوبر/تشرين الأول.

شغل ابحيص سابقا منصب مدير الإعلام والتواصل لمنظمي كأس العالم "فيفا" لكرة القدم "قطر 2022"، و"اللجنة العليا للمشاريع والإرث"، وتتعلق القضية بمزاعم أنه طلب رشوة لمنح عقد. قال ابحيص لـ هيومن رايتس ووتش وفير سكوير إنه يعتقد أن الاتهامات جاءت انتقاما منه لانتقاده التعامل مع إضراب العمال المهاجرين في قطر في أغسطس/آب 2019، والذي وثقته هيومن رايتس ووتش و"مايغرانت رايتس" آنذاك.

قال مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن السلطات القطرية سلبت عبد الله ابحيص حقه في محاكمة عادلة بإجراءات تثير مخاوف جدية بشأن النظام القضائي القطري. على السلطات التحقيق فورا في مزاعم انتزاع اعترافه بالإكراه وما إذا كانت اللجنة العليا قد استخدمت نظام العدالة للانتقام من الموظف بسبب انتقاداته الداخلية".

دققت هيومن رايتس ووتش وفير سكوير في حكم المحكمة، وشهادة أربعة شهود، ووثائق أخرى في القضية. يشير الحكم إلى أن اعتراف ابحيص كان محوريا في إدانته بالرشوة، وانتهاك سلامة المناقصات والأرباح، والإضرار المتعمد بالمال العام، وهي تهم حُكِم عليه بسببها بالسجن خمس سنوات ودفع غرامة قدرها 150 ألف ريال قطري (41,197 دولار أمريكي) في 29 أبريل/نيسان.

تجاهلت المحكمة مزاعم المدعى عليه بأن عناصر "إدارة البحث الجنائي" منعوه من الاتصال بمحامٍ أثناء استجوابه وأجبروه على التوقيع على هذا الاعتراف، الذي قال محاميه في المحكمة إنه يجب رفضه.

يشير تحليل وثائق المحكمة وشهاداتها إلى أن بقية الأدلة ضد ابحيص غامضة، وظرفية، وفي بعض الحالات متناقضة.

التهم الموجهة إلى ابحيص ومتهمَيْن آخرين – شقيقه، المقيم في تركيا، ورجل آخر تركي – تتعلق بمناقصة اللجنة العليا لخدمات وسائل التواصل الاجتماعي. قال ابحيص لـ هيومن رايتس ووتش وفير سكوير إنه في صباح 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، اتصل مدير الموارد البشرية في اللجنة العليا بابحيص لحضور اجتماع، حيث كان ينتظره ستة عناصر شرطة يرتدون الزي القطري التقليدي للتحدث معه.

رفض العناصر الإفصاح عن هويتهم أو سبب رغبتهم في التحدث إليه، رغم أنه علم لاحقا أنهم من إدارة البحث الجنائي. اقتاده العناصر إلى مقر إدارة البحث الجنائي في الدحيل في شمال الدوحة، حيث قيده العناصر بالأصفاد.  

قال ابحيص إنه أثناء استجوابه بعد ظهر ذلك اليوم، حُرم من الاتصال بمحام، وإن أحد العناصر قال له: "سنكسر رجله [المحامي] قبل أن يدخل هذا المبنى" وقال له العنصر الذي أجرى المقابلة: "لا يمكنك طلب محام هنا". قال عنصر ثالث، "إما أن توقع على الاعتراف هنا أو نرسلك إلى أمن الدولة، حيث يعرفون كيف يحصلون على اعتراف منك".

قال له العناصر إنه إذا وقّع، يمكنه العودة إلى المنزل. عندما رفض ابحيص، قال أحدهم: "سنبقيك هناك ستة أشهر ولن يعرف أحد مكانك". قال إنه وافق في تلك المرحلة على التوقيع.

جاء في الاعتراف المقتضب أنه منح إحدى مناقصات اللجنة العليا لمنافس تركي مقابل حصوله على الجنسية التركية. قال إنه أخبر أحد العناصر أن الاعتراف غير منطقي لأن اللجنة العليا لم تقبل أي مناقصات وأن لديه دليل أنها رُفضت جميعها.

قال إنهم اقتادوه إلى منزله بعد التوقيع على الاعتراف، وأمروه بالتوقيع على استمارة موافقة لتفتيش منزله، وصادروا هواتف، وأجهزة لابتوب، وأجهزة تابلت. لم يسمحوا له برؤية زوجته أو أولاده، ثم أخذوه إلى مقر البحث الجنائي في الدحيل، حيث وضعوه في زنزانة مساحتها ستة أمتار بأربعة أمتار مع 12 إلى 14 معتقلا آخرين.

صباح اليوم التالي، بحسب ما قال، اقتادته الشرطة إلى نيابة أمن الدولة، حيث تم استجوابه مجددا وحرم من الاتصال بمحام أو السماح له بالاتصال بزوجته. قال ابحيص إن ثلاثة رجال من نيابة أمن الدولة قابلوه بعد ظهر ذلك اليوم. قال أحد الرجال، "هل تعتقد أنك في فيلم أمريكي؟ هنا أمن الدولة. أجب بنعم أو لا فقط". قرأ المدعي العام الاعتراف وأمره بتأكيد أنه اعترافه.

