(نيويورك، 7 يونيو/حزيران 2021) – قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته اليوم إن حكومة بنغلادش نقلت قرابة 20 ألف لاجئ من الروهينغا إلى جزيرة نائية دون رعاية صحية كافية، أو سبل عيش، أو حماية. على "الأمم المتحدة" والحكومات المانحة أن تدعو على وجه السرعة إلى إجراء تقييم مستقل للسلامة، والتأهب للكوارث، وقابلية السكن في باسان تشار خلال موسم الرياح الموسمية الوشيك وما بعده.
يخلُص تقرير "الجزيرة السجن وسط البحر: ’نقل بنغلادش للاجئي الروهينغا إلى باسان تشار‘"، الصادر في 58 صفحة، إلى أن السلطات البنغلادشية نقلت العديد من اللاجئين إلى الجزيرة دون اطلاعهم وموافقتهم الكاملة والمستنيرة، ومنعتهم من العودة إلى البر الرئيسي. بينما تقول الحكومة إنها تريد نقل 100 ألف شخص على الأقل إلى جزيرة الطمي في خليج البنغال لتخفيف الاكتظاظ في مخيمات كوكس بازار للاجئين، أعرب خبراء الشؤون الإنسانية عن مخاوفهم من عدم وجود تدابير كافية للحماية من الأعاصير الشديدة وأمواج المد والجزر. أفاد اللاجئون في الجزيرة بعدم كفاية الرعاية الصحية والتعليم، والقيود المرهقة على التنقل، ونقص الغذاء، ونقص فرص كسب العيش، والانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن.
قال بيل فريليك، مدير برنامج حقوق اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "تجد الحكومة البنغلادشية صعوبة في التعامل مع أكثر من مليون لاجئ من الروهينغا، لكن نقل الناس قسرا إلى جزيرة نائية يخلق مشاكل جديدة. على المانحين الدوليين مساعدة الروهينغا، لكن عليهم أيضا أن يصروا على أن تعيد بنغلادش اللاجئين إذا رغبوا في العودة إلى البر الرئيسي، أو إذا قال الخبراء إن الظروف على الجزيرة خطيرة للغاية أو غير مستدامة".
قابلت هيومن رايتس ووتش 167 لاجئا من الروهينغا بين مايو/أيار 2020 ومايو/أيار 2021، من بينهم 117 في بهسان شار، و50 في كوكس بازار، نُقِل 30 منهم لاحقا إلى باسان تشار.
تقع المسؤولية الرئيسية عن وضع الروهينغا على عاتق ميانمار. في 25 أغسطس/آب 2017، بدأ الجيش حملة تطهير عرقي وحشية ضد مسلمي الروهينغا شملت القتل الجماعي، والاغتصاب، والحرق العمد، مما أجبر أكثر من 740 ألف شخص على الفرار إلى بنغلادش المجاورة، التي كانت تستضيف بالفعل ما يتراوح بحسب التقديرات بين 300 و500 ألف لاجئ من الروهينغا غير المُسجلين الذين فروا من الاضطهاد السابق. لم تضع ميانمار حدا للانتهاكات الواسعة النطاق ضد الروهينغا ورفضت تهيئة الظروف لعودتهم الآمنة والكريمة والطوعية.
مع أن بنغلادش فتحت حدودها أمام الروهينغا، لم تجعل السلطات ظروف المخيم مضيافة حقا، مما زاد الضغط للانتقال إلى باسان تشار. حجبت السلطات الإنترنت لمدة عام تقريبا في مخيمات اللاجئين، وحرمت الأطفال من التعليم الرسمي، وبنت سياجا من الأسلاك الشائكة يقيّد الحركة والوصول إلى خدمات الطوارئ. تواجه قوات الأمن مزاعم عن اعتقالات تعسفية، واختفاء قسري، وعمليات قتل خارج نطاق القضاء.
في مايو/أيار 2020، جلبت بنغلادش لأول مرة أكثر من 300 لاجئ من الروهينغا تم إنقاذهم في البحر إلى باسان تشار. رغم أن الحكومة قالت في البداية إنهم كانوا يخضعون للحجر الصحي في الجزيرة لمنع انتشار فيروس "كورونا" في المخيمات، غير أنه لم يتم لم شملهم بعد بعائلاتهم. في ديسمبر/كانون الأول، بدأت السلطات البنغلادشية بنقل آلاف اللاجئين من المخيمات إلى الجزيرة، متراجعة عن وعودها بالسماح بإجراء تقييم تقني مستقل لاحتياجات الحماية، والسلامة، وإمكانية السكن في الجزيرة.
الآن، وبعد أن نُقِل فريق أممي من 18 عضوا لرؤية الجزيرة من 17 إلى 20 مارس/آذار، تضغط السلطات على الأمم المتحدة للبدء في إيصال المساعدات الإنسانية. قال اللاجئون إنه خلال زيارة الفريق الأممي سُمح لهم بالتحدث فقط بحضور مسؤولين حكوميين بنغلادشيين، واضطروا إلى إظهار أنه لا توجد مشاكل في الجزيرة.
في 31 مايو/أيار 2021، تجمع آلاف اللاجئين في محاولة للقاء وفد من المسؤولين الأمميين الذين كانوا يزورون بهسان شار، والاحتجاج على الأوضاع، وقال الكثيرون إنهم لا يريدون البقاء في الجزيرة. في وقت سابق، حذرت السلطات البنغلادشية الروهينغا من الاشتكاء، حسبما قال بعض اللاجئين لـ هيومن رايتس ووتش. وقعت اشتباكات مع قوات الأمن بعد أن تجاهل اللاجئون تلك التعليمات، وفقا لما قاله شهود عيان، وأصيب العديد من الروهينغا، بمن فيهم نساء وأطفال.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة البنغلادشية أن تبدأ مشاورات عاجلة مع مسؤولي الأمم المتحدة لمناقشة أي مشاركة مستقبلية في العمليات الإنسانية بشأن باسان تشار. يتعيّن على السلطات أيضا أن تعمل وفقا لتوصيات الأمم المتحدة بعد زيارتها لتحسين رفاه وسلامة وحماية اللاجئين الروهينغا الموجودين بالفعل في الجزيرة.
أبلغت الحكومة البنغلادشية هيومن رايتس ووتش في رسالة أنها "أمّنت إمدادات كافية من الغذاء، إضافة إلى مرافق الصرف الصحي والمرافق الطبية المناسبة للروهينغيا في باسان تشار"، وأن جميع عمليات النقل كانت بناء على موافقة مستنيرة. غير أن اللاجئين دحضوا هذه الادعاءات على نطاق واسع. قال رجل (53 عاما) إنه اختبأ لتجنب نقله بعد أن هدده مدير المخيم: "قال إنني حتى لو مت، سيأخذون جسدي إلى هناك. لا أريد الذهاب إلى تلك الجزيرة". قال آخرون إنهم تطوعوا بناء على وعود كاذبة.
وصف اللاجئون أيضا عدم كفاية المرافق الصحية في الجزيرة. قابلت هيومن رايتس ووتش 14 شخصا قالوا إنهم التمسوا العلاج من حالات عديدة، بما في ذلك الربو، والألم، والحمى، والتهاب المفاصل، والسكري، والقرحة والملاريا، لكن معظمهم تلقوا أقراص الباراسيتامول (الأسيتامينوفين)، وأبعِدوا بعدها. توفي أربعة من الأشخاص الـ 14 في وقت لاحق نتيجة الرعاية الصحية الطارئة غير الملائمة، وفقا لما يعتقده أفراد أسرهم.
لا توجد في الجزيرة خدمات رعاية طبية طارئة. إذا أحالهم طبيب، وسمحت لهم سلطات الجزيرة بذلك، يتعين على اللاجئين السفر ثلاث ساعات بالقوارب ثم ساعتين برا إلى أقرب مستشفى في البر الرئيسي للحصول على الرعاية الطارئة. يشمل ذلك النساء الحوامل اللواتي يحتجن إلى تدخل طبي منقذ للحياة. قال لاجئ، فقد زوجته أثناء الولادة، إنه بعد مضاعفات، عندما أوصى الأطباء بنقلها إلى مستشفى في البر الرئيسي، استغرق الحصول على إذن ساعتين، وفي ذلك الوقت تُوفيت.
قال اللاجئون إنهم وُعدوا بمعلمين، ومدارس، وتعليم رسمي معتمد لأطفالهم في الجزيرة. مع ذلك، قال أحد عمال الإغاثة، إنه رغم وجود نحو 8،485 طفل في باسان تشار: "هناك في أحسن الحوال أربع منظمات غير حكومية تقدم التعليم في لما لا يزيد عن 1,500 طفل".
قالت ميزان (35 عاما)، إن ابنتيها (7 و9 سنوات)، كانتا تتلقيان في الواقع تعليما أقل مما كانت تتلقيانه في المخيمات: "نحن هنا الآن منذ ستة أشهر، وأحضرت بناتي جميع متعلقاتهما وحقائبهما وكتبهما لمواصلة الدراسة، لكن لا توجد حتى مراكز تعليمية هنا".
مع بدء موسم الرياح الموسمية في حزيران/يونيو، تتعرض الجزيرة لخطر الرياح العاتية والفيضانات. السدود المحيطة بالجزيرة لا تزال على الأرجح غير كافية لتحمل عاصفة من الفئة الثالثة أو ما هو أسوأ. رغم أن الحكومة تقول إن هناك ملاجئ ملائم للعواصف، إلا أن هناك خطر أن ينتهي المطاف باللاجئين، وأفراد الأمن البنغلادشيين، وعمال الإغاثة معزولين على الجزيرة مع إمدادات محدودة لأن النقل البحري أو الجوي مُقيد عندما تكون الأحوال الجوية سيئة. أوقفت السلطات عملية نقل حديثة إلى بلسلار بسبب سوء الأحوال الجوية.
قال فريليك: "وضع اللاجئين غير الراغبين في ذلك على جزيرة نائية منخفضة حيث الأعاصير شائعة فكرة سيئة. لاجئو الروهينغا الذين فقدوا وعانوا كثيرا يحتاجون إلى أن يُعاملوا بكرامة وتُحترم سلامتهم ورفاههم وأن يُسمح لهم بالقيام بخيارات مستنيرة وطوعية بشأن ظروفهم المعيشية إلى أن يتم إيجاد حلول طويلة الأجل لوضعهم".