قال إنه كان اعترافه لكنه وقّع عليه فقط لأنه تعرض لضغوط. وأضاف أن المدعي العام قال إن هناك اتهامات أخرى ضده، لكنه إذا اعترف بإساءة استخدام المال العام، فقد يخرج من الاحتجاز لدى أمن الدولة ويقابل محاميا. قال إنه وقع على الاعتراف الثاني لأنه "شعر بالرعب من إمكانية أن تلاحقه أمن الدولة قضائيا".

فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، الذي زار قطر في 2019، انتقد المادة 7 من قانون رقم (5) لسنة 2003 بإنشاء جهاز أمن الدولة التي تسمح بالاحتجاز لمدة تصل إلى ستة أشهر لجرائم غامضة مثل "الأنشطة المضرة بأمن واستقرار الدولة وعلاقاتها بالدول الأخرى".

أشار الفريق العامل إلى أنه تلقى "مزاعم موثوقة بالاحتجاز المطول دون رقابة قضائية وسوء المعاملة" في مراكز الاحتجاز التابعة لأمن الدولة، والتي منعته قطر من زيارتها. سبق أن وثقت منظمات حقوقية حالات انتزعت فيها اعترافات عبر التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز القطرية.

لم يتلقَّ ابحيص أي مساعدة قانونية حتى 21 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد تسعة أيام من اعتقاله الأولي.

قال ابحيص إنه قابل محاميا عيّنته زوجته في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، وأفرج عنه في 21 ديسمبر/كانون الأول، بعد دفع كفالة قدرها 3 آلاف ريال قطري (824 دولار). قبل بدء محاكمته في 19 يناير/كانون الثاني 2021، مثّله ثلاثة محامين، لكن لم يتمكن أي منهم من الحصول على نسخ من ملف القضية أو الاطلاع على الأدلة ضده. تقدم ابحيص بطلب للحصول على نسخ من ملف قضيته عبر نظام النيابة العامة على الإنترنت في 6 يوليو/تموز و8 ديسمبر/كانون الأول 2020، لكن النيابة العامة رفضت دون تفسير. اطلعت هيومن رايتس ووتش وفير سكوير على وثائق الرفض هذه.

في 18 يناير/كانون الثاني، تلقى ابحيص رسالة إلكترونية من المحكمة الابتدائية تأمره بحضور الجلسة الأولى من محاكمته في اليوم التالي. حينها لم يكن لديه ممثل قانوني، فاضطر إلى توكيل محام في نفس اليوم. قدم محاميه طلبا للحصول على نسخة من ملف قضيته في 19 يناير/كانون الثاني واستلم الملف بعد فترة وجيزة. عقدت الجلسات في 19 يناير/كانون الثاني، و2 فبراير/شباط، و17 فبراير/شباط، و4 مارس/آذار.

في جلسة 4 مارس/آذار، حسبما قال، أنهى القاضي الإجراءات بشكل مفاجئ وأعلن أنه سيصدر حكما في 19 أبريل/نيسان. قال ابحيص إنه لم يُمنح فرصة للتحدث أمام المحكمة. رفض القاضي التماسا من محاميه لعرض مرافعة الدفاع.

وجدت المحكمة أن ابحيص مذنب بإساءة استخدام الأموال العامة، والرشوة، والتواطؤ لارتكاب رشوة، وإلحاق الضرر باللجنة العليا. وأدانت المحكمة شقيقه غيابيا وبرأت المتهم الثالث، الذي يقول ابحيص إنه لا يعرفه ولم يقابله قط.

رفضت المحكمة التماس ابحيص لنقض الاعتراف على أساس أنه انتزع تحت التهديد والإكراه وأثناء الاستجوابات التي حرمته من حضور محام. قالت المحكمة إن لها السلطة التقديرية الكاملة لتقرير ما إذا كان الاعتراف صحيحا أم لا في أي مرحلة من مراحل التحقيقات، بغض النظر عما إذا كان المتهم قد تراجع عن الاعتراف في المحكمة. وذكرت المحكمة أنها تأكدت من صحة الاعتراف وأنه مقدّم طواعية.

تثير جوانب أخرى من الحكم مخاوف جدية، حيث تشير إلى شهادة تسعة شهود، في حين قال ابحيص إن أربعة شهود فقط مثلوا أمام المحكمة. ينص الحكم على أن ابحيص والمدعى عليه الآخر كانا يعتزمان منح المناقصة للشخص الذي تقدم بها مقابل رشوة، لكن سجل المحكمة يشير إلى أن ثلاثة من الشهود قالوا إنه ليس من صلاحيات ابحيص القيام بذلك، ووصف السجل الإجراءات التي تجعل من المستحيل على ابحيص التأثير بشكل حاسم على قرارات منح المناقصات. وأقرّت المحكمة بأن المناقصة لم تُمنَح للشركة التي زُعم أن ابحيص طلب منها رشوة.

قالت هيومن رايتس ووتش وفير سكوير إنه لا يمكن إجراء محاكمة عادلة عندما لا يكون للمتهمين حق التواصل بشكل كامل مع محاميهم أو الاطلاع الفوري على الأدلة ضدهم، أو لا يكون أمامهم ما يكفي من الوقت والموارد للتحضير للمحاكمة، أو عند استخدام الأدلة المأخوذة بالإكراه لإدانتهم.

قال نيكولاس ماكغيهان، المدير المؤسس لـ فير سكوير ريسيرتش آند بروجيكتس: "الزج بموظف رئيسي في اللجنة العليا لكأس العالم في السجن بعد محاكمة جائرة للغاية قد يلقي بظلال قاتمة على هذا الحدث".

 

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